سلسلــة عجــائب الســماء
الحلقــة 1 : المشروع Voyager
خــلال بداية العهد الفضائي في النصف الأول من الستينات كــان التركيز الأكبر منصبا على دراسة القمر ( برنامج أبولو) و جــاري الأرض القريبين : المريخ والزهرة ،لكــن هذا لم يمنع مراكز الأبحاث الثلاثة التابعـة لـ NASA من النظر لما هو أبعد رغم قلة الموارد المخصصة و الاهتمام الحكومي و كذا المصاعب التقنيـة .. عام 1969 يحصل مركز AMES للأبحاث التابع لناسا و صاحب برنامج Pioneer على الموافقة الرسمية للبدء في برنامج Pioneer JUPITER ..الذي بفضله سيرسل لأول مرة مسبارين نحو الكوكب الغازي العملاق Pioneer 10 & 11 عام 1972 .. كان اختراقا تقنيـا و علميا عظيما .. فـمدار المشتري البعيد يستلزم صاروخا فضائيا أعلى سرعة و تقليصا كبيرا في الكتلة النافعة المحمولة ، و هذا كله يتبعه عمل هندسي جبار في تصميم المسابير و تقليص كتلة انظمتها و كذا ابداع أنظمة دفع اكثر كفائة .. أضف الى هذا تحدي جمع البيانات و مستوى Automation الاعلى في المسابير إلى جانب أنظمة طاقة ثورية .. فالبعد عن الشمس يجعل الخلايا الشمسية المستخدمة على المسابير السابقة غير مجدية ، لــهذا كان Pioneer 10 & 11 أول المسابير المتوفرة على نظام RTG الاشعاعي الحراري لانتااج الطاقة و العامل على البلوتونيوم 238 ..
يمكن إرجاع أصول برنامج Voyager فويجر إلى منتصف الستينيات عندما قام مايكل مينوفيتش من مختبر الدفع النفاث (JPL) ، وهو مركز بحثي من المراكز الـ 3 التابعة لوكالة ناسا متخصصة في الاستكشاف الآلي للنظام الشمسي ، قـام بالإخطار الى إمكانية استخدام جاذبية المشتري العالية جدًا في تسريع مسبار فضائي (آلية المساعدة الثقالية Gravitational Slingshot ) إلى الكواكب الأبعد في النظام الشمسي. بعد ثلاث سنوات جاري فلاندو أيضًا من مختبر الدفع النفاث ، مشيرًا إلى اقتران فريد للكواكب يجب أن يحدث بين عامي 1976 و 1978 ، اعطى مسارات فلكية باستخدام هذه التقنية و التي يجب أن تسمح لمسبار فضائي بزيارة العديد من الكواكب الخارجية. سيتمكن المسبار الذي تم إطلاقه خلال هذه الفترة نظريا من الطيران على التوالي إما الى كوكب المشتري وزحل وأورانوس ونبتون ، أو كوكب المشتري وأورانوس ونبتون ، أو أخيرًا كوكب المشتري وزحل وبلوتو. التكوين الذي يسمح بالتحليق فوق الكواكب الغازية الأربعة بواسطة نفس المركبة الفضائية يتكرر فقط كل 176 سنة. عند المرور بكل كوكب سيستفيد المسبار من جاذبية الكوكب للتسارع اكثر و بالتالي الاكمال للكوكب الموالي بسرعة توفر له الافلات من الجاذبية الشمسية بأقل استهلاك بدئي للطاقة .. هكذا قررت ناسا الاستفادة من هذا الاقتران المدهش و بدأ العمل نهاية الستينات عبر برنامج Grand Tour الشغوف لكنـه لم يلبث أن تم حلـه نتيجة الكلفة الكبيرة و المنافسة الشرسة لبرامج ناسا الأخرى كبرنامج التلسكوب المداري (Hubble فيم بعد) و برنامج Space shuttle .. علماء ناسا سييأسون ؟ لا طبعا ، سيقترحون مشروع Voyager و الذي سيكون بداية مشروع Grand Tour مصغر مجددا ، و يبـدأ العمل عام 1972 ..
مليــار دولار كانت التكـلفة التقديرية للمشروع ، كان الدعم الحكومي ضروريا ما جعل رئيس NASA يهرع الى نيكسون لإقناعه بالتمويل السخي قائلا له : "آخر مرة اصطفت فيها الكواكب بهذا الشكل كان توماس جيفرسون يجلس في مكتبك.. و اضاعها " ، رغم الرد المرح من الرئيس الا أنه لم يوافق سوى على مشروع يستهدف رحلة للكوكبين العملاقين الاقرب ، المشتري و زحل .. لكن كـان لفريق JPL راي آخر ..
لقد صمموا كل شيء لمنع الاخفاق و الوصول لأبعد ما يمكن و بتقشف شديد في النفقات .. أغلب الأنظمة الحيوية في المسبار كانت Duplicated لنسختين .. كل شيء حتى من محركات التدوير و المناورة ، بــل حتى Voyager 2 بحد ذاتها هي مجرد نسخة طوارئ في الحقيقة عن Voyager 1 .. انــه الــتطبيق الحرفي للمثـل المغربي : زوج زوج من الحاجـة
..
بكتلة اجمالية تصل الى حوالي 820 كلغ كــان التصميم الأساسي مرتكزا على جسم اسطواني بقطر 178 سم و و ارتفاع 47 سم حيث جمعت فيه أغلب إلكترونيات و حواسيب المسبار و هي 3 أنظمة رئيسية :
CCS Computer Command System
كان لدى Voyager CCS و Viking CCS نفس القدر من الذاكرة أقل بقليل من 70 كيلو بايت في المجمل ( تخيــل ) ، تسمح بحمل 4068 كلمة من 18 Bit منها نصف عدد الكلمات تقريبا 2800 كلمة غير قابلة للتغيير تمثل الأكواد و الأوامر التابثة .. ، سمحت البرمجة أثناء الرحلة بتحميل إجراءات وبرامج جديدة بانتظام في ذاكرة غير متطايرة وألغت الحاجة إلى كميات كبيرة من الذاكرة المطلوبة.
تمت كتابة البرنامج الأصلي لمسبار Voyager باستخدام Fortran 5 ثم تم نقله إلى Fortran 77 ، تعد البرامج منخفضة المستوى و قليلة التعقيد ذات أهمية كبيرة حيث تتحرك المسابير أبعد وأبعد عن الأرض و بالتالي فصبيب الاتصالات و تحيين الأكواد يصير أبطأ.
FDS Flight Data System
هو النظام الذي يتم فيه جمع البيانات الهندسية والعلمية وتنسيقها وتخزينها و الملتقطة من مجسات Voyager ، وحيث يتم جمع جميع بيانات القياس عن بُعد.. كانت معدلات بيانات الإدخال / الإخراج واحدة من أهم الاعتبارات في FDS. نظرًا لأن أجهزة الاستشعار وأجهزة جمع البيانات أصبحت أكثر تعقيدًا ، زادت دقة المعلومات التي تحتاجها لنقلها. في مجسات Voyager ، إذا أمكن ، يتم نقل البيانات بمعدل مرتفع إلى الأرض. ومع ذلك ، إذا لم يكن من الممكن تحقيق هذا المعدل (إذا لم يكن قادرًا على الاتصال بمحطة التتبع ، على سبيل المثال) ، فسيتم تخزين البيانات على أشرطة مغناطيسية DTR Digital Tape Recorder ، لحين ارسالها لاحقا عند الظروف المواتية ، بسعة تخزين تكافئ 560 ميغا بايت لا تزال هذه الأشرطة المغناطيسية تُستخدم بشكل متكرر لجمع البيانات ونقلها على متن المسابير الى اليوم أثناء إبحارها عبر الفضاء البيـنجمي .
AACS Attitude and Articulation Control System
هو النظام المسؤول عن مراقبة وضعية المسبار و تدويره و توجيهه ميكانيكيا عندما يلزم الامر عبر كلمات من 18 بيت و ذاكرة من 4096 كلمة ، تمكنه من تلقي أكواد و اوامر البرمجة و تفعيلها ، الـ AACS مرتبط بـ CCS المركزي و بـ محركات المداورة الـ 16 ( 8 فقط تكفي) العاملة على الهيدرازين ..
على متن عقل المسبار الأسطواني يقبع اللاقط Parabolic Antenna للاتصال بالأرض عامل على الـ S و X Band، و منها ايضا يتفرع هوائيين بطول 10 متر متعامدين للاتصال الراديوي PRA &PWS .. في الجانب الآخر يد معدنية بطول 13 مترا تحمل نظام القياس المغناطيسي MAG لقياس المجالات المغناطيسية للكواكب .. و يد أخرى تحمل في حذر 3 أنظمة توليد للطاقة الكهرواشعاعية RGT و ذلك لإبعادها عن باقي المركبة حتى لا يتم تشعيع المعدات الأخرى بدقائق Alpha المتفسخة عن الـ Pu 238 .. اظافة لهذا ذراع تحمل مجموعة من الكاميرات عاليـة الدقةISS و أنظمة القياس للطيف مافوق بنفسجي و تحت الاحمر IRIS & UVS ، مقياس طيف البلازما PLS و مقياس الجزيئات المشحونة منخفضة الطاقة LECP .. و غيــرها
نظام تولـيد الطاقــة الكهرو-حراري الاشعاعي RTG Radioisotope Thermoelectric Generators
و لأن كل هذا يحتاج الى مصدر طاقة تابث و طويل الأمد تم اعتماد MHW-RTG لتوليد الطاقة الكهربية عبر تحويل طاقة دقائق Alpha المتفسخ عن نظير البلوتونيوم 238 .. النظام كاملا مكون من 3 وحدات RTG ، كل وحدة بـوزن 37 كلغ منها 4.5 كلغ بلوتونيوم على شكل 24 كـرة مضغوطة من ثنائي اكسيد البلوتونيوم .. التفسخ النووي للبلوتونيوم يعطي دقائق ألفا عالية الطاقة تتحول الى طاقة حرارية يتم تحويلها الى كهرباء عبر مفعول Seebeck الكهرو حراري باستعمال 312 مزدوجة حرارية من نصف موصلات GeSi سيليكون-جيرمانيوم ، هذا يعطي Gradient حراري بين 1000 درجة و 300 على الجانب البارد و يولد تيارا مستمرا .. القدرة الكهربائية للنظام بدئيا تصل الى 470 واط بــتوتر 30 فولط لتغذية اجهزة المسبار ..
بفعل تناقص النشاط الاشعاعي للبلوتونيوم 238 صاحب عمر نصف يقدر بـ 87 سنة ، فنظام الطاقة حاليا بعد 44 عاما من اطلاق المهمة لا يزال يولد قدرة كهربائية تصـل الى حوالي 220 Watt ما يقارب 47 بالمئة من الطاقة الأولية ..
في الصورتين مسبار Voyager 2 في مرحلة التجميع .. و المتحدث باسم الفريق العلمي للمشروع البروفسور Ed Stone و رئيس الـ JPL لاحــقا بيـن 1991 و 2001
صباح 20 اغسطس 1977 كان موعــد اطلاق مسبار Voyager 2 ، من قاعدة كاب كانافيرال – فلوريدا .. مدير المشروع جون كاساني يعلن البدء في اجراءات الاطلاق على الساعة 10 و 25 دقيقة :
-We’ve just had a report from John Casani the Voyger Project Manager , we’ll be able to countdown at 10 h 25 min
بعد 5 سنوات من الإعداد و تجميع حوالي 65 الف قطعة .. حان الوقت للترحال :
-Five , Four , Three , Two , One .. We have Ignition and we have a lift-off
الصاروخ الحامل للمسبارين كان صاحب المهام الصعبة Titan IIIE المشتق من عابر القارات البالستي Titan الذي سيحمل ايضا مسابير بيـكوكبية مثل Viking و Helios في فترة السبعينات .. هذا الحـامل له مرحلة معززات Boosters UA 1205 عاملة على وقود الأكرولينتريل بولي بيوتادين PBAN مع مؤكسد بيركلورات الأمونيوم بقوة دفع 5300 kN إضافة الى 5 مراحل من الدفع ، أولاها عبر محركي LR 87-11 العاملين على وقود الأيروزين 50 – NTO و بقوة دفع تبلغ 2300 كيلونيوتن مع ISP يبلغ 300 ثانية ، لتعمل مراحله بالتدرج الى غاية استنزاف محرك Star 37 E الاخير الذي على عاتقه المناورة و ادخال المسبار في مداره الرئيسي نحو المشتري ..
سيقلع Voyager 1 بعد 16 يوما ، لكنه سيسبق Voyager 2 في ديسمبر 1977 كونـه أرسل على مدار اسرع ..
كل هــذا الدفع سيعطي المركبـة سرعة تفوق km /s 11,2 اللازمة لتحررها من جاذبية الأرض .. انتبهـوا للمراجع الحركية ، فهذه طبعا سرعتها بالنسبة لمركز الأرض .. أما بالنسبة للشمس ستكون بسرعة تفوق 35 km / s ، نظريا ستكون في مدار اهليلجي تكون الارض بمثابة الحضيض له Perigee. بينما أوجـه Apogee يتجاوز المشتري بقليل ، المسبار سيفقد سرعته البدئية كلما اقترب من الخروج من فقاعة الأرض الثقالية ، هذا ما جعل مسبار Voyager 1 يبلغ مجال جاذبية المشتري بسرعة 10 kms / s فقط ( بالنسبة للشمس) !!
هنا تأتي عبقرية استغلال الاصطفاف المثالي الذي تكلمنا عنه في الجزء الأول .. عند الاقتراب من المشتري فانه يسحب معه المركبة لكنها لا تسقط على سطحه بل تأخذ جزءا من سرعة سحبه و تخرج بسرعة اكبر من سرعتها البدئية ، الأمر يتم و كأن الجاذبية ترمي المركبة بمقلاع .. عند الخروج من مدار المشتري المسبار صارت سرعته 22 km / s ليرسل في زاوية مثالية ليصل زحل فيما بعد .. و هكذا دواليك .. ( الأمر موضح في الفيديو)
في يناير 1979 سيـصل Voyager 1 اولا للمشتري سابقا Voyager 2 بـ 4 أشهر .. نــاسا كانت على معرفة بدئية ببعض خصائص الكوكب بفعل مهمة Pioneer السابقة ، لكن لم يخلو المرور من تحديات و من مفاجئات جميلة .. كانت صورها لعاصفة المشتري الحمراء العملاقة أكثر الصور دقة ,, عاصفة بحجم 3 كواكب أرض !! .. مجسات Voyager الراديوية سجلت لأول مــرة حدوث ظاهرة البــرق على كوكب غير الأرض ، جهاز الكشف المغناطيسي سجل قيما متطرفة للمجال المغناطيسي للمشتري كانت لتشوي المسبار لولا عزل أسلاكه الخارجية بطبقة من ورق الألومينيوم المطبخي و اتخاذه كـقفص فاراداي مبدئيا ههههههه .. نعم اشترى افراد فريق JPL لفافات الومنيوم من متجر !!!
لكن المذهل كان في اقمار المشتري ، محيط عملاق تحت جليد Europa و ثورات بركــانية بـارتفاع حمم يصل الى 320 كلم على سطح Ayo ، كان آيو أول العوالم المحتوية على نشاط بركاني خارج الأرض .. بعد اسبوع من المرور الجانبي تغادر Voyager 1 المشتري و عالم اقماره الغريبة للأبـد .. ستصل بعد حوالي سنة الى زحــل أواخر العام 1980 ..
في زحــل كــان التحدي مختلفـا و يحتاج تنسيقا و حذرا أكبر .. قــرر الفريق استعمال Voyager 1 الذي كان في مسار مثالي للمرور و دراسة قمر زحـل الفـريد Titan .. كان على Voyager 1 تأدية مهمته دون مشاكل ليسمح لـ Voyager 2 بالمرور السلس نحو Uranus و Neptune .. في حال فشله سيتعين على Voyager 2 المناورة و دراسة Titan من جديد لكن هذا سيضيع فرصة الذهاب أبعد .. لكن 1 فعلها في الاخير ، عــلى Titan غلاف جوي سميك من الهيدروكاربورات و بحر من الميثان السائل .. و هذا كان كافيا جدا لإثارة فضول و فرضيات علماء الفلك فيما بعد ..
سيخرج الـ 1 من مدار زحل تاركا مستوى المدارات الكوكبية و هائما في الفضاء .. الـ 2 بعده بـ 9 اشهر سيتم قذفه بـمقلاع زحــل الثقالي نحو Uranus .. بعد 5 سنوات سيصل تحديدا أواخر يناير 1986 ..
لــم يسبق لجسم بشري الصنع ان وصل الى هذا الـعالم البعيد الغامض من قبل .. كان الأمر محيرا حتى لفريق المهمـة ، كيف سنتعامل مع هذا العملاق الزمردي الجميــل فـبعده السحيق جعل فوتونات الشمس التي تصله قليلة و بالتالي هذا صعب و قلص من جودة الصور!! نعم كان كوكبا ازرق جميلا لكن ، محبطا .. فبغض النظر عن مجاله المغناطيسي الغريب الأطوار بـقطبيه على خط الاستواء !! و أقمار قزمة مرافقة .. لم يـكن يمثل تلك الإضافة العلمية الكبيرة .. لكن نفعه الحقيقي كان في مساعدته للمسبار على بلوغ Neptune
على بعد 4,6 مليار كلم من الأرض وصل اخيرا Voyager 2 في صيف 1989 الـى Neptune .. التحدي هنا كان ضعف الاشارات المتبادلة مع الارض و تأخرها الكبير في الوصول و العودة .. بفضل المساعدة الثقالية كانت الرحلة اقصر بـ 20 عاما من رحلة في مدار نظري مباشر ..
مرت المركبة في مدار اعيد برمجته لالقاء نظرة على قمر Triton أيضا ..كان يجب عليها المرور تماما بمحاذاة الغلاف الجوي الأزرق لنبتـون و هو امر خطير .. خطأ بسيط في الحسابات كفيل بادخال المسبار في الغلاف الجوي السميك و بالتالي احتراقه في طبقات الجو العليا لنبتون .. لكن الأمر تم بسلاسة كاشفا عالما جميلا على القمر .. هذا الجرم مغطى بطبقة من جليد الآزوت ( الآزوت ليس السائل بل المتجمد نعم ) .. لكن مهلا ، الجزء الصادم هو تصوير نوافير على سطحه تقذف سوائل مضغوطة على علو كيلومترات .. و هو ما لم يكن احد يتوقعه في عالم تجمد فيه حتى النيتروجين ..
ستخرج Voyager 1 أولا من منطقة المدارات الكوكبية الشمسي عام 1989 .. حينها وقعت فكرة رومنسية على راس عالم الفلـك العظيم Carl Sagan .. لقد طلب من اعضاء الفريق ارسال الامر لـ Voyager 1 بالاستدارة و تصوير نظامنا الشمسي .. صورة تذكارية لأعضاء عائلتنا الشمسية المحترمة جدا ..
لقـد كانت صورة صادمة للفريق المسؤول عن تحليل الصور في المهمة .. المضحك انهم كانوا على وشك ازالة الأرض من الصورة و اعتبارها Pixel مشوش ههههههههه .. عندها اطلق ساغان قولته الشهيرة في مؤتمر المهمة الختامي عام 1990 ..Pale Blue Dot .. نقطة زرقاء شاحبة .. و هو اسم كتاب أصـدره من بعد ، ادعوكم لقراءته فعلا ..
عام 2012 خرجت Voyager 1 من الـ Heliopause و هو مجال وصول الدقائق الشمسية خلف كواكب المجموعة و على بعد 18 مليار كيلومتر داخلـة الفضاء البيـنجمي Interstellar Space كأول منتوج بشري يفعل ذلك ..
حاليا تقع Voyager 1 على بعد 22 مليار كيلومتر و تبتعد بسرعـة تقـدر بـ 16,5 km /s .. حــاملة معها بطاقة تعريفية للبشرية سميت الاسطوانة الذهبية .. تبث من خلالها اغاني و اصوات بشرية و صورا لنـا و لمعالمنا في الفضاء الفسيح .. علهـا تجد مصغيا يوما مـا ..
"لو كنـا نتقاسم الكون مع أجناس أخرى فالأمر محبط ان لا نتواصل .. و لو كنا وحيدين فيــا له من هدر للفضـاء " .. كارل ساغان
ألـــقاكم في حلقــة جديدة من حلقات السلسلة .. تحيـــاتي ..Ibn Zyad
الحلقــة 1 : المشروع Voyager
خــلال بداية العهد الفضائي في النصف الأول من الستينات كــان التركيز الأكبر منصبا على دراسة القمر ( برنامج أبولو) و جــاري الأرض القريبين : المريخ والزهرة ،لكــن هذا لم يمنع مراكز الأبحاث الثلاثة التابعـة لـ NASA من النظر لما هو أبعد رغم قلة الموارد المخصصة و الاهتمام الحكومي و كذا المصاعب التقنيـة .. عام 1969 يحصل مركز AMES للأبحاث التابع لناسا و صاحب برنامج Pioneer على الموافقة الرسمية للبدء في برنامج Pioneer JUPITER ..الذي بفضله سيرسل لأول مرة مسبارين نحو الكوكب الغازي العملاق Pioneer 10 & 11 عام 1972 .. كان اختراقا تقنيـا و علميا عظيما .. فـمدار المشتري البعيد يستلزم صاروخا فضائيا أعلى سرعة و تقليصا كبيرا في الكتلة النافعة المحمولة ، و هذا كله يتبعه عمل هندسي جبار في تصميم المسابير و تقليص كتلة انظمتها و كذا ابداع أنظمة دفع اكثر كفائة .. أضف الى هذا تحدي جمع البيانات و مستوى Automation الاعلى في المسابير إلى جانب أنظمة طاقة ثورية .. فالبعد عن الشمس يجعل الخلايا الشمسية المستخدمة على المسابير السابقة غير مجدية ، لــهذا كان Pioneer 10 & 11 أول المسابير المتوفرة على نظام RTG الاشعاعي الحراري لانتااج الطاقة و العامل على البلوتونيوم 238 ..
يمكن إرجاع أصول برنامج Voyager فويجر إلى منتصف الستينيات عندما قام مايكل مينوفيتش من مختبر الدفع النفاث (JPL) ، وهو مركز بحثي من المراكز الـ 3 التابعة لوكالة ناسا متخصصة في الاستكشاف الآلي للنظام الشمسي ، قـام بالإخطار الى إمكانية استخدام جاذبية المشتري العالية جدًا في تسريع مسبار فضائي (آلية المساعدة الثقالية Gravitational Slingshot ) إلى الكواكب الأبعد في النظام الشمسي. بعد ثلاث سنوات جاري فلاندو أيضًا من مختبر الدفع النفاث ، مشيرًا إلى اقتران فريد للكواكب يجب أن يحدث بين عامي 1976 و 1978 ، اعطى مسارات فلكية باستخدام هذه التقنية و التي يجب أن تسمح لمسبار فضائي بزيارة العديد من الكواكب الخارجية. سيتمكن المسبار الذي تم إطلاقه خلال هذه الفترة نظريا من الطيران على التوالي إما الى كوكب المشتري وزحل وأورانوس ونبتون ، أو كوكب المشتري وأورانوس ونبتون ، أو أخيرًا كوكب المشتري وزحل وبلوتو. التكوين الذي يسمح بالتحليق فوق الكواكب الغازية الأربعة بواسطة نفس المركبة الفضائية يتكرر فقط كل 176 سنة. عند المرور بكل كوكب سيستفيد المسبار من جاذبية الكوكب للتسارع اكثر و بالتالي الاكمال للكوكب الموالي بسرعة توفر له الافلات من الجاذبية الشمسية بأقل استهلاك بدئي للطاقة .. هكذا قررت ناسا الاستفادة من هذا الاقتران المدهش و بدأ العمل نهاية الستينات عبر برنامج Grand Tour الشغوف لكنـه لم يلبث أن تم حلـه نتيجة الكلفة الكبيرة و المنافسة الشرسة لبرامج ناسا الأخرى كبرنامج التلسكوب المداري (Hubble فيم بعد) و برنامج Space shuttle .. علماء ناسا سييأسون ؟ لا طبعا ، سيقترحون مشروع Voyager و الذي سيكون بداية مشروع Grand Tour مصغر مجددا ، و يبـدأ العمل عام 1972 ..
مليــار دولار كانت التكـلفة التقديرية للمشروع ، كان الدعم الحكومي ضروريا ما جعل رئيس NASA يهرع الى نيكسون لإقناعه بالتمويل السخي قائلا له : "آخر مرة اصطفت فيها الكواكب بهذا الشكل كان توماس جيفرسون يجلس في مكتبك.. و اضاعها " ، رغم الرد المرح من الرئيس الا أنه لم يوافق سوى على مشروع يستهدف رحلة للكوكبين العملاقين الاقرب ، المشتري و زحل .. لكن كـان لفريق JPL راي آخر ..
لقد صمموا كل شيء لمنع الاخفاق و الوصول لأبعد ما يمكن و بتقشف شديد في النفقات .. أغلب الأنظمة الحيوية في المسبار كانت Duplicated لنسختين .. كل شيء حتى من محركات التدوير و المناورة ، بــل حتى Voyager 2 بحد ذاتها هي مجرد نسخة طوارئ في الحقيقة عن Voyager 1 .. انــه الــتطبيق الحرفي للمثـل المغربي : زوج زوج من الحاجـة
بكتلة اجمالية تصل الى حوالي 820 كلغ كــان التصميم الأساسي مرتكزا على جسم اسطواني بقطر 178 سم و و ارتفاع 47 سم حيث جمعت فيه أغلب إلكترونيات و حواسيب المسبار و هي 3 أنظمة رئيسية :
CCS Computer Command System
كان لدى Voyager CCS و Viking CCS نفس القدر من الذاكرة أقل بقليل من 70 كيلو بايت في المجمل ( تخيــل ) ، تسمح بحمل 4068 كلمة من 18 Bit منها نصف عدد الكلمات تقريبا 2800 كلمة غير قابلة للتغيير تمثل الأكواد و الأوامر التابثة .. ، سمحت البرمجة أثناء الرحلة بتحميل إجراءات وبرامج جديدة بانتظام في ذاكرة غير متطايرة وألغت الحاجة إلى كميات كبيرة من الذاكرة المطلوبة.
تمت كتابة البرنامج الأصلي لمسبار Voyager باستخدام Fortran 5 ثم تم نقله إلى Fortran 77 ، تعد البرامج منخفضة المستوى و قليلة التعقيد ذات أهمية كبيرة حيث تتحرك المسابير أبعد وأبعد عن الأرض و بالتالي فصبيب الاتصالات و تحيين الأكواد يصير أبطأ.
FDS Flight Data System
هو النظام الذي يتم فيه جمع البيانات الهندسية والعلمية وتنسيقها وتخزينها و الملتقطة من مجسات Voyager ، وحيث يتم جمع جميع بيانات القياس عن بُعد.. كانت معدلات بيانات الإدخال / الإخراج واحدة من أهم الاعتبارات في FDS. نظرًا لأن أجهزة الاستشعار وأجهزة جمع البيانات أصبحت أكثر تعقيدًا ، زادت دقة المعلومات التي تحتاجها لنقلها. في مجسات Voyager ، إذا أمكن ، يتم نقل البيانات بمعدل مرتفع إلى الأرض. ومع ذلك ، إذا لم يكن من الممكن تحقيق هذا المعدل (إذا لم يكن قادرًا على الاتصال بمحطة التتبع ، على سبيل المثال) ، فسيتم تخزين البيانات على أشرطة مغناطيسية DTR Digital Tape Recorder ، لحين ارسالها لاحقا عند الظروف المواتية ، بسعة تخزين تكافئ 560 ميغا بايت لا تزال هذه الأشرطة المغناطيسية تُستخدم بشكل متكرر لجمع البيانات ونقلها على متن المسابير الى اليوم أثناء إبحارها عبر الفضاء البيـنجمي .
AACS Attitude and Articulation Control System
هو النظام المسؤول عن مراقبة وضعية المسبار و تدويره و توجيهه ميكانيكيا عندما يلزم الامر عبر كلمات من 18 بيت و ذاكرة من 4096 كلمة ، تمكنه من تلقي أكواد و اوامر البرمجة و تفعيلها ، الـ AACS مرتبط بـ CCS المركزي و بـ محركات المداورة الـ 16 ( 8 فقط تكفي) العاملة على الهيدرازين ..
على متن عقل المسبار الأسطواني يقبع اللاقط Parabolic Antenna للاتصال بالأرض عامل على الـ S و X Band، و منها ايضا يتفرع هوائيين بطول 10 متر متعامدين للاتصال الراديوي PRA &PWS .. في الجانب الآخر يد معدنية بطول 13 مترا تحمل نظام القياس المغناطيسي MAG لقياس المجالات المغناطيسية للكواكب .. و يد أخرى تحمل في حذر 3 أنظمة توليد للطاقة الكهرواشعاعية RGT و ذلك لإبعادها عن باقي المركبة حتى لا يتم تشعيع المعدات الأخرى بدقائق Alpha المتفسخة عن الـ Pu 238 .. اظافة لهذا ذراع تحمل مجموعة من الكاميرات عاليـة الدقةISS و أنظمة القياس للطيف مافوق بنفسجي و تحت الاحمر IRIS & UVS ، مقياس طيف البلازما PLS و مقياس الجزيئات المشحونة منخفضة الطاقة LECP .. و غيــرها
نظام تولـيد الطاقــة الكهرو-حراري الاشعاعي RTG Radioisotope Thermoelectric Generators
و لأن كل هذا يحتاج الى مصدر طاقة تابث و طويل الأمد تم اعتماد MHW-RTG لتوليد الطاقة الكهربية عبر تحويل طاقة دقائق Alpha المتفسخ عن نظير البلوتونيوم 238 .. النظام كاملا مكون من 3 وحدات RTG ، كل وحدة بـوزن 37 كلغ منها 4.5 كلغ بلوتونيوم على شكل 24 كـرة مضغوطة من ثنائي اكسيد البلوتونيوم .. التفسخ النووي للبلوتونيوم يعطي دقائق ألفا عالية الطاقة تتحول الى طاقة حرارية يتم تحويلها الى كهرباء عبر مفعول Seebeck الكهرو حراري باستعمال 312 مزدوجة حرارية من نصف موصلات GeSi سيليكون-جيرمانيوم ، هذا يعطي Gradient حراري بين 1000 درجة و 300 على الجانب البارد و يولد تيارا مستمرا .. القدرة الكهربائية للنظام بدئيا تصل الى 470 واط بــتوتر 30 فولط لتغذية اجهزة المسبار ..
بفعل تناقص النشاط الاشعاعي للبلوتونيوم 238 صاحب عمر نصف يقدر بـ 87 سنة ، فنظام الطاقة حاليا بعد 44 عاما من اطلاق المهمة لا يزال يولد قدرة كهربائية تصـل الى حوالي 220 Watt ما يقارب 47 بالمئة من الطاقة الأولية ..
في الصورتين مسبار Voyager 2 في مرحلة التجميع .. و المتحدث باسم الفريق العلمي للمشروع البروفسور Ed Stone و رئيس الـ JPL لاحــقا بيـن 1991 و 2001
صباح 20 اغسطس 1977 كان موعــد اطلاق مسبار Voyager 2 ، من قاعدة كاب كانافيرال – فلوريدا .. مدير المشروع جون كاساني يعلن البدء في اجراءات الاطلاق على الساعة 10 و 25 دقيقة :
-We’ve just had a report from John Casani the Voyger Project Manager , we’ll be able to countdown at 10 h 25 min
بعد 5 سنوات من الإعداد و تجميع حوالي 65 الف قطعة .. حان الوقت للترحال :
-Five , Four , Three , Two , One .. We have Ignition and we have a lift-off
الصاروخ الحامل للمسبارين كان صاحب المهام الصعبة Titan IIIE المشتق من عابر القارات البالستي Titan الذي سيحمل ايضا مسابير بيـكوكبية مثل Viking و Helios في فترة السبعينات .. هذا الحـامل له مرحلة معززات Boosters UA 1205 عاملة على وقود الأكرولينتريل بولي بيوتادين PBAN مع مؤكسد بيركلورات الأمونيوم بقوة دفع 5300 kN إضافة الى 5 مراحل من الدفع ، أولاها عبر محركي LR 87-11 العاملين على وقود الأيروزين 50 – NTO و بقوة دفع تبلغ 2300 كيلونيوتن مع ISP يبلغ 300 ثانية ، لتعمل مراحله بالتدرج الى غاية استنزاف محرك Star 37 E الاخير الذي على عاتقه المناورة و ادخال المسبار في مداره الرئيسي نحو المشتري ..
سيقلع Voyager 1 بعد 16 يوما ، لكنه سيسبق Voyager 2 في ديسمبر 1977 كونـه أرسل على مدار اسرع ..
كل هــذا الدفع سيعطي المركبـة سرعة تفوق km /s 11,2 اللازمة لتحررها من جاذبية الأرض .. انتبهـوا للمراجع الحركية ، فهذه طبعا سرعتها بالنسبة لمركز الأرض .. أما بالنسبة للشمس ستكون بسرعة تفوق 35 km / s ، نظريا ستكون في مدار اهليلجي تكون الارض بمثابة الحضيض له Perigee. بينما أوجـه Apogee يتجاوز المشتري بقليل ، المسبار سيفقد سرعته البدئية كلما اقترب من الخروج من فقاعة الأرض الثقالية ، هذا ما جعل مسبار Voyager 1 يبلغ مجال جاذبية المشتري بسرعة 10 kms / s فقط ( بالنسبة للشمس) !!
هنا تأتي عبقرية استغلال الاصطفاف المثالي الذي تكلمنا عنه في الجزء الأول .. عند الاقتراب من المشتري فانه يسحب معه المركبة لكنها لا تسقط على سطحه بل تأخذ جزءا من سرعة سحبه و تخرج بسرعة اكبر من سرعتها البدئية ، الأمر يتم و كأن الجاذبية ترمي المركبة بمقلاع .. عند الخروج من مدار المشتري المسبار صارت سرعته 22 km / s ليرسل في زاوية مثالية ليصل زحل فيما بعد .. و هكذا دواليك .. ( الأمر موضح في الفيديو)
في يناير 1979 سيـصل Voyager 1 اولا للمشتري سابقا Voyager 2 بـ 4 أشهر .. نــاسا كانت على معرفة بدئية ببعض خصائص الكوكب بفعل مهمة Pioneer السابقة ، لكن لم يخلو المرور من تحديات و من مفاجئات جميلة .. كانت صورها لعاصفة المشتري الحمراء العملاقة أكثر الصور دقة ,, عاصفة بحجم 3 كواكب أرض !! .. مجسات Voyager الراديوية سجلت لأول مــرة حدوث ظاهرة البــرق على كوكب غير الأرض ، جهاز الكشف المغناطيسي سجل قيما متطرفة للمجال المغناطيسي للمشتري كانت لتشوي المسبار لولا عزل أسلاكه الخارجية بطبقة من ورق الألومينيوم المطبخي و اتخاذه كـقفص فاراداي مبدئيا ههههههه .. نعم اشترى افراد فريق JPL لفافات الومنيوم من متجر !!!
لكن المذهل كان في اقمار المشتري ، محيط عملاق تحت جليد Europa و ثورات بركــانية بـارتفاع حمم يصل الى 320 كلم على سطح Ayo ، كان آيو أول العوالم المحتوية على نشاط بركاني خارج الأرض .. بعد اسبوع من المرور الجانبي تغادر Voyager 1 المشتري و عالم اقماره الغريبة للأبـد .. ستصل بعد حوالي سنة الى زحــل أواخر العام 1980 ..
في زحــل كــان التحدي مختلفـا و يحتاج تنسيقا و حذرا أكبر .. قــرر الفريق استعمال Voyager 1 الذي كان في مسار مثالي للمرور و دراسة قمر زحـل الفـريد Titan .. كان على Voyager 1 تأدية مهمته دون مشاكل ليسمح لـ Voyager 2 بالمرور السلس نحو Uranus و Neptune .. في حال فشله سيتعين على Voyager 2 المناورة و دراسة Titan من جديد لكن هذا سيضيع فرصة الذهاب أبعد .. لكن 1 فعلها في الاخير ، عــلى Titan غلاف جوي سميك من الهيدروكاربورات و بحر من الميثان السائل .. و هذا كان كافيا جدا لإثارة فضول و فرضيات علماء الفلك فيما بعد ..
سيخرج الـ 1 من مدار زحل تاركا مستوى المدارات الكوكبية و هائما في الفضاء .. الـ 2 بعده بـ 9 اشهر سيتم قذفه بـمقلاع زحــل الثقالي نحو Uranus .. بعد 5 سنوات سيصل تحديدا أواخر يناير 1986 ..
لــم يسبق لجسم بشري الصنع ان وصل الى هذا الـعالم البعيد الغامض من قبل .. كان الأمر محيرا حتى لفريق المهمـة ، كيف سنتعامل مع هذا العملاق الزمردي الجميــل فـبعده السحيق جعل فوتونات الشمس التي تصله قليلة و بالتالي هذا صعب و قلص من جودة الصور!! نعم كان كوكبا ازرق جميلا لكن ، محبطا .. فبغض النظر عن مجاله المغناطيسي الغريب الأطوار بـقطبيه على خط الاستواء !! و أقمار قزمة مرافقة .. لم يـكن يمثل تلك الإضافة العلمية الكبيرة .. لكن نفعه الحقيقي كان في مساعدته للمسبار على بلوغ Neptune
على بعد 4,6 مليار كلم من الأرض وصل اخيرا Voyager 2 في صيف 1989 الـى Neptune .. التحدي هنا كان ضعف الاشارات المتبادلة مع الارض و تأخرها الكبير في الوصول و العودة .. بفضل المساعدة الثقالية كانت الرحلة اقصر بـ 20 عاما من رحلة في مدار نظري مباشر ..
مرت المركبة في مدار اعيد برمجته لالقاء نظرة على قمر Triton أيضا ..كان يجب عليها المرور تماما بمحاذاة الغلاف الجوي الأزرق لنبتـون و هو امر خطير .. خطأ بسيط في الحسابات كفيل بادخال المسبار في الغلاف الجوي السميك و بالتالي احتراقه في طبقات الجو العليا لنبتون .. لكن الأمر تم بسلاسة كاشفا عالما جميلا على القمر .. هذا الجرم مغطى بطبقة من جليد الآزوت ( الآزوت ليس السائل بل المتجمد نعم ) .. لكن مهلا ، الجزء الصادم هو تصوير نوافير على سطحه تقذف سوائل مضغوطة على علو كيلومترات .. و هو ما لم يكن احد يتوقعه في عالم تجمد فيه حتى النيتروجين ..
ستخرج Voyager 1 أولا من منطقة المدارات الكوكبية الشمسي عام 1989 .. حينها وقعت فكرة رومنسية على راس عالم الفلـك العظيم Carl Sagan .. لقد طلب من اعضاء الفريق ارسال الامر لـ Voyager 1 بالاستدارة و تصوير نظامنا الشمسي .. صورة تذكارية لأعضاء عائلتنا الشمسية المحترمة جدا ..
لقـد كانت صورة صادمة للفريق المسؤول عن تحليل الصور في المهمة .. المضحك انهم كانوا على وشك ازالة الأرض من الصورة و اعتبارها Pixel مشوش ههههههههه .. عندها اطلق ساغان قولته الشهيرة في مؤتمر المهمة الختامي عام 1990 ..Pale Blue Dot .. نقطة زرقاء شاحبة .. و هو اسم كتاب أصـدره من بعد ، ادعوكم لقراءته فعلا ..
عام 2012 خرجت Voyager 1 من الـ Heliopause و هو مجال وصول الدقائق الشمسية خلف كواكب المجموعة و على بعد 18 مليار كيلومتر داخلـة الفضاء البيـنجمي Interstellar Space كأول منتوج بشري يفعل ذلك ..
حاليا تقع Voyager 1 على بعد 22 مليار كيلومتر و تبتعد بسرعـة تقـدر بـ 16,5 km /s .. حــاملة معها بطاقة تعريفية للبشرية سميت الاسطوانة الذهبية .. تبث من خلالها اغاني و اصوات بشرية و صورا لنـا و لمعالمنا في الفضاء الفسيح .. علهـا تجد مصغيا يوما مـا ..
"لو كنـا نتقاسم الكون مع أجناس أخرى فالأمر محبط ان لا نتواصل .. و لو كنا وحيدين فيــا له من هدر للفضـاء " .. كارل ساغان
ألـــقاكم في حلقــة جديدة من حلقات السلسلة .. تحيـــاتي ..Ibn Zyad
التعديل الأخير: