بسم الله الرحمن الرحيم،
من يقرأ في الشئون العسكرية آخر عشر سنوات يستطيع ان يشاهد بسهولة وجهات نظر مختلفة بخصوص فكرة تنويع مصادر التسليح. وجهة النظر الأساسية خلف هذه الفكرة تهدف لحماية الاستقلال الوطني حال الاختلاف السياسي بين المصادر الأساسية للتسليح; نظريا، إن كنت تشتري من الجميع لا يمكن أن يتفق الجميع ضدك وبهذا يمكن لقواتك المسلحة العمل تحت الضغوط السياسية مهما كان مصدرها لأنك لا تعتمد على مصدر وحيد في تسليح جيشك.
لطالما كانت تلك النظرية تقال للسعوديين عند اي اختلاف سعودي أمريكي على ملفات سياسية إقليمية أو دولية. عندما اعترض السعوديون على أوباما وأوقف صفقة القنابل الموجهة بالليزر ظهر أصحاب تلك النظريات ليذكروا السعوديين انهم مخطئون ولو أنهم كانوا أذكياء لتوجهوا للروس فورا واشتروا من معارض الروس كل ما لذ وطاب كما يفعل الأشقاء.
عندما اختلف السعوديون مع هيلاري كلينتون وبحدة ظهر أصحاب تلك النظرية من جديد. عندما ظهر قانون جاستا وجدنا أصحاب تلك النظرية يقفون ويهتفون بالروسية قائلين: على السعوديين أن يصبحوا أذكياء مثلنا ويشتروا السلاح الروسي الآن الآن وليس غدا أجراس الكريملين فلتقرع.
ولطالما كان الاصطدام السعودي الأمريكي من أجل مصالح وطنية سعودية أو من أجل إنقاذ دول عربية على وشك أن تنهار يرفع تلك الأصوات بوجه السعوديي: كونوا مثلنا، كونوا أذكياء ولا تضعوا البيض في سلة واحدة والمتغطي بالامريكان عريان الخ من العبارات التي تعبر عن متوسط ذكاء غير مبهر في الحقيقة.
لطالما كانت فلسفة السعوديين مختلفة، ولطالما كانت نظرتهم للعالم أوسع وأعمق وأدق وأكثر تنبؤا بمآلات الأمور من غيرهم، ولا عجب فالسعودية هي عملاق الشرق الأوسط الوحيد، هي قائد العرب والمسلمين بلا منازع هي المركز الذي انطلقت منه كل الفتوحات التي فتحت كل الدول المحيطة ومسحت تراثها واستبدلته بتراث الأسلام الخالد إلى قيام الساعة. فلا عجب ولا غرابة أن ينظروا للعالم بنظرة فريدة خاصة بهم لا يستطيع أن يراها غيرهم.
وقبل أن أشرع في الحديث أود أن أقول أنني ومنذ زمن بعيد كنت أقرأ التحليلات التي تخص السعودية من الأشقاء ومن الأصدقاء وحتى من الأعداء وأجد في نفسي انزعاجا لعدم قناعتي أن تحليلاتهم قادرة على أن تفي بالغرض أو تصف الواقع كما هو على الأقل، لطالما كان التصور منقوص والفهم قاصر والقدرة على التنبؤ بسلوك السعوديين معدومة لعدم فهم من هم السعوديين أصلا وماذا يريديون وكيف يديرون ملفاتهم حول العالم.
افتح قناة وتجد هجوما شرسا على السعودية، لو افترضنا جدلا التسليم بالعوامل التي يتم استخدامها للهجوم وقمنا بعمل تمرين ذهني بسيط سنجد أن تلك العوامل غير موضوعية إطلاقا. ولا تعبر عن السعوديين وكيف يرون أنفسهم أو العالم. بل إنك إن أخذت الهجوم على حسن النية ستجد أن المهاجم يفتقر لمعايير مبدأية أساسية في التقييم الموضوعي، فما بالم بالقدرة على الإحصاء والتقييم والتنبؤ بالنتائج.
ولهذا ولمدة طويلة تصل للعشر سنوات لم أعد أقبل إطلاقا أي رأي يخص بلدي من أي طرف خارج بلدي. بل انني مقتنع ان تلك الدعاية التي استمرت لعقود طويلة أثرت على بعض السعوديين فقاموا بتبنيها دون تمحيص وفحص دقيق فأصبح من واجبي الايضاح لاخوتي واخواتي حقيقة ما يقال وفحصه باستمرار وتفنيده دون كلل وبطولة بال والحمد لله ان متوسط الوعي ارتفع كثيرا لدينا.
نعود لموضوع تنويع مصادر التسليح والنظرية التي يوجهها السعوديين كلما اصطدموا مع الدول العظمى. لنضع تلك النظرية في إطارها الصحيح ونراها بعدسات أصحابها لنستطيع فهمها.
لنأخذ جولة في عقل من ينتقد السعوديين ويقول لهم اعملوا زيي وزي العراق قبل 1990 واشتروا من كل مكان، نجد أنه كل ما ظهر بعبع لتلك الدول ذهبوا ركضا للدولة التي ستبيعهم تسليحا يحميهم من ذلك البعبع. وكلما ظهر بعبع جديد شعرت دولة أخرى بالسرور لأن القروض ستصبح مؤكدة ومضمونة، فمع بيع الاسلحة بالقروض المتواصلة وكل دولة تملأ خزائنها وتضمن نشاط بنوكها وتدعم البعبع الذي يظهر بين الحين والآخر ليركض اصحاب النظرية يمنة ويسرة يملأوا خزائن الدول بالمال ويلتزموا لبنوكها التي لا ترحم بالقروض ويكدسوا السلاح الذي لا يعرف كيف يتخاطب أصلا مع بنيتهم التحتية. ومن وسط كل هذا الدوار الذي لا ينتهي والتقييم الاستراتيجي الخاطيء تبرز نظرية اشتروا من الجميع حتى اذا غضب منكم احد يبقى لديكم سلاح غير متوافق مع بنيتكم التحتية، لا يستطيع التواصل مع الاسلحة الاخرى ويؤخر رد الفعل لديكم ويربطكم بقروض لا تنتهي ويجعلكم تدورون في أفلاك سياسية متعددة ويقصم ظهر اقتصادكم.
هل شاهدت عزيزي السعودي حقيقة الأمر؟ لا علاقة له بالتنويع الفعال لمصادر التسليح نهائيا، بل له علاقة صلبة عضوية جوهرية بتسويق وجهة نظرهم لا أكثر. وهذه ربما أزمتنا الإقليمية قلة الخبراء وكثرة مندوبي المبيعات الفكرية والمسوقين الإعلاميين في تذكير لوظيفة متحفية سوفييتية، ضباط التوجيه والإرشاد السياسي الذين يرسمون ماهو مقبول وماهو غير مقبول ويا ويلك لو لديك وجهة نظر أخرى خصوصا لو كانت أفضل.
نأتي للذكاء السعودي في تنويع مصادر التسليح.
نظر السعوديون للواقع، واختاروا أمرا في غاية الشجاعة. لقد كان الخيار بين أمرين، قبول رغبات واشنطن في حدود مجال السعوديين الإقليمي وبالتالي الحصول على التسليح الأمريكي أو عدم القبول بذلك والحفاظ على مجال النفوذ السعودي وفي هذه الحالة يجب أن يختار السعوديون ما يأتي بنتائج موضوعية.
قرر السعوديون النظر إلى بنيتهم التحتية العسكرية العملاقة والتي تتفوق على كل دول الشرق الأوسط بمن فيهم اسرائيل. قرروا تحرير هذه البنية التحتية والبدء في مشروع وطني للتصنيع العسكري على غرار كوريا واليابان وسنغافورة. هذا القرار برأيي هو استثناء إقليمي فريد لا يشبهنا فيه أحد نهائيا.
فبينما تجري الدول محدودة القدرات يمنة ويسرة كلما ظهر بعبع يهددها لتكدس الأسلحة. يبني السعوديون سلاحهم بأيديهم.
بدل أن يكون الروس بديل أمريكا.
يعمد السعوديون ليضعوا أنفسهم بديلا لروسيا وأمريكا. وهذا هو مقامهم الطبيعي.
السعوديون أظهروا ثقتهم بنفسهم عندما لم يستمعوا لآراء أحد بهذا الخصوص. قرروا أن يكون تنويع مصادر التسليح شجرة تنبت على أرضهم.
وهاهم يحصدون الثمار،،
تحية،،،
من يقرأ في الشئون العسكرية آخر عشر سنوات يستطيع ان يشاهد بسهولة وجهات نظر مختلفة بخصوص فكرة تنويع مصادر التسليح. وجهة النظر الأساسية خلف هذه الفكرة تهدف لحماية الاستقلال الوطني حال الاختلاف السياسي بين المصادر الأساسية للتسليح; نظريا، إن كنت تشتري من الجميع لا يمكن أن يتفق الجميع ضدك وبهذا يمكن لقواتك المسلحة العمل تحت الضغوط السياسية مهما كان مصدرها لأنك لا تعتمد على مصدر وحيد في تسليح جيشك.
لطالما كانت تلك النظرية تقال للسعوديين عند اي اختلاف سعودي أمريكي على ملفات سياسية إقليمية أو دولية. عندما اعترض السعوديون على أوباما وأوقف صفقة القنابل الموجهة بالليزر ظهر أصحاب تلك النظريات ليذكروا السعوديين انهم مخطئون ولو أنهم كانوا أذكياء لتوجهوا للروس فورا واشتروا من معارض الروس كل ما لذ وطاب كما يفعل الأشقاء.
عندما اختلف السعوديون مع هيلاري كلينتون وبحدة ظهر أصحاب تلك النظرية من جديد. عندما ظهر قانون جاستا وجدنا أصحاب تلك النظرية يقفون ويهتفون بالروسية قائلين: على السعوديين أن يصبحوا أذكياء مثلنا ويشتروا السلاح الروسي الآن الآن وليس غدا أجراس الكريملين فلتقرع.
ولطالما كان الاصطدام السعودي الأمريكي من أجل مصالح وطنية سعودية أو من أجل إنقاذ دول عربية على وشك أن تنهار يرفع تلك الأصوات بوجه السعوديي: كونوا مثلنا، كونوا أذكياء ولا تضعوا البيض في سلة واحدة والمتغطي بالامريكان عريان الخ من العبارات التي تعبر عن متوسط ذكاء غير مبهر في الحقيقة.
لطالما كانت فلسفة السعوديين مختلفة، ولطالما كانت نظرتهم للعالم أوسع وأعمق وأدق وأكثر تنبؤا بمآلات الأمور من غيرهم، ولا عجب فالسعودية هي عملاق الشرق الأوسط الوحيد، هي قائد العرب والمسلمين بلا منازع هي المركز الذي انطلقت منه كل الفتوحات التي فتحت كل الدول المحيطة ومسحت تراثها واستبدلته بتراث الأسلام الخالد إلى قيام الساعة. فلا عجب ولا غرابة أن ينظروا للعالم بنظرة فريدة خاصة بهم لا يستطيع أن يراها غيرهم.
وقبل أن أشرع في الحديث أود أن أقول أنني ومنذ زمن بعيد كنت أقرأ التحليلات التي تخص السعودية من الأشقاء ومن الأصدقاء وحتى من الأعداء وأجد في نفسي انزعاجا لعدم قناعتي أن تحليلاتهم قادرة على أن تفي بالغرض أو تصف الواقع كما هو على الأقل، لطالما كان التصور منقوص والفهم قاصر والقدرة على التنبؤ بسلوك السعوديين معدومة لعدم فهم من هم السعوديين أصلا وماذا يريديون وكيف يديرون ملفاتهم حول العالم.
افتح قناة وتجد هجوما شرسا على السعودية، لو افترضنا جدلا التسليم بالعوامل التي يتم استخدامها للهجوم وقمنا بعمل تمرين ذهني بسيط سنجد أن تلك العوامل غير موضوعية إطلاقا. ولا تعبر عن السعوديين وكيف يرون أنفسهم أو العالم. بل إنك إن أخذت الهجوم على حسن النية ستجد أن المهاجم يفتقر لمعايير مبدأية أساسية في التقييم الموضوعي، فما بالم بالقدرة على الإحصاء والتقييم والتنبؤ بالنتائج.
ولهذا ولمدة طويلة تصل للعشر سنوات لم أعد أقبل إطلاقا أي رأي يخص بلدي من أي طرف خارج بلدي. بل انني مقتنع ان تلك الدعاية التي استمرت لعقود طويلة أثرت على بعض السعوديين فقاموا بتبنيها دون تمحيص وفحص دقيق فأصبح من واجبي الايضاح لاخوتي واخواتي حقيقة ما يقال وفحصه باستمرار وتفنيده دون كلل وبطولة بال والحمد لله ان متوسط الوعي ارتفع كثيرا لدينا.
نعود لموضوع تنويع مصادر التسليح والنظرية التي يوجهها السعوديين كلما اصطدموا مع الدول العظمى. لنضع تلك النظرية في إطارها الصحيح ونراها بعدسات أصحابها لنستطيع فهمها.
لنأخذ جولة في عقل من ينتقد السعوديين ويقول لهم اعملوا زيي وزي العراق قبل 1990 واشتروا من كل مكان، نجد أنه كل ما ظهر بعبع لتلك الدول ذهبوا ركضا للدولة التي ستبيعهم تسليحا يحميهم من ذلك البعبع. وكلما ظهر بعبع جديد شعرت دولة أخرى بالسرور لأن القروض ستصبح مؤكدة ومضمونة، فمع بيع الاسلحة بالقروض المتواصلة وكل دولة تملأ خزائنها وتضمن نشاط بنوكها وتدعم البعبع الذي يظهر بين الحين والآخر ليركض اصحاب النظرية يمنة ويسرة يملأوا خزائن الدول بالمال ويلتزموا لبنوكها التي لا ترحم بالقروض ويكدسوا السلاح الذي لا يعرف كيف يتخاطب أصلا مع بنيتهم التحتية. ومن وسط كل هذا الدوار الذي لا ينتهي والتقييم الاستراتيجي الخاطيء تبرز نظرية اشتروا من الجميع حتى اذا غضب منكم احد يبقى لديكم سلاح غير متوافق مع بنيتكم التحتية، لا يستطيع التواصل مع الاسلحة الاخرى ويؤخر رد الفعل لديكم ويربطكم بقروض لا تنتهي ويجعلكم تدورون في أفلاك سياسية متعددة ويقصم ظهر اقتصادكم.
هل شاهدت عزيزي السعودي حقيقة الأمر؟ لا علاقة له بالتنويع الفعال لمصادر التسليح نهائيا، بل له علاقة صلبة عضوية جوهرية بتسويق وجهة نظرهم لا أكثر. وهذه ربما أزمتنا الإقليمية قلة الخبراء وكثرة مندوبي المبيعات الفكرية والمسوقين الإعلاميين في تذكير لوظيفة متحفية سوفييتية، ضباط التوجيه والإرشاد السياسي الذين يرسمون ماهو مقبول وماهو غير مقبول ويا ويلك لو لديك وجهة نظر أخرى خصوصا لو كانت أفضل.
نأتي للذكاء السعودي في تنويع مصادر التسليح.
نظر السعوديون للواقع، واختاروا أمرا في غاية الشجاعة. لقد كان الخيار بين أمرين، قبول رغبات واشنطن في حدود مجال السعوديين الإقليمي وبالتالي الحصول على التسليح الأمريكي أو عدم القبول بذلك والحفاظ على مجال النفوذ السعودي وفي هذه الحالة يجب أن يختار السعوديون ما يأتي بنتائج موضوعية.
قرر السعوديون النظر إلى بنيتهم التحتية العسكرية العملاقة والتي تتفوق على كل دول الشرق الأوسط بمن فيهم اسرائيل. قرروا تحرير هذه البنية التحتية والبدء في مشروع وطني للتصنيع العسكري على غرار كوريا واليابان وسنغافورة. هذا القرار برأيي هو استثناء إقليمي فريد لا يشبهنا فيه أحد نهائيا.
فبينما تجري الدول محدودة القدرات يمنة ويسرة كلما ظهر بعبع يهددها لتكدس الأسلحة. يبني السعوديون سلاحهم بأيديهم.
بدل أن يكون الروس بديل أمريكا.
يعمد السعوديون ليضعوا أنفسهم بديلا لروسيا وأمريكا. وهذا هو مقامهم الطبيعي.
السعوديون أظهروا ثقتهم بنفسهم عندما لم يستمعوا لآراء أحد بهذا الخصوص. قرروا أن يكون تنويع مصادر التسليح شجرة تنبت على أرضهم.
وهاهم يحصدون الثمار،،
تحية،،،