الروح
عن مدونة الشيخ أبو مسلم/عبد المجيد العرابلي
قال تعالى: ( إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِّنْهُ ) النساء 171 .
الرُّوح من مادة “رَوَحَ” وهي لما يرى أثره في غيره ولا تبصر ذاته.
فمنها الريح التي لا تُبصر، ويرى أثرها في هز الأغصان، وسقي التراب والرمال، وتحريك أشرعة السفن والأغصان، وإثارة الأمواج، وسوق السحاب وغير ذلك.
ومنها الرائحة التي يحس بها عن طريق حاسة الشم من غير إبصار لها.
ومنها الرُّوح التي يرى أثرها في الأجساد، فتتحرك، وتتنفس، وتتغذى، وتنمو وتكبر، وكل مايدل على الحياة في جسد الحي من الناس، والحيوانات، وهي لاتبصر.
قال تعالى وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُم مِّن الْعِلْمِ إِلاَّ قَلِيلاً )الإسراء 85 .
وقد سمي جبريل عليه السلام بالروح لأنه ينزل بالوحي على الرسول صلى الله عليه وسلم فيرى أثره عليه، ويُعلم ما جاء به، لكن لا يبصره الرسول صلى الله عليه وسلم في معظم الأحوال، ولا الحاضرون حوله.
قال تعالى: ( تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِم مِّن كُلِّ أَمْرٍ )القدر4 .
وسمي جبريل عليه السلام بالرُّوح الأمين؛ لأنه الأمين عند الله على نقل الوحي، وهو الذي سماه ووصفه بذلك.
قال تعالى: (نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ * عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنذِرِينَ) الشعراء193 194.
وسمي جبريل بروح القدس عندما نزل تأييدًا لعيسى عليه السلام حتى يستطيع تكليم بني إسرائيل وهو في المهد، وذلك لتطهيره مما يرمى به مع أمه، لجهل بني إسرائيل بحقيقة ما حدث لمريم وخلق عيسى عليه السلام،
قال تعالى إِذْ قَالَ اللّهُ يَا عِيسى ابْنَ مَرْيَمَ اذْكُرْ نِعْمَتِي عَلَيْكَ وَعَلَى وَالِدَتِكَ إِذْ أَيَّدتُّكَ بِرُوحِ الْقُدُسِ تُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلاً )المائدة110.
ولتطهير المؤمنين بما يأتي به من الوحي على الرسول عليه السلام، وبيان أحكام الله في كل شيء، ومادة قدس هي للطهارة؛ فالقَدَس هو الوعاء الذي يوضع فيه ماء الوضوء للطهارة به، والقُدْس المدينة المعروفة التي لا يستنقع ماء المطر في أرضها،ويذهب عنها شرقًا وغربًا، وأرض فلسطين أرض مقدسة لا تستنقع في أرضها نجاسة، لأنها جيدة التصريف للمياه لكثرة شعابها ووديانها، وانحدار جوانبها، والمكان الوحيد الذي يستنقع فيه ماء المطر بحيرة مالحة عديمة الأسماك والكائنات الحية.
قال تعالى: ( قُلْ نَزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ مِن رَّبِّكَ بِالْحَقِّ لِيُثَبِّتَ الَّذِينَ آمَنُواْ وَهُدًى وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ )النحل 102 .
وسمى الله عز وجل الوحي الذي أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم بالروح كذلك، لما له من أثر خفي وعجيب على نفوس المؤمنين الذين آمنوا به، وإنما هو كلمات من أصوات لا تتجسد للعين المبصرة.
قال تعالى: ( يُنَزِّلُ الْمَلآئِكَةَ بِالْرُّوحِ مِنْ أَمْرِهِ عَلَى مَن يَشَاء مِنْ عِبَادِهِ أَنْ أَنذِرُواْ أَنَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنَاْ فَاتَّقُونِ﴾النحل2 .
وأما قول يعقوب عليه السلام لبنيه: ( يَا بَنِيَّ اذْهَبُواْ فَتَحَسَّسُواْ مِن يُوسُفَ وَأَخِيهِ وَلاَ تَيْأَسُواْ مِن رَّوْحِ اللّهِ إِنَّهُ لاَ يَيْأَسُ مِن رَّوْحِ اللّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ ﴾يوسف87، من روح الله أي من تدبير الله الخفي في إعانتكم على إيجاد يوسف عليه السلام، وأخيه، فتُحِسُّوا بهذا التدبير دون رؤية من وراءه.
