قصة سرقة خمسة زوارق صواريخ للتاريخ سنة 1969 قامت اسرائيل او الكيان الصهيوني حسب وجهة نظر صاحبها بسرقة ما تمتلكه مسبقا حيث أن إسرائيل كانت قد تعاقدت على خمسة زوارق صواريخ من حوض سفن شيربورغ Cherbourg و كان من المنتظر تسليمها سنة 1969 لكن فرنسا إمتنعت عن التسليم بعد عملية ضرب الطائرات المدنية عبر قوات خاصة في مطار بيروت و التي أشار لها استاذي @هيرون في موضوع سابق . العملية التي تمت سنة 1969 تعتبر من اشجع العمليات و أكثرها درامية و دهاء بحيث أن قلة من الدول كان بامكانها القيام بها خصوصا داخل دولة لها حجمها مثل فرنسا زوارق الصواريخ التي سميت بزوارق شيربورغ نسبة لحوض السفن الذي بناها كانت ضرورية بالنسبة للبحرية الإسرائيلية و كانت ضرورية لتغطية بعض النقاط في الاستراتيجية البحرية الخاصة بهم بعد توسع اراضيهم و حتى مجالهم البحري بعد حرب سنة 1967 و بعد تدمير الابطال المصريين قرب بورسعيد لدرة بحريتهم المدمرة ايلات التي كانت مدمرة بريطانية سابقا خدمت بالحرب العالمية الثانية، ما يميز اليهود هو استفادتهم من التجارب فبعد أن عاينوا قدرات زوارق الصواريخ و رأوا أن قدرة المعدة ليست بالحجم و لكن بالفاعلية استنسخوا التجربة المصرية و تعاقدوا على خمس زوارق صواريخ فرنسية بتحديث بحريتهم التي فقدت اكبر قطعها و أكثرها أهمية و قرر اللواء اليكس اغروف Alex Agrov القيام بتعاقدات تتسم بالكيف و الكم حيث ان الزوارق كانت الاكثر تطورا انذاك. لكن حدث ما لم يكن متوقعا للواء اغروف حيث إمتنعت فرنسا عن تسليمها بعد ان تضررت مصالحها في لبنان بعد مهاجمة الإسرائيليين لمطار بيروت فارادوا معاقبة اسرائيل على فعلتها فيما يعتبرونه حديقتهم بالشرق الأوسط اي لبنان. المفارقة العجيبة أن إسرائيل كانت قد طورت صواريخ سطح سطح اسمتها غابرييل لتسليح الزوارق الصاروخية التي كان من المقرر ان تكون ألمانية باسم جاغوار . للتعاقد على زوارق الصواريخ جاغوار التي كانت عصية على الرادارات من حيث رصدها بسبب حجمها الضئيل قام رئيس الوزراء الاسرائيلي آنذاك بن غوريون لبدء المفاوضات حولها قبل حتى تدمير ايلات حيث بعث وزير دفاعه شيمون بيريز الى المانيا محملا بملفات مجازر النازيين بحق اليهود ليحصل على الزوارق كتعويض مستغلا عقدة الذنب الألمانية فالتقى المستشار الألماني اديناور و وافق الاخير على تزويد اليهود باثنى عشر زورق صواريخ من فئة جاغوار يتم بناؤها بأحواض السفن الألمانية لكن تسرب خبر الصفقة من طرف مسؤول ألماني مؤيد للنازية للنيويورك تايمز بعد بناء ثلاث زوارق فخشي المستشار الألماني من ردة فعل الزعماء العرب. بعد ورود الخبر هدد الزعماء العرب بمقاطعة البضائع الألمانية و فرض عقوبات اقتصادية على ألمانيا فما كان من المستشار الألماني إلا أن أبلغ الإسرائيليين بوجوب البحث عن حوض بناء سفن آخر لتتمة الصفقة فاختار اليهود حوض شيربورغ Cherbourg بالساحل الشمالي لفرنسا بمقاطعة النورماندي حيث انه لا مانع لدى الفرنسيين خصوصا انهم كانوا المزودين الاساسيين للإسرائيليين بالسلاح خلال سنوات الستينيات بما مقداره ثلاثة ارباع من العتاد الحربي. الصفقة مع حوض بناء السفن الفرنسي انقذتهم من قلة الصفقات و اعطاهم قبلة حياة حيث اعطاهم ألمانيا تصميمها و اسرائيل اسلحتها لتركيبها على الزوارق فاستفادوا من كل النواحي و كانت كل الأطراف راضية على مآل الوضع. ( المفارقة ان صواريخ غابرييل ما بين تطويرها و تركيبها كلفت اكثر مما كلفته الزوارق ) اشهرا قليلة بعد الاتفاق كان 200 اسرائيلي يعيشون قرب حوض السفن للعمل على تركيب أنظمة التسليح منهم من كان اصلا يهوديا فرنسيا و هاجر و منهم يهود مغاربة تونسيون و جزائريون يتقنون اللغة الفرنسية لتذليل الفوارق اللغوية و الاعتياد على الوسط. المشروع كان تحت اشراف اللواء مردخاي ليمن بعد تنحية اغروف بعد كارثة ايلات التي ضربت البحرية الإسرائيلية الرجل كان على قدر المسؤولية حيث تم تسليم الثلاث زوارق المنتهية بسرعة و تم تسليم زورقين آخرين في خريف سنة 1967و زورقين آخرين في ربيع نفس السنة. منعطف القصة هو بتاريخ 26 دجنبر 1967 حيث هاجم الفلسطينيون طائرة تابعة للخطوط الجوية الإسرائيلية العال بمطار أثينا بعدها بيومين ردت قوة كوماندوز إسرائيلية خاصة على الهجوم بتدمير 12 طائرة مدنية رابضة بالمطار و فخخوا بقية الطائرات لكن المتفجرات لم تنفجر! الرئيس الفرنسي دي غول اعتبر الهجوم الاسرائيلي انتقاصا من فرنسا التي تعتبر لبنان تابعا لها فامر فوريا بوقف اي نوع من التسليح لاسرائيل. ما يعني وقف استلام الزوارق بشريبورغ الأمر خيب آمال وزير الدفاع موشي دايان الذي كانت تجمعه علاقات شخصية بديغول منذ الخمسينات و الحملة على مصر. ثلاث زوارق شبه منتهية كانت رابضة بحوض السفن الفرنسي، في تحدي واضح الفرنسيين التحقت ثلاث فرق إسرائيلية بالزوارق و استغرقت ثلاث ساعات لتحضيرها الابحار. عند الانتهاء من تحضيرها للابحار رفعوا عليها العلم الاسرائيلي في تحدي واضح لقرار ديغول بمنع تسليح اسرائيل و ابحروا بها متجهين نحو ميناء حيفا. عندما علم شارل ديغول بالامر استشاط غاضبا و استفسر وزير دفاعه عن الامر فأخبره بأن الإسرائيليين ردوا عليه ب : "أنها ملكنا". الإسرائيليين كانوا اذكياء حيث أنهم خلقوا روابط سواء تحفيزية بالمال او علاقات الاعمال أو حتى متعاطفين من العاملين بحوض السفن و حتى مسؤولي المدينة. حيث أن ديغول بدأ تحقيقا داخليا مع المسؤولين لكن الجميع صرحوا بأنهم لم يتلقوا اي اوامر عبر البريد و لم يقرأوا الصحف و لا سمعوا شيئا عن أوامر ديغول في الراديو ما خلق نزاعات بين السلطة المركزية و مسؤولي شيربورغ. الغريب انه في ظل هذا النزاع واصل مسؤولي حوض السفن اتمام الخمس زوارق المتبقية بسرعة و كأن شيئا لم يكن. في صيف سنة 1969 مردخاي الذي كان لازال يشرف على بناء الزوارق بحوض السفن بالنورماندي شمال فرنسا بدأ مفاوضات سرية مع الفرنسيين لتسليم بقية الزوارق او تعويض بلده بمبلغ مساوي لقيمتها حيث تظاهر بذلك رغم أن الاوامر التي وصلته كانت واضحة بمحاولة الحصول عليها قانونيا تفاديا لاي مشاكل مع الفرنسيين خصوصا ان المصريين كانوا يعوضون خسائرهم لسنة 1967 عبر الاتحاد السوفييتي. من جهة أخرى لم تكن طلبية الزوارق الوحيدة التي توقفت فكانت هنالك طلبية أخرى الطيران تتضمن مقاتلات الميراج. طفح كيل الإسرائيليين فاختاروا طريقة ذكية حيث نزعوا أنظمة التسليح و شحنوها لميناء حيفا و ارسلوا شخصا باسم مارتن سييم هو مالك سفن نرويجي صديق لبيمر مالك سفن اسرائيلي و الذي اقنعه بان يمثل اسرائيل و ينوب عنها كخدمة له حيث قدم نفسه للمشرف على حوض السفن بشريبورغ كمالك لمشروع يخوت و سفن نقل نرويجية و اقترح شراء الزوارق لاستخدامها للاشراف على مشاريع تنقيب عن البترول تابعة له بالاسكا فاتفق الطرفان على اتمام الصفقة بعد ان دخل مارتن سييم طرفا في الصفقة عبر شركته النرويجية التي مقرها بنما و المفارقة هنا ان المسؤولين الفرنسيين لم يتاكدوا من وثائق الشركة بشكل جيد ان الإسرائيليين خلقوها من العدم اسابيع فقط قبل اتمام عدة صحف كتبت عن الامر بعد وصول زوارق الصواريخ لحيفا و اتهموا المسؤولين الفرنسيين بالاهمال سعيا للتخلص من الزوارق و ارقها لكن الفرنسيين تعالوا ببنود العقد مع الشركة النرويجية البنمية التي تضمنت بندا يمنع إعادة بيع الزوارق. عموما بدأ بحارة نرويجيون شبان بالوصول إلى شيربورغ لكنهم في الحقيقة كانوا اسرائيليين بشعر اشقر و عيون زرقاء و خلفيات إسكندنافية لعدم إثارة الشبهات. وصل عدد البحارين لسبعين شخصا و كانت خطة الموساد تقتضي بحجزهم لمطعم للاستمرار باحتفالات رأس السنة الميلادية و ان يتم الابحار ببقية الزوارق حيث أن الفرنسيين سيكون سكارى محتلفين برأس السنة الميلادية. بدأ بحارة آخرون يلتحقون بحوض السفن و كانوا يتقنون فقط العبرية و منهم عيزرا كيديم الذي شارك في العملية السابقة التي أثارت غضب ديغول كانت مهمته مسح الحوض امنيا لايجاد طريق الابحار بأمان. فوجد طريقين أحدهما هو المعتاد بمعدل عمق خمس و ستين قدما و هو الأكثر استعمالا و الثاني أقل استعمالا بسبب خطر الامواج و الصخور ز حصل على معلومة كانت حاسمة حيث أخبره أحد الفرنسيين العاملين بالحوض ان رادار الميناء كان عاجزا عن رصد السفن المارة من ذلك المسار البحري. حسم الاسرائيليون امرهم و تفرق عشرون بحارا على كل زورق من الزوارق الخمسة للابحار بهم لكن عاصفة و رياحا قوية داهمتهم لكن القرار كان قد اتخذ بالفعل و يجب عليهم الابحار في ظروف جوية غير مناسبة و سيئة لم تصمم الزوارق للابحار بها. على الساعة التاسعة مساء أقلعت الزوارق و المطعم المحجوز كان فارغا و وجبات معدة مسبقا حسب الطلب بقيت على الطاولات لاحظ عملاء المخابرات الفرنسية الامر لكنهم قرروا نقل المعلومة لرؤسائهم مع علمهم بأنهم لن يتخذوا اي اجراء لانه يمس اسرائيل التي يتعاطفون معها. عاين مغادرة الزوارق شخصان هم اللواء مردخاي ليمن و فيليكس اميوت المشرف الفرنسي على بناء الزوارق الذي لم يخبىه الاسرائيليون بعمليتهم لكنه علم بها قبل مغادرتهم بمدة بسيرة لكنهم علموا بتعاطفه معهم و انه لن يشكل خطرا على العملية. العملية نجحت بأعجوبة حيث أن أحد الإسرائيليين الناطقين باللغة النرويجية كان قد ثمل و حكى عنها لساقي باحد بارات المدينة الذي بدوره أخبر رواد البار في نفس الليلة لكن الجميع كانوا ثملين و انفجروا بالضحك و الاستهزاء فصمت. بعدها بايام غضب الفرنسيون ثانية و حذر وزير خارجيتهم اسرائيل من عواقب ظهور الزوارق بموانئهم لكن الزوارق كانت في المياه الدولية حتى انها صادفت شفنا حربية أمريكية و سوفييتية و حلقت فوقها عدة مقاتلات ميراج فرنسية. نفت اسرائيل اية مسؤولية عن الزوارق لكن بعد اقترابها من اسرائيل رافقتها مقاتلات إسرائيلية و تلقت استقبالها رسميا و شعبيا لميناء حيفا. من نتائج العملية طلب الفرنسيين من اللواء مردخاي الذي اقام بفرنسا سبع سنوات المغادرة فورا و استقال جنرالان فرنسيان من مهامها لضلوعهما في مفاوضات بيعها للشركة النرويجية دون التحقق من خلفيتها. فيليكس اميوت تتصل من المسؤولية حيث اجاب في جلسة استجواب بجواب اخرس مستجوبيه حيث اخبرهم انه مشرف على بناء الزوارق و ليس امنها. مواطنون شيربورغ و فرنسا عموما التزموا الصمت لان اسرائيل طرف في القضية فكان الأمر مناسبا و تم دفن القضية. و انتهى الموضوع حصريا لمنتدى الدفاع العربي @anti poliz كل الحقوق محفوظة للمحتوى العربي الفهرس:
|
التعديل الأخير: