كل ما تحتاج لمعرفته عن كوريا الشمالية… 40 خريطة تشرح لك
مقال جميل يشرح كوريا الشمالية من جوانب متعددة.
كم كبير من المعلومات والخرائط لمعرفة كوريا الشمالية.
كل ما تحتاج لمعرفته عن كوريا الشمالية… 40 خريطة تشرح لك
هذا المقال ترجمة لمقال: «40 maps that explain North Korea» لكاتبه: Zack Beauchamp.
تُعدّ كوريا الشمالية واحدة من أهمّ الدِول في العالم. ففي ظِل وجود جيشها الكبير، وبرنامجها النووي المُتقدّم وعدائها الكبير للولايات المُتحدة الأمريكية، فإن هذا يعني أن نظامها المُختّل يُمكِن أن يجُر العالم لأسوء وأشرس المعارك التي يُمكِن أن يشهدها الكوكب مُنذ الحرب العالمية الثانية. فالتوترات الأخيرة -حيث قامت كوريا الشمالية بإطلاق صاروخ مجهول على اليابان بعد ظُهر يوم الاثنين- توضح مدى حقيقة هذا التهديد.
ومع ذلك، فإن كوريا الشمالية -والتي تُعرف رسميًا باسم جمهورية كوريا الشعبية الديموقراطية- هي كذلك تُعدّ واحدة من أكثر الدول التي يفهمها العالم بشكل خاطئ. فتاريخ الصراع غاية في التعقيد، ومن الصعب الحصول على معلومات عن حكومة كيم جونج أون، وذلك لأن الدولة انغلقت على نفسها وانعزلت عن العالم، بالإضافة إلى أنه يتم فرض قيود صارمة على حُرية التعبير هُناك.
وما يلي، هو مُحاولة -باستخدام الكثير من الخرائط (والقليل من الرسوم البيانية) – لمُحاولة فهم البلد والصراع بشكل أفضل وأكثر وضوحًا. حيث سنستكشف في هذه المقالة من أين جاء النظام الكوري الشمالي، ومدى التهديد الذي يُمثله حقًا على الولايات المُتحدة الأمريكية وحُلفائها، وكيف هي الحياة داخل أكثر نظام ديكتاتوري على وجه الأرض.
تاريخ كوريا الشمالية، وكيف صارت مُقسّمة
1– الانقسام السياسي القديم الذي كوّن كوريا
بداية من عام 57 قبل الميلاد وحتى أواخر القرن السابع، هيمّنت ثلاثة ممالك مُميزة على شبه الجزيرة الكورية وهُي نسبة إلى ثلاثة ممالك: مملكة “غوغوريو” والتي غطّت الكثير من مساحة كوريا الحديثة فضلًا عن جُزء جيد من جمهورية الصين الشعبية، وهُناك مملكة “بايكج” في الجنوب الغربي، وأخيرًا مملكة “سيلا” في الجنوب الشرقي (وكان هُناك أيضاً مملكة أصغر وأقل أهمية تُدعى “غايا” في الجنوب). حيث لم يكُن هُناك وجود لكوريا الموحدة أثناء وجود الممالك الثلاثة لمُدة 7 قرون (700 سنة)، بل كان الصراع بين تلك الممالك على الأرض والسيادة.
جاء التحوّل الحاسم في عام 660 ميلادياً، عندما شكّلت مملكة “سيلا” تحالُفاً مع سُلالة “تانغ” في الصين. وكنتيجة لبراعتهُم العسكرية المُشتركة، فقد تمكّنوا من السيطرة الكاملة وإخضاع مملكة “بايكج” ومملكة “غوغوريو” عام 668م. وبعد ذلك، فإن مملكة “سيلا” انقلبت على حلفائها (مملكة تانغ) وأجبرتهُم على الخروج من شبه الجزيرة الكورية، مما أدى إلى تكوّن أول سُلالة موحدة في شبه الجزيرة الكورية في التاريخ. والعديد من الأنماط اللاحقة للتاريخ الكوري – بداية من الانقسامات الداخلية الكبيرة وانتهاء إلى التدخُل الصيني في الشؤون الكورية- لها جذورها هُنا.
2– كانت كوريا شريكًا صغيرًا للإمبراطوريات العُظمى في الصين لعدة قرون
وانهارت سيطرة مملكة “سيلا” بعد عدة مئات من السنين. وكان التاريخ الكوري اللاحق يُهيمن عليه مملكتين هُما:- مملكة غوريو (ما بين عامي 918 – 1392م)، والتي تطور اسمها في نهاية المطاف إلى “كوريا”، وكذلك مملكة شوسون (ما بين عامي 1392 – 1897م). وتحت حُكم مملكتي “غوريو” و “تشوسون”، فقد كانت كوريا دولة “تابعة” للسلالات الصينية المُتعاقبة، حيث كان هذا بمثابة مُعاهدة، قام من خلالها القادة الكوريون بالولاء للحُكام الصينيين مُقابل الحماية العسكرية والحقوق التِجارية. فعلى سبيل المثال، دافعت الصين عن كوريا خلال الغزو الياباني الشرس في نهاية القرن السادس عشر الميلادي.
وكانت تلك المُعاهدة –كما أشار إليها مؤرخ جامعة شيكاغو “بروس كومينغز”– أقل قمعًا من الاستعمار الأوروبي: حيث أن الصين لم تحكُم كوريا، ولكن كان لها تأثير محدود على سياساتها، سواء كانت الأجنبية أو المحلية. وكان مُعظمها طواعية من جانب كوريا، حيث أن قادة مملكتي “غوريو” و”تشوسون” وجدوا أن الفوائد الناتجة من التحالُف مع الصين من ناحية التجارة، والأمن وكذلك التبادُل الثقافي يستحق خسارة السيادة. وقد كان هُناك استثناءات -عند غزو المغول الصين على سبيل المثال، حيث أنهُم أخذوا كذلك كوريا وحكموها كمُستعمرة لمُدة حوالي 80 عامًا– ولكن حالة التبعية الطوعية بينهُم كانت القاعدة العامة.
وفترة التبعية (تبعية كوريا للصين) خلقت نمطًا من الهيمنة الصينية على كوريا، وهو موقف تراه الحكومة الصينية الحديثة أنه طبيعيًا وصحيحًا، ولكن الكوريون الحديثون يعتبرونه مُفارقة تاريخية في أحسن الأحوال.
3– أعادت الإمبراطورية اليابانية تشكيل كوريا في القرن العشرين
في الواقع، فإن اليابان -وليست الصين- هي من جرّت كوريا إلى صراع عالمي. فالقوة الصناعية لليابان في القرن التاسع عشر – أي قبل وقت كاف من التنافُس بين القوى الآسيوية الشرقية- وضعت حدًا للهيمنة الصينية على المنطقة. ففي عام 1895م، هُزمت الصين من قِبل اليابان، في حرب مُصممة بشكل أساسي لكي تحل اليابان محل الصين باعتبارها النفوذ الأجنبي المُهيمِن في كوريا. وفي عام 1910م، ضمّت اليابان كوريا إلى إمبراطوريتها.
وكان الاحتلال الياباني -والذي استمر حتى نهاية الحرب العالمية الثانية- مُروعًا، حيث أن الجيش الياباني أجبر الآلاف من النساء الكوريات على العمل كعاهرات في المُعسكر، حيث كان يُطلق عليهُن اسم “نساء المُتعة”، الأمر الذي لا يزال يُشكّل قضية شائكة بين العلاقات اليابانية الكورية حتى يومنا هذا. وحاولت أيضًا الإمبراطورية اليابانية أن تفرض لُغتها وثقافتها على كوريا المُحتّلة، تاركة الكوريين في خوف عميق مِن إمكانية غزوهُم والسيطرة عليهُم مرة أخرى من قِبل قوة أجنبية مُعادية، وهذا هو السبب في كون كوريا الديموقراطية الحديثة مهووسة جدًا بحماية نفسها من الغزو الأجنبي.
4– الولايات المُتحدة الأمريكية تسترد كوريا الجنوبية مرة أخرى
الحرب العالمية الثانية أدّت بشكل مُباشر إلى تقسيم كوريا. وفي المراحل الأخيرة من الحرب ضد إمبراطورية اليابان، أخذت القوّات السوفياتية النصف الشمالي من كوريا بينما احتّلت القوات الأمريكية الجُزء الجنوبي. وقد بدا هذا التقسيم غير مُستقر، بحيث ادّعى الشمال الشيوعي بأنه يُمثل الحكومة الشرعية لكوريا، وبالمثل ادّعى الجنوب الرأسمالي بأنه هو من يُمثل الحكومة الشرعية لكوريا. وفي يونيو من عام 1950م، غزا زعيم كوريا الشمالية “كيم إيل سونغ” الجنوب بدعم من جوزيف ستالين و”ماو تسي تونغ”.
وفي البداية، فقد تمكّن الجيش الشمالي الشيوعي -المُجهز تجهيزاً جيداً عن الجيش الجنوبي الرأسمالي- من إظهار تفوقه العسكري، حيث قام بالسيطرة الكاملة على أغلب البلاد. ولكن تدخُّل الولايات المُتحدة الأمريكية -بعد أن أذنت الأمم المُتحدة بذلك- قد حوّل مسار الحرب، وذلك من خلال الهبوط المُفاجئ للقوات الأمريكية في “إنتشون” -وهو شاطئ بالقُرب من سيول- في عام 1950م (كما هو مُبين في الخريطة أعلاه).
5– التدخُّل الصيني أجبر الولايات المُتحدة على التراجع – وغيّر التاريخ
وبعد معركة “إنتشون”، استطاعت القوات الأمريكية والكورية الجنوبية من الاستيلاء على الجزيرة الكورية بكاملها تقريباً. ولكن في الشمال، كانت حكومة الصين الشيوعية قلقة من وجود رأسمالي على حدودها. وحذّرت حكومة “ماو” الولايات المُتحدة الأمريكية من الابتعاد عن نهر “يالو” -الذي يُشكّل الحدود بين كوريا الشمالية والصين- وهو التحذير الذي تم تجاهُله عندما سيطر الجنرال “دوغلاس ماك آرثر على الشمال بأكمله. وتجمّعت القوات الصينية على الحدود في أكتوبر عام 1950م، مُهاجمة التحالُف الذي تقوده الولايات المُتحدّة الأمريكية، ومرة أخرى أدارت دفّة الحرب. وكان للتدخُّل الصيني انقطاعاً دائماً عن دور الصين -الذي لطالما لعبته- خلال فترة التبعية (تبعية كوريا للصين سابقاً – حيث كان هُناك مُعاهدة بأن تُهاجم الصين أي عدو أجنبي يعتدي على كوريا)، الأمر الذي أدى إلى دورها الحديث كراع لكوريا الشمالية وكتهديد أمني لكوريا الجنوبية.
6– بعد كُل تلك التدخُّلات، انتهت الحدود الكورية إلى حيث بدأت
وبحلول عام 1951م، أصبحت الحرب في حالة من الجمود. حيث ألغت التدخُلات الصينية والأمريكية مكاسب كُل جانب، كما ترون في الصورة بالأعلى. حيث واصل الجانبان القتال على طول خط العرض “38” – وهو خط العرض 38 شمال خط الاستواء، والذي يُمثل الحدود التي تم رسمها بين الكوريتين من قِبل القوات السوفياتية والأمريكية بعد استسلام الإمبراطورية اليابانية وانتهاء الحرب العالمية الثانية.
وفي عام 1953م، وقّع المُتحاربون هُدنة والتي حوّلت هذا الخط -وهو ليس تقسيم طبيعي بين البُلدان، ولكنه خط تعسُفي في مُنتصف كوريا، رسمه المُخططون الأمريكان والسوفييت- إلى أساس للانقسام إلى أجل غير مُسمى. وأصبحت كوريا بذلك -ولأول مرة مُنذ قرون- مُقسمة رسميًا.
7– حيثما تقع الحدود الكورية اليوم
فالحدود بين الشمال والجنوب المُتفق عليها في عام 1953م ليست موازية تماماً لخط العرض “38” (كما نصّت الهُدنة بين الطرفين). ولكن بدلاً من ذلك، فإن الحدود قائمة على خط القتال الأمامي بين الشمال والجنوب، حيث انتهي القتال بينهُما. وتُحيط الحدود التي يبلُغ طولها 160 ميلًا بما يُسمى “منطقة منزوعة السلاح”، وهي منطقة بعرض 2.5 ميل، يُسمح لقوات كلا الجانبين بالدخول إليها (مع وجود بعض الاستثناءات الصغيرة). واليوم فإن المنطقة الواقعة خارج “المنطقة المُجردّة من السلاح” هي -من المُفارقات، بالنظر إلى اسمها- واحدة من أكثر الحدود تسليحًا عسكريًا في العالم.
ولا يعتقد زُعماء كوريا الشمالية ولا كوريا الجنوبية بأن المنطقة المُجردة من السلاح تُمثل حدودًا طبيعية ينبغي أن تظل موجودة للأبد، حيث لا يزال كلا البلدين يدّعيان بأنهُما يُمثلان الحكومة الكورية الشرعية الوحيدة.
ولادة نظام دكتاتوري (شمولي)
8– لماذا الحكومة «الماركسية» الكورية الشمالية هي في الواقع سُلالة حاكمة
حكومة كوريا الشمالية التي ظهرت بعد الحرب الكورية ليست -خلافًا للاعتقاد الشائع- دولة ماركسية أو ستالينية كلاسيكية، وذلك لشيء واحد، وهو أن قيادتها هي في جوهرها ملكية: حيث سلم “ايل سونغ” السُلطة لابنه “كيم جونغ ايل”، الذي أعطاها لابنه “كيم جونغ أون” بعد ذلك. حيث أنها تسترشد بإيديولوجية رسمية – جوش (الاعتماد على الذات) – والتي تصف الكوريين بأنهُم شعب نقي ولكنهُم ضُعفاء يبنون الاشتراكية الأصلية، ولكنهُم لا يُمكنهُم القيام بذلك إلا بحماية من زعيم شبه إلهي من سُلالة “كيم”. فهي مزيج غريب لنوع من أيديولوجية النقاء العرقي التي نشرتها الإمبراطورية اليابانية -ما قبل الحداثة الملكية الكورية، والماركسية- مرصوصة (مُرقّعة) معاً لتبرير سيطرة عائلة “كيم” وسياساتهُم المُتطرفة.
9– السياسيات الاقتصادية للشمال أدت لتدمير مُجتمعها
وبعد الحرب، دخلت كوريا الجنوبية إلى الاقتصاد الدولي، وقامت ببناء نموذج اقتصادي يُركِّز على تصنيع الصادرات بداية من السبعينات، وعلى التكنولوجيا في الآونة الأخيرة. وكوريا الجنوبية أضحت واحدة من أغنى الدول في العالم، حيث أن نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي بها أعلى من نظيره في العديد من الدول الأوروبية.
بينما اتخذت كوريا الشمالية النهج المُعاكِس للتنمية الاقتصادية، حيث قامت بحظر المشاريع الخاصة، وحاولت تخطيط الاقتصاد الوطني بأكمله من “بيونغ يانغ”. والنتيجة هي أن الشمال -الذي بدأ أكثر ثراء قليلًا من الجنوب- انتهى به المطاف بأنه أصبح أفقر بمراحل عن الجنوب. حيث يبلغ نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي به أقل من نظيره في السودان.
10– الشمال لا يُمكنه الإبقاء على الأضواء – حرفياً
ليس هُناك دراماتيكية لحياة الحرمان التي تعيشها كوريا الشمالية أكثر من تلك الخريطة التي تُبين الانبعاثات الخفيفة ليلاً، وذلك بُناء على صور مُلتقطة من الأقمار الصناعية لوكالة “ناسا” عام 2012. حيث أن الانبعاث الخفيف يُمكِن استخدامه كبديل عن الثراء، حيث أن البلدان الأكثر ثراء يُمكنها الحصول على تكنولوجيا إضاءة وشبكات كهربائية أفضل. وكوريا الجنوبية -كما ترون في الصورة أعلاه- مُضاءة مثل اليابان والصين، بينما كوريا الشمالية تقريباً سوداء تماماً، باستثناء نُقطة صغيرة من الضوء عند العاصمة “بيونغ يانغ”. وهذا دليل مُذهِل على مدى ضعف كوريا الشمالية بالنسبة لجيرانها.
11– كيف تسبب الاقتصاد الكوري الشمالي في المُعاناة للملايين
النظام الاقتصادي الذي أُوجِد في كوريا الشمالية خلال الحرب الباردة يعتمد بشكل كبير على المُساعدات السوفياتية، وخاصة في مجال الغذاء. حيث لا تمتلك كوريا الشمالية سوى أراض قليلة قابلة للزراعة، كما أن المزارع الجماعية التي تمكّنت من بنائها لم تكُّن فعالة بما فيه الكفاية. لذلك عندما بدأ يتداعى الاتحاد السُوفيتي في الثمانينات، تباطأت المُساعدات، وبدأ الكوريون الشماليون يتضورون جوعًا.
وقد تُوِج هذا الأمر بمجاعة ضخمة، أُطلِق عليها اسم “المسيرة الشاقة” في كوريا الشمالية، والتي – حدّثت ما بين عامي 1994م و1998م، حيث توفّي ما بين 500 ألف – 2 مليون شخص، والسبب جُزئياً- أن حكومة “كيم جونغ إيل” أعطّت الأولوية لتغذية جيشها بموجب سياسة أُطلِق عليها اسم “سونغون” أو “الجيش أولاً”. وانتهت المجاعة في نهاية المطاف بمُساعدات دولية، ولكن سياسة “سونغون” ظلّت جُزءًا أساسيًا من أيديولوجية الدولة الكورية الشمالية، حيث أن “نظام كيم” أخبر شعبه أن ذلك حدّث، لأن قادتهُم احتاجوا كُل دولار لإنفاقه على الجيش للدفاع عن الأمة من الأمريكيين الإمبرياليين والكوريين الجنوبيين. وهذا هو السبب -بشكل جُزئي- الذي جعل الحروب والقسوة العسكرية سمة أساسية من سمات السياسة الكورية الشمالية في السنوات الأخيرة.
12– تستخدم كوريا الشمالية شبكة ضخمة من مُعسكرات “الغولاغ” الحديثة لإحكام السيطرة
لا يعتمد نظام “كيم” ببساطة على عملية التلقين الأيديولوجي والأفكار مثل نظامي “جوش” و”سونغون”، من أجل إحكام قبضته على السُلطة. بل أن الحكُومة تقمع بعُنف التنظيمات السياسية، وحرية التعبير وأي نشاط غير مقبول من قِبل نظام الحُكم.
وليس هُناك رمز لهذا القمع أفضل من شبكة مُعسكرات السجون في كوريا الشمالية. حيث قدّرت مُنظمة العفو الدولية في عام 2016م، بأنه تم احتجاز قُرابة 120 ألف كوري شمالي في تلك المُخيمات، حيث يتعرضون “للاغتصاب، وقتل الأطفال، والتعذيب، والتجويع المُتعمّد، والعمل الإجباري وكذلك الإعدام”. وتُفيد تقارير مُنظّمة العفو الدولية أن “أغلب من هُم في تلك المُخيمات لم يرتكبوا أية جريمة قط، وإنما يتم العقاب على الذنب بشكل جماعي عن طريق الارتباط كأفراد من نفس الأسرة (أي أنهُم إذا قبضوا على شخص ما بسبب السياسة، فإنه يتم القبض على بقية أفراد عائلته أيضاً) حيث يُمثّلون تهديداً من وجهة نظر النظام هُناك”.