وسمَّى الله سبحانه وتعالى عيسى عليه السلام “روحًا منه” لأن أمر خلقه كان خفيًا على الناس عامة، وعلى بني إسرائيل خاصة، ولن يجعل الله عز وجل لأحد عذرًا فيجهله بعد بيان حقيقته.
قال تعالى: ﴿يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لاَ تَغْلُواْ فِي دِينِكُمْ وَلاَتَقُولُواْ عَلَى اللّهِ إِلاَّ الْحَقِّ إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِّنْهُ فَآمِنُواْ بِاللّهِ وَرُسُلِهِ وَلاَ تَقُولُواْ ثَلاَثَةٌ انتَهُواْ خَيْرًا لَّكُمْ إِنَّمَا اللّهُ إِلَهٌ وَاحِدٌ سُبْحَانَهُ أَن يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَات وَمَا فِي الأَرْضِ وَكَفَى بِاللّهِ وَكِيلاً )النساء171 .
وكل البشر هم روح من الله، فإن الحياة لا توهب لهم إلا من الله، ومن للتبعيض، وعيسى عليه السلام هو بعض من روح الله التي تسكن أجساد البشر، ونسبته إلى هاء الضمير العائد إلى الله هو كنسبة الرسول إلى الله بقوله رسلنا ورسولنا وكقوله تعالى:
﴿وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِّنْ أَمْرِنَا مَا كُنتَ تَدْرِي مَاالْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ وَلَكِن جَعَلْنَاهُ نُورًا نَّهْدِي بِهِ مَنْ نَّشَاء مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ ) الشورى52
وكقوله تعالى: ( فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ ﴾الحجر 72،
فالنفخ من روح الله في جسد آدم كالنفخ من روح الله في نطفة مريم، وذكر ذلك عن عيسى عليه السلام في بيان حقيقته أنه خلق كسائر البشر فكان واحدًا منهم.
والروح تدرك ولاتحس بإحدى الحواس، وإنما الذي يحس هو أثرها في الأجساد، فيستدل به على وجودها، لذلك لا نستطيع أن نحكم أنها من مادة؛ قال تعالى: ﴿وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُم مِّن الْعِلْمِ إِلاَّ قَلِيلاً ﴾الإسراء85 .
عن مدونة الشيخ أبو مسلم/عبد المجيد العرابلي
قال تعالى: ( إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِّنْهُ ) النساء 171 .
الرُّوح من مادة “رَوَحَ” وهي لما يرى أثره في غيره ولا تبصر ذاته.
فمنها الريح التي لا تُبصر، ويرى أثرها في هز الأغصان، وسقي التراب والرمال، وتحريك أشرعة السفن والأغصان، وإثارة الأمواج، وسوق السحاب وغير ذلك.
ومنها الرائحة التي يحس بها عن طريق حاسة الشم من غير إبصار لها.
ومنها الرُّوح التي يرى أثرها في الأجساد، فتتحرك، وتتنفس، وتتغذى، وتنمو وتكبر، وكل مايدل على الحياة في جسد الحي من الناس، والحيوانات، وهي لاتبصر.
قال تعالى وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُم مِّن الْعِلْمِ إِلاَّ قَلِيلاً )الإسراء 85 .
وقد سمي جبريل عليه السلام بالروح لأنه ينزل بالوحي على الرسول صلى الله عليه وسلم فيرى أثره عليه، ويُعلم ما جاء به، لكن لا يبصره الرسول صلى الله عليه وسلم في معظم الأحوال، ولا الحاضرون حوله.
قال تعالى: ( تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِم مِّن كُلِّ أَمْرٍ )القدر4 .
وسمي جبريل عليه السلام بالرُّوح الأمين؛ لأنه الأمين عند الله على نقل الوحي، وهو الذي سماه ووصفه بذلك.
قال تعالى: (نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ * عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنذِرِينَ) الشعراء193 194.
وسمي جبريل بروح القدس عندما نزل تأييدًا لعيسى عليه السلام حتى يستطيع تكليم بني إسرائيل وهو في المهد، وذلك لتطهيره مما يرمى به مع أمه، لجهل بني إسرائيل بحقيقة ما حدث لمريم وخلق عيسى عليه السلام،
قال تعالى إِذْ قَالَ اللّهُ يَا عِيسى ابْنَ مَرْيَمَ اذْكُرْ نِعْمَتِي عَلَيْكَ وَعَلَى وَالِدَتِكَ إِذْ أَيَّدتُّكَ بِرُوحِ الْقُدُسِ تُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلاً )المائدة110.
ولتطهير المؤمنين بما يأتي به من الوحي على الرسول عليه السلام، وبيان أحكام الله في كل شيء، ومادة قدس هي للطهارة؛ فالقَدَس هو الوعاء الذي يوضع فيه ماء الوضوء للطهارة به، والقُدْس المدينة المعروفة التي لا يستنقع ماء المطر في أرضها،ويذهب عنها شرقًا وغربًا، وأرض فلسطين أرض مقدسة لا تستنقع في أرضها نجاسة، لأنها جيدة التصريف للمياه لكثرة شعابها ووديانها، وانحدار جوانبها، والمكان الوحيد الذي يستنقع فيه ماء المطر بحيرة مالحة عديمة الأسماك والكائنات الحية.
قال تعالى: ( قُلْ نَزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ مِن رَّبِّكَ بِالْحَقِّ لِيُثَبِّتَ الَّذِينَ آمَنُواْ وَهُدًى وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ )النحل 102 .
وسمى الله عز وجل الوحي الذي أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم بالروح كذلك، لما له من أثر خفي وعجيب على نفوس المؤمنين الذين آمنوا به، وإنما هو كلمات من أصوات لا تتجسد للعين المبصرة.
قال تعالى: ( يُنَزِّلُ الْمَلآئِكَةَ بِالْرُّوحِ مِنْ أَمْرِهِ عَلَى مَن يَشَاء مِنْ عِبَادِهِ أَنْ أَنذِرُواْ أَنَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنَاْ فَاتَّقُونِ﴾النحل2 .
وأما قول يعقوب عليه السلام لبنيه: ( يَا بَنِيَّ اذْهَبُواْ فَتَحَسَّسُواْ مِن يُوسُفَ وَأَخِيهِ وَلاَ تَيْأَسُواْ مِن رَّوْحِ اللّهِ إِنَّهُ لاَ يَيْأَسُ مِن رَّوْحِ اللّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ ﴾يوسف87، من روح الله أي من تدبير الله الخفي في إعانتكم على إيجاد يوسف عليه السلام، وأخيه، فتُحِسُّوا بهذا التدبير دون رؤية من وراءه.
وسمَّى الله سبحانه وتعالى عيسى عليه السلام “روحًا منه” لأن أمر خلقه كان خفيًا على الناس عامة، وعلى بني إسرائيل خاصة، ولن يجعل الله عز وجل لأحد عذرًا فيجهله بعد بيان حقيقته.
قال تعالى: ﴿يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لاَ تَغْلُواْ فِي دِينِكُمْ وَلاَتَقُولُواْ عَلَى اللّهِ إِلاَّ الْحَقِّ إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِّنْهُ فَآمِنُواْ بِاللّهِ وَرُسُلِهِ وَلاَ تَقُولُواْ ثَلاَثَةٌ انتَهُواْ خَيْرًا لَّكُمْ إِنَّمَا اللّهُ إِلَهٌ وَاحِدٌ سُبْحَانَهُ أَن يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَات وَمَا فِي الأَرْضِ وَكَفَى بِاللّهِ وَكِيلاً )النساء171 .
وكل البشر هم روح من الله، فإن الحياة لا توهب لهم إلا من الله، ومن للتبعيض، وعيسى عليه السلام هو بعض من روح الله التي تسكن أجساد البشر، ونسبته إلى هاء الضمير العائد إلى الله هو كنسبة الرسول إلى الله بقوله رسلنا ورسولنا وكقوله تعالى:
﴿وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِّنْ أَمْرِنَا مَا كُنتَ تَدْرِي مَاالْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ وَلَكِن جَعَلْنَاهُ نُورًا نَّهْدِي بِهِ مَنْ نَّشَاء مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ ) الشورى52
وكقوله تعالى: ( فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ ﴾الحجر 72،
فالنفخ من روح الله في جسد آدم كالنفخ من روح الله في نطفة مريم، وذكر ذلك عن عيسى عليه السلام في بيان حقيقته أنه خلق كسائر البشر فكان واحدًا منهم.
والروح تدرك ولاتحس بإحدى الحواس، وإنما الذي يحس هو أثرها في الأجساد، فيستدل به على وجودها، لذلك لا نستطيع أن نحكم أنها من مادة؛ قال تعالى: ﴿وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُم مِّن الْعِلْمِ إِلاَّ قَلِيلاً ﴾الإسراء85 .