معركة الزلاقة ........فخر الجيوش المغربية على مر العصور

إنضم
3 فبراير 2009
المشاركات
181
التفاعل
7 0 0
معركة الزلاقة ........فخر الجيوش المغربية على مر العصور

3cd95_4564.jpg

ShowPic.php

ظلّت الأندلس فترة من الزمان تحت حكم الخلافة الأموية منذ أن فتحها المسلمون في عهد الوليد بن عبد الملك ، وبعد سقوط دولة الأمويين أسس عبد الرحمن الداخل خلافة أموية بالأندلس استمرت قرابة ثلاثة قرون ، ثم انقسمت إلى دويلات وأقاليم صغيرة ، فيما عرف بعد ذلك بعصر ملوك الطوائف ،واشتعلت بينهم النزاعات والخلافات ، مما أغرى بهم عدوّهم من الأسبان النصارى الذين كانوا يتربصون بهم الدوائر .
وفي مقابل التجزئة والفرقة الأندلسية في عصر الطوائف كان النصارى يقيمون اتحادًا بين مملكتي ليون وقشتالة على يد فرديناد الأول الذي بدأ حرب الاسترداد التي تعني إرجاع الأندلس إلى النصرانية بدلاً من الإسلام

فسقطت طليطلة في يد ألفونسو النصراني ملك "قشتالة" وكان أسوأ ما في هذه الكارثة المروعة أن ملوك الطوائف المسلمين لم يهبُّوا لنجدة طليطلة أو مساعدتها، بل على العكس وقفوا موقفًا مخزيًا حتى إن بعضهم عرض على ألفونس تقديم العون والمساعدة، ورأى البعض الآخر أنه لكي يستمر في حكم مملكته آمنًا يجب أن يوثق أواصر الصلة والمودة مع ألفونس ويحالفه ويقدم له الجزية السنوية، بل شاركت بعض قوات أمراء الطوائف في غزوة طليطلة، وقدم أحد هؤلاء الأمراء ابنته لتكون زوجة أو حظية لألفونس!!

ورأى ألفونس حالة الضعف والجبن التي يعاني منها أمراء الطوائف، والتي تعود في الأساس إلى ترفهم وخواء نفوسهم، وكرههم للحرب والجهد حتى إن كان ذلك هو السبيل الوحيد للكرامة والحفاظ على البقية الباقية من الدين والمروءة؛ لذا رأى ألفونس السادس ضرورة إضعاف ملوك الطوائف قبل القضاء عليهم نهائيًا؛ وكانت خطته في ذلك تقوم أولاً على تصفية أموالهم باقتضاء وفرض الجزية عليهم جميعًا، ثم تخريب أراضيهم وزروعهم ومحاصيلهم بالغارات المتتابعة، وأخيرًا اقتطاع حصونهم وأراضيهم كلما سنحت الفرصة.

ونجحت خطة ألفونس في ذلك كل النجاح، وبدا ضعف ملوك الطوائف أمامه واضحًا ملموسًا؛ فاستهان بهم واحتقرهم، وقال عنهم: "كيف أترك قومًا مجانين تسمَّى كل واحد منهم باسم خلفائهم وملوكهم، وكل واحد منهم لا يسِل للدفاع عن نفسه سيفًا، ولا يرفع عن رعيته ضيمًا ولا حيفًا"، وعاملهم معاملة الأتباع.

وبعد استيلاء ألفونسو على " طليطلة " أصبح مجاوراً لمملكة "إشبيلة " التي كان يحكمها المعتمد بن عباد ، فبالغ في إذلاله وإهانته ، حتى إنه أرسل إليه يهوديا
يُدعى "ابن شاليب"
ليأخذ منه الجزية ، فرفض تسلُّمها بحجة أنها من عيار ناقص ، وهدَّد بأنه إذا لم يقدم له المال من عيار حسن فسوف تُحتل مدائن " إشبيلية " ، فضاق المعتمد ذرعاً باليهودي وأمر بصلبه وسجن أصحابه ، وبلغ الخبر ألفونسو فازداد حنقاً وغيظاً على المعتمد ، وبعث جنوده للانتقام والقيام بعمليات السلب والنهب ، وأغار هو على حدود " إشبيلية" وحاصرها ثلاثة أيام ثم تركها ، وفي أثناء ذلك أرسل له رسالة يتهكم فيها ويقول فيها: " كَثُرَ - بطول مقامي - في مجلسي الذباب ، واشتدَّ عليّ الحرّ ، فأتْحِفْني من قصرك بمروحة أُروِّح بها عن نفسي وأطرد بها الذباب عن وجهي" ، فأخذ المعتمد الرسالة وكتب على ظهرها: "قرأت كتابك ، وفهمت خُيلاءك وإعجابك ، وسأنظر لك في مراوِح من الجلود اللمطية تُروِّح منك لا تروح عليك إن شاء الله تعالى" فارتاع لذلك وفهم مقصود الرسالة .

وكان المعتمد قد عزم على الاستعانة بدولة المرابطين وأميرها يوسف بن تاشفين لمواجهة ألفونسو

وكانت دولة المرابطين دولة جهاد وحرب، غير أن هذا الرأي واجه معارضة من بعض الأمراء الذين رأوا في المفاوضات والصلح والمهادنة والسلام وسيلة للأمن والاستقرار، ورأوا في المرابطين عدوًا جديدًا قد يسلب ملكهم، وقال الرشيد لأبيه المعتمد: "يا أبت أتُدخِل علينا في أندلسنا من يسلبنا ملكنا، ويبدد شملنا"، فرد عليه المعتمد: "أي بني، والله لا يسمع عني أبدًا أني أعدت الأندلس دار كفر، ولا تركتها للنصارى، فتقوم اللعنة عليّ في الإسلام، مثلما قامت على غيري، رعي الجمال عندي- والله- خير من رعي الخنازير".
فأجاب ابن تاشفين النداء وقال : " أنا أول منتدِب لنصرة هذا الدين" ، وعبر البحر في جيش عظيم ،

حشد يوسف بن تاشفين جنده وعتاده، ثم بعث بقوة من فرسانه بقيادة داود بن عائشة فعبرت البحر، واحتلت ثغر الجزيرة الخضراء، وفي (ربيع الآخر 479هـ = أغسطس 1086م) بدأت جيوش المرابطين تعبر من سبتة إلى الأندلس، وما كادت السفن تتوسط ماء مضيق جبل طارق حتى اضطرب البحر وتعالت الأمواج، فنهض "ابن تاشفين" ورفع يديه إلى السماء وقال: "اللهم إن كنت تعلم أن في جوازي هذا خيرًا وصلاحًا للمسلمين فسهِّل علي جواز هذا البحر، وإن كان غير ذلك فصعبه علي حتى لا أجوزه"؛ فهدأت ثائرة البحر، وسارت السفن في ريح طيبة حتى رست على الشاطئ، وهبط منها يوسف، وخرَّ لله ساجدًا.
ولما علم ألفونسو بتحرك ابن تاشفين كتب إليه يهدّده ويتوعّده ، فورد عليه ابن تاشفين بقوله : "الذي يكون ستراه "
فلما عاد الكتاب إلى ألفونسو ارتاع لكلامه ، فزاد استعداداً وتأهّباً ، حتى رأى في منامه كأنه راكبٌ فيل ، وبين يديه طبلٌ صغير ، وهو ينقر فيه ، فقصّ رؤياه على القسيسين ، فلم يعرف تأويلها أحد ، فأحضر رجلاً مسلماً ، عالماً بتعبير الرؤيا ، فقصّها عليه ، فاستعفاه من تعبيرها ، فلم يعفه ، فقال :" تأويل هذه الرؤيا من كتاب الله العزيز ، وهو قوله تعالى : { ألم تر كيف فعل ربك بأصحاب الفيل } ، وقوله تعالى : { فإذا نقر في الناقور ، فذلك يومئذ يوم عسير ، على الكافرين غير يسير } ، ويقتضي هلاك هذا الجيش الذي تجمعه " .
ولبث ابن تاشفين في " إشبيلية " ثمانية أيام يرتّب القوات ويعدّ العدّة ، وكان مكثراً من التعبّد والصيام والقيام وأعمال البر ، ثم غادر " إشبيلية " إلى " بطليوس ".
وكان ألفونسو في أثناء ذلك مشغولاً بقتال ابن هود أمير " سرقسطة " ، فلما بلغه الخبر استنفر الصغير والكبير للقتال ، ولم يدع أحداً في أقاصي مملكته يقدر على القتال إلا استنهضه ، وتجمع النصارى من شمالي إسبانيا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا ، معهم القسس والرهبان يحرضونهم على القتال .
ثم كان التقاء الفريقان في سهل " الزلاقة " بالقرب من " بطليوس " ، وكان جيش المسلمين ثمانيةً وأربعين ألفا(48000ً) قسم الجيش الإسلامي إلى 3 أقسام:
· الأندلسيين في المقدمة بقيادة المعتمد بن عباد

·
البربر وعرب المغرب في المؤخرة بقيادة داود بن عائشة
أحد قادة المرابطين·
الجنود الاحتياطيين ويكونون خلف الجيش الإسلامي وهم بقيادة ابن تاشفين

وجيش ألفونسو مائةُ ألف من المشاة ، وثمانون ألفاً من الفرسان (180000)

ولبث الجيشان كل منهما في اتجاه الآخر ثلاثة أيام، وفشلت محاولة ألفونس خديعة المسلمين في تحديد يوم المعركة، وانتهى الأمر بنشوب المعركة مع أول ضوء من صباح يوم الجمعة (12 رجب 479هـ = 23 أكتوبر 1086م)

قام ألفونسو بهجوم خاطف ومفاجئ على قوات المسلمين مما أربكها وكاد يخترق صفوفها وقاوم المسلمون مقاومة عنيفة لم تنجح في رد الهجوم فما كان من ابن تاشفين إلا أن أرسل جنوده على دفعات إلى أرض المعركة مما أدى لتحسين موقف المسلمين ثم عمد ابن تاشفين على اختراق معسكر النصارى ليقضي على حراسه ويشعل النار فيه الأمر الذي أدى إلى تفرق جيش ألفونسو بين مدافع عن المعسكر ومحارب للقوات الإسلامية.
ثم وجه "ابن تاشفين" ضربته الأخيرة إلى النصارى؛ إذ أمر حرسه الأسود، وقوامه أربعة آلاف مقاتل من ذوي البأس الشديد والرغبة في الجهاد بالنزول إلى أرض المعركة، فأكثروا القتل في القشتاليين واستطاع أحدهم أن يطعن ألفونس في فخذه طعنة نافذة كادت تودي بحياته.

وأدرك ألفونس أنه وقواته يواجهون الموت إذا استمروا في المعركة، فبادر بالهروب مع قلة من فرسانه تحت جنح الظلام، لم يتجاوزوا الأربعمائة، معظمهم جرحى، ماتوا في الطريق، ولم ينج منهم إلا مائة فارس فقط.

ما بعد المعركة قام يوسف ابن تاشفين بالرجوع إلى بلاد المغرب العربي بعد انتهاء القتال فقد أدى ما عليه وهزم مسيحيي الأندلس هزيمة ساحقة أوقفت زحفهم واخرت احتلالهم لبلاد المسلمين مدة تزيد عن قرنين ونصف. قام الأندلسيين بمعاودة ما كانوا يفعلوه قبل المعركة فاقتتلوا فيما بينهم وتنازعوا على السلطة واستعانوا بالملوك المسيحيين في حروبهم ضد بعضهم. قام ابن تاشفين باقتحام الأندلس ليزيل الفتنة فيها ويضمها موحدة إلى دولته. ألقى ابن تاشفين بالقبض على أغلب ملوك الطوائف ومنهم ابن عباد وأتبعت ممالكهم لدولته.


20689.jpg
 
التعديل الأخير:
عودة
أعلى