اوراق الظواهري السرية (1): «شركة المقاولات» الرمز المشفر للقاعدة و«المقاول» تعني بن لادن و«الإمارة» تنظيم الجهاد
رسائل متبادلة بين الظواهري وقياديين في اليمن تكشف صراعا داخل الجهاد بسبب الخلاف على الانضمام لجبهة بن لادن ـ زعيم الجهاد يوجه نقدا حادا لمبادرة وقف العنف في مصر ويعتبرها استسلاما ويتحدث عن الخيانة في رسائله
لندن : محمد الشافعي
تكشف مجموعة من الوثائق السرية المتبادلة بين ايمن الظواهري زعيم تنظيم الجهاد المصري الحليف الاول لأسامة بن لادن زعيم تنظيم «القاعدة» ورجاله في اليمن وبعض الدول العربية واوروبا عن التحولات الفكرية في ذهن الظواهري، والتي ادت في نهاية الامر الى توقيعه على بيان الجبهة العالمية لقتال اليهود والصليبيين مع بن لادن في فبراير (شباط) .1998 ومعظم الوثائق السرية التي حصلت عليها «الشرق الأوسط» هي من اصوليين محسوبين على جماعة «الجهاد» المصرية، او من كومبيوتر الظواهري نفسه الذي عثر عليه في احد منازل العاصمة كابل في اعقاب الغارات الاميركية على افغانستان في اكتوبر (تشرين الاول) 2001، وجرت معظم المراسلات قبل او بعد تفجير سفارتي الولايات المتحدة في 7 اغسطس (اب) 1998، حيث سقط أكثر من مائتي قتيل وأربعة آلاف جريح.
ويبدو من المراسلات السرية المتبادلة بين الظواهري الذي كان يتنقل بين كابل وقندهار ورجاله في الخارج اشارات واضحة وصريحة الى «الجبهة العالمية لقتال اليهود والصليبيين»، و«جيش تحرير المقدسات الاسلامية»، واخرى «مشفرة» عن «القاعدة» التي جاء ذكرها تحت ستار «شركة المقاولات» وكذلك «المقاول» ويقصد به «بن لادن» الذي تغير كثيرا، بالرغم من انه لم يف بكثير من الوعود التي قطعها على نفسه لقادة جماعة «الجهاد» المصرية، مما ادى الى حدوث الكثير من المشاكل الادارية في «الشركة» او «الامارة» ويقصد بها تنظيم الظواهري في افغانستان. واحتاج الامر لتفسير الالغاز والتعبيرات المشفرة لاوراق الظواهري السرية الى زيارات متعددة لمنازل بعض الاصوليين في لندن، وتم الكشف عن الكثير من الكنى المستخدمة في الاوراق السرية، لقادة «الجهاد» المقربين من بن لادن وتظهر في احدى الرسائل حالة من التذمر من بعض قيادات الجهاد المقيمين في اليمن، والرسالة مؤرخة ب 17 فبراير( شباط) 2001 اي قبل ستة شهور من هجمات سبتمبر الارهابية التي ضربت الولايات المتحدة. ويطلبون الابتعاد عن الظواهري بعد تسليم احد قيادات «الجهاد» وكنيته «جمال» مع البحث اخر عن عمل اخر يفيد الاسلام والمسلمين وهناك احاديث عن الاستسلام في رسالة كتبها الظواهري لقادة «الجماعة» الموجودين خارج افغانستان في تعليقاته على مبادرة وقف العنف التي وجه اليها الكثير من النقد الحاد.
ويقول القياديون الاربعة في الرسالة الموجهة الى الظواهري سنظل اذا رأينا ان الاحوال قد انصلحت، ورأينا ان الجماعة ممكن ان تكون في حاجة الينا، فسنكون ان شاء الله تعالى على اتم الاستعداد للعودة الى العمل. ويؤكدون حرصهم على عدم اظهار مشاكل جماعة «الجهاد» في الخارج وفي الفقرة الاخيرة من الرسالة الالكترونية يقولون: اذا بقينا في هذا البلد او سافرنا الى الخارج، سنظل على تنسيق وعمل مع الجماعة حفاظا على مظهرها العام الا انهم يطلبون الابقاء على حبل الود مع قيادات «الجهاد» او الابقاء على «شعرة معاوية» مع التركيز على اهمية عدم نشر «الغسيل الوسخ» على السطح او بعبارة اخرى اظهار المشاكل على السطح، بعدم التشنيع على الظواهري وجماعته الموجودة بين كابل وقندهار.
ويؤكد القياديون الاربعة في الرسالة التي كتبها ابو عبد الله ان الانفصال المؤقت عن الجماعة لم يكن في سياق مؤامرة، بل جاء الانفصال قدرا، اي ان الافكار والمشاعر تلاقت في هذا الاتجاه، ويكشف اسلامي مصري عن شخصية فتحي الموقع على رسالة الانفصال بانه خبير مصري في الكومبيوتر كان مختصا بكتابة البيانات الشرعية والكتيبات الجهادية التي تصدرها الجماعة ويقولون: «ان العلاقات الشخصية التي بيننا لن تتأثر من جانبنا ـ ان شاء الله ـ بمثل هذا القرار، وسنحرص كل الحرص على عدم اظهار مشاكلنا في الخارج وسنعمل على التنسيق والعمل فيما بيننا حفاطا على مظهر الجماعة». ويعترف القياديون الاصوليون بحدة النزاعات الداخلية على قمة «الجهاد»، ووجود اختلافات مع طريقة التفكير بين الادارة القديمة والجديدة، وهذه الاختلافات وصلت في بعض الاحوال الى الاختلاف الجذري والتضاد». ويقولون انهم قرروا الاستقالة نظرا للاحوال التي تمر بها «الجماعة» في الفترة الحالية، وهم في الوقت ذاته غير محسوبين على اي طرف من الطرفين.
وكنت جماعة «الجهاد» واجهت أزمة في قيادتها بعد التوقيع على بيان «الجبهة» وتردد أن زعيمها أيمن الظواهري قد استقال من منصبه بسبب خلافات على استراتيجية «الجهاد» المعلنة «قتال العدو القريب خير واولى من العدو البعيد».
وحسب مصادر الاصوليين بالعاصمة لندن فان بعض رسائل الظواهري احتوى على خلافات شخصية حادة واتهامات بينهم على الامارة وصلت الى حد التفوه بالفاظ «الخيانة»، وقرارين باقالة اثنين من قيادة «الجهاد» في لندن احدهما يخص «ابو نضال» او«عباس» وهما كنيتان تخص عادل عبد المجيد عبد الباري المحتجز في لندن على ذمة الطلب الاميركي لترحيله بتهمة التورط في تفجيرات سفارتي الولايات المتحدة في نيروبي ودار السلام.
وبين السطور في وثائق الظواهري السرية الكثير من الالغاز والكنى تحتاج الى كثير من الفهم واشارات واضحة الى اسم «المقاول» وهي كنية اسامة بن لادن، و«الشركة» وهي جماعة «الجهاد» المصرية، وشركة «المقاولات» وهي تنظيم «القاعدة».
وفي احدى الرسائل الموقعة باسم ايمن الظواهري ومؤرخة بتاريخ 4 اكتوبر (تشرين الاول) عام 1998، يصف الظواهري مبادرة «وقف العنف في مصر، بان الحركة الجهادية ظهرت بموقف الضعيف لان الترجمة السياسية لهذه المبادرة هي الاستسلام، ويقول في اي معركة يرغم المستسلم على وقف اشتباكه وتحريضه والرضى بالاسر وتسليم افراده وسلاحه بلامقابل». وفي الرسالة كذلك هجوم شديد على منتصر الزيات محامي الاصوليين بمصر، الذي اعلن وتبنى مبادرة وقف العنف عام.1997 وكان زعماء «الجماعة الإسلامية» قد دعوا إلى وقف إطلاق النار في عام، ولكن لم يؤيد تلك الدعوة معظم زملائهم.
ويتضح من تعليقات زعيم «الجهاد» المصري متابعته وهو في افغانستان قبل 11 سبتمبر لما يجري من احداث عالمية وتصريحات تخص الحركات الجهادية عبر الفضائيات والصحف.
* ابو حازم «حمامة سلام»
* ويشخص الظواهري المعارض للاستقرار في مصر لمبادرة وقف العنف بقوله: «ان المبادرة اظهرت ان الحركات الجهادية مستعدة للتفاهم، مع الحكومة منفردة مما يمكن الحكومة من ان تتلاعب مع كل منها على حدة» ويضيف الظواهري: كان يجب علينا ان نسأل انفسنا اذا كنا سنتوقف فلماذا بدأنا اصلا ولماذا يصدر «الاخوة» القادة التاريخيين في السجون المصرية شيئا دون التفاهم مع اخوانهم في الخارج. ويتساءل ان كان هناك نصوص سرية لمبادرة وقف العنف تعلمها المباحث المصرية، ولا يعلمها الاخوة من قادة التيارات الجهادية خارج مصر؟
ويقول: هل ينسحب هذا الامر ايضا على اي عمل ضد الاميركيين واليهود داخل مصر باعتباره يقتضي بالضرورة صداما مع النظام المصري. وهل تنسحب على العمل ضد الاميركيين واليهود خارج مصر. ويؤكد ان هذه المبادرة هزت صورة القادة الاسرى مثل عمر عبد الرحمن الزعيم الروحي لـ«الجماعة الاسلامية» المحتجز في السجون الاميركية بسبب تورطه في تفجيرات نيويورك عام.1993 ويصف المبادرة بانها «خسارة فادحة للحركة الجهادية ككل».
وهناك رسائل سرية متبادلة بين زعيم الجهاد المصري وابو ياسر ( رفاعي احمد طه ) المسؤول العسكري لـ«الجماعة الاسلامية» التي اعلنت مسؤوليتها عن مذبحة الاقصر نوفمبر( تشرين الثاني 1997) التي قتل فيها 58 سائحا اجنبيا، حملها القيادي الاصولي المصري ابي حازم واسمه الحقيقي مصطفى حمزة، الذي تتهمه مصر بالتخطيط لمحاولة اغتيال الرئيس المصري مبارك في اديس ابابا .1995 ويعتبر ابو حازم «حمامة سلام» بين الظواهري ورفاعي طه بعد انسحاب الاخير من الجبهة العالمية بعد تعرض طه لضغوط من قيادات «الجماعة الاسلامية» الموجودين خارج مصر.
وتصف المصادر الاصولية بلندن ابو حازم، بانه قائد الجناح العسكري «للجماعة الاسلامية»، بعد تسليم رفاعي طه المكنى بابي ياسر الى القاهرة من دمشق بداية العام الحالي.
وكان طه تم اقصاؤه عن موقع مسؤول شورى «الجماعة الاسلامية» بعد محاولته الانضمام لتحالف «الجبهة العالمية لقتال اليهود والصليبيين» التي ضمت زعيم «القاعدة» بن لادن، وحليفه الظواهري. واضطر ابو ياسر الى اعلان الانسحاب منها بعد اسبوع واحد من الانضمام اليها على خلفية معارضة كبيرة من قيادات جماعته التي اعلنت في عام مبادرة وقف العنف من جانب واحد.
ويظهر للوهلة الاولى بين السطور عند قراءة رسالة موجهة من الظواهري الى قيادات الخارج حول موقفه في الخندق المضاد لمبادرة وقف العنف التي اعلنها منتصر الزيات محامي الاصوليين عام 1997، مدى الاحترام والتقدير الذي يكنه حليف بن لادن لرفاعي طه «ابو ياسر»، المسؤول العسكري لـ«الجماعة الاسلامية».
ورفاعي أحمد طه (47 عاما) يعد من اخطر الارهابيين الذين ادرجتهم مصر على اخطر قوائمها الارهابية وكان مسؤولا عن الجماعة الاسلامية وقت تنفيذ مذبحة الأقصر والتي نفذتها عناصر من الجماعة، وهو من مواليد بمحافظة اسوان، وكان يقيم بنجع دنقل التابع لمركز أرمنت بمحافظة قنا.
وبدأت صلته بالجماعة الاسلامية عن طريق احد قيادات الجماعة وهو فؤاد حنفي المتهم الرابع في قضية الجهاد الكبرى عام 1981 واستخدم طه جوازات سفر مصرية وسودانية مزورة في رحلة التنقل بين ايران وافغانستان ودمشق والخرطوم قبل ترحيله الى القاهرة من دمشق بداية العام الجاري. ومن ضمن الاسماء التي استخدمها طه في رحلة الهرب حسب الملفات الرسمية المصرية عبد الهادي احمد عبد الوهاب، وعصام محمد علي عبد الله، وصلاح على كمال.
وترى مصادر جماعة «الجهاد» ان الظواهري قبل توقيع الفتوى الشهيرة لقتال اليهود والصليبيين، كان يري لاوجوب للعمليات العسكرية، ودعا اعضاء تنظيمه الي «هدنة»، لمراجعة النفس، ودراسة الكتب الشرعية، ومامر بالجماعة وقياداته من احداث وانتكاسات منذ بداية الثمانينيات.
وتصدر ايمن الظواهري وشقيقه محمد ( المهندس)، قضية «العائدون من البانيا» التي نظرتها المحكمة العسكرية بالقاهرة، ابريل (نيسان) 1999 وحكم عليهما بالاعدام غيابيا، وكان هناك اصوليون آخرون رحلوا من عدة عواصم عربية، واذربيجان وبلغاريا والبانيا، على لائحة الاتهام في تلك القضية.
وتقول مصادر الاصوليين بلندن ان توقيع الظواهري على بيان «الجبهة العالمية» جعل السلطات الاميركية «تتوحش»، في محاربة اعضاء التنظيم العزل الموجودين في اوروبا، (تطالب السلطات الاميركية حاليا بترحيل ثلاثة اصوليين من قيادات «القاعدة» من قادة التنظيم يحتجزون في سجون بريطانية متفرقة، وهم خالد الفواز (سعودي) والمحامي عادل عبد المجيد عبد الباري وضابط المدفعية المصري السابق ابراهيم عيدروس).
وتضيف ان ملاحقة السلطات الاميركية لقادة التنظيم بعد تفجير سفارتيها في نيروبي ودار السلام ادى الى انهيار قواعد التنظيم السرية في العواصم الغربية، بعد اعتقال عدد من ابرز قادة تنظيم «الجهاد» في البانيا، وترحيلهم الي مصر، ضمن قضية «العائدون من البانيا»، كذلك الظهور المفاجئ للقيادي احمد سلامة مبروك ابرز قادة التنظيم والساعد الايمن للظواهري، في محكمة هايكستب العسكرية بشمال القاهرة، والصادر ضده حكم غيابي سابق بالاعدام، زاد من محنة التنظيم، لما افشي به من معلومات عن قياداته تحت وطأة التعذيب.
اوراق الظواهري السرية (2) ـ الظواهري يلوم أعضاء التنظيم على التبذير وشراء كومبيوترات جديدة ويفضل استخدام اسم الأستاذ
قيادي من «الجهاد» المصري ينتقد «المقاول» بن لادن وآخر يروج للاندماج في تنظيم «القاعدة»
محمد الشافعي
تعبر رسالة اخرى من وثائق ايمن الظواهري السرية على عمق الازمة الحقيقية التي عاشها قادة تنظيم «الجهاد» المصري عقب توقيع الظواهري على فتوى «الجبهة العالمية لقتال اليهود والنصارى» في فبراير (شباط) .1998 وفي احدى الرسائل التي حملها وسيط لتوصيلها الى ابو محمد (ايمن الظواهري) يوجه احد قياديي تنظيم الجهاد انتقادات حادة لنائب الظاهري ابو السمح، ثروت صلاح شحاتة. وثروت شحاتة هو عضو مجلس شورى تنظيم «الجهاد» واسمه مدرج على قائمة الإرهاب الدولية وهارب من حكمين غيابيين بالاعدام في مصر، الأول في قضية محاولة اغتيال رئيس الوزراء الأسبق الدكتور عاطف صدقي في 1994، والثاني في قضية «العائدون من ألبانيا» في .1999 وكاتب الرسالة السرية هو «ابو عبد الله» وهو مسؤول خلية جهادية تابعة لايمن الظواهري ، وفي الرسالة نوع من التمرد على تصرفات ابو السمح (ثروت صلاح شحاتة) وقيادي اخر اسمه سالم مرجان المسؤول الشرعي لـ«الجماعة» واسمه الحقيقى مرجان مصطفى محمد سالم الذي صدر ضده حكم بالأشغال الشاقة المؤبدة بمصر في 1989 في القضية رقم 449/89 جنايات بني سويف.
وتعتقد مصادر اصولية بلندن ان كاتب الرسالة كان يتردد بين افغانستان واليمن، وهو من كبار المؤيدين للانضمام الى «القاعدة» ومن المباركين لفتوى «الجبهة العالمية» وعلى خلاف مستميت مع ثروت صلاح شحاتة.
وضمن الموقعين على الرسالة شخص كنيته فتحي وهو خبير كومبيوتر مصري اسمه سيد امام الشريف وهو المشرف على اصدار مطبوعات ونشرات جماعة «الجهاد» وسبق له رئاسة لجنة التنظيم بالجماعة. واسمه جاء مع اسماء كل من ابو السمح ومرجان واخرين في نشرة «حمراء» وزعها «الانتربول المصري» ضمن ملاحقة مصر للعناصر الهاربة من تنظيمي «الجهاد» و«الجماعة الاسلامية». ويعتقد ان احد الموقعين ايضا على تلك الرسالة هو عبد القادر محمود السيد وهو مسؤول تزوير المستندات والوثائق في جماعة «الجهاد»
* التبشير بالذوبان في «القاعدة»
* وتتطرق الرسالة الى ما تصفه بجانب محزن وهو الخلافات الحادة والفضائح التي وصلت الى طريق مسدود، وجانب اخر مبشر، وهو الاقتراب من «القاعدة» او «شركة المقاولات» وزعيمها اسامة بن لادن الذي تغير كثيرا. وهناك نقد مستتر «تحت الحزام» لابن لادن الذي كان قد وعد باشياء قديمة ولم ينفذها.
وتقول الرسالة ان الانضمام الى «القاعدة» «فرصة عظيمة يجب الا تعوض». وكاتب الرسالة يسوق الادلة حول عظيم الفائدة التي ستعود على تنظيم «الجهاد» المصري من الانضمام الى «الجبهة العالمية لقتال اليهود والنصارى» والذوبان داخل صفوف «القاعدة». وينفي بشدة تغيير اولويات «الجهاد» والانزلاق وراء «المقاول» بن لادن.
ويعلق الاسلامي المصري هاني السباعي مدير مركز المقريزي للدراسات التاريخية بلندن في اتصال هاتفي اجرته معه «الشرق الأوسط» على مجموعة من تلك الرسائل بقوله انه من الواضح ان العلاقات بين «الجهاد» و«القاعدة»: «لم تكن سمنا على عسل» كما كان يتصور البعض، بل ان الذين وافقوا على الذوبان في «القاعدة» لم يتعدوا اصابع اليدين من المصريين.
ويتابع السباعي قائلا: اما الغالبية العظمى من قيادات الخارج في تنظيم الجهاد فقد كان حسها الامني اكثر رقيا، لانها لم تتخل عن مشروعها الاستراتيجي لـ«الجهاد» في مقاتلة العدو القريب من حكام المنطقة المرتدين بدلا من مقاتلة الكافر الاصلي من اليهود والاميركيين، وهي الشعارات التي رفعها تنظيم «القاعدة». وتؤكد الرسالة ان الانضمام الى «القاعدة» عمل مرجوح، بدلا من الجلوس بدون عمل، وتحرص الرسالة على نفي شبهة الانزلاق وراء المقاول «بن لادن». والتركيز على تربية الشباب اعلاميا وشرعيا وميدانيا بعد ان اوقفت «الجهاد» عملياتها العسكرية في مصر عام 1995، لعدم القدرة اي قبل صدور مبادرة وقف العنف لـ«الجماعة الاسلامية».
وكان استقرار الظواهري في افغانستان التي كانت تحكمها حركة طالبان اشارة لتغيير في الاستراتيجية والتفكير، قبل الاعلان عن انشاء «الجبهة الاسلامية العالمية لجهاد اليهود والصليبيين»، وكان تأسيس الجبهة تخليا ولو تكتيكيا عن مشروع الجهاد الداعي لتقويض الحكومة في مصر، ومن هنا اعتبر بعض اتباع الظواهري ان الاستراتيجية الجديدة غير حكيمة، لانها تقوم على مواجهة قوة عالمية كبري. وانتقد مسؤول تنظيم الجهاد في اليمن مااعتبره تخلي الظواهري عن واجباته تجاه مصر، كما اشار الى ان بن لادن له تاريخ اسود، وماض قاتم ولا يمكن الثقة به. وبعد الاعلان طالب عدد من الاتباع باجتماع طارئ لبحث الازمة في التنظيم وتم عقد الاجتماع في افغانستان، وتحدثت مصادر اصولية عن الجو المتوتر الذي ساد المؤتمر، والذي طغى عليها تهديدات الظواهري المتكررة بالاستقالة.
ويقول اصوليون في لندن ان قرار الظواهري التعاون مع بن لادن، كان بداية لصفحة جديدة من الاضطرابات داخل تنظيمه، حيث عانى تنظيمه في اليمن من الانشقافات والاستقالات، وتصاعدت محنة الظواهري بعمليات الملاحقة الاميركية ضد اتباعه في البانيا واذربيجان وبلغاريا حيث القي القبض عليهم ورحلوا الى مصر، وقدم هؤلاء المعتقلون معلومات هامة عن شيفرات واسماء التنظيم، كما قرر مسؤول التنظيم في لندن عباس (عادل عبد المجيد عبد الباري) المتهم في تفجير السفارتين الاميركيتين بافريقيا والمحتجز حاليا في احد السجون البريطانية خارج لندن الاستقالة من التنظيم وعانى الظواهري كذلك من مشاكل مالية، حيث تشير رسائله السرية الى هذا الهم، ففيها لوم لاعضاء التنظيم عن التبذير وشراء اجهزة كومبيوتر جديدة، وكان رد احدهم على سياسة التقشف التي يدعو اليها الظواهري الاستقالة كما تأثرت رواتب الكوادر من هذا الوضع، واقترض الظواهري من بن لادن وغيره من الاتباع الاغنياء لتغطية نفقات الحركة ولكن الاوضاع ادت به للاستقالة من مركزه كزعيم للتنظيم. ويقول احد المحسوبين على جماعة «الجهاد» لـ«الشرق الأوسط» انه بصدد تأليف كتاب جديد اسمه «الظواهري زاهدا» لان هذا الرجل غمط حقه من الناحية الانسانية، واشار الى ان الرجل في رحلة التنقل من اليمن الى السودان الى باكستان كان يعيش حياة متقشفة للغاية هو وعائلته واطفاله، وكان زاده صفائح الجبن، وان تيسر الحال صفائح العسل والحلاوة الطحينية.
وتقول الرسالة: لقد علمتم باخر الاوضاع عندنا وانا اعلم انكم كنتم تنتظرون منا اخبارا مبشرة، ولكن هذه هي الحقيقة التي نعيشها هنا، وهذه هي المأساة التي نعيشها منذ شهور طوال، والله الذي لا إله الا هو لقد نصحنا ابا السمح في شتى امور العمل والامور الشخصية وحذرناه ان تصرفاته ستقود الى ما لا يحمد عقباه، ولكن لم يستمع الى نصيحة احد، ما عدا سالم (سالم مرجان) الذي كان فعلا هو الرئيس الفعلي لـ«الشركة» (جماعة الجهاد). ونتيجة سياساته الخاطئة فقد زادت المشاكل الداخلية وساءت العلاقات الخارجية مع الشركات الاخرى (الحركات الجهادية في افغانستان)، ناهيكم من الفضائح التي تظهر من حين لاخر، الى ان وصل الامر بنا الى طريق مسدود، فاسقط في يد ابي السمح، في اشارة الى تنازله عن قيادة «الجهاد» خلال الفترة التي تنازل فيها الظواهري عن قيادة التنظيم ، وكان ابو السمح ومرجان اول من اقرا بالمدير الجديد، واكدا على الالتزام والسمع والطاعة، ثم كانا اول من لم يلتزما بما اكداه، بل تعداه ورفضا تسليم الامانات، مع ان الاستاذ قال لهم انهم في حاجة الى لهذه الاغراض لموضوع رياض (لم تعرف هويته).
وتتابع الرسالة: هذا هو الجانب المحزن عندنا، اما الجانب المبشر، فهو الاقتراب الكثير من «شركة المقاولات» (القاعدة)، والحمد لله فقد تغير الناس كثيرا، وقد فتح الله عليهم، ونحن وضعنا كما تعلمون، وقد عرضوا علينا اشياء طيبة كثيرة، واذا كان المقاول وعدنا قديما باشياء ولم ينفذها، فالان الرجل تغير، ونحن نلمس ذلك هنا، ثم اننا كنا سببا في تصرفاته القديمة، وفي المقابل يمدنا الرجل منذ امد بعيد بالكثير والكثير، وحتى وقتنا هذا فكل شيء نحن فيه تقريبا من الله ثم منه، ولكن نحن تعودنا ان نذكر السلبيات فقط، ولا نذكر الايجابيات، ورأيي الخالص انها فرصة عظيمة لنا، واصدقكم القول اني اشعر إن قدر الله ان كل هذه الاحداث المتتالية ستقودنا الى خير عظيم، ونحن كلنا مؤيدون لهذا المشروع، ونرى مع اوضاعنا انها ستكون المخرج، نسأل ان يوفقنا الى ما يحب ويرضى.
وتضيف الرسالة: قد يتبادر سؤال ان هناك اختلافاً في اشياء كثيرة، فكيف نتفق؟ اقول ان العرض الذي قدموه فيه ارضية مشتركة (بين القاعدة والجهاد)، وفيه اشياء كثيرة من صميم عملنا، هذا من ناحية ومن ناحية اخرى، انه ما اسوأ ما يمكن حدوثه ان ترى عملاً في نظرك مرجوحاً، وترى هناك ما هو ارجح منه، وحتى اذا كان ذلك فهو خير مما نحن فيه، فخير للمرء ان يعمل عملا مرجوحا على ان يجلس بدون عمل، ولا يغرنكم الكلام باننا نغير وجهتنا وننزلق وراء المقاول (بن لادن) وهذا الكلام غير صحيح لان هناك عرضا طيبا.
ونحن بصراحة ليس لنا وجهة ولا عمل الا العمل في التربية، (اي تربية شباب الجهاد شرعيا واعلاميا وميدانيا)، والان فقط بدأنا التحرك بصورة صحيحة في موضوع المدرسة الجديدة (بن لادن)، الذي نصحنا فيه ابا السمح كثيرا، ولم يكن مقتنعا انه من اولويات العمل، وفي المقابل من ننتقدهم لا نستطيع ان نفعل عشر ما يفعلونه، ولا أدري هل ما زال جل عملنا في النقد، واريد ان اطلب منكم بعض الاشياء كم المبلغ الذي تسلمتموه من صاحبي؟
وتقول الرسالة: احمد (قيادي من الجهاد لم تعرف هويته) وافق على موضوع الزواج ويريد منكم التعجيل بالامر ومساعدته قدر الامكان، واذا كان هناك شيء من جانبنا نستطيع القيام به فاخبرونا. سلامي الى كل الاحباب عندكم (عبد الله).
اوراق «برق» وهي كنية لاسلامي مصري ارسلوها على صندوق البريد المرسل اليكم رجاء الرد سريعا على استفساراتنا، وكذلك الرد ضروري على رسالة الاستاذ نور (ايمن الظواهري) مع تشفير الملف، وارساله على عنوان المرسل اليكم.
* زنكي المثل الأعلى للظواهري
* لاحظت «الشرق الأوسط» ان زعيم تنظيم الجهاد المصري استخدم اكثر من كنية في التعامل مع اتباعه في الخارج سواء في اوروبا او اليمن او داخل مصر من خلال الرسائل الالكترونية المشفرة او التي كانت تصل مع وسطاء عبر اليد. والملاحظ انه كان يستخدم كنية الدكتور عبد المعز حينما تخاطب مع تنظيمات جهادية او اصولية مثل رسائله الى (ابو ياسر) رفاعي احمد طه المسؤول العسكري للجماعة الاسلامية المصرية يحثه فيها على رفض مبادرة وقف العنف التي اعلنها وتبناها منتصر الزيات محامي الاصوليين في مصر، وهناك رسالة وحيدة حملت توقيع الدكتور ايمن الظواهري وهي موجهة الى قيادات الخارج ويشرح فيها اسباب النكسة التي تعرضت لها قيادة الجهاد ويطالب في الوقت ذاته بالتصدي لمبادرة وقف العنف.
اما اكثر الرسائل والاوراق السرية فهي موقعة باسم الاستاذ نور. ووفقا لمصادر قريبة من جماعة الجهاد فان الاستاذ نور اختار هذا الاسم لنفسه لاعجابه الشديد بنور الدين زنكي نجل السلطان عماد الدين زنكي الذي خاض حربا شرسة ضد الصليبيين عام 1146 قبل ان يسترد اجزاء من الممالك المسلوبة على الحدود السورية.
ويقول الباحث الاسلامي الدكتور هاني السباعي مدير مركز المقريزي للدراسات التاريخية في اتصال هاتفي اجرته معه «الشرق الأوسط» ان الظواهري لم يكن يقرض الشعر الكلاسيكي فقط ولكنه قارئ نهم للدراسات التاريخية وكان معجباً اشد الاعجاب بالسلطان نور الدين زنكي موحد مصر والشام والذي ارسل بن أخيه صلاح الدين الايوبي بعد ذلك لفتح مصر. ويضيف ان الظواهري كان يستذكر الدروس والعبر من حياة زنكي القائد العربي الذي قضى حياته يحارب الصليبيين بعد ان أسس أبوه عماد الدين دولة في الموصل ضمت جزيرة الفرات وحلب.
ويضيف الاسلامي المصري السباعي الصادر ضده حكم غيابي بالسجن المؤبد من محكمة هايكستب العسكرية بغرب القاهرة عام 1999 ان نور الدين محمود حقق حلم وأمنية آل زنكي في تطهير العالم الإسلامي من الصليبيين ولما مات فرحت كلاب الأعادي لكن سرعان ما أخذ الراية أسد آخر.. إنه صلاح الدين الأيوبي الذي كانت الثمرة على يديه في حطين.
وتقول المصادر المقربة من جماعة الجهاد ان الظواهري كان يوقع بعض الرسائل باسم ابو محمد اذا كانت الرسائل موجهة الى بعض اصدقائه المقربين من جماعة الجهاد طالما ان الرسالة شخصية ولا تتعلق بامور التنظيم ومعروف ان الابن الوحيد للظواهري اسمه محمد وقد قتل في الغارات الاميركية على افغانستان مع امهم عزة نوير. وتكشف الوثائق التي حصلت عليها «الشرق الأوسط» حالة الغضب العارم التي انتابت زعيم الجهاد المصري بسبب المبادرة السلمية لوقف العنف التي اطلقها في يوليو (تموز) عام 1997 تنظيم الجماعة الاسلامية وصدور قرار من مجلس شورى التنظيم في مارس (اذار) عام 1999 بوقف شامل للعمليات العسكرية وتكشف بعض الرسائل محاولات بذلها الظواهري مع بعض قيادات الجماعة الاسلامية لحثهم ودفعهم عن التراجع عن تلك الخطوة.
أوراق الظواهري السرية (3) ـ الظواهري لقادة «الجماعة الإسلامية»: مصيركم سيكون الاغتيال بالرصاص في شوارع القاهرة مثل حسن البنا
هجوم حاد من زعيم الجهاد على الزيات محامي الأصوليين في مصر لتبنيه مبادرة «وقف العنف» والترويج لها ونشر أفكارها
لندن : محمد الشافعي
تعكس مجموعة من الوثائق السرية حصلت عليها «الشرق الأوسط» من كومبيوتر الظواهري حجم القلق وحالة الازعاج التي اصابت زعيم «الجهاد» المصري الحليف الاول لابن لادن من الانقلاب الجذري الذي اقدمت عليه «الجماعة الاسلامية» بالتحول نحو العمل السلمي ووقف كل العمليات العسكرية داخل وخارج مصر.
وتكشف ثلاث وثائق متبادلة مع «ابو ياسر» هو رفاعي طه المسؤول العسكري لـ «الجماعة الاسلامية» وعضو مجلس شورى التنظيم السري ان الظواهري حاول بكل الوسائل إثناء قادة التنظيم عن الاستمرار في النهج السلمي.
وحاول الظواهري في الرسائل دفع ابو ياسر مرة اخرى الذي تسلمته مصر من دمشق منتصف العام الجاري الى العودة الى احضان «الجبهة العالمية لقتال اليهود والصليبيين» التي تحولت لاحقا الى تنظيم «قاعدة الجهاد» بعد ان انسحب منها في بيان اثار الجدل في يوليو (تموز) 1998، قال فيه ان استهداف المصالح الاميركية ليس من اولويات «الجماعة الاسلامية». وتاريخ الرسالة يعود الى تسعة شهور بعد تفجير السفارتين الاميركيتين في نيروبي ودار السلام.
واستخدم الظواهري مرة توقيع «اخوكم المحب عبد المعز»، ومرة اخرى توقيع «ابو محمد». وهناك تعليق من الظواهري على ردود تلقاها من ابو ياسر (رفاعي طه) حملها «ابو حازم» مصطفى حمزة المسؤول الحالي لمجلس شورى «الجماعة الاسلامية» حول مسألة المبادرة وانسحاب طه من جبهة بن لادن.
وفسر قيادي اصولي مصري هجوم الظواهري على مبادرة وقف العنف بعد ان اطلع على بعض الرسائل السرية بقوله: «ان جماعة الجهاد المصرية من منهجها انه لا حوار مع الانظمة الطاغوتية المرتدة. وان هذه الانظمة في نظر جماعة الجهاد هي التي تحمي مصالح الاميركيين واليهود، وان هذه الانظمة بالتجربة خادعة كاذبة لا يمكن الوثوق بها، ولذا كان من المفترض ان يبدأ بها».
ويتابع الاصولي قوله ان قيادات الجهاد كانت على قناعة بان انظمة المنطقة لن تقدم لمن يتحاور او يتصالح معها سوى السراب، وهو ما تطرق اليه الظواهري في الاشارة الى حسن البنا مؤسس جماعة «الاخوان المسلمين» الذي قتل في الشارع في الساعة الثانية عشرة بعد منتصف ليل 12 فبراير (شباط) عام 1949 كهدية في ليلة عيد ميلاد الملك فاروق ابان حكومة السعديين بعد ان اطلق بيانه الشهير «ليسوا اخوانا ولا مسلمين» في اعقاب إعلان النقراشي حل جماعة الإخوان المسلمين في 9 يناير كانون أول 1948 ومصادرة أموالها واعتقال معظم أعضائها.
وهو ما فسره اصولي مصري يقيم في لندن ان الظواهري ان يريد ان يقول صراحة ان مصير قادة «الجماعة الاسلامية»، سيكون مماثلا لمصير البنا الذي تصالح مع الحكومة، ويقول ان رسالة الظواهري واضحة فهي مليئة بلغة الترهيب بدعوتها الى عدم مد اليد للحكومة حتى تسلم، وما دامت لا تطبق الشرع الاسلامي فلا يجوز الاقتراب منها والتعامل معها.
وتنشر «الشرق الاوسط» نصوص الرسائل كما هي بعدما عرضتها على خبراء في شؤون الحركة الاصولية من المحسوبين على جماعة «الجهاد» المصرية «لفك طلاسمها والقاء الاضواء على الغازها، وحل رموز الكنى المستخدمة لقيادات «الجهاد» ومنها «ابو خالد» وهو محمد شوقي الاسلامبولي شقيق قاتل الرئيس الراحل انور السادات عضو مجلس شورى «الجماعة الاسلامية» الذي كان يقيم مع والدته في افغانستان حتى قبل شهور من سقوط طالبان، ويعتقد انه يقيم حاليا في ايران مع مجموعة من قيادات «القاعدة» الكبار.
والرسائل مكتوبة باسلوب ادبي تعكس تذوق الظواهري للشعر واستخدامه لالفاظ بليغة. وفي ختام احدى الرسائل يطلب الظواهري من رفاعي طه العفو والصفح عما نبا فيها من قول او شطط في اللفظ.
وضمن الاسماء الكودية التي وردت في الوثائق السرية اسم ابو الدردير الذي يعتقد انه القيادي عصام مطير، واخر اسمه ابو الحسن، ولم يكن من السهل فهم الالغاز دون ربطها بالاحداث التي مرت بها مسيرة الجهاد«بعد ان تعرضت لضربات متتالية ادت الى اعتقال العشرات من قيادتها في الخارج وتسليمهم الى مصر من البانيا واذربيجان وبعض الدول العربية والخليجية والذين ظهرت اسماؤهم في القضية رقم 8 لسنة 1998 جنايات عسكرية في مصر، والتي اشتهرت إعلامياً باسم «العائدون من ألبانيا»، والتي ضمت 107 متهمين، في مقدمتهم المتهم الأول أيمن الظواهري جنباً إلى جنب مع عناصر من «الجماعة الاسلامية» وفي الصدارة جاء ايضا اسم محمد شوقي الاسلامبولي في لائحة الاتهام تحت رقم 27، واكدت القضية على استمرار المحطات التقليدية للأصولية في إفراز المزيد من العناصر كأفغانستان وبيشاور والسودان، وهو ما أشارت إليه بوضوح اعترافات المتهمين في هذه القضية، واشهرهم اعلاميا أحمد ابراهيم السيد النجار الذي كشف الكثير من المعلومات حول شبكات الأصولية داخل مصر وخارجها فأدلى بمعلومات كانت بمثابة نواة القضية برمتها.
* هجوم على الزيات محامي الأصوليين
* وفي الرسائل السرية كثير من الهجوم الحاد من الظواهري على منتصر الزيات محامي الاصوليين في مصر، لتبنيه مبادرة وقف العنف والترويج لها ونشر افكارها.
ويسأل الظواهري ويلح عن اسباب القوة والجرأة والصلاحيات التي يتمتع بها الزيات بعد قراءته لحديث «الشرق الاوسط» مع الزيات بتاريخ 9 ابريل (نيسان) 1999 ويظهر قلقه من احاديث الزيات كذلك مع مجلة «السنة» في عدد شعبان / رمضان بتاريخ 1418 هجرية، والتي اشار فيها الزيات الى ان «الجماعة الاسلامية» لن تشارك في اي عمل ضد الاميركيين. اما غضب الظواهري الذي لم يستطع ان يخفيه فقد جاء بسبب البرقية التي ارسلها قادة «الجماعة الاسلامية» المحتجزون في ليمان طرة الى رؤساء «الاحزاب المصرية» والتي نشرتها جريدة «الوفد» في عنوانها الرئيسي، وهم يطلبون دعم المبادرة ومناشدة رئيس الجمهورية والحكومة الاستجابة لها والتفاعل معها.
وهنا نص الرسالة.
الاخ الكريم ابو ياسر (حفظه الله) السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. ارجو ان يوفقكم المولى لما يحب ويرضى، وان يجعلكم سلما على اوليائه حربا على اعدائه، وان ينصر بكم دينه وكتابه وشريعته وعباده المؤمنين، وان يشفي صدوركم وصدور المؤمنين من اولياء الشيطان، وان يتم عليكم نعمته ويتم عليكم منته، وان يمكن لكم دينكم الذي ارتضاه لكم، ويبدلكم من خوفكم امنا، وان يعيدكم الى اوطانكم سالمين غانمين منتصرين قريبا ان شاء الله. واسأل الله ان يبارك الله في ولدك واهلك وصحتك، وان يعافيك من كل مكروه.
اخي الكريم. ترددت ان اكتب اليكم بعد ان سمعت في الاذاعات ما اعلن من انكم قد اعلنتم من وقف جميع العمليات العسكرية، ثم ما علقت به الاذاعات والصحف من ان هذا الاعلان يعد نهاية لفترة من الخلاف ما بين الداخل والخارج، ويعتبر ان سياسة الحكومة المصرية في الضرب بلا هوادة ضد الجماعات الاسلامية قد اتت ثمارها وحدثتني نفسي في اني قد تكلمت معكم في هذا الموضوع وكتبت اليكم فيه اكثر من مرة، ولم يصلني رد على ما كتبت، وحدثتني نفسي ايضا ان الكتابة اليكم مرة اخرى، قد يعدها بعض الاخوة تدخلا فيما لا يعنيني، وحشرا لانفي في امور الاخرين.
ولكني راجعت نفسي وقررت، ان اكتب اليك لما اعلمه، من حسن ظنك بي، ولما اعتقده من وجوب النصيحة، في هذا الامر الهام، ومن وجوب الايضاح منكم مباشرة في هذا الشأن.
فأولا: اريد ان اسألك هل هذا الذي نشر فعلا قد تم كما نشر؟ واذا كان قد تم فعلا كما نشر فما تفاصيل هذا الامر، وعندئذ تنشأ اسئلة كثيرة مفزعة.
فمثلا اولا هل هناك اتفاق بينكم جميعا على هذا الامر؟
وما هي سياستكم التي اتفقتم عليها تجاه الحكومة؟
واذا كان وقع بينكم وبين الحكومة اتفاق، فما هي تفاصيل هذا الاتفاق، ولماذا لم يعلن اذا كان قد تم، وهل هو اتفاق سري في مجموعه او بعضه، وهل يكون هذا السر معلوما للحكومة خافيا علينا؟
واذا كان وقع اتفاق مع الحكومة فماذا ستسمح الحكومة لكم بناء على هذا الاتفاق؟
ثم ما هي اسباب الاعلان والتوضيح في امور مثل الانسحاب من الجبهة العالمية والسكوت عن امور اخرى؟
ما هي صفة منتصر (يقصد منتصر الزيات محامي الاسلاميين في مصر) بالنسبة لكم وحقيقة تمثيله لكم؟
واذا كان وقع بينكم وبين الحكومة اتفاق فماذا سيكون موقفكم من الجماعات المجاهدة الاخرى، بناء على هذا الاتفاق؟
ثم ما حقيقة ان صلاح هاشم ( محتجز في سجن استقبال طرة منذ عدة شهور)، يدعو الى انشاء حزب سياسي جديد، وصلاح هاشم يعتبر من مؤسسي الجماعة، كما انه يقوم فعلا بالتفاوض بين الحكومة والاخوة في السجون، وهو الامر الذي اكده لي ابو حازم (مصطفى حمزة المسؤول الحالي لمجلس شورى «الجماعة الاسلامية» مهندس عملية محاولة اغتيال الرئيس المصري حسني مبارك في اديس ابابا عام 1995).
واذا كان ما نشر غير حقيقي، فما هي الحقيقة تفصيلا، وما قدر الاتفاق، والاختلاف بينكم في هذا الامر، وهل الحكومة على علم بهذا الاختلاف ان كان موجودا؟
وان كان ما نشر غير حقيقي فلماذا تسكتون عن الرد، والتوضيح، مع انه في مواقف اخرى مثل الجبهة (جبهة بن لادن) لم تختاروا الصمت؟ ولكن اريد ان اسألك عن موقفكم انت بالذات في كل هذا الذي يحدث؟
لقد ابلغني ابو خالد (محمد شوقي الاسلامبولي شقيق قاتل الرئيس السادات والرئيس السابق لمجلس شورى الجماعة الاسلامية)، انه قد استقال حتى لا يتحمل اي مسؤولية ما يمكن ان يحدث.
وفهمت من ابي حازم (مصطفى حمزة المسؤول الحالي لمجلس شورى الجماعة) انكم ستتعاملون مع المبادرة بايجابية، وان الموقف معلق لحين حل الخلاف، مع الاخوة في السجن حول اسلوب قيادة الجماعة، وان هذا الاعلان يراد به تهدئة الاوضاع حتى لا يصدر من الاخوة في السجون بيانات اخرى تزيد من تعقيد المشكلة، ولكن الحاصل ان الاخوة في السجون، لم يتوقفوا عن اصدار البيانات، وانتم في الخارج صامتون حتى جاء الاعلان الاخير. لذا فاني مهتم جدا لمعرفة رأيك انت في الامر بالذات.
* راجعوا مصير مؤسس «الإخوان المسلمين»
* واود ان اعيد التأكيد ان هذا الذي اعلن، وهو على الاقل رأي عدد كبير من الاخوة عندكم كما اخبرني ابو خالد (محمد الاسلامبولي) بذلك، يعد تراجعا خطيرا عما قامت عليه «الجماعة الاسلامية» من اسس وتناقضا صريحا عما تفخر به من موقف وتراث. فاذا اضيف الى ما نشر من تعليقات وتفسيرات وشروحات، لصار الامر نكسة خطيرة، خصوصا مع ما يصاحبها من صمتكم الذي يعطي الانطباع بموافقتكم على كل هذا الذي يقال. وما قصة حسن البنا (المرشد العام للاخوان المسلمين) رحمه الله مع حكومة السعديين ببعيد وكانت النهاية بعد ان مدح الطواغيت، واصدر بيانه الشهير (ليسوا اخوانا وليسوا مسلمين) ان قتلوه في الشارع هدية للملك. (الظواهري الف كتابا مهما اسمه «الحصاد المر» خصصه للهجوم على الاخوان المسلمين). ولو كان الاتفاق مع الحكومة مجديا ومفيدا لاستفاد منه الاخوان من قبل.
وكل معتبر يرى الحكومة تزج بهم في السجون كل يوم. فاحذروا من خسارة الدنيا والاخرة.
ويجب ان يكون ولاؤك لله والرسول هو الاصل الذي يتعارض منه كل ولاء، ثم اذا تعارض الاصل مع الفروع، فالزم الحق الذي ينجيك، في الدنيا والاخرة، وختاما اؤكد عليك الحضور الينا للاهمية القصوى، لتتشاور تفصيلا مع جميع الاخوة. كما ارجو ان اجد من حلمك وحسن ظنك المعهود بنا ما يفسح لهذه الرسالة في قلبك وعقلك، منزلا سهلا رحبا وان تعفو عما نبا فيها من قول او شطط بها من لفظ. وفقك الله ورعاك وهداك الى الخير وثبتك على الحق الذي يرضيه حتى تلقاه وقد تقبل عملك وغفر ذنبك والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أوراق الظواهري السرية (4) ـ الظواهري يشرح في رسالة مشفرة الاتفاق مع بن لادن على توسيع العمليات لتشمل الأميركيين
«شركة اخوان عمر» الرمز المشفر لطالبان بقيادة الملا عمر* «المعاناة من شركات الاحتكار الدولية» تعني المطاردة والملاحقة في ربوع الارض * «شركة عبد الله للمقاولات» تعني بن لادن * «المدرسة» قصد بها «القاعدة»
لندن: محمد الشافعي
تعكس مجموعة اخرى من الوثائق السرية التي حصلت عليها «الشرق الأوسط» من كومبيوتر الظواهري الحس الامني للحليف الاول لأسامة بن لادن، واستخدامه الكثير من الالفاظ والتعبيرات المشفرة، خوفا من وقوعها في ايدٍ قد تضر برجاله في الخارج . وضمن الوثائق رسالة موقعة باسم الدكتور نور رئيس مجلس الادارة وهو احد الاسماء الحركية للظواهري ومؤرخة بتاريخ الخميس 10 صفر 1422 الموافق 3 مايو (ايار) 2001 اي قبل اربعة اشهر فقط من احداث سبتمبر.
وفي الرسالة اول حديث عن ضرب اهداف عالمية كبرى قد تكون ضمن التخطيط لهجمات سبتمبر. وتنشر «الشرق الأوسط» نص الرسائل كما هي بعدما عرضتها على خبراء في شؤون الحركة الاصولية من المحسوبين على جماعة «الجهاد» المصرية لفك طلاسمها والقاء الاضواء على الغازها، وحل رموز الكنى المستخدمة لقيادات «الجهاد». وفي الرسالة كثير من الرموز المشفرة المرسلة من الظواهري لا يعرفها الا من ارسلت اليه. والرسالة موجهة الى ابو محمد المصري الذي يعتقد انه مسؤول كبير وقائد لاحدى الخلايا المباشرة التابعة للظواهري، وفيها حديث عن «شركة اخوان عمر» وهي حركة طالبان بقيادة الملا عمر، والتجارة الرابحة وهي الجهاد في سبيل الله، و«السوق» وهو «العمل المسلح»، و«القرية» هي مصر، و«المدرسة» هي «القاعدة»، و«المعاناة من شركات الاحتكار الدولية» تعني المطاردة والملاحقة لاعضاء «الجهاد» في جميع دول العالم بعد تفجير السفارتين، و«المستثمرون الاجانب» هم الاميركيون واليهود، الذين تشكلت «الجبهة العالمية» لقتالهم بعد اقناع الظواهري بالتوقيع على البيان التأسيسي لها في فبراير (شباط) 1998. وتتطرق الرسالة المشفرة الى ان «الصعايدة تركوا السوق» اي ان «الجماعة الاسلامية تخلت عن العمل المسلح»، و«شركة عبد الله للمقاولات» اي «القاعدة» بقيادة زعيمها بن لادن. وتتحدث الرسالة كذلك على ان شركة «اخوان عمر فتحت السوق للتجار» اي انها وفرت معسكرات التدريب للمجاهدين من كل الدول الاسلامية، وهو من فوائد الاقامة في افغانستان. وتطرقت الرل، م الى من اسمتهم «المستثمرين الاجانب» وهم الاميركيون «الذين يتوجب ضربهم وقتالهم».
وتتحدث الرسالة عن نتائج الحوار مع شركة «عبد الله للمقاولات» وهي «القاعدة» ودمج الشركتين وتقول انه كان من نتائج ذلك ظهور «قاعدة الجهاد»، وقد يكون ذلك مخرجا من عنق الزجاجة الذي اختنقت فيه الحركة الجهادية. كما تتحدث عن «نقل النشاط التجاري» اي العمل المسلح الى مرحلة الشركات المتعددة الجنسية، والربح المشترك اي مرحلة مهاجمة اهداف عالمية في الخارج، وهي من اولويات «القاعدة». ويطالب الظواهري بافادته سريعا في الرد على هذه الاستفسارات على ارقام فاكس باستخدام كود البلد المجاور، اي باكستان بعد الثامنة ليلا لصعوبة الاتصال بافغانستان. وهو يطالب بأن يكتب في اعلى الورقة «تصل لعناية منصور» وهو اسم قيادي اخر من جماعة «الجهاد». ويبدو ان كاتب الرسالة يستشعر تزايد قوة المجاهدين في افغانستان تحت امارة طالبان والتي يلمس اثارها في الارباح التي تتوالى على المجاهدين، بعد ان يسر المولى اجتماعهم على مدير شركة اخوان عمر «اي ان قوة المجاهدين تتزايد بعد مبايعتهم للملا عمر حاكم طالبان اميرا للمؤمنين».
وهنا نص الرسالة:
الاخوة الكرام ارجو ان تكونوا في خير حال، وان يجمع الله بيننا على مايحب ويرضى. اشتاق كثيرا الى رؤيتكم فعسى ربنا ان يجمع بيننا كثيرا في بلادنا مجتمعين. وبعد. ألخص لكم احوالنا اننا نحاول العودة الى نشاطنا الاساسي السابق، وكانت اهم خطوة هي افتتاح المدرسة (القاعدة)، كما اننا فتحنا هنا للاساتذة (المجاهدين) باب التجارة الرابحة، (الجهاد في سبيل الله)، تأسيا بقول الله تعالى: «يا أيها الذين امنوا هل ادلكم على تجارة تنجيكم من عذاب اليم، تؤمنون بالله ورسوله، وتجاهدون في سبيل الله باموالكم وانفسكم ذلكم خير لكم ان كنتم تعلمون» (سورة الصف)، والامور كلها مبشرة عدا نفور استاذين رغم ماوفرناه لهما ونحن صابرون». وكما تعلمون فان الوضع تحت في «القرية» اصبح سيئا امام التجار، فاقاربنا الصعايدة تركوا «السوق»، ونحن نعاني من شركات الاحتكار الدولية والخلافات بيننا لاسباب واهية، مع قلة الامكانيات وتفرقنا بمدن متعددة، ولكن الله فتح علينا باب رحمة بقيام شركة اخوان عمر التي فتحت السوق للتجار، ووفرت لهم فرصة اعادة ترتيب اوراقهم، فجزاهم الله خيرا، ومن فوائد التجارة هنا اجتماع التجار، من كل مكان معا في مكان واحد، تحت هذه الشركة، فزاد التآلف والتعاون بينهم، وعلى الاخص بيننا وبين شركة عبد الله للمقاولات، وكانت نتائج هذا العمل الحوار بيننا لدمج الشركتين ثم العرض الذي قدموه وملخصه دفع العمل التجاري في القرية لمواجهة المستثمرين الاجانب، مع تنشيط الدعاية ثم التفاهم، على عمل مشترك لتوحيد التجارة في كل منطقتنا. وقد سمحت العلاقة الوثيقة لحوار صريح لحل مشاكلنا. ويرى الزملاء ان هذه فرصة ممتازة لدفع المبيعات عامة وفي القرية خاصة، وهم حريصون على انجاح هذا المشروع، بقوة ويستبشرون بانه قد يكون مخرجا، من عنق الزجاجة، الذي اختنقنا فيه، ونقل النشاط التجاري الى مرحلة الشركات المتعددة الجنسية، والربح المشترك، ونحن نتفاوض في التفاصيل والطرفان مستبشران ايضا. ومن ناحيتكم ارجو ان تنشطوا الدعاية عندكم وتحرصوا على توثيق علاقاتكم بجميع المتعاطفين. كما اننا نرحب بالراغبين بالمشاركة في برامج التدريب، ولكن لقلة امكانياتنا نسألهم ان يتحملوا مصاريف الانتقال، او ان يعتبروها دينا مؤجلا لحين ميسرة. اما من يصلنا فسيشاركنا فيما نحن فيه. كما اؤكد ترحيبنا بأي فكرة للعودة الى السوق وخاصة المحلي لمنافسة المستثمرين الاجانب من امثال شيكوريل وصيدناوي، وهذا من اسباب دراستنا لهذا العرض بجدية، ثم قبل كل شيء لتحقيق فائدة الربح المشترك، تلك السياسة التي نلمس اثارها هنا في الارباح، التي تتوالى على التجار بعد ان يسر المولى اجتماعهم، على مدير شركة اخوان عمر. وختاما استودعكم الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. رئيس مجلس الادارة الدكتور نور».
* رسالة عتاب
* وبين الوثائق هناك رسالة اخرى من منتصر الزيات، محامي الاسلاميين بمصر، الى المحامي عادل عبد المجيد عبد الباري ( يعتقد انه شغل منصب مسؤول الجهاد بلندن قبل ان يتم اعتقاله في قضية تفجير سفارتي اميركا في نيروبي ودار السلام) اولها تهنئة بمناسبة حلول شهر رمضان المبارك، واخرها عتاب ولوم لعدم مناصرته في مبادرة وقف العنف التي اطلقها القادة التاريخيون لـ«الجماعة الاسلامية» يوليو (تموز) .1997 ولا يعرف احد كيف اخذت الرسالة طريقها الى كومبيوتر الظواهري، وحسب تفسيرات اصوليين بلندن ان عبد الباري نفسه ربما يكون اعاد ارسالها ثانية الى الظواهري عبر البريد الالكتروني. والرسالة مكتوبة على الاوراق الخاصة بمكتب الزيات، وتظهر عنوان وهواتف مكتب الزيات في القاهرة، وعليها ارقام هواتف مكتب الزيات ومؤرخة بتاريخ 11 يناير (كانون الثاني) .1998 وفي الرسالة تحدث الزيات عن «حجب النصرة في موضع انتقص فيه سفيه من عرضه». ويقول اصوليون في لندن ان الرسالة ربما ارسلها عبد الباري الى الظواهري لاصلاح ذات البين بين الرجلين واعادة المياه الى مجاريها، بعد ان كثرت انتقادات الظواهري لمحامي الاسلاميين.
والرسالة موجهة الى عبد الباري، المحتجز حاليا في السجون البريطانية على ذمة طلب الترحيل الى الولايات المتحدة الاميركية مع زميله المصري ابراهيم عيدروس (وكلاهما يعتقد انهما من تنظيم الجهاد) وخالد الفواز (سعودي) في قضية تفجير سفارتي اميركا في نيروبي ودار السلام في اغسطس (اب) .1998 ويقول الزيات في رسالته: نسأل الله، ان يتقبل منا ومنكم الصيام، والقيام وان ينزل رحمته على امتنا الاسلامية في هذا الشهرالكريم المبارك، سائلين الولى عز وجل ان يقبل دعاء المسجونين وتضرع المعتقلين ونحيب ذويهم واطفالهم فينزل عليهم رحماته ويفرج كرباتهم وعلى من نصر اخاه في موضع ينتقص فيه من عرضه ووعده بالنصر. وبعد فقد حمد النبي الله في موضع يحب فيه نصرته، ولكم عز عليّ حجب نصرتكم في موضع انتقص فيه سفيه من عرضي. واخر دعوانا ان الحمد لله رب العالمين. منتصر الزيات 11/ 1 / .1998
أوراق الظواهري السرية (5) ـ الظواهري يتحدث عن «الثمرات المباركة» بعد تفجير السفارتين الأميركيتين
* خطاب مفتوح ينتقد فيه زعيم «الجهاد» قادة الجماعة الإسلامية لإعلانهم وقف العنف
محمد الشافعي
في احدى الوثائق السرية حصلت عليها «الشرق الأوسط» من كومبيوتر ايمن الظواهري زعيم «الجهاد» المصري، يقول «ان الحركة الجهادية عصية على الاستئصال او التطويع او الاكراه او التنازل عن ثوابتها ، رغم البطش الذي يصب عليها دون توقف وبلا رحمة». والرسالة تعد الوحيدة التي وقعها الظواهري، حليف اسامة بن لادن، باسمه صراحة دون استخدام اسماء الكنية التي كان يعرف بها مثل «الدكتور عبد المعز » و «الاستاذ نور» و«ابو محمد»، وهي مؤرخة بتاريخ 4 اكتوبر (تشرين الاول) 1998، اي بعد اقل من شهر من تفجير السفارتين الاميركيتين اغسطس (اب) 1998، وقتل فيهما 224 شخصا كان بينهم 11 من الاميركيين، وجرح آلاف آخرون. وجاء اسم الظواهري في هذه القضية كمتهم رئيسي على لائحة مكتب المباحث الفيدرالية الاميركية «اف.بي. اي» الى جانب بن لادن زعيم «القاعدة» وقياديين مصريين من جماعة «الجهاد» ابرزهم «ابو محمد المصري» واسمه عبد الله احمد عبد الله، وابو حفص» واسمه محمد عاطف (المسؤول العسكري السابق لـ«القاعدة» قتل في الغارات الالمركية على قندهار) و«ابو خديجة» واسمه احمد محمد حامد علي، وسيف العدل المسؤول العسكري الحالي لـ«القاعدة» (يعتقد انه يختبئ حاليا في ايران)، واخرون من جنسيات اخرى منهم ابو انس الليبي، وشيخ احمد سالم سويدان، ومصطفى محمد فضل الله.
* فقد الأمل في طه
* ورسالة الظواهري موجهة الى القادة التاريخيين لقادة «الجماعة الاسلامية» المحظورة، المحتجزين في السجون المصرية وتحدث فيها باسلوب مباشر عن الحركة الجهادية بعد ما اعتبره النكسة التي لحقت بها في اعقاب المبادرة التاريخية لقادة «الجماعة» المحتجزين في السجون المصرية. وارجع الظواهري «الثمرات المباركة» التي تحققت من النجاح في تفجير السفارتين، جاءت بسبب الوحدة والتناصر والتآلف.
لم ييأس الظواهري من تراجع «الجماعة الاسلامية» رغم كثرة الرسائل الموجهة الى رفاعي طه «ابو ياسر» مسؤولها العسكري. ويبدو ان الظواهري كتب هذه الرسالة الى القادة التاريخيين لـ«الجماعة الاسلامية» بعد ان فقد الامل في ابو ياسر (رفاعي احمد طه) المسؤول العسكري لـ«الجماعة الاسلامية» وصاحب الصوت المتشدد الوحيد والمسؤول عن مذبحة الاقصر في نوفمبر (تشرين الثاني) عام 1997، التي راح ضحيتها 58 سائحا، والذي تردد ان مصر تسلمته من دمشق منتصف العام الجاري.
وتنشر «الشرق الأوسط» نصوص الرسائل كما هي بعدما عرضتها على خبراء في شؤون الحركة الاصولية من المحسوبين على جماعة «الجهاد» المصرية «لفك طلاسمها والقاء الاضواء على الغازها، وحل رموز الكنى المستخدمة لقيادات «الجهاد». والرسالة هذه المرة لا تحتوي على الفاظ مشفرة او كنى، وحسب تفسير اصولي مصري بلندن، فان الظواهري كتب هذه الرسالة الى العموم من ابناء «الجماعة الاسلامية»، وقعها باسمه صراحة. ويقول الظواهري في رسالته: ان الحركة الجهادية في هذا العصر ما زالت وليدة بادئة، وعمرها الفعلي قصير وان كانت قد استطاعت ان تنتزع لنفسها مكانا بين قوى الدنيا المتصارعة، وتحتفظ لنفسها به، الا ان الطريق امامها لايزال طويلا، باعتبار تمكن اعدائها من مصائر الامة منذ زمن طويل، وماحشدوه من جيوش تابعة لهم».
ويوجه الظواهري لغة الخطاب الى قادة «الجماعة الاسلامية» بقوله انه يكتب هذه الرسالة «بعد زمن من صدور المبادرة التي اصدرتموها، ولكني كنت اترقب الظرف المناسب حتى يسر لي الله ان اقابل احد الاخوة الكرام، فاستشرته فشجعني، فشرعت في الكتابة اليكم والله المستعان».
* الخطر الحقيقي لأميركا
* ويقول الظواهري ان الحركة الجهادية الان تعتبرها اميركا واسرائيل الخطر الحقيقي الاول عليهما في المنطقة ، لوضوح مواجهتها لهما. وتطرق الظواهري الى مأساة الحركة الجهادية من وجهة نظره في رسالته، فقال لا توجد حركة سياسية في مصر تستطيع ان تصمد لكل ماتتعرض له هذه الحركة، وزعم وجود 60 الف معتقل في السجون المصرية ، وصدور مائة من احكام الاعدام في المحاكم العسكرية ، ومئات من احكام الاعدام في المحاكم العسكرية، ومئات من احكام السجن الطويلة والقتل في الشوارع والمزارع والمداهمات والتعذيب والتنكيل الذي ابيح فيه كل شيء، ويضيف ان كل ذلك يدل على ان هذه الحركة لها من الانصار ولدعوتها من الاتباع والمناصرين والمتعاطفين والمحبين مالاتملكه اي قوة اخرى. وقال «ان الحركة الجهادية ما اكتسبت هذا الدعم من فراغ بل اكتسبته لسببين: اولهما وضوح مواجهتها مع قوى الكفر الخارجية والداخلية وهتكها لأستارها وكشفها عن العلاقة الوثيقة بينها». ثانيهما: «ان الحركة الجهادية دفعت ثمن مواقفها غاليا من دماء ابنائها وتضحياتهم». واستغرب الظواهري صدور ما أسماه «مبادرة وقف العنف» من قادتها في السجون المصرية، وقال «احسبها خاسرة قبل ان تخرج»، فلا هي حققت للحركة الجهادية رصيدا تاريخيا تعتز به، وتضرب مثلا على الثبات والبذل والعطاء، ولا هي حققت في عالم السياسة شيئا». ويتطرق الظواهري الى الافرازات السلبية من وجهة نظره لمبادرة وقف العنف، فيقول لقد اظهرت تلك المبادرة «خلافا بين اجنحة الجماعة الاسلامية». واظهرت على السطح مشكلة ادارة العمل داخل الجماعة. ويقول الظواهري في رسالته «يكفي ان الحركة الجهادية ظهرت بموقف الضعيف، لان الترجمة السياسية لهذه المبادرة هي الاستسلام ، ففي اي معركة يرغم المستسلم على وقف اشتباكه وتحريضه والرضى بالاسر، وتسليم افراده وسلاحه بدون مقابل». واضاف «ان المبادرة اظهرت ان من الحركة الجهادية مستعدة للتفاهم مع الحكومة منفردة، مما يمكن الحكومة من ان تتلاعب بكل منها على حدة».
* زعيم «الجهاد»: إذا كان العمل المسلح سيتوقف فلماذا بدأ أصلا؟
* ويتحدث الظواهري عن الاشكالات والاسئلة المحرجة التي تتعرض لها الحركة الاصولية، ومنها : «اذا كنا سنتوقف الان، فلماذا بدأنا اصلا؟ ولماذا يصدر الاخوة في السجون شيئا، دون التفاهم مع اخوانهم في الخارج»؟ ويقول الظواهري «مما لاشك فيه ان هذه المبادرة هزت صورة القادة الاسرى لدى الشباب ، واصابتهم بصدمة عنيفة ، وهي خسارة فادحة للحركة الجهادية ككل». ويوضح: «يعلم الله مدى تألمي لما تلقونه وتعانونه، ولكن لعلمكم لا تعلمون اننا ايضا، نعاني معاناة شديدة من لون اخر، لا يتسع المجال هنا لشرحها، ويعلم الله تألمي من سماعي لهذه المبادرة، وما أحدثته من اثار سلبية، فانكم يا أحبابنا لستم ملكا لانفسكم، ماتمثلونه الان، قد خرج عن اطاركم الشخصي، انكم بفضل الله من رموز الحركة الجهادية ، في قلب العالم الاسلامي، التي صعدت من عملها بنعمة الله وبفضله، وتوفيقه ومدده حتى اصطدمت باكابر المجرمين «الاميركين»، بجرهم لمعركة مكشوفة مع جماهير الامة دون ان توقف اصطدامها مع الحكومة المصرية». ويحاول الظواهري ان يدق اسفينا بين الزيات، محامي الاسلاميين، والقادة التاريخيين للجماعة بالزعم ان المبادرة استغلت اسوأ استغلال بتصريح اعلامي للزيات قال فيه: «ان الجماعة الاسلامية عندما علمت بقرب ضرب الجبهة الاسلامية لجهاد اليهود والصليبيين الاميركيين، حرصت «الجماعة الاسلامية» على اظهار انفصالها عنها، لان الجماعة اتخذت قرارا بوقف العنف في الداخل والخارج». ويؤكد ان «الجبهة العالمية لقتال اليهود والصليبيين» خطوة صحيحة في الاتجاه الصحيح، «وهذه الجبهة التي حرصنا وما زلنا حريصين على دخول «الجماعة» فيها باعتبارها خطوة لتقوية شوكة المجاهدين، والنكاية في اعدائهم».
أوراق الظواهري السرية (6) ـ الظواهري يبرر العملية الاستشهادية ضد سفارة القاهرة بباكستان ويتهم الاستخبارات المصرية بممارسة اللواط مع ابن قيادي بـ«الجهاد»
لندن : محمد الشافعي
تتحدث مجموعة من الوثائق الخاصة بأيمن الظواهري زعيم «الجهاد» المصري الحليف الاول لاسامة بن لادن، حصلت عليها «الشرق الاوسط» من منازل قياديين اصوليين محسوبين على جماعة «الجهاد» المصرية بلندن، عما يسمى بالاسس السياسية والشرعية التي اعتمدتها ودرستها الجماعة المحظورة قبل تفجير السفارة المصرية في اسلام اباد عام .1995 ويتحدث الظواهري في الكتيب الذي الفه وحمل توقيعه ووزع على نطاق ضيق بين اعضاء جماعته في باكستان وافغانستان عن الاسباب التي دفعت الجماعة الى تفجير السفارة المصرية في العاصمة الباكستانية اسلام اباد ويعتبرها عملية استشهادية.
ويحمل الكتيب اسم «سلسلة نشرات المجاهدين» وهو رقم 11، ويتكون من 142 صفحة، ويركز على الترويج للعمليات الانتحارية «الاستشهادية» من جهة المنظور الشرعي الاسلامي، والتي اعتمدتها «القاعدة» بعد ذلك في الترويج لعمليات 11 سبتمبر الارهابية. وهناك فصل خاص عن حكم قتل الكفار اذا اختلط بهم مسلمون، ويمكن تطبيق ذلك من وجهة نظر «القاعدة» على الرأي الشرعي في موقف المسلمين الذين قتلوا غدرا في العمليات الارهابية التي ضربت واشنطن ونيويورك 11 سبتمبر .2001 ويسوق الظواهري الكثير من الادلة الشرعية والفقهية في محاولة مستميتة لايجاد التبريرات للعملية الاثمة.
وكشف الظواهري ان الذي قام بعملية اسلام اباد هما عنصران من جماعته، قال انهما يمثلان: «جيلا من المجاهدين قرر ان يضحي بنفسه وماله في سبيل الله. لان طريق الموت والشهادة هو السلاح الذي لا يملكه الطواغيت واعوانهم الذين يعبدون راتبهم من دون الله».
ويقول الظواهري ان العملية «الاستشهادية» لجماعة الجهاد ضد السفارة المصرية في اسلام اباد جاءت لتنسف مجموعة من العقائد والقيم منها «عبد المأمور» اي ان الاتباع مبرأون من المسؤولية طالما ان جرائمهم كانت طاعة لاسيادهم، وقال ان للفظ «عبد المأمور اصوله الفرعونية، بمعنى ان السيد المعبود من دون الله، قد امرك فانت معذور بريء، سواء كان هذا السيد المطاع فرعونا او ملكا او رئيسا، او نائبا لرئيس او موظفا اعلى من غيره في نظام ذلك الرئيس.
ويحاول الظواهري ان يجد تبريرات اخلاقية ودينية لقتل مصريين في تفجير السفارة المصرية، ويقول ان هؤلاء الابرياء من موظفين ودبلوماسيين وحراس هم اعوان الحكومة المصرية، ويزعم ان حكومة بلاده منعت حكم الاسلام، وفرضت الدستور العلماني والقوانين الوضعية، وفتحت ابواب السجون للاصوليين، وزعم الظواهري وجود 60 الف معتقل من الاسلاميين. ويهاجم الظواهري صفوت الشريف وزير الاعلام، ولم يترك طائفة من طوائف الشعب الا وشن عليها حملة شرسة من الانتقادات طالت رجال الشرطة والجيش والقضاة واعضاء النيابة وعلماء الدين الذين سماهم علماء «السوء». الا ان رجال الخارجية كال لهم النصيب الاكبر في اتهامات الظواهري، لانهم في رأيه ينفذون سياسات الحكومة الخارجية في مساندة الحكومات المعادية للاسلام، على حد زعمه، والقيام بالمطاردات الامنية للمجاهدين في الخارج وتنفيذ مؤامرات الاختطاف والاعتقال كما حدث لطلعت فؤاد قاسم (ابو طلال القاسمي المتحدث الرسمي باسم «الجماعة الاسلامية») الذي اختطف من كرواتيا.
* اعدام الظواهري لنجل ابو الفرج المصري
* ويزعم الظواهري ان جماعة «الجهاد» المصرية كشفت عن اكثر من قضية مارس فيها اعضاء الاستخبارات المصرية اللواط مع عملائهم، في اشارة الى قصة الصبي نجل احد كبار قادة «الجهاد» ابان اقامة بن لادن والظواهري في السودان، والذي تم تجنيده من قبل رجال الاستخبارات المصرية وهي قصة يتداولها الاصوليون، وحكمت فيها جماعة الجهاد عندما كانت في السودان على الصبي بالاعدام، مما دفع والده الى الاستقالة من التنظيم المحظور.
وتحدث اصوليون في لندن عن نشرة اصدرتها جماعة «الجهاد» من 22 صفحة نهاية عام 1994، وزعت على نطاق ضيق جدا، برر فيها الظواهري الاحكام الشرعية لاعدام صبيين من «الجهاد» احدهما نجل ابو الفرج المصري، والاخير اسمه محمد شرف، وهو من كبار اعضاء «اللجنة الشرعية والقضائية للجهاد»، بعد ان جندت المخابرات المصرية نجله واسمه مصعب في السودان على يد ضابط استخبارات مصري اسمه «اسامة» ويزعم الظواهري ان الضابط مارس معه اللواط، وصوره في شريط فيديو كنوع من الضغط على الصبي، 17 عاما، للقيام بعمليات تجسس لحساب الاستخبارات المصرية لاختراق قادة «الجهاد» في منازلهم، وجمع اكبر قدر من المعلومات عن تحركاتهم والاسماء الكودية وجوازات السفر التي يتنقلون بها.
وقالت نشرة « الجهاد» ان تصوير الشابين واسماهما احمد (نجل قيادي اصولي من الاسكندرية) ومصعب (نجل ابو الفرج اليمني) على شرائط فيديو اثناء ممارسة اللواط مع الضابط المصري، كان الهدف منه كسر براءة الطفولة في نفسيهما والسيطرة عليهما لتنفيذ رغبات الامن المصري.
ويكشف اصولي مصري ان اجهزة الامن المصرية في السودان كانت تعلم ان الظواهري يقيم في السودان، ولم تبلع تلك الاجهزة الطعم الذي روجت له جماعة «الجهاد» اعلاميا بنية زعيمها عقد مؤتمر صحافي في سويسرا عام .1993 ويضيف ان حسن الالفي وزير الداخلية المصري السابق كان على حق في تلميحاته الى انه يعرف تحركات قيادات الجماعة خارج مصر وداخل منازلهم، وكانت «الجهاد» بدورها لاتصدق حجم الاختراق الامني الذي لحق بها واضر بقياداتها.
واشار الاسلامي المصري الذي عاصر تلك الفترة ان «الجهاد» عرفت في وقت متأخر ان الاستخبارات المصرية كانت تستأجر منزلا في مواجهة منزل الظواهري مباشرة في العاصمة الخرطوم.
ويضيف ان تعاون الشابين مصعب واحمد مع رجال الامن المصري ادى الى اعتقال قيادي مصري كبير من «الجهاد» في احدى الدول العربية، واحتجازه في تلك الدولة لمدة 50 يوما قبل ابعاده الى القاهرة، بسبب ان مصعب فتح حقيبة والده ابو الفرج اليمني في الخرطوم، بعد ان صور الكثير من الوثائق، وعرف كثيرا من التفاصيل عن الجوازات المزورة التي يستخدمها اعضاء «الجماعة» في الخارج، ثم قام بتسليم نسخة منها الى الضابط المصري.
ويكشف اصوليون مصريون ان الاستخبارات السودانية هي التي كشفت ان نجل ابو الفرج اليمني يعمل للاستخبارات المصرية بعد متابعته وهو ينزل من سيارة ضابط الاستخبارات المصري، والتي كانت تحمل ارقاما دبلوماسية، فأبلغوا الظواهري ولجنة الامن السياسي التابعة لـ«الجهاد»، ونصحت الاستخبارات السودانية قيادات «الجهاد» بتتويب نجل ابو الفرج اليمني، وعدم التعرض له باعادته الى الطريق الصحيح واعطائه فرصة حياة اخرى.
ويضيف اصوليو لندن ان مصعب نجل ابو الفرج اليمني كان يضلل قيادات «الجهاد» الذين يبحثون بصورة محمومة عن ضابط الاستخبارات المصري، فمرة يرشدهم الى حي العمارات الراقي ومرة اخرى يأخذهم الى احياء الرياض والطائف بالعاصمة السودانية دون ان يستدل على شقة الضابط المصري، الى ان ارسله الاصولي المصري الى «الخلاوي» وهي زوايا صغيرة لتحفيظ القرآن، ولكن الصبي كانت تبدر منه افعال، جعلت القائمين على تلك «الخلاوي» يبادرون الى طرده.
وكشف اصوليو لندن عن وجود شريط فيديو يتعرض لمحاكمة نجل ابو الفرج اليمني، امام مسؤولي اللجنة الشرعية لـ «الجهاد»، وسؤاله عن حقيبة المتفجرات التي ضبطها معه طارق انور (مسؤول العمليات بالقاعدة) ومحمد صلاح (المسؤول المالي والاعلامي للقاعدة) وكلاهما قتل في الغارات الاميركية على خوست العام الماضي، وكان من المقرر ان يضع نجل ابو الفرج اليمني، حقيبة المتفجرات في الغرفة التي ستستضيف اجتماعات مجلس شورى تنظيم «الجهاد» بالعاصمة الخرطوم.
وكشف نجل ابو الفرج اليمني في اعترافاته عن كثير من التفاصيل امام الظواهري وقادة «الجهاد» منذ اول يوم تعاون فيه مع الامن المصري، قبل اصدار الجماعة حكما باعدامه، وهو الامر الذي وضع مستقبل الجماعة في السودان في خطر، وانهى الزواج الكاثوليكي مع الامن السياسي بالخرطوم، لان الحكومة السودانية اتهمت الظواهري بانه «دولة داخل دولة».
وكان رد الظواهري حسب اسلامي مصري عاصر تلك الاحداث، على القيادات الامنية السودانية المقربة من الدكتور حسن الترابي :«اننا نطبق الشرع اولا على انفسنا، واذا لم نفعل ذلك فكيف نطبقه على الاخرين». مما ادى الى انذار الحكومة السودانية لقيادات الجهاد بضرورة مغادرة الخرطوم في غضون ايام، وكانت القطيعة النهائية، لدرجة ان الظواهري، طلب ابقاء الزوجات والاطفال، ولكن الامن السياسي رفض ذلك. وتفرقت قيادات «الجهاد على اثر ذلك مابين اليمن والاردن وافغانستان.
ويقول الظواهري لقد تمسكت جماعة «الجهاد» باقامة الحدود الشرعية في قضية السفارة المصرية في باكستان، رغم ضغط الخائفين والمترددين، ووزعت الجماعة ملف القضية على اعضائها للعبرة والعظة. وذكرت جماعة الجهاد في الملف «ان القضية مازالت مفتوحة حتى يتم القصاص من كل المتورطين فيها من اعضاء السلك الدبلوماسي المنحط».
وقال زعيم «الجهاد» المصري ان موظفي السفارة المصرية في باكستان تفوقوا على زملائهم في الخارجية المصرية، فزعم انهم اضطلعوا بدور التحريض ضد المجاهدين العرب في افغانستان.
وقال ان السفارة المصرية في باكستان نجحت في التجسس على «الافغان العرب»، واحتوت شبكة واسعة من الجواسيس والعملاء، الذين نعرفهم ولم يحن الوقت بعد لسرد قصصهم، ولعله يكون قريبا ان شاء الله.
واشار الى ان عملية اسلام اباد «كانت ردا بليغا على السلطات المصرية التي قالت ان العمليات قد توقفت، وان المجاهدين قد فشلوا في الداخل، فهربوا الى الخارج، ووصف ذلك بانه «اعتذار مضحك»، وقال ان المجاهدين لا ينتظرون تصريحا من احد، بمكان العمل وهم ينتقون الاهداف.
وزعم الظواهري ان عملية خان الخليلي التي تم كشفها عام 1996، اي بعد عام من تفجير السفارة المصرية، واتهم فيها الاصولي المصري عادل عبد المجيد عبد الباري، المحتجز في السجن البريطاني بعد صدور حكم بالاعدام غيابيا عليه تدل على ان المجاهدين موجودون داخل مصر.
وتطرق الظواهري الى شخصية «غلام الملك» في قصة اصحاب الاخدود، واستشهد بآيات قرآنية من سورة البروج، وهو يتعرض لجواز العمليات «الاستشهادية» من المنظور الشرعي. وكذلك حكم رمي الكفار اذا اختلط بهم مسلمون او من لا يجوز قتله. واباح الظواهري قتل الاسير لنفسه حتى لا يفشي اسرار المجاهدين للاعداء.
وتطرق الى قصة القيادي الاصولي ابراهيم سلامة في معركة الجمالية مع قوات مكافحة الارهاب التابعة للامن المركزي في 23 اكتوبر (تشرين الاول) عام 1981، والتي شارك فيها ضابط المدرعات عصام القمري ونبيل سلامة (قتلا في العملية) ونبيل النعيم (محتجز في السجون المصرية) حيث سقطت من يد ابراهيم سلامة قنبلة يدوية، منزوعة الفتيل فما كان من الاخير، الا ان القى بنفسه عليها حماية لزميليه من جماعة «الجهاد»، فمزقته الى اشلاء، ووصف الذين قتلوا في العملية بانهم «فرسان التوحيد».
* منشورات «الجهاد»
* ومن جهته قال المحامي هاني السباعي الاسلامي المصري مدير مركز «المقريزي» بلندن للدراسات التاريخية في اتصال هاتفي اجرته معه «الشرق الاوسط» ان جماعة «الجهاد» كانت مهتمة بتوعية شبابها وابناء حركتها باصدار تلك الكتب، بالاضافة الى دورها في نشر الوحدة الفكرية لاعضاء جماعة «الجهاد» بين جموع الامة كلها، وهو من باب التوعية وتبصير الامة باهداف الجماعة.
ويقول ان من ابرز كتب جماعة «الجهاد» «العمدة في اعداد العدة» لمؤلفه الدكتور عبد العزيز بن عبد السلام، وهو الطبيب الجراح الدكتور سيد فضل الامير السابق لجماعة «الجهاد» المصرية حتى استقالته عام 1993، ويعتبر من ابرز قادة الجهاد «الشرعيين» بمؤلفه الضخم «طلب العلم الشريف» وهو من مجلدين، ويعتبر الكتاب الاخير، حسب اسلاميين مصريين مقيمين في لندن بمثابة النبراس الحقيقي وطريق الهداية لقادة الحركات الاصولية.
اما الدكتور فضل وكنيته عبد العزيز بن عبد السلام وهو طبيب جراح قدم استقالته من قيادة «الجهاد» عام 1993 في باكستان، بعد ان ضبطت السلطات المصرية، اكثر من الف اصولي بطريقة عشوائية في قضية تنظيم «طلائع الفتح الاسلامي» عام .1993 وكشف اصوليون في لندن ان الدكتور سيد امام واسمه الحقيقي هو السيد امام عبد العال، وكان حتى فترة قريبة يقيم في اليمن، وكان يرى وجوب عدم الصدام مع الانظمة الحاكمة لان الصدام سيفقد الحركة الجهادية ذخيرتها من الشباب. ويعتبر الدكتور امام من ابرز العلماء الشرعيين للجماعة المحظورة، وكان يرى ضرورة تربية كوادر جهادية داخل صفوف الجيش حتى تحين ساعة الصفر، دون الحاجة الى الصدام المسلح مع مؤسسات الدولة، مما ادى الى خلافه الشديد مع الظواهري الذي كان يقيم في السودان الى جانب بن لادن. وانتهت الخلافات حسب اسلاميين مصريين بين القطبين الجهاديين بفوز كفة الظواهري وتوليه قيادة «الجهاد» المصري، وعودة الدكتور امام الى تأليف الكتب الشرعية والفقهية في باكستان قبل ان يسافر الى اليمن.
وكتاب «كشف الزور والبهتان عن حلف الكهنة والسلطان»، وفي هذا الكتاب ترد جماعة الجهاد على علماء الازهر عام 1989 مثل الشيوخ محمد متولي الشعراوي وسيد طنطاوي والكتور الطيب النجار.
وللجماعة كتاب اخر اسمه «نصح الامة في عدم جواز دخول مجلس الامة» وينصح هذا الكتاب الاسلاميين بعدم وجوب الترشح لمجلس الشعب المصري، و«الحصاد المر» لمؤلفه ايمن الظواهري، الذي خصصه للهجوم على جماعة «الاخوان المسلمين». وضمن الكتب المثيرة للجماعة المحظورة كتابان هما «الهادي الى سبيل الرشاد في معالم الجهاد»، و«حكم الديمقراطية وبيان اخطاء الاخوان الشرعية».
وضمن كتب جماعة الجهاد كذلك «الحوار مع الطواغيت مقبرة الدعوة والدعاة»، و«السرية في العمل الاسلامي» ويتعرض هذا الكتيب للاصول التي يجب على عضو الحركة الاصولية الالتزام بها طبقا لمبادئ الشرع.
وهناك نشرة اصدرتها الجماعة المحظورة بمناسبة مقتل القيادي الاصولي ضابط المدرعات عصام القمري في شارع شبرا بعد هروبه من سجن طرة. وخصص الظواهري فصلا خاصا باسم القمري في كتابه «فرسان تحت راية النبي» الذي نشرته «الشرق الاوسط» العام الماضي. واصدرت «الجهاد» كتابا خاصا لقضية «شركات توظيف الاموال بمصر». وهناك حوار مثير للظواهري اسمه «كلمة حق» حصلت «الشرق الاوسط» على نسخة منه.
ويقول الاسلامي المصري الدكتور هاني السباعي: «رغم كل ما حدث، فان الدكتور ايمن الظواهري سيظل علما من اعلام الحركة الجهادية، ويعتبر من كبار مفكريها، وسينال احترام من اتفق معه او من اختلف نظرا لعطائه وزهده وورعه وتفانيه واخلاصه.
أوراق الظواهري السرية (7) - تنظيم الجهاد يحقق في التبذير المالي لعناصره في لندن ويفشل في استدراج قيادي باليمن أبلغ أسرارهم للسلطات المصرية
لندن: محمد الشافعي
كشفت مجموعة اخرى من الوثائق السرية حصلت عليها «الشرق الأوسط» من كومبيوتر ايمن الظواهري زعيم تنظيم «الجهاد» المصري المحظور الحليف الاول لاسامة بن لادن، عن وجود لجان تحقيق واستجواب داخل الجماعة تمارس مهامها في استجواب الاعضاء والتحقيق في النزاعات الداخلية بين قادة التنظيم المحظور.
وركزت اللجنة الامنية على العديد من الاستجوابات مع قيادات «الجهاد» الموجودين في اوروبا حول التبذير وسوء التصرف المالي في اموال التنظيم السري المحظور.
وتتطرق الوثيقة الى الخلافات بين قادة «الجهاد» في محطة لندن وتتحدث عن حساب القيادي الاصولي عباس. ويعتقد انه «عادل عبد المجيد عبد الباري عضو الجهاد المحتجز في السجن البريطاني مع زميليه الضابط المصري ابراهيم حسين عيدروس (محتجز في مستشفى برودمور بانجلترا) وخالد الفواز (سعودي) على ذمة الطلب الاميركي لترحيلهم في قضية تفجير سفارتي الولايات المتحدة في نيروبي ودار السلام. اغسطس (اب) .1998 وفي الوثيقة اتهامات لاحد اعضاء «الجهاد» بلندن بالتبذير على شراء مكاتب وكومبيوترات جديدة لاصدار مجلة عربية اسبوعية بلندن.
وتنشر «الشرق الأوسط» نصوص الرسائل كما هي بعدما عرضتها على خبراء في شؤون الحركة الاصولية من المحسوبين على جماعة «الجهاد» المصرية «لفك طلاسمها والقاء الاضواء على الغازها، وحل رموز الكنى المستخدمة لقيادات «الجهاد».
وتكشف وثيقة عن رسالة بعث بها قيادي اصولي اسمه ابو الحسن الى الاستاذ نور يعتقد انه الظواهري زعيم «الجهاد» يبلغه بنتيجة التحقيق في بعض القضايا التي كلفه بها من قبل.
ويؤكد ابو الحسن وهو القاضي الشرعي (يعتقد انه كان يقيم في افغانستان بجوار بن لادن حتى قبل سقوط طالبان) في الرسالة المشفرة المرسلة الى الظواهري صعوبة التحقيق في هذه القضايا لعدة اسباب، منها بعد اطراف النزاع بعضهم عن بعض، اي انهم يقيمون في دول بعيدة عن بعضهم، كذلك بسبب عدم معرفة ابو الحسن بهؤلاء الاشخاص وكثرة تكاليف الاتصال بالاطراف المعنية، دخول بعض الاطراف في تفاصيل جانبية وكثيرة تشعب هذه القضايا، ولعل غرض بعضهم من ذلك، هو صرف نظر المحقق عن اصل القضية، مطالبة احد الاطراف برفع دعوى جديدة ضد خصومه، وادعائه انه هو المدعي، وان القضية قد قلبت عليه.
قيام بعض الاطراف في التلكؤ في تحقيق بعضهم الطلبات المطلوبة، مما تسبب في طول المدة، وسيتضح تحقق هذه الاسباب المذكورة انفا، من خلال نتيجة التحقيق، كما اود ان اشير الى ان اهم اسباب تأخر نتيجة التحقيق باختصار هو : صعوبة الاتصالات، وعدم وجود بعض الاطراف في مناطقهم، حتى يمكن الاتصال بهم، وتلكؤ البعض في الاجابة على الاسئلة المرسلة اليه بحجة الانشغال، وعدم توفر خط تليفوني مناسب بعد تغيير بيت الشباب.
ويقول القاضي الشرعي ابو الحسن في رسالته: «اود ان اذكر فضيلتكم اننا اتفقنا تليفونيا في بادئ الامر، على انه اذا تعذر الوصول الى حكم فان المطلوب مني تقديم انطباع عام من هذه القضايا ورفعه اليكم للبت فيه اداريا من قبلكم». ويضيف: «لقد اتصلت بحذيفة وقتادة واعتبرت الاوراق التي وصلتني منهما بمثابة الدعوى في هذه القضية، كذلك استلمت كشف الحساب المرسل من طرفكم حول حساب الاخ عباس، حيث قمت بمراجعته.
* أبو إبراهيم الخائن
* وتكشف وثيقة اخرى عن وجود خلايا امنية في تنظيم «الجهاد» تقوم بمراقبة ومتابعة الاشخاص التي يشك في ولائها لقيادات التنظيم السري، في بعض المحطات بالدول العربية والاجنبية، واستطاعت «الجهاد» من خلال الخلايا الامنية، الوصول الى عدد من المتعاونين مع اجهزة مخابرات عربية، منهم شخص يدعى ابو ابراهيم المصري.
وتصف وثائق الظواهري «ابو ابراهيم المصري» بـ«الخائن»، وهو قيادي كبير من «الجهاد» في اليمن كان على اتصال بالسلطات المصرية حسب زعم اصوليين في لندن كما كان على اتصال بالامن السياسي في اليمن الذي كشفه بعد ان عرض خدماته عليه، فابلغ احد الضباط المتعاطفين مع الحركة الاصولية قيادات تنظيم «الجهاد» في اليمن.
والغريب في الامر وجود وثيقة في كومبيوتر الظواهري، رغم ان الوثيقة تكشف ان مرسلها هو ابو ابراهيم، الذي يتحدث فيها وعاتب المسؤولين في احدى الدول العربية عن عدم تصرفهم التصرف المناسب ازاء المعلومات التي سبق ارسالها لهم، وامداده لهم بمعلومات تتعلق باحد عناصر «الجهاد» ويعرف باسم «ابو حذيفة» ويقيم في احدى الدول العربية. ويعتقد اصوليون في لندن ان الوثيقة حصلت عليها عناصر «الجهاد» بعد التحقيق مع «ابو ابراهيم» وتسجيل اعترافاته. وهناك اكثر من اشارة في كومبيوتر الظواهري الى ابو ابراهيم على انه «الخائن» واشارات اخرى على انه «الجاسوس» وتكشف المعلومات ان «ابو ابراهيم المصري» استطاع ان يفر سريعا، بعد ضبطه من قبل عناصر «الجهاد» في اليمن، التي حققت معه، وصورت اعترافاته على شريط فيديو، وضمن اعترافاته كان عرض خدماته على الامن السياسي في اليمن في اوائل عام 1998، لاختراق «القاعدة» وجماعة بن لادن في افغانستان، فما كان من احد ضباط الداخلية اليمنية المتعاطفين مع الحركة الاصولية الا ان قام بتسجيل احد لقاءاته، وارسالها الى قيادات «الجهاد» في اليمن للتحذير منه.
ويكشف اسلامي مصري في لندن لـ«الشرق الأوسط» عن توزيع بيانات من جماعة «الجهاد» في مساجد لندن ابان تلك الفترة، كان الهدف منها التحذير من التعامل مع ابو ابراهيم المصري، الذي صدمت فيه الحركات الاصولية، والذي كان يعد من الثقاة في الحركة الجهادية، وله الكثير من المؤلفات التي اصدرها في بيشاور مع زوجته السيدة ام ابراهيم عن اعداد المسلم لايام الجهاد الافغاني.
* محاولة استدراج أبو إبراهيم إلى أفغانستان
* ويضيف الاصولي المصري ان قيادات «الجهاد» فكرت في استدراج ابو ابراهيم المصري الى افغانستان، بحجة اصلاح ذات البين بين بعض قيادات «القاعدة»، الا ان مجموعة من الشباب المتحمس من عناصر الجهاد اعتقلت ابو ابراهيم لمدة ثلاثة اسابيع في احد المنازل الامنة التابعة للتنظيم المحظور، وهناك ادلى ابو ابراهيم باعترافات كاملة عن تجنيده من قبل الاستخبارات المصرية، وارساله الكثير من المعلومات عن القيادات الاصولية في اليمن وباكستان وافغانستان . ويضيف ان قيادات الجهاد اختلفت في الحكم الواجب تطبيقه على ابو ابراهيم، الا انهم اتفقوا في نهاية الامر على «تتويبه» ثم اطلاق سراحه، ويكفي الفضيحة التي لحقت به، وتحذير الاخرين من التعامل معه.
وحسب الاصوليين في لندن فان «ابو ابراهيم» نشأ وترعرع في صفوف جماعة «التكفير والهجرة» لزعيمها المهندس الزراعي شكري مصطفى، والتي ضبطتها اجهزة الامن المصرية عام 1977، في اعقاب اختطافهم وقتلهم للشيخ محمد حسين الذهبي وزير الاوقاف الاسبق، لكن ابو ابراهيم انقلب وانشق على «التكفير والهجرة»، بعد الافراج عنه، واشتغل في الامور الدعوية، ثم بعد ذلك سافر الى الاردن ثم السعودية والسودان ثم افغانستان وشارك في تعليم اطفال «الافغان العرب» في مدرسة اسسها مع زوجته في سنوات الجهاد الافغاني
* أبو إبراهيم المصري أرشد عن المسؤول اليمني
* وربط بيان صادر عن «المرصد الاسلامي»، وهو هيئة حقوقية تتابع قضايا الاصوليين تتخذ من لندن مقرا لها اول من امس، وحمل عنوان «عبد السلام الحيلة والمؤامرة المصرية» بين «ابو ابراهيم المصري» واختفاء الحيلة المسؤول اليمني من القاهرة وادعاء تسليمه الى اميركا . وقال البيان ان ابو ابراهيم المصري سلم كثيراً من التقارير الامنية لعبد السلام الحيلة مسؤول الامن السياسي اليمني قبل ان يرشد عنه المخابرات المصرية التي سلمت الحيلة الى اميركا عقب استدراجه الى القاهرة.
وقال البيان «توفرت كثير من المعلومات الامنية لدى السلطات المصرية عن طريق بعض العملاء أو الجواسيس الموجودين على الأراضي اليمنية فالمخابرات المصرية لها وجود كبير في كافة الأجهزة والمؤسسات، وبعض هؤلاء تعامل مع الأمن اليمني عن طريق عبد السلام الحيلة ومن هؤلاء المدعو أبو ابراهيم المصري ( يعتقد ان اسمه أحمد صبري نصر الله) الذي كان عميلاً مزدوجاً وعاد إلى مصر بمعرفة السفارة المصرية بصنعاء وقد أدلى بمعلومات تفصيلية وسلم للسلطات المصرية تقارير كاملة عن الاوضاع في اليمن ونشاط المصريين هناك وعمن هو الشخص الذي كان يتعامل معه في جهاز الأمن السياسي اليمني، كما سلم معلومات عن عبد السلام علي عبد الرحمن الحيلة تتمثل في أنه يعمل في جهاز الامن السياسي حيث تعامل معه في السابق بمده بتقارير عن المجموعات الإسلامية المختلفة ـ سواء كانت يمنية أو مصرية.
واضاف البيان لدى «المرصد الإعلامي الإسلامي» نسخة من هذه التقارير الأمنية بخط يده. وكان الحيلة قد عمل على مساعدة السلطات اليمنية خلال السنوات الأخيرة على ترحيل ما يعرف باسم «الأفغان العرب» إلى خارج اليمن وكان من بينهم بعض الشباب المصري.
* الحيلة أنقذ أكثر من 15 ألف من عناصر «الأفغان العرب»
* واشار البيان الاصولي إلى أن (الحيلة) ساهم في ترحيل أكثر من 15 ألف من عناصر الأفغان العرب الذين كانوا يقيمون في اليمن خلال السنوات الماضية ـ حسب مصادر ـ وكان من بينهم عناصر مصرية وعربية وحتى أوروبية، وقد اشتهر عن (الحيلة) نفوذه الواسع في أوساط الأفغان العرب المرتبطين بتنظيم «القاعدة»، وهو يعمل بتجارة الأدوية ويستورد من مصر وغيرها أدوية يبيعها في اليمن ويقوم بعقد عقود مقاولات.
وأورد بيان «المرصد الاسلامي» بعض مقتطفات من التقارير التي كتبها أبو ابراهيم المصري وضمنها تقريراً حول «المجموعات المعتصمة بالجبل الأسباب ـ الأهداف ـ الوسائل». يقول التقرير: أولاً: هذه المجموعات تلتقي حول فكرة واحدة حماسية يرفعونها كشعار برّاق وهي (الجهاد لتحكيم الشريعة) هكذا بكل جهل وغباء ودون وعي ولا حكمة. ثم يغمضون أعينهم ويصمّون آذانهم عن أي نصح أو توجيه إلا ممن اطمئنوا إليه أنه قريب من فهمهم ويجاريهم في حماقتهم.
بعض هؤلاء خريجي ساحة أفغانستان (ويمكن وضع قائمة خاصة بأسمائهم وأحوالهم من خلال التقصّي والمتابعة لأصدقائهم في المحافظات الأخرى) وقد درسوا وتأثّروا من نشرات وأبحاث الجماعات المصرية والجزائرية ولذلك فهم يتشابهون في الأسلوب الأهوج غير القائم على الشرعية الصحيحة.
ويضيف التقرير الذي بثه المرصد الاسلامي «لقد نزلت في مأرب في عدة بيوت بعضها في المجمّع وبعضها في الحصون وبعضها في داخل الأودية.. وكذلك في الطريق مرّرت على منطقة شبوة ونزلت على بعض خيام البدو والقبائل.. ومررت كذلك على بيحان.. وكانت الدنيا في هذا الوقت ظلام دامس. التقيت بشخص يدعى أبو هريرة تولّى أمر مقابلتي وأخبرني أنه يعرفني منذ عدة سنوات في باكستان فقد قرأ لي بعض الأبحاث وحضر لي بعض الندوات. ولكن الحقيقة لم أكن أعرفه، وهذا أمر طبيعي أن المحاضر يعرفه جميع الحضور وليس بالضرورة أن يعرف هو أحداً من الجمهور الحاضر. المهم تعرّفت عليه ويبدو أنه قائد ميداني محنك وهو واحد من أبرز المجموعة القيادية وقد تخرّج من الكلية الحربية التي تأسّست في الباكستان على يد الحزب الإسلامي التابع لسيّاف.