معنى سمع الله لمن حمده
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: ((إِذَا قَالَ الإِمَامُ: سَمِعَ اللهُ لِمَنْ حَمِدَهُ، فَقُولُوا: اللَّهُمَّ رَبَّنَا لَكَ الْحَمْدُ؛ فَإِنَّهُ مَنْ وَافَقَ قَوْلُهُ قَوْلَ الْمَلائِكَةِ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ)).
تخريج الحديث:
الحديث أخرجه مسلم (409)، وأخرجه البخاري "كتاب الأذان" "باب فضل اللهم لك الحمد"(796)، وأخرجه أبو داود "كتاب الصلاة" "باب ما يقول إذا رفع رأسه من الركوع" (848)، وأخرجه الترمذي "كتاب الصلاة" "باب منه آخر" (267)، وأخرجه النسائي "كتاب التطبيق" "باب قوله ربنا ولك الحمد" (1062).
شرح ألفاظ الحديث:
((سَمِعَ الله لِمَنْ حَمِدَهُ)): تقدَّم أن سمِع بمعنى: أجاب؛ أي: أجاب الله لمن حمِده، والإجابة تقتضي الإثابة، فكان من ثمرة من حمد الله تعالى أن يستجيب له ويُثيبه، ((لمن حمِدَه))؛ أي: لمن وصفه بصفات الكمال حبًّا وتعظيمًا.
((اللَّهُمَّ رَبَّنَا لَكَ الْحَمْدُ)): اللهم: أصلها: يا ألله، حُذِفت أداة النداء، وعُوِّض عنها بميم في الآخر.
((ربنا ولك الحمد)) الواو: معطوفة على لفظ مُقدَّر، والتقدير: يا ربَّنا أطَعْنا ولك الحمد.
((مَنْ وَافَقَ قَوْلُهُ قَوْلَ الْمَلائِكَةِ))؛ أي: الموافقة في الوقت الذي قيل فيه هذا القول، وقيل: الموافقة في الصفة والخشوع والإخلاص، والأول: هو الصواب، واختاره النووي والقرطبي؛ [شرح مسلم؛ للنووي (4/351)، والمفهم؛ للقرطبي (2/44)، والفتح (2 /265)].
واختُلِف في الملائكة في هذا الحديث، والذي يليه، فقيل: هم الحَفَظة عن اليمين وعن الشمال قعيد، وقيل: الملائكة في المسجد، وقيل: الملائكة عامة الذين في السماء للحديث الذي يليه، وفيه: ((فوافَق قولُه قولَ أهل السماء)).
من فوائد الحديث:
الفائدة الأولى: الحديث فيه مشروعية التسميع للإمام، والتحميد للمأموم حين الرفع من الركوع، وبهذا يُعلَم أن الإمام والمنفرد يجمعان بين التسميع والتحميد، فيقولان حين الرفع: ((سمِعَ اللهُ لمن حمِدَه))، وبعد القيام: ((ربَّنا ولك الحَمْدُ))، أما المأموم فيكتفي بالتحميد، ومناسبة قول: ((ربنا ولك الحمد)) للمصلِّي في هذا الموضع؛ لأن القيام الذي بعده محلُّ تحميد لله تعالى وثناءٍ عليه، وتقدَّم أن للتحميد أربعَ صيغٍ جاءت في الصحيحين وهي: ((ربنا لك الحمد))، ((ربنا ولك الحمد))، ((اللهم ربنا لك الحمد))، ((اللهم ربنا ولك الحمد))، والقاعدة في العبادات المشروعة على أكثر من وجه سُنيَّة التنويع بينها، تارة يأتي بهذه، وتارة يأتي بهذه.
الفائدة الثانية: الحديث دليلٌ على فضل حُسْن متابعة الإمام بعد الرَّفْع من الركوع، فإن مَنْ وافَقَ تحميدُه تحميدَ الملائكة غُفِر له ما تقدَّم من ذنبه، وتقدَّم الصحيح أن الموافقة في وقت قول هذا الذكر، ويُؤخَذ من هذا أن الملائكة تُصلِّي، وتقول مثل قول المصلِّي، وتقدَّم في أحاديثَ أخرى أن غفران الذنوب يقع على الصغائر دون الكبائر؛ كما هو قول الجمهور، ومضى أمثالُه فيمَنْ توضَّأ كوضوئه صلى الله عليه وسلم، ومَنْ صام رمضان إيمانًا واحتسابًا، ومَنِ انتظر الصلاة إلى غير ذلك من الطاعات التي ترتَّب عليها هذا الفضل.
رابط الموضوع: https://www.alukah.net/sharia/0/129551/#ixzz7LH6eq7dt