بحلول منتصف التسعينات من القرن الماضي أضحت تكنولوجيا الصواريخ التي طورها الإنسان
قادرة على أن تصل به إلى مكان لم يكن بمقدوره بلوغه حتى بشق الأنفس.
إذ تمكن من الوصول إلى سطح القمر، كما وصلت مؤخراً مركبات فضائية من صنعه إلى حدود نظامنا الشمسي.
ولكن كيف تعمل هذه الصواريخ وما هي مكوناتها؟ المقال التالي كفيل بالإجابة عن هذا السؤال…
محرك أحد الصواريخ
عندما يتناقل إلى مسامعنا كلمة “صاروخ” ترتسم في الأذهان وعلى الفور صورة لشيء أسطواني الشكل ذي رأس مدبب وقامة طويلة وممشوقة.
كيف يعمل محرك الصاروخ؟
شأنه شأن الغالبية العظمى من المحركات الصاروخية، فإن محرك الصاروخ يحرق الوقود ومن ثم يحوله إلى غاز يتسم بدرجة حرارة عالية جداً والذي بدوره ينطلق من فوهة في مؤخرة المحرك فيتسبب في دفع الصاروخ إلى الأمام (أي بالاتجاه المعاكس لجهة الغاز).
غير أن المحرك الصاروخي يختلف عن ذلك النفاث. إذ إن الصاروخ يحمل وقوده والمواد المساعدة على حرق الوقود (أكسجين ومؤكسدات أخرى) التي يحتاجها معه، وذلك بعكس المركبات التي تعمل بالمحرك النفاث، حيث تحصل هذه الأخيرة على الأكسجين من الهواء المحيط بالمركبة. ومن هنا، فإن المحرك الصاروخي يعمل بالفضاء على عكس شقيقه النفاث. ولذلك يستخدم في رحلات استكشاف الفضاء .
ولعل مبدأ عمل الصاروخ يعتمد على قانون نيوتن الثالث الذي مفاده أن ّ “لكل فعل رد فعل يماثله بالقوة ويعاكسه بالاتجاه”. ولا يخفى على أحد تلك الكمية الهائلة من الغازات التي تنبعث من الصاروخ والتي بدورها تدفع الصاروخ بالاتجاه المعاكس. ولعل الكثير من الظواهر التي نشهدها يومياً تعتمد في تفسيرها على هذا القانون. فعلى سبيل المثال، إذا قام أحد هواة لوح التزلج برمي كرة من على لوحه، فستنطلق الكرة باتجاه مغاير تماماً لاتجاهه، مع الإشارة إلى أن سرعة انطلاق الجسمين تتعلّق بكتلتيهما. وهذا الأمر ينطبق، أيضاً، على الأسلحة النارية؛ إذ تعتمد هذه الأخيرة على المبدأ نفسه في آلية إعادة التلقيم أثناء إطلاق النار منها.
أنواع المحركات الصاروخية
يأتي المحرك الصاروخي عادة في هيئتين اثنتين، حيث يعمل في الأولى بالوقود السائل كالهيدروجين السائل أو الكيروسين. بينما يعمل في الثانية بالوقود الصلب كنوع خاص من البارود. وقد شهد هذا النوع الأخير تطوراً لافتاً بحيث بات يشمل العديد من المواد الأخرى، بالإضافة إلى وجود مادة أو مجموعة مواد مؤكسدة في كلا النوعين كالأكسجين السائل للنوع الأول ونترات البوتاسيوم للنوع الثاني.
ماذا عن الأداء؟
من ناحية الأداء فإن الوقود السائل يعد أكثر كفاءة ورفقاً بالبيئة من الوقود الصلب، إلا أن تخزينه ينطوي على الكثير من الصعاب. كما يتميز بتكلفته العالية، وذلك مقارنة بالوقود الصلب. وعلى سبيل المثال فإن المحركات الأساسية لمكوك الفضاء تعمل بالوقود السائل، كما هو الحال مع صاروخ سويوز الروسي. أما الصواريخ الداعمة لمكوك الفضاء والتي نراها عادة تصطف على جانبيه فهي تعمل بالوقود الصلب، إلا أن محركات مكوك الفضاء نفسه تعمل بالوقود السائل.
يشار إلى أن الألعاب النارية، أيضاً، تستخدم الوقود الصلب.
متى تم اختراع الصاروخ؟
لا ريب في أن المرء سينتابه الذهول لدى معرفته بأن تاريخ الصاروخ يعود إلى القرن الثالث عشر، حيث استخدمه الصينيون في ذلك الوقت، ومن بعدهم العرب في بعض الحروب. ولقد كانت تلك الصواريخ الأولية التي تعمل بالوقود الصلب تستخدم في الألعاب النارية، كما تم استخدامها، أيضاً، من قبل الجيوش في الحروب آنذاك. وقد شهدت القرون التي تلت ذلك تطوراً لافتاً في صناعة الصواريخ وفي تحسين كفاءة مختلف أنواع الوقود الذي تعمل به هذه الصواريخ، الأمر الذي أفضى إلى صناعة صواريخ بأحجام كبيرة وأهداف متعددة. وفي عام 1969 أرسلت الولايات المتحدة الأمريكية أول رجل إلى القمر باستخدام صاروخ ساتورن 5.
صاروخ ساتورن 5
كيف تعمل الصواريخ الباليستية العابرة للقارات؟
كيف تحلق الصواريخ الباليستية العابرة للقارات - بما فيها صاروخ كوريا الشمالية الذي جرى إطلاقه في 28 نوفمبر الماضي- ليطير أعلى بعشر مرات من ارتفاع محطة
www.alarabiya.net