المقال مترجم من وكالة Bloomberg الأمريكية
كشفت وكالة Bloomberg الأمريكية، نقلاً عن مصادر وصفتها بالمطّلعة، أن الإمارات والسعودية تدرسان إمكانية السعي إلى إقامة علاقات أفضل مع تركيا، بما يفيد التجارة والأمن في المنطقة المضطربة بعد سنوات من الخلافات والمقاطعة.
الوكالة أشارت إلى أن تلك التحركات لا تزال أوليّة لم يستقر العزم عليها بعد، بالنظر إلى خلفية التوترات طويلة الأمد وصراعات النفوذ بين تلك الأطراف
انفراجة بعد سنوات من الخلاف
كما أنها من المحتمل أن تتعارض أيضاً مع إصرار الثنائي الخليجي على أن تكبح تركيا دعمها لجماعة الإخوان المسلمين، والتي تعتبرها أنقرة حركة تحظى بتأييد شعبي واسع النطاق، ومع ذلك، فإنه حتى التقدم المحدود في مسار تحسين العلاقات يمكن أن يخفف حدة الخلافات بشأن القضايا الإقليمية الأشمل.ومن جهة أخرى، يتزامن هذا التواصل -الذي يحدث على المستويين السري والعلني- مع إعادة تنشيط سبل السياسة الخارجية في كل من الخليج وواشنطن. فقد أنهت السعودية والإمارات أخيراً خلافها مع حليفة تركيا، قطر، بشأن موضوعات تشبه أسباب نزاعهما مع أنقرة.
كما يسعى الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، إلى تحسين العلاقات مع الاتحاد الأوروبي. وتجدر الإشارة هنا إلى أن كلاً من تركيا والإمارات والسعودية تواجه إدارة أمريكية جديدة بقيادة جو بايدن، ومن المرجح أن تكون تلك الإدارة أشد صرامة في تعاملاتها معهم جميعاً،وتحدث المتحدث باسم أردوغان إبراهيم كالين مع مستشار الأمن القومي الأمريكي جيك سوليفان يوم الثلاثاء في أول اتصال من نوعه مع فريق بايدن.
الحواجز التجارية والرحلات الجوية
الموقع نقل عن مسؤول تركي قوله إن تركيا والإمارات ناقشتا بالفعل رفع الحواجز أمام التجارة بين البلدين، مضيفاً أن المبادرات مهدت الطريق أمام القرار الأخير باستئناف الرحلات الجوية بين العواصم، والتي كانت جائحة كورونا قد أوقفتها فيما وصف شخص مطلع على الموقف الخليجي عمليةَ التواصل بأنها في مراحلها الأولى، وأضاف المصدر، الذي تحدث بشرط عدم الكشف عن هويته بسبب الحساسيات، أن قضية الإخوان محورية فيما يتعلق بالجانب الخليجي ومخاوفه، وأيضاً لحليفتهم المقربة، مصر، وهو ما أكدته مصادر أخرى مطلعة على التطورات.
على الجانب الآخر، يقول مسؤولون أتراك إنه لم يكن هناك تواصل مباشر أو غير مباشر من أبوظبي والرياض يتضمن مطالب واضحة بتغيير سياسات تركيا حيال جماعة الإخوان، غير أن الجانب التركي يدرك أن تلك القضية تحتل أولوية متقدمة لدى دول الخليج. تنظر أبو ظبي والرياض إلى الحركة على أنها مزعزعة للاستقرار وتهديد لحكم الأسرة الواحدة.
ومع ذلك، فإن المواقف الأولية شديدة التباين بشأن قضايا أخرى أيضاً. فهناك اتهامات متبادلة بالتدخل في الشؤون الداخلية. كما سبق لتلك الدول أن اصطفت إلى جانب أطراف متصارعة في الحرب الليبية، واشتبكت في خلافات سابقة بشأن سوريا ومصر والعراق.
بالإضافة إلى الخلاف حول أنشطة تركيا التنقيبية عن الغاز في المياه المتنازع عليها في شرق البحر الأبيض المتوسط، ومع ذلك، فإن بادرة حل الخلافات الحالية تأتي جزءاً من نغمة أكثر براغماتية وتصالحية تعزف عليها دول الخليج في الوقت الحالي، وقد وصفت الإمارات مساعيها الحالية إلى إنهاء الأزمات بأنها جزء من رؤيتها لعالم ما بعد جائحة كورونا.
ولفتت الوكالة إلى أن سوق التصدير ورقةُ مساومةٍ قوية في هذا الشأن، فالإمارات هي ثاني أكبر شريك تجاري لتركيا في الشرق الأوسط بعد العراق، إذ بلغ حجم التجارة الثنائية نحو 8 مليارات دولار في عام 2019. وتصدّر تركيا مجموعة كبيرة من السلع إلى البلاد، تتنوع من الأحجار الكريمة إلى قطع غيار الطائرات.
أما السعودية، التي تزود تركيا بالنفط والمواد الكيميائية، فهي في الوقت نفسه أحد أكبر أسواقها الإقليمية على الرغم من تراجع الصادرات، وكان رجال أعمال أتراك قد اشتكوا العام الماضي من أن السلطات السعودية كثّفت جهودها لمنع الواردات التركية، فيما يشير الموقع إلى أن انفراجة في علاقات تركيا مع الإمارات والسعودية قد تدفع بتعزيز كبير للتجارة والاقتصاد التركي.
قضية اغتيال خاشقجي
في سياق متصل، كان هناك نوع من التواصل الحذر في البيانات العامة خلال الفترة الماضية. فقد قال مسؤول إماراتي بارز، الشهر الماضي، إن تركيا عليها العمل على "إعادة تقويم علاقاتها مع العرب"، وإن أبوظبي ليس لديها سبب للدخول في صراع مع أنقرة.ورداً على ذلك، قال وزير الخارجية التركي، إن أنقرة كانت تخوض محادثات مباشرة مع الدولتين الخليجيتين، لكنه استبعد فكرة التوصل إلى اتفاق سريع، قائلاً إن الإمارات عليها أولاً التخلي عن سياساتها التي تتعارض مع مصالح تركيا.
يُذكر أن بعض الخلافات الأشد حدَّة بين البلدين تتعلق بمصر، فقد دعمت دول الخليج عبدالفتاح السيسي للاطاحة بالرئيس محمد مرسي عام 2013 الذي كانت تجمعه علاقات جيدة مع أردوغان.
وتتعلق نقطة الخلاف البارزة الأخرى بتحقيقات تركيا في مقتل الكاتب الصحفي والمعارض السعودي، جمال خاشقجي، في عام 2018 على يد عملاء سعوديين في قنصلية المملكة في إسطنبول.
وتعليقاً على ذلك، يقول أندرياس كريغ، المحاضر في جامعة كينغز كوليدج لندن، إن "الخلافات الأيديولوجية ستستمر والصراعات ستستمر". غير أنه أشار إلى أن ذلك لا يمنع أن تعمل الرياض وأنقرة معاً على بناء صناعة الدفاع السعودية، خاصة الطائرات بدون طيار وغيرها من الأسلحة.
أردوغان ، الذي وصفه بايدن بالمستبد في عام 2019 ، يتكيف أيضًا مع الأوقات المتغيرة. واستشهد كريج بالضغوط المحلية بسبب الوباء والتمدد العسكري التركي في الخارج ومشاكل الاتحاد الأوروبي.
وأضاف "يحتاج أردوغان إلى تقديم تنازلات أيضًا ولا يمكنه اختيار أن يكون لديه المزيد من الأعداء".
رابط المقال على بلومبيرغ :
Gulf States Extend a Hand to Turkey in Wary Move to Ease Tensions
The United Arab Emirates and Saudi Arabia are holding out the possibility of better ties with Turkey that could benefit trade and security in a volatile region, according to people familiar with the strategy.
www.bloomberg.com
التعديل الأخير: