الموكب الرئاسي:
ربما كان الموكب الرئاسي أكثر طريقة نقل للرئيس مثيرة للاهتمام والإعجاب حيث يتضمن من 40 إلى 50 عربة وسيارة وأكثر من 100 شخص.
لنلق نظرة على بعض الصور التي التقطت للموكب الرئاسي الخاص بالرئيس الأمريكي:
العربة المرشدة.
يطلق على هذه الدراجة اسم ”العربة المرشدة“، وتماما مثلما يوحي به اسمها فمهمتها قيادة الموكب الرئاسي لكنها ليست العربة الأولى في الموكب.
ما لا نراه هنا هو ”سيارة المسار“ التي تسير قبل العربة المرشدة سواء كانت سيارة أم دراجة نارية بخمسة دقائق.
يتبع سيارة المسار دائما بين 20 إلى 30 دراجة نارية للشرطة المحلية التي تلعب في مجملها دورا هاما في فسح مسار الموكب الرئاسي وجعله مفتوحا وخاليا من السيارات المدنية.
عند القيادة على الطرقات السريعة تقوم هذه الدراجات بالإسراع تقدماً حيث تقوم بإغلاق المخارج والمداخل حتى لا تتمكن أي سيارة مدنية من دخول الطريق السريع إلى أن يعبر الموكب الرئاسي.
لكن يجب عليها اتباع تقنية مختلفة داخل المدن.
دراجات نارية تابعة لشرطة العاصمة واشنطن وهي تقوم بإفساح الطريق أمام الموكب الرئاسي.
عند القيادة في العاصمة واشنطن على سبيل المثال حيث يكون السائقون المدنيون معتادين على الموكب الرئاسي الذي يتكرر بشكل دائم تقريباً يسير الدراجون غالبا بتشكيلة تشبه حرف V باللاتينية مما يدفع بالسيارات المدنية على جانبي الطريق لإفساح المجال أمام الموكب الرئاسي.
يقود هذا الأمر إلى إعاقة سير المرور لمدة لا تزيد عن دقيقتين أو ثلاثة دقائق.
بينما يكون السائقون المدنيون خارج العاصمة واشنطن أقل اعتيادا على مرور المواكب الرئاسية لذا تقوم مجموعة الدراجين بالإغلاق التام لتقاطعات الطرقات من أجل إنشاء مسار واحد مستمر وخال ومفتوح أمام موكب الرئيس.
القسم الأول من الموكب الرئاسي الذي أتينا على ذكره لا تتم إدارته من طرف الخدمة السرية للرئيس بل هو تابع لسلطة الشرطة المحلية للمنطقة التي يعبر من خلالها الموكب الرئاسي.
حيث كلما كانت الحاجة لسيارات الخدمة السرية ورجالاتها أقل كلما كان الوضع أفضل ذلك أن كلا من السيارات والرجال يتوجب عليهم السفر إلى وجهة الرئيس قبله وهو ما يعتبر بالطبع مكلفا جدا.
الجزء التالي من الموكب الرئاسي يعرف باسم ”الحزمة المؤمّنة“.
إنها تعتبر النواة الرئيسية للموكب الرئاسي لأنها تتكون من مجموعة السيارات التي تؤمن سلامة الرئيس بشكل مباشر.
في حالة وقوع هجوم على الموكب، يستطيع هذا الجزء منه الانفصال عن بقية الموكب والتصرف كوحدة مستقلة.
السيارة الأكثر أهمية في الحزمة المؤمّنة هي ليموزين الرئيس لكن لا أحد يستطيع الجزم في أي سيارة قد يكون لأن الموكب يتضمن على سيارتي ليموزين متطابقتين في جميع المواصفات، حتى أنهما تحملان نفس لوحة الترقيم.
سيارتا الليموزين في الموكب الرئاسي ليستا مجرد سيارتي ليموزين عاديتين حيث يتراوح وزنها بين 15 ألف إلى 20 ألف باوند وتم تصميمها وصناعتها فوق هيكل شاحنة معدّلة.
السيارة في مجملها مضادة للرصاص مع زجاج نوافذها المضاد للرصاص كذلك بسمك 15 سنتمتر والنافذة الوحيدة القابلة للفتح هي نافذة السائق في حالة ما تعين عليه دفع رسوم مرور ما.
السيارة كلها محكمة الإغلاق ومحصنة بحيث بإمكانها حماية الرئيس في حالة وقوع هجوم كيميائي عليه.
وعلى متنها يوجد عدد واسع من الأسلحة على شاكلة قاذفة صواريخ، ومناظير ليلية، ومدفع للغاز المسيل للدموع، وبنادق رش ذات ماسورة قصيرة.
إلى جانب ذلك، تحمل ليموزين الرئيس أيضاً عبوتي أكسجين وكيسين من دماء مطابقة لفصيلة دم الرئيس.
أما هذه السيارة التي تقود قسم الحزمة المؤمّنة، فهي تعرف باسم سيارة الخدمة السرية للولايات المتحدة المتخصصة في التدابير المضادة للإلكترونيات.
وهي على رأس الحزمة المؤمّنة لأن هدفها الرئيسي هو التشويش على أي متفجرات يتم التحكم فيها عن بعد بواسطة أجهزة إلكترونية على طول مسار الموكب.
سيارة الخدمة السرية للولايات المتحدة المتخصصة في التدابير المضادة للإلكترونيات.
هذه الهوائيات الطويلة التي بإمكانك مشاهدتها على سقف السيارة تؤدي هذه المهمة من خلال بث عدد كبير من الترددات الراديوية التي من شأنها صد أي إشارة لتفعيل تفجير قنبلة ما.
أما القبتان الصغيرتان على سقف السيارة فهي ما يعرف بمجسات الحرب الإلكترونية، وهي في الأساس أجهزة رادار بإمكانها رصد قذيفة صاروخية أو صاروخ مسيّر مضاد للدبابات.
وعندما ترصدها تقوم السيارة بتفعيل عدد من القذائف الدخانية التي تنتشر حول الحزمة المؤمّنة مما يساعد على انفجار القذيفة أو الصاروخ بعيدا عن أيِّ من سيارات الموكب.
أما هذه السيارة التي تراها في الصورة أعلاه، فتعرف باسم سيارة التحكم فهي تنقل معظم أفراد الطاقم المهمين مثل المساعدين العسكريين للرئيس وطبيبه الخاص.
في حالة وقوع هجوم يكون جميعهم على نفس القدر من الأهمية للرئيس لذا يجب عليهم الانفصال مع الحزمة المؤمّنة.
أما هاتان السيارتان الأخيرتان في الصورة أعلاه، فتتضمنان على عملاء الخدمة السرية.
يطلق على السيارة البعيدة هذه في الصورة أدناه اسم قلب الدفاع حيث تنقل فريق الخدمة السرية الخاص بالرئيس شخصيًا وهؤلاء هم العملاء الذين يرافقون الرئيس دائما في جميع الأوقات ويعيشون تقريبا معه في البيت الأبيض.
أما السيارة الثانية فتعرف بالاسم المختصر CAT، أي Counter Assault Team أي فريق الهجوم المضاد بإمكانك دائما رصد هاتين السيارتين والتعرف عليهما لأن النافذة الخلفية فيهما دائما مفتوحة وذلك لأن العملاء السريين في هاتين السيارتين يجلسون في الخلف على مقاعد متجهة للخلف مدججين بأسلحة أوتوماتيكية على أهبة الاستعداد للرد على أي تهديد أو هجوم محتمل.
في حالة وقوع هجوم، يتولى فريق الخدمة السرية الخاص بالرئيس مهمة تحصين سيارة الرئيس وإجلائه بينما يبقى فريق الهجوم المضاد عادة في عين المكان لدحض الهجوم أو الاعتداء أو تأخيره.
شاحنات طواقم الإعلام
أما هذه الشاحنات المغلقة التي تلي ”الحزمة المؤمّنة“ فهي تحمل طواقم الإعلام التي ترافق الرئيس.
سيارة الهوية هي سيارة تتولى مهمة الاتصالات وتأمينها.
يطلق على هذه السيارة اسم ”سيارة الهوية“ ID وهي تتضمن على فريق من العملاء السريين الذي يتولون مهمة التواصل مع فرق المراقبة المضادة خارج الحزمة والذين يعملون دائما على تحديد أي تهديد قد يواجهه الموكب الرئاسي.
يطلق على هذه الشاحنة السوداء اسم Hazardous Materials Mitigation Unit والتي تتضمن على معدات وطاقم من شأنه التعرف على الهجمات الكيميائية أو النووية أو البيولوجية والرد عليها لحماية الموكب الرئاسي.
يليها المزيد من شاحنات الصحافة.
تقوم هذه الدراجات النارية بالإسراع على جانب الموكب الرئاسي لأنه الآن بعد مرور الموكب الرئاسي على المخارج التي قاموا بسدها سيسبقون الموكب مرة أخرى إلى نقاط التقاطع أو المخارج والمداخل التالية من أجل سدها أيضًا.
يطلق على هذه السيارة اسم Roadrunner، طائر الجواب وهي تحتوي على عدد من الهوائيات على سقفها لتكون بمثابة مركز اتصالات متحرك فمهمتها تتلخص في وصل الموكب الرئاسي بالعالم الخارجي عبر أنظمة الإنترنت والأقمار الصناعية.
تأتي بعد هذه السيارة سيارة إسعاف في حالة تعرض أي شخص في الموكب لإصابة ما وتماما مثل ضباط الشرطة والدراجين الذين يأتون على رأس الموكب الرئاسي تنتمي سيارة الإسعاف هذه إلى أي منطقة إدارية يتواجد بها الموكب.
أما سيارة الخدمة السرية الأخيرة هذه في الصورة أعلاه فهي سيارة الدعم التي تنقل المزيد من العملاء السريين والأفراد المهمين في طاقم الرئيس.
أخيراً تسهر سيارات الشرطة الثلاث الأخيرة هذه أنه الآن وبعد فتح المخارج والمداخل مجددا لن تسرع أي سيارة مدنية وتدخل الموكب الرئاسي أو تخترقه من الخلف.
من المهم التنويه إلى أن هذا ما هو عليه الموكب الرئاسي العادي ذلك أن تركيبته وبروتوكولاته تتغير غالبا بتغير المحيط والظروف.
على سبيل المثال عندما زار الرئيس باراك أوباما العراق في سنة 2009 كان موكبه الرئاسي يبدو مثل الصورة أدناه حيث قادت الطريق عربات (هامفي) العسكرية وفي الوسط كانت سيارات مدنية متطابقة واحدة من بينها فقط تقل الرئيس وعلى أسقف السيارات كانت هناك هوائيات ومجسات أكثر قوة منها هوائيات مضادة لقذائف RPG.
إن الموكب الرئاسي وبروتوكولاته هذه عالية الفعالية حيث انتقل مرة الرئيس في موكبه من مطار (لاغوارديا) إلى فندق (والدورف أستوريا) في جزيرة مانهاتن على مسار مسافته 14 كلم في مدة 8 إلى 10 دقائق بينما يستغرق قطع نفس المسار عادة بين 25 إلى 30 دقيقة في أقل تقدير.
وعلى الرغم من ذلك فإن التنقل على مسافة 30 دقيقة فقط بواسطة المواكب الرئاسية صعب جدا من الناحية اللوجستية ويأتي بتكاليف باهظة أيضًا.
لذا تجد الرئيس الأمريكي يسافر على متن (مارين وان) كلما كان ذلك ممكناً.
الـ(مارين وان) Marine One هي ليست في الواقع اسما يرتبط بطائرة مروحية معينة بل هو اسم رمزي يطلق على كل طائرة مروحية من شأنها نقل الرئيس من مكان إلى آخر.
لدى سلك القوات البحرية 35 طائرة مروحية من أنواع مختