المصدر: بلومبرغ
انزلق تحالف "أوبك+" إلى صراع داخلي مرير بعد أن أوقف عضو رئيسي اتفاقاً في اللحظة الأخيرة، مما أجبر المجموعة المنتجة للخام على تأجيل اجتماعها، وألقى بظلال من الشكِّ على اتفاق يمكن أن يخفف من ارتفاع أسعار النفط.
قد تعني المواجهة بين الإمارات العربية المتحدة وبقية التحالف في النهاية أنَّ "أوبك+" لن تزيد الإنتاج على الإطلاق، وفقاً لأحد المندوبين. وبدون اتفاق؛ سيتمُّ التراجع عن الشروط الحالية التي تدعو إلى بقاء الإنتاج دون تغيير حتى إبريل 2022. وهذا من شأنه أن يضغط على سوق ضيقة بالفعل، مما قد يؤدي إلى ارتفاع الأسعار التضخمي.
يترك التحول الدراماتيكي للأحداث السوق في مأزق- تماماً كما تعمل الضغوط التضخمية على تثبيت المستثمرين بنفط يزيد سعره عن 75 دولاراً. كما أنَّه يشوِّه سمعة التجمُّع النفطي الذي أُعيد بناؤه بعناية، مما يزيد من شبح حرب الأسعار المدمِّرة بين السعودية وروسيا في العام الماضي.
اقرأ أيضاً: المخزونات.. ميزان النفط الذي تسعى أوبك+ لضبطه
في وقت سابق يوم الخميس، بدا أنَّ منظمة البلدان المصدِّرة للبترول مع حلفائها قد اتفقوا من ناحية المبدأ على زيادة الإنتاج بمقدار 400 ألف برميل يومياً كل شهر من أغسطس إلى ديسمبر. وكان من الممكن أن تُمدَّد أيضاً مدَّة اتفاق "أوبك+" الأوسع نطاقاً، ليحدد انتهاء الصلاحية النهائية للتخفيضات في ديسمبر 2022 بدلاً من إبريل.
وقال المندوبون، إنَّ الإمارات العربية المتحدة ألغت الاتفاق المبدئي. وقالت، إنَّها ستوقف الصفقة حتى يتمَّ تعديل الأساس المرجعي للتخفيضات الخاصة بها، مما يزيد من حصَّتها الإنتاجية بشكل فعَّال. وقفزت أسعار النفط ردَّاً على ذلك.
في هذا الشأن يقول جيوفاني ستونوفو، محلل السلع في مجموعة "يو بي اس": "أي طلب لتعديل حصة الإنتاج سيكون مثل فتح صندوق "باندورا"". يمكن أن يضيف ذلك زيادةً في الإنتاج تبلغ حوالي 700000 برميل يومياً للإمارات وحدها، و "قد تطلب دول أخرى من "أوبك+" تعديلاً أيضاً".
ليست هذه هي المرة الأولى التي تزعج فيها طموحات الإمارات المفاوضات. في أواخر العام الماضي، طرحت أبوظبي فكرة ترك التجمُّع في الوقت الذي ضغطت لزيادة الإنتاج. تمَّ تأجيل اجتماع "أوبك" في ذلك الوقت أيضاً وسط مفاوضات مشحونة، على الرغم من التوصل إلى اتفاق في نهاية المطاف. كما استثمرت الإمارات العربية المتحدة بكثافة في الطاقة النفطية، وتريد أن تكون قادرة على استخدامها.
الرفض الغاضب
تقاس التخفيضات في دولة الإمارات العربية المتحدة من نقطة البداية في عام 2018، فقد حددت قدرتها القصوى عند حوالي 3.2 مليون برميل يومياً، ولكنَّ مشاريع التوسُّع رفعت هذا الرقم منذ ذلك الحين، وتريد البلاد إعادة ضبط الأساس المرجعي إلى حوالي 3.8 مليون برميل يومياً، بحسب مندوبين.تجادل الإمارات في أنَّ التغيير ضروري، لأنَّه بموجب الشروط الحالية لاتفاق "أوبك+" ستكون تخفيضاتها أعمق نسبياً من الأعضاء الآخرين. وقال مندوبون، إنَّ روسيا والسعودية- وهما قائدتا التحالف- رفضتا بغضب طلب الإمارات. وقال المندوبون، إنَّ المحادثات ستستأنف يوم الجمعة، مما يتيح وقتاً للمشاورات على مستويات أعلى في الحكومة.
يقول ريتشارد برونز، رئيس الشؤون الجيوسياسية في شركة "إنرجي أسبكتس" الاستشارية المحدودة: "من الصعب رؤية تراجع أيٍّ من الجانبين بما يكفي للحصول على نتيجة نظيفة غداً. قد تمتد المحادثات حتى نهاية الأسبوع، إذ من المحتمل أن تتضمَّن أي تسوية لحسابات "أوبك" المعقدة."
بعد إنهاء الاجتماع؛ قال أحد المندوبين، إنَّ الأساس المرجعي يمثِّل للإمارات العربية المتحدة قضيةً مهمةً للغاية، وإنَّها سترفض اتفاق "أوبك+" مالم يكن هناك تغيير. ويصرُّ السعوديون بالمثل على أنَّ تمديد الاتفاقية حتى ديسمبر 2022 أمر حيوي لاستقرار السوق في العام المقبل.
ارتفع سعر النفط حوالي 50% هذا العام مع تعافي الطلب من الوباء الذي تجاوز انتعاش إمدادات "أوبك+" بعد التخفيضات الكبيرة في العام الماضي. وأدى ارتفاع سعر النفط الخام، جنباً إلى جنب مع ارتفاع أسعار السلع الأخرى، إلى قلق البنوك المركزية بشأن التضخم مرة أخرى. وتراجع خام برنت قليلاً يوم الجمعة.
تعكف "أوبك+" على إحياء إمدادات الخام التي توقَّفت العام الماضي في المراحل الأولى من الوباء. وقرَّر التحالف المكوَّن من 23 دولة، إضافةَ حوالي مليوني برميل يومياً إلى السوق من مايو إلى يوليو، والسؤال المطروح على الوزراء هذا الأسبوع هو ما إذا كان سيستمر في الأشهر المقبلة.
مؤثرات ضاغطة على الأسعار
شهدت السوق عجزاً في العرض معظم هذا العام، إذ لم تواكب زيادة إنتاج المجموعة النفطية تعافيَ الطلب. ومن وجهة نظر التحالف، كان هذا علاجاً ضرورياً تماماً -أي الطريقة الوحيدة لاستنفاد الفائض الهائل في مخزونات الوقود التي تراكمت مع دخول الاقتصادات في حالة من الانغلاق.الآن؛ تُظهر بيانات المجموعة أنَّ مخزونات النفط عادت إلى المستويات المتوسطة مع استمرار الانتعاش القوي في استهلاك الوقود. وقال الأمين العام لمنظمة "أوبك" محمد باركيندو يوم الثلاثاء، إنَّ الطلب في النصف الثاني سيكون خمسة ملايين برميل يومياً أعلى مما كان عليه في الأشهر الستة الأولى من العام.
ومع ذلك، هناك العديد من العوامل التي يمكن أن تؤدي إلى التراجع عن الارتفاع. فإذا توصَّلت الولايات المتحدة إلى اتفاق نووي مع إيران، فقد يؤدي إنهاء العقوبات إلى تدفُّق إمدادات جديدة.
اقرأ المزيد: إيران تُخزن النفط في ناقلات استعداداً للعودة إلى الأسواق
وهناك تهديد لتعافي الطلب من سلالة "دلتا" المتحوِّرة من كوفيد-19 شديدة العدوى، الذي يعيد بالفعل بعض البلدان إلى الإغلاق الجزئي، ويسهم في ارتفاع مقلق في الحالات في دول أخرى.
وقالت فاندانا هاري، مؤسسة "فاندا إنسايتس" للاستشارات النفطية: "انفجار داخلي آخر في "أوبك+" مثل إبريل الماضي غير مرجح". لقد عملوا بجدٍّ خلال العام الماضي لانجاز الاتفاقية بشكل كبير حتى هذه المرحلة. أتوقَّع أن تتمَّ الصفقة المبدئية بين المملكة العربية السعودية وروسيا، ولكن قد يتمُّ تقديم نوع من الامتياز إلى الإمارات العربية المتحدة ".
https://www.asharqbusiness.com/amp/article/19583/تمرد-عضو-رئيسي-Ù%20ÙŠ-أوبك+يعلق-صÙ%20قة-النÙ%20Ø·?__twitter_impression=true