تاملات في قصة نبي الله داوود وابنه الصغير سليمان في القرآن الكريم

ابو مهند الزهراني

صقور الدفاع
إنضم
8 يونيو 2015
المشاركات
20,956
التفاعل
71,890 1,269 4
الدولة
Saudi Arabia

تاملات في قصة نبي الله داوود وابنه الصغير سليمان في القرآن الكريم

قال الله تعالى:

( وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُودَ وَقَالَ يَا أَيُّهَا النَّاسُ عُلِّمْنَا مَنطِقَ الطَّيْرِ
وَأُوتِينَا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْفَضْلُ الْمُبِينُ )


أي ورثه في النبوة والملك

وليس المراد ورثه في المال
لأن النبي دَاوُودَ عليه السلام قد كان له بنون غيره
فما كان ليخص بالمال دونهم

ولأنه قد ثبت في الصحاح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:

( لا نورث ما تركنا فهو صدقة) وفي لفظة:
( نحن معاشر الأنبياء لا نورث )

فأخبر الصادق المصدوق أن الأنبياء لا تورث أموالهم عنهم كما يورث غيرهم
بل تكون أموالهم صدقة من بعدهم على الفقراء
لا يخصون بها أقربائهم
لأن الدنيا كانت أهون عليهم
وأحقر عندهم من ذلك
كما هي عند الذي أرسلهم واصطفاهم وفضلهم


علم لغة الطيور
قال تعالى:
( يَا أَيُّهَا النَّاسُ عُلِّمْنَا مَنطِقَ الطَّيْرِ وَأُوتِينَا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ)

يعني أنه عليه السلام كان يعرف ما يتخاطب به الطيور
بلغاتها ويعبر للناس عن مقاصدها وإرادتها.


ذكاء سليمان عليه السلام منذ الصغر
في أحد الايام عندما كان سليمان مع والده داود عليهما السلام
جائهما رجلان يطلبان النظر في قضيتهما
حيث إنّ أحدهما كان يملك أرضاً فيها زرع
والآخر راعياً للغنم
وقد دخل الغنم الأرض ليلاً، وأفسد ما فيها من زرع
فحكم داود لصاحب الأرض بالغنم
تعويضاً عن الخسائر
بعد أن تأكّد من صحة القصة من الراعي.

لكنّ سليمان كان له رأي آخر استأذن والده به

وكان حكمه بأن يأخذ صاحب الغنم الأرض ليصلحها
ويأخذ صاحب الأرض الغنم لينتفع بلبنها وصوفها
فإذا ما انتهى صاحب الغنم من إصلاح الأرض
أخذ غنمه، وأخذ صاحب الحديقة حديقته

يقول تعالى

( وَدَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ إِذْ يَحْكُمَانِ فِي الْحَرْثِ إِذْ نَفَشَتْ

فِيهِ غَنَمُ الْقَوْمِ وَكُنَّا لِحُكْمِهِمْ شَاهِدِينَ (78)
فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ وَكُلًّا آَتَيْنَا حُكْمًا وَعِلْمًا
وَسَخَّرْنَا مَعَ دَاوُودَ الْجِبَالَ يُسَبِّحْنَ وَالطَّيْرَ

وَكُنَّا فَاعِلِينَ (79) الأنبياء

هناك العديد من الروايات الإسرائيلية سواء الواردة في كتبهم
أو المنقولة عن السلف لا تخلو من تأثرها
من نظرة بني إسرائيل السلبية لأنبيائهم
فغالب الروايات الإسرائيلية تأتي محملة بلمز وغمز
للأنبياء وانتقاص من قدرهم
لا يقبلها النص القرآني
وترفضها عقيدة المسلم نحو الأنبياء
باعتبارهم المصطفون الأخيار

لم تعرض القضية على داوود منفردا
وعندما مروا على سليمان نقضه
وعلى هذا فلم يكن حكم سليمان نقضا لحكم أبيه
أو استئنافا عليه
بل نظر داوود وسليمان القضية معاً

القضية صدر فيها حكم واحد وليس حكمين
كدلالة النص
"وكنا لحكمهم"
ولم يقل وكنا لحكميهما بل هو حكم واحد

ويمكن أن نتصور أن النبيين الكريمين
قد اشتركا في نظر هذه القضية معاً
وكان لكل منهم رايه فيها
وان فهم سليمان للقضية
هو الذي ترجح عند داوود للحكم فيها

أن فهم سليمان في القضية كان أعمق
وذلك أنه أرفق بهما فكانت المسألة مما يتجاذبه دليلان فيصار إلى الترجيح

والمرجحات لا تنحصر
وقد لا تبدو للمجتهد
والله تعالى أراد أن يظهر علم سليمان عند أبيه
ليزداد سروره به
وليتعزى على من فقده من أبنائه قبل ميلاد سليمان

أن من أعظم النعم أن يري الإنسان في حياته
نجابة ولده وتميزه ورجاحة عقله
وهذا ما حدث لداوود
فلقد أراه الله نجابة ولده وحكمته في حضرته

فقرت عينه بذلك
 
عودة
أعلى