أم المؤمنين جويرية بنت الحارث رضي الله عنها

ابو مهند الزهراني

صقور الدفاع
إنضم
8 يونيو 2015
المشاركات
20,931
التفاعل
71,782 1,254 4
الدولة
Saudi Arabia
أم المؤمنين جويرية بنت الحارث رضي الله عنها

الأسم
كانت اسمها قبل زواجها برسول الله صلى الله عليه وسلم «برة بنت الحارث»
غير أن النبي صلى الله عليه وسلم غيّر اسمها إلى جويرية

و قد كانت متزوجة بابن عمها مسافع بن صفوان بن أبي الشفر الذي قتل في هذه الغزوة

القبيلة
«جويرية رضي الله عنها » من قبيلة بني المصطلق
وهي قبيلة عربية عريقة مشهورة
بنو المصطلق من قبائل خزاعة، المنحدرة من الأزد القحطانية
كانت أراضيهم على مقربة من شاطئ البحر الأحمر بين جدة ورابغ

هذه القبيلة أعدت عدتها للهجوم على المسلمين في المدينة في 5 شعبان سنة 5 وقيل 6 للهجرة
فجهزت جيشاً كاملاً لذلك، فوصل الخبر إلى النبي صلى الله عليه وسلم


سبب الغروة

هذه القبيلة من حلفاء قريش و قد اشتركت معها في معركة أحد ضد المسلمين في شوال سنة 3 من الهجرة
كانت هذه القبيلة تسيطر على الخط الرئيسي المؤدي إلى مكة بين المدينة ومكة
فكانت حاجزًا منيعًا من نفوذ المسلمين إلى مكة وتتربص بكل مهاجر او مسافر بين مكة والمدينة
بلغ النبي صلى الله عليه وسلم أن بني المصطلق يجمعون له
وكان قائدهم الحارث بن أبي ضرار ينظم جموعهم، فلما سمع بهم خرج إليهم

حتى لقيهم على ماء من مياههم يقال له: المريسيع من ناحية قديد إلى الساحل فهزمهم شر هزيمة
خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم بنفسه وانطلقوا إلى قبيلة بني المصطلق فباغتهم في ديارهم قبل خروجهم
واستطاع جيش المسلمين
أسر جميع أفراد القبيلة ما عدا سيدهم الحارث
ولم يقتل من المسلمين في هذه الغزوة إلا رجل واحد بالخطأ، وقتل من القبيلة عشرة رجال
وكان من بين هؤلاء الأسرى برّة بنت الحارث زعيم القبيلة
ووزع رسول الله صلى الله عليه وسلم الأسرى على أفراد المسلمين يديرون
شؤونهم ريثما يصلون إلى المدينة
وكانت برّة عند الصحابي ثابت بن قيس رضي الله عنه يتولى شأنها


جورية ورجاحة العقل والذكاء والفطنة

كانت برّة قد سمعت بانتشار الإسلام وتعاليمه، وما جاء به من إنصاف العبيد والمملوكين
وأن الإسلام جاء لتحريرهم دونما بخس للمماليك بالثمن أو غير ذلك
وأنه قد سنّ المكاتبة التي يستطيع المملوك من خلالها شراء حرية نفسه
وأنه كان يريد إلغاء الرق، إلى غير ذلك

فاستغلت برّة هذا القرار العظيم في الإسلام
فطلبت المكاتبة من ثابت بن قيس، وذهبت إلى النبي صلى الله عليه وسلم تخبره بطلبها للمكاتبة

وفي هذه الأثناء كان أبوها قد جاء ودخل على النبي صلى الله عليه وسلم وقال: يا محمد
ابنتي برّة بنت ملك
ولا يُسبى مثلها، وقد جئت بفدائها
لكن النبي صلى الله عليه وسلم كان قد سمع كلامها، فوجد منها ماأعجبه من رجاحة عقلها ونماء ذكائها وفطنتها
فأراد أن يفعل ما هو خير من ذلك
فكلمها، فوجد فيها الاستعداد الفطري للإسلام
فقال لأبيها:
نخيرها ونسألها هل تريد الرجوع معك؟
أم تريد أن أحررها وتسلم ؟
فجال نظرها في أخلاق المسلمين ومعاملاتهم وعيشتهم فوجدت فيه ما أعجبها فأحبته
ثم فاجأت أباها باختيار النبي صلى الله عليه وسلم
ووافقت على الزواج منه، فحررها رسول الله صلى الله عليه وسلم وغير اسمها إلى «جويرية»
فأصبح هذا الاسم المشهور لها في التاريخ، وتزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم.


سبب زواجه صلى الله عليه وسلم من جويرية

كان سبب زواجه صلى الله عليه وسلم من جويرية أنه كان يريد إطلاق كامل هذه القبيلة
ولكن دونما عداوة منهم للمسلمين
إنماكان يريد أن يكسب صداقة القبيلة
فلما تزوجها
راح المسلمون يقولون: أصهار النبي صلى الله عليه وسلم عبيد!!
فبدأ كل واحد منهم يحرر من عنده، فأطلقت القبيلة كاملة
ففوجئت هذه القبيلة وفوجئ الحارث سيدهم بذلك، فهذه المعاملة لا يعرفها العرب
أطلق المسلمون جميع الأسرى بالجملة وبدون مطالبات ولاشروط
فدخلوا كلهم في دين الله أفواجاً، فكانت جويرية سبباً في إسلامهم ودخولهم الدين العظيم.

تقول السيدة عائشة رضي الله عنها:
فما أعلم امرأة أكثر بركة على قومها من جويرية

وعاشت رضي الله عنها مع النبي صلى الله عليه وسلم ، وكانت شديدة الحب للعبادة جاء في الحديث :
أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل عليها بعد صلاة
الفجر فإذا هي تسبّح ، ثم ذهب لبعض شؤونه، وعاد إليها قبل الظهر فإذا هي على نفس حالتها
فقال لها:
«أما زلت على المجلس الذي تركتك عليه ؟ »
فقالت : نعم
قال :
« ألا أعلمك كلمات إذا قلتها كانت خيراً لك من عبادتك هذه ؟
قالت : نعم يا رسول الله
قال :
قولي :

سبحان الله وبحمده عدد خلقه ورضاء نفسه وزنة عرشه ومداد كلماته

تقولين ذلك ثلاث مرات » رواه مسلم

كانت السيدة جويرية -رضى الله عنها في العشرين من عمرها حين تزوجها النبي
وعاشت جويرية في بيت النبي صلى الله عليه وسلم
وامتّد عمرها حتى عهد معاوية بن أبى سفيان رضى الله عنه
وتوفيت رضى الله عنها- عام 56 للهجرة
وصلَّى عليها مَرْوان بن الحكم أمير المدينة
وقد بلغت سبعين سنة، وقيل توفيت سنة 50 للهجرة وعمرها 65 سنة

وقد روت -رضى الله عنها- بعضًا من أحاديث النبي.
 
غزوة بني المصطلق
12251.jpg
122540385_1422966324563848_2123409611018694130_n.jpg
في هذه الغزوة خرج مع رسول الله صلى الله عليه وسلم مجموعة من المنافقين اتباع عبد الله بن ابي بن سلول
وهنا حدثت قصة الافك في هذه الغزوة
لان رسول الله اخرج معه عائشة رضي الله عنها فحاك المنافقون ضد رسول الله هذا الافتراء الشنيع كما سنذكره إن شاء الله.


عند ماء المريسيع كشف المنافقون عن الحقد الذي يضمرونه للإسلام والمسلمين
فكلما كسب الإسلام نصرًا جديدًا ازدادوا غيظًا على غيظهم، وقلوبهم تتطلع إلى اليوم الذي يهزم فيه المسلمون لتشفى من الغل
فلما انتصر المسلمون في المريسيع سعى المنافقون إلى إثارة العصبية بين المهاجرين والأنصار

فلما أخفقت المحاولة سعوا إلى إيذاء الرسول -صلى الله عليه وسلم- في نفسه وأهل بيته، فشنوا حربًا نفسية مريرة من خلال حادثة الإفك التي اختلقوها

ولنترك الصحابي زيد بن أرقم، وهو شاهد عيان على الحادث الأول يحكي خبر ذلك قال:
(كنت في غزاة فسمعت عبدالله بن أبي يقول: لا تنفقوا على من عند رسول الله -صلى الله عليه وسلم حتى ينفضوا من حوله
ولئن رجعنا (أي: إلى المدينة المنورة)
من عنده ليخرجن الأعز منها الأذل، فذكرت ذلك لعمي فذكره للنبي -صلى الله عليه وسلم
فدعاني، فحدثته، فأرسل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلى عبدالله بن أبي وأصحابه، فحلفوا ما قالوا،
فكذبني رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وصدقه
فأصابني هم لم يصبني مثله قط، فجلست في البيت، فقال لي عمي:
ما أردت إلى أن كذّبك رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ومقتك؟
فأنـزل الله تعالى
(إذا جاءك المنافقون قالوا نشهد إنك لرسول الله والله يعلم أنك لرسوله والله يشهد إن المنافقين لكاذبون)
فبعث إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقرأ، فقال:

" إن الله قد صدقك يا زيد "
أي أن عبدالله بن أبي بن سلول قال
(والله لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل
حيث أنزل الله تعالى
(يقولون لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل).
وكان عبدالله بن أبي بن سلول يقصد بالأعزة حزبه من المنافقين

أما الأذلاء فهم بزعمه المؤمنون وأكد الله سبحانه وتعالى
أن الأعز سيخرج الأذل ولكن العزة ليست للمنافقين بل لله ولرسوله وللمؤمنين قال تعالى: (ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين).

ويحكي شاهد عيان آخر هو جابر بن عبدالله الأنصاري
ما حدث عند ماء المريسيع، وأدى إلى كلام المنافقين لإثارة العصبية وتمزيق وحدة المسلمين، قال: (كنا في غزاة فكسع (أي: ضرب بالرِجْل) رجل من المهاجرين رجلًا من الأنصار. فقال الأنصاري: يا للأنصار، وقال المهاجري: يا للمهاجرين. فسمع ذلك رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال: “ما بال دعوى الجاهلية". قالوا: يا رسول الله كسع رجل من المهاجرين رجلًا من الأنصار فقال: “دعوها فإنـها منتنه".

فسمع بذلك عبدالله بن أبي فقال: فعلوها؟ أما والله لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل، فبلغ النبي -صلى الله عليه وسلم- فقام عمر فقال: يا رسول الله دعني أضرب عنق هذا المنافق. فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: “دعه لا يتحدث الناس أن محمدًا يقتل أصحابه" البخاري (4907) ومسلم (2584/63)
وهذا من كمال خلقه -صلى الله عليه وسلم-. وقد مشى عبدالله بن أبي ابن سلول إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حين بلغه أن زيد بن أرقم قد بلغه ما سمعه منه، فحلف بالله ما قلت ما قال ولا تكلمت به، فقال من حضر رسول الله من الأنصار من أصحابه: يا رسول الله عسى أن يكون الغلام قد أوهم في حديثه. فلما سار رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لقيه أسيد بن حضير فحياه بتحية النبوة وسلم عليه ثم قال: يا نبي الله لقد رحت في ساعة مبكرة ما كنت تروح في مثلها، فقال له رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: “أوبلغك ما قال صاحبكم”. قال: وأي صاحب يا رسول الله؟ قال: “عبدالله بن ابي” قال: وما قال؟ قال: زعم إن رجع إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل. قال: فأنت يا رسول الله تخرجه منها إن شئت هو الذليل وأنت العزيز.

ثم قال: يا رسول الله، أرفق به، فوالله لقد جاءنا الله بك، وإن قومه لينظمون له الخرز ليتوجوه فإنه يرى أنك استلبت ملكه.
ثم مشى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بالناس ليشغل الناس عن الحديث الذي كان بالأمس، من حديث عبدالله بن أبي، ونزلت السورة التي ذكر فيها المنافقون في ابن أبي ومن كان على مثل أمره، فلما نـزلت أخذ رسول الله بأذن زيد بن أرقم ثم قال: “هذا الذي أوفى الله بأذنه”.


 
عودة
أعلى