المعركة الأخيرة بين البارجة الألمانية "بيسمارك" ضد الأسطول البحري البريطاني
هي إحدى أضخم البوارج التي تم صناعتها بواسطة ألمانيا النازية ، وواحدة من أضخم السفن التي صنعت في القرن العشرين عامة .وسميت بأسم المستشار أوتو فون بسمارك (Bismarck Otto Von) الرجل الذي كان وراء توحيد ألمانيا عام 1871م .
أنتهى بناء البارجة العملاقة بسمارك في فبراير 1939 في ترسانة احدى الشركات الألمانية في ميناء هامبورج حيث حضر هتلر وعدد من القادة حفلة تدشين البارجة .
وتم تسليحها على مدار تسعة أشهر بقوة نيرانية جبارة تمثلت في الأتي :
1- 8 مدافع رئيسية بعيدة المدى عيار 15 بوصة في أربعة ابراج في مقدمة ومؤخرة البارجة،كل مدفعين في برج دوار من الصلب سُمكة 14 بوصة.
2- تسليح مساعد يضم 12 مدفع عيار 5.9 بوصة.
3- 16 مدفع عيار 105 ملليمتر.
4- 16 مدفع مضاد للطائرات عيار 37 ملليمتر .
20-5 مدفع رشاش رباعي واحادي المواسير من عيار 60 ملليمتر .
وتبلغ حمولة البارجة 41,700 طن وفي كامل تجهيزها تبلغ 50,900 ومزودة بمحركات ديزل قوتها 138000 حصان و 3 رفاصات، وسرعتها 29 عقدة (حوالي 53كم/س) ، وهي مصفحة بجدار من الصلب الخاص حول هيكلها سمكه 38,5 سنتيمتر أما السطح فسمكة 20 سنتيمتر ويبلغ طول البارجة 251 متر وعرضها 36 متر أما الغاطس فهو 9,5 متر وفي كامل التجهيز يبلغ الغاطس 10,2 متر ،وقد كانت تحمل البارجة على متنها 4 طائرات من طراز ARADO AR 196.
وعين للبارجة قبطانها الكابتن أيرنست ليندمان 48 سنة وطاقمها المكون من 2221 ضابطاً وبحاراً وفي نهاية أغسطس 1940 أصبحت البارجة جاهزة للتسليم ، فقضت التسعة أشهر التالية في التدريب الشاق في بحر البلطيق
تفاصيل المعركة البحرية الجوية العنيفة التي خاضتها البارجة بسمارك :
بحلول مارس 1940 تمكن الأسطول الألماني من أغراق 70000 طن من سفن الحلفاء والتي كانت تنقل الأمدادات من أمريكا الجنوبية والولايات المتحدة إلى بريطانيا في ما سمي بمعركة المحيط الأطلنطي .
وقد كان الأسطول الألماني بقيادة الأدميرال جونتر لوتينز 51 سنة ، والذي كان يضم ٤ سفن هي (البارجة الخفيفة ادميرال شير ADMIRAL SCHEER- الطراد الثقيل ادميرال هيبر ADMIRAL HIPPER - الطرادين الثقيلين شارنهورست SCHARNHORST و جنايسناو GNEISENAU).
وكان مخطط للبارجة بسمارك بصحبة الطراد الثقيل الجديد برنس أوجين PRINZ EUGEN ليكونا مع السفن الأربعة الأخرى وذلك لمساعدة أسطول الغواصات في عملها والتصدي للأسطول البريطاني والسيطرة على المحيط الأطلنطي .
وأثناء أبحار البسمارك بصحبة برنس اوجين في وسفن الأمداد وكاسحات الألغام في بحر الشمال تم رصدهم بواسطة طراد سويدي ولم تستطع القافلة المسلحة مهاجمتة وذلك لأن السويد كانت على الحياد وكانت ألمانيا تحتاج هذا الحياد من أجل الحصول على الصلب السويدي اللازم للصناعات العسكرية .
وعلمت القيادة البريطانية بخبر أبحار القافلة الألمانية ورصدت طرادين لمراقبة القافلة ، وفي نفس الوقت بدأت في حشد الأسطول البريطاني لمواجهة البسمارك ومنعها من الوصول إلى الأطلنطي ، وكان في ذلك مخاطرة لأنها تخلت عن حماية السفن التجارية التي تنقل الأمدادات .
الأسطول البريطاني :
البارجة الثقيلة هود HOOD البارجة الثقيلة برنس اوف ويلز حاملة الطائرات فيكتورويس ، البارجة كينج جورج الخامس وهي مقر القيادة للأدميرال توفي قائد الأسطول ، وكذلك ثلاثة طرادات قتال وستة مدمرات .
وكانت البارجة هود هي التي تتمتع بأمكانيات مشابهة للبسمارك من حيث التسليح والسرعة ، وفي صباح يوم ٢٤ مايو تلاقت القوتان البحرية والألمانية في جنوب غرب أيسلاند ، وبعد معركة طاحنة تمكنت بسمارك وبرنس اوجين من اغراق البارجة هود بعد أن أصابتها بدفعتين من الدانات أنفجر على أثرها مخزن الذخيرة من الداخل ، ولم ينجو من طاقمها المكون من 1421 سوى ثلاتة فقط ، وغرق مع هود من الأسطول البريطاني مدمرة أُصيبت بدانة مباشرة وأنسحبت بقية القوة تعاني من خسائر فادحة وأكثرهم تضرراً كانت برنس اوف ويلز .
أحدث غرق هود دوي هائل في بريطانيا حيث كانت تعد أقوى قطع الأسطول البريطاني وأكثرهم كفاءة ، وفي هذة المعركة أصيبت بسمارك في دفتها وخزان الوقود ولكن لم ينفجر وامكن اصلاح السفينة ولكن بعد ان ابتلعت كمية كبيرة من الماء مما أبطئ سرعتها الى 28 عقدة وأتخذ ربانها قرار بالعودة الى الموانئ الفرنسية من أجل أصلاحها ومواصلة الطراد برنس اوجين رحلتة للأنضمام إلى الأسطول الألماني .
وقامت القيادة البريطانية و على الفور استدعت الأدميرالية البريطانية معظم السفن الحربية في البحر المتوسط والمحيط الأطلسي، مضحية بسلامة القوافل من أجل التصدي لبسمارك بأى حال من الأحوال والانتقام لغرق البارجة إتش إم إس هوود في معركة مضيق الدنمارك التي كانت تاج الأسطول البريطاني ورمز قوة الإمبراطورية وشكلت الأدميرالية البريطانية بسرعة أسطول كبير للتصدي لبسمارك بحشد اسطولها بالكامل في المنطقة (يتكون من : 4 بوراج قتال ثقيلة -2 طراد قتال 2حاملة طائرات- 3طرادات ثقيلة -10طرادات خفيفة- 21 مدمرة وفرقاطة.) وأغراق البسمارك والأنتقام لخسارة البارجة هود وبأي ثمن .
وقامت بمهاجمة البسمارك بطائرات الطوربيد أكثر من مرة ، وبالفعل أستطاعت أن تصيب أحد الطوربيدات دفة البسمارك وتعطلها على زاوية 15 درجة وتفقد البسمارك القدرة على المناورة وتنخفض سرعتها إلى 16 عقدة ، أرسل القبطان لوتينز (قبطان البسمارك) رسالة الى هتلر تقول:
(إنخفضت قدرة السفينة على المناورة، سنقاتل حتى النهاية يا زعيمي . نؤكد ثقتنا بالنصر الألماني) ورد هتلر بعدها بساعتين (أشكركم بأسم الشعب الألماني) .
في فجر اليوم التالي أقتربت 5 مدمرات بريطانية من البسمارك وأخذت تقصفها بعنف لمدة ساعتين متواصلتين وأقتربت أحدى المدمرات وأطلقت طوربيد من مسافة 2 كم وأصاب الهدف .
وفي الساعة العاشرة وأربعين دقيقة من صباح 27 مايو 1941 بدأت بسمارك بالغوص في الأعماق ، وأنسحبت جميع السفن البريطانية من المكان حيث كان من المتوقع أن يمتلئ المكان بالغواصات الألمانية ، وبالفعل وصلت 11 غواصة ألمانية وتم أنقاذ 115 شخص وغرق مع البارجة 2016 شخص من بينهم القبطان أيرنست ليندمان وقائد الأسطول جونتر لوتينز .
وقد سجل الادميرال جون توفى (قائد الأسطول البريطاني) في كتاب صدر له بعد الحرب قائلا:
((...خاضت بسمارك معركة بحرية شجاعة مع سفن متفوقة عليها عدديا إلى حد كبير , ومع ذلك تمسك القادة الالمان بأرقى تراث للبحرية الألمانية.وعندما كانت تغوص إلى الأعماق ,كانت اعلامها مازالت ترفرف على ساريتها)).
في مايو 1989 عثر فريق فرنسى بقيادة روبرت بالار وبالاستعانة بغواصة الأعماق الامريكية ارجو,على حطام البارجة بسمارك على عمق 4500 متر في قاع المحيط الاطلنطى.في منطقة تبعد حوالى 1000 كيلومتر عن ميناء بريست الفرنسى حيث تم تصوير الحطام بكاميرا فيديو الية تحت الماء.وهو نفس الفريق الذي عثر على حطام تيتانيك عام 1985.
وقد اظهر تصوير البارجة الغارقة عن مفاجأة كبيرة,اذ كان من المعتقد انها غرقت بسبب اصابتها مباشرة بطوربيدين تحت مستوى خط الماء,اطلقتها المدمرة دورسيتشاير من مسافة كيلومترين,وذلك طبقا لسجلات البحرية البريطانية ولكن تبين ان البارجة لم تصب بشىء من ذلك وان الطوربيدات لم يكن لها اى تأثير يذكر على دروع البارجة.مما يؤكد وجهة النظر الألمانية ,حيث صدرت عدة كتب ألمانية حول الموضوع اهمها كتاب بوكارد فون مولينهايم_ريخبيرج
,الذي كان قائدا لمدفعية بسمارك,واصدر كتابا حول اللحظات الاخيرة للبارجة نشر في برلين عام 1980,اكد فيه ان الادميرال لوتينز امر بفتح طابات الاغراق في قاع البارجة بعد ان تأكد من استحالة كسب المعركة_حتى لا تقع في ايدى البريطانيين .
وان ايا من اصاباتها لم تكن تغرقها,حيث انها مصممة من عدة اجزاء محكمة ضد تسرب الماء في حال اصابة أي جزء فيها.
عرضت مجلة دير شبيجل الألمانية هذا الكتاب وقابلت بين وجهة النظر الألمانية والبريطانية بعد اكتشاف حطام البارجة وتصويرها تحت الماء
التعديل الأخير: