مرثية مالك بن الريب

إنضم
6 فبراير 2022
المشاركات
8,754
التفاعل
8,857 47 1
الدولة
Saudi Arabia



مرثية مالك بن الريب
المؤلف: مالك بن الريب

مالك بن الريب المازني التميمي , شاعر كان قاطعا للطريق حتى طلب منه أمير خراسان (حفيد الصحابي عثمان بن عفان أن يتوب ويستصحبه ، فأطاعه و في الطريق الى غزوه و في انثناء الراحه و في القيلوله لسعته افعى و جرى السم في جسمه فأحس بالموت فرثى نفسه) وقد قال قبل موته يرثي نفسه :
ألا ليتَ شِعري هل أبيتنَّ ليلةً​
بوادي الغضَى أُزجي الِقلاصَ النواجيا​
فَليتَ الغضى لم يقطع الركبُ عرْضَه​
وليت الغضى ماشى الرِّكاب لياليا​
لقد كان في أهل الغضى لو دنا الغضى​
مزارٌ ولكنَّ الغضى ليس دانيا​
ألم ترَني بِعتُ الضلالةَ بالهدى​
وأصبحتُ في جيش ابن عفّانَ غازيا​
وأصبحتُ في أرض الأعاديَّ بعد ما​
أرانيَ عن أرض الآعاديّ قاصِيا​
دعاني الهوى من أهل أُودَ وصُحبتي​
بذي (الطِّبَّسَيْنِ) فالتفتُّ ورائيا​
أجبتُ الهوى لمّا دعاني بزفرةٍ​
تقنَّعتُ منها أن أُلامَ ردائيا​
أقول وقد حالتْ قُرى الكُردِ بيننا​
جزى اللهُ عمراً خيرَ ما كان جازيا​
إنِ اللهُ يُرجعني من الغزو لا أُرى​
وإن قلَّ مالي طالِباً ما ورائيا​
تقول ابنتيْ لمّا رأت طولَ رحلتي​
سِفارُكَ هذا تاركي لا أبا ليا​
لعمريْ لئن غالتْ خراسانُ هامتي​
لقد كنتُ عن بابَي خراسان نائيا​
فإن أنجُ من بابَي خراسان لا أعدْ​
إليها وإن منَّيتُموني الأمانيا​
فللهِ دّرِّي يوم أتركُ طائعاً​
بَنيّ بأعلى الرَّقمتَينِ وماليا​
ودرُّ الظبَّاء السانحات عشيةً​
يُخَبّرنَ أنّي هالك مَنْ ورائيا​
ودرُّ كبيريَّ اللذين كلاهما​
عَليَّ شفيقٌ ناصح لو نَهانيا​
ودرّ الرجال الشاهدين تَفتُُّكي​
بأمريَ ألاّ يَقْصُروا من وَثاقِيا​
ودرّ الهوى من حيث يدعو صحابتي​
ودّرُّ لجاجاتي ودرّ انتِهائيا​
تذكّرتُ مَنْ يبكي عليَّ فلم أجدْ​
سوى السيفِ والرمح الرُّدينيِّ باكيا​
وأشقرَ محبوكاً يجرُّ عِنانه​
إلى الماء لم يترك له الموتُ ساقيا​
ولكنْ بأطرف (السُّمَيْنَةِ) نسوةٌ​
عزيزٌ عليهنَّ العشيةَ ما بيا​
صريعٌ على أيدي الرجال بقفزة​
يُسّوُّون لحدي حيث حُمَّ قضائيا​
ولمّا تراءتْ عند مَروٍ منيتي​
وخلَّ بها جسمي، وحانتْ وفاتيا​
أقول لأصحابي ارفعوني فإنّه​
يَقَرُّ بعينيْ أنْ (سُهَيْلٌ) بَدا لِيا​
فيا صاحبَيْ رحلي دنا الموتُ فانزِلا​
برابيةٍ إنّي مقيمٌ لياليا​
أقيما عليَّ اليوم أو بعضَ ليلةٍ​
ولا تُعجلاني قد تَبيَّن شانِيا​
وقوما إذا ما استلَّ روحي فهيِّئا​
لِيَ السِّدْرَ والأكفانَ عند فَنائيا​
وخُطَّا بأطراف الأسنّة مضجَعي​
ورُدّا على عينيَّ فَضْلَ رِدائيا​
ولا تحسداني باركَ اللهُ فيكما​
من الأرض ذات العرض أن تُوسِعا ليا​
خذاني فجرّاني بثوبي إليكما​
فقد كنتُ قبل اليوم صَعْباً قِياديا​
وقد كنتُ عطَّافاً إذا الخيل أدبَرتْ​
سريعاً لدى الهيجا إلى مَنْ دعانيا​
وقد كنتُ صبّاراً على القِرْنِ في الوغى​
وعن شَتْميَ ابنَ العَمِّ وَالجارِ وانيا​
فَطَوْراً تَراني في ظِلالٍ ونَعْمَةٍ​
وطوْراً تراني والعِتاقُ رِكابيا​
ويوما تراني في رحاً مُستديرةٍ​
تُخرِّقُ أطرافُ الرِّماح ثيابيا​
وقوماً على بئر السُّمَينة أسمِعا​
بها الغُرَّ والبيضَ الحِسان الرَّوانيا​
بأنّكما خلفتُماني بقَفْرةٍ​
تَهِيلُ عليّ الريحُ فيها السّوافيا​
ولا تَنْسَيا عهدي خليليَّ بعد ما​
تَقَطَّعُ أوصالي وتَبلى عِظاميا​
ولن يَعدَمَ الوالُونَ بَثَّا يُصيبهم​
ولن يَعدم الميراثُ مِنّي المواليا​
يقولون: لا تَبْعَدْ وهم يَدْفِنونني​
وأينَ مكانُ البُعدِ إلا مَكانيا​
غداةَ غدٍ يا لهْفَ نفسي على غدٍ​
إذا أدْلجُوا عنّي وأصبحتُ ثاويا​
وأصبح مالي من طَريفٍ وتالدٍ​
لغيري، وكان المالُ بالأمس ماليا​
فيا ليتَ شِعري هل تغيَّرتِ الرَّحا​
رحا المِثْلِ أو أمستْ بَفَلْوجٍ كما هيا​
إذا الحيُّ حَلوها جميعاً وأنزلوا​
بها بَقراً حُمّ العيون سواجيا​
رَعَينَ وقد كادَ الظلام يُجِنُّها​
يَسُفْنَ الخُزامى مَرةً والأقاحيا​
وهل أترُكُ العِيسَ العَواليَ بالضُّحى​
بِرُكبانِها تعلو المِتان الفيافيا​
إذا عُصَبُ الرُكبانِ بينَ (عُنَيْزَةٍ)​
و(بَوَلانَ) عاجوا المُبقياتِ النَّواجِيا​
فيا ليتَ شعري هل بكتْ أمُّ مالكٍ​
كما كنتُ لو عالَوا نَعِيَّكِ باكِيا​
إذا مُتُّ فاعتادي القبورَ وسلِّمي​
على الرمسِ أُسقيتِ السحابَ الغَواديا​
على جَدَثٍ قد جرّتِ الريحُ فوقه​
تُراباً كسَحْق المَرْنَبانيَّ هابيا​
رَهينة أحجارٍ وتُرْبٍ تَضَمَّنتْ​
قرارتُها منّي العِظامَ البَواليا​
فيا صاحبا إما عرضتَ فبلِغاً​
بني مازن والرَّيب أن لا تلاقيا​
وعرِّ قَلوصي في الرِّكاب فإنها​
سَتَفلِقُ أكباداً وتُبكي بواكيا​
وأبصرتُ نارَ (المازنياتِ) مَوْهِناً​
بعَلياءَ يُثنى دونَها الطَّرف رانيا​
بِعودٍ أَلنْجوجٍ أضاءَ وَقُودُها​
مَهاً في ظِلالِ السِّدر حُوراً جَوازيا​
غريبٌ بعيدُ الدار ثاوٍ بقفزةٍ​
يَدَ الدهر معروفاً بأنْ لا تدانيا​
اقلبُ طرفي حول رحلي فلا أرى​
به من عيون المُؤنساتِ مُراعيا​
وبالرمل منّا نسوة لو شَهِدْنَني​
بَكينَ وفَدَّين الطبيبَ المُداويا​
فمنهنّ أمي وابنتايَ وخالتي​
وباكيةٌ أخرى تَهيجُ البواكيا​
وما كان عهدُ الرمل عندي وأهلِهِ​
ذميماً ولا ودّعتُ بالرمل قالِيا​
 
عودة
أعلى