جدل بين سفارات بريطانيا في القاهرة وجدة وتل أبيب حول علاقة الإخوان المسلمين بالسادات
* الملك فيصل حدد للرئيس المصري إن التدين جيد ولكن استغلاله للوصول إلى السلطة السياسية أمر سيئ.
* إشاعات حول تجنيد الإخوان المسلمين في الجيش ولماذا سمح السادات لقياداتهم بالهجرة.
* لندن: حسن ساتي.
اشعلت مذكرة قصيرة من السفارة البريطانية في اسرائيل جدلا واسعا بين السفارات البريطانية في القاهرة وجدة وادارة شمال افريقيا بالخارجية البريطانية حول طبيعة تنظيم الاخوان المسلمين في مصر والكيفية التي سيتعامل بها الرئيس المصري الراحل انور السادات معهم. وكشفت تلك الوثائق في اشارة الى مصدر تقول انه لا يعتمد عليه بأن السادات قد اقدم على تعيين «اخواني» سابق في كل كتيبة بالقوات المسلحة لتعليم الافكار الدينية الصحيحة لشباب القوات المسلحة تحسبا من تعرضهم للاستقطاب من مستشاريهم الشيوعيين، وذهب السير آر ايه بيمونت في مداخلة له حملتها مذكرة اضافية حول تنظيم الاخوان المسلمين الى شكه في ان يتجه السادات لمغامرة مثل هذه وفي مؤسسة حساسة مثل القوات المسلحة، مثلما ذهب في مداخلته الى الاحاطة بأن السادات وباعترافه في كتابه «ثورة في النيل» الى انه كان حلقة الوصل بين الضباط الاحرار وحسن البنا. وثمن بيمونت مثل ذلك الاعتراف لجهة اعجاب السادات ومعه جمال عبد الناصر بحركة الاخوان المسلمين، مشيرا في الفقرة السادسة من تقريره الى ان اطلاق سراح السادات لقياداتهم لم يكن ليعني انه بصدد الاعتماد عليهم بقدر علمه المسبق بأن تلك القيادات ستهاجر الى الكويت والسعودية على خلفية قناعتهم بأنه لا مستقبل للحركة في مصر. وارجع التقرير موافقة السادات على هجرتهم الى تقديره بمساعدة تلك الهجرة في اعطائه شعبية داخل العالم العربي والاسلامي ليبدو معها كرئيس ليبرالي.
في المقابل كشف خطاب لاتش ارميتدج بالسفارة البريطانية بجدة ان الملك فيصل قد احاط السادات بوجهة نظره تجاه الاخوان المسلمين ولخصها ببساطة في القول بأن الدين والتدين امران جيدان ولكن استغلالهما للحصول والسيطرة على السلطة السياسية امر سيئ.
وفي ما يلي ترجمة لعدد من الرسائل المتبادلة، مع عرض لرسالة السير آر ايه بيمونت لكونها الاطول والاكثر تركيزا على تاريخ حركة الاخوان المسلمين في مصر والذي لا يحمل جديدا يذكر.
** من تل ابيب بدأ الجدل:
وثيقة رقم ـ 1 ـ التاريخ: 25 مايو (ايار) 1971 العزيز: توني..
يسمع المرء هنا مقترحات بأن الاحداث الاخيرة في الجمهورية العربية المتحدة قد ادت الى سلطة اكثر للاخوان المسلمين لأن السادات كان عضوا سابقا في التنظيم وانهم اي الاخوان ربما يكونون وراء مواقفه الاخيرة.
واعترف بأني اعرف القليل جدا عن الاخوان المسلمين، ومع ذلك فمن المفيد ان نعرف ما اذا كان هناك شيء من مثل هذه الافكار لديكم، واذا كان الامر كذلك، فماذا يعني ذلك بالنسبة للمستقبل. وقد ارسلت نسخة من هذا الخطاب الى ديك بيمونت.
توقيع اي. جي. دبليو. بارنز
** شكوك في السادات المتآمر والعنيد:
وثيقة رقم ـ 3 ـ التاريخ: 10 يونيو (حزيران) 1971 الى اي جي دبليو بارنز 1 ـ شكرا على رسالتك حول التوقعات الاسرائيلية بأن تقود الاحداث الاخيرة في الجمهورية العربية المتحدة الى ابتعاث الاخوان المسلمين كقوة سياسية.
2 ـ اظل على شغفي بأن اتلقى افكار ديك بيمونث حول الموضوع. انطباعنا هنا بأن السادات قد لا يرغب في تغذية نمو حركة سياسية من هذا النوع. ومبلغ العلم هنا انه لم يكن يوما عضوا في تنظيم الاخوان المسلمين رغم انه كان قريب الارتباط بهم قبل ثورة 1952، وقد كان في ذلك الوقت حلقة الاتصال بينهم وبين الضباط الاحرار الذين رأوا في الاخوان دعما مفيدا لهم، ولكن السادات بحساباته الخاصة اصبح متشككا فيهم بعد ان اكتشف انهم قد علقوا مبادئهم العليا السابقة وبدأوا في اللجوء الى تكتيكات ارهابية لتحقيق مصالحهم. الاتصالات بين الاخوان والضباط الاحرار انتهت قبل الثورة ومن ثم اوقفهم جمال عبد الناصر، ولذلك فمن غير المرجح ان يرى فيهم السادات حلفاء سياسيين مفيدين الا اذا تأكد من الابقاء عليهم تحت سيطرته دعك من كون السادات لا يرى واقعية لديه في دعوتهم السلفية لأخذ الاسلام بصورة ديماغوجية كنظام للحكم، وكل ذلك برغم معتقداته الدينية الجادة.
3 ـ يبقى هناك احتمال ان يقود عدم رضاء الاخوان من السادات او الاعتقاد بأن التفكيك الذي صاحب آلياتهم الامنية سيدفعهم الى العودة لنشاط سياسي، ولكننا نأخذ تصريحات السادات بضرورة تفكيك آلياتهم الامنية بشيء من الشك. ومع متآمر عنيد مثل السادات فمن المؤكد انه سينشئ بعض الاجهزة الامنية لتولي ومتابعة محاولاتهم لابتعاث نشاطاتهم، وهذا يصدق بشكل خاص على القوات المسلحة حيث يبدو الخطر اكثر احتمالا للظهور. وعلى كل، ولذلك، فنحن على شك من ان يصبح الاخوان المسلمون عاملا ذا اهمية في السياسة المصرية في المستقبل القريب.
ايه. دي. باسونز
** السادات بين سياسة النفس الطويل:
وثيقة رقم ـ 4 ـ التاريخ: 11 يونيو 1971 الى دي باسونز 1 ـ من الصعب الكتابة عن الاخوان المسلمين في مصر بثقة، ومع ذلك فبعد اتصالات قمنا بها في مصر نقول بأنهم قد اصبحوا قوة برغم عدم وجود دليل قوي لتبرير مثل هذا الاعتقاد، وسأقوم في هذا الخطاب بتقييم اهميتهم حاضرا على خلفية التحليل التاريخي للحركة وعلى ما نعلمه من ارتباط السادات بهم في ماضيه.
2 ـ قابلية الاخوان المسلمين لاستقطاب البشر تقوم على الرسالة الدينية الشاملة والدعوة للاصلاح الاجتماعي والاقتصادي والسياسي. اما جاذبية الحركة فتقوم وبالدرجة الاولى على حقيقة اعطائها ذلك النوع من المشاركة والالتزام بين الاعضاء، الامر الذي لا تقدمه الاحزاب السياسية المعارضة الاخرى، وبذلك قدمت الحركة بديلا حيويا لحزب الوفد. وبحلول عام 1946 اسست الحركة فروعها في سورية والاردن وفلسطين.
3 ـ 4 ـ 5 ـ 6: اقتنع الاخوان المسلمون قبل ثورة 23 يوليو (تموز) وبعدها بأن في وسعهم استغلال حركة الضباط الاحرار بهدف نهائي هو وصولهم للسلطة، وشجعهم على ذلك توهان الاحزاب السياسية. السادات معجب بهم، ومع ذلك فسيفرض رقابة لصيقة على تحركاتهم ولأي نشاط غير عادي قد يصدر منهم.
7 ـ 8 ـ 9: السادات يريد توظيفهم لمصلحته، واذا كانت لهم من عودة او ابتعاث فانهم سيستغلون السخط العام في اوساط الشعب المصري تجاه وتيرة التقدم الاجتماعي والاقتصادي.
آر. ايه. بيمونت
** توظيف الإخوان ضد اليسار:
وثيقة رقم ـ 5 ـ التاريخ: 28 يونيو 1971 الى: كي مكرر الى هوب جونز 1 ـ في ضوء الاشاعات التي حملها خطاب السير آر بيمونت بتاريخ 11 يونيو 1971 وآراؤه الخاصة، ارى احتمالا ضعيفا في نهضة او ابتعاث جديد للاخوان المسلمين.
2 ـ وعلى اية حال فنحن متفقون هنا بأن السادات لن يرغب في السماح لهم او لتنظيمهم بالنمو خارج سلطة منه تتيح له السيطرة عليهم. ولكن السير بيمونث يرى ان السادات قد يرغب في استخدامهم كوزن سياسي مضاد لقوى اليسار. ولكن، وبنفس القدر، فأداء السادات الى الآن لا يقدم اي سبب للتفكير بأنه يرغب في رؤية اتجاهات منهم للتطرف، مثل النزوع الى كره الاجانب كظاهرة اصبحت الآن عاملا مسيطرا على السياسة المصرية. في المقابل، فإن استخدام افراد من الاخوان المسلمين لتنشيط المنظمات السياسية الاخرى يبدو واردا وعوضا عن تشجيع الاخوان المسلمين كتنظيم، وذلك في ما يبدو سيناسب بصورة افضل كتاب السادات.
ام. دي. هولدنج ادارة شمال افريقيا
** ماذا قال الملك فيصل للسادات:
وثيقة رقم ـ 7 ـ التاريخ: 20 يوليو 1971 الى: آر ماك روجر ـ الادارة العربية بالمكتب الخارجي للكومنولث 1 ـ رجاء الرجوع لخطاب ديك بيمونت بتاريخ 11 يونيو.
2 ـ من اتصالاتنا مع السعوديين الذين يعرفون مصر والاخوان المسلمين فقد توصلنا الى انه ومهما كانت حالة الارتخاء تجاه الاخوان المسلمين في مصر فلا مجال لاحيائهم كتنظيم. وهم على ثقة بأن السادات سينقض على كل المتطرفين كانوا من اليمين او اليسار. ولدى السادات ما يكفي من القوى السياسية لوضعها تحت سيطرته من غير ان يلجأ للاخوان المسلمين خاصة كحلفاء.
3 ـ واعيدك الى وجهة نظر الملك فيصل، كما فهمتها، وكما وضعها هو للسادات في الشهر الماضي وهي بسيطة جدا وكالآتي: الدين جيد والتدين جيد، ولكن استخدام السلطة الدينية للحصول والسيطرة على السلطة السياسية امر سيئ.
قراءة في وثائق1971 البريطانية (2) ـ انقلاب «الصخيرات» الفاشل في المغرب يربك علاقات القاهرة وطرابلس والجزائر وتونس
* بومدين وصف الحكومة الليبية بالسذاجة وعدم النضج * دوجلاس هيوم صدق خبراً كاذباً لـ «الديلي إكسبرس» بوفاة الملك الحسن * السادات طالب القذافي بالهدوء وعدم توتير الأوضاع * العقيد فكر في إرسال 12 ألف جندي لتأييد الانقلاب
لندن: حسن ساتي
اربكت محاولة الانقلاب الفاشلة في 10 يوليو (تموز) 1971 ضد الملك الحسن الثاني علاقات المغرب مع ليبيا ومصر وتداعت ايضا لجهة ارباك تلك العلاقة بين ليبيا والجزائر وبين المغرب وأميركا، وهذا ما تؤكده عشرات الوثائق التي افرجت عنها الخارجية البريطانية لعام 1971 والتي حملها ملف رقم 884 ـ 39 Fco. الوثائق اعطت التفسير البريطاني لمحاولة الانقلاب والتحليل المبدئي لدوافعها وامكانية صمود العاهل المغربي الراحل، وكشفت في المقابل الكثير من الاسرار حول مشادات وملاسنات بين الرئيس الجزائري هواري بومدين ومبعوث من الزعيم الليبي العقيد معمر القذافي في مقابل دوافع التأييد التونسي للملك الحسن الثاني وانقاذ الرئيس انور السادات لعلاقاته الدبلوماسية مع المغرب في الاسابيع التالية لمحاولة الانقلاب ونصائحه للعقيد القذافي بالتريث وعدم توتير الامور. «الشرق الأوسط» تقدم نصا لبعض الوثائق، وشذرات من بعض آخر بهدف توضيح كل الملابسات التي احاطت بانقلاب 10 يوليو، الذي يطلق عليه في المغرب اسم «انقلاب الصخيرات».
* دوافع الانقلاب.. ومستقبل الملكية:
* الوثيقة ـ 19.
* التاريخ 15 يوليو (تموز) 1971.
* الى: جراهام.
1 ـ اهم المجالات الجديرة بالملاحظة حول الانقلاب الفاشل هي انه ورغم ان 5 من اصل 16 جنرالا متورطون في المحاولة فان الجنرال محمد أوفقير وزير الداخلية الكثير الفعالية والتأثير لم يعرف عنه شيئاً، ومن المدهش ايضا، وهذا جدير بالملاحظة كذلك ان الانقلاب كان سيئ التنظيم ورغم وجود هذه الكوكبة من الجنرالات، فلم يكن هناك دعم له من غالب الخدمات العسكرية، ومن عجب ان (الجنود) الذين كانوا تحت التدريب، ممن تورطوا في المحاولة الحقيقية لاغتيال الملك بقصر الصخيرات كان لديهم انطباع بانهم جاءوا لانقاذ الملك.
2 ـ ليس لدينا دليل يعتد به حول الدوافع والانتماءات العقائدية للثوار، فهناك عناصر معارضة في المغرب وهنالك قدر من المشاكل مع الطلاب واتحادات العمال وعلى مستوى آخر بين الرتب الدنيا داخل القوات المسلحة، فيما هنالك اعتقاد بان الرتب العليا كلها تدين بالولاء الكامل للملك وليس هناك دليل قاطع بتورط الحكومة الليبية او اي جهة خارجية.
3 ـ المصالح الاقتصادية والتجارية في المغرب قليلة ولكننا نستفيد من توجه المغرب المساعد في جبل طارق. في المقابل فالمصالح الاميركية والفرنسية متميزة وهناك مصلحة قصوى للناتو في وجود سلطة صديقة في مدخل البحر الابيض المتوسط.
ـ سفيرنا يتوقع عودة الامور لطبيعتها بعد ايام قليلة.
ام.اس. جرين. ادارة شمال افريقيا ردود الفعل.. تقدير عمر النظام
* وثيقة (33)
* التاريخ 24 اغسطس (اب) 1971
* الى: آر.سي. هوب جونز ادارة شمال افريقيا.
1 ـ شكراً على خطابك بتاريخ 11 اغسطس 2 ـ الجملة الاخيرة من الفقرة الثانية باسئلتها توحي بأن نوع التنازل الذي قد يقدمه الملك لن يعطيه الا بضع سنوات، وبذلك اعني الان، وبعد الانقلاب، انني اعطي النظام الحالي وفي غياب اصلاحات جذرية حياة اقصر من ذي قبل، والمرء يفكر هنا في 4 الى 5 سنوات.
ولا اظن ان القسوة التي صاحبت رد فعل الملك قد ادت الى عدم تشجيع الاخرين. وقد كانت هناك قسوة من الجانبين، والقسوة عموما سمة قومية هنا، وقد ظلت وباستمرار رد الفعل الطبيعي، ولكنها لم تمنع مشاكل 1944 و1954 ـ 1956تحت حكم الفرنسين او الانشقاقات في مكناس عام 1956، ووسط منطقة الاطلس في 1958 وتظاهرات 1959 او تظاهرات الدار البيضاء عام 1965، والقسوة تضيف عنصراً جديداً هو الثأر. وحتى اذا ما استبعد الانسان حدوث انقلاب آخر، وهو ما لن يحدث لمدة من الوقت، الا انني اعتقد ان محاولة اغتيال تبقى قائمة الاحتمال.
3 ـ من السابق لاوانه الحكم بالكيفية التي ينوي الملك التحرك بها، ولكن مثل هذه الاشارات التي رأيناها في السنة الاخيرة لا تصب في رؤية جديدة هادفة. الامال رفعت في خطاب الملك بتاريخ 4 اغسطس باعلان تنظيف الحكومة ونوايا بتنظيف الادارة وفي ضوئها التجاوب مع معظم الانتقادات العامة التي صاحبت النظام في السابق. ومع ذلك، فالحكومة الجديدة ليست جديدة جدا وليست معبرة ومثيرة ولم يحدث شيء منذ 15 يوليو يعطي ثقة بان الملك على طريق الامساك بالشوك. على العكس، المرء يسمع بالاعتقاد المعبر عنه في اروقة كثيرة بانه لا يعرف الى اين يتجه، ولا يبدو الامر كما لو ان القسوة التي قمع بها الانقلاب توحي بقرار فاعل.
ت. آر. شو السفارة البريطانية الملك سيبقى لأكثر من عامين وثيقة ـ A 27 التاريخ 10 اغسطس 1971 الى: لي كويزن 1 ـ ربما ترغب في الاطلاع على الرسالة المتعقلة بالدوافع وراء محاولة الانقلاب وتداعياتها المحتملة. 2 ـ فيما يتعلق بالدوافع اعتقد ان للانقلاب صلة بالرغبة في التنظيف او معالجة الفساد في النظام اكثر منها للاتجاه نحو اقامة جمهورية ثورية على النمط الليبي. المرء يندهش تجاه ما كان سيحدث لو نجح هذا الانقلاب. الجنرال مذبوح (محمد) والجنرالات الاخرون ممن هم في عقليته لم يتمكنوا من الاعداد الجاد مع العقداء الاحرار لفترة طويلة، ومعلوم ان هؤلاء كانوا سينالون تأييد ليبيا، ولكن مثل هذه التأويلات بلا نتيجة مثلما هي مدهشة.
3 ـ اما بالنسبة للتداعيات، فالمستر شو يرجح ان لا يأخذ الملك اصلاحات بعيدة المدى وكافية لمنع محاولات اخرى لاسقاط نظامه، ويخشى شو ان مثل هذه التنازلات التي قدمها لن تسعفه الا بشراء سنوات لن تتعدى العامين، واعتقد ان قراءته لشخصية الملك تحتمل الصحة، ولكني اعتقد ان القسوة التي قابل بها الانقلاب ربما تمنع الاخرين من المحاولة لاكثر من عامين.
آر. سي. هوب جونز ـ ادارة شمال افريقيا بومدين ضد الانقلاب وثيقة 13 التاريخ 13 يوليو 1971 الى: سفارات الرباط، تونس، طرابلس، القاهرة، مدريد، واشنطن، باريس.
1 ـ تجاوب الجزائر مع محاولة الانقلاب بالمغرب كان حذرا اذ تم اجتماع بين مجلس الوزراء ومجلس قيادة الثورة مساء يوم انقلاب 10 يوليو في وقت كان فيه الموقف في الرباط غامضا. لم يصدر اي تعليق فيما اعلن ان شريف بلقاسم الذي اعتبر اخيرا اكبر مبعوثي بومدين سيزور المغرب. في مهمة معلوماتية وقد غادر أمس.
2 ـ ردود الفعل الاعلامية كانت كالاتي: الاذاعة حذرة وغطت الاحداث بصورة هادئة وحرصت على الاشارة الى ان الاوضاع في المغرب عادت بسرعة لطبيعتها فيما قدمت صحيفة «المجاهد» اليومية تغطية موضوعية للانقلاب الفاشل.
3 ـ رد الفعل هذا يساير الحذر الجزائري وطبيعة حكم بومدين الكاردينالي، ويتماشى مع زيارة بوتفليقة (وزير الخارجية) المفاجئة للسادات فور الاعلان عن مؤامرة مايو (ايار) بالقاهرة. هناك مزيج من الخوف والحذر والتعقل في اوساط المسؤولين الجزائريين حين بدا الموقف في المغرب غير واضح مع شعور بان الليبيين اولى باللوم.
4 ـ حين التقى الملك الحسن وبومدين في تلمسان لتسوية النزاع الحدودي قدم الاخير تعهداً بانه لن يساند اي حركة معارضة في المغرب ويبدو ان هذا التعهد قد اخذ في الاعتبار. والاهم هنا ان نذكر ان بومدين نفسه اتى للحكم بانقلاب وان الطريق الوحيد لازاحته لن يكون بغير انقلاب ولذلك لا بد ان يكون عصبياً تجاه مثل هذه الاحداث في الدول المجاورة.
السفارة البريطانية ـ الجزائر توتر جزائري ـ ليبي وثيقة (4) التاريخ 16 يوليو الى: سفارات الرباط، تونس، طرابلس، القاهرة، مدريد، واشنطن، باريس.
1 ـ احاطني السفير العراقي بانه التقى عوض علي حمزة مبعوث العقيد القذافي الى الرئيس بومدين وتم اللقاء بعد مقابلة بومدين لحمزة.
2 ـ السفير العراقي اكد ان بومدين اثار غضب حمزة حين عبر الرئيس الجزائري للمبعوث عن عدم قبوله للسذاجة او عدم النضوج الذي تتحلى به الحكومة الليبية. واكد السفير العراقي ان هناك توتراً حاداً بين الحكومتين وان اي عون قائم ومعلن من ليبيا للجزائر على خلفية الخلاف النفطي القائم بين الجزائر وفرنسا سيتم تعليقه.
3 ـ السفير العراقي اكد كذلك ان الليبيين كانوا على علم بالتمرد المفاجئ. (تقدير «الشرق الاوسط» ان الاشارة هنا للتمرد تبدو كما لو انها موجهة لانقلاب المغرب).
السفير السفارة البريطانية بالجزائر.
دعم تونس للمغرب غير مؤهل:
وثيقة 23 التاريخ 15 يوليو 1 ـ ارجو الرجوع الى برقيتي رقم 61 بتاريخ 13 يوليو 2 ـ هناك بلا شك دوافع عاطفية وراء الدعم التونسي غير المؤهل للملك الحسن ويمكن ارجاعه للاتي:
أ ـ ذكريات بورقيبة حول المحاولات المشابهة التي استهدفت حياته من الجيش التونسي عام 1961 ب ـ التعبير عن الاشمئزاز التونسي من الحكم العسكري او في الحقيقة المحاولات الخفيفة من العسكر نحو مقاعد السلطة المدنية ومعلوم هنا انه لا يحق لعسكري عامل بالقوات المسلحة التونسية ان يحمل عضوية حزب الدستور الاشتراكي الحاكم.
3 ـ اليوم، وبسؤالي لصلاح الادغم مدير الشؤون السياسية بالخارجية التونسية حول رأيه في محاولة الانقلاب قال انه لا يعرف ماذا يقول عنها لان هناك اسئلة كثيرة بلا اجوبة وليست هناك ثوابت على مستوى الحساب الرسمي وضرب مثلا للاسئلة وقال: هل تم تدبير الانقلاب من الخارج..؟ هل هو ناتج صراع داخل المؤسسة العسكرية نفسها؟ هل هي طبخة من حركة معارضة مدنية. من الصعب الفصل ما اذا كان العاشر من يوليو سيحدث اي اثر على سياسات الملك الحسن الداخلية ولكن الانقلاب سيجعل عقد القمة العربية المقبلة اكثر صعوبة وان كان من الصعب على محاولة الانقلاب ان تقسم العالم العربي الى معسكرات متحاربة لمجرد ان العقيد القذافي يهيم بالثوار ايا كانت درجة طيشهم.
4 ـ بطل الانقلاب في عيون التونسيين ربما يكون شخصية مغايرة لشخصية ابن الحبيب بورقيبة الذي حضر حفل عيد ميلاد العاهل المغربي كضيف خاص وكان على مائدة الملك الحسن حينما تم اطلاق النار، ولم يقف مصيره عند مجرد ان اخطأته قنبلة يدوية، ولكنه اجبر على النوم خارج القصر مع السفير التونسي بالمغرب الى جانبه تحت وابل نيران المتمردين.
جي. بي. رايت ـ السفارة البريطانية ـ تونس .. القذافي.. جلود.. حلم الجمهورية والثورة وثيقة (1) التاريخ 12 يوليو الى: سفارات الرباط، القاهرة، تونس، الجزائر، باريس، مدريد 2 ـ قال لي جلود انه لا يملك معلومات دقيقة حول ما جرى. مجلس قيادة الثورة الليبي ساند الثوار لانهم يساندون الثورة في كل مكان، علقت على ذلك بالقول انه لامر مؤسف ان ليبيا تبدو دائما وهي تتصرف دون الحصول على الحقائق اولا، وسألت ما اذا كانت ليبيا ستؤيد ثورة في مصر او السودان. جلود قال انهم لن يفعلوا ذلك لان هذه البلاد قد تحررت سلفا بثورة وانها تتخذ سياسات تقدمية.
3 ـ سألت جلود عن تعريفه للتقدمية فقال انها تعني رفع مستوى حياة الشعب وتقديم تسهيلات افضل في التعليم وتنمية الصناعة والزراعة. لا احد يجب ان يعيش في القصور في الوقت الذي يعيش فيه مواطنوه في الكهوف، وهذا لا يعني قبول الشيوعية. التقدم لا بد ان يكون متسقا مع الخصائص القومية للشعوب المعنية، وغير معتمد على عقيدة مستوردة.
السفارة البريطانية طرابلس السادات للعقيد.. إهدأ.. ولا تعقد الأمور..
وثيقة (2) التاريخ 13 يوليو 1971 إلى نفس السفارات في رقم (1) 1 ـ اول رد فعل لمجلس قيادة الثورة تجاه محاولة الانقلاب اعلانه غير الناضج بدعم جمهورية مغربية وقد اوفد الرائد عوض علي حمزه الى الجزائر للابقاء على قناة اتصال مع بومدين (انظر وثيقة 4) وضع الجيش الليبي في حالة التأهب، راديو ليبيا واصل هجومه على الملك الحسن حتى بعد ظهور فشل الانقلاب.
2 ـ مصدر مقرب من مجلس الثورة اخبرنا ان الحكومة الليبية غير متورطة في محاولة الانقلاب رغم ان السفارة الليبية بالرباط تلقت اتصالا قبل 6 اشهر من عناصر معارضة داخل الجيش المغربي. رد فعل القذافي كان الاتجاه لتحريك 12 الفاً من القوات الليبية (هي بالتقريب كل قوة الجيش الليبي) بالجو الى المغرب لمساعدة الثوار. ومع ذلك، فلا الجزائر ولا موريتانيا ستسمح لطائرات سلاح الجو الليبي بعبور مجالها الجوي حتى لو دبر الليبيون امرهم لتنفيذ المهمة. واخيرا فقد هاتف القذافي الرئيس السادات والاخير طلب منه ان يهدأ وان لا يزيد الاوضاع الصعبة سوءاً.
3 ـ علمنا باحاطة القوات المغربية للسفارة الليبية بالرباط وتم وضع السفير الليبي واعضاء سفارته تحت الاقامة الجبرية وقطعت عنهم خطوط الهاتف. طرابلس استدعت السفير المغربي وحملته مسؤولية البعثة والرعايا الليبيين بالرباط الى جانب احاديث عن خرق المغرب للقانون الدولي... الخ السفارة البريطانية ـ طرابلس مقلب صحيفة... وفاة الملك الكاذبة:
وثيقة (9) التاريخ 12 يوليو 1971.
الى: السفير البريطاني بالرباط نشرت صحيفة «ديلي اكسبرس» تقريرا يقول ان الملك الحسن الثاني توفي بعد اطلاق نار من بندقية الية خلال حفل استقبال في قصره، هل هذا صحيح؟ اذا كان الامر كذلك علينا ان نضع في الاعتبار الفوري ارسال برقيات التعزية ومن المفيد ان توافينا بتوصياتكم في هذا الشأن.
دوجلاس هيوم وزير الخارجية صورة لـ10 داوننج ستريت وثيقة (11) التاريخ 13 يوليو الى: السفير البريطاني بالمغرب ارجو ابلاغ هذه الرسالة من الملكة الى الملك الحسن الثاني.
ابعث لجلالتكم بتهاني القلبية على نجاتكم باعجوبة واكون ممتنة اذا قمتم بنقل مشاعري لاقارب الذين ماتوا.
قراءة في وثائق 1971 البريطانية (3) ـ 3 محاولات انقلابية فاشلة ورابعة لاختطاف الزعيم الليبي
* بريطانيا تقرر العمل مع أي حكومة في السلطة بصرف النظر عن كراهيتها لها * الملك الحسن الثاني يحمل واشنطن مسؤولية التصرفات الليبية ودعم شركات النفط لطرابلس
لندن: حسن ساتي
كشفت الوثائق البريطانية لعام 1971 ثلاث محاولات للاطاحة بالعقيد معمر القذافي قائد ثورة الفاتح من سبتمبر (ايلول) الليبية، وتقول الوثائق ان اولى المحاولات كانت في مايو (ايار) عام 1971 عبر محاولة انقلاب فاشلة بدأت في منطقة الابيار، فيما جاءت الاشارة للمحاولة الثانية عبر اعتراض شاحنة لمركب القذافي المتجه لمطار طرابلس الدولي لاستقبال هاماني ديوري رئيس النيجر. وتقول وثيقة ان القذافي اضطر الى القفز من السيارة واللجوء الى ساتر او غطاء في احد المصارف القريبة من الطريق السريع وكان ذلك يوم 18 سبتمبر عام 1971.
المحاولة الثالثة جاءت وفق رواية الوثائق عبر محاولة انقلاب تم اكتشافها قبيل الاحتفال بذكرى الثورة في اول سبتمبر عام 1971. وتقول الوثائق ان قائد المحاولة كان الرائد محمد نجم، ورجح الدبلوماسيون الفرنسيون والاميركيون ان وحدات متعددة من الجيش الليبي تورطت في تلك المحاولة بما فيها سلاح الطيران والبحرية، وقد اوردت الوثائق كل تلك المحاولات في ملف حمل الرقم 806 ـ fc039 وفيه ايضا وثيقة تعارض تقديرات المعارضة الليبية وترشح ان اي انقلاب على النظام الليبي الحالي لن يأتي الا بنظام يحمل نفس التوجهات.
الى جانب كل ذلك، كشفت وثيقة بالملف 831 ـ fc039 والمتعلق اصلا بمحاولة 10 يوليو (تموز) الانقلابية ضد المغرب، عن خطة لاختطاف العقيد القذافي وبعض رفاقه، وقد جاءت الاشارة لهذه المحاولة في سياق تبرير الوثيقة لهجوم شنه الملك الحسن الثاني بعد فشل الانقلاب ونجاته من محاولة الاغتيال على المواقف الاميركية من ليبيا ولحد تحميل واشنطن مسؤولية تصرفات القذافي، ومعلوم هنا ان ليبيا كانت قد سارعت لتأييد الانقلابيين المغاربة في انشاء نظام جمهوري بالمغرب.
* محاولة الاختطاف.. اعتراف أميركي وإيطالي للعقيد
* وثيقة رقم 8 بملف انقلاب المغرب
* التاريخ: 28 سبتمبر 1971
* الى: السكرتير الخاص. مستر قريج
* حينما قابل وزير الدولة البريطاني الملك الحسن الثاني يوم الجمعة الماضي، اندهش كلانا، هو وانا، باللهجة التي عاتب بها الملك الحسن الاميركيين بالنسبة للاوضاع في ليبيا وقال لي وزير الدولة انه يعتقد ان مجمل افكار الملك تذهب الى ان الاميركيين مسؤولون طالما ان شركات البترول الاميركية التي تعطي ليبيا او توفر لها اموالا طائلة تمكنهم من السلوك والتصرف بالصورة التي يتصرفون بها الآن.
بعد مغادرة وزير الدولة للرباط يوم السبت الماضي، تحدثت الى روكويل السفير الاميركي بالمغرب وحينما تطرقت لهذا الجزء من حديث وزير الدولة مع الملك اعطاني السفير الاميركي ما يرقى الى وصفه بانه توضيح صحيح للانتقاد الاخير لاميركا تجاه ما يخص ليبيا.
واشير هنا الى اننا كنا قد سمعنا مطلع العام الحالي، اظن قبل 6 اشهر، بتقارير عن مؤامرة تم طبخها من قبل المؤيدين للملك ادريس (العاهل الليبي الراحل) في عاصمة او عاصمتين غربيتين بما فيهما بريطانيا، وهناك رباط بين تلك المؤامرة وبين ما احاطني به السفير الاميركي روكويل وقد قال لي ان تلك المؤامرة بنيت اصلا على تصور يقضي بالقيام بانزال في ليبيا لاختطاف القذافي وبعض رفاقه، ولكن، وقبل ستة اشهر افتضح امر سفينتين لهما صلة بالمؤامرة وتنفيذها، واحدة كانت ترسو بجنوه الايطالية والاخرى في طنجة المغربية، فاضطر الاميركيون والايطاليون الى احاطة الليبيين باسرار المؤامرة التي يديرها اعوان الملك وقد اخبر الايطاليون والاميركيون الملك الحسن شخصيا بانهم قد فعلوا ذلك.
السفارة البريطانية الرباط ـ المغرب حاشية: هذه الوثيقة تحديدا مشفوعة بختم جانبي يقرأ: هذه نسخة. الاصل اعيد حفظه بالادارة تحت قسم 4 ـ 3 من قانون الوثائق العامة لعام 1958. وقد حملت تعليقا لمسؤول بريطاني اكتفى بامضاء اسمه، والتعليق يقرأ. انهم المغاربة الذين ندموا على تورطهم في المؤامرة من خلال ايوائهم للسفينة بطنجة وتمرير المعلومة لليبيين على ذلك النحو.
* الانقلاب الأول.. واستقالات بالخدمة المدنية
* وثيقة رقم 5
* التاريخ 12 مايو 1971
* الى: ايه.ايبوت. ادارة شمال افريقيا 1 ـ افاد كولن كيث الاسبوع الماضي بوجود اشاعات في بنغازي حول محاولة انقلاب فاشلة او تمرد في مدينة الابيار الصغيرة حيث يوجد معسكر للجيش مكون من نحو حامية. ويقول كيث ان هناك ما يغذي هذه الاشاعات ويتمثل بوجود تحركات في ارتال عسكرية في بنغازي يومي 24 و25 ابريل (نيسان)، (معظمها btr60 وحاملات جنود مسلحة وناقلات 3 طن) وقد شوهدت بعض هذه الآليات وهي تغادر بنغازي الى الابيار علما ان الاخيرة شهدت مشكلة في يونيو (حزيران) من العام الماضي. (راجع الفقرة الثانية من خطابنا 1/1 بتاريخ 23 يونيو عام 1970 وكانت المشكلة بسبب احتكاكات بين سكان المدينة ونحو 200 من المهندسين المصريين المقيمين بالمعسكر).
2 ـ وصلتنا اشاعات اخرى مبهمة من سيرنيكا ومن السفارة الليبية بطرابلس. وقد سمع الاميركيون ايضا بوجود عدد من الاستقالات مؤخرا في صفوف الخدمة المدنية معظمها من مسؤولين كبار ممن عانوا من تحديد سلطاتهم وتقليصها باجبارهم على الرجوع في كل الامور وحتى الصغيرة منها لمجلس قيادة الثورة. وقد سمعت شخصيا بتململ بين العاملين في الخارجية، رغم عدم وجود استقالات في اوساطها الى الآن. ويجيء التململ تاليا لتسمية مجلس قيادة الثورة لسفراء جدد الى معظم السفارات الليبية التي يديرها الآن القائمون بالاعمال. ولم يصدر اعلان رسمي بهذه التعيينات ولكن تفاصيل معظمها في عداد المعلومات العامة. بعض العاملين بالخارجية الليبية غاضبون من اسناد مناصب السفراء بما فيها تلك التي لعواصم عربية الى ضباط جيش متقاعدين بدل الدبلوماسيين المحترفين.
دي.كي. هاسكيل السفارة الليبية ـ طرابلس
* انقلاب الرائد ذي الفك المضيء
* وثيقة رقم 9
* التاريخ 16 سبتمبر ايلول 1971
* الى: كي موريس 1 ـ تتداول الاوساط الدبلوماسية على مدى الاسبوعين الماضيين اشاعات حول محاولة انقلاب تم اكتشافها قبل فترة قصيرة من احتفالات الفاتح من سبتمبر. الحسابات حولها تختلف ولكن الاجماع العام بان وحدات جيش متعددة متمركزة في طرابلس شاركت فيها.
وطبقا للسفارة الفرنسية فان حامية هومز قد غرقت في الاعتقالات ويعتقد الفرنسيون ومعهم الاميركيون بان سلاح الطيران ايضا متورط، ويؤيد ذلك غياب ضباط بعينهم وبصورة غير متوقعة عن عملهم منذ الشهر الماضي. ويزعم الفرنسيون كذلك ان البحرية متورطة رغم ان بعثتنا البحرية لم تسمع بشيء يؤكد هذا الزعم.
2 ـ ووفقا للشائعات فان قائد المحاولة الانقلابية هو الرائد محمد نجم، ولا يوجد هناك شك بان نجم متعثر في هذه الايام بدليل ان غيابه بفكه المضيء المشهور عن احتفالات الفاتح من سبتمبر كان ملحوظا، رغم ان ذلك الغياب قد يحمل تفسيرا بريئا.
واشير هنا الى ان حظوظ ومستقبل الرائد نجم ظلا موضوعا للتأويل منذ استقالته من وزارة الوحدة والشؤون الخارجية في ديسمبر (كانون الاول) 1970. وهو في مصر الآن وفق تقرىر اخير.
3 ـ الى جانب ذلك، هناك مؤشرات باكتشاف مؤامرة ضد النظام قبيل الفاتح من سبتمبر، ولذلك فان بعض هذه الشائعات لا تخلو من مصداقية، ومع ذلك فلا نملك من جانبنا اي سبب للاعتقال بان نجم نفسه مشارك فيها.
آر.ايه. كيلي طرابلس
* إلغاء الاحتفالات.. لماذا..؟
* وثيقة رقم 12
* التاريخ: 28 سبتمبر 1971
* الى: كي موريس.
2 ـ مكان الرائد نجم غير معروف، لم يترك اثرا في المشهد السياسي الداخلي، لم يرافق القذافي رحلاته هنا. والرحلات الخاصة لم تحمله داخل ليبيا منذ عدة اشهر، قد يكون بالفعل بالقاهرة.
4 ـ لا نزال على حيرتنا من الاختفاء الكامل للاحتفالات بذكرى الفاتح من سبتمبر ايلول ومعها الذكرى الاربعون لمقتل عمر المختار في 16 سبتمبر.
آر.ايه. كيلي
* حادثة 18 سبتمبر
* وثيقة 13 و14.
* التاريخ 29 سبتمبر 1971
* الى: العزيز كيث 1ـ اظن ان حادثة 18 سبتمبر تستحق التسجيل، واعني ما تعرض له القذافي ومرافقوه وهم في طريقهم لمطار طرابلس الدولي لاستقبال رئيس النيجر هاماني ديوري. الذي حدث ان موكب القذافي وعلى بعد 3 اميال خارج المدينة حاول ان يتخطى شاحنة ثقيلة تتجه نحو طرابلس. اعطى قائد سرية الدراجات البخارية في موكب العقيد وهو يتقدم سيارته اشارة لسائق الشاحنة لافساح الطريق وتقليل السرعة، ولكن الاخير لم يفعل، وبععد اقتراب سيارة العقيد منه بدا مضطربا، او انه تصرف بلا تعقل ودخل بشاحنته اكثر في الشارع فاصطدم اما بسيارة لاندروفر مليئة بالشرطة العسكرية او بمجموعة دراجات بخارية خلف سيارة العقيد مباشرة، فحدث اطلاق للنار وقتل على الفور 4 جنود، إما من بين من كانوا في سيارة اللاندروفر او المرافقين بالدراجات البخارية، وقد توفي شخص خامس بالمستشفى.
2 ـ القذافي اعتبر ان هذه محاولة اغتيال وتقول اشاعة انه قفز من السيارة وراء ساتر او غطاء في احد المصارف قرب الطريق، ووفق رواية اخرى سمعناها فان سيارته لم تتوقف، وربما ان الحادث قد ضم سيارات اخرى تالية لسيارة العقيد بالموكب، وقد يكون ذلك هو ما حدث.
ولم يظهر في العمل العام منذ مغادرة الرئيس ديوري. وهناك شك حول قيامه بزيارة اليمن المقترحة والمقرر لها 25 سبتمبر.
3 ـ الصحافة المحلية واجهزة الاعلام لم تشر للحادث.
حاشية: الوثيقة 13 حول الموضوع، وحملت خبر قيادة د. مفتاح الاسطى عمر وزير الصحة للوفد الليبي للمشاركة في الذكرى التاسعة للثورة اليمنية بدلا عن العقيد القذافي.
كما حملت تصريح وزير الاعلام في 25 سبتمبر، الذي ارجع فيه تناول بعض وكالات الانباء العالمية لتعرض العقيد القذافي لجروح في حادث مرور الى فبركة من الامبريالية وحلفائها.
دي.كي. هامسكيل السفارة البريطانية طرابلس
* البديل لن يختلف.. ولا للمعارضة
* وثيقة رقم 3
* التاريخ 15 مارس 1971
* الى: مستر بارسونز 1 ـ تحدثت الى بروك هذا المساء بالتلفون، احاطني ان تقرير منتصر يذهب الى ان النظام الليبي غير محبوب جماهيريا الآن وانه سيتغير في اية لحظة. ومع مثل هذا الاحتمال فمن الممكن عودة الملكية.. ويعتقد منتصر ان الحكومة الحالية في الجمهورية العربية المتحدة (مصر) لن يكون لها اعتراض كبير على مثل هذا التغيير لانهم اقل تطرفا في توجهاتهم من عبد الناصر وعلاقاتهم الحالية مع النظام الليبي ليست جيدة. ويحاول منتصر ان يقترح بان هذا هو الوضع الذي يجب علينا استغلاله.
2 ـ اخبرت بروك اننا على قناعة ان النظام الليبي بالفعل ليس بتلك الدرجة من القبول جماهيريا، وبرغم وجود محاولات انقلابية الا انه ليس هناك برهان حقيقي لمعارضة منسقة من النوع الذي يمكن ان يثمر عن انقلاب ناجح. وهناك بالتأكيد ضغوط وتنافس شخصي بين اعضاء مجلس الثورة ومن الممكن ان يقود الى انفجار بينهم، ومع ذلك، فالاحتمال القائم هو ان نظاما جديدا سيكون مشابها في توجهاته العامة. ونحن نعتقد ان النظام القديم الملكي قد ذهب للابد، وانه حتى اذا ما كان هناك انقلاب، فاعادة الملكية غير واردة، وسياستنا هي العمل مع الحكومة التي تمتلك السلطة، ايا كانت درجة كراهيتنا لها، وليس هناك جدال في اننا ورغم ذلك نبذل كل شيء تجاه اعطاء الدعم السري لاي تحرك يمكن ان يسقط مجلس الثورة الليبي.
3 ـ بروك تقبل كليا هذا التقييم وتفهم جيدا باننا نفضل ان لا يكون لنا اي اتصال بمنتصر.
قراءة في وثائق1971 البريطانية 4 ـ 3 أهداف للسادات من إنشاء اتحاد الجمهوريات العربية مع الأسد والقذافي
* الرئيس المصري أراد شراء الوقت ولم يستشر الاتحاد الاشتراكي ومجلس الوزراء * وزير سوداني: كل الشعب ضد هذا الاتحاد ونميري يعد بالانضمام ثم يتهرب
لندن: حسن ساتي
كشفت الوثائق البريطانية لعام 1971 عن اهتمام غير عادي باتحاد الجمهوريات العربية أو الاتحاد العربي وفق تعبيرات أخرى، وانتشرت الوثائق البريطانية بين ملفات السفارات البريطانية في معظم الدول العربية، تحكي مطالبات ادارة شمال افريقيا لسفاراتها باستقراء دوافع هذا الاتحاد وتأثيراتها على مستقبل الزعماء المعنيين، أي الرؤساء أنور السادات وحافظ الأسد والعقيد معمر القذافي، ووصل الاهتمام البريطاني حد الاهتمام بالرؤية الفرنسية للحدث.
الى ذلك تشير تلك الوثائق الى ان القذافي قد سعى الى نصر سياسي، في مقابل رفض واضح في اوساط قواته المسلحة التي رأت في الاتحاد مضيعة للوقت.
في المقابل ايضاً حددت الوثيقة 53 ثلاثة أهداف مرحلية للسادات، بينها شراء الوقت وتأكيد التزامه بأفكار جمال عبد الناصر وممارسة بعض الضغوط على واشنطن. واكتفت وثيقة أخرى بالاشارة الى اختصار حسابات الرئيس حافظ الأسد من الانضمام للاتحاد بأنها تنحصر في رغبته للخروج من عزلة اقليمية.
* الجيش الليبي: الاتحاد مضيعة للوقت
* وثيقة رقم 34a
* التاريخ: 21 أبريل (نيسان) 1971
* إلى: آر. سي. هوب جونز. ادارة شمال افريقيا 1 ـ تحدثت، منذ ارسالي لبرقيتي رقم 488 بتاريخ 18 ابريل والتي حملت ملاحظات اولية حول اتحاد الجمهوريات العربية بين الجمهورية العربية المتحدة وليبيا وسورية، تحدثت لعدد من زملائي الدبلوماسيين. وحصلنا ايضاً على تعليقات عبر اتصالات ليبية متعددة، الكل يرى ان الاتفاقية نصر شخصي للقذافي وأظن لا يمكن الرهان على ذلك كلياً.
2 ـ (منصور) الكيخيا أخبر انتوني فارير من صحيفة «فاينانشيال تايمز» ان لا يعير ما يقال رسمياً حول الاتحاد انتباهاً كبيراً، فهذه مجرد كلمات، ولكنه ركز على ان هدف القذافي الرئيسي سياسي، وبالتالي لن يكون هناك عون اقتصادي من ليبيا لأي احد. الفيتوري بسفارة ليبيا في لندن سأل فارير حين ذهب الأخير للحصول على تأشيرة لزيارة طرابلس، سأله عن اي معلومات يمكن ان يقدمها له حول الاتحاد لأن السفارة لم تحصل على أي ارشادات من طرابلس، وهم هنا، وبلا استثناء، يتجهون الى الاعتقاد بأن كل العملية مضيعة للوقت. ضباط البحرية الليبية اخبروا سوينسون وضباطه في بعثتنا البحرية هنا بأنهم يعتقدون ان مقترحات الاتحاد مضيعة للوقت، وبعضهم متحير ما اذا كان السادات يأمل في الابقاء على روابطه بالغرب من خلال ليبيا حتى لا يصبح اكثر اعتماداً على الاتحاد السوفياتي.
3 ـ ستلاحظ من الفقرة الخامسة في برقيتي المشار اليها ماذا قال زملائي السودانيون. والتونسيون هنا يعتقدون ان الاتحاد سينعكس لجهة آثار سلبية على طلبات ليبيا للمساعدة من تونس. رغم ان الـ5 آلاف خبير تونسي ومعظمهم في المجال الزراعي سيوالون حضورهم للعمل في ليبيا ويعتقد دبلوماسيوهم هنا ايضاً ان الانفراج في حركة المواطنين على حدود البلدين لن يتأثر. الفزاني يرى ان انضمام ليبيا للاتحاد سينهي طموحاتها في ان تصبح جسراً بين المشرق والمغرب وان الاتحاد لن يفيد ليبيا بصورة عامة.
* السفارة البريطانية ـ ليبيا
* هامشية: على الوثيقة بخط اليد تساؤل حول كلمة خبراء تونسيين، ويقول التساؤل خبراء أم عمال. في مقابل تعليق آخر على هامش الفقرة الثانية والجزئية المتعلقة بنظر ضباط البحرية الليبية في آمال السادات للابقاء على علاقاته بالغرب، ويقول التعليق: فكرة مثيرة رغم ان الأمر قد لا يكون كذلك، ولكن المثير فيها ان بوسع الليبيين ان يدفعوها للأمام.
* فرنسا.. الاتحاد تصميم مصري:
* وثيقة رقم 52
* التاريخ: 28 أبريل 1971
* إلى: جي. سي. كاي. ادارة شمال افريقيا 1 ـ سنحت لي فرصة التحدث الى المسؤولين المعنيين بوزارة الخارجية الفرنسية حول الاتحاد المقترح لمعرفة ما اذا كانت لديهم أي وجهات نظر لالحاقها بتلك التي أعطيت للسفير من إم. سشومان. وليس هناك الكثير الذي يمكن ان يضاف.
2 ـ الخارجية الفرنسية ترى ان الاتحاد ناتج مبادرة مصرية مصممة لدفع سياستهم الرامية للوصول الى شكل من التسوية للمشكلة العربية ـ الاسرائيلية في الأشهر القليلة القادمة، والمصريون على وعي تام انه لا ليبيا ولا سورية تقبلان القرار 242 مع حرص منهما على ان لا يثيرا المشاكل لأنفسهما اذا لم توافقا على السياسات المصرية برغم ان ظاهر الأمر يوحي بأن الليبيين تحديداً من الممكن ان يستفيدوا من اتفاقية الاتحاد، إلا ان ذلك، ومن وجهة النظر الفرنسية، ليس هو الوجه الذي يرى به المصريون الأمر.
3 ـ ويعتبر الفرنسيون ان الاقتراح لخلق هذ الاتحاد هو أمر يكون بوسع المصريين تحويله الى حقيقة أياً كان سير الأمور خلال المفاوضات. واذا كانت هناك امكانية للوصول الى نوع من الاتفاق، بالطريقة التي يراه بها الفرنسيون عبر هذه الروابط القريبة بين تلك الدول، فتقدير المصريين يذهب الى ان بوسعهم منع ليبيا وسورية من اتخاذ أي فعل مستقل يثير المصريين. وعلى الجانب الآخر، فاذا كان للاسرائيليين ان يواصلوا عنادهم، فسيكون بوسع المصريين تهديدهم بالقوة المتحدة للدول الثلاث. وسيبقى خيار المصريين مفتوحاً نحو اجهاض المشروع كله اذا كان ذلك سيناسبهم وحتى بعد وصول الاتفاقية حيز التنفيذ، خاصة ان انعدام التعاون من أي عضو في الاتحاد سرعان ما سيحول المشروع الى خطاب ميت ليترك اياً من الأطراف الثلاثة حراً في ان يسلك الطريق الذي يناسبه.
4 ـ يشعر الفرنسيون كذلك ان هناك منافع اضافية للمصريين، وبوسعهم عقد الآمال على دعم اقتصادي متواصل من ليبيا، كما سيأملون في ان يكون بوسعهم وضع مصريين اكثر في المواقع المؤثرة في ليبيا.
* السفارة البريطانية ـ باريس
* ثلاثة أهداف مرحلية للسادات:
* وثيقة رقم 53
* التاريخ: 30 أبريل 1971
* الى: سفارات انقرة، واشنطن، باريس، موسكو، تل أبيب، عمان، بيروت، طرابلس، الخرطوم، روما، بروكسل، البعثة البريطانية بنيويورك والناتو.
1 ـ أكدت الصورة الخارجة من مؤتمر بنغازي والأحداث التي سبقته ان انطباعنا الأولي بأن السادات قد قرر وبمبادرة منه بأن يخضع لضغوط القذافي والأسد لصالح خطوة مبكرة نحو تكوين الاتحاد، ومن الواضح انه، أي السادات، لم يشاور لا مجلس الوزراء ولا وزارة الخارجية ولا الاتحاد الاشتراكي، وقد أشاع هذا الموقف منه، ما وصفته اتصالاتنا، بالأزمة الدستورية.
2 ـ يمكن تلخيص دوافع السادات في قبول اتفاق بنغازي في الآتي:
أ ـ شراء الوقت لتحويل انتباه الشعب المصري من قضية قرار الحرب، ونحسب انه قد فشل في هذا لأن هناك تعاطفاً او اهتماماً قليلاً بهذا الاتحاد.
ب ـ لتحديد موعد نهائي جديد هو الفاتح من سبتمبر، يكون على اميركا بموجبه إحداث تقدم نحو تسوية سلمية لجهة تجنب المزيد من القتال مع اسرائيل.
ج ـ لتأكيد التزامه بأفكار عبد الناصر في وجه الانتقادات الموجهة اليه من الأردن، ودول عربية أخرى وفي داخل مصر ذاتها، بأنه قد يضع مصالح مصر سابقة للمصالح العربية.
* السفارة البريطانية ـ القاهرة
* لندن ضد باريس:
* وثيقة رقم 54
* التاريخ: 5 مايو (ايار) 1971
* الى: سفارة باريس 1 ـ شكراً على رسالتكم 2/47 بتاريخ 28 ابريل التي قدمت وجهة نظر الخارجية الفرنسية حول الاتحاد (اذا كان له ان يحدث، فربما يكون الوصول لهدف منطقة عربية للأوطان قريباً). ولعلك اطلعت على برقية القاهرة وخطاب جولدنجز بتاريخ 21 ابريل الذي أحصى ميلاد وخزات توحي (مثلما نفترض نحن كذلك) بأن السادات قد سمح لنفسه بأن يُجر الى الاتحاد اكثر من لجوئه الى القيام بصناعة الفكرة بنفسه. الأسباب وراء ذلك بالطبع، لا تختلف كثيراً بين أي من الخيارين.
2 ـ لم يشر خطابك الى ما اذا كان المسؤولون الفرنسيون الذين تحدثت اليهم قد امتلكوا أي دليل على الرؤية التي كونوها لأن كل الأدلة التي رأيناها تشير الى الاتجاه المغاير، واذا سنحت لك الفرصة (لك او ربما للقاهرة) فسيكون من المفيد والمثير كيف توصلوا الى مثل ذلك الاستنتاج.
* جي. سي. كاي
* نميري يتهرب..
* وثيقة رقم 47
* التاريخ: 1 نوفمبر 1971
* إلى: ايه. دي. بارسون ـ مكتب الكومنولث والشؤون الخارجية 15 ـ حينما تم التوصل الى اتفاقية الاتحاد العربي بين ليبيا والجمهورية العربية المتحدة وسورية في ابريل الماضي، اوضح نميري ان السودان سينضم لذلك الاتحاد حينما تمكنه تطوراته الدستورية من ذلك. وبعد ذلك، وخاصة خلال حملته الانتخابية الرئاسية، ظل وبصورة ملحوظة حذراً من الاقتراب من هذا الموضوع، مركزاً في مكان ذلك بأنه لا مجال لفرض قرار على الشعب السوداني.
وبما ان تأسيس الاتحاد لم يظهر حتى الآن أي تحديد او تقييد للسيادة في الدول الأعضاء، فمن المتوقع ان يزيد زهد السودان في الانضمام اليه. ومن المؤكد ان نخبة القوميين العرب يفضلون الانضمام، ولكني على ثقة ان هناك معارضة شعبية واسعة الانتشار لانضمام السودان، وهي نابعة من خوف شائع من سيطرة مصرية. وهناك وجهة نظر الجنوبيين وهي بالطبع ضد الانضمام للاتحاد، وقد أخبرني وزير الاعلام في اليوم التالي أنه يعتقد انه واذا ما أجري استفتاء للشعب السوداني حول الموضوع فان اكثر من 4 ملايين (عملياً هم كل الناخبين) سيصوتون ضده، وهو بالتالي لا يتوقع انضمام السودان للاتحاد في المستقبل المنظور.
16 ـ هناك تحسن ملحوظ في توجه السودان، على المستويات العامة والخاصة تجاه الغرب. وذلك منذ احداث يوليو (تموز) (المحاولة الانقلابية ضد نميري) الأخيرة. وأهم ملامح ذلك التحسن والتحول اصبح نحو اميركا.
* السفارة البريطانية ـ الخرطوم
* وثيقة رقم 45
* التاريخ: 27 ابريل 1971
* الى: هوب جونز 1 ـ البرقية المرفقة من عبد الله السنوسي، وهو على قرابة بعيدة بالملك ادريس، وهو رجل اعمال على قدر من الأهمية وهو مهتم بالسياسة حتى من قبل مجيء الثورة، ومنذ مجيئها ظل اسمه مقترناً بتحركات ضد النظام الجديد وهو يعيش الآن خارج ليبيا.
2 ـ في برقيته للقذافي أكد للأخير ان اتحاد الجمهوريات العربية غير موفق. وتساءل كيف يمكن للقدافي ان ينشئ وحدة مع أحد ظل في السلطة لعشرين عاماً. (يقصد السادات). والسنوسي على ثقة ان الشعب الليبي لا يوافق على الاتحاد ولن يساند القذافي، وهو يقول: سنحافظ على صداقتنا مع الدول العربية في حدود الجامعة العربية والأمم المتحدة.
قراءة في وثائق 1971 البريطانية (5) - جبهة مصرية «سرية» لمحاربة الوجود الروسي تثير فضول بريطانيا وأميركا للبحث في صحة وجودها
* منظمة تحجب اسم قائدها وتخاطب الأجانب وتترك الشعب المصري * لا تحرر منشوراتها بالعربية والرقيب المصري يغض الطرف عنها * مسؤول بريطاني يعلق ساخرا: المصريون يريدوننا أن نصدق
لندن: حسن ساتي
ملف صغير بالرقم fco39 - 969، وبعبارات مثل سري للغاية، ويغلق الى عام 2002، حمل عنوان «الجبهة القومية المصرية» the egyptian national.
وعلى صغر حجم الملف، والذي لا يزيد عدد الوثائق فيه عن 15 وثيقة، الا انه يتسم بالتشويق، ويشطح بالذاكرة او يجرها الى افلام الجاسوسية والعاب المخابرات بين الدول.
وتكشف الوثائق المختارة هنا عن حالة من الحيرة احدثتها منشورات تلك المنظمة التي تزعم انها تقاتل لانهاء ما اسمته الاحتلال السوفياتي الامبريالي لمصر، لدى صناع القرار في بريطانيا خاصة بعد ان ورد اسمها مرة في يومية «التايمز» ومن بعد في تقرير لـ«نيويورك تايمز».
الطريف في الامر ان كل وثائق الملف لم تحمل اسم قائد هذه المنظمة، فيما سجل اكثر من مسؤول بريطاني بادارة شمال افريقيا ملاحظات هامشية على التقارير التي جاءته من وراء البحار.
من بين اكثر التعليقات طرافة ما خطه بي. ام. جريج على هامش تقرير، حيث كتب يقول: اذا كانت الجبهة جادة ام لا، يبدو ان الحكومة المصرية تريدنا ان نصدق انها جادة وفي ذلك طريق آخر لاحاطتنا بأنهم ليسوا مرتبطين او ملتزمين للاتحاد السوفياتي.
بين الملاحظات الذكية ايضا تقرير ام. ايه. هولدنج بادارة شمال افريقيا والذي سجل استغرابه من مرور منشورات هذه المنظمة للخارج بالبريد العادي ومخاطبتها للاجانب فقط بدون الشعب المصري، ومرور تقرير لاذاعة «بي. بي. سي» عنها من دون اخضاعه للرقابة. والى ما تقوله الوثائق عن هذه المنظمة التي حيرت البريطانيين كثيرا ودفعتهم لطلب العون من الخارجية الفرنسية ومن بعثة الامم المتحدة ومن اميركا.
** جبهة مصرية.. لا تتحدث العربية
* وثيقة رقم ـ 5 ـ
* التاريخ: 6 اكتوبر 1971
* الى: ام. ايه. هولدنج. ادارة شمال افريقيا 1 ـ ارجو الرجوع الى خطابي 1/1 بتاريخ 22 سبتمبر (ايلول) (لمصلحة المستقبلين لهذا الخطاب والذين لم يروا المراسلات السابقة، فالجبهة القومية المصرية هي منظمة سرية ظلت ترسل منشورات بالبريد الى عناوين متعددة في لندن، وهناك وصف لنشاطاتها بصحيفة «تايمز» بتاريخ 30 اغسطس (آب). ويقول خطابي بتاريخ 22 سبتمبر اننا لم نستطع القاء اي ضوء من هنا على تلك المنظمة.
2 ـ منذ ذلك الوقت، هناك عدد من التطورات. اولا.. تسلم مراسل لصحيفة غربية بالقاهرة نسخة من المنشور الثاني للمنظمة عبر البريد العادي. وقد تم ارسال المنشور من القاهرة. حرر ميوريس جينت من الـ«بي. بي. سي» قصة خبرية حول هذا الموضوع، وقد مرت من الرقابة، وفي هذا مدعاة للاستغراب، وقد اذيعت من خدمة «بي. بي. سي» العالمية في 2 اكتوبر (تشرين الاول).
3 ـ ثانيا: احيط قسم المصالح الاميركية بوجود الجبهة القومية المصرية عبر اثنين من مصادره المحلية، وقد قال احدهما ان المنظمة نشطة وعنيفة، وقد زرعت 5 قنابل في محل بالزمالك اعتاد الروس على التسوق منه. ولم يقل المخبر الاميركي ما اذا كانت تلك القنابل قد انفجرت ام لا، ولكن، ووفق الاشاعة السائدة في المدينة الى الآن، انها لم تنفجر.
4 ـ ظللنا على حيرة من هذا الامر، وهناك قدر جيد من عدم الارتياح هنا تجاه حجم الوجود السوفياتي، وفيه مناخ يشيع التوقع بعمل من اي منظمة معارضة. ولكن الجبهة القومية المصرية، اذا كانت موجودة في الاصل، لا تزال تقدم نفسها للاجانب وليس لمواطنيها المحليين والذين نتوقع ان يكونوا هدف مخاطبتها الرئيسي. ولم نسمع بمنشورات باللغة العربية. ويرى قسم المصالح الاميركية ان سلطات الامن المصرية ستتحقق من مثل هذا التطور، لكننا غير متأكدين. البعض يعتقد ان الجبهة القومية المصرية اختراع من الحكومة المصرية لاستباق زيارة السادات الى موسكو.
* السفارة البريطانية ـ القاهرة حاشية: هناك تعليق على الفقرة الرابعة من الوثيقة وعلى الهامش وبخط اليد، يقرأ: هذا يبدو غير محتمل، فالمنظمة وجدت قبل وفاة ناصر.
** تخاطب الأمم المتحدة.. والبعثات لا تعرف
* وثيقة رقم ـ 6 ـ
* التاريخ: 27 اكتوبر 1971
* الى: ام. ايه. هولدنج. ادارة شمال افريقيا 1 ـ ارجو الرجوع الى المراسلة المصاحبة لخطابي 1/1 بتاريخ 6 اكتوبر.
2 ـ ارفق نسخة من منشور جديد تم توزيعه من قبل الجبهة القومية المصرية وحمل الرقم 5. المنشور نسخة مطبوعة من نفس المنشور الذي ارسل من روما لسكرتير اول (اظن اسمه جوزيف) في بعثة سري لانكا بالامم المتحدة بنيويورك. جوزيف كان قد غادر نيويورك في الوقت الذي وصل فيه المنشور، حيث نقل الى كولمبو، ولكن بعثة سري لانكا اعادت ارسال الظرف بما فيه المنشور من دون فتحه الى سري لانكا، وقد قام بدوره بارسال نسخة من المنشور الى سفارة سري لانكا بالقاهرة والذي مررها لنا. انا لا اعرف، ومعي سفارة سري لانكا، كيف تبدو صورة الاصل لهذا المنشور وما اذا كانت تحمل نفس الشعار الذي حمله المنشور رقم 2.
3 ـ سترى ان المنشور يحمل طلبا موجها للدول الاعضاء بالامم المتحدة لمساندة حملة الجبهة القومية المصرية ضد الامبريالية السوفياتية في مصر، ولم تقدم اي ايماءات اخرى نحو هوية الجبهة. نحن لم نر المنشورين رقمي 3 ـ 4.
4 ـ حررت نسخة من هذا الخطاب مع نسخة من خطابي بتاريخ 6 اكتوبر الى مايكل وستون بنيويورك، وارغب في معرفة ما اذا كانت البعثات الدبلوماسية الاخرى هناك قد تسلمت نسخا من هذا المنشور او منشورات اخرى للجبهة القومية المصرية.
* ام. ايه. هولدنج
* حاشية: بخط اليد يقول تعليق على هامش الفقرة الرابعة ايضا: بعثة المملكة المتحدة بنيويورك بأنها وحسب مبلغ علمها، فإن الاجابة لا. تم تحويل اجابتهم لهذا الملف.
** غموض في مواقف الرقيب المصري
* وثيقة رقم ـ 7 ـ
* التاريخ: 2 نوفمبر 1971
* الى: مستر كريج ومستر باترسون 1 ـ سأل باترسون عن اي معلومات لدينا عن الجبهة القومية المصرية والتي ارسل منشورها الى البروفيسور لويس بجامعة سواس. الاشارة الوحيدة الموجودة بملفاتنا تقول عنها انها واحدة من قائمة لاحزاب معارضة حملتها تقارير سفارتنا في اغسطس 1969، اي قبل مجيء انور السادات.
2 ـ سفارتنا اجابت في البداية بأنها لم تسمع شيئا جديدا حول هذه المنظمة سوى انها ذات نشاطات في بريطانيا، وان اسمها ورد في صحيفة «التايمز» بتاريخ 30 اغسطس.
3 ـ وعلى اية حال، رجال سفارتنا يكتبون عن تطورات لاحقة. وكما هو حال تقارير الـ«بي. بي. سي» في 2 اكتوبر (من المدهش ان الرقيب المصري ترك القصة تمر للخارج) تم تداول نسخ ومنشورات ضد السوفيات بين عدد من المراسلين الغربيين بالقاهرة. ووفقا لمصادر مصرية بالقاهرة فالمنظمة نشطة وعدوانية وقد زرعت اخيرا عددا من القنابل (الظاهر انها لم تنفجر) في محل بالزمالك يرتاده الروس.
4 ـ الجانب الشاذ في هذه القصص ان المنظمة تبدو وهي تقدم نفسها للاجانب وليس للشعب المصري (لم تصدر عنها، بحسب ملبغ علمنا، اي منشورات باللغة العربية، وهناك حقيقة ان السلطات المصرية عادة ما تكون حساسة تجاه مثل هذه الامور، ومع ذلك فقد سمحت بـ:
أ ـ مرور المنشورات للخارج بالبريد العادي.
ب ـ مرور تقرير لصحافي اجنبي من غير تدخل في النص.
كل ذلك قد يؤشر الى بعض الاستنتاج من قبلهم في نشاطات الجبهة القومية المصرية. فهي، وفي بعض الظروف، يمكن ان تكون مفيدة للرئيس السادات ليمتلك الدليل على الشعور المعادي للسوفيات في مصر.
* ام. ايه. هولدنج
* ادارة شؤون افريقيا حاشية: على هامش الوثيقة تعليق من بي. ام كريج يقرأ: اذا كانت الجبهة القومية المصرية جادة ام لا، يبدو ان الحكومة المصرية تريدنا ان نصدق انها جادة، وفي ذلك طريق آخر لاحاطتنا بأنهم ليسوا مرتبطين او ملتزمين للاتحاد السوفياتي.
** طلب العون من باريس:
وثيقة رقم ـ 9 ـ التاريخ: 30 ديسمبر 1971 الى: جي. ان. تي. سبريكلي ـ السفارة البريطانية باريس 1 ـ ارجو الرجوع لخطابي 1/1 بتاريخ 7 اكتوبر الى هولدنج بادارة شمال افريقيا حول الجبهة القومية المصرية.
2 ـ نظرنا للتو لقصاصة من «نيويورك تايمز» حملت تاريخ ومصدر.. باريس 4 ديسمبر، ووفق الرواية في الخبر، فإن رئيس الجبهة غادر مصر سراً قبل ايام وهو موجود في باريس في جولة اوروبية، وسترى من التقرير (تم تصويره لك ولهولدنج فقط) ان قائد الجبهة تحدث عن هجمات مسلحة ضد الروس ظهرت للعامة وعن حملة ارهاب ضد القوات المسلحة السوفياتية في مصر. نكون ممتنين اذا كنت انت او الخارجية الفرنسية قد سمعتم عن اي شيء بخصوص قائد هذه الجبهة وزيارته لباريس.
السفارة البريطانية ـ القاهرة تقرير «نيويورك تايمز»:
* جبهة ضد الروس بالقاهرة
* باريس ـ 4 ديسمبر.
بدأت منظمة سرية بالجمهورية العربية المتحدة (مصر) حملة ارهاب ضد القوات الروسية الموجودة هناك، وتحمل المنظمة اسم الجبهة القومية المصرية، وذلك وفق تصريح لمصري قدم نفسه كقائد لتلك المنظمة.
ويقول المصدر انه ترك القاهرة سراً قبل ايام وهو الآن في جولة اوروبية لحشد الدعم لمنظمته التي تكرس جهدها لانهاء ما اسماه الاحتلال السوفياتي لمصر.
ويضيف المصدر ان المنظمة تأسست قبل عام، وانها لقيت دعما وتأييدا من القوات المسلحة المصرية وخاصة القوات الجوية وفي اوساط طلاب الجامعات، وان من بين خطط الجبهة القيام بهجمات مسلحة ضد الروس الذين يظهرون في الاماكن العامة، وان التخلص من الروس يشمل ايضا اسقاط هذا النظام.
واتهم المصدر العاملين السوفيات في القاهرة ومناطق اخرى بالتصرف مثل قوات احتلال، مشيرا الى ان قواعد البحرية والقوات الجوية في مرسى مطروح قد اصبحت اخيرا وقفاً على الروس فقط. وقال ان الجبهة زرعت في اول اكتوبر الماضي قنبلة بالقاعدة قتلت اثنين من الروس. وزعم المصدر ان الروس في القاهرة يدخلون المتاجر ويتسوقون ويأخذون اغراضهم من دون دفع اثمانها، وان الشرطة المصرية تقف مع الروس اذا ما اشتكى اصحاب المتاجر.
قراءة في وثائق 1971 البريطانية (6) ـ طائفتا الأنصار والختمية بلا تأثير سياسي والسبب ضعف القيادات أو غيابها
الميرغني في يد نميري، وأحمد المهدي بلا طموح، والصادق زاهد في القيادة الدينية * المجتمع السوداني تغير وقيم الطائفتين تعرت بفعل التعليم والراديو الترانزستور
لندن: حسن ساتي
تقرير مثير حمله الملف 904 ـ 39Fco، في تقرير رقم 51 بالملفات البريطانية لعام 1971 عن السودان. التقرير اعده السفير البريطاني بناء على طلب من ادارة شمال افريقيا بالخارجية البريطانية حول مستقبل طائفتي الانصار والختمية في السودان. واللافت للنظر هنا ان طلب التقرير من الخرطوم جاء في ديسمبر (كانون الأول) 1971 اي بعد نحو خمسة اشهر من اندحار الانقلاب الشيوعي، بما يوحي وبالتضمين ان للتقرير صلة ما بتقييم مستقبل السودان السياسي في ضوء الوجود الفاعل للحركتين في عملية النشاط الحزبي كونهما كانا في قلب المخاض السياسي الذي اوجد الاحزاب السياسية في السودان في حقبة الاربعينات.
التقرير حمل رؤية تشاؤمية حول مستقبل الطائفتين وأوشك على القطع بأن الزمن كفيل بأندثارهما. وهناك اشارة الى تأثير التعليم وراديو الترانزستور في وسط الاجيال الجديدة، مثلما هناك استبعاد لقدرة الانصار مثلاً على الزحف نحو الخرطوم سواء بالطريقة التي فعلوها مع محمد احمد المهدي لاسقاط الخرطوم في 1985، او تلك الصورة التي صاحبت احداث 1965. ويقدم التقرير مقارنات بين الماضي والحاضر.
الى ذلك لم ينكر التقرير وجود خميرة وقابلية في الطائفتين لتصبحا قوة سياسية ولكنه استبعد مرحليا هذا الخيار حين ربطه بعدم وجود قيادة سياسية فاعلة، ووصف التقرير زعيم الختمية الحالي محمد عثمان الميرغني بالضعف وانه في يد الرئيس آنذاك جعفر نميري، فيما وصف احمد المهدي بأنه بلا طموح، في مقابل زهد الصادق المهدي في قيادة على خلفيات دينية صرفة، واعتبر التقرير ان علاقات اسرة الميرغني الشخصية بالقيادة المصرية قد ضعفت مع مجيء جمال عبد الناصر في مقابل قوة العلائق مع مصر مقروءة بعلاقات التعاطف بين حزب الامة وبريطانيا. وفي ما يلي ترجمة للوثيقة.
وثيقة رقم 51 التاريخ 20 ديسمبر 1971 الى: إيه جي إم كريج ادارة شمال افريقيا.
1 ـ الختمية والأنصار:
في الفقرة 3 من خطابك 9 ـ 548 ـ 6NAS. بتاريخ الثاني من ديسمبر تساءلت عن الوضع الحالي لاثنتين من الطوائف الدينية الرئيسية ومستقبلهما كقوى سياسية. الشرح التالي يقدم الوضع كما أراه.
2 ـ الختمية:
أفراد الجماعة الدينية التي تحمل هذا الاسم هم في الاصل اتباع محمد عثمان الميرغني الذي كسب رفاقاً كثيرين في شمال السودان في منتصف القرن التاسع عشر. انتشرت الطائفة بعدها في شرق السودان وأسست مقرها الرئيسي في قرية الختمية بالقرب من كسلا. ونالوا اعتباراً متعاطفاً من الحكومة المصرية ـ التركية وكذلك في السنوات الاولى للادارة البريطانية رغم كسوف لازمهم بين 1881 ـ 1898 خلال علو شأن الانصار. الطريقة ما زالت تجتذب تأييدها من المناطق التقليدية في الشمال والشرق. قائدها الآن هو محمد عثمان الميرغني، شاب ضعيف وليس سوى ظل لوالده الشهير والمؤثر على الميرغني. تاريخ الطائفة ظل قريب الارتباط بالحظوظ المصرية في السودان.
3 ـ الانصار:
الانصار او المهديون هو الاسم الذي يطلق على اتباع محمد احمد، معلم ديني ادعى انه المهدي في 1881، والمهدي المنتظر يجيء لاستعادة طريق النبي محمد. اجتذاب الاتباع جاء بصورة كبيرة من القبائل الرعوية في غرب السودان والمجتمعات المتوطنة ومعظمها بأصول شمالية في منطقة الجزيرة جنوب الخرطوم. وكذلك كان نشاط الحركة المهدية الذي ادى بعد اربع سنوات الى سقوط الحكم المصري التركي مع سقوط الخرطوم في 1885. وبعد الفتح الانجليزي ـ المصري في 1898 فقدت الحركة نبضها الديني، وعلى كل، فقد بزغ نجم عبد الرحمن كقائد جديد للطريقة في منتصف العشرينات وسمح له بالسكن بالجزيرة ابا في احدى اراضي اسرته والجزيرة بمنطقة النيل الابيض. وقد قررت الطائفة التعاون مع الادارة البريطانية كأفضل طريق لتأكيد حدث الاستقلال والتحرر من السيطرة المصرية. وليس للأنصار قائد ديني الآن، لأن آخر الرؤوس (ويدعى الامام) قتل في 1970، ولكن الشخصية الرئيسية في الحركة هو الصادق المهدي، اعظم احفاد المهدي، ولا يزال في المنفى بمصر. (او هل لا يزال؟).
4 ـ الفترة السابقة لثورة مايو 1969:
شهدت حقبة الاربعينات بزوغ الاحزاب السياسية بالسودان. وقد تمركزت في مجموعة تفضل الاتحاد مع مصر (وحدة وادي النيل) واولئك الذين يفكرون في الاستقلال التام. الاولى (احزاب اليسار) تحالفوا طبيعيا مع الختمية التي يملك قادتها روابط لصيقة بمصر والاخيرة (حزب الأمة) مع الانصار. مثل هذا التأييد الذي قدمته مثل هذه الحركات الدينية قدم للأحزاب الجديدة ما اهلها للوصول لتأييد جماهيري من اعداد كبيرة من السودانيين حاملي التدين البسيط.
ومع ذلك، استمرت مسألة العلاقات مع مصر على اهميتها المتزايدة الى يومنا هذا برغم كون الاحزاب الموالية لمصر قد روت اراضي سياساتها في ذلك الزمان بشعار البحث عن وحدة كاملة. ورغم ذلك، فقد نتج عن ذلك انقسام وسط السياسيين السودانيين في كل الاحزاب التي تلجأ اساساً للطوائف الدينية التقليدية والروابط الأسرية بحثاً عن التأييد. وقد افسدت المنافسات الناتجة حركة الاستقلال وعرقلت تلقائياً الحكومة البرلمانية وبصورة كبيرة وصلت لحد وصول تحركين عسكريين للسلطة في 17 عاماً منذ الاستقلال.
5 ـ ثورة مايو:
يقول نميري دائماً ان الثورة تحتاج لجميع المستعدين للتعاون. وقد اشار في وقت سابق الى انه ينحدر من اسرة ذات روابط مع الانصار ووجه الدعوة لتأييد كل اتباع المهدي له. وكل الاحزاب السياسية تم حظرها منذ بداية الثورة. ولكنه لم يتخذ فعلاً مباشراً ضد الامام الهادي الذي اقام بالجزيرة أبا او ضد محمد عثمان الميرغني في الخرطوم. والاخير، وبعد ايام قليلة، وكما فعل والده لعبود، نشر تصريحاً بتأييد النظام الجديد فيما احتفظ الامام، وهو ليس بشخصية سياسية، بمواقفه في أبا، ربما متبعاً نموذج والده الذي تردد في التهنئة لتسلم عبود للسلطة.
6 ـ تعتبر الصداقات التي حدثت في مارس (اذار) 1970 بين الجيش والانصار حول ابا وفي أم درمان ناتجا لا مفر منه لسياسة النظام، مع وضع الاعتبار لغباء الامام في المطالبة بمقاومة نشطة لدى اتباعه المكرسين. وقد انفجر القتال حينما حاول نميري نفسه زيارة منطقة النيل الابيض ليجبر على ارسال الجيش ليجد هو الآخر نفسه امام هجوم من المتطرفين حاملي الحراب مثلهم مثل اسلافهم حين هاجموا بالرماح البريطانيين في 1898. وتركت صدمة هذين الحدثين اثراً عميقاً، واصدر نميري مرسومه بأن لا يكون هناك أئمة. وهناك قبول بأن الهادي قد استهان بنفسه وتمت مصادرة معظم ممتلكات اسرة المهدي فيما بذل النظام افضل جهده لاعادة تنظيم منطقة أبا وان يرمم حظائره بالانصار المهزومين، فاطلق سراح معظم الذين اعتقلوا عقب احداث مارس 1970، والمجموعة الاخيرة اطلق سراحها قبل ايام. ويبدو لهذه السياسة بعض نجاح في ضوء فقدان الانصار للاتجاه الديني، والذاكرة عموماً قصيرة. ونميري يسترجع كثيرا في احاديثه تراث السودان الديني. ويأمل نميري في قطع الطريق على المنافسات الطائفية القديمة من خلال الاشادة بالمهدي كأب لاستقلال السودانيين وبالزعم بأنه سيتبع الطريق الذي قاده، وهو كذلك يريد بمثل هذا الطرح اجتذاب السودانيين المتدينين من غير المثقفين، فيما ساعدت احداث يوليو في اعادة التأكيد لهم بأن نميري لم يقع في ايدي الشيوعيين المكروهين الملحدين.
7 ـ لا يبدو محتملاً ان الانصار كحركة دينية ستحيا مرة ثانية. فالجيش، سوى الضباط القدامى الذين رأوا كيف ان السياسيين قد اضاعوا فرصهم مرتين، او الشباب الذين نشأوا على مثل تقدمية، والذين في الغالب ما يقدمون جيل القادة القادم، كلاهما مسخر لاستئصال الطائفية. ولذلك تصبح عودة الانصار كقوة من جديد رهنا باستطاعة احد في اسرة المهدي ان يحيي القيم القديمة ويستقطب لها مؤيدين.
وقد انتهت تلك الايام التي يستطيع فيها بضعة آلاف من الانصار شل الخرطوم لمجرد وصولهم اليها بالأقدام او على ظهور الحمير كما فعلوا في 1965، وبوسع الجيش ان ينهي بمجهود ضئيل مثل هذه المحاولة. والعائشون من اسرة المهدي من الدعة والثقافة ليحاولوا توظيف قوتهم في هذا الاتجاه. احمد المهدي الذي يعمل بالامم المتحدة، لا يملك في الظاهر طموحات سياسية، اما الصادق المهدي رئيس الوزراء السابق، وبرغم كونه طموحا جداً، لم يظهر اي مؤشر تجاه ان يصبح قائداً دينياً للطائفة. وقد ترك حركة الانصار لعمه الامام. واذا ما سمح له بالعودة للخرطوم، فقد يكون نقطة اعتماد بالنسبة للحركة ولكنه لن يربط نفسه بالتطرف الديني.
8 ـ لا يعني هذا القول ان السياسيين المعتدلين في حزب الامة والذين يعتمدون على الانصار في التأييد قد انتهوا، فهم موجودون، مثلهم مثل الجناح اليساري من القوميين الذين لجأوا للختمية بحثاً عن المؤيدين. ويظهر طريق ثورة مايو كيف انه بوسع الضغوط السودانية التقليدية ان تعمل. فقد اجبر نميري على معارضة الشيوعية ومن ثم سحقها. كما جاء بالسياسيين السابقين من كل الاحزاب الى مجلس وزرائه، وهو يحاول الآن ان يذوب مخاوف القوميين الوسطيين المتحسسين من يسارية النظام ومجاهرته لنوايا الاتحاد مع مصر.
9 ـ اما بالنسبة للختمية، فقد ظلوا على وزن سياسي قليل لسنوات طويلة، واسرة الميرغني تتخذ تقليدياً مسافة من سياسات الحزب برغم وجود تماثل عريض بين توجههم تجاه مصر وذلك الذي تتخذه الاحزاب الاكثر يسارية والمؤيدة لمصر. وعلى كل حال، فروابط الميرغنية الشخصية مع القيادة المصرية منذ قبل مجيء جمال عبد الناصر. كما انه لا روابط بين الختمية واي انتفاضات متطرفة. ومحمد عثمان الميرغني ليس إلا في يد نميري، وحتى هذا لم يمنع مصادرة العديد من عقارات الميرغني مطلع هذا العام.
10 ـ لا تزال طائفتا الانصار والختمية مشروع قوة، ولكن كليهما يحتاج الى قيادة دينية لتنشيطهما، ولا يوجد في الأفق شخص بتلك المؤهلات. والجيش مصمم على انهاء سلطة طائفية متفاعلة. ويمكن اعتبار حادثة أبا او مثالها نوبة الموت لظاهرة تاريخية. المجتمع السوداني يتغير. الجيش الآن يستولي على مفاتيح السلطة والى المستقبل المرئي. قيم المحاربين الانصار القحة حدث لها التعري بفعل تأثير التعليم وراديو الترانزستور في اوساط الاجيال الشابة.
قراءة في وثائق 1971 البريطانية 7 ـ الإسرائيليون أسوأ أعداء لأنفسهم هم الآن في حقبة العجزة والأحداث الجديدة
* علقوا نقاط روجرز على صاري سفينتهم فأضاعوا الفرصة * يحاصرون أنفسهم فيجعلون الطريق إلى طاولة المفاوضات صعبا عليهم وعلى غيرهم * تشككوا في خلع السادات لثياب الناصرية
لندن: حسن ساتي
ملف صغير حمل اسم شخصية وطبيعة اسرائيل برقم 1554 ـ 17 ـ Fco اتسم بالجرأة في التناول من دون ملفات اخرى كثيرة تناولت الدولة الاسرائيلية بكل الجرأة هو السفير البريطاني في تل ابيب E. J. W. BARNES. واسباب الجرأة انه خاطب وزير خارجيته دوجلاس هيوم بمذكرة اختار لعنوانها «اسرائيل العنيدة المتشددة» ووصل فيها الى حد التقرير بأن الاسرائيليين هم اسوأ اعداء لأنفسهم لأنهم كثيرا ما يضعون معارضهم في ركن يكون فيه التراجع اكثر صعوبة، مثلما عمم رسالته او ورقته عن اسرائيل على معظم السفارات والجهات المعنية بالصراع العربي ـ الاسرائيلي.
التقرير يرقى الى الوصف بالأطروحة الرفيعة في فكر العلوم السياسية، فهو يحلل دوافع التعنت والتحجر، لكنه يجد لها بعض المبررات، وحين يتشعب الطرح يسأل السفير وزير خارجيته بذكاء «ماذا أنت فاعل اذا كنت في مكانهم؟»، ومع ان السفير يقر بأن الاسرائيليين مثيرون للجنون ويتصرفون كمجانين، الا انه يعزو ذلك الى تعرض مصالحهم القومية للخطر، ليقول بصعوبة توجيه اللوم لهم حين يراوغون او يماطلون او ينتقمون.
الفائدة العامة للتقرير لا تكمن في تقديمه لحلول، فلم يكلف السفير نفسه عناء ذلك، ولكنها تكمن في التشخيص شبه الدقيق للحالة الاسرائيلية وللحقبة الاسرائيلية كونها حقبة العجزة من الرجال والنساء والاحداث الجديدة، وان لجأ السفير، وربما باحساس منه بتجاوز خطوط حمراء معروفة الى الصاق احكام بالجانب العربي تبقى محل جدال.
وثيقة رقم 1 التاريخ: اسرائيل في 18 نوفمبر (تشرين الثاني) 1971 الى: وزير الخارجية سيدي:
1 ـ اذا كان لوفانتين حياً في هذه الساعة، فانه سيكتب، وبلا شك، قصة خرافية من تلك الشاكلة التي تتخاطب فيها الحيوانات، وستكون مادته العرب المحبين للسلام، واسرائيل العنيدة المتشددة. ورغم انه ليس بوسع احد يكتب من هذا المكان او الموقع ان يقيم قوة حب العرب للسلام، وما اذا كان ذلك الحب غريزياً وطبيعياً او مجرد احتفاء، وما اذا كان عاطفة عارمة او اخرى هادئة. ولكن بوسع المرء ان يقدم بعض الافكار حول مسألة التصلب والتشدد الاسرائيلي.
2 ـ الاسرائيليون بالطبع اسوأ اعداء لأنفسهم، فقليلاً، وفي الغالب، ان يقتنع المرء بقوة حجتهم الى ان يسمعهم المرء وهم يقدمونها، وهم كثيرا ما يشطحون، وبلا شك فان ممارسة تعليم الآخر هي تكرار بلا نهاية. وفوق ذلك، والجدير بالملاحظة، انهم وبتكرار خطهم السياسي، خاصة مع حالات السلام، فانهم يحاصرون انفسهم، ويجعلون الطريق الى طاولة المفاوضات صعباً عليهم، مثلما هو للآخرين. وهم كذلك، متجهون طوعاً الى تقديم الدوافع للبلاد الاخرى علناً، وهم، وباذاعتهم لوجهات نظرهم بصوت عال وبصورة مستمرة حول اي شيء يحدث، يعطون احداثاً بلا اهمية زخماً اعلامياً ليس ضرورياً، حتى من وجهة نظرهم انفسهم، ويضعون معارضهم في ركن يكون فيه التراجع اكثر صعوبة. فقد كان من الممكن لقرارات دقيقة كثيرة للأمم المتحدة ان تمر من دون ملاحظة اذا لم يفجرها الاسرائيليون بتحويلها الى مآس عالمية، وعلى ذلك قس، فنقاط روجرز الست كان من الممكن ان تكون من عجائب الايام التسعة اذا لم يعلقها الاسرائيليون على صاري سفينتهم ليقرأها الجميع.
3 ـ وكل ذلك مثير للغضب، والى حد ما، فهو ناتج ظروف خاصة، شخص ما، اظنه اللورد كرو، قال مرة ان القرن التاسع عشر في السياسة البريطانية كان حقبة الرجال العظام والاحداث الصغيرة. والحقيقة الحالية في اسرائيل هي حقبة العجزة من الرجال والنساء والاحداث الجديدة.
فالعالم اصبح اكثر تعقيداً لهؤلاء المهاجرين من وسط وشرق اوروبا. ومعادلة الصهيونية الرائدة والقديمة لم يعد من الممكن تطبيقها، فالمستقبل لا يمكن ترجمته بسهولة بمفردات الماضي، وكما هي الشرايين حين تتصلب، فالمرونة ايضا صعبة التحقيق.
4 ـ والمرونة كذلك تكون دائماً سهلة لطاغية يكون بوسعه ان يغير نبراته بين يوم وليلة، اكثر منها لدى ائتلاف منتخب ديموقراطيا. والانقسامات في ماضي الصهيونية تنعكس بصعوبة في البنية الحزبية داخل اسرائيل اليوم. فحينما يتأسس خط ائتلافي، ومعارض لخط حزبي، وذلك كثيرا ما يكون سهلاً، فان ذلك الحال يتجه الى ان يصبح نفاقاً من خلال التكرار الممل. لأن كل عضو في الائتلاف ينظر بشغف الى الانحرافات التي تحدث من الآخرين في الخط الائتلافي. وبالتالي فان الاتفاق على المحافظة على الوضع القائم يكون اسهل من الاتفاق على تغييره. ولذلك، فليس مستغرباً ان مغادرة السياسات او الاقلاع عنها يأخذ غالباً زمناً طويلاً قبل ان يحدث الحمل. وقد حدث ذلك، وعلى وجه التحديد في فترة وقف اطلاق النار في اغسطس (آب) 1970 حينما انقسم الائتلاف السابق.
5 ـ ولكن، وفي المقابل، حينما نتحسس جمود اسرائيل الظاهر، او حين نتجه للاعتقاد بأنها، وانها وحدها، التي تعرقل جهود التقدم، او حين نحكم بأن عنصر الوقت الذي استهلكته يعمل ضدها، فهناك عوامل اخرى تستحق التفكير. ففي الموضوع الاساسي، اولاً، ليست هي اسرائيل التي تنكر حق العرب في الوجود، وليست هي اسرائيل التي هاجمت العرب اولاً حين سحب التفويض البريطاني، او ان تهديداته الدموية هي التي قادت الى الحرب مرتين. وليست هي اسرائيل التي ابقت، قبل وبعد 1967، تهديداتها على جيرانها، فأجبرتهم على ان يحاربوا في ثلاث جبهات فوراً. ربما تكون هذه ملاحظات هامة، ولكن الحقيقة البديهية تقود للقول ان اسرائيل اذا خسرت حرباً، فانها لن تعيش لتحارب اخرى، على عكس الآخرين.
6 ـ فتوجهاتها تنبع من جذور تاريخية عميقة. فالناس الذين ظلوا يدفعون حول العالم لألفي عام لا يريدون ان يدفعوا مرة اخرى. وليس هو التاريخ القديم وحده الذي انتج عقدة المقاومة المطلقة بلغة الموت افضل من الهوان، وذكريات الاعدام، وفوق كل شيء محرقة هتلر قريبة من السطح. فهؤلاء الناس، وفي ازمنة حياتهم قد ساحوا في العالم، وفي الغالب لخطوة او خطوتين للأمام من مطارديهم. وربما ليس هناك تحقق في الغالب، كون اليهودية، ورغم انها كانت دين القساوسة الملوك، قد اصبحت عبر القرون ديناً للمضطهدين اجتماعياً، الى المستخدمين للهجة حديثة، او الباحثين عن حياة فتات في الفيتو. فهي صرخة بعيدة عن تطور المسيحية وفي الاتجاه المعاكس، ومن مزارعي العهد الجلانوسي الى مواكب البابا الكبيرة في روما، والى حاملي المعازف في كنيسة انجلترا. مع ذلك الحال، والذي قد يكون كذلك، فثمة اسرائيليون كثيرون يشعرون بالقهر في داخل عظامهم وبالقدر هم نادمون، ومقاومون لأي شيء يبدو لهم ابدياً او متعالياً. وبالتالي لم يعودوا مستعدين لأن يلمسوا مقدمة رأسهم او لفات شعرهم.
7 ـ ولكن مثل قولي هذا يبدو كما لو انه اعتذار عن التعنت والتشدد وليس اثباتاً للتهمة. واقول انه واذا كانت هناك اسباب عدة لديهم لاظهار التعنت، فالسؤال هو ما اذا كانوا في الحقيقة متعنتين جداً، فهم في الغالب، وهذه حقيقة، يستخدمون معادلة سلبية. فالرد الشهير على مذكرة د. يارنج في 8 فبراير (شباط) من هذا العام مثال رئيسي. ولكنهم، كانوا بعد حرب الايام الستة مستعدين ومتوقعين للسلام. وقد قدموا في اغسطس 1970 تنازلاً حيوياً، واعني القبول بمفاوضات غير مباشرة، ووقف مؤقت لاطلاق النار، ووجود عنصر لمسؤولية خارجية من اجل الحل. وحتى مع الوضع الحالي، فهم على استعداد للقيام بانسحاب من غير سلام. فهم، كما ترى، قد ابتلعوا الكثير من كلماتهم ومواقفهم، ولم يعودوا مثل شايلوك اليهودي الذي اصر على رطل اللحم كاملاً.. واقرأ هنا الاصرار من الطرف الآخر على الانسحاب من الاراضي المحتلة كشرط مسبق للتفاوض. أليس ذلك عناداً ايضاً..؟ ام انه عناد لاعطاء نقاش حر لكل النقاط موضوع القضية في مفاوضات مباشرة وان يكون ذلك العناد مستعداً للقبول بأحكام وفق اتفاقية مشتركة في ما بعد.
(المحرر: شايلوك اليهودي شخصية في مسرحية تاجر البندقية لشكسبير وقد اشترط على رجل استدان منه مالاً ان يأخذ ماله رطلاً من لحم الرجل اذا فشل في تسديد الدين وفعل ذلك..).
8 ـ وحتى الاحتلال، الذي يعتبر كعلامة للتعنت في الغالب، فله وجه آخر، بعد ان تم قبوله من المراقبين الدوليين سلفاً، مثل الهلال الاحمر، على انه اخف احتلال في التاريخ. فالاسرائيليون تحققوا الآن بأن المواطنين في الأراضي المحتلة لا يمكن ان يتركوا والى الابد في السجن. ولا بد من توافق مع الحقائق ومن اتخاذ قرارات على المدى الزمني البعيد. ولهذا بعض الآثار القاسية والموقوتة في قطاع غزة، ولكن من الممكن ان يقود هناك الى ظروف افضل من تلك التي عرفها اللاجئون سيئو الحظ على مدى عشرين عاماً. اما في الضفة الغربية، حيث الظروف المادية افضل، فالاتجاه الحاضر يقود الى تطوير اكثر. وهذا ايضاً قد يكون فقط المرحلة الاولى لعملية اكبر بعيدة الوصول.
9 ـ يوحي كل ذلك بأن التعنت يبدو في الغالب قولاً اكثر من كونه حقيقياً. وعلى كل، فأياً ما كنا نجد الاسرائيليين في الغالب مثيرين للغضب، فعلينا ألا نتوقع الكثير منهم، لمجرد انهم يبدون اكثر تعقلاً، او اكثر في اوروبيتهم من العرب، مثلما ننزع نحن لاضفاء صفة المفاهيم العالية عليهم. وليس هناك ضرر من هذا، وهذا لا يتعارض بالمستوى الفلسفي، ولكن علينا ألا نمضي بذلك لشوط بعيد، فليس بوسعنا ان نتوقع ان تقدم اسرائيل كل التنازلات وان تكسر كل الطرق المسدودة.
10 ـ الاسرائىليون يعرفون العرب، على كل، وعلى الاقل، كما نعرفهم نحن، ولديهم سبب ضعيف في ان يتوقعوا، وقد بنوا الموقف عبر السنين، يد صداقة من العرب اذا اداروا خدهم الآخر. ولديهم سبب جيد في الأشهر الاخيرة، في ان يتشككوا في ماذا اذا كان السادات، وبعد وعده السابق، قد تخلص من ثوب الناصرية القديم. ولديهم دليل كاف بالرمال المتحركة في السياسات العربية، والتي من المتوقع ان يتكيفوا معها، وبعنف الطرق العربية، ومن المفترض ان يضعوا ثقتهم فيها، في مثل هذه الظروف، فمن المؤكد ان يصب في صالحهم الاستعداد الذي ابدوه للعمل من اجل اتفاقية لقناة السويس، والتي تقدم بدءاً الكثير لمصر والقليل لهم، كونها خطوة نحو المزيد من الانسحاب. والمثير للدهشة هنا، ليس انهم طلبوا ضمانات، ولكن، وفي ضوء انتهاك المصريين لوقف اطلاق اللنار، والتوعد الروسي، واللاقرار الاميركي، والفتور من الآخرين، انهم لم يطلبوا اكثر من ذلك.
11 ـ ومرة اخرى، وبالعودة للاسرائيليين، اعود للفكرة، واتساءل .. ماذا كنت ستفعل اذا كنت في مكانهم. فهم في الغالب مثيرون للجنون او يتصرفون كمجانين، ولكن مصالحهم القومية عرضة للخطر اكثر منا. ولا شك ان الشرق الاوسط يبدو مختلفاً بالنظر اليه من جانبي التلسكوب. ولكنهم وحين يراوغون، او يماطلون، او ينتقمون، يكون في العادة من السهل ان تفهمهم، ومن الصعب غالباً ان تلومهم. فماذا كنت ستفعل لو كنت في مكانهم؟
12 ـ ارسلت نسخاً من هذه الرسالة لممثلي الملكة في واشنطن، باريس، موسكو، القاهرة، عمان، بيروت، ممثل المملكة المتحدة الدائم لدى الأمم المتحدة في نيويورك، قائد القوات البريطانية للشرق الأدنى ولقنصل الملكة في القدس.
قراءة في وثائق 1971 البريطانية (9) ـ جاسوس ليبي يتحدث للندن عن خطة عربية لغزو إسرائيل في أغسطس 1971
لندن: حسن ساتي
هذه قصة جاسوسين لم يجمع بينهما ملف واحد بحكم وجودهما في بلدين عربيين مختلفين هما مصر وليبيا. ولكن الذي جمع بينهما كثير، بدءاً من كونهما يحملان جنسية مزدوجة، ونهاية بتعلق موضوع التجسس باسرائيل.
الجاسوس الأول، هو الليبي الالماني فريد نوبرت، جاء طوعاً للمخابرات البريطانية ليحدثها عن هجره للمخابرات الليبية بعد انكشاف مهمة كان يقوم بها لاقناع معارضين ليبيين في ايطاليا بالعودة. وحاول في المقابلة اطلاع لندن على خطة عربية اعدتها ليبيا لغزو اسرائيل في 4 اغسطس (آب) 1971. ويزعم فريد ان تكلفتها 200 مليون جنيه استرليني وعدتها البشرية تصل الى 723 الف مقاتل. والطريف في حالة هذا الجاسوس انه مارس المهمة مع البريطانيين ليوم واحد، واختفى بعدها. وقد حفظت حالة فريد بالملف Fco 39 - 806 باسم المعارضة الليبية، وفي وثيقة حملت الرقم 1.
الجاسوس الثاني بملف Fco 39 - 963 بعنوان «السجناء السياسيون في مصر»، وهو مصري الماني اسمه بهجت حمدان، حوكم في 1969 بالتجسس لصالح اسرائيل وحكم عليه بالاعدام، وتمكن من مخاطبة السفير البريطاني من داخل زنزانته طالباً اثارة قضيته لدى الرأي العام البريطاني بعد ان زهدت في الدور المانيا وشككت في جنسيته رغم محاكمته مع الماني آخر يدعى ويزر. والطريف في قصة بهجت ان بريطانيا ايضاً لم تشأ احاطة رأيها العام او حتى منظمة العفو الدولية، فيما حجب سفيرها بالقاهرة عن زميله الايطالي مجرد ان حمدان قد راسله من زنزانة الموت، باعتبار ايطاليا راعية للمصالح الالمانية بالقاهرة إبان قطع العلاقات الدبلوماسية في الفترة التالية لهزيمة يونيو (حزيران) 1967.
** الليبي الألماني.. عميل ليوم واحد وثيقة رقم 1 التاريخ 27 يناير 1971 الى: كاي وهوب جونز 1 ـ طلب فريد نوبرت، والذي يزعم انه مواطن الماني غربي، مقابلتي يوم الاثنين للافشاء ببعض معلومات سرية. ويقول انه عاش 12 عاماً في ليبيا واكمل تعليمه هناك وعاش لعامين في بنغازي من 1967 الى 1969، وعمل مع عدد من رجال الاعمال الليبيين (عثمان غزال والمجلبي اخوان وزلاوي) في مجال الوجبات والاستيراد والتصدير.. الخ، وتم الاتصال به بعد الثورة ودعي للعمل مع المخابرات العامة ولم يعترض، واستدعي بعدها الى مكتب المخابرات الحربية واسندت اليه مهمة ملفات الاجانب، وأرسل بعدها لمهمات في تشاد وتونس، وارسل اخيرا الى روما لاقناع خليفة موسى وعمر شلهي بالعودة الى ليبيا. ولم يوضح اي شكل اتخذه ذلك الاقناع او دفع الرجلين للعودة، ولكنه قال انه اكتشف ان الليبيين الآخرين في روما علموا بمهمته، وفي ضوء ذلك احاط رؤساءه الليبيين بأنه لن يستطيع المضي في المهمة وفض ارتباطه بهم. ولتجنبهم جاء الى هذه البلاد عوضاً عن الذهاب لألمانيا الغربية لأن الليبيين يعرفون عنوانه ويسعى الآن لايجاد عمل مؤقت وهو الآن يقيم بفندق اليزابيث اكسلستون سكوير.
2 ـ فريد يقول انه خرج من خلال عمله مع الليبيين بمعلومات محددة وعلى قدر كبير من الأهمية وذهب تقديره الى اهمية الافشاء بها الى جهة اخرى، وحين سألته ما اذا كان قد ذهب لسفارة المانيا الاتحادية قال ان الوثائق من السفارة فقدت في الماضي ووجدت طريقها لأيدي الليبيين.
3 ـ اطلعني فريد على وثيقة بالانجليزية يقول انها ترجمة لوثيقة عربية صادرة عن وزارة الدفاع الليبية وقد ارسلت منها صورة للملحق العسكري الليبي في بلغراد. ويقول انه رأى الوثيقة الاصلية في حوالي الرابع من ديسمبر (كانون الاول) ويعتقد انها كتبت قبل ذلك بحوالي ستة ايام. والترجمة التي اطلعني عليها لا تحمل ترويسة او توقيعا. وهي تقول انه قد طلب من الدول العربية ان تقول كلمتها حول استعدادها لتسخير مواردها القومية لاستعادة فلسطين، واذا كان الحال كذلك فانها مدعوة للمشاركة بـ20 في المائة من دخلها القومي (5 في المائة في حالات مصر والأردن و10 في المائة لسورية) ووضع المبلغ في ميزانية عسكرية تكون تحت تصرف القيادة العربية المشتركة ويكون على القيادة العربية المشتركة انشاء قواعد عسكرية في مختلف الدول العربية على مسافة لا تقل عن 800 ميل عن الحدود الاسرائيلية. وتمضي الوثيقة لتقدم بعد ذلك خطوطا عريضة لغزو اسرائيل، وتكون حركة القوات البرية للغزو مصحوبة بضربات جوية واعمال تخريب وانتفاضة داخلية من السكان العرب. وتحتاج الخطة المقرر وضعها موضع التنفيذ في 4 ا غسطس (1971؟)، او في بحر اسبوع الى 200 مليون جنيه استرليني و723 ألف رجل.
4 ـ ويقول فريد ان لديه معلومات عن مؤامرة للاطاحة بالقذافي مطلع ابريل (نيسان) وهناك 15 من عناصر المؤامرة بمن فيهم خليفة موسى وعثمان سعيد (سطور مطموسة لا تقرأ) ........ وثلاثة ضباط عاملون بالجيش. وتحظى المؤامرة بتأييد جلود وبعض اعضاء مجلس الثورة. ولكن القذافي علم بالمؤامرة، ... ... (اسطر اخرى غير واضحة).
5 ـ شكرت السيد فريد على معلوماته، وقد غادر مكتبي من دون ان يقدم اي طلب سوى الابقاء على المعلومات التي قدمها في غاية السرية. ومن الواضح انه في حالة عصبية، ولم املك سوى القليل للحكم بجدية قصته. فهو يتحدث الانجليزية بسرعة ولكن بلا وضوح. ويلقي بالعبارات العربية والاسماء بطلاقة، رغم اني لست على علم يذكر بأي من شركائه من رجال الاعمال. وبعض التعليقات العربية على الوثيقة التي اطلعني عليها، وافترض انها له، تبدو ساذجة. واعتقد ان تحدثه للعربية طلق، ولكن كتابته لها مختلفة، وهي تتماشى مع حالة انسان تلقى تعليمه في مدرسة اوروبية بليبيا. والمعلومات عن الخطة الليبية بالوثيقة التي اطلعني عليها تبدو متماسكة قياساً بالقليل الذي نعرفه عنها من مصادر اخرى واكثر مما يمكن ان نتوقعه من نازح عادي.
إيه. ايبوت حاشية: الوثيقة مصحوبة بتعليقين بخط اليد.. الاول يقرأ: سيكون من المثير معرفة اي معلومات اضافية حول المؤامرة المزعومة. والثاني يقرأ، اعتذر بأن جهودنا للاتصال بنوبرت لم تنجح. وليست لدينا معرفة وتحديداً بهذه المؤامرة المزعومة، ولكننا قدمنا المعلومات المتاحة للجهات المعنية هنا وفي طرابلس. سأحيطك اذا جد شيء او جاء لدائرة الضوء.
** بهجت حمدان .. مصري.. وألماني أيضا:
وثيقة رقم 2 التاريخ: 4 مايو 1971 الى: عزيزي مالكوم 1 ـ تسلم سفيرنا في الاسبوع الماضي رسالة من بهجت حمدان، الذي قال انه مواطن الماني غربي حكمت عليه محكمة عسكرية مصرية بالاعدام في 1969 بتهمة التجسس لاسرائيل وهو رهين زنزانة الموت بسجن القاهرة المدني في ظروف لا تحتمل. وقد طلب من السفير تمرير تفاصيل مأزقه الى المنظمة الانجليزية المعنية برعاية السجناء السياسيين، وبالافتراض منظمة العفو الدولية.
2 ـ تشاورنا مع قسم رعاية المصالح الالمانية الاتحادية حول حالته ويبدو ان خلفية القضية كالآتي: حمدان شريك لوسيط سلاح الماني يدعى ويزر، والذي شارك في بيع سلاح للجمهورية العربية المتحدة (مصر) في بعض مشاريع الانشاء العسكرية. تم اعتقال ويزر وحمدان في خريف 1969 بتهمة التجسس لاسرائيل. الالمان هنا يلمحون الى اعتقادهم بمبررات الاتهام ضد حمدان في مقابل براءة ويزر. وكلا الرجلين حوكما سراً امام محكمة عسكرية بعد اعتقالهما مباشرة، فكان حكم الاعدام لحمدان والسجن مدى الحياة مع الاشغال الشاقة لويزر. هذه المحاكمات لم تعلن للشعب ومستشارنا القانوني الذي قام بتمثيل ويزر لم يستطع الحصول على تأكيدات بالحكمين. الحكومة الألمانية قلقة تجاه تخليص ويزر بعد ان اصبحت حالته معروفة في المانيا. وبعد ان اصبح الرأي العام هناك متجاوباً. احاطنا قسم المصالح الالمانية هنا، وباشتراط السرية الكاملة، بأن السفير الايطالي كممثل لرعاية وحماية المصالح الالمانية هنا، قام بمحاولتين لدفع السلطات المصرية لاطلاق سراح ويزر ولكنه لم ينجح. الالمان اقل اهتماماً بحمدان. ويعتقدون انه حصل على الجنسية الالمانية بالتحايل (فهو متزوج من سيدة المانية موجودة الآن في المانيا) وهو مولود في مصر ويعتبر مصرياً بالنسبة للسلطات المصرية. ولم يسمح للألمان بمقابلته فيما سمح لهم بانتظام بلقاء ويزر.
3 ـ نظرتنا، ويشاركنا فيها قسم المصالح الالمانية، بأنه لا يوجد شيء يمكن ان نقدمه لمساعدة حمدان. ليس لدينا موقف محدد، وتدخلنا سيزيد من تشكك المصريين حول حمدان. كما لن يكون من المفيد (واعتقد من الصحيح) احاطة منظمة العفو الدولية بهذه الحالة. فحمدان جاسوس محكوم عليه، رغم ان طريقة اصدار الحكم عليه مصحوبة بعيوب قانونية. والسفير لن يحيط بأية حال رصيفه الايطالي بأن حمدان قد خاطبه.
4 ـ رغم اننا لم نأخذ اجراء في هذا الموضوع، فالسفير يعتقد بوضعك في الصورة في ضوء امكانية اثارة الامر في لندن، ولذلك كان هذا الخطاب.
قراءة في وثائق 1971 البريطانية (10) أخطاء في التقدير السياسي لتونس ما بعد بورقيبة
لم يرحل في 1972 ولم يخلفه أي من مرشحي السفارة
لندن: حسن ساتي
حمل الملف التونسي بالرقم fco 39-939 تقارير كثيرة انصب معظمها حول صحة بورقيبة ومستقبل تونس من بعده، في مقابل انشغال واضح والى حد تشريح وترشيح الخلفاء بلغة التحليل، اي حساب العوامل التي تقف في صالح اي منهم وتلك التي تعمل ضده.
ومن الواضح ان عيون ماكنزي ودايت بالسفارة البريطانية في تونس او ان حدسهما لم يصدق، فبورقيبة لم يرحل عن المشهد السياسي كما توقع ماكنزي بنهاية عام 1972، فيما لم يخلف بورقيبة اي من الشخصيات الاربع التي رشحتها التقارير، وهم الباهي الادغم والهادي نويرة ومحمد مصمودي واحمد مستيري.
* رحيل بورقيبة.. نبوءة لم تصدق وثيقة رقم ـ 1 ـ التاريخ: 25 فبراير (شباط) عام 1971 الى: جي. سي. كاي ـ ادارة شمال افريقيا الموضوع: تونس بعد بورقيبة 1 ـ ارجو الرجوع الى خطابك بتاريخ 8 فبراير.
2 ـ اعتقد انه لن يكون من المفيد تحليل الآثار على تونس من جراء انسحاب جزئي لبورقيبة من الحياة السياسية. فقد اصبح من الواضح، خلال فترة غيابه بين نوفمبر (تشرين الثاني) 1969 و1 يونيو (حزيران) من العام الماضي، بأنه وطالما ظل محتفظا بالرئاسة، فالوزراء يظلون مخلوقاته، بدون مبادرات منهم. كما ان السياسة القومية التونسية في سياق كلي، تواصل السياسة تجلياتها من حيث المكان الذي يوجد به بورقيبة. وهناك وفي هذا الاسبوع مثال طازج لهذا النوع من التحكم من بعد وتجسده رسالة بورقيبة للهادي نويرة والتي بعث بها له من سويسرا، مثمنا احاديث الاخير في جولاته في عواصم المحافظات.
3 ـ ولا يعني ذلك القول ان غياب بورقيبة، الذي وصل الآن لـ8 اشهر من الـ15 شهرا الاخيرة، لم يقلل من مصداقيته كقائد، او يشجع على ابتعاد عن نظامه، ولكن وفي المقابل، لا بد من الاعتراف بأنه لا يزال حجر الزاوية ورجل القرار بالنسبة للجماهير. وبالتالي فإن ازاحته وحدها بالموت او بالخلع، هي التي ستحدث تغييرا جذريا، ومن الصعب هنا رؤية التعديلات المقترحة على الدستور وهي تقود الى الكثير الذي يعري سلطاته الشخصية، رغم انها مصممة بوضوح لاستيعاب بورقيبة الذابل في مقابل ادارة الطاحونة للبديل.
4 ـ الورقة المرفقة (وانا مدين فيها بقدر كبير لجو رايت) معنية بالتالي بالآثار المتوقعة بعد رحيل كلي ونهائي لبورقيبة من المشهد السياسي التونسي، وهي تبدأ من شخصية بورقيبة وتبني على ذلك.
5 ـ اذا كان لي ان ألخص ما اشعر به، فسأضعه كالآتي: يبدو رحيل بورقيبة من المشهد السياسي بنهاية عام 1972 كأقصى حد، ولذلك، ولفترة قصيرة (ربما تكون عامين)، ضمن القوى الجاذبة. يقف باهي الادغم على افضل الفرص لخلافة بورقيبة فيما سيوافق نويرة على الاستمرار كرئيس للوزراء. سيكون مستيري ايضا مستعدا للعمل تحت الادغم ويحاول كسب الوقت. مصمودي، قد يبقى كوزير للخارجية ولكن بسلطات اقل اذا لم يحاول الادغم ان يأخذ بثأره منه، سيستمر السخط المفيد بين نزوعات اليسار والقوميين العرب تجاه تقييم انفسهم فيما سيتعرض نظام الحزب الواحد لضغوط متزايدة. وقد يضطر الادغم ونويرة بعد نحو عامين الى افساح المجال لقيادات اكثر شبابا وحينها سينشأ الصراع بين مستيري ومصمودي. وبحساب اليوم يبدو ان مستيري وبمساندة الجيش سيأتي في المقدمة.
6 ـ تبدو اليوم فرص مصر وليبيا والجزائر للتدخل في الشؤون التونسية اقل منها قبل عام او عامين. لا يبدو ان للجيش شهية للتدخل السياسي اذا لم يحدث تهديد للقانون والنظام، ومع ذلك، فالمتناقضات تبدو قائمة بين اتجاه تونس لليسار والتعلق بخلفياتها الغربية لاسباب اقتصادية منطقية.
إيه. آر. كي ماكنزي السفارة البريطانية ـ تونس
* الخلفاء الأربعة في الميزان.
وثيقة رقم: لا تحمل رقما لانها ملحق فيما يبدو للوثيقة ـ 6 ـ والوثيقة عبارة عن اسماء المرشحين لخلافة بورقيبة مع تحديد العوامل التي تقف الى جانب أي منهم، قياسا بالعوامل التي تعمل ضدهم.
1 ـ الباهي الأدغم ـ العمر 58.
أ ـ العوامل في صالحه:
يملك كسكرتير عام للحزب الدستوري الاشتراكي 1955 ـ 1970 معرفة لا تنافس بآلة الحزب وبرغم خيبة امله في نوفمبر الماضي، فانه يبدو الشخصية التالية لبورقيبة من حيث الشعبية. كما ان رئاسته للوزارة تركته في سمعة تقترب من شخصية الاب الشايب الجيد فيما كشفت رئاسته لبعثة الهدنة بالاردن (تبدو الهدنة متعلقة بمجازر ايلول الاسود 1970. الشرق الاوسط) عن كفاءة رجل دولة بصورة لا تقبل الشك.
ب ـ العوامل ضده:
غير محبوب في اوساط الجيش لانه اكثر ارتباطا بماضي الحزب لقيادة التأييد الواسع وسط الاجيال الجديدة. سبق ان دفعه بن صلاح بمشاركته النشطة في تحويل الاراضي الزراعية لتعاونيات عام 1969. اداري فقير مع فهم ضئيل في الشؤون الاقتصادية.
2 ـ الهادي نويرة ـ العمر 57 أ ـ العوامل في صالحه:
لم تكن ادارة الحزب يوما من اهتماماته الرئيسية رغم انه نشأ مع الحزب ويملك سجلا يوضح انه من النوع المقاتل. يحظى بدعم طبقة المهمشين الجديدة في تونس وثقة المنظمات الدولية الاقتصادية. القيادي الوحيد الذي تحمل مسؤولية التملص من سياسات بن صلاح ومع ذلك بقي في المنصب ولم يفقده. توحي الشهور الاولى لرئاسته للوزارة بقدرة على اتخاذ اجراءات ادارية جذرية. والمؤشرات توحي ايضا بنمو مع المسؤولية.
يحظى باحترام فائق في الدوائر المالية الغربية، مستمد في الاصل من موقعه السابق كمحافظ للبنك المركزي.
ب ـ العوامل ضده:
ابعدته 12 عاما من العمل المصرفي عن الجماهير برغم جولاته الحيوية الآن بالمحافظات في محاولة لعلاج هذه الفجوة. لا توجد معرفة حول علاقاته بالقوات المسلحة. ابدى اهتماما قليلا، او رغبة في الامساك، بالشؤون الخارجية. يفتقد بلا جدال لكاريزما بورقيبة، ويصغر الادغم بشهور قليلة.
3 ـ محمد مصمودي ـ العمر 47 أ ـ العوامل في صالحه:
من الممكن ان يقفز للسلطة كونه احتمالا الاكثر عروبة بين المتنافسين الاربعة، وذلك اذا كان لتونس ان تتحرك فجأة لتقترب من الكفاح العربي. خبير في التحكم في الآخر، ويجيد المساومة في زخم المقايضات. غيابه الطويل عن تونس (سفير في باريس 1964 ـ 1970) يؤكد بأنه لا يمكن ان يقترب او يرتبط بفضيحة بن صلاح. في الجهة الاخرى، يعني ذلك بأنه بلا نقاط تماس مع الشؤون الحزبية. وهو الآن مشغول بعملية التعويض السياسي من خلال انشاء اتصالات مع الطلاب... الخ. يمكنه بالتأكيد الاعتماد على تأييد فرنسا في اي صراع على السلطة كونه قد حظي خلال عمله فيها بتقدير عال. متوسط القراءة في الشأن الاقتصادي.
ب ـ العوامل ضده:
يعتبر بلا مبادئ لدى الكثير من التونسيين بسبب توظيفه الانتهازي لعلاقاته ببورقيبة. يعتقد التونسيون انه حصل على ترقيته لمنصب وزير الخارجية في يونيو الماضي من خلال استغلاله لوجود بورقيبة وزوجته وسيلة بباريس. اداري قليل المبالاة وليس معروفا بصورة واسعة لدى العامة.
4 ـ احمد مستيري ـ 45 يملك كل فرصة، ومن موقعه كوزير للداخلية، لوضع رجاله في المواقع الاستراتيجية داخل الحزب وفي الآلة الادارية. اكسبه سجله في الاختلاف والارتباط بعملية تحقيق الديمقراطية داخل الحزب تأييدا. محبوب جدا لدى الجيش. يملك خبرة اوسع من مصمودي بسبب تقلده مناصب وزارية في السابق، وقد شغل مناصب وزير العدل، والدفاع، والتجارة والاقتصاد، علاوة على تاريخه كسفير. وقد شغل المنصب بالقاهرة وموسكو والجزائر. قارئ متوسط في الشأن الاقتصادي.
ب ـ العوامل ضده اكتسب عداء نتيجة لاستقالته من الحكومة، والغياب عن لجان الحزب لاكثر من عامين، ثم هجومه عام 1969 على بورقيبة، ومن بعد اعادة تكيفه بصورة سريعة وترقيته بعد ذلك. لذلك، ومن المحتمل ان يواصل رسالته قبل نشوء اجماع عام يكسبه ثقة الحزب. يتمسك بالرسميات اكثر مما يجب، وقد لا يقود ذلك لأن يصبح شخصية محبوبة.
* الابن يريد وزارة العدل:.
وثيقة رقم ـ 6 ـ التاريخ: 22 مارس (آذار) عام 1971 الى: آر. بي. هارسون ـ ادارة شمال افريقيا 5 ـ اكبر زوار الرئيس بورقيبة اثارة للنظر خلال وجوده للعلاج بسويسرا هو بورقيبة الابن الذي عاد لتونس رسميا في 27 فبراير بعد فترة علاج طبي بسويسرا وهو في صحة جيدة. رغم انه تنازل عن عضويته في اللجنة العليا للحزب ولا يزال عمدة مونستير، فهو بلا وظيفة بانتظار ان يصبح وزيرا للعدل في نوفمبر او منتصف فبراير، يوم ان اعلن في الجريدة الرسمية اسناد منصب الاداري مع رتبة خاصة كممثل خاص في مجلس ادارة الشركة الوطنية للاستثمار.
جي. بي. رايت السفارة البريطانية ـ تونس حاشية: على الوثيقة تعليق بخط اليد يقرأ: وفقا لرواية.... (الاسم غير واضح) بالسفارة التونسية. (هذا يوحي بأن المكان لندن). يقول هذا الشخص ان الذي يحتل الموقع المعني وهو صديق قد ازيح من موقعه لاتاحة الفرصة لتعيين بورقيبة الابن.
قراءة في وثائق 1971 البريطانية (11) ـ إيران أبلغت بريطانيا سلفا نيتها باحتلال الجزر الثلاث
هيوم وزير الخارجية البريطاني للشاه في بروكسل: الاحتلال سيشعل الصراع العربي ـ الإيراني وذلك أمر سيئ * محمد رضا بهلوي يرد: لا أبالي وإذا لم يتوصل حكام الإمارات إلى اتفاق معي سأحتل الجزر ولن أعطيهم فلسا واحدا
حسن ساتي
كشفت وثيقة في الملف (prem 15 - 538) ان ايران اعلمت بريطانيا سلفاً بنيتها في احتلال جزر طنب الكبرى وطنب الصغرى وابو موسى في الخليج العربي. جاء ذلك في الوثيقة رقم (3) التي حملت نصاً كاملاً لمحضر اجتماع في العاصمة البلجيكية بروكسل في 10 يوليو (تموز) 1971 بين شاه ايران محمد رضا بهلوي ووزير الخارجية البريطاني دوغلاس هيوم.
في ذلك الاجتماع الذي بدأ في العاشرة صباحاً في السفارة الايرانية واستمر لساعة ونصف الساعة، بدا شاه ايران هادئاً وموضوعيا في نقاشه لمستقبل ما كان يعرف بامارات ساحل عمان المتصالح، ولاستشارة هيوم له حول خيارات الاتحاد والكونفيدرالية. لكن الشاه، حول الاجتماع ليتركز البحث فيه حول موضوع الجزر وأجبر هيوم على التساؤل عما اذا كان موضوع الجزر هو الأساس، فأجاب الشاه بالاثبات، وتابع ليتحدث بنبرة حادة احيانا وقاطعة في احايين اخرى، ووصل لحد القول انه يستطيع ان يدك هذه الجزر ويسويها بالبحر ولكنه يفضل التفاوض. وفي نهاية المطاف وحين احاط هيوم بلا لبس انه اذا لم يصل حكام الامارات معه الى ترتيبات فسيأخذ هذه الجزر ولن يعطي الامارات فلساً واحداً، وحين لفت هيوم نظره الى مخاطر النزاع العربي ـ الايراني، قال الشاه «لا أبالي»، وتساءل «ماذا قدم لي العرب؟».
محضر الاجتماع احتوى على اكثر من 5000 كلمة موزعة على 24 فقرة، وفي ما يلي الجزء المتعلق بالجزر التي احتلتها ايران، وفي الغد نستعرض فقرات مستقبل المنطقة، منبهين الى الفارق في ترتيب الأرقام بحسب صلتها بالموضوعين المثارين.
11 ـ قال الشاه انه يريد الوصول الى نقطة الجزر (في جدول البحث المعد للاجتماع) لأنها مشكلة حيوية لايران لأسباب تاريخية. ومفهوم لدينا رغبة البريطانيين في السيطرة على ممرات البحار منذ ان جاءوا للخليج، ولكن، ومع خروج قضية البحرين من الطريق فمن المهم اعادة الجزر الى ايران. ثم تحدث باستخدام جمل اعتراضية ليقول: بما ان ايران ليست دولة امبريالية أو توسعية، فلم يكن لديها سبب لفرض نفسها على البحرين، حيث انها، واذا ما احتلتها بالقوة، فان ذلك كان سيسبب له نفقات كبيرة ومشاكل من المواطنين من خلال عمليات الاختطاف والتفجير. ولكن موضوع الجزر مختلف، اولاً لأنها بلا سكان، وثانياً لأنها في فم الخليج والمضايق. ومع انه يستطيع ان يدك الجزر ويسويها بالبحر بالقصف، الا ان الافضل ان يتم التعامل مع قضيتها الآن بالاتفاق. وهو ـ الشاه ـ يتساءل هنا لماذا تعطي الفرصة لصانعي المشاكل، ويقول حتى الروس لديهم رغبة فيها.
12 ـ دوغلاس هيوم سأل عن الترتيبات التي ترضي ايران. قال الشاه ان نقطة بدايته هنا هي عودة الجزر اليه، وانه قد ناقش الامر مع السير دينيس رايت، وقيل ان لايران مزاعمها، وللحكام العرب مزاعمهم. ولكن الحكام لا يمكن ان يتنازلوا عن هذه الجزر في ضوء المعارضة من باقي العالم العربي. وايران ـ كما يقول الشاه ـ يمكن ان تكون واقعية، والشيء الرئيسي هو الحصول على وجود فعلي على الجزر. واذا كان للحكام ان يطلبوا من ايران حماية الجزر، فانها ستفعل ذلك بارسال حاميات عسكرية وتترك موضوع السيادة معلقاً لبعض الوقت. واذا كان الحكام مستعدون لتسوية موضوع السيادة، فانه سيقدم لهم الكثير على مستوى العون المالي والفني، واذا رغبوا في ان يتركوها في حالة كمون، فان ايران ستنتظر. في المقابل، اذا ظل موضوع السيادة بلا تسوية، فانه، وباستمرار، سيعارض استغلال الموارد المعدنية، رغم انه يعتقد ان ما هو موجود في الجزر ليس النفط وحده. واذا ما قدم الشيوخ تنازلات للشركات الاميركية، فالشيء الوحيد الذي ستقبله ايران هو ان تقدم اذناً بالحفر على ان تذهب كل العائدات الى حساب بنكي لتبقى معلقة الى ان يحل موضوع الجزر. تساءل دوغلاس هيوم قائلاً: اذا كان ذلك هو الحال فان موضوع الجزر يأتي اولا اذن، قال الشاه، بالفعل لأن الحكومة الايرانية شعرت بالاحباط حينما تحدثت مع الحكام الذين قالوا لها ان عليهم ان يتحدثوا مع البريطانيين، وحينما تحدثوا للبريطانيين، قال هؤلاء ان عليهم ان يتحدثوا مع الحكام.
13 ـ دوغلاس هيوم تساءل ما اذا كان بوسع السعوديين ان يساعدوا في الأمر لأن بريطانيا لن تجبر الحكام على التوصل الى الاتفاق حول الجزر، واذا كان للحكام ان يفعلوا ذلك فانهم سيحتاجون الى مساندة عربية ولديهم مشكلة مع الرأي العام العربي. قال الشاه ان هذا سيكون صعباً. على سبيل المثال ـ قال الشاه، ان امير الكويت تساءل: لماذا تريد ايران الجزر؟ أليست هي دولة قارية..؟ والاجابة على ذلك، من وجهة نظر الشاه، هي ان الكويت لا تحتاج الى مال كثير من النفط بحكم عدد سكانها القليل. والقضية هنا ليست حول الحجم والقوة ولكنها حول الحقوق. وحتى العراقيون عرضوا على حاكم رأس الخيمة حماية الجزر وذلك كشف كيف ان العرب ميئوس منهم. وقال الشاه ايضاً انه بلا مشاكل مع السعودية، والخط الوسط معهم تمت تسويته، ولن يشكل اي مشكلة مع الكويت كذلك. والقضية هنا ما اذا تكون بريطانيا مسؤولة عن السياسات الخارجية والدفاع في هذه المقاطعات ام لا.. فاذا كانت بريطانيا المسؤولة فلا بد من محادثات بينها وبين ايران، واذا لم تكن بريطانيا على تلك المسؤولية فان ايران ستسوي الامر مع الحكام، وفي تلك الحالة لا يجب على بريطانيا ان تدير ظهرها، وتشكو او تزعم ان ذلك من مسؤوليتها، ويبدو هنا ان الامر حين يكون مقنعاً لبريطانيا فانها تزعم توليها المسؤولية، وحين لا يكون مقنعاً، تقول انها لا تستطيع ان توجه الحكام في الموضوع.
14 ـ سير دينيس رايت قال ان هناك قدراً من الادارة وحسن النية لدى السعوديين. والسؤال هنا حول تحريك هذه العوامل. دوغلاس هيوم تساءل حول امكانية مساعدة وزير الخارجية الايراني في هذا الشأن، وافق الشاه ان بوسعه ان يفعل ولكنه قال ان هذا على الصعيد العملي قد يبدو صعباً لأسباب اخرى، وعلى سبيل المثال، فان السعوديين يمكن ان يعرضوا المساعدة في مقابل مساندة ايران لهم حول موضوع البريمي. فماذا سيكون موقفكم هنا؟ اوكلاند قال ان الشيخ زايد اقترح محادثات، والامل معقود في ان يتجاوب السعوديون ايجابياً، ولن يكون الامر سهلاً، ويعتقد ان للجانبين رغبة اكيدة في المحادثات والتسوية. الشاه وافق بالقول ان الامر لن يكون سهلاً، وعلق بأن القليل جداً سيترك لأبوظبي خاصة في ضوء وجود مطالب قطرية ايضاً. مضيفاً انه الى ما قبل عامين كان يعتقد ان للسعوديين روحاً تصالحية ولكنهم الآن يبدون متشددين. اوكلاند علق بالقول ان الذي يقترحه السعوديون الآن صفقة جيدة والملك فيصل يتحدث عن استفتاء او استماع للرأي في البريمي. وقد تكون هناك اشارات للأمل دون ان يعني ذلك التقليل من شأن المصاعب، لأن مناطق النزاع كبيرة وهناك نفط في الجزء الجنوبي. وسيكون مفيداً اذا مكننا الشاه وزاهدي من معرفة ما اذا كان السعوديون يريدون بالفعل تسوية. من جانبنا فنحن نحاول بلا شك تشجيع الشيخ زايد على مناقشة الامر مع السعوديين بمرونة. الشاه قال ان ايران ستفعل نفس الشيء معه ومع السعوديين وسيحيطنا بتقييمه للموقف السعودي.
18 ـ دوغلاس هيوم قال انه سعيد بهذا النقاش وقد فهم موقف الشاه من الجزر وان مسألة السيادة ستبقى مفتوحة. وتساءل: هل هناك اي امر آخر يريد الشاه اثارته؟ الشاه قال: شيخ رأس الخيمة وقع اتفاقية للتعاون الفني مع العراق. اوكلاند علق بالقول انه يعتقد بعدم وجود اتفاقية رسمية وان شيخ رأس الخيمة لم يحط بعودة الفنيين العراقيين على نفس الطائراة التي جاءت بهم. السير دينيس رايت علق بأن شيخ رأس الخيمة رفض كل النصائح بما فيها التي جاءته من الحكام الآخرين بالامارات حول زيارته الى بغداد. الشاه علق بأن الكويت القت باللوم حول هذه الزيارة على البريطانيين.
19 ـ قال افشار (مساعد وزير الخارجية الايراني) انه يتحتم اشعار الحكام ببعض الضغوط والا فانهم لن يصلوا الى اتفاق مع ايران. وتساءل، ما هو مقدار البذل السعودي في هذا الاتجاه اذا كان له ان يكون؟ الشاه قال ان على بريطانيا ان تفعل ما فعلته مع البحرين حيث تحملت المسؤولية في مقابل التعقل الحكيم من البحرينيين تجاه مصالحهم الحقيقية. واحدة من الجزر غير مسكونة ولا يوجد في الثانية سوى عدد قليل من الصيادين. اذا كان هناك نفط في المنطقة، وهو يشك في ذلك، فان ايران ستعطي الحكام نصف العائدات على الاقل، وهي مستعدة ايضا لتقديم العون الفني. السير دينيس رايت علق قائلاً: هناك فرق واحد بين حالة الجزر ومسألة البحرين، ففي الاخيرة، ساعد الكويتيون والسعوديون، وبالتالي فلم يكن البحرينيون وحدهم. في المقابل فان المواقف البريطانية تجاه الجزر ستلقى مقاومة كنوع من الامبريالية، ولذلك، ومن اجل هذا السبب سيكون مفيداً اشراك السعوديين. قال الشاه اذا لم يتوصل الحكام للاتفاق مع ايران فاننا سنأخذ هذه الجزر، ولن يحصل الحكام على فلس واحد، اما اذا توصلوا الى اتفاق فايران ستترك مسألة السيادة ساكنة الى ان يتعب الحكام من المطالبة بحقوقهم. وستقدم ايران العون الفني وتصل الى اتفاق حول موضوع النفط. دوغلاس هيوم قال ان من المهم التوصل الى اتفاق، لأنه يعتقد ان ايران لا تريد ان تأخذ الجزر بالقوة لأن ذلك سيسبب لها نزاعاً وخلافاً مع العالم العربي وستكون المواجهة العربية ـ الايرانية امراً سيئاً. الشاه قال انه لا يبالي، واضاف: ماذا قدم العرب له؟
23 ـ الشاه قال انه وبرغم الافتراض القائم بوجود اصدقاء لايران في المستويات العليا للحكومة البريطانية فانه مندهش من كيفية حصول اللوبي العربي على نفوذ. دوغلاس هيوم قال ان المهم بالنسبة لنا في سياساتنا ان لا نيقظ المعارضة العربية، ومع ذلك، على الشاه ان لا يشك في مدى تقديرنا لشخصه. علق السير دينيس رايت بالقول انه، ومن جانبه شخصياً وكسفير لبريطانيا في طهران، فان الشؤون الايرانية تتلقى خدمة جيدة في الخارجية وفي وزارة الدفاع.
24 ـ الشاه قال، ان بوسعنا تطوير العلاقات الثنائية، خاصة في الحقل العسكري. واذا وجد مالاً، فمن المحتمل ان ينتقل الى الدبابات البريطانية، وخاصة من طراز «تشيفتين» إما ان يشتريها او يبني مصنعاً للدبابات، واذا فعل ذلك، فباكستان وربما السعودية ستشتريها. واذا تم تصنيع الدبابات في ايران فلن يكون هناك اعتراض على بيعها لباكستان. ايران ستصنع المحرك ومعظم الدبابة وقد تستورد المخارط. دوغلاس هيوم قال انه متعاطف جداً مع هذا النوع من الامور، وربما يكون بوسع السفير الايراني في لندن احاطتنا بالتفاصيل. وهو لم يتشاور مع الخزانة. الشاه قال، المسألة ليست مسألة اموال لأنها ووبساطة مسألة ضخ شركات النفط لبترول اكثر. وقد ظل يقول للاميركيين انهم وبتقليل الانتاج الليبي او حصص الشراء يكون بوسعهم اخذ الكثير من ايران. ولهذا لن يكون هناك ضغط على الخزانة وانما دفعة للميزان التجاري البريطاني.
قراءة في وثائق 1971 البريطانية (12) ـ شاه إيران ودوغلاس هيوم يبحثان ترتيبات الانسحاب البريطاني من الخليج وإقامة اتحاد للإمارات
محمد رضا بهلوي هدد بعدم الاعتراف بالدولة الجديدة اذا لم تسو قضية الجزر لصالحه * الشاه يقرع البريطانيين لأنهم يتسترون على نيات الحكم البعثي في العراق ويتحدث عن «مصيدة» ستقع فيها الكويت
حسن ساتي
بدا شاه ايران، في هذا الجزء (الثاني) من وقائع اجتماعه مع دوغلاس هيوم وزير الخارجية البريطاني، مسكوناً للنخاع ـ كما يقال ـ بمخاطر الشيوعية وافرازات القومية العربية في المنطقة، وقطع بأنه تنبأ بانقلابي مايو (ايار) وسبتمبر (ايلول) في السودان وليبيا قبل عشر سنوات من وقوعهما. ومن عجب انه رشح اثيوبيا للانضمام الى منظومة المد الأحمر، وهو ما حدث بانقلاب منغستو هايلي ماريام على هيلاسيلاسي في اكتوبر (تشرين الأول) 1974 أي بعد ثلاث سنوات من تاريخ اجتماعه بهيوم.
الشاه بدا ايضاً في ذلك الاجتماع المخصص لمستقبل مقاطعات الساحل المتصالح (الامارات العربية المتحدة حالياً، وقطر والبحرين) مع استمرار نوع من الوجود البريطاني، وقال بملاحظات في حق السعودية والكويت وقطر والبحرين ولم يخف مخاوفه من مخاطر البعثيين في المنطقة، فيما صدرت عن هيوم عبارة تحتمل التأويل، بما يرقى الى توقع بريطاني مسبق بالغزو العراقي للكويت قبل 29 عاماً من وقوعه، وإلا فكيف نفهم عبارته في الفقرة 9 من وقائع الاجتماع وقوله ان الكويتيين مناورون، ولكنهم سيقعون يوماً في المصيدة.
الوثيقة رقم (3) التاريخ: 10 يوليو (1971) المكان: السفارة الايرانية بروكسل الموضوع: وقائع الاجتماع بين وزير الخارجية البريطاني وشاه ايران.
الحضور: دوغلاس هيوم وزير الخارجية والسير دينيس رايت وايه. ايه اكلاند. وجي. ايه غراهام عن الجانب البريطاني، وعن الجانب الايراني شاه ايران وأمير خسرو افشار السفير الايراني في لندن.
1 ـ افتتح السير دوغلاس هيوم الحديث بالقول ان الحكومة البريطانية لم تأخذ قراراتها بعد، وهي لا تريد البقاء في منطقة الخليج اكثر مما يجب، وتقدر كثيراً آراء الشاه بشأن السياسة المستقبلية في الخليج وبصفة خاصة بشأن المشاكل البارزة والاسهام على المدى المتوسط الذي يمكن ان تقدمه المملكة المتحدة في مجال الأمن.
2 ـ الشاه قال ان آراءه معروفة جداً، فايران لم تطلب من الحكومة البريطانية مغادرة المنطقة، وقد جاءنا المستر روبرتس في 1967 ليقول لنا ان بريطانيا ستبقى بالمنطقة في المستقبل المنظور، ولكنه، وفي أقل من ثلاثة أشهر، عاد الينا في ايران ليقول ان بريطانيا ستخلي كل قواتها شرق السويس، فكان على الحكومة الايرانية ان توافق على ذلك طالما انه يتماشى مع السياسة الايرانية بصفة عامة أو مع ميثاق الأمم المتحدة. في المقابل، فاذا كان لبريطانيا ان تبقي على وجودها في الخليج، فقد يعتقد الآخرون ان لهم ايضاً حقاً في البقاء هناك ايضاً. ولهذا السبب، كون الايرانيون نظريتهم القائمة على انه لن يكون هناك فراغ ولا حاجة لأحد ليسد مكان البريطانيين. وقد بدأت ايران في تطوير علاقاتها بالكويت، وظلت تملك باستمرار علاقات جيدة مع المملكة العربية السعودية. في هذه الأثناء، ازداد النفوذ الروسي، ونشأ نظام بعثي في العراق ذو سياسات عدائية وتوسعية، والسفن الروسية زائر منتظم للعراق، وروسيا تمارس قدراً من التأثير في ذلك البلد، وعلى سبيل المثال مساعدتها في انجاز المصالحة بين الأكراد والعراقيين، وبذلك تحقق الحلم العظيم للقيصر الروسي بطرس بأن يمتد النفوذ الروسي الى الخليج. ستالين حاول اختراق ايران وفشل، وقد طالب بقاعدة في الدردنيل وبوصاية على ليبيا ولكن طلباته رفضت. ولكن الاتحاد السوفياتي يملك الآن 60 سفينة في البحر الأبيض المتوسط، وأسس لوجود باليمن الجنوبي وستكون له قريباً قاعدة في عدن، وقد يكون الصومال محطته الثانية وربما وبصورة كلية اثيوبيا. وكل هذه امور تنبأ بها خلال السنوات العشر الأخيرة. والانقلاب في السودان وبعده ليبيا كانا ضمن توقعاته. والآن، وبرغم تحقق فكرة بريطانيا القديمة بوحدة الهلال الخصيب بين سورية والعراق، ولكنه الآن ليس هلالاً أخضر وانما هلال آخر احمر. وليست هذه احلام يقظة او نيام ومع ذلك، فالناتج الأسوأ سيكون ان نجد الروس على سرج الشرق الأوسط بقدم في البحر الأبيض المتوسط وأخرى في الخليج.
3 ـ وواصل الشاه بالسؤال عن القوانين الدولية التي يمكن لبريطانيا ان تبقى بموجبها في الخليج اذا رغبت في ذلك، لأنه، اذا كان للدول العربية في الخليج ان تصبح مستقلة بالفعل، واذا ما طلبت من البريطانيين البقاء، فمن الممكن عندها ان يجد الوجود البريطاني مقومات الدفاع. وبالطبع ستصاحب ذلك ضجة مثل تلك التي حدثت عند تأسيس حلفي الناتو والسنتو، ومع ذلك فلن تكون هناك مشكلة حقيقية. ولكن السؤال هو: هل ستطلب الدول العربية وجوداً بريطانياً؟ وهل لن تهاجم من دول عربية أخرى، من القاهرة واذاعة بغداد؟
4 ـ قال السير دوغلاس هيوم انه ليس محتفياً بفكرة الوجود البريطاني، ومن المهم اتفاق بريطانيا وايران والسعودية على ما سيكون معقولاً. ولمح الشاه الى ما اذا كان من غير الممكن تحقيق الوجود البريطاني عبر حلف السنتو وسيكون ممكناً مضاعفة المناورات المشتركة القائمة مع ايران، ومن الممكن عقد مناورات بحرية شهرياً، والكل يعرف حلف السنتو ولن يكون جديداً في هذا، فالطائرات تجيء وتذهب وسيكون من الممكن للقوات البريطانية الحضور الى ايران واجراء تدريباتها في المناطق الصحراوية فيها، وستوافق ايران على هذا اذا كان ذلك مفيداً لكم. وقال الشاه انه واذا ما تعقد الوضع في الخليج فمن الممكن زيادة وتيرة زيارات القوات، في مقابل تقليلها اذا سارت الأمور بسهولة، ولن يكون في مثل هذه الترتيبات مايثير الهجوم او الانتقاد، ويعود البديل الى بريطانيا لجهة اتفاقات مع الدول العربية بشرط استقلالها، ولن يكون في هذا ايضاً غبار، ولكن السؤال: هل ستكون تلك الدول مستعدة؟
5 ـ قال السير هيوم، سيكون الحصول على اتفاقيات مع الدول منفردة مجرد حدث واحد ولكن ماذا عن الاتحاد؟ قال الشاه: ان البديل الأكثر ترجيحاً هو الكونفدرالية، ولكن على الدول ان تختار، واكون مخطئاً اذا أجبرت أي نظام او تنظيم بعينه عليهم. فايران عرضت صفقة دفاع مشترك على كل دول المنطقة، الكويت والسعودية والآخرين، وتأمل ان تفعل نفس الشيء يوماً ما مع العراق ذاته، وقال الشاه في رد على سؤال دوغلاس هيوم: الملك فيصل رجل ممتاز ولي معه علاقات جيدة، ولكن تأثير راديو القاهرة مهم، ومن الممكن حدوث مشاكل هناك. وفي رد على سؤال آخر قال الشاه: السعودية ظلت جادة حول وحدة الامارات العربية ولكنه لا يعرف موقفها الآن بعد ظهور المشكلة حول الحدود مع أبوظبي، ومن المقرر ان يزور وزير الخارجية الايراني السعودية وسيتمكن من التحدث معهم، أما الكويتيون ـ يواصل الشاه ـ فهم يزعمون الآن ان بريطانيا تتستر على العراق، وهم يتحدثون كثيراً ضد بريطانيا، فماذا سيصنع البريطانيون حقيقة، اذا خلقوا مثل هذه الشكوك لدى الكويت.
6 ـ على صعيد المستقبل العاجل، قال الشاه ان السعودية، تستطيع التأثير على دول الخليج، وهم على علاقات جيدة مع قطر ودبي، ومع كليهما تملك ايران ايضاًعلاقات جيدة وكذلك مع البحرين، وليس للسعوديين ثقة كبيرة في الكويت، ولكن لا أحد ايضاً يملك هذه الثقة فيهم.
7 ـ قال دوغلاس هيوم ان الوقت قصير وتريد بريطانيا ان تترك وضعاً منتظماً بعد انسحابها. ولهذا السبب يكون تأثير ايران والملك فيصل نحو كونفدرالية او اتحاد بالغ القيمة. واعاد الشاه القول انه سيدعم الكونفدرالية او الاتحاد، وقال انه وبرغم قصر الوقت فلا يزال هناك 18 شهراً. قال هيوم، ان قراراً سيتخذ في اغسطس (آب) حول ما اذا كان انسحاب كتيبة في نوفمبر سيتم تنفيذه. قال الشاه ان انسحاب كتيبة او حتى فوج مسلح لن يكون له تأثير كبير، وانا لا أعرف كم مرة سيكون بوسع بريطانيا ان تعيد مثل هذه العمليات كما حدث في عمان 1958 أو عدن. ولكن وجود السفن الحربية اكثر أهمية. وبما ان بريطانيا وايران عضوان في حلف السنتو فسيكون من الممكن للدول العربية في المنطقة ان ترتبط بطريق غير مباشر ببريطانيا عبر الحلف. وهو لا يعرف اذا كانت تلك الدول مستعدة للدخول في اتفاقية مباشرة مع قوة خارجية.
8 ـ سأل هيوم حول قوة متحدة ممكنة مع فرقة كشافة ساحل عمان المتصالح كنواة. قال الشاه انه لن يعارض وضعاً تكون فيه مثل تلك القوة بادارة نحو 200 ضابط بريطاني، و1000 ضابط آخر بشرط استئجارهم من الاتحاد. ولايران مستشارون اميركيون وتدفع جزئياً اميركا لهم ولكنهم ليسوا في مواقع القيادة. وهو لا يعارض انشاء الاتحاد لأي جيش بما في ذلك قوات مسلحة وقوات جوية وبحرية صغيرة. واذا كان الضباط البريطانيون سيقومون بتدريب تلك القوات وفي مواقع القيادة بالاعارة، فسيعرف ان القوات المسلحة لن تقوم بانقلاب ضد النظام، ومخاوفه الحقيقية من المشاكل الداخلية، او ان يصحو يوماً ليرى بعثياً او جبهة تحرير قومية على رأس السلطة، وكلاهما اسوأ من الآخر، كما هو الحال في ليبيا، رغم انهم ليسوا بعثيين، فاذا كانت للضباط البريطانيين السيطرة على القوات المسلحة، فانها، وعلى الأقل، لن تدير انقلاباً.
9 ـ سأل دوغلاس هيوم عما اذا كان ممكناً اتمام ذلك في الوقت المتبقي المتاح. أجاب الشاه بوجوب مناقشة ذلك مع السعوديين، وليس متأكداً ما اذا كان علينا ان نحيطهم بالقصة كاملة، أي عن الاتحاد والقوات المسلحة وامكانية رباط ما مع ايران وبها مع رباط غير مباشر بحلف السنتو. وخلاصة، اذا لم يكن هناك استئجار لضباط بريطانيين في قوات الاتحاد العسكرية، يكون من الممكن الابقاء على عدد متزايد من الاستعراضات البحرية البريطانية، واذا احتاجت هذه الترتيبات الى ما هو اكثر من الـ18 شهراً، وهو لا يرغب في الاشارة اليه في الجزئية القادمة، فانه سيغمض عينيه عن الانسحاب لخمسة او ستة اشهر، وهو لا يستطيع ان يقول ذلك علناً. والوضع سيكون مختلفاً اذا وقعت الدول العربية، حين تكون مستقلة وذات سيادة، على اتفاقية مع بريطانيا. قال دوغلاس هيوم، بالتفكير المسموع عالياً لن اكون جاداً في توقيع معاهدة مع هذا الحاكم او ذاك، بما انه لن يعرف ضد من سيطبق الالتزام. اذا قام الاتحاد فالأمر يكون مختلفاً ولهذا السبب فهو يريد قيامه في مدى زمني معقول.
10 ـ وافق الشاه على كلام هيوم، وأضاف ان لديه شكوكاً حول الاتحاد بسبب الشكوك المشتركة ويعتقد ان الكونفدرالية اكثر احتمالاً. وقد استطاع ان يستمد هذا الحكم من زيارات أخيرة لايران قام بها قطريون وبحرينيون وآخرون. وعلى سبيل المثال، قال البحرينيون ان شيخ رأس الخيمة يريد ان يكون وزير دفاع دولة الاتحاد مع انهم وبعدد سكانهم الذي لا يتعدى 200.000 سيعطون جزءاً اصغر، ومن جانبه يعتقد ان تسوية قضية البحرين هي أفضل شيء فعلته ايران في تاريخها. والبحرينيون يجرون الى ايران الآن لاستكمال الثقة والصداقة. تدخل هيوم ليقول ان الشاه كان حكيماً في سياسته. قال الشاه سيكون من الخطأ فرض نظام محدد على تلك الدول.
وهم ناضجون بما فيه الكفاية لمعرفة افضل احتياجاتهم. قال هيوم ان المشكلة في انهم لا يقدمون شيئاً. وافق الشاه، فدبي وأبوظبي لا تثقان في بعضهما البعض ولأبوظبي مشكلة مع السعودية، والعراق يريد اختراق المنطقة»، السعوديون على ما يرام وعلى وعي بمخاطر البعثيين. ولكن الكويتيين مناورون. هم يعتقدون انهم اذكياء، ولكنهم سيقعون في المصيدة يوماً.
11 ـ السير دينيس رايت قال ان السعوديين وعدوا بالمساعدة. السفير البريطاني في جدة ظل يتحدث خلال اليومين الماضيين مع ممثلين للملك فيصل حول كل القضية بما في ذلك الجزر وحول امكانيات الاتحاد والكونفدرالية، لكن المشكلة هي كيف تدفع السعوديين لعمل شيء.
12 ـ عودة لموضوع الاتحاد والكونفدرالية، قال الشاه انه سيعترف به اذا تكون من 9 أو 8 أو 7. واذا رغبت البحرين بأن تمشي في طريقها الخاص وتتقدم لعضوية الأمم المتحدة فايران ستعترف بها وتدعمها، وكذلك الحال مع قطر، وهي اكثر استعداداً للوقوف على قدميها من البحرين، رغم ان الأخيرة ستلقى دعماً كافياً من السعودية والكويت. واذا حدث ذلك فانها ستترك الامارات السبع وستعترف ايران باتحاد السبع ولكن فقط في حالة تسوية موضوع الجزر ولن تستطيع الدخول في علاقات مع اتحاد اغتصب الجزر. وهو حازم في هذا الشأن، واذا دخل الاتحاد او الكونفدرالية بين 9 أو 8 أو 7 في اتفاقية جديدة مع بريطانيا، فلا بأس من ذلك بالنسبة لايران، مع انه شخصياً يشك انهم سيفعلون ذلك لأنهم سيتعرضون للادانة من العرب الآخرين. واذا كان تأويله صحيحاً، ولم يفعلوا ذلك، فبوسع بريطانيا ان تؤسس لوجود غير مباشر عبر السنتو. واذا تركت بريطانيا المنطقة رسمياً فلا الروس ولا الأميركيون يستطيعون الحلول محلها، وسيكون بوسع البريطانيين المجيء للخليج عبر المناورات المشتركة مع ايران.
دوغلاس هيوم تدخل بالقول ان بوسعه ايضاً وضع ضباط مع قوات الاتحاد بالايجار. الشاه أكد ان مثل هؤلاء الضباط لا بد ان يكونوا بالايجار، على ان تبقى مهمتهم كما هي، أي حفظ الاستقرار. كما أكد، رداً على سؤال دوغلاس هيوم ان قوات الاتحاد ستحتاج للكثير من التدريب والأموال وبوسعها ان تأخذ مكان فرقة كشافة ساحل عمان المتصالح. ليس هناك ما يمنع بلد من تأجير جنود من مكان آخر، وفي هذه الحالة من بريطانيا لأن هذه الدول تعرف بريطانيا. وهذا لا يعتبر وجوداً استعمارياً.
13 ـ اوكلاند تساءل عن امكانية وجود انتقادات تجاه خطوة تأجير جنود بريطانيين. الشاه قال انه لا يعترض على انضمام كنديين وباكستانيين، وحتى ايرانيين. وعلق قائلاً: ستكون بداية سيئة اذا تخوفت الدول المتصالحة من العراق منذ البداية، لأنه ليس جاراً لها ويمكن ان يكون مهدداً فقط اذا استخدمه الروس كقاعدة. دوجلاس هيوم قال ان ما قاله الشاه عن الكويت مزعج وهل هناك خطر من رباط عراقي ـ كويتي؟ الشاه قال انه يتذكر ما قاله له وزير الدفاع الكويتي قبل عامين وكرر ذلك مؤخراً للسيد زاهدي ومفاده ان الكويت أعطيت طائرة «ميغ 23» الروسية. الشاه علق بأن الشيخ سعد العبد الله الصباح ربما قصد «ميغ 21» مقابل 750.000 جنيه استرليني. لماذا قال الشيخ سعد هذه الأشياء؟ انا نفسي أخبرت بودغورني (الرئيس السوفياتي) انه اذا ما رغب الاتحاد السوفياتي في الحصول على النفط العربي، فايران على استعداد للسماح بخط أنابيب عبر أراضيها، ولكن كيف ستدفع روسيا اثمان مثل هذا النفط؟ هل بارسال التركتورات للكويت؟ الكويت سترغب في ان تأتيها المدفوعات ذهباً والروس لا يريدون ذلك، ولكن بوسعهم الحصول على نفط عراقي وهناك اتفاق بأن يذهب النفط من الرميلة الى الخارج عبر سورية، مقابل طائرات ودبابات وسلاح، ولكن ماذا بوسعهم ان يقدموا للكويت.
قراءة في وثائق 1971 البريطانية (13) ـ وقائع اجتماع الموفد البريطاني مع مستشاري الملك فيصل
فرعون: الملك فيصل فكر بالدعوة لمؤتمر يناقش أمن الخليج * الرياض رفضت صدور اعلان مشترك مع طهران ولندن حول قيام اتحاد الامارات، وهي مشغولة بأوضاع تمرد ظفار اكثر من خلافها الحدودي مع ابوظبي
حسن ساتي
ارهق وزير الخارجية البريطاني نفسه كثيرا من اجل لقاء الملك فيصل بجنيف، بعد ثلاثة ايام فقط من لقائه شاه ايران في بروكسل في 15 يوليو (تموز) 1970، ولسبب ما لم يوافق الملك فيصل على استقباله، رغم تسجيل الوثائق البريطانية ان الملك استقبل يوثانت امين عام الأمم المتحدة. فاضطرت الخارجية البريطانية بحثا عن وجهة نظر السعودية حول الصيغة المناسبة سياسياً لتشكيل الامارات العربية على انقاض ما عرف بساحل عمان المتصالح، اضطرت للقاء الشيخ كمال ادهم ود. رشاد فرعون مستشاري الملك فيصل بجنيف، وطار لهما دبليو موريس، الذي رفع التقرير التالي لوزير الخارجية البريطاني، والذي تلقى بعد يومين من التقرير رسالة من الملك فيصل فور عودته لجدة من جنيف. مستشارا الملك، كما تقول الوثيقة، كانا على خلاف في بعض الجزئيات فيما قرر موريس ان رشاد فرعون ظل على خلاف مع الملك فيصل نفسه حول امور لم تحددها الوثيقة.
الملك فيصل، وفق رواية مستشاريه بدا مشغولا باحداث التمرد في ظفار بسلطنة عمان اكثر من اهتمامه بالنزاع الحدودي مع ابوظبي حول البريحي، فيما هاجم رشاد فرعون السلطان مشيراً لعدم تعاونه ومهدداً بالتخلص منه.
وثيقة رقم (3) التاريخ 13 يوليو 1970 الى: وزير الخارجية الموضوع: المحادثات مع د. رشاد فرعون والشيخ كمال ادهم (مستشاري الملك فيصل) بفندق انتركونتيننتال ـ جنيف) في 8 يوليو 1970.
1 ـ خلال محادثاتنا، والتي انتهت بوجبة غداء خفيفة واستغرقت ساعتين، من الواضح ان كمال قد احاط الملك فيصل ود. رشاد بمحادثاته معي ومع اوكلاند في لندن، وانه قد حصل على الموافقة على مبدأ السير في المحادثات الخاصة في شؤون الخليج. وقد نشط من جانبه هذه المحادثات ليتيح الفرصة لرشاد فرعون للتوسع في وجهات نظر الملك فيصل، ودافع بذكاء شديد، دون ان يظهر انه يفعل ذلك بوضوح، عن الرؤى التي نشاركه فيها.
2 ـ قلت لهما اني آمل ان لا يكون اقتراح وزير الخارجية باجتماع قد سبب مضايقة. فقالا ان ذلك لم يحدث. ويبدو انهما قبلا مبدأ ان الاقتراح موضوعي. فالملك فيصل لم يغادر جناحه بالفندق منذ وصوله قبل اسبوعين، وبما انهم سيغادرون يوم الخميس، فالعذر الطبي بدا مقبلا. ولكن الملك استقبل بالفعل يوثانت سكرتير عام الامم المتحدة، واحسب انه قد صمم الترتيبات اللازمة حول ما اذا كان يرغب بالفعل في لقاء مع وزير الخارجية.
3 ـ بدأت بتقديم رسالة وزير الخارجية والتي ترجمها كمال شفوياً لرشاد. قلت لهما بعلمي، من محادثاتي مع وزير الخارجية واخرين في لندن، ان حكومة المملكة مشغولة بجدية في مشاورات مع سفاراتها ومع حكومات منطقة الخليج بهدف الوصول الى افضل سياسة. والاهداف هي التأكيد بقدر الامكان، على الاستقرار، وتسوية المشاكل التي يمكن ان تعكر صفوه. وان لندن تريد قراراً حول ما اذا كان بعض التغيير في الجدول الزمني للانسحاب العسكري ـ سيحسن من فرص الاستقرار. واذا كان الامر كذلك، اي تغيير مطلوب للجدول الزمني او اي شكل لبديل للوجود العسكري؟ وان لندن تريد مشاورات مع ايران والسعودية على وجه الخصوص، باعتبارهما القوتين الرئيسيتين الاقليميتين، واللتين تبدو مصالحهما مطابقة لمصالحنا. وان لندن مفتوحة الذهن للنصيحة والمقترحات على صعيد مادتهما والاجراءات حولهما. وبين الافكار التي تحملها لندن اعلان مشترك بين القوى الثلاث (يقصد لندن والرياض وطهران). وعلى اية حال، فقولنا بوضع تأجيل الانسحاب في الاعتبار، اذا كانت تلك رغبة حكومات المنطقة. فذلك يعني عدم اعلان تغيير من دون استطاعتنا الرجوع الى وجهات النظر المحلية حول الموضوع، كما اننا نريد ان نعرف ما هي افكار السعودية حول ترتيبات الدفاع بعد رحيلنا نحن نعرف ان لهم مشكلة امنية، ففي ماذا تفكرون.؟ وهل تشمل تلك الافكار تعاونا مع الايرانيين؟ واتوقع ان الملك فيصل سيرغب في اعطاء اجابة على خطاب وزير الخارجية بعد عودته لجدة، ومع ذلك، فانا راغب في التمكن من العودة للندن ببعض المؤشرات حول اراء السعودية.
4 ـ د. رشاد قالها بوضوح، ان الملك فيصل، ومع انه يرحب بالمشاورات الخاصة، الا انه لا يريد اي اعلان مشترك. اما بالنسبة للانسحاب، فقد قالها الملك فيصل مراراً، انه يفضله بشرط تأسيس توافر الظروف الصحية . وسيكون من الافضل عدم اعلان التغيير في لجدول الزمني حول الانسحاب، وفي المقابل توظيف فترة الـ 18 شهراً المتبقية لجهة تأسيس الاتحاد، وفي ذات الوقت الابقاء على امكانية التغير في الجدول الزمني كشأن خاص اذا لم يحدث تقدم في مسألة تكوين الاتحاد. ولكن من المهم المضي في مسألة الاتحاد، لسبب واحد وهو ايقاف مناورات العراق مع الامارات بصورة فردية.
5 ـ للملك فيصل فكرة بالدعوة الى مؤتمر يجمع الدول الاربع الكبرى التي تحد الخليج لمناقشة امن الخليج فور تشكيل الاتحاد. ومن المهم ضم العراق لهذا المؤتمر رغم انه قد يرفض الحضور (تحريت واخبرت بانه ليس من بين المقترحات دعوة بريطانيا، علما ان فكرة الجميع بين العراق والكويت في مشاورات سبق ان قدمها لي الملك فيصل في 1968).
6 ـ قلت اننا ناقشنا في وزارة الخارجية فكرة صفقة ما لدعم استقلال الاتحاد. والمشاكل التي اراها تكمن في ان العراق لن يشارك في اي لقاء لا يستبعد تدخل السعودية وايران في حالة الاشراف، كما ان فهمي انا هو انه لا السعودية ولا ايران ستلزمان نفسيهما بعدم التدخل في مثل تلك الحالة. كما انه سيكون من الصعب دفع ايران للمشاركة في صفقة ما مع العراق في ظل حكومته الحالية. وقد وافق كمال ورشاد ان هذه عوامل توضع في الاعتبار.
* الجزر
* 7 ـ قلت ان السير دينس رايت يعتقد ان رغبة ايران الاولى للتشكيلة السياسية ستكون اتحاد امارات عربية من 9، رغم رغبتهم في تأسيس علاقات مع تلك الامارات بصور فردية. ولكنهم يريدون بداية اشباعاً حول مسجلة الجزر. وبرغم عدم وجود صفقة، فهم يعتقدون ان تسويتهم لمسألة البحرين، تحفز بريطانيا والسعودية للمساعدة في حصولهم على ارضائهم في مسألة الجزر. كما وافق على هذا الافتراض.) ويبدو ان هناك امكانية لحل يتم فيه اسقاط مسألة السيادة، في مقابل وضع قوات مشتركة بعد رحيلنا. اي نصيحة سيقدمها الملك فيصل لصقر وخالد؟
هل سيشجعهما على قبول ترتيب كهذا؟ وهل سيكون من الممكن صناعة تسوية اكثر قبولا باضافة قوة سعودية؟
8 ـ د. رشاد قال انه يعتقد ان فكرة المفاوضات المنفردة مع الحكام سيئة. لانها تجعلهم عرضة لهجوم عربي ومن الافضل الانتظار لحين تكوين الاتحاد. ثم بعدها، من الممكن وضع هذه الاحتمالات في الاعتبار بما في ذلك قوات سعودية كما ان ذلك في صالح المصالح الايرانية.
9 ـ قلت انني اوافق، ولكن المشكلة القائمة هي ان الشاه لا يرى كذلك، سيزور جدة في 11 يوليو. سألتهما ما اذا كانا على رأيهما، ان تعاوناً مفتوحاً مع ايران سيكون ممكنا بعد ان تمت تسوية مشكلة البحرين. اجابا معاً بالايجاب.
10 ـ عودة للاتحاد، قلت اننا، وبالتأكيد لا نريد ان نجعل الحكام يقللون من جهودهم من خلال اعطائهم الانطباع بان القوات البريطانية ستبقى الى ما لا نهاية. وسيكون تغيير الحكومة بالفعل مناسبة نحو جهد مجدد لتحريك الامور. فهل لدى السعودية افكار حول طريقة انعاشهم للمصالح. في هذه النقطة قلت، لاكون صريحاً، لا بد ان اقول، ان السعودية، وبوضعها مسألة حدود ابوظبي في الطريق، قد احدثت اذى كبيراً بالمسعى المتجه للاتحاد. د. رشاد اختلف معي، وناقش هذه النقطة ببعض التطويل، ولكن ليس هناك مقترحات بشأن فعل سعودي نشط تجاه الامارات العربية المتحدة.
اخبرني كمال بعد ذلك انه قد ناقش حالة مضي البحرين وقطر نحو الاستقلال مع د. رشاد الذي وافق على محاسن الفكرة وانها قد تكون حسنة لكليهما ولكنه جادل بان الامارات العربية المتحدة ستحتاج لهما، كما قال ايا كانت المزايا فمن الصعب الان دفع البحرين وقطر لاتجاه آخر).
قراءة في وثائق 1971 البريطانية (15) ـ مسؤول بريطاني: منظمة التحرير الفلسطينية لن تنجح في عمل سري تحت الأرض لأنها مخترقة في أعلى المستويات
كمال عدوان: المنظمة لم تعترض على مفاوضات مصر مع إسرائيل لكنها رفضت أن ينسحب ذلك على الأردن * الملك حسين ميال لزيارة القاهرة * التضحية بوصفي التل خوفا من أن يترك الأردن خارج الحساب في أي صفقة
حسن ساتي
يبدو ان هناك الكثير الذي سيتكشف حول احداث سبتمبر (ايلول) عام 1970 في الاردن، وهي الاحداث التي حملت لاحقا اسم ايلول الاسود وتشكلت لها منظمة فلسطينية.
ومع اننا لسنا بصدد اجترار ذكريات او مرارات تلك الاحداث التي استدعت قمة طارئة بالقاهرة رحل بعدها جمال عبد الناصر، واستحدثت لجنة للهدنة واتفاقا حمل اسم اتفاق عمان، الا اننا نريد الاشارة الى اجتماع بين دبلوماسي بريطاني اسمه سي.بي كارتر، (طبيعة اسئلته توحي بانه مسؤول استخبارات) ومسؤول من منظمة التحرير الفلسطينية هو كمال عدوان حول تلك الاحداث. وحسب الوثائق السرية البريطانية عن عام 1971 والتي افرج عنها اخيرا فان عدوان احاط المسؤول البريطاني باسرار كثيرة، في مقدمتها، نية منظمة التحرير الفلسطينية بتحويل نشاطها الى عمل من تحت الارض على خلفية احداث سبتمبر لتتحول مثل هذه الاحاطة الى نقد وتحليل في تقرير كارتر لمنظمة التحرير ولحد القطع بانها مخترقة في مستوياتها العليا.
الحدث الآخر المثير للفضول، قطع عدوان بأن المنظمة اعطت للسادات ضوءا اخضر ليتفاوض منفردا مع اسرائيل من اجل استعادة اراضيه فيما حرمت ذلك على الاردن.
الوثيقة الاخرى الجديرة بالملاحظة مصدرها زيد الرفاعي الذي تبوأ مناصب دبلوماسية وتنفيذية في تاريخ الاردن. وعلى صلتها باحداث سبتمبر، الا انها القت بعض الضوء على مخاوف الملك حسين من حل منفرد تقدم عليه القاهرة.
وعودة لاحداث سبتمبر 1970، تكشف الوثيقة رقم 11 ان الملك حسين ووفق رواية العقيد اميل جمين فكر ومنذ ديسمبر (كانون الاول) عام 1969 باستدعاء المشير حابس المجالي لمهمة انقاذ البلاد من الكوماندوز على حد تعبيره.
منظمة التحرير مخترقة وثيقة رقم 12 التاريخ: 5 مارس 1971 الى: سي.دبليو. لونج ـ إدارة الشرق الادنى الموضوع: المحادثات مع كمال عدوان.
1 ـ اجتمعت في 25 يناير (كانون الثاني) الماضي بكمال عدوان وهو نائب السكرتير لما يعرف يمجموعة التسعة الخاصة وهي سكرتارية للجنة المركزية. الثمانية الاخرون هم ياسر عرفات، جورج حبش، نايف حواتمة، ابراهيم بكر، صلاح خلف، بهجت ابو غربية، حماد ابو صدقة، وضافي جماني (ستلاحظ ان لفتح وحلفائها الاغلبية). فهمت ان كمال عدوان وابراهيم بكر هما، وبصفة عامة، اللذان يثيران القضايا مع وصفي التل. كمال عدوان قال لي ان اللجنة المركزية لا تجتمع مؤخرا بشكل منتظم لان السيطرة الفعالة في يد السكرتارية التي يتمكن اعضاؤها من حضور الاجتماعات، ولم يعترض على ملاحظتي بان الاجتماعات تعقد في شمال الاردن.
2 ـ سألت حول تقرير صحيفة «الاهرام» الاخير بأن اللجنة المركزية لم تعترض على مفاوضات مصر حول استعادة اراضيها، قال ان ذلك حقيقة، وجورج حبش، وبرغم معارضاته على العكس قال ان الامور تعود اليه، وقال عدوان بصورة قاطعة ان ضوء اللجنة المركزية الاخضر ينطبق على الجمهورية العربية المتحدة (مصر) وحدها وليس على الحكومة الحالية في الاردن والتي لا يثقون بها لخطوة واحدة. وقال كمال ان المؤتمر الوطني الفلسطيني سينعقد يوم 27 فبراير (شباط). ولم يقل اين مكان الاجتماع.
3 ـ كمال عدوان قلق او مشفق تجاه العلاقات الحالية بين الحكومة الاردنية والفدائيين. وصفي التل يواصل الوعود بان خطوات محددة (مثل انهاء الطبيعة العسكرية لنقاط الشرطة) سيتم اتخاذها. ولم يحدث ذلك، وذلك يعني اما ان يكون وصفي بلا سلطات لتنفيذ وعوده او انه جزء من المؤامرة على الثورة. ثم مضى كمال في تعليقات وسرد لقائمة من سوء سلوك الحكومة على النحو الذي ظهر في تصريحات ابراهيم بكر في دورية فتح.
وركز تحديدا على تدخلهم في حرية الحركة ورفض السلطات الاعتراف بوثائق الهوية الصادرة عن اللجنة المركزية. هذه الوثائق اجراء جديد اعترفت به الحكومة مؤخرا على خلفية اتفاقية عمان. يقول كمال ان من الواضح ان الملك حسين يقامر باستطاعته العودة للضفة الغربية من دون الفدائيين، ولن ينجح ومن الافضل له ان يقامر بالتعاون معهم وفي النهاية قد ينجح الملك فقط في احداث غربة بين الفلسطينيين والاردنيين او ابعادهما عن بعضهما البعض. ولمح الى ان الفلسطينيين قد يضطرون الى خيار دولة خاصة لهم وكيف سيكون حال الاردنيين من غير الضفة الغربية؟ سألت ما اذا كان موضوع دولة بالضفة الغربية ستتم مناقشته في المؤتمر الوطني الفلسطيني، قال ان ذلك قرار يعود للمؤتمر. واضاف انه وفي كل حال فمسؤولية انشقاق تبدو ملازمة للحكومة.
4 ـ قال بعدها ان ظهر الثورة الفلسطينية الآن للحائط، واذا استمرت الحكومة في تطبيق ضغوطها والمفاوضة بدون اخلاص، فستجبر الثورة على العمل من تحت الارض. تساءلت حول توقيت قرار كهذا؟ قال: خلال اسبوع او شهر اذا استمرت الحكومة على سلوكها الحالي. اعترضت قائلا انه سيكون من الصعب على حركة في حجم فتح ان تعمل تحت الارض. قال ان ذلك لن يكون صعبا، بل ان الخطة نفسها قد وضعت، وليس مهما كم عدد الذين ستسجنهم الحكومة، لانها لن تستطيع سحق الثورة. تساءلت ما اذا كانت حركة سرية او تحت الارض ستعمل ضد الحكومة الاردنية ام ضد اسرائيل. قال ضد النظام الاردني وليست هناك حجة للذهاب لاسرائيل من دون قاعدة آمنة للعمل منها، وشدد مرة تلو الاخرى بأن الدخول في عمل من تحت الارض سيكون الطريق الوحيد للفدائيين وستتأثر المصالح البريطانية، ثم قدم ملاحظات حول الفائدة التي يمكن ان تقدمها الجاليات الفلسطينية بالكويت والسعودية.
5 ـ كمال عدوان متحدث شرس، وهو من الذين عاشوا على قناعة بان انقساما سيحدث في الجيش الاردني ابان احداث سبتمبر 1970 وان الفدائيين سينتصرون. بوسعنا، في اعتقادي، اخذ المعلومات في الفقرتين 1 و2 بثقة وربما تلك التي في الفقرة 3 ايضا. بوضع الاعتبار لملاحظات كمال في الفقرة 4، لا بد ان نحمل في الذهن الآتي:
أ ـ ان الفدائيين، وبلا جدال، يأملون ان شيئا مما يقولون به لنا سيتم توصيله للاردنيين.
ب ـ شخصية كمال عدوان بما فيها من خداع للذات.
6 ـ في هذا المجال، قد تهتم بالتعليقات التي قال بها اصدقاؤنا في السلك الدبلوماسي هنا حول المصاعب التي ستواجهها فتح اذا اتجهت للعمل من تحت الارض. وهي: أ ـ المخابرات الاردنية تملك اسماء وصور كل محاربي منظمة التحرير الفلسطينية، واماكنهم ومنازلهم وذخيرتهم... الخ. والأدهى ان فتح لا تعرف الامتداد الكامل لهذه المعلومات. وتلك نقطة ضعف قاتلة.
ب ـ لم يكن امن الفدائيين يوما جيداً جداً، دعك من عجزها الضخم في الملاحظة (أ) اعلاه، اضف الى ذلك ان فتح ستواجه ضعفا اكثر واكبر من خلال الانشقاقات وخيبات الامل، وتلك فرصة تقليدية لاي جهاز استخبارات للعمل عليها ويحول المنشقين كعملاء. وهذه المنظمات مخترقة سلفاً وبصورة كبيرة.
جـ ـ الولع بالاعلام، وخداع الذات، وكلاهما يمارسان بصورة ضخمة من المنظمات الفلسطينية منذ 1967، من اسوأ الارضيات الممكنة لخلق عمل سري، وليست هناك خبرة او ارادة حقيقية لتشغيل بنيات الخلية المعقدة والوعي المتبادل للوحدات الفرعية في المنظمة والتي تستطيع وحدها حماية حركة تحت الارض.
وبالتعريف، فمنظمة التحرير الفلسطينية تحمل في داخلها تهديدا كبيرا لانها صغيرة ومع ذلك فهي مخترقة على المستوى العالي.
د ـ الضوابط التي تفرضها الاجهزة الامنية على المنظمات السرية التي تعمل من تحت الارض كثيرة واصعب من ان تحصى هنا، ولكن بوسع المرء ان يستشهد بامثلة كثيرة للفشل في السنوات الاخيرة، ومن قبل منظمات اكثر تأهيلا وتدريبا من الفدائيين. من الصعب جدا الاحتفاظ بالروح المعنوية.
7 ـ وباختصار، فان افضل فرصة لنجاح عملية من تحت الارض، تكون في مبادرة من تحت بواسطة عدد صغير من رجال اقل شهرة يمكنهم الاختفاء ومعهم اموال كافية، وقدرة على الوصول للوثائق المزورة واسلحة التخريب المتخصصة وذلك يعني عادة الدعم الخارجي، وعلى سبيل المثال، من مصر وسورية والعراق وربما الصين، وفوق ذلك سلوك عالي المهنية.
سي.بي.كارتر الأردن ومصر.. شكوك متبادلة وثيقة رقم: 13 التاريخ: 18 مارس 1971 الى: آر. ام. ايفانز الخارجية البريطانية عزيزي.. ريتشارد 1 ـ عمان امتلأت بالاشاعات التي تقول ان الملك حسين سيقدم قريبا على إعفاء وصفي التل او ان الاخير قد يتقدم باستقالته.
2 ـ زيد الرفاعي، كما ستعرف، ظل مع الملك حسين في العقبة طوال الايام العشرة الماضية وهو ينوي العودة للندن غدا عبر جنيف (انظر برقيتي رقم ـ 1 ـ بتاريخ 18 مارس المعنونة لتونس). وقد علق زيد حول هذه الاشاعات لواحد من المستخدمين بالسفارة بصورة غاية في السرية. زيد والملك متخوفان جدا من ان الجمهورية العربية المتحدة (مصر) تبلور بجدية صفقة ثنائية منفصلة مع اسرائيل، لتترك الاردن يترنح او يتمايل مع المشاكل في الضفة الغربية والقدس والفدائيين وهي بلا حلول، ومع منظور يتجه الى امكانية قطع العون المتبقي من قمة الخرطوم (مع انه يبدو لي، ان السعوديين قد لا يلجأون في مثل هذه الظروف الى وقف عونهم للاردن مهما فعلوا من تخفيض مع مصر). ولذلك، فالملك حسين ميال لزيارة القاهرة متى ما كان ذلك ممكنا للاستئناف لدى السادات (ربما باثارة شبح ناصر). بان لا يترك الاردن خارج الحساب في اي صفقة مع الاسرائيليين. ولكن وصفي التل، المتألم من رفض القاهرة لاستقباله، كان قاسيا في نصح الملك بان لا يذهب الى القاهرة الا اذا كان وصفي نفسه برفقته. واذا كان للملك ان يتجاهل نصيحته، فالاقرب بالطبع ان يستقيل. والملك يشعر ان توقيت ذلك غير مناسب خاصة ان الوضع الامني الداخلي وسلطة الحكومة، قد تمت استعادتهما بقدر كبير، وان لم يكن كليا. ولا يبدو وصفي متجاوبا مع هذه الفرضية بما انه شخصيا غير محبوب بالقاهرة في ذات الوقت الذي يقال فيه ان مصالح الاردن تتطلب زيارة الملك حسين لها، والاخير سيذهب بدونه، وعلى وصفي ان يبتلع ببطولة كبرياءه ويواصل. وهكذا فالملك يبدو كمن يمسك بعصا مشقوقة، ولا اريد التنبؤ بالكيفية التي سيخرج بها، رغم اني، واذا اجبرت على ذلك، سأكون ميالا الى التفكير حول ما اذا كانت هناك علامات محددة للتقدم تجاه تسوية ثنائية مصرية ـ اسرائيلية.
نفوذ زيد سيهب، والملك سيزور القاهرة من غير وصفي التل حتى لو حمل ذلك مخاطرة استقالة الاخير.
3 ـ في النهاية، علي ان اطلب بان تتم معاملة تعليقات زيد الرفاعي بمنتهى السرية.
جي.اف.فيلبس سبتمبر (أيلول) 1970 بدأ في ديسمبر 1969 وثيقة رقم 11 التاريخ: 1 فبراير 1971 الى: ديري شير مكرر بي.اس.الغري.. عمان 1 ـ احاطني العقيد اميل جمني مساعد الامير محمد بثقة وسرية خلال وجوده في بيروت لبضعة ايام ان هدف الزيارة الوصول لاتفاق ما مع السوريين. والتوصل لتفاهم حول التعاون العسكري بين رؤساء الاركان في البلدين. لم يتوسع فيما هو اكثر، اكتفى بالقول ان نتائج ذلك الاجتماع كانت التحركات الاخيرة للقوات المسلحة الاردنية على الحدود.
2 ـ جمين احاطني ايضا ان منصب رئيس المجلس القبلي الجديد الذي شكل اخيرا في الاردن كنوع من «مجالس الشيوخ» لتمثيل قبائل البدو بالضفة الشرقية، سيوكل اليه قريبا.
3 ـ يعتقد ان الكوماندوز الفلسطينيين لم يقض عليهم تماما، ومع ذلك ونتيجة اجراءات كثيرة وكناتج للعداوات المرفوضة التي ابدوها، سيكون من السهل التعامل معهم، وقد تدهورت شعبيتهم لدى الجمهور العام وخاصة في الارياف، فيما اقدم قرويون كثيرون ومن تلقاء انفسهم على طردهم، كما اضطر الجيش مؤخرا لحماية جماعات الكوماندوز من غضب السكان المحليين في السلط salt ورغم ذلك اطلق السكان رصاصا عليهم وقتلوا منهم عددا.
4 ـ حينما تساءلت حول مستقبل عدد من الشخصيات الفلسطينية في المواقع الرسمية مثل محمد كمال مدير التلفزيون الاردني، لمح الى ان معظمهم يعتبرون الآن اردنيين من اللون الخطأ وسيفقدون وظائفهم قريبا.
5 ـ عرفت جمين خمسة عشر عاما وهو قائد مسيحي طرد من الاردن خلال نظام سليمان نابلسي في 1956، عمل اخيرا في الاستخبارات العسكرية، ظل باستمرار قريباً جداً من الملك حسين والمشير حابس المجالي، وجمين صديق قوي لبريطانيا، ومعلوماته ظلت صحيحة، وقد اخبرني في ديسمبر 1969 ان المشير المجالي سيتم استدعاؤه ان اجلا او عاجلا لانقاذ البلاد من الكوماندوز.
قراءة في وثائق 1971 البريطانية (16) ـ رسائل متبادلة بريطانية ـ أميركية لإنقاذ الأردن من الانهيار اقتصاديا
حسن ساتي
رشح تبادل لوجهات النظر بين مسؤول بريطاني اسمه شامبيون بروبيك القائم بالاعمال الاميركي بالعاصمة الاردنية، الاردن، لكارثة اقتصادية، مثلما كشف الحديث بين المسؤولين بأن الاردن بلا اهمية سياسية او اقتصادية بالنسبة لاميركا باستثناء اهمية استقراره لافاق تسوية سياسية مع اسرائيل، ولذلك حزمت واشنطن امرها لتتحمل نصيب الاسد في تقديم العون للاردن واعانته على الخروج من نفق ازمة اقتصادية ترشحها الوثيقة وتقضي بوصول الاردن لحد الافلاس. وحسب الوثائق السرية البريطانية لعام 1971 التي افرج عنها حديثا، فان هذه الوثيقة حملت كذلك نقدا لشخصيات اردنية كثيرة ولم تستثن العاهل الاردني ووزراءه، ومحافظ البنك المركزي، بل العقل الجمعي الاردني، ولحد وصفه بالتفكير القائم على التمنينات، وتقول انهم يملكون ذاتا متطورة في هذا الشأن، وهم يعرفون ذلك عن انفسهم، ولحد الاحتفاء، ولذلك، لم يتورع البريطاني شامبيون، كاتب الوثيقة، من القول ببعض النصائح التي افترض ان احدا ما لا بد ان ينفخ في الصافرة ليقول بها للاردنيين.
وثيقة رقم 9 التاريخ: «غير واضح..».
الى: وزارة الخارجية مع احاطة واشنطن وبيروت.
1 ـ في برقيتنا بتاريخ 13 مايو (ايار) برقم 5/5 حول ميزانية الاردن لعام 1971، افترضنا ان الوضع الاقتصادي والمالي ربما يصمد الى نهاية العام، ولكن مأزقاً سيلي ذلك بفترة قصيرة. خطاب هوبرلي برقم 1/4/6 بتاريخ 19 اغسطس (آب) الى جور بوث اوضح مدى استعداد اميركا الى حد ما لاخراج الاردن من مصاعبه، واقترح بان عونا اكثر منهم ربما يكون في الطريق. وانا افهم ان خزيتنا مضغوطة اصلا واستعدادهم للرهان هناك لا يعني ان نفعل نحن نفس الشيء.
2 ـ قمت لتوي باجراء تبادل مطول ومشوق لوجهات النظر حول كل هذه المواضيع مع بروبيك القائم بالاعمال الاميركي هنا. اراؤه حول الوضع الاقتصادي والمالي في احباط متزايد مصحوب بالتشويش. يعتقد ان المأزق او اللحظة الحرجة (بمعنى النقطة التي لا تعود فيها الحكومة الاردنية تملك مالا في خزينتها لمواجهة التزاماتها اليومية) ربما تحدث في الشهرين او الثلاثة اشهر القادمة، او قبل نهاية العام. وهو لا يرى دليلا على ان اي احد في السلطة يعتقد، او يمني نفسه بالاعتقاد، بأن ازمة حقيقية على وشك الحدوث. والاردنيون يملكون ذاتا متطورة في اتجاه التفكير بالاماني والرغبات، وهم يعرفون ذلك عن انفسهم وباحتفاء. حول اولئك الذين في داخل الدائرة الداخلية، الملك يشعر بحيوية ونشاط في اعقاب استئصال الفدائيين، وغير هياب للعقوبات المفروضة عليه من اخوانه العرب. وهو على، معرفة قليلة او رغبة، في الاقتصاد. الامير حسن، الذي اوكلت اليه مسؤولية خاصة في الاشراف على الشؤون الاقتصادية، قد يملك تقديرا قليلا وان كان اكثر، للوضع المالي والاقتصادي. ومع ذلك، يظل على ثقة ثابتة، بأن اصدقاء الاردن سيسددون الفواتير تحت الضغط الكافي. اما مرويد التل، فيعيش، كما الملك، في نفس ارض الوقواق القائمة، او عالم الاوهام. وزراء الاقتصاد والمالية يتحدثون بالشفرة. اما محافظ البنك المركزي، وهو الاقتصادي الوحيد المؤهل في الافق، وبمعرفة لتقييم ابعاد الازمة، إما ان يكون تحت تأثير التمنيات باغماضه لعينيه تجاهها، او غير قادر على تحضير نفسه لاثبات المشكلة داخليا بمداها ومخاطرها وتقديمها على ذلك النحو للملك. وهو يعرف، وعلى الاقل، ان الصورة الكلية ليست على ما يرام. اما رئيس الوزراء، فربما يملك شريطا او صورة للوضع، ولكنه بالتأكيد غير محاط بصورة شاملة، او انه غير راغب في ذلك اصلا. مجلس التنمية الاردني، وبرغم الامال العريضة التي صاحبت تشكيله اثبت انه بلا فائدة.
3 ـ في ظل هذا الوضع، تواصل الحكومة الاردنية امطار الاميركيين، ونحن، والفرنسيين والالمان الغربيين، بطلبات غير مشروطة لاموال ضخمة لتواجه بها قوائم مشروعات (بعضها نصف مطبوخ)، مرسومة بلا اسبقيات ولا علاقة لها بالتنمية الاقتصادية. وكما نعرف من تجربتنا، فان ذلك يساعد في تأخير دفعات ديون لا يحتاج لها الاردن بصورة عاجلة لمشاريع يحتاج اليها حقيقة.
4 ـ بروبيك قال، ان الاميركيين، ظلوا مستعدين، على اية حال، لتحمل الحصة الاساسية، من العون للاردن، ولسبب اساسي، هو اهمية استقرار الاردن لآفاق تسوية مع اسرائيل. وبعيدا عن هذه الجزئية، فليس للاردن اهمية اقتصادية او استراتيجية لاميركا، فيما تبرر وبصعوبة تلك الاهمية السياسية مثل هذا العون الضخم. يبقى من المنظور ما هو الاثر الذي سيحدثه استقطاع 10 في المائة من العون الخارجي على استمرارية العون الاميركي. وفي كل الاحوال، اذا حدثت اتفاقية انتقالية مؤقتة مع اسرائيل. فلن يكون الاميركيون بالضرورة مستعدين للاستمرار في عونهم للاردن على نفس الوتيرة الحالية، والاميركيون فهموا الاسباب التي قدموا ويقدمون بها العون، خلافا لنا نحن والمانيا الغربية وفرنسا، مثلما عرفوا اننا قد لا نستطيع تقديم عون انمائي او اقتصادي اكثر في الحاضر. شخص ما، وفي القريب جدا، سيتحتم عليه ان (ينفخ على الصافرة) ويفتح عيون الاردنيين على الاتي:
(أ) انهم يقتربون من الافلاس، وانهم لن يستطيعوا توقع العون على مستوى الحاضر ان يستمر الى ما لا نهاية.
(ب) ان الدول المانحة سترغب في الاستمرار بتقديم العون فقط في حال عرضت ادارة الفوضى المالية على شكل ما من اشكال الاشراف والخبرة الخارجية. بروبيك يعترف بوضعنا الخاص والمستمر في التأثير بالاردن، ومع ذلك، فلا نحن ولا الاميركيون وجب ان نتلذذ بكوننا اول من سيتحدث الى الاردنيين حول هذا الموضوع. ولذلك فهو يرى حاجة لاجتماع مبكر يضم كل الدول المانحة الرئيسية، ليكون هدفه مراجعة الموقف، وتنشيط تدخل حازم في الشؤون المالية والاقتصادية في الاردن من قبل سلطة عالمية مثل البنك الدولي او صندوق النقد الدولي، او هذا التفكير يوازي ما ورد في الفصل السابع من مذكرة الاجتماع المنعقد في oda في 12 اغسطس (آب) لمناقشة ورقة السياسة الاردنية (خطاب فير 01/390/90mid بتاريخ 17 اغسطس الى ستروفان).
5 ـ ربما يكون تلوين بروبيك للصورة كثير السواد، ولكن، وايا كانت اراؤه حول توقيت الازمة صحيحة ام لا، فأنا مواقف على انها اصبحت وشيكة او اكثر اقترابا. مثلما اعتقد انها مصلحة غربية سياسية واستراتيجية مهمة لجهة الابقاء على النظام الحالي في الاردن، ولهذا السبب، لمنع انهيارهم الاقتصادي، ومع ذلك، فهذا لا يمكن تحقيقه الى ان يتم تحقيق تفكيرهم باحساس من الواقعية. ولهذا ايضا، يكون من المهم، إحداث هزة في قناعاتهم القائمة على لا نهاية ولا تحول العون الاميركي (هذا قد يلين توجه خزاتنا البريطانية نحو عون عاجل للاردن). يبدو لي ان اجتماعا على مستوى عال للدول المانحة مرغوب بصورة عالية كخطوة اولى.
6 ـ اعتذر لطول هذه البرقية، فخدمات الحقيبة عرضة للاضطراب حاليا، ولا اعرف تاريخ زيارة ديك كنج المزمعة لواشنطن.
قراءة في وثائق 1971 البريطانية (18) ـ تعيين وصفي التل لرئاسة الوزارة جاء أصلا لإنجاز مهمة استئصال الفدائيين
* الأسد شجع الحوار مع العراق وعارض تحالفا معه ضد مصر* القاهرة لم تغفر أبدا للتل سياساته المعادية لها * موته جاء في الوقت المناسب رغم انه صديق مخلص لبريطانيا * الملك حسين جاء بالتل بعد المواجهة مع الفدائيين
حسن ساتي
وضح بالفعل والقول ان رئيس وزراء الاردن وصفي التل شخصية خلافية، فالسفير البريطاني وفي مذكرة تعدت 1200 كلمة يرى فيه رجل مبادئ ولا يوافق خصومه الذين اطلقوا عليه جزار الفدائيين رغم اعترافه بأن موته جاء في الوقت المناسب.
المستشار المصري رياض سامي بسفارة عمان قالها قاطعة بان بلاده اعتبرت مجرد تعيينه رئيسا للوزراء اشارة الى ان الاردن قرر ان يكمل الطريق بمفرده بصرف النظر عن المصالح المصرية، ولاتخاذ سياسة اكثر تشددا تجاه الفدائيين. وتحمل وثيقة حفل عشاء المستشار المصري لنظيره البريطاني اسرارا كثيرة تراوحت بين الكشف بأن وصفي التل قد اجتمع سرا خمس مرات بقادة منظمة التحرير الفلسطينية وبين قوله انه لا يأبه بأي نظام يحكم سورية طالما ظل ذلك النظام ضد مصر. وهناك الاعتراف البريطاني من ستراشان بان نقاطا سوداء كثيرة ظلت تثقل كاهل وصفي التل بدءا من تأييده لحلف بغداد ونهاية بدعمه من موقعه كرئيس للوزراء للامام في اليمن. وفي الوثائق السرية البريطانية عن عام 1971 التي افرج عنها اخيرا هناك تقييم الخارجية البريطانية المنفصل والذي يجده القارئ في مذكرة جورج ووث القصيرة والتي اعتبرت ان اغتياله قد ازاح عقبة عن كاهل الاردن فيما اعتبرت وثيقة اخرى ان الاغتيال قطع الطريق على اي مشاركة اردنية للقاهرة في هجوم على اسرائيل.
* رجل قاوم ناصر والفدائيين
* وثيقة رقم: 1/1 التاريخ: 3 ديسمبر 1971 الى: دوغلاس هيوم. وزير الخارجية الموضوع: رئيس الوزراء الراحل وصفي التل حاشية: الفقرات من 1 إلى 4 عبارة عن سيرة ذاتية 5 ـ منذ اول تعيين له، جعلته افكاره القوية وارادته في ملاحقتها شخصية خلافية، راهن اكثر من مرة على الجواد الخاسر وفقد منصبه نتيجة لذلك. وهكذا، فنفيه الى بون في 1955 جاء تاليا لمساندته لحلف بغداد. ساند بقوة في اول مرة يتقلد فيها رئاسة الوزارة امام اليمن. نقله الى بغداد في 1960 ربما يعكس ندما خاصا من الملكة الام تجاه تأثيره على الملك حسين. ظل طوال وجوده في مواقع السلطة يهاجم الفساد وعدم الكفاءة بلا هوادة. لم يكن يوما شخصية محبوبة، رغم انه يحظى باحترام عريض وفي الغالب يخافونه.
6 ـ ولكن وصفي لم يوقفه عدم شعبيته، فطاقته، وقدراته، وعدم فساده، صفات جعلت منه واحدا من رؤساء وزارة قليلين في السنوات الاخيرة ممن امتلكوا تأثيرا حقيقيا على السياسة الاردنية المستقلة عن الملك. وظل يقاوم باستمرار محاولات ناصر (رئيس مصر الاسبق) ومنظمة التحرير الفلسطينية التدخل في شؤون الاردن الداخلية وسياستها الخارجية تجاه التحالف مع الغرب. وكنتيجة لذلك، اصبح مرتبطا بسياسة الاردن المناهضة لمصر بين 1965 ـ 1967، فيما ظل عرضة وموضوعا لهجمات اعلامية من القاهرة ودمشق. المصريون لم يغفروا له ابدا. واصلاح ذات البين بين مصر والاردن بعد حرب 1967 جعل من المستحيل، ولبعض الوقت، ان يستمر في موقع ذي اهمية كبيرة. ولكنه، وخلال صيف 1970، قاد اولئك الذين جادلوا الملك حول الحاجة لضرب الفدائيين قبل ان يفوت الاوان. ولذلك، لم يكن من المستغرب، وبمجرد ان وجه الجيش ضربته التي شتت شمل الفدائيين، ان يتم استدعاؤه ليصبح رئيسا للوزراء من اجل اكمال المهمة. ولم يكن اعداؤه عادلين في اعتباره جزار الفدائيين.
7 ـ 8: لا يحب الطقوس الاجتماعية الرسمية، وهو يحب، متى ما توفر له الوقت ان يذهب بعيدا لمزرعته ويقضي الوقت مع حيواناته الكثيرة وكلابه. هناك في الحقيقة مؤشرات في الشهور السابقة لموته، وفي الفترة التالية للانتصار على الفدائيين بالاردن، بانه قد اصبح مفرط الثقة في نفسه، ولم يكن الغرور بعيدا، ربما مات في الوقت المناسب، وهو، وكما اشرت ظل دائما صديقا جيدا لبلادنا.
جون فيلبس السفير وثيقة رقم: 9 التاريخ: 6 يناير 1971 إلى: الخارجية 1 ـ حضرت حفلا صغيرا اقامه رياض سامي المستشار المصري الليلة الماضية. الضيوف الاخرون كانوا د. جمال الشاعر وعارف نجار وهو مقاول ومهندس مدني وصلاح زكي القنصل المصري.
2 ـ رياض سامي ابدى ملاحظة طريفه قال فيها كم هي العاصمة عمان مكان غير عادي للدبلوماسي وعمله فيها، حيث ان الشخصين الاكثر الماما بالسياسة لا هما سياسيان ولا هما مسؤولان ولكنهما دكتور والاشارة هنا للشاعر ومهندس والاشارة للنجار. واخبرني رياض ان وصفي التل عقد خمسة اجتماعات مطولة مع قادة منظمة التحرير الفلسطينية نتج عنها هذه التسوية المؤقتة.
(النجار صديق مقرب من وصفي التل ومتعاطف مع الفدائيين).
* العلاقات الأردنية ـ المصرية
* اكد رياض سامي ان القاهرة فسرت تعيين وصفي التل لرئاسة الوزارة كدليل من الملك حسين بانه ينوي ان يكمل الطريق بمفرده بصرف النظر عن المصالح المصرية (الجمهورية العربية المتحدة في الاصل) ولمساندة سياسة متشددة تجاه الفدائيين. وقد كانوا مخطئين. فوصفي قالها بوضوح، كما فعل الملك، حول الاهمية الملحقة بالعلاقات الطيبة مع الجمهورية العربية المتحدة، ليجيء توجه وصفي نحو الفدائيين معتدلا ومنضبطا. وعليه فقد تأسست علاقة طيبة بين الجانبين كنتيجة للمحادثات الخاصة المشار اليها فيما حصل المصريون على تقارير ساخنة من العميد حلمي الرئيس المصري للجنة العسكرية المنبثقة عن لجنة المتابعة العليا حول تعاون وصفي التل مع مهمتهم. وتجيء عودة السفير نوري كاشارة مصرية على رضا القاهرة على اداء وصفي التل.
* صورة وصفي الداخلية
* 4 ـ جمال الشاعر قال انه يعتقد ان الحكومة الحالية هي الافضل في الظروف الحالية، وان وصفي يعمل جيدا ولمجلس وزرائه كل الجدارة في احتواء الاوضاع. جمال يرى مهمة الحكومة الرئيسية في حشد التأييد والحصول على اجماع تجاه القبول بالقرار 242. وهناك بالطبع عدد من الوقائع في ماضي وصفي التل وهي تعمل ضده. على سبيل المثال، دعمه المفرط والمضحك للامامية اليمنية. مثال آخر، اجتماع بين وصفي يوم ان كان اول رئيس للوزراء ولجنة البعث التنفيذية، والتي كان جمال وقتها عضوا فيها، اخبرهم وصفي يومها انه لا يأبه بأي نظام تأخذه سورية طالما ظل ضد الجمهورية العربية المتحدة (مصر). وهذا طرحه كمعارض للوحدة العربية و(عربي سيئ). النقطة السوداء الثالثة في صحيفة وصفي والتي عليه ان يدفع ثمنها تتعلق بالفساد المروع الذي لازم حكومته الثانية، ومع ذلك، فجمال يرى ان معظم الاردنيين مستعدون لاعطاء وصفي ميزة الشك، ولا تزال هناك شائعات تحوم حول وصفي، ولكن جمال يستبعد صحتها ويرجعها الى علي ابو نوار.
* تسوية مع إسرائيل
* 5 ـ جمال يلاحظ ايضا انه من السخرية بمكان ارتباط الحكومة والفدائيين بمفهوم دولة في الضفة الغربية والمطالبة بوحدة الضفتين الشرقية والغربية، ولسبب، واذا كان هناك امر واحد مؤكد، فهو ان تلك العودة للضفة الغربية الى الاردن، اي للوضع القائم قبل 1967، وتحت تسوية 242، ستعني نهاية للطموحات الفلسطينية. الخط الذي يعتقد جمال في دفعه يكون في ثلاث مراحل هي:
(1) استعادة الضفة الغربية بموجب القرار 242.
(2) استفتاء فلسطيني وتأسيس حكومة ضفة غربية.
(3) تنمية حوار بين دولة فلسطينية واسرائيل ينشئ عملية تفاوض بطيئة، وتعاون وربما، وعلى مدى مستقبلي بعيد تكاملاً بينهما، وبكلمات اخرى، على العالم العربي ان يحاول منح الفلسطينيين قبضة اصبع او موضعه في فلسطين ثم يترك الامر لهم ليصلوا الى خلاصهم الخاص مع الاسرائيليين.
* سورية
* 6 ـ جمال قال انه التقى حافظ الاسد في مارس (اذار) الماضي ثم مرة اخرى في يوليو (تموز) وقد وضع الاخير في المناسبتين خطا ثابتا يقوم على:
(أ) دعم الفدائيين ورفض القرار 242، ولكن ليس الى حد استغلال ناصر او محاولة عزل الجمهورية العربية المتحدة.
(ب) صيانة الحوار مع العراق ولكن مع مقاومة حازمة لمحاولات العراق انشاء محور عراقي ـ سوري لمعارضة الجمهورية العربية المتحدة.
(ج) منهج اكثر تحرر تجاه الشؤون السورية الداخلية، وعلى وجه التحديد، تأسيس برلمان قومي وتوسيع قواعد تأييد الحكومة بدعوة جماعات اجنحة اليسار الاخرى للمشاركة. جمال يرى ان ذلك، وعلى اية حال، يشير الى ان الاسد يدفع تلك السياسات بثبات. وحين سألته عما اذا كان الاسد سيبقى داخل ادارة البعث، قال جمال، ان الاسد قد قال، بعد ابعاد مؤتمر البعث له من المكتب، انه سيتولى امر الحكومة ولكنه سيعود لهم في بحر عام، واذا ظل تصويتهم ضده مرة اخرى فسيستقيل، ومنذ ذلك الوقت، ووفق معلومات جمال، فان 80 في المائة من اعضاء المؤتمر كانوا قد ذهبوا للاسد سلفا واخبروه بانهم قد غيروا رأيهم وتعهدوا بتقديم دعمهم. ويخمن جمال انه وبحلول الوقت الذي نوى فيه الاسد الوفاء بوعوده، فان الـ20 في المائة المتبقين قفزوا ليلحقوا بعربة سلطة الاسد.
حاشية: (الفقرة (7) تتعلق بوقف اطلاق النار بين مصر واسرائيل ولا ترى «الشرق الأوسط» فائدة من ايرادها لعدم صلتها بالموضوع).
قراءة في وثائق 1971 البريطانية (20) ـ لماذا خلف السادات عبد الناصر وليس علي صبري أو زكريا محيي الدين؟
ناصر تجاوز سياسته الإسرائيلية ومؤسساته ورأيه العام بقبول مبادرة روجرز * فوزي وأبو النور قفزا للمواقع العليا خلافا لتوقعات موسكو لشعراوي وصبري * استراتيجية الحرب الاقتصادية الصهيونية سعدت بتبعية الاقتصاد المصري لموسكو
حسن ساتي
بعد حوالي 119 يوما جلس السفير البريطاني ليكتب عن عام 1970 في مصر الذي احتوى على احداث عظام، في مقدمتها رحيل ناصر، ومجيء السادات، ليقدم اسبابه لاختيار الاخير، وليقطع بعدم كفاءة الآخرين، وتحديدا، علي صبري وزكريا محيي الدين على منافسته.
تقرير السفير يكشف ان قبول ناصر لمبادرة روجرز اثار تململا داخليا، في مقابل ترميم السادات ورئيس وزرائه محمود فوزي لجبهتهما الداخلية باصلاحات سياسية قطع معها التقرير البريطاني بوجود لبنات لتسوية سياسية مع اسرائيل.
لم يفقد التقرير الشجاعة في القول بأن الاستراتيجية الصهيونية للحرب الاقتصادية تتجه الى اكثر الاعداء العرب جدية في صراعها مع اسرائيل ويقصد مصر، في مقابل نظرة خاصة للمناخ الذي ساد القاهرة مع رحيل عبد الناصر.
وثيقة رقم: 71/108 تقرير دبلوماسي التاريخ: 25 يناير (كانون الثاني) 1971 الى: وزير الخارجية من السفير البريطاني بمصر.
الموضوع: الجمهورية العربية المتحدة: التقرير السنوي لعام 1970.
سيدي:
1 ـ أعتذر بأن غيابي في لندن خلال الايام الاولى لعام 1971 قد عنى ان قراءتي السنوية لعام 1970 في مصر قد تأخرت كثيرا، وارفق لكم روزنامة بأحداث العام.
2 ـ ربما يكون من الصحيح، بمفردات تاريخ الشؤون العربية، القول بأنه، وبرغم وفاة ناصر في سبتمبر (ايلول) 1970، فان عام 1970 سيعتبر عام عبد الناصر وليس آخر اعوام ناصر، لأن الرجل احرز انجازين لا يستطيع قائد عربي معاصر انجازهما دون افلات من عقوبة. فالرجل بدّل سياسته الخاصة تجاه القضية العربية ـ الاسرائيلية بقبول مبادرة روجرز، والثاني، استدعاؤه للقادة العرب للقاهرة، وفرض حلا، ربما تكون هذه هي الكلمة الافضل، للنزاع بين الحكومة الاردنية والمقاومة الفلسطينية. ولكن الانجازين اتجها لجهة آثار مضادة سواء على الصعيد المصري، او الرأي العربي. فعلى صعيد مؤتمر الاتحاد الاشتراكي العربي ومجلس الامة، امتلكا معا شكوكا مصحوبة بالخوف حول الحكمة من قبول مبادرة روجرز في النزاع العربي ـ الاسرائيلي في وقت تعارضه فيها سبع حكومات على الاقل.
في المقابل، فان الرأي العام بمصر، وفي اجزاء كثيرة من العالم العربي ينظر بسلبية للاتفاقية بين الاردن والفدائيين والتي ظهرت كغض للنظر عن الحد من الكفاح العربي ضد اسرائيل بتقييد حرية (او رخصة) المقاومة الفلسطينية. في نهاية العام اتضحت الومضات والفضاءات والخيارات الاخرى الحقيقية، ولكن، مع ذلك، فسياسات ناصر سيطرت على عام 1970.
3 ـ 4 ـ 5 ـ 6 ـ 7: (الفقرات تتحدث عن المواجهات العسكرية بين مصر واسرائيل وزيارة ناصر لموسكو واستجلاب صواريخ سام 3، ومؤشرات حرب الاستنزاف، ولا تحمل جديدا تاريخياً.. الشرق الأوسط).
8 ـ ألمحت للدور الذي لعبه ناصر في محاولته للتوسط بين المقاومة الفلسطينية والملك حسين على اساس من الاحتفاظ بحق الاولى في الوجود، والثاني في ان يحكم، وهناك رسالتي حول لجنة حفظ السلام او (المتابعة) برئاسة الادغم. ولعل الجهد الذي بذل في تلك المحاولة، وبلا شك، هو الذي كلف ناصر حياته، لانه وبعد ساعات قليلة من وداع آخر رئيس دولة، مات بنوبة قلبية مساء 28 سبتمبر.
9 ـ على مدى عملي الاستشاري والدبلوماسي، امتلكت فرصة كافية لرؤية آثار رحيل ناصر على الاسر، ولكن الذاكرة لا تسعفني لاستحضار مشهد يجسد حيرة الاسر ومناخ الفوضى، بتلك الدرجة التي شهدتها القاهرة في الايام التالية لوفاة ناصر، وقد ساد ذلك الوصف من القمة الى القاع، ففي الجنازة اغمي على السادات من الارهاق والعاطفة، والضيوف الاجانب استطاعوا بالكاد تقديم تعازيهم لفريق من خمسة رجال يتقدمه ثلاثة غير مصريين، وهناك حرس الشرطة والجيش، وكلاهما غلبت عليه العاطفة، فلم يستطيعا حفظ النظام للمائتين ياردة الاولى من الموكب. وفي ظل ذلك المناخ من الحزن حمل الفرعون المصري الاول منذ 2000 سنة الى قبره بصورة لم تشهدها هذه البلاد منذ ان حمل آخر ملوك الفراعنة لينضم الى حورس، وايزيس، واوزيريس. ولكن كل ذلك لم يمنع زميلي سفير قبرص من التعرض للنشل.
10 ـ يذهب حكمي الى ان الزيارة المطولة لرئيس الوزراء السوفياتي وتمديدها لما بعد جنازة ناصر، وفي مثل هذه الظروف، مضيعة للوقت. صحيح انه وباعادة التأكيد لقادة مصر بأن الدعم السوفياتي ليس مرتبطا بناصر شخصيا، قد طمأنهم، الا ان الترتيبات الدقيقة التي اقامها على مشارف مغادرته بأن يشارك علي صبري وشعراوي جمعة في الوظائف العليا، قد نسفت تماما بعد ان تأكد وصول السادات للرئاسة وبعد ان اتاح الوقت لحقائق الوضع السياسي الداخلي ان تقيم نفسها ومعها الموقف.
ففي مكان تلك الترتيبات احتل محمود فوزي ومحسن ابو النور رئاسة الوزراء وامانة الاتحاد الاشتراكي العربي، على التوالي.
11 ـ حدث الانتقال من مرحلة ناصر الى مرحلة ما بعد ناصر بسلامة مشهودة بعد انقشاع الصدمة الاولى، ووفقا للدستور المؤقت. وصول السادات للرئاسة لم يكن محل خلاف. فهو، اولا نائب الرئيس الوحيد، وثانيا، هناك مكانة ناصر والتي شكلت عقول كل الذين تم استدعاؤهم لاختيار خليفته، فجاؤوا متشبعين بسياسته وآرائه، ومفكرين كلية في استمرارها، في وقت كانت وظائفهم جميعا قد اعتمدت على الاستمرارية. وبذلك بدا الادعياء البدلاء غير مؤهلين منذ البداية. فعلي صبري كان تقليصه قد تم علنا قبل عام. وزكريا محيي الدين بعد عامين ونصف في التيه، لم يملك اضعف مظهر يزعم من خلاله الاستمرار، وربما تمثل التغيير فقط، في وقت لم يكن فيه اوان التغيير قد جاء. ولذلك، جاء اختيار السادات من الحزب والبرلمان، ليجيء تأكيده من الاستفتاء في 15 أكتوبر (تشرين الاول). تم اختيار محمود فوزي في 2 أكتوبر رئيسا للوزراء مع نفس الوزراء تقريبا، وقد ظل بمجلس الوزراء منذ 1969، أعاد تشكيل حكومته في 18 نوفمبر (تشرين الثاني) لإعطائها قدرة مرسومة لتشريع مقاييس الاصلاح الداخلي، والذي يعتبره، هو والسادات، وبشكل واضح، مهما لتوطين وترسيخ موقعهما الداخلي.
12 ـ (عن اتفاق وقف اطلاق النار مع اسرائيل وآفاق تمديده).
13 ـ في الاسابيع القليلة الماضية وحدها من العام الماضي بدت تلك التوجهات، وهي بالضرورة تعود لناصر، تأخذ شكلا مختلفا بعض الشيء بعد ان وضع الفريق الجديد اقدامه على الارض. من الملاحظ ان المؤسسات، كلا الحزب ومجلس الامة، واللذين خلق ناصر هيكليهما، ولكنه لم يغطيهما، بدآ يكتسيان لحما. الوزراء، وخاصة نواب رئيس الوزراء (وزير الخارجية احدهم) بدأوا في وضع سياسات الادارات التابعة لهم، الرئيس السادات منع بعض الممارسات السائدة في سنوات ناصر الاخيرة، وبدأ في تغيير اسلوب الرئاسة. خيار تسوية للصراع العربي ـ الاسرائيلي وفق مبادرة روجرز، الذي ورّثه ناصر، موضوع بحزم من الرئيس ورئيس الوزراء ووزير الخارجية اكثر مما كان عليه امرها مع ناصر الذي يملك سمعته العربية المعني بها.
الجمهورية العربية المتحدة تحولت بمقياس كبير لأن تصبح مصر. كل ذلك من المصلحة، الخطر يكمن في ان قبول المسؤولية الشخصية، وما لم يقيد بالتعاون ويخضع للمصلحة العامة، فانه من الممكن ان تعود للفوضى. اذا كان ذلك سيحدث أم لا، عام 1971 سيظهر كل شيء.
14 ـ كان عاما سياسيا بدرجة لم أملك الحيز في هذه الرسالة لما هو اكثر من اشارة مختصرة للتطورات في الاقتصاد المصري والعلاقات المصرية ـ البريطانية.
15 ـ كل ما يمكن ان يقال عن الاقتصاد انه ظل يترنح. الاحتياطيات قلّت، والدين ارتفع ومعه تكاليف المعيشة، المجهود الحربي بانفاق يزيد على 500 مليون جنيه استرليني ظل نزيفا مستمرا من الاستثمار، وفي غياب مستثمرين غربيين، بمن فيهم بريطانيا، يقلق الآخرون من فقدان أموالهم، ووجدت مصر نفسها، مضطرة لقبول الاستثمار السوفياتي بمعدلاته العالية في مشاريع انتاج الفوسفات والالمنيوم وتوسيع انتاج الحديد والبحث عن الضغط. مثل هذا الوضع يناسب وبوضوح الروس الذين يدفعون بهذا الاقتصاد المصري ليقترب أكثر من نماذج اقتصاديات اوروبا الشرقية على حساب يوم تصبح الجمهورية العربية المتحدة في سلام ولن تحتاج الى السلاح الروسي. وقد يناسب ذلك اسرائيل حيث ان استراتيجية الحرب الاقتصادية الصهيونية موجهة لأكثر الاعداء العرب لاسرائيل جدية. في المقابل، تبقى القضية مفتوحة ما إذا كان نفس الوضع الاقتصادي في مصر مرغوبا فيه سياسيا لدى الغرب والناتو على وجه التحديد. همنا تجاه المحيط الهندي يمكن ان يوازيه هم آخر تجاه مصر.
16 ـ (عن العلاقات البريطانية ـ المصرية، ولا تحمل جديدا.. الشرق الأوسط).
ارسال نسخة من هذه القراءة لممثلي الملكة في واشنطن وتل ابيب، وعمان وبيروت وطرابلس والخرطوم والسير كولن كراو في نيويورك وقائد القوات البريطانية في الشرق الأدنى.
قراءة في وثائق 1971 البريطانية (21) هجرة جعفر نميري من قبضة موسكو إلى أحضان واشنطن
نميري استجاب للنصائح بالانفتاح على الغرب وطالب واشنطن بالتكتم واعترف بضغوط السادات والأسد
حسن ساتي
معروف عن انقلاب مايو (ايار) 1969 في السودان الذي قاده وقتها العقيد جعفر نميري انه بدأ يساريا او احمر بلغة الحرب الباردة في ذلك الزمان، ومعروف ايضا ان ذلك الانقلاب ومعه ثورة سبتمبر (ايلول) 1969 في ليبيا قد ثمنهما الرئيس المصري عبد الناصر بانهما رفض لنكسة يونيو (حزيران) 1967.
ولكن عبد الناصر نفسه وكما اوضحت الحلقة السابقة لهذه الوثائق يوم الاثنين الماضي عاد وقبل مبادرة روجرز الاميركية.
هذه الحلقة توضح هجرة نظام مايو السوداني من قبضة موسكو الى احضان واشنطن، وهي الهجرة التي تدرجت لتنتهي بالسودان الى حليف لواشنطن الى سقوط نميري في 6 ابريل (نيسان) 1985 بانتفاضة شعبية.
جديد هذه الهجرة يكمن في النصائح التي تلقاها نميري من الملك فيصل والامبراطور هيلاسلاسي باعطاء وزن للتوجه الافريقي والعلاقات الغربية وهي نفس الملاحظة التي ابداها مسؤول اميركي لمسؤول بريطاني.
الملاحظة الاخرى الجديرة بالاعتبار تكمن في تباين تقديرات لندن وواشنطن لنظام نميري، ففي حين سارع نيكسون وهنأه بالفوز كرئيس للجمهورية، رفض رئيس الوزراء البريطاني ادوارد هيث، وقال مسؤول بريطاني في الخرطوم ان نميري نفسه لا يعرف ما سيفعل بعد الرئاسة.
بدايات الهجرة إلى الغرب وثيقة رقم: 2 التاريخ: 23 نوفمبر 1971 الى: وزارة الخارجية. اسبقية خاصة لعلم القاهرة وبيروت وطرابلس.
الموضوع: زيارة مساعد وزير الخارجية الاميركي للسودان.
1 ـ خلفية هذا التطور، ووفق رواية قسم رعاية المصالح الاميركية كالتالي: اتصل خليل عثمان، رجل الاعمال السوداني (الراحل) والذي كان قد اصبح مقربا من الرئيس نميري، بكيرتس مور رئيس قسم رعاية المصالح الاميركية. كان خليل عثمان قد قابل الرئيس لتوه واوضح ان الاخير اي الرئيس نميري، وخلال زيارتيه لاثيوبيا والسعودية قد تلقى النصح من البلدين بان يتحرر من مصر، وان يتبع سياسات افريقية اكثر من سياساته العربية وان يعيد تأسيس علاقات حميمة مع الغرب. خليل عثمان تلقى التعليمات بان يسأل مور ما اذا كان سيسكو سيأتي للخرطوم لمناقشة عودة العلاقات الدبلوماسية. في ضوء ذلك حصل مور على اجتماعين بنميري اوضح فيهما للاخير بانه سيكون من الصعب على سيسكو الحضور للخرطوم حاليا، ثم عرض مور زيارة ديفيد ينوسوم مساعد وزير الخارجية المسؤول عن الشؤون الافريقية في منتصف ديسمبر، وقبلت الخرطوم الموعد. وبناء على طلب نميري تم الاتفاق على ان لا يشير الاعلان عن الزيارة بانها قد رتبت على مبادرة سودانية فيما اتجه الاميركيون لتحاشي اشارات خاصة لموضوع عودة العلاقات الدبلوماسية الذي تمت الاشارة اليه بحرية هنا. الرئيس نميري كان قلقا تجاه ان لا تظهر زيارة نيوسوم كتغيير مفاجئ وانما كتطور ناشئ عن اتصالات أسسها منصور خالد الذي كان وقتها ممثل السودان الدائم بالامم المتحدة ومن زياراته الاخيرة لاميركا.
2 ـ مور ابداها واضحة بانه لن تكون هناك اعادة اتوماتيكية للعون الاميركي بعد اعادة العلاقات الدبلوماسية. نميري قال انه يفهم ذلك تماما ولكنه يأمل ان تمارس اميركا تأثيرها على البنك الدولي وصندوق النقد الدولي لضمان المساعدة للسودان.
3 ـ احاط نميري، الذي بدأ مستريحا، مور، انه يعيش تحت ضغوط قوية من الشمال لاعادة العلاقات الحميمة مع الاتحاد السوفياتي (من الوضح انه قصد بكلمة الشمال مصر وسورية). وقال ان ضغطا مشابها يجيء ايضا من دوائر محلية محددة. نميري قال، على اية حال، السودان سيتبع مصالحه الخاصة ولن يسمح لنفسه بالسيطرة علىه من اي احد. اشار كذلك الى انه مستعد لاعادة العلاقات الدبلوماسية مع بون رغم الفشل الاخير لاجتماع وزراء الخارجية العرب بالجامعة العربية في الاتفاق حول هذه القضية.
4 ـ يعكس اعلان اعادة العلاقات الدبلوماسية بين السودان والفاتيكان تطورا عميقا لرغبة نميري في اعادة علاقات طبيعية وصديقة مع الغرب، ويكشف ذلك على انه يعمل ببعض اليقظة والحزم لانجاز ذلك.
في المقابل، يدعم ذلك مؤشرات اخرى اخيرة (راجع تلغرافي رقم 547) بان العلاقات السودانية مع مصر بدأت تفتر (اختلاف التوجهات المصرية ـ السودانية حول اميركا مبني على حقيقة ان زيارة نيوسوم كان من الممكن اعلانها مع بدايات اتجاه السادات للهجوم العلني على الاميركيين).
وبما ان الحكومة السودانية تنوي تأسيس سياسة موجهة اكثر تجاه افريقيا، اعتقد ان منصور خالد، الذي يقال عنه ايضا انه يملك تأثيرا مقدرا مع نميري، قد يشارك في هذا الامر. اذا تأكد ذلك، فمثل هذا التغيير (والذي اعتقد انه يتماشى اكثر مع المصالح السودانية الاساسية اكثر من السياسات المتطرفة الموالية للعرب، ويمكن دعمه) وهذا التغيير يمكن ان يسهل بصورة ملحوظة جهود نميري المتجددة لحل مشكلة الجنوب بمصالحة الجنوبيين تجاه البقاء مع السودان تحت نظام اكثر تحررا.
اثرنجتون سميث السفارة البريطانية ـ الخرطوم رؤية أميركية لسودان نميري وثيقة رقم: 6 التاريخ: 20 ديسمبر 1971 الى: مستر فولكر الموضوع: السودان.. زيارة مساعد وزير الخارجية الاميركي 1 ـ تناولت الغداء يوم 17 ديسمبر مع مستر نيوسوم مساعد وزير الخارجية الاميركي ومستر بليك من وزارة الخارجية الاميركية كذلك، وهما في طريقهما من الخرطوم لواشنطن. تحدثت في معظم الوقت الى بليك، ونيوسوم كان يشاركنا من وقت لآخر.
واعتقد ان وجهات النظر التي تم التعبير عنها تعود اليهما معا.
2 ـ بليك قال ان اكثر انطباعاته دهشة يتعلق بقوة التأثير المصري في السودان، والسودانيون قالوها بوضوح بانهم يريدون اعادة العلاقات الدبلوماسية، ولكنهم لا يستطيعون القيام بأي تحرك الا بتناغم مع (اخوانهم المصريين).
3 ـ بليك استمع الى وجهات نظر الرئيس الهندي لبعثة ibrd. وهي متشائمة جدا تجاه القطاع الخاص في الاقتصاد السوداني المتوقف الآن تماما في مقابل قطاع عام بلا كفاءة. من الواضح ان التأميم كان خطأ فادحا. السودانيون افتقدوا الحس الاداري، لأنهم وبتأميمهم لمؤسسات خاصة كثيرة، ملأوا فمهم بما هو اكثر من طاقتهم على المضغ. الانفاق الحكومي مرتفع جدا والبنك لن يساعد السودانيين الا اذا اخذوا نصيحة البنك والتي ستنادي بتخفيض هائل (لم يشر لاي بنك ولكن الترجيح انه يقصد البنك الدولي. «الشرق الأوسط»). البعثة تعتقد ان السودان يملك مقومات الرفاه ولكن هناك فشلا تاما في مسألة القيادة في ما يخص الحكومة الحالية وسابقاتها.
4 ـ اخبرت بليك باننا قد وافقنا على تقديم مساعدة لمشروع مضخات المديرية الشمالية وبوابات خزان سنار، واضفت اننا تلقينا طلبا لعون آخر لطريق بورتسودان ومصنع السكر، ولكننا لن نستطيع المساعدة بقدر كبير اولا لان المبالغ كبيرة جدا وثانيا لان هناك قضية التعويضات.
(الوثيقة لم تفصلها ولكن المقصود التعويضات عن تأميم الشركات البريطانية في السودان ـ «الشرق الأوسط»).
بليك اخذ الملاحظة واضاف ان معلما بارزا في وضع السودان الاقتصادي هو الانفاق الضخم وغير المبرر على الجانب العسكري.
5 ـ سألت بليك ان كان قد سمع اي شيء عن خليل عثمان، قال انه التقاه في حفل شاي اقامه رئيس قسم المصالح الاميركية وبدا فيه الرجل مقهورا وسمع بليك ان تأثيره في نقصان وان هناك ثلاث وزارات مختلفة قد اصدرت تعليماتها بعدم السماح له بدخولها. بليك لم يسمع أو قال انه لم يسمع بامور حول لونرو.
6 ـ وبما ان اللقاء قد ضم اناسا كثيرين آخرين والحديث قد غطى مواضيع مختلفة، فلم اجد فرصة لسؤال الاميركيين عن مجالات اخرى في الوضع السوداني.
ايه. جي. كريغ ادارة شمال افريقيا ـ لندن لندن: نميري لا يعرف الخطوة التالية وثيقة رقم: 39 التاريخ: 27 سبتمبر 1971 الى: ام.اس.جرين ادارة شمال افريقيا الموضوع: سياسات السودان.. الاستفتاء العام 1 ـ انتهت عمليات التصويت الآن وهناك تقارير تقول ان النتائج ستظهر يوم 5 او 6 اكتوبر بعد جمع الصناديق وفرزها. وهناك مسبقا اشارات في الصحف بأن نسبة التصويت في بعض المناطق وصلت الى 100 في المائة مع 99 في المائة فيها قالوا (نعم) لنميري، وسنعرف الارقام النهائية عاجلا، حتى في 2 اكتوبر مع اعادة فتح المدارس وجامعة الخرطوم.
2 ـ كما تعرف، سيتم تنصيب نميري كرئيس لست سنوات. حل مجلس قيادة الثورة ومن المحتمل اعلان مجلس وزراء جديد. مؤخرا ستدفع تغييرات اخرى كثيرة في الاجهزة السياسية والتشريعية والتنفيذية. اشك ان يكون نميري نفسه على علم بما سيفعله وما يمكن ان يسمح له بعمله، خاصة من قبل بعض زملائه العسكريين. رغم انه يبدو في وضع قوي في هذه اللحظة، فعليه ان يظهر عاجلا ان لحكمه محاسبة اقتصادية وسياسية للسوادن والسودانيين.
قراءة في وثائق 1971 البريطانية (22) ـ الأسد عارض التدخل العسكري السوري في الأردن خلال معارك سبتمبر ضد الفدائيين
اخرج في أقل من نصف عام سورية من عزلتها العربية والبعث من تدهور شعبيته داخليا * الأسد أقل جدية من سلفه جديد تجاه العلاقات بالمعسكر الاشتراكي
حسن ساتي
شغل مجيء الرئيس الراحل حافظ الاسد للسلطة في 13 نوفمبر (تشرين الثاني) 1970 الحكومة البريطانية، ولم يكن الانشغال فقط من جهة التقييم لنظامه كما توضح هاتان الوثيقتان في هذه الحلقة، وانما افند للبحث في طبيعة شخصية الاسد، كما ستوضح الحلقات القادمة، خاصة في ضوء عدم وجود تمثيل دبلوماسي لبريطانيا في دمشق، وهو عين الواقع الذي دفع لندن للهاث بين هولندا وفرنسا وقبرص بحثا عن صورة او تشخيص لقائد عربي جديد جاء في ظرف دقيق هو عام 1970 وبعد اقل من شهرين على رحيل الرئيس المصري جمال عبد الناصر التي جاءت ضمن الدقائق السرية البريطانية لعام 1971 المفرج عنها حديثا جديد الوثيقة الاولى معارضة الاسد قبل الانقلاب للتدخل العسكري السوري في الاردن ابان مذابح سبتمبر (ايلول) بين الاردنيين والفدائيين، وتحمله بعد وصوله للحكم عبء اخراج سورية من عزلتها العربية واخراج حزب البعث ذاته من عزلته وعدم شعبيته داخليا، وقد نجح في الهدفين كما تقطع بذلك الوثيقة.
* وثيقة رقم: 71/313
* التاريخ: 8 ابريل (نيسان) 1971
* الى: وزارة الخارجية من سفارة الملكة، بيروت.
* الموضوع: التقرير السنوي عن سورية 1970 «سري» 1 ـ عام 1970 كان حافلا في سورية، وبخاصة المناقشات بين قادة حزب البعث وقد نمت على خلفية ضغوط الاحداث التي كرسها تواصل الصراع العربي ـ الاسرائيلي ومشكلة العلاقات بين الدول العربية وحركة الفدائيين. وفي النهاية لم يتوفر الحفاظ على المساومة الصعبة بين (الجناح المدني) في البعث بقيادة صلاح جديد و(الجناح العسكري) بقيادة حافظ الاسد، مما ادى الى استيلاء الاخير على السلطة في انقلاب غير دموي.
2 ـ السنة بدأت بعرض الحكومة السورية وباشباع لفشل القمة العربية في الرباط في ديسمبر (كانون الاول) 1969. اتاح فشل القمة في وضع أي استراتيجية عربية متفق عليها للسوريين طرح عقيدتهم الخاصة لجهة دعم الفدائيين ومعارضة تسوية سلمية للصراع العربي ـ الاسرائيلي وفق القرار 242. في المقابل فجرت المواجهة الرئيسية للفدائيين في عمان في يونيو (حزيران) ومعها قبول القاهرة لمقترحات روجرز في يوليو (تموز) حملات الصحافة السورية المتشددة ضد الامبريالية الاميركية والصهيونية وردود الفعل العربية.
3 ـ وصل دعم الفدائيين الى ذروته بقرار التدخل العسكري لصالح الفدائيين في حرب الاردن الاهلية في سبتمبر. والسوريون، والذين اظهروا انفسهم كقوة فدائية، وانكروا رسميا انهم تدخلوا، تعرضوا لضربات قاصمة من الجيش الاردني واضطروا للانسحاب مع خسارة كبيرة بعد 48 ساعة. كنتيجة لقرار التدخل الخاطئ، اصبحت الانقسامات بين قيادة حزب البعث غير قابلة للعلاج.
4 ـ الصراع حول الزعامة والتفوق بين جناحي الاسد وجديد في البعث السوري بدأ بالتركيز على قضيتين أساسيتين، هما; اولا: عزلة سورية داخل العالم العربي، وثانيا: عزلة وعدم شعبية البعث داخل سورية. فالرفض السوري للتسوية السلمية ادخل السوريين في خلافات مع مصر والاردن، فيما سمحت الخلافات العقائدية والخلاف حول فشل الجبهة الشرقية، العلاقات مع العراق، دعك عن وصول العلاقات مع السعودية لمرحلة اكثر سوءا بعد حادث تدمير بلدوزر للتابلاين (خط انابيب النفط) في مايو (ايار) رفض السوريون السماح باصلاحه، واضاف هذا مصدرا اضافيا من الحساسية للاردنيين واللبنانيين.
العلاقات مع لبنان سيئة، وليست هناك علاقات في الاصل مع تونس والمغرب.
5 ـ على صعيد الداخل، خلق نظام البعث مناخا من القهر. عوامل عديدة تضافرت لخلق مناخ من الاحباط والقلق، بينها، الاعتقالات الاعتباطية للمشتبه فيهم سياسيا، والمراسيم السياسية الكثيرة وجميعها قهرية. والضوابط الشديدة على السفر خارج سورية، والضغط المتواصل على القطاع الخاص في كل المستويات. المصاعب الاقتصادية الناتجة عن الانتاج الفقير وميزانية الدفاع الضخمة.
6 ـ مع مثل هذه الظروف، يبدو ان مواجهة كبرى بين قادة البعث لا مفر منها، وهناك التدخل السوري في الاردن خلال احداث سبتمبر، والمعتقد السائد ان الاسد عارضه منذ الوهلة الاولى، وكلا الامرين; المواجهة، وموقف الاسد، اوصلا الامور الى عمق جديد. اول اشارات الازمة جاءت من الاستقالة الواضحة للدكتور الاتاسي رئيس الدولة في 19 اكتوبر (تشرين الاول)، ليجيء بعدها المؤتمر الطارئ للقيادة القومية للبعث السوري والتي كسب فيها جناح جديد نصرا قصير العمر، لأن حافظ الاسد ومصطفى طلاس استوليا على السلطة في 13 نوفمبر بانقلاب غير دموي. ولكن جناح جديد نجح في استعادة السيطرة السياسية داخل قيادة البعث، ولكن، لا هذه السيطرة، ولا محاولاتهم بناء الصاعقة والجيش الشعبي كوزن مضاد لموقع الاسد القوي داخل الجيش، قد نجحا في النهاية او اظهرا اثرا كافيا. ويتماشى هذا الناتج مع مسار احداث التاريخ السوري الاخير. حيث تكون السيطرة على القوات المسلحة عاملا حاسما في الصراع على السلطة.
7 ـ تأسست في 17 نوفمبر قيادة سورية مؤقتة للبعث، وقد اصدرت على الفور وثيقة سياسات شكلت قواعد نشاط النظام الجديد.
8 ـ على صعيد الداخل، اعد النظام رؤية لتأسيس جبهة وطنية تحت قيادة البعث وتكوين مجلس شعب لتكون مهمته ممارسة السلطة التشريعية واصدار دستور دائم وتغذية التنمية الاقتصادية. وقد احرز سلفا بعض التقدم في هذه الاتجاهات مع نهاية فبراير (شباط) 1971. ضمت حكومة الـ26 الجديدة التي شكلت في 20 نوفمبر 1970، بالاضافة الى عناصر البعث القوية والتي لا مفر منها، اثنين من الشيوعيين، بالاضافة الى موالين للاتحاد الاشتراكي العربي المصري، والاتحاديين الاشتراكيين (فصيل مساند للقاهرة من البعثيين المنشقين سابقا). والاشتراكيين العرب (حزب القائد الاشتراكي السوري القديم اكرم حوراني) وبعض المستقلين. شكل مجلس الشعب في فبراير 1971، وكان النظام قد اتخذ عددا من الاجراءات في ذلك الوقت موجهة لتحرير النظام الامني الداخلي، الى حد ما، الى جانب اعلان تخفيضات في السلع الاستهلاكية الاساسية، ورفع العلاوات الاسرية، كما اجيزت خطة خمسية اقتصادية في يناير (كانون الثاني) 1971.
9 ـ اعلن النظام سياسة تقوية الوحدة مع الدول العربية التقدمية، وقد احرزت ثمارا سريعة، فانضمت سورية الى اتحاد الجمهوريات العربية مع نهاية نوفمبر، اي الى مصر والسودان وليبيا. تحسنت في المقابل العلاقات مع الدول العربية الاخرى، وبخاصة تلك التي مع السعودية ولبنان، فرفعت سورية مع نهاية ديسمبر القيود على الرحلات السعودية الاضافية وتسهيلات الترانزيت والتي كانت قد فرضت مطلع العام على خلفية احداث تابلاين، وسمحوا باصلاح الخط وناقشوا اتفاقية جديدة، واعيدت العلاقات الدبلوماسية مع المغرب وتونس مطلع 1971. العلاقات مع العراق ظلت متوترة. اما بالنسبة للفدائيين، وكما هو مفهوم، فالاهتمام الاول للنظام الجديد هو تطهير قوات الصاعقة من عناصرها الموالية لجديد، في مقابل، وفي اطار اوسع، مواصلة اظهار المساعدة للحركة الفلسطينية.
10 ـ استمر خطر العون والوجود السوفياتي خلال عام 1970 في المجالين الاقتصادي والعسكري في التمدد، رغم ان الاسد، مسموع عنه، انه اقل حزنا من جديد على علاقة خاصة مع اوروبا الشرقية. هناك ابتعاد واضح من الكتلة الشيوعية منذ استيلائه على السلطة.
11 و12 ـ (عن العلاقات الخارجية والوضع الاقتصادي الداخلي، ولا جديد في الطرح.. الشرق الاوسط).
13 ـ بدت سورية مع بداية عام 1971 وهي تتحرك من دورها القديم كمتمرد او خارج دخل العالم العربي، في مقابل اكتساب النظام داخليا بعض الشعبية، ولكن، وبالرغم من اظهار سورية بقيادة حافظ الاسد لدرجة اعظم من الثقة والواقعية، فمن الصعب تقييم طبيعة هذا التغيير وما اذا كان جوهريا، ام هو مجرد اسلوب. فالسوريون مواظبون على رفضهم العام لأي بحث عن تسوية سلمية لنزاع الشرق الأوسط (ايا كانت تأكيداتهم الخاصة للمصريين بعكس ذلك). وهم يواصلون مساندة الفدائيين. على صعيد الداخل، ثمة محاولة لاستقطاب تعاطف ودعم المجموعات غير البعثية، ولكن المصدر الاساسي للسلطة السياسية يظل لفصيل البعث بقيادة الاسد. وفوق كل ذلك، فاهتمام الاسد الرئيسي ظل تعزيز قبضته سياسيا. ورغم ان اصلاح بعض الدمار الذي سببه فصيل جديد سواء على صورة سورية العالمية او الوضع الداخلي للبعث قد ساعدا الاسد بوضوح في مهمته، الا ان عليه التحرك ببعض الحذر. ستكون هناك حاجة للوقت من اجل تطهير الادارة والهيكلية الحزبية لجديد، في مقابل المخاطر التي سيحملها تغيير جذري في الاتجاه السياسي من جانب الاسد على هذه العملية. ومع ذلك، فالتغيير الاكثر اهمية بسورية تحت قيادة الاسد، وهو الاكثر تشجيعا ايضا، هو ان سورية تبدو الآن اكثر اهتماما بخلق الصداقات من ميلها للعداوات مع اظهار نزوع اقل في ان تتسم بكلماتها الخاصة. وهو هذا الفرق في التوجه الذي من المأمول ان يجر سورية في الوقت المناسب لاتجاه اكثر واقعية وبراجماتية تجاه مشاكل الشرق الأوسط ويتيح الفرصة لبعض التذويب في علاقات سورية بالغرب.
ادريان سندال ـ بيروت
* وثيقة رقم: 3
* التاريخ: 30 ابريل 1971
* الى: ايه. جي. ايدن 1 ـ اكتب لك في غياب ريتشارد ايفانز في جولة بالشرق الأوسط، اجابة على خطابك بتاريخ 8 ابريل والذي ضمنته مسحا لسورية في 1970، اعده ادريان سندال.
2 ـ وجدنا في التقرير عرضا ممتازا ومفيدا جدا. ونتفق مع الاستنتاج العام في الفقرة 13 حول استحالة التنبؤ بما اذا كانت التغييرات التي اجراها الاسد في سورية تغييرات جوهرية ام مجرد اسلوب. وربما يتضح ذلك اكثر حينما يشعر الاسد ان موقعه قد ترسخ. في المقابل، فان عدم وجود رد فعل مضاد لانتخابه رئيسا يصب في خانة ترسيخ الموقع والثقة الشخصية.
3 ـ نعتقد ان التقرير بشكله الحالي طويل على الطباعة، ولذلك لجأنا الى اختصاره (دون ان نخصيه بالطبع)، وسنعطي المختصر منه توزيعا واسعا.
قراءة في وثائق 1971 البريطانية (23) ـ لندن تحاول تكوين صورة عن حافظ الأسد من فرنسا وهولندا وقبرص لغياب التمثيل الدبلوماسي
باريس: الأسد صفقة جيدة * نيقوسيا: براجماتي يشبه ناصر في سنواته الاولى * هولندا: يواصل اعتماده على القوات المسلحة
حسن ساتي
دفع غياب التمثيل الدبلوماسي بين لندن ودمشق، بسبب حرب يونيو (حزيران) 1967، الاولى الى محاولة تكوين صورة عن الرئيس حافظ الأسد خارج اسلوب العين المباشرة والمصادر الاصيلة، ولذلك كان اللجوء الى الهولنديين والفرنسيين والقبارصة كما توضح الوثائق السرية البريطانية في عام 1971 التي افرج عنها اخيرا.
باريس قطعت بداية بأن الرئيس الأسد صفقة جيدة خلافاً لسابقيه فيما ذهب اليساري القبرصي ليساراديس الى تشبيه الأسد بعبد الناصر في سنوات حكمه الاولى، والهولنديون توجسوا من وجود عناصر معارضة داخل المؤسسة العسكرية، في حين قالوا ان الجنرال طلاس بقي على علاقاته الطيبة مع الرئيس الأسد بعد انقلاب 13 نوفمبر (تشرين الثاني) 1970 الذي قاداه معاً.
وثيقة رقم: 49 التاريخ: 27 نوفمبر 1971 الى: السيدة في. ايه. بيكيت ـ وزارة الخارجية 1 ـ اخبرني زميل في السفارة الهولندية بسرية كاملة، على الا ابوح بذلك، بالملخص الآتي لتقارير اخيرة من رجالهم في دمشق، وفيها ما يثير الاهتمام.
2 ـ استنتج الهولنديون ان قاعدة سلطة الأسد لا تزال ضيقة، وان التأييد الشعبي له كما هو وعلى حجم العام الماضي. وهو يواصل اعتماده على مساندة القوات المسلحة له. تبقى هناك مجموعة من السياسيين البعثيين (التقدميين) والنقابيين وبعض المسؤولين وجميعهم يساند القيادة السابقة وهم يتلقون الارشاد والتوجيه من المنفيين في بيروت. هذه الجماعات ذات تأثير كاف على الأسد بدليل اشارته اليها في خطاب علني، فيما اضطرته احيانا لتغييرات في سياسة الحكومة. الهولنديون يعتبرون ان على الاسد ان يتقارب مع سياسة تقدمية اذا كان له ان يتجنب اثارة مشاكل ملموسة من هذه الجماعات. والنظام يرجع المعارضة الداخلية لانضمام سورية لاتحاد الجمهوريات العربية المتحدة الى هذه الجماعات، والاستشهاد هنا بمنشورات سرية وزعت في دمشق ومظاهرة بإحدى المدن، وهناك المعارضة لأي تذويب للبعثية في جبهة سياسية تساير خطوط الاتحاد الاشتراكي العربي.
3 ـ الهولنديون يرون ان في القوات المسلحة مجموعة من الضباط المساندين لسياسات مماثلة لطروحات المعارضين، رغم انهم ليسوا نفس شخصيات النظام القديم. يقال ان الجنرال طلاس بقي على علاقاته الطيبة بالرئيس (رغم ان تقارير اخرى تلقيناها تشير الى العكس).
4 ـ الهولنديون يرجعون استمرار المشاكل الاقتصادية، اولاً، الى معارضة المجموعة البعثية المشار اليها في الفقرة 2 لبعض السياسات، وثانيا، الى عدم الكفاءة الحكومية يقال ان معظم الوزراء تم تعيينهم على خلفية ولائهم للأسد، وليس لأن لديهم اي مؤهلات للوظيفة.
5 ـ هذا التقرير يساير انطباعنا العام بأن الأسد يواجه معارضة علنيةصغيرة بوسعه التغلب عليها، ولكن عليه ان يتحرك بحذر تجاه تطوير سياسات جديدة حتى لا يعزل او يقلق اعضاء حزب البعث الذين يحتاج لدعمهم. وربما يكون عدم تقديم صلاح جديد والاعضاء الآخرين من القيادة القديمة، والمحتجزين الآن في دمشق، للمحاكمة، امر يستحق النظر، خاصة في ضوء اشارات صحافية بين الحين والآخر بأن التهم ضدهم قد اعدت.
6 ـ قضى الرئيس الأسد الاسبوع الماضي (في تقليد للسادات) في جولات على القواعد العسكرية السورية مطالباً بالاستعداد للمعركة. اشارت صحيفة الثورة الحكومية عدد 24 نوفمبر الى تقارير تفيد بحشود اسرائيلية على طول خطوط وقف اطلاق النار، وطالبت العرب بتحريك كل مواردهم وقدراتهم تجاه معركة وشيكة. اذا كانت نغمة الميل للقتال هذه شبيهة بذكريات مايو (ايار) 1967، فان ذلك يعني ان السوريين لا يريدون الظهور بشاكلة السادات في الازعاج المقارب للحرب، اي انهم، السوريين، ليسوا قلقين من اثارة حرب جديدة.
الان. اف. جولتي السفارة البريطانية ـ نيقوسيا (قبرص) وثيقة رقم: 48 التاريخ: 5 اكتوبر (تشرين الاول) 1971 الى: السيدة في. بيكيت 1 ـ كما تعلمين فقد زار ليبكويسكي (وزير الدولة بالخارجية الفرنسية) بصحبة ام دي لويس (مدير الادارة الافريقية) سورية في الشهر الماضي. اغتنمت الفرصة للتحدث الى ام راويلون (المدير المعني بالشرق الاوسط) للسؤال عن انطباعاتهم.
2 ـ ليس لديه الكثير الذي يقال. لم يجدوا الحصول على صورة عامة لما يجري بالأمر السهل، لأن اتصالات فرنسا بسورية في الوقت الحالي ليست لصيقة، ومع ذلك، فقد خرجوا بانطباع بأن الرئيس الأسد صفقة جيدة، ويمسك بزمام الامور كرئيس للدولة اكثر من معظم سابقيه منذ الحرب. والمرء ميال للنظر في الاركان بحثاً عن انقلاب آخر في بلد يملك تاريخاً من الانقلابات، ومع ذلك، وفي هذه المناسبة، فلا يوجد مؤشر بأن الأسد يواجه خطراً ماثلاً. وهو يملك سمعة بأنه معتدل ويتبع خطاً اكثر مرونة سواء على صعيد قضية الشرق الاوسط او الشؤون الداخلية، واتجاهه ان يبقى على ذلك الخط، ولذلك، فليس هناك، وفي هذا الوقت على الاقل مركز للمعارضة. للزوار الفرنسيين ايضا انطباع بأن الاسد ربما يريد شخصيا اعطاء اشارات بقبول حكومته للقرار 242 وامكانية تسوية تفاوضية مبنية عليه. ولكن هذا التوجه لن يكون مقبولاً في الادارة السورية بشكل عام، والرئيس ليس على عجلة لتغيير السياسات التي ورثها.
3 ـ قال ليبكويسكي، في تقريره لمجلس الوزراء بعد عودته، انه وجد ان الثقافة الفرنسية في سورية اصبحت غامضة الى حد ما، ولكنه لاحظ انها، وفي الوقت الحاضر، تعيش بعض الابتعاث، ولذلك، فهو يأمل في امكانية تجديد العلاقات الاقتصادية والثقافية بين سورية وفرنسا.
جي. تي. سبريكلي السفارة البريطانية ـ باريس وثيقة رقم: 26 التاريخ: 15 ابريل (نيسان) 1971 الى: اس. اجيرتون. ادارة الشرق الأدنى الموضوع: سورية 1 ـ تحادثت مطولاً مع الدكتور فاسوس ليساراديس الطبيب الخاص للأسقف ماكاريوس الحاكم الفعلي في حركة اليسار القبرصي، والذي عاد لتوه من زيارة الى سورية ومن موقعه كرئيس للرابطة العربية القبرصية. وهو يعرف سورية جيداً، ولكن هذه هي زيارته الاولى لها مع هذا النظام.
2 ـ حصل على مقابلة لساعتين مع الرئيس الجديد والذي لم يحدث له ان قابله قبل ذلك. وصفه، مقارنة بالرؤساء السوريين السابقين، بأنه براجماتي، وغير راغب نسبياً في العقائدية، وهو يقارنه في هذا الاتجاه بجمال عبد الناصر في سنوات حكمه الاولى. وهو يعتقد ان سياساته المستقبلية، اي الأسد، ستتأثر كثيرا جدا بالشخصيات التي تحيط به. وقد تحفز لمثل هذه الآراء برؤية السفير السوري محمد عقاد هنا في نيقوسيا ووجده مشابه للأسد حيث انه يعتبر عقاد رجلاً معتدلاً وحكيماً وكثيراً ما وجد الامور امامه صعبة مع النظام السابق.
3 ـ يعتقد ان سياسة النظام السوري الجديد الخارجية ستكون اكثر اعتدالاً من الأنظمة التي سبقته، وقد تكون هناك نوايا لاعادة العلاقات الدبلوماسية مع بريطانيا. وقد فهم من محادثته مع الاسد ان الاخير يشاركه الرأي بأنه لم يعد هناك خطر حقيقي بأن تستخدم بريطانيا قواعدها في قبرص ضد العرب (الدكتور ليساراديس وحزبه يتخذان في العلن خطاً ضد القواعد ولكنه يعترف انها لم تعد تشكل في الحقيقة خطراً).
4 ـ قلت له ان (الرسالة المنشورة للشعب القبرصي) التي حملها ليساراديس من سورية اشارت الى ضرورة تحرير (الاراضي العربية) دون ان تخصص بالقول كل الاراضي العربية. وسألت عما اذا كانت الحكومة الجديدة قد قررت الطريقة التي ستتعامل بها مع قضية قرار مجلس الأمن. قال انهم لم يقرروا بعد، ولكن، في الغالب، سيتجهون للتحالف مع الحكومات العربية الاخرى اكثر من اتباعهم سياسات متطرفة مثل سابقيهم.
ومن الطبيعي انهم سيواصلون الاصرار على عودة مرتفعات الجولان، ولكنهم قد لا يتدخلون اذا كان للأردن ان يصل الى اتفاقية بمساومة حول موضوع القدس.
4 ـ قد تكون راغباً في تقرير غير مؤكد من مصادر دبلوماسية في سورية بأن عناصر صلاح جديد قد شاركت في اطلاق نار. في نهاية ابريل. قد يشير ذلك، اذا كانت هناك اية حقيقة في هذا التقرير المبهم، الى ان قبضة الأسد ليست بالأحادية التي يريد لها ان تظهر بها.
قراءة في وثائق 1971 البريطانية (24) ـ جدل في لندن حول شكل العلاقات مع سورية
تساؤلات في بريطانيا حول من يخطو الخطوة الأولى لإصلاح العلاقة
حسن ساتي
مكاتبات شيقة تحملها هذه الحلقة المخصصة لجدل بين الدبلوماسيين البريطانيين في قبرص والاردن حول جدوى اعادة العلاقات الدبلوماسية بين لندن ودمشق، وبين رؤسائهم في لندن، وهم هنا وكما في الحلقتين السابقتين يواصلون بحثهم عن تشكيل صورة للرئيس السوري الراحل حافظ الاسد.
جديد هذه الحلقة، تأكدهم من حكمة الأسد، في مقابل تشكيك فرنسي في استقرار المشهد السياسي السوري، وحصولهم على صورة للاسد نقلا عن ليساراديس عراب اليسار القبرصي، تقول ان الاسد نظر تجاه علاقات افضل مع الدول الغربية ولكنه ظل على شكوكه تجاه الاميركيين.
وثيقة رقم: 34 التاريخ: 5 يوليو 1971 الى: السيدة في. بيكيت الموضوع: سورية 1 ـ اشكرك على رسالتك nes 1/1 بتاريخ 19 ابريل (نيسان). حصلت اليوم على محادثة اخرى مطولة مع دكتور ليساراديس، قضيت معظمها في الشؤون القبرصية، اغتنمت الفرصة لأسأل عن التطورات في سورية، حيث ان الرجل عاد لتوه من دمشق بعد ان شارك في اجتماعات اللجنة التنفيذية لمؤتمر التضامن الافريقي ـ الآسيوي 23 ـ 24 يونيو (حزيران)، وحيث تسربت المعلومات بحصوله على حديث مطول مع الرئيس الاسد.
2 ـ اشار بداية الى ان قرار عقد المؤتمر الخامس للمنظمة بالقاهرة اواخر هذا العام، معلم بارز لأنهم وبانسحاب الصين، واجهوا صعوبة ايجاد مكان مناسب للمؤتمر. كانت الجزائر مرشحة، ولكن الحكومة الجزائرية وضعت بعض العراقيل. القاهرة كانت اخيرا مستحيلة، ولكنه ارجع قبولها بعقد المؤتمر الآن الى تغيير في السياسة من قبل الحكومة المصرية.
3 ـ على صعيد الشؤون السورية، فمن الواضح انه لا يملك الكثير الذي يضيفه لما احاطني به في 1 ابريل. أكد انطباعه بأن الاسد قائد وطني ناضج وحكيم.
سمح للاحزاب السياسية بالعمل مرة اخرى (بما في ذلك الحزب الشيوعي) الموالي للسوفيات والذي لم يجد له مكانا مع تطرف النظام السابق. علاقات الحكومة الآن مع فرنسا جيدة. وهو يعتقد ان الاسد سينظر تجاه علاقات افضل مع الدول الغربية الاخرى رغم انه ظل على شكوكه تجاه الاميركيين. على وجه التحديد، الاسد الآن من القوة بمكان لاتخاذ مبادرة لتحسين العلاقات مع بريطانيا.
4 ـ كنت حريصا على ايضاح ان المبادرة يجب ان تأتي من جانبه (خطابك المشار اليه) ليساراديس استبعد ذلك جانبا وقال انه يفهم جيدا الوضع الرسمي، ولكن اذا رغب الجانبان في حوار، فان من السهل ايجاد طريق تنطلق منه البداية.
آر. مايلز السفارة البريطانية ـ نيقوسيا وثيقة رقم: 96 التاريخ: غير واضح الى: ايجيرتون وايفانز، وزارة الخارجية الموضوع: سورية 1 ـ مسودة الرد على خطاب شامبيون لايفانز بتاريخ 9 سبتمبر 2 ـ اعتقد ان هناك عدة اسباب ردا على، لماذا يتحتم علينا اعادة العلاقات مع سورية. ومن الافضل جدا اذا كان من الممكن دفعهم (هل بالفرنسيين.. ام بالمصريين..؟) لاتخاذ الخطوة الاولى. ولكن، ومع الاحترام، يبدو لي ان علينا ان نسأل انفسنا، ما اذا كان التقدم نحو السوريين من عدمه يستحق النظر، لان اعادة العلاقات الدبلوماسية لا تعتمد بالتأكيد على من يتخذ الخطوة الاولى.
3 ـ وعلى اية حال. دعونا نأخذ زاوية اردنية صرفة. فسورية تقع عبر الارض الاردنية ووصولها الجوي للشمال والغرب. وهي اي سورية تغلق الاثنين حاليا. واذا كان لنا، كما ظل ذل هو حالنا، ان نعتبر حياة النظام الهاشمي في الاردن مصلحة بريطانية وغربية، واذا كنا، وكما هو حالنا ايضا، لا نستطيع المساهمة في ذلك الهدف بتقديم مساعدات مالية مؤثرة، فعلينا بالتأكيد، وعلى الاردنيين، وعلى الاقل، ان نكون في وضع يمكننا من عرض الاعتدال على السوريين.
ونشير هنا الى اننا، وفيما بعد تنامي التوتر على الحدود الاردنية ـ السورية، وجدنا انفسنا نمارس نصح الاردنيين بضبط النفس منعا لانفجار عدوان تكون له تبعات خطيرة. ونتساءل: الن تكون ممارسة تأثيرنا بضبط النفس على الملك حسين اعظم اذا استطعنا ايضا ممارسته (وان بتأثير اقل) على الجانب الآخر.
دي. جوربوث ادارة الشرق الأدنى حاشية ـ 1: على الوثيقة تعليق بخط اليد يقرأ: نظام الاسد في سورية تماشى كليا مع التيار العام للسياسات العربية في ابريل 1971 حين اعلن عن نيته الانضمام لاتحاد الجمهوريات العربية.
حاشية ـ 2: وتعليق بخط يد مغاير، يرد على مقترح من يتخذ الخطوة الاولى في اعادة العلاقات الدبلوماسية ويقرأ: من وجهة نظري لا. وارى ايضا قوة اخلاقية في هذا الجدل، بمعنى، ان على الذين سلكوا سلوكا خاطئا ان يتخذوا الخطوة الاولى. (يقصد هنا سورية، الشرق الأوسط).
وثيقة رقم: 45 التاريخ: 9 سبتمبر 1971 الى: آر. ايفانز، ادارة الشرق الأدنى الموضوع: سورية 1 ـ عبر السفير الفرنسي هنا في محادثة مع عضو في بعثتنا عن قلقه تجاه طاقة سورية للتعامل مع مشكلة الفدائيين التي اصبحت عبئا عليها باستئصال الفدائيين من الاردن.
في الوقت الحالي، اصبحت المنظمات الفدائية في سورية، بروابطها مع صلاح جديد والاتاسي، جزءا متكاملا في المشهد السياسي السوري اكثر مما كان عليه حال الفلسطينيين في الاردن يوما ما. ميريلون لم يتقبل عدم اعادة حكومة الملكة لعلاقاتها الدبلوماسية مع دمشق، واعتبر ان الوجود الغربي بأعلى حجم مطلوب بصورة قصوى في سورية لتأكيد الاستقرار. ظل الاردن في قلب مشكلة الشرق الوسط في 1970 ـ 1971، ولكن مصدر الصوت تحرك الآن الى سورية. وهو يعتقد ان اللبنانيين، بطريق او بآخر، سيفحصون مشاكلهم في ضوء مصالحهم التجارية المتعاظمة، ولكن، وفي المقابل، فمن غير المؤكد ان السوريين سيستطيعون القيام بنفس الشيء.
2 ـ لا أدري ان كانت اشارة ميريلون تذهب الى ان نأخذ المبادرة في اعادة العلاقات الدبلوماسية مع سورية، او انها تعكس تفكيرا في الخارجية الفرنسية. وعلى اية حال، ورغم اننا متشكرون حقا للصورة الداخلية لسورية والتي تسلمناها من بيروت، الا ان احداث الاسابيع الاخيرة تؤكد المزايا وراء اعادة تأسيس اتصال مباشر مع السوريين. ولا احتاج هنا للتفسير، فالنقطة واضحة.
3 ـ تحققت من اننا اخذنا وجهة نظر بأن الامر يعود للسوريين وان عليهم اتخاذ الخطوة الاولى في اعادة العلاقات، ولكن، واذا تمت الموافقة، بأن الامر الآن ايجابي لمصالحنا بأن يكون لنا تمثيل في دمشق، فعليه، اقترح ان علينا، وعلى الاقل، ان نضع في الاعتبار ان نتخذ نحن مبادرة عاقلة. وعلى سبيل المثال، بالقاء اشارة للسوريين، ربما عبر الفرنسيين، بأننا سنرحب باعادة فتح العلاقات الدبلوماسية.