13– حالات الإعدّام التي حدّثت في جميع أنجاء البلاد بالتدريج
ما ورد أعلاه هو خريطة لعمليات الإعدام الجماعي بالقُرب من ممر مائي في كوريا الشمالية، حيث وضعته مجموعة كورية لحقوق الإنسان على أساس مُقابلات مع أشخاص كوريين شماليين من المنطقة التي هربوا منها.
ما يظهر هو أنه عندما لا يُريد نظام “كيم” احتجاز شخص ما، فإنه ببساطة يقوم بإعدامه، وهو يقوم بتنفيذ ذلك بانتظام. وهذا المُستوى من القمع الوحشي يصعُب على الأمريكيين فهمه، ولكنه يُساعد على تفسير لماذا الانتفاضات ضد حكومة جمهورية كوريا الديموقراطية الشعبية لا تُسّمع. حيث أن قُدرة الحكومة على قمع المُعارضة واسعة لأبعد الحدود، وبالتالي فإن استعدادها لاستخدام تلك القُدرة وحشي للغاية. وكما نرى في الخريطة أعلاه، أن مواقع الإعدامات ليست مُحددة أو في مكان واحد، مما يعني أن نظام “كيم” لا يعرف كيفية التغطية على جرائمه.
علاقات كوريا الشمالية مع العالم
14– «المنطقة منزوعة السلاح» بين الشمال والجنوب مُسلحّة عسكريًا بشكل لا يُصدّق
تُعدّ المنطقة منزوعة السلاح بين الكوريتين اليوم واحدة من أخطر الحدود في العالم وأكثرها عُنفًا مُحتملًا. وذلك لأن كلا الجانبين يخشوّن الغزو من قِبل الجانب الآخر، حيث أنهُم أنفقوا موارد هائلة في مُحاولة لبناء دفاعات عسكرية، لذا فإنّ الحدود مُحاطة بنحو مليون لغم أرضي. وتشعُر كوريا الجنوبية -على وجه الخصوص- بالقلق نتيجة لقُرب عاصمتها “سيول” -التي يعيش بها قُرابة 10 ملايين نسمة- من المنطقة منزوعة السلاح بما يكفي لتكون في نطاق المدفعية الكورية الشمالية. وهذا التعزيز العسكري يعني أن كلا البلدين في حالة من التوتُر المُستمر، وفي حالة مُراقبة مُستمرة للطرف الآخر لمعرفة ما إذا كان يقوم بتحرُكات أو استعدادات للهجوم.
15– الولايات المُتحدة الأمريكية لديها الكثير من القوات بالقُرب من كوريا الشمالية
الاستراتيجية العسكرية الأمريكية في شرق آسيا هدفها الحفاظ -إلى حد ما- على ما يكفي من القوات في المنطقة لردع أي عُدوان من قِبل القوات المُعادية (وهذا يُشير للصين وبالتأكيد إلى كوريا الشمالية). حيث يوجد فقط قُرابة 23 ألف جُندي أمريكي في كوريا الجنوبية، وبالتالي يكون من الصعب أن يكونوا قادرين على إيقاف جيش كوريا الشمالية الذي يُقدّر بنحو 1.16 مليون شخص. ومع ذلك، فإن وجودهم يُرسل رسالة قوية إلى الشمال أنه في حال أي هجوم على كوريا الجنوبية، فإنه -حتمًاً- سيُقابله ردّ من قِبل الولايات المُتحدة الأمريكية، وكذلك من قِبل قواعدها العسكرية المُنتشرة في المُحيط الهادئ.
يتبع ..
التعديل الأخير: