القنبله
القُنْبُلَة سلاح متفجر يستخدم أساسًا في الحروب، إلا أن الإرهابيين يستخدمونها أيضًا. وهي تقتل أو تصيب الناس، وتدمّر المباني والطائرات والسفن وأي أهداف أخرى. وتتكون معظم القنابل من غلاف معدني معبأ بالمواد المتفجرة أو المواد الكيميائية، وأداة تفجير أو نثر لمحتوياتها. وتختلف أحجام القنابل، فبعضها صغير الحجم بحيث يمكن حمله باليد، وهو الحجم الذي كثيرًا مايستخدمه الإرهابيون. أما في الحرب، فيمكن رمي القنابل الصغيرة، كالقنابل اليدوية، أو إطلاقها من المدفعية، لكن معظم القنابل كبيرة الحجم تسقط من الطائرات.
تُعد القنابل المُسْقَطة من الطائرات أسلحة جاذبية، وذلك لأن جاذبية الأرض تجذب القنابل إلى أسفل. أما الصواريخ التي تطير بقوة دفعها الذاتية، فيقال أحيانًا إنها تحمل قنابل، إلا أن الرأس الحربي هو الاصطلاح الصحيح للجزء المتفجر من الصاروخ.
وللقنابل المسقطة من الجو أجنحة صغيرة تسمى الزعانف، تقوم بموازنة مسار القنبلة، وجعلها تسقط في مسار متوقع. وللقنابل المسقطة من طائرات تطير على ارتفاعات منخفضة ألواح صغيرة تسمى أجهزة التعويق. تنفتح هذه الأجهزة وتبطئ هبوط القنبلة، وذلك كي تتمكن الطائرات المغيرة من الابتعاد قبل انفجار القنبلة. كما تستخدم المظلات أيضًا لإبطاء سرعة هبوط القنابل.
يقوم جهاز صغير يسمى الصمامة بتفجير معظم متفجرات القنابل. وتنفجر القنبلة ذات صمامة التلامس عندما تضرب هدفًا ما. أما القنبلة ذات الصمامة التقاربية، فتنفجر على ارتفاع بسيط قبل ارتطامها بالأرض. ويستخدم أحد أنواع الصمامات التقاربية الرادار لقياس المسافة من سطح الأرض، بينما يستجيب نوع آخر لتأثير الزيادات في ضغط الهواء أثناء اقتراب القنبلة من الأرض.
ويوجد هناك صنفان رئيسيان من القنابل هما 1- القنابل التقليدية، 2- القنابل النووية.
القنابل التقليديةتختلف القنابل التقليدية من ناحية الحجم، وهي مصممة لتدمير أنواع مختلفة من الأهداف. وتشمل الأنواع الرئيسية للقنابل التقليدية الآتي:
1- القنابل عامة الأغراض 2- القنابل الموجَّهة 3- القنابل الخارقة للدروع 4- القنابل المتشظية 5- القنابل الحارقة.
الأنواع الرئيسية للقنابل
القنابل عامة الأغراض تستخدم المواد المتفجرة مثل آر دي إكس، أو تي إن تي لتحطيم الأهداف أو قتل الناس. والقنابل تدمر أو تقتل باتحاد تأثير النسف والضغط الفراغي والتشظي والصدمة. والنسف هو موجة ضغط الهواء الفجائية الهائلة التي تحدث عند انفجار القنبلة، وتؤدي إلى تهديم الجدران وتحطيم النوافذ وتهشيم المعدات. ويشير الضغط الفراغي إلى تأثير الامتصاص الناتج أثناء اندفاع الهواء عودًا إلى الفراغ الجزئي الذي يحدثه الانفجار. أما التشظي فيحدث عندما تتحطم القنبلة منقسمة إلى قطع صغيرة عديدة، تطير في الهواء بسرعة الطلقات، وتتلف المباني، وتصيب الناس أو تقتلهم. وتشكل الصدمة الضربة المنقولة عبر الأرض أو المياه أو المباني التي تنفجر فيها القنبلة. ويمتد أثرها إلى الأساسات والمخابئ تحت الأرضية، أو تدمرها.
تزن معظم القنابل العامة الأغراض مابين 100 و900كجم، وتتراوح أطوالها بين 180سم، و 3,8م. وقد صنعت الولايات المتحدة في أواخر الستينيات من القرن العشرين قنابل عادية تزن 6,800كجم، استخدمتها في حرب فيتنام لإعداد مهابط للطائرات العمودية بالإزالة السريعة للأدغال.
القنابل الموجّهة. توجّه إلى الأهداف بمعدات إلكترونية. وهي تُسمى أحيانًا "القنابل الذكية". ويحمل أحد أنواع القنابل الموجهة آلة تصوير تلفازية مصوبة على الهدف. ويقوم الطيار بمراقبة الهدف على شاشة تلفازية داخل الطائرة أثناء سقوط القنبلة، ولذلك يكون في مقدور الطيار ـ إذا استدعت الضرورة ـ ضبط مسار القنبلة الهابطة بالتحكم من بُعْد. وتحمل بعض القنابل ذات آلات التصوير التلفازية دوائر إلكترونية تحفظ صورة الهدف في ذواكرها، لذا توجه القنبلة نفسها. وثمة نوع آخر يُوجَّه بشعاع من الضوء من جهاز يُسمى الليزر، يقوم بتصويب شعاع الليزر على الهدف قبل إطلاق القنبلة. وتحمل القنبلة بدورها جهاز إحساس ـ وهو جهاز حساس لضوء الليزر ـ يقوم بتوجيهها إلى الهدف.
القنابل الخارقة للدروع. تم تطويرها لمهاجمة البوارج والسفن الحربية الأخرى الثقيلة التدريع. ولمثل هذه القنبلة مقدمة من الصلب الثقيل في مقدورها اختراق تدريع السفينة، ثم تنفجر القنبلة داخلها.
القنبلة المتشظية. تقتل جنود العدو وتصيبهم في المناطق المكشوفة، كما تدمر الطائرات والشاحنات والمعدات الأخرى الخفيفة على الأرض. وتوجد داخل هذه القنابل شظايا أو قضبان فلزية عديدة تتكسر وتتحول إلى قطع ناتئة حادة عند انفجار القنبلة، وتتناثر تلك القطع بسرعة هائلة. ويتكون نوع من القنابل المتشظية يسمى القنابل العنقودية من مئات القنابل الصغيرة المعبأة داخل وعاء خفيف. وينفتح هذا الوعاء بعد إطلاقه من الطائرة، ومن ثم تتناثر القنابل الصغيرة المسماة القنيبلات في منطقة واسعة. وتنفجر بعض هذه القنيبلات عند ارتطامها بالهدف، بينما تبقى الأخريات على الأرض ولاتنفجر إلا حين يحتك بها شخص أو مركبة.
القنابل الحارقة. تسبب إشعال الحرائق. تعبأ هذه القنابل بمركبات بترولية أو بالثرميت، وهو مزيج من الألومنيوم وأكسيد الحديد. ويتراوح وزن القنابل الحارقة مابين 1,5 و 450كجم. وتُعد قنبلة النابالم قنبلة حارقة معبأة بهلام البترول. وينجم عن انفجار القنبلة نشر مزيج بترولي لزج يلتهب مباشرة، مشعلاً حرائق يستحيل إخمادها. وينتشر نوع آخر من القنابل الحارقة، وهو قنبلة الوقود الهوائية، سحابة من الوقود الملتهب. وقد استخدمت الولايات المتحدة قنابل الوقود الهوائية في حرب فيتنام لإحراق الأدغال وكسح الألغام والشراك الخداعية.
القنابل التقليدية الأخرى تشمل القنابل الكيميائية وقنابل الأعماق وقنابل المنشورات وقنابل التصوير الومضية. ينحصر مفعول القنابل الكيميائية في نشر الدخان أو الغازات السامة. أما قنابل الأعماق، فتستخدم ضد الغواصات، لأنها قنابل تنفجر تحت سطح الماء. وتنشطر قنابل المنشورات التى تحمل الدعاية المطبوعة بلغة العدو، في الجو، ومن ثم تتناثر المنشورات وتنتشر في منطقة واسعة. أما قنابل التصوير الومضية فتوفر الضوء للتصوير الجوي ليلاً.
القنابل النووية
تحدث القنابل النووية مقادير هائلة من النسف والضغط الفراغي والصدمة والحرارة والإشعاع. وهذه الأشياء تسبب تدميراً أعظم بكثير مما تسببه القنابل التقليدية. ويوجد نوعان من القنابل النووية هما: 1- القنابل الذرية، 2- القنابل الهيدروجينية.
القنابل النووية تسبب تدميرًا أكبر بكثير مما تسببه القنابل التقليدية. ينتج عن انفجار القنبلة الذرية سحابة على شكل الكمأة (الصورة على اليسار). وتنطلق مقادير هائلة من الطاقة نتيجة لإنقسام ذرات البلوتونيوم أو اليورانيوم في عملية تُسمى الانشطار.
القنابل الذرية تطلق مقادير هائلة من الطاقة عن طريق انقسام نويات البلوتونيوم أواليورانيوم، وتسمى هذه العملية الانشطار. وقد طورت الولايات المتحدة القنبلة الذرية خلال الحرب العالمية الثانية (1939 - 1945م)، وفجرت أول قنبلة من هذا النوع في 16 يوليو عام 1945م، قُرب ألاموغوردو بولاية نيومكسيكو بالولايات المتحدة الأمريكية. وأحدثت تلك القنبلة انفجارًا قوته 19كيلو طن. ويعادل الكيلو طن الواحد الطاقة التي تطلقها 910 أطنان مترية من مادة تي. إن. تي. وفي أغسطس من عام 1945م، أسقطت الولايات المتحدة قنبلتين ذريتين في اليابان، إحداهما على هيروشيما والأخرى على نجازاكي. وتسببت القنبلتان في قتل مابين 120,000 و140,000 شخص، وفي تدمير شبه كامل للمدينتين، كما أنهما ساعدتا على إنهاء الحرب العالمية الثانية.
تسبب الحرارة الناتجة عن القنبلة الذرية احتراق الأطراف المكشوفة من الجسم، كما تسبب اشتعال المواد القابلة للاحتراق. أما إشعاع القنبلة قوة 10كيلو طن، فيؤذي الناس غير المحميين الموجودين على مسافة 1,200 متر من مركز الانفجار. يصيب هؤلاء الناس المرض خلال أيام قليلة، ثم يموتون بعد عدة أسابيع. أما مستويات الإشعاع الأكبر، فتقتل الناس خلال أيام قليلة.
تأثير النسف النووي لبعض القنابل الهيدروجينية الحالية قوة تفجير أقوى ألف مرة من القنابل النووية الأولى، كما هو موضح في الرسم البياني على اليسار. ففي عام 1945م، أسقطت القنبلة الذرية الثانية المستخدمة في الحرب على نجازاكي باليابان بوساطة قاذفة قنابل أمريكية. وقد دمرت هذه القنبلة كل شيء كان يقع ضمن مسافة 1,5كم من نقطة الهدف. أما المباني الواقعة على مسافة أكثر من 5كم من مركز الانفجار، فقد أصابتها أضرار طفيفة فقط. ويمكن أن تسبب بعض القنابل الهيدروجينية الحديثة تدميرًا كليًا في نطاق حوالي 14 كم من نقطة الهدف، وأضرارًا طفيفة لمسافة تصل إلى 48كم.
القنابل الهيدروجينية ذات قوة تدميرية أشد من القوة التدميرية للقنبلة الذرية. تنتج الطاقة في القنبلة الهيدروجينية عن اندماج (اتحاد) ذرات الهيدروجين. وقد قامت الولايات المتحدة بتفجير قنبلة هيدروجينية قوتها 10,4ميغا طن. ويساوي الميغا طن الطاقة التي تنتجها 0,9 مليون طن متري من مادة تي. إن. تي. وفي عام 1961م، أجرى الاتحاد السوفييتي السابق اختبارًا لأكبر قنبلة هيدروجينية صنعت في التاريخ. وقد انفجرت بِدويّ انفجار قوته 58 ميغا طن.
تم تصميم نوع من القنابل الهيدروجينية يُسمى القنبلة النيوترونية أو قنبلة الإشعاع المعزز لقتل جنود العدو، دون الإضرار بالمباني المجاورة. وتحدث القنابل النيوترونية مقادير هائلة من الإشعاع، لكنها تحدث تفجيرًا أو حرارة طفيفين؛ فالقنبلة النيوترونية ذات الكيلو طن واحد تُحدث نفس مقدار إشعاع القنبلة الذرية ذات 10كيلو طن. كما يمكن إطلاق الأسلحة النيوترونية بالمدفعية، أو حملها في الصواريخ، أو إسقاطها من الطائرات.
نبذة تاريخية
القنابل الجوية الأولى استخدمها الجيش النمساوي عام 1849م، حيث عُلِّقَت على بالونات الهواء الساخن فوق البندقية بإيطاليا.
استخدمت القوات النمساوية أول قنابل مسقطة من الجو عام 1849م، أثناء محاولتها إخماد ثورة في مدينة البندقية الإيطالية، التي كانت تسيطر عليها النمسا. قام النمساويون بربط قنابل صغيرة ذات صمامات بطيئة الاحتراق ببالونات الهواء الساخن، وانفجرت معظم تلك القنابل في الجو مسببة أضرارًا طفيفة. ومن المرجح أن إيطاليا أسقطت أول قنابل من الطائرات خلال حربها ضد تركيا عام 1911م، وكانت من نوع القنابل اليدوية.
قامت الطائرات الأمريكية والبريطانية والفرنسية والألمانية، خلال الحرب العالمية الأولى (1914 - 1918م)، بقصف المواقع المعادية بالقنابل. ولكن لم يكن لتلك الغارات الجوية أثركبير في الحرب. فقد كانت القنابل البدائية صغيرة، وتسقط من الطائرات باليد. وفيما بعد صارت القنابل أكبر حجمًا، لكن كان يصعب تصويبها بدقة.
وفي مرحلة مبكرة من الحرب العالمية الثانية (1939 - 1945م)، قام الألمان بغارات قصف جوي ناجحة شديدة التدمير على روتردام بهولندا، وعلى وارسو ببولندا، وعلى مدن أوروبية أخرى. لكن الألمان فشلوا في إجبار بريطانيا على الاستسلام نتيجة لغاراتهم المكثفة عام 1940م. وفي وقت لاحق شنت الولايات المتحدة وبريطانيا غارات قصف جوي رئيسية على ألمانيا وعلى المناطق الأوروبية الخاضعة للألمان. وبلغ ما أسقطته الولايات المتحدة على ألمانيا أثناء الحرب العالمية الثانية نحو 1,4 مليون طن متري من القنابل. وكانت ألمانيا أول دولة تطور القنابل الموجهة أثناء الحرب. وكان لتلك القنابل زعانف يُتحكَّم فيها من بُعد، وتستجيب لإشارات الراديو. أما بريطانيا فقد صممت أثقل نوع تقليدي من القنابل استخدم في القتال في وقت مضى، والمسمى الدوي الهائل. وكانت الواحدة من تلك القنابل تزن حوالي 10 أطنان مترية.
اكتسبت غارات القصف الجوي أهمية في الحرب ضد اليابان أيضًا، وذلك حتى قبل إسقاط القنبلتين الذريتين على هيروشيما ونجازاكي. أما الولايات المتحدة، فقد أسقطت ـ خلال حرب فيتنام ـ 4,5 مليون طن متري من القنابل على فيتنام ولاوس وكمبوديا.
وفي عام 1988م، كشفت القوات الجوية الأمريكية النقاب عن قاذفة القنابل بي 2 المتسللة أو الشبح، التي تستخدم مواد خاصة وشكلاً انسيابياً لتفادي الكشف برادارات العدو.
منقول