- إنضم
- 15 يناير 2016
- المشاركات
- 12,426
- التفاعل
- الدولة
لقـد ارتـبط بـرنـامج الأوفسـت منذ بدئه في العام 1893 بصفقات شراء القطاع العسكري حيث تمت أول عملـية مقابلـة بـين البحرية البريطانـية و شركة Head White لتزويدها بصواريخ مقابل أن تقيم الشركة مصنع لإنـتاج الصـواريخ الـبحرية، وغـدا هذا العقد حجر الأساس لنظام الأوفست. و تطور العمل بهـذا الـنظام في الصـفقات العسكرية بين الدول ليشمل القطاع المدنـي بالرغم من أن الجزء الأكبر منه يتعلق بالعقود العسـكرية. و على الرغم من أن برنـامج الأوفست هو في حقيقته شكل من أشكال التجارة المتقابلة، إلا أنـه يتم على صور عدة من أبرزها :
1- المقايضة: تبادل مباشر للسلع والخدمات دون ما توسيط للنقود.
2- الشراء المتقابل: تسديد قيمة الصادرات بشراء سلع أو خدمات من المستورد.
3- التسويق أو إعادة الشراء: اتفاق يقبل المصدر بموجبه السداد في شكل سلع مصنعة بواسطة التكنولوجيا التي يبيعها أصلا.
4- الاتفاقـات الـتجارية: اتفـاق بـين حكومـتين لعملـية تـبادل تجاري بينهما طبقاً لسقف يحدد سلفا وبموجب عملات أجنبية متفق عليها أو بوحدات حاسبية.
5- التمويل أو تجارة الاستبدال: اتفاقات التجارة الثنائية بين الدول لاستيراد بضائع أو خدمات.
6- العملـيات المقابلـة (أوفسـت): إلزام المورد الأجنبي بإعادة استثمار جزء أو كل من قيمة العقود المبرمة مع الدولة في داخل الاقتصاد المحلي بما يعود عليها من فوائد متعددة.
وعمومـاً يمكن القول بأنـه لا يعدو برنـامج الأوفست سوى تطبيقاً معاصراً للتجارة المتقابلة عبر اتفاقيات تـربط عملـية تدفق الواردات من دولة أجنبية بعملية تدفق الصادرات إليها سواء بصفقات أو تعاقدات كبيرة بين شـركات تـتم طـبقاً لـتوجهات حكومية أو في إطار اتفاق بين الحكومتين المعنيتين . ولقد قدر حجم هذه التجارة المتقابلة إلى ما نـسبته 30% إلى 40% من حجم التجارة العالمية.
مـن الملاحـظ أن مـا تتضـمنه بـرنـامج الأوفسـت يخـتلف بشـكل كـبير باخـتلاف الأهـداف الاقتصـادية والمالـية الـتي أنـشـأ الـبرنـامج مـن أجلـه. فلقـد تم الاسـتعانـة بـتلك الـبرامج بشـكل مباشـر مـن قـبل الـدول النامـية والمـتقدمة عـلى حـد سـواء. فبيـنما يراه البعض بأنـه نـوع من أنـواع التجارة الدولية المتقابلة يتعهد من خلاله أحد الأطـراف بـتقديم فوائـد مباشرة أو غير مباشرة لطرف آخر نـظير عمليات تبادل تجاري سالفة أقدم عليها الأخير لصـالح الأول. يـراه آخـرون بأنــه نـظـام ملزم لدعم الواردات الحكومية من السلع والخدمات يحصل مـن خلالـه الطـرفان عـلى فوائـد متـبادلة ليسـت بالضـرورة جـراء عملـية بـيع لسـلع بشكل مباشر . فعلى سبيل المـثال، فعـادة مـا تكـون عملـية نـقـل التكنولوجـيا مصـاحبة لمشـاريع الأوفسـت كـأحد الأهـداف الرئيسـية لـدول الشـرق الأوسـط بيـنما نجـد أنــه بالنسـبة للـدول الأوروبـية الصـناعية المـتقدمة توجد لديها أولويات أخرى تسبق التكنولوجـيا كـتوفير فـرص عمـل بـل إن آلـية العمـل بالـنظام تخـتلف باخـتلاف البيـئة القانـونــية و الإجراءات المؤسسية المنظمة وأهداف برنـامج الأوفست بالدول المستفيدة والتي في غالب الأمر ما تلزم المتعهد بـتقديم خطـة عمـل شـاملة تتضـمن شـرحاً لأسـاليب تنفـيذ الـتزامه عـبر القواعـد والضـوابط المعمول بها لتطبيق النظام.
وتقـوم الـدول الـتي تتبـنى بـرنـامج الأوفسـت بوضـع آلـية عمـل لتنفـيذ هـذا البرنـامج بحيث تحقق أهدافه المتـنوعة كخلـق فـرص عمـل شـريف للكـوادر الوطنـية سـواء مؤقـتة أو دائمـة والسـعي لنقل التكنولوجيا المتقدمة وإمـداد العمالـة الوطنـية بالتدريـب الفني والإداري ومحاولة إحلال الاستيراد بالسلع المصنعة المحلية وتنويع مصادر الدخل وتوسيع القاعدة الانـتاجية للاقتصاد الوطني وتشجيع الاستثمار الأجنبي. وقد تشعبت أهداف برنـامج الأوفست بعد اتباع وسائل مستحدثة في إبرام صفقات عسكرية ضخمة للحصـول عـلى الأنـظمـة الدفاعـية وخاصـة مـع الولايـات المـتحدة الأمريكـية والـدول الغربـية الأخـرى. فظهـرت أهداف غير تقليدية للنظام مرتبطة بنقل التكنولوجية، وإقامة الصناعات المحلية وتدريب العمالة الوطنية، وبلغت طموحاتها إلى محاولة تكوين بعض التحالفات السياسية من واقع الاستثمارات والمصالح المشتركة.
برامج الأوفست: بعض التجارب العربية
د. ناجي التوني
مايــــو 2000
https://www.arab-api.org/images/publication/pdfs/224/224_wps0002.pdf
