الأزمة المالية والحل الأمثل
البراء كحيل
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده
قضى الله وأجرى عادته في خلقه أنّه من غير مسيرة الشريعة وخالف تشريع الله أنّه هالكٌ لا محالة
هاهم قوم لوط غيروا نمط الحياة وبدل أن يتزوجوا النساء قاموا بابتداع زواج الرجل للرجل فما كان من الله إلاّ أن أرسل رسوله لوطاً يحذرهم خطر المعصية وشؤم الذنب ويتوعدهم أنّهم سينالهم العذاب العظيم إن هم لم يتوبوا ويعودوا إلى الله فما كان جوابهم إلا الرفض والتعدي على الله ورسوله فكانت عاقبتهم أنّهم نالوا العذاب في الدنيا والآخرة قال الله تعالى :
وَلُوطاً إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُم بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِّن الْعَالَمِينَ{80} إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ شَهْوَةً مِّن دُونِ النِّسَاء بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ مُّسْرِفُونَ{81} وَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلاَّ أَن قَالُواْ أَخْرِجُوهُم مِّن قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ{82} فَأَنجَيْنَاهُ وَأَهْلَهُ إِلاَّ امْرَأَتَهُ كَانَتْ مِنَ الْغَابِرِينَ{83} وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِم مَّطَراً فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُجْرِمِينَ {84}( سورة الاعراف)
وهكذا في كل زمان ومكان يوجد من يتعدّى على الله ورسله ويظن أنّه أكبر من أن يخضع لشرع أو منهج وما علم أنّ شرع الله هو الشرع المنزّه عن النقائص والمعايب ولن تنال البشرية السعادة الحقيقة إلاّ بالتزام شرع الله والمسير على نهج الأنبياء
وفي مثل هذه الأيام تعجُّ الدنيا في إعصار اقتصادي أصاب الدول الكبرى والصغرى وتبحث البشرية عن مخرج لها من هذا المأزق الذي وقعت به وزلَّت قدمها فيه بل إنّ الدنيا تقوم ولا تقعد وتتخبط في بحر لجيّ مليءٍ بالظلمات يغشاه موجٌ من فوقه موج
بحرٌ مليءٌ بظلمات الحرام والربا والنفاق والفائدة المحرمة وظنّ هؤلاء الغربيون الحمقى أنّ الفلاح والنجاح والفوز بالبنوك الربوية وبيع البيوت العقارية واستثمار أموال الديون لهذه العقارات حتى وصلوا إلى مرحلة الإفلاس وهاهم الآن يبحثون عن الحل لهذه المصيبة التي سقطوا فيها يفتشون في كل مكان ويسألون كل مرجعٍ اقتصادي خبير لعلّه ينقذهم من هذه الأزمة العظيمة
وما علم هؤلاء أنّ الحل الوحيد الناجح الناجع المفيد الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه هو بالعودة إلى الإسلام ونظامه الاقتصادي الفريد
العلاج للمرض يكون أولاً باجتثاث أسباب المرض وقد قال الله من قبل :
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَأْكُلُواْ الرِّبَا أَضْعَافاً مُّضَاعَفَةً وَاتَّقُواْ اللّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ }آل عمران130
وقال أيضاً متوعداً كل من أكل الربا بالهلاك والعذاب :
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ وَذَرُواْ مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ [ 278]فَإِن لَّمْ تَفْعَلُواْ فَأْذَنُواْ بِحَرْبٍ مِّنَ اللّهِ وَرَسُولِهِ وَإِن تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُؤُوسُ أَمْوَالِكُمْ لاَ تَظْلِمُونَ وَلاَ تُظْلَمُونَ [ 279] البقرة
فمن يطيق حرب الله ورسوله فهل يعقل هؤلاء الأمر أم يبقون على عنادهم
وقد وصف الله آكلي الربا وصفاً عجيباً غريباً ينطبق تماماً على حال هؤلاء الذين يتخبطون في هذه الأزمة اليوم فقال الله :
{الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لاَ يَقُومُونَ إِلاَّ كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُواْ إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا وَأَحَلَّ اللّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا فَمَن جَاءهُ مَوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّهِ فَانتَهَىَ فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللّهِ وَمَنْ عَادَ فَأُوْلَـئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ }البقرة275
نعم هم الآن كالمجانين من أكبر شخصية فيهم على رأس الهرم الأمريكي يطوفون ويبحثون عن الحل الصواب لكنهم كما قال الله عنهم هم كالذي يتخبطه الشيطان من المس لأنّهم خالفوا شرع الله وقد توعدهم الله إن لم يتوبوا ويعودوا إلى هديه بالهلاك والمحق فقال ربّي وهو أصدق من قال :
{يَمْحَقُ اللّهُ الْرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ }البقرة276
أمّا الأحاديث النبوية التي حذّرت من الربا فهي كثيرةٌ كثيرة قال صلّى الله عليه وسلّم :
( درهم ربا يأكله الرجل وهو يعلم , أشد عند الله من ستة وثلاثين زنية ) رواه أحمد والطبراني في الكبير و صححه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب 1855
وقال أيضاً :
( لعن آكل الربا وموكله وشاهديه) - وقال : ( هم سواء ) رواه مسلم
على هؤلاء أن يدركوا وهم والله يدركون لكن يكابرون ويعاندون أنّ الحل الصواب لما هم فيه هو بالإسلام ونظامه الاقتصادي الفريد فهو قد حرّم الربا وقد أمر بالصدقات والزكاة والهبات وحضّ على عمل الخير ووعد صاحبه بالنماء والزيادة فقال الله :
{مَّثَلُ الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنبُلَةٍ مِّئَةُ حَبَّةٍ وَاللّهُ يُضَاعِفُ لِمَن يَشَاءُ وَاللّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ }البقرة261
وقال أيضاً :
{وَمَثَلُ الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمُ ابْتِغَاء مَرْضَاتِ اللّهِ وَتَثْبِيتاً مِّنْ أَنفُسِهِمْ كَمَثَلِ جَنَّةٍ بِرَبْوَةٍ أَصَابَهَا وَابِلٌ فَآتَتْ أُكُلَهَا ضِعْفَيْنِ فَإِن لَّمْ يُصِبْهَا وَابِلٌ فَطَلٌّ وَاللّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ }البقرة265
أمّا من أعرض عن الإنفاق وملك المال واستثمره بالحرام والربا والفائدة فقد قال الله فيهم :
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّ كَثِيراً مِّنَ الأَحْبَارِ وَالرُّهْبَانِ لَيَأْكُلُونَ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ وَيَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ اللّهِ وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلاَ يُنفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللّهِ فَبَشِّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ }التوبة34
وفي النهاية الحلُ الأمثل لهذه الأزمة الاقتصادية بل لكل أزمات العالم السياسية والاقتصادية والاجتماعية والنفسية والتربوية لا يكون إلا بالإسلام الإسلام فحسب وقد بدأ المثقفون والعقلاء منهم ينادون بهذا الأمر ويطالبون بتطبيق نظام الإسلام لأنّه النظام الوحيد القادر على حل جميع مشكلات العالم مهما بلغت كيف لا وهو الشرع المنزّل من الله الذي يعلم بخفايا وخبايا هذا الكون فهو الذي خلقه وأبدعه وعلم بما ينفع ويضر هذا المخلوق البشري.
عن موقع أدباء الشام