تأثير العولمة والتجارة الحرة على البيئة في الأردن
ملخص :
تبحث هذه الورقة في تأثير تحرير التجارة الدولية والعولمة على البيئة الأردنية بشكل خاص عن طريق تحديد الآثار المتوقعة الناجمة عن توقيع الأردن لاتفاقية التجارة الحرة مع الولايات المتحدة وقبلها الانضمام إلى منظمة التجارة العالمية وبرنامج الشراكة الأوروبية المتوسطية . وتبحث الورقة بداية ظهور خيار التضاد بين البيئة والعولمة من خلال مظاهرات سياتل 1999 ضد منظمة التجارة العالمية من خلال تحليل الخطاب البيئي المناهض للعولمة والذي طرح في مظاهرات سياتل والذي تمحور على ست بنود رئيسية هي تأثير قوانين منظمة التجارة على شرعية الاتفاقيات البيئية الدولية وأنظمة حماية البيئة الوطنية واستترا ف الموارد الطبيعية وإنشاء ملاذات التلوث العالمية والمنتجات المعدلة وراثيا والقرصنة الحيوية والملكية الفكرية .
وبعد ذلك تناقش الورقة خصائص اتفاقية التجارة الحرة بين الأردن والولايات المتحدة وأهمية وجود نصوص خاصة بالبيئة في بند الاتفاقية الرسمي . وتنتقل الورقة لعرض أهم النتائج المتوقعة لتحرير التجارة على البيئة في الأردن ومنها التأثير على الإطار التشريعي والمؤسسي واستهلاك مصادر المياه والموارد الطبيعية ونوعية الهواء والنفايات الصلبة والخطرة واستخدام مصادر الطاقة والموارد البحرية واستخدام الأراضي والبنية التحتية ونقل التكنولوجيا .
وتتعامل الورقة مع العولمة باعتبارها فرصة لتطوير الوضع البيئي في الأردن ، عن طريق استغلال هذا التحدي في تنفيذ الكثير من الإصلاحات البيئية المؤجلة ، ومنها إنشاء وزارة تقنية للبيئة ذات مصداقية وقوة سياسية تعتمد نظام الإدارة الحديث ، وإشراك ممثلي المجتمع المدني في اتخاذ القرار البيئي وزيادة قدرة الرقابة والتدقيق البيئي ، ودعم الصناعات لتتحول إلى صناعات رفيقة بالبيئة وتنفيذ دراسات تقييم الأثر البيئي للمشاريع الاستثمارية ومراقبة حسن تطبيقها وتشجيع الاستثمار في المشاريع الرفيقة بالبيئة .
كما يجب عدم السماح بنقل الصناعات الملوثة للبيئة إلى الأردن بحجة تشجيع الاستثمار ، ومنع إدخال المواد المضرة بالبيئة وتحسين المهارات التحليلية في الاقتصاد البيئي ، وان يدخل العامل البيئي في الخطط التنموية وتشجيع القطاع الخاص على اتخاذ المبادرات الذاتية في حماية البيئة ضمن نظام من الحواجز .
مقدمة :
أصبح مفهوم العولمة Globalization واحدا من أكثر المفاهيم تداولا وبحثا في الثقافة العالمية ، واتسع نطاقه ليشمل الاقتصاد والسياسة والثقافة والاجتماع وحتى العلاقات الاستراتيجية . وإذا كانت العولمة ظاهرة نواتها اقتصادية فان آليات عملها وتطبيقها تعتمد بشكل كبير على ثورة المعلومات الحديثة وسقوط الكثير من الحواجز الايدولوجية والسياسية والثقافية بين دول العالم . وبالتأكيد فان البيئة ، بتعريفها الشمولي وعلاقتها المباشرة بالتنمية المستدامة ، هي إحدى المجالات التي تشهد تأثرا كبيرا بالعولمة واليات اقتصاد السوق المفتوح والتشابك ألمعلوماتي بين دول العالم ، إضافة إلى التأثر المتبادل بالأنماط التقنية والمعرفية المختلفة ، حتى وان كانت الأنماط الاستهلاكية المرتبطة بالعولمة الاقتصادية لا زالت هي السائدة .
ومن أصعب المهام على أي باحث في وقتنا الحالي ايجاد تعريف قاطع للعولمة ، فهي ظاهرة متعددة الوجوه ، ويمكن لأي باحث بناء على موقفه الفكري أو السياسي أو الاقتصادي ، أن يعرفها بشكل مختلف عن الآخرين ، لكننا سنحاول في هذه الورقة الاعتماد على تعريف واحدا من كبار المعاهد البحثية في العالم وهي جامعة هارفارد والتي تربط العولمة بشكل رئيسي بانبعاث الاقتصاد المفتوح وتحرير التجارة وهي بالتالي تعطي بعدا اقتصاديا جوهريا للعولمة .
العولمة إذا بهذا التعريف هي : " عملية تساهم في توسعة العلاقات عابرة الحدود بين الناس والبضائع والخدمات والأصول Assets ، وتعتمد على الاعتماد الاقتصادي المتبادل بين ومن خلال الكينونات العالمية التي يمكن أن تكون مؤسسات خاصة أو عامة أو حكومات . وهذه العملية تدفعها عوامل اقتصادية ( الإقرار باقتصاد السوق المفتوح وتحرير التجارة ) ، وتكنولوجية ( التطور في تكنولوجيا المعلومات والاتصالات ) ، وسياسة ( التوجه نحو الديمقراطية الرأسمالية الليبرالية وإضعاف دور الدولة القومية )".
إنها بالتالي ، حسب التعريف عملية انفتاح للاقتصاد واندماج لوسائل الإنتاج والمنتجات معا ضمن إطار اقتصاد رأسمالي استهلاكي ، وإذا كان هذا التعريف يركز على الأبعاد الاقتصادية للعولمة فان لها أبعادا أخرى لا بد من ذكرها .
الأبعاد السياسية والثقافية والاستراتيجية للعولمة – فرصة أم تهديد ؟ __________________
تختلف الرؤيا تجاه العولمة باختلاف الناظر إليها فهي قد تكون فرصة ومجالا للتقدم والنجاح وقد تكون تهديدا حقيقيا للخصائص السياسية والثقافية والاقتصادية .
يتمثل البعد السياسي للعولمة بعدة ظواهر منها أضعاف دور الدولة القومية كصاحبة الامتياز في إدارة شؤونها الداخلية والخارجية وكذلك أضعاف مفاهيم السيادة والاستقلال والاعتماد بشكل كبير على سيطرة العمل الدولي عن طريق بعض المؤسسات العولمية كالأمم المتحدة والبنك الدولي ومنظمة التجارة الدولية وحتى الشركات متعدية الجنسيات Transnational Corporation التي باتت صاحبة دور كبير في اتخاذ القرارات الوطنية .
ويتمثل البعد السياسي للعولمة أيضا في زيادة تطبيق النسق السياسي الغربي من ديمقراطية رأسمالية وانتخابات شعبية وتطور حركات حقوق الإنسان وهذا ما يمكن أن نسميه الفرصة السياسية التي تتيحها العولمة للدول النامية .
أما على الصعيد الثقافي فتهدد العولمة بتهميش الخصائص الثقافية والحضارية الأصيلة في الدول النامية مقابل ازدهار أنماط الثقافات الغربية أو ما تسمى أحيانا " الأمريكية Americanization وهي نزعة تقاومها وبشدة العديد من الدول الغربية الأخرى وخصوصا فرنسا . ويمكن للعولمة أن تكون بالتالي تهديدا للأنساق الثقافية الأصيلة إذا ما حاولت تهميشها لكنها قد تكون فرصة ثقافية عالمية إذا ما ساهمت في إثراء التنوع الثقافي والاتصال والحوار بين مختلف الشعوب والحضارات .
أما للحديث عن البعد البيئي للعولمة فلا بد من العودة سنة واحدة تقريبا إلى الخلف والى مؤتمر سياتل الوزاري لمنظمة التجارة الدولية في تشرين الثاني 1999 .
البيئة في مواجهة العولمة – مؤتمر سياتل :__________________________________
تعتبر منظمة التجارة الدولية World Trade organization ( WTO ) إحدى أهم مؤسسات تطبيق العولمة بجانب صندوق النقد الدولي والبنك الدولي ، وقد باشرت المنظمة أعمالها في مطلع عام 1995 بعد انتهاء جولة أورجواي للجات GATT والتي استمرت منذ العام 1986 وحتى عام 1993 . وفي مدينة سياتل الاميركية عقد في تشرين الثاني 1999 المؤتمر الوزاري لأعضاء المنظمة البالغ عدهم 135 دولة آنذاك ، وكان هذا المؤتمر علامة فارقة في تاريخها ، حيث أوضحت المظاهرات العارمة ضده في سياتل وجود تحالف دولي قوي من المنظمات غير الحكومية تقاوم توجهات العولمة وتحذر من أخطارها على البيئة بالأخص .
وكانت مشاهد المظاهرات العارمة في مدينة سياتل الاميركية المناوئة لمنظمة التجارة العالمية هي آخر المشاهد الكبرى في القرن العشرين وأشارت إلى أن الحس الإنساني في العالم لا زال قويا ولم يتم تهجينه لصالح معادلة التجارة الحرة والمكاسب المالية التي ميزت العقد الأخير من القرن العشرين . وأشارت المظاهرات إلى نمو حركة ليبرالية جديدة Neoliberalism تتخذ من حقوق الإنسان والبيئة والديمقراطية معايير أخلاقية جديدة ، ويأمل الكثير من المثقفين في العالم أن تكون " ثورة سياتل " بداية لحركة ليبرالية إنسانية جديدة توازن نمو العولمة " أليبرالية المتوحشة " التي تتخذ من اقتصاد السوق نبراسا لها وتهدد بتجريد الإنسان من هويته السيكولوجية الخاصة .
كان المطلب البيئي الأول للمتظاهرين في سياتل هو أن تخضع أنظمة منظمة التجارة للقوانين والمعاهدات البيئية الدولية التي تنظم الجهود والقوانين البيئية في العالم لا أن تكون أنظمة التجارة سائدة ولها القدرة على تغيير بنود الاتفاقيات البيئية كما تطالب المنظمة بدعم من الولايات المتحدة وكندا . ومن المعروف أن بنود " تسوية النزاعات Dispute Settlement" الخاصة بقوانين منظمة التجارة العالمية تمنح القوة القانونية لمبادىء حرية التجارة على مبادىء وبنود المعاهدات البيئية الدولية متعددة الأطراف ( Multilateral Environmental Agreements MEAs )
ومن المعروف أن هناك تناقضا جوهريا بين قوانين منظمة التجارة التي ترمي إلى فتح الأسواق الدولية للتجارة الحرة بدون معيقات وحواجز ، وبين المعاهدات البيئية الدولية التي تمنع مثلا إنتاج المواد المستترفة للأوزون أو الاتجار بالكائنات الحية . وتدعو الولايات المتحدة وكندا بالذات ومعها اليابان إلى سيادة قوانين منظمة التجارة على بنود المعاهدات البيئية في هذا الإطار .
وقبل بداية مؤتمر سياتل بشهر أصدرت منظمة التجارة تقريرا خاصا بالعلاقة بين التجارة والبيئة أوضحت فيه وجهة نظرها حول المعضلة البيئية حيث أشار التقرير إلى أن الحواجز التجارية لا تساهم في حماية البيئة وان المشاكل البيئية يجب أن تتم معالجتها عند مصدرها . ويمضي التقرير إلى القول بان جذور الأزمة البيئية العالمية تكمن في أن المنتجين والمستهلكين في غالب الأحيان لا يقومون " بدفع " القيمة اللازمة لحماية البيئة وان المشاكل البيئية تنجم عن وسائل الإنتاج الملوثة والتخلص من الفضلات وبعض أنماط الاستهلاك غير البيئي . وترفض المنظمة أن يشار إلى قوانينها بأنها ستضعف الرقابة البيئية الدولية في انتقال المواد الملوثة أو المنتجات المضرة بالبيئة في أنحاء العالم .
مخاطر التجارة الحرة على البيئة :________________________________________
ويحدد أنصار البيئة عدة مشاكل ونقاط تثير القلق حول إجراءات التحرير الكلي للتجارة وما سينجم عنه من آثار سلبية على البيئة ، ومن أهم القضايا على أجندة أنصار البيئة المناهضين لمنظمة التجارة :
1- قوانين منظمة التجارة ستكون سائدة على القوانين والأنظمة الوطنية التي تحمي البيئة :______________
بناء على مبادىء المنظمة في حرية انتقال السلع بدون حواجز جمركية أو غير جمركية فان قوانين المنظمة سوف تكون لها الأولوية على القوانين والأنظمة الوطنية لكل دولة والتي تهتم بحماية البيئة وتضع معايير الجودة البيئية والتي تصنيفها بأنها " حواجز غير جمركية " Non – Tariff Barriers ينبغي إزالتها لتسهيل انتقال التجارة.
وكمثال على ذلك تطالب كندا بتغيير بعض القوانين الأوروبية والدولية التي تعيق انتقال بعض من بضائعها إلى هذه الأسواق واهم هذه القوانين :
1- القانون الإنجليزي والفرنسي الذي يمنع استخدام الاسبستوس في البناء وتطالب كندا بإزالة القانون نظرا لأنها مصدر رئيسي للاسبستوس .
2- القرار الأوروبي بمنع الاتجار بمعاطف الفرو المصنعة من فرو الحيوانات التي يتم إبقائها في ظروف سيئة في الأسر وكذلك القرار بمنع استيراد منتجات جلود الفقمات .
3- قرارات بعض الدول الأوروبية بمنع استيراد المنتجات الخشبية المصنوعة اثر قطع الغابات الكلي Clear Cut أو من منتجات أشجار معمرة .
ولهذا تعتبر كندا من أكثر الدول تصميما على إبعاد البيئة عن نقاشات منظمة التجارة وتطالب دائما بالتخلي عن قوانين حماية البيئة إذا ما تعارضت مع التجارة .
وفي مثال آخر نجحت فنزويلا التي تصدر كميات كبيرة من البنزين الملوث للبيئة في إدخال منتجاتها إلى الولايات المتحدة التي تمنع استيرادها بناء على بند في قانون الهواء النظيف الاميركي . وقد دعمت العديد من الشركات الدولية الكبرى لإنتاج البنزين والغاز هذه الضغوط من فنزويلا حتى تمكنت من كسب القضية والتصدير للأسواق الاميركية .
وفي مثال معاكس تماما تحاول الولايات المتحدة مناهضة تشريع ياباني جديد يحدد نسب الملوثات الغازية الصادرة عن السيارات . وهذا النظام يساهم في انتشار السيارات اليابانية الحديثة لكنه يقف عائقا أمام استيراد السيارات الاميركية ذات المعايير الأضعف بيئيا . وتصنف الولايات المتحدة القانون الياباني بأنه " عائق غير جمركي " وبالتالي يناقض قوانين المنظمة .
2- استتراف الموارد الطبيعية :________________________________________________
سوف تؤدي عمليات إلغاء التعرفة الجمركية على المواد والمنتجات الخشبية إلى تقليل أسعارها دوليا وبالتالي زيادة معدل قطع الغابات الاستوائية والأشجار للحصول على المنتجات الخشبية . ومن المعروف أن هناك تعرفة جمركية عالية حاليا على منتجات الأخشاب بهدف السيطرة على تجارتها وتصعيب مهمة منتجيها في التسويق .إلا أن قوانين منظمة التجارة سوف تسهم في إلغاء الحمايات الجمركية وتسهيل انتقال هذه المنتجات وبالتالي زيادة عمليات التحطيب Logging وقطع أشجار الغابات .
تحرير التجارة سيؤدي أيضا إلى استتراف الكثير من الموارد الطبيعية غير المتجددة كالمياه الجوفية أو موارد التعدين في إنشاء صناعات جديدة وتوسعة الصناعات القائمة وإذا ما ترافق ذلك مع توجه تنموي غير مستدام والكثير من التهميش لمجتمعات العالم الثالث فان تأثيرا سلبيا كبيرا سوف يقع . ويجادل البيئيون في العالم بان مؤشرات النمو الاقتصادي المتبعة دوليا مثل الناتج القومي الإجمالي أو نصيب الفرد هي مؤشرات مالية بحتة لا تأخذ بعين الاعتبار خسارة الرأسمال الطبيعي واستتراف الموارد الطبيعية المرافق لهذا النمو الاقتصادي الرقمي .
3- ملاذات التلوث الدولية :__________________________________________________
من المتوقع ضمن اطر تحرير التجارة انتقال العديد من الصناعات الملوثة بيئيا من الدول الصناعية التي تفرض معايير بيئية صارمة إلى الدول النامية الأقل التزاما بحماية البيئة وإنشاء هذه المصانع هناك . ومع أن ذلك سيؤدي في المدى القريب إلى تأمين فرص عمل كبيرة في هذه الدول إلا أنها ستنقل التلوث إليها . وهذا ما يسمى في الاقتصاد العولمي بالاستثمار الأجنبي المباشر Direct ForeignInvestment في الدول النامية والذي من الممكن أن يؤدي إلى وجود ملاذات للتلوث Pollution Havens في هذه الدول غير خاضعة لمعايير بيئية صارمة خصوصا إذا رافق هذا الانتقال للصناعات الملوثة وجود تعاون مع بعض الحكومات الفاسدة في دول العالم الثالث للتغاضي عن عمليات التلوث التي ترافق هذه الصناعات .
4- المنتجات المعدلة وراثيا :_________________________________________________
الانتقال التجاري الحر للمنتجات الغذائية المعدلة وراثيا ، أو ما تسمى الكائنات المعدلة وراثيا ( GMO ) Genetically Modified Organisms في العالم سيؤدي إلى نشر التأثيرات البيئية السلبية لهذه المنتجات من حيث تغيير النظام البيئي الطبيعي والتنوع الحيوي Biodiversity أو التسبب أحيانا بمشاكل صحية للمستهلكين بسبب تغيير التركيب الو راثي لهذه الكائنات الذي قد يكون مؤذيا للمستهلك كما انه لن يسمح للدول المستوردة في رفض أو إغلاق أسواقها أمام المنتجات المعدلة وراثيا قبل فحصها والتأكد من صلاحيتها . وهناك مشاكل تتعلق بالأمن الغذائي الدولي ، فتزايد الاتجار بالمنتجات الغذائية المعدلة وراثيا سيؤدي إلى تركز الثروة واحتكار إنتاج هذه المنتجات بالدول المسيطرة حاليا على هذا القطاع فهي الولايات المتحدة وكندا والأرجنتين التي تشكل 98% من إنتاج الأغذية المعدلة وراثيا ولا شك أن ذلك الاحتكار للتكنولوجيا سيضعف من الأمن الغذائي لمعظم الدول النامية .
ملخص :
تبحث هذه الورقة في تأثير تحرير التجارة الدولية والعولمة على البيئة الأردنية بشكل خاص عن طريق تحديد الآثار المتوقعة الناجمة عن توقيع الأردن لاتفاقية التجارة الحرة مع الولايات المتحدة وقبلها الانضمام إلى منظمة التجارة العالمية وبرنامج الشراكة الأوروبية المتوسطية . وتبحث الورقة بداية ظهور خيار التضاد بين البيئة والعولمة من خلال مظاهرات سياتل 1999 ضد منظمة التجارة العالمية من خلال تحليل الخطاب البيئي المناهض للعولمة والذي طرح في مظاهرات سياتل والذي تمحور على ست بنود رئيسية هي تأثير قوانين منظمة التجارة على شرعية الاتفاقيات البيئية الدولية وأنظمة حماية البيئة الوطنية واستترا ف الموارد الطبيعية وإنشاء ملاذات التلوث العالمية والمنتجات المعدلة وراثيا والقرصنة الحيوية والملكية الفكرية .
وبعد ذلك تناقش الورقة خصائص اتفاقية التجارة الحرة بين الأردن والولايات المتحدة وأهمية وجود نصوص خاصة بالبيئة في بند الاتفاقية الرسمي . وتنتقل الورقة لعرض أهم النتائج المتوقعة لتحرير التجارة على البيئة في الأردن ومنها التأثير على الإطار التشريعي والمؤسسي واستهلاك مصادر المياه والموارد الطبيعية ونوعية الهواء والنفايات الصلبة والخطرة واستخدام مصادر الطاقة والموارد البحرية واستخدام الأراضي والبنية التحتية ونقل التكنولوجيا .
وتتعامل الورقة مع العولمة باعتبارها فرصة لتطوير الوضع البيئي في الأردن ، عن طريق استغلال هذا التحدي في تنفيذ الكثير من الإصلاحات البيئية المؤجلة ، ومنها إنشاء وزارة تقنية للبيئة ذات مصداقية وقوة سياسية تعتمد نظام الإدارة الحديث ، وإشراك ممثلي المجتمع المدني في اتخاذ القرار البيئي وزيادة قدرة الرقابة والتدقيق البيئي ، ودعم الصناعات لتتحول إلى صناعات رفيقة بالبيئة وتنفيذ دراسات تقييم الأثر البيئي للمشاريع الاستثمارية ومراقبة حسن تطبيقها وتشجيع الاستثمار في المشاريع الرفيقة بالبيئة .
كما يجب عدم السماح بنقل الصناعات الملوثة للبيئة إلى الأردن بحجة تشجيع الاستثمار ، ومنع إدخال المواد المضرة بالبيئة وتحسين المهارات التحليلية في الاقتصاد البيئي ، وان يدخل العامل البيئي في الخطط التنموية وتشجيع القطاع الخاص على اتخاذ المبادرات الذاتية في حماية البيئة ضمن نظام من الحواجز .
مقدمة :
أصبح مفهوم العولمة Globalization واحدا من أكثر المفاهيم تداولا وبحثا في الثقافة العالمية ، واتسع نطاقه ليشمل الاقتصاد والسياسة والثقافة والاجتماع وحتى العلاقات الاستراتيجية . وإذا كانت العولمة ظاهرة نواتها اقتصادية فان آليات عملها وتطبيقها تعتمد بشكل كبير على ثورة المعلومات الحديثة وسقوط الكثير من الحواجز الايدولوجية والسياسية والثقافية بين دول العالم . وبالتأكيد فان البيئة ، بتعريفها الشمولي وعلاقتها المباشرة بالتنمية المستدامة ، هي إحدى المجالات التي تشهد تأثرا كبيرا بالعولمة واليات اقتصاد السوق المفتوح والتشابك ألمعلوماتي بين دول العالم ، إضافة إلى التأثر المتبادل بالأنماط التقنية والمعرفية المختلفة ، حتى وان كانت الأنماط الاستهلاكية المرتبطة بالعولمة الاقتصادية لا زالت هي السائدة .
ومن أصعب المهام على أي باحث في وقتنا الحالي ايجاد تعريف قاطع للعولمة ، فهي ظاهرة متعددة الوجوه ، ويمكن لأي باحث بناء على موقفه الفكري أو السياسي أو الاقتصادي ، أن يعرفها بشكل مختلف عن الآخرين ، لكننا سنحاول في هذه الورقة الاعتماد على تعريف واحدا من كبار المعاهد البحثية في العالم وهي جامعة هارفارد والتي تربط العولمة بشكل رئيسي بانبعاث الاقتصاد المفتوح وتحرير التجارة وهي بالتالي تعطي بعدا اقتصاديا جوهريا للعولمة .
العولمة إذا بهذا التعريف هي : " عملية تساهم في توسعة العلاقات عابرة الحدود بين الناس والبضائع والخدمات والأصول Assets ، وتعتمد على الاعتماد الاقتصادي المتبادل بين ومن خلال الكينونات العالمية التي يمكن أن تكون مؤسسات خاصة أو عامة أو حكومات . وهذه العملية تدفعها عوامل اقتصادية ( الإقرار باقتصاد السوق المفتوح وتحرير التجارة ) ، وتكنولوجية ( التطور في تكنولوجيا المعلومات والاتصالات ) ، وسياسة ( التوجه نحو الديمقراطية الرأسمالية الليبرالية وإضعاف دور الدولة القومية )".
إنها بالتالي ، حسب التعريف عملية انفتاح للاقتصاد واندماج لوسائل الإنتاج والمنتجات معا ضمن إطار اقتصاد رأسمالي استهلاكي ، وإذا كان هذا التعريف يركز على الأبعاد الاقتصادية للعولمة فان لها أبعادا أخرى لا بد من ذكرها .
الأبعاد السياسية والثقافية والاستراتيجية للعولمة – فرصة أم تهديد ؟ __________________
تختلف الرؤيا تجاه العولمة باختلاف الناظر إليها فهي قد تكون فرصة ومجالا للتقدم والنجاح وقد تكون تهديدا حقيقيا للخصائص السياسية والثقافية والاقتصادية .
يتمثل البعد السياسي للعولمة بعدة ظواهر منها أضعاف دور الدولة القومية كصاحبة الامتياز في إدارة شؤونها الداخلية والخارجية وكذلك أضعاف مفاهيم السيادة والاستقلال والاعتماد بشكل كبير على سيطرة العمل الدولي عن طريق بعض المؤسسات العولمية كالأمم المتحدة والبنك الدولي ومنظمة التجارة الدولية وحتى الشركات متعدية الجنسيات Transnational Corporation التي باتت صاحبة دور كبير في اتخاذ القرارات الوطنية .
ويتمثل البعد السياسي للعولمة أيضا في زيادة تطبيق النسق السياسي الغربي من ديمقراطية رأسمالية وانتخابات شعبية وتطور حركات حقوق الإنسان وهذا ما يمكن أن نسميه الفرصة السياسية التي تتيحها العولمة للدول النامية .
أما على الصعيد الثقافي فتهدد العولمة بتهميش الخصائص الثقافية والحضارية الأصيلة في الدول النامية مقابل ازدهار أنماط الثقافات الغربية أو ما تسمى أحيانا " الأمريكية Americanization وهي نزعة تقاومها وبشدة العديد من الدول الغربية الأخرى وخصوصا فرنسا . ويمكن للعولمة أن تكون بالتالي تهديدا للأنساق الثقافية الأصيلة إذا ما حاولت تهميشها لكنها قد تكون فرصة ثقافية عالمية إذا ما ساهمت في إثراء التنوع الثقافي والاتصال والحوار بين مختلف الشعوب والحضارات .
أما للحديث عن البعد البيئي للعولمة فلا بد من العودة سنة واحدة تقريبا إلى الخلف والى مؤتمر سياتل الوزاري لمنظمة التجارة الدولية في تشرين الثاني 1999 .
البيئة في مواجهة العولمة – مؤتمر سياتل :__________________________________
تعتبر منظمة التجارة الدولية World Trade organization ( WTO ) إحدى أهم مؤسسات تطبيق العولمة بجانب صندوق النقد الدولي والبنك الدولي ، وقد باشرت المنظمة أعمالها في مطلع عام 1995 بعد انتهاء جولة أورجواي للجات GATT والتي استمرت منذ العام 1986 وحتى عام 1993 . وفي مدينة سياتل الاميركية عقد في تشرين الثاني 1999 المؤتمر الوزاري لأعضاء المنظمة البالغ عدهم 135 دولة آنذاك ، وكان هذا المؤتمر علامة فارقة في تاريخها ، حيث أوضحت المظاهرات العارمة ضده في سياتل وجود تحالف دولي قوي من المنظمات غير الحكومية تقاوم توجهات العولمة وتحذر من أخطارها على البيئة بالأخص .
وكانت مشاهد المظاهرات العارمة في مدينة سياتل الاميركية المناوئة لمنظمة التجارة العالمية هي آخر المشاهد الكبرى في القرن العشرين وأشارت إلى أن الحس الإنساني في العالم لا زال قويا ولم يتم تهجينه لصالح معادلة التجارة الحرة والمكاسب المالية التي ميزت العقد الأخير من القرن العشرين . وأشارت المظاهرات إلى نمو حركة ليبرالية جديدة Neoliberalism تتخذ من حقوق الإنسان والبيئة والديمقراطية معايير أخلاقية جديدة ، ويأمل الكثير من المثقفين في العالم أن تكون " ثورة سياتل " بداية لحركة ليبرالية إنسانية جديدة توازن نمو العولمة " أليبرالية المتوحشة " التي تتخذ من اقتصاد السوق نبراسا لها وتهدد بتجريد الإنسان من هويته السيكولوجية الخاصة .
كان المطلب البيئي الأول للمتظاهرين في سياتل هو أن تخضع أنظمة منظمة التجارة للقوانين والمعاهدات البيئية الدولية التي تنظم الجهود والقوانين البيئية في العالم لا أن تكون أنظمة التجارة سائدة ولها القدرة على تغيير بنود الاتفاقيات البيئية كما تطالب المنظمة بدعم من الولايات المتحدة وكندا . ومن المعروف أن بنود " تسوية النزاعات Dispute Settlement" الخاصة بقوانين منظمة التجارة العالمية تمنح القوة القانونية لمبادىء حرية التجارة على مبادىء وبنود المعاهدات البيئية الدولية متعددة الأطراف ( Multilateral Environmental Agreements MEAs )
ومن المعروف أن هناك تناقضا جوهريا بين قوانين منظمة التجارة التي ترمي إلى فتح الأسواق الدولية للتجارة الحرة بدون معيقات وحواجز ، وبين المعاهدات البيئية الدولية التي تمنع مثلا إنتاج المواد المستترفة للأوزون أو الاتجار بالكائنات الحية . وتدعو الولايات المتحدة وكندا بالذات ومعها اليابان إلى سيادة قوانين منظمة التجارة على بنود المعاهدات البيئية في هذا الإطار .
وقبل بداية مؤتمر سياتل بشهر أصدرت منظمة التجارة تقريرا خاصا بالعلاقة بين التجارة والبيئة أوضحت فيه وجهة نظرها حول المعضلة البيئية حيث أشار التقرير إلى أن الحواجز التجارية لا تساهم في حماية البيئة وان المشاكل البيئية يجب أن تتم معالجتها عند مصدرها . ويمضي التقرير إلى القول بان جذور الأزمة البيئية العالمية تكمن في أن المنتجين والمستهلكين في غالب الأحيان لا يقومون " بدفع " القيمة اللازمة لحماية البيئة وان المشاكل البيئية تنجم عن وسائل الإنتاج الملوثة والتخلص من الفضلات وبعض أنماط الاستهلاك غير البيئي . وترفض المنظمة أن يشار إلى قوانينها بأنها ستضعف الرقابة البيئية الدولية في انتقال المواد الملوثة أو المنتجات المضرة بالبيئة في أنحاء العالم .
مخاطر التجارة الحرة على البيئة :________________________________________
ويحدد أنصار البيئة عدة مشاكل ونقاط تثير القلق حول إجراءات التحرير الكلي للتجارة وما سينجم عنه من آثار سلبية على البيئة ، ومن أهم القضايا على أجندة أنصار البيئة المناهضين لمنظمة التجارة :
1- قوانين منظمة التجارة ستكون سائدة على القوانين والأنظمة الوطنية التي تحمي البيئة :______________
بناء على مبادىء المنظمة في حرية انتقال السلع بدون حواجز جمركية أو غير جمركية فان قوانين المنظمة سوف تكون لها الأولوية على القوانين والأنظمة الوطنية لكل دولة والتي تهتم بحماية البيئة وتضع معايير الجودة البيئية والتي تصنيفها بأنها " حواجز غير جمركية " Non – Tariff Barriers ينبغي إزالتها لتسهيل انتقال التجارة.
وكمثال على ذلك تطالب كندا بتغيير بعض القوانين الأوروبية والدولية التي تعيق انتقال بعض من بضائعها إلى هذه الأسواق واهم هذه القوانين :
1- القانون الإنجليزي والفرنسي الذي يمنع استخدام الاسبستوس في البناء وتطالب كندا بإزالة القانون نظرا لأنها مصدر رئيسي للاسبستوس .
2- القرار الأوروبي بمنع الاتجار بمعاطف الفرو المصنعة من فرو الحيوانات التي يتم إبقائها في ظروف سيئة في الأسر وكذلك القرار بمنع استيراد منتجات جلود الفقمات .
3- قرارات بعض الدول الأوروبية بمنع استيراد المنتجات الخشبية المصنوعة اثر قطع الغابات الكلي Clear Cut أو من منتجات أشجار معمرة .
ولهذا تعتبر كندا من أكثر الدول تصميما على إبعاد البيئة عن نقاشات منظمة التجارة وتطالب دائما بالتخلي عن قوانين حماية البيئة إذا ما تعارضت مع التجارة .
وفي مثال آخر نجحت فنزويلا التي تصدر كميات كبيرة من البنزين الملوث للبيئة في إدخال منتجاتها إلى الولايات المتحدة التي تمنع استيرادها بناء على بند في قانون الهواء النظيف الاميركي . وقد دعمت العديد من الشركات الدولية الكبرى لإنتاج البنزين والغاز هذه الضغوط من فنزويلا حتى تمكنت من كسب القضية والتصدير للأسواق الاميركية .
وفي مثال معاكس تماما تحاول الولايات المتحدة مناهضة تشريع ياباني جديد يحدد نسب الملوثات الغازية الصادرة عن السيارات . وهذا النظام يساهم في انتشار السيارات اليابانية الحديثة لكنه يقف عائقا أمام استيراد السيارات الاميركية ذات المعايير الأضعف بيئيا . وتصنف الولايات المتحدة القانون الياباني بأنه " عائق غير جمركي " وبالتالي يناقض قوانين المنظمة .
2- استتراف الموارد الطبيعية :________________________________________________
سوف تؤدي عمليات إلغاء التعرفة الجمركية على المواد والمنتجات الخشبية إلى تقليل أسعارها دوليا وبالتالي زيادة معدل قطع الغابات الاستوائية والأشجار للحصول على المنتجات الخشبية . ومن المعروف أن هناك تعرفة جمركية عالية حاليا على منتجات الأخشاب بهدف السيطرة على تجارتها وتصعيب مهمة منتجيها في التسويق .إلا أن قوانين منظمة التجارة سوف تسهم في إلغاء الحمايات الجمركية وتسهيل انتقال هذه المنتجات وبالتالي زيادة عمليات التحطيب Logging وقطع أشجار الغابات .
تحرير التجارة سيؤدي أيضا إلى استتراف الكثير من الموارد الطبيعية غير المتجددة كالمياه الجوفية أو موارد التعدين في إنشاء صناعات جديدة وتوسعة الصناعات القائمة وإذا ما ترافق ذلك مع توجه تنموي غير مستدام والكثير من التهميش لمجتمعات العالم الثالث فان تأثيرا سلبيا كبيرا سوف يقع . ويجادل البيئيون في العالم بان مؤشرات النمو الاقتصادي المتبعة دوليا مثل الناتج القومي الإجمالي أو نصيب الفرد هي مؤشرات مالية بحتة لا تأخذ بعين الاعتبار خسارة الرأسمال الطبيعي واستتراف الموارد الطبيعية المرافق لهذا النمو الاقتصادي الرقمي .
3- ملاذات التلوث الدولية :__________________________________________________
من المتوقع ضمن اطر تحرير التجارة انتقال العديد من الصناعات الملوثة بيئيا من الدول الصناعية التي تفرض معايير بيئية صارمة إلى الدول النامية الأقل التزاما بحماية البيئة وإنشاء هذه المصانع هناك . ومع أن ذلك سيؤدي في المدى القريب إلى تأمين فرص عمل كبيرة في هذه الدول إلا أنها ستنقل التلوث إليها . وهذا ما يسمى في الاقتصاد العولمي بالاستثمار الأجنبي المباشر Direct ForeignInvestment في الدول النامية والذي من الممكن أن يؤدي إلى وجود ملاذات للتلوث Pollution Havens في هذه الدول غير خاضعة لمعايير بيئية صارمة خصوصا إذا رافق هذا الانتقال للصناعات الملوثة وجود تعاون مع بعض الحكومات الفاسدة في دول العالم الثالث للتغاضي عن عمليات التلوث التي ترافق هذه الصناعات .
4- المنتجات المعدلة وراثيا :_________________________________________________
الانتقال التجاري الحر للمنتجات الغذائية المعدلة وراثيا ، أو ما تسمى الكائنات المعدلة وراثيا ( GMO ) Genetically Modified Organisms في العالم سيؤدي إلى نشر التأثيرات البيئية السلبية لهذه المنتجات من حيث تغيير النظام البيئي الطبيعي والتنوع الحيوي Biodiversity أو التسبب أحيانا بمشاكل صحية للمستهلكين بسبب تغيير التركيب الو راثي لهذه الكائنات الذي قد يكون مؤذيا للمستهلك كما انه لن يسمح للدول المستوردة في رفض أو إغلاق أسواقها أمام المنتجات المعدلة وراثيا قبل فحصها والتأكد من صلاحيتها . وهناك مشاكل تتعلق بالأمن الغذائي الدولي ، فتزايد الاتجار بالمنتجات الغذائية المعدلة وراثيا سيؤدي إلى تركز الثروة واحتكار إنتاج هذه المنتجات بالدول المسيطرة حاليا على هذا القطاع فهي الولايات المتحدة وكندا والأرجنتين التي تشكل 98% من إنتاج الأغذية المعدلة وراثيا ولا شك أن ذلك الاحتكار للتكنولوجيا سيضعف من الأمن الغذائي لمعظم الدول النامية .
التعديل الأخير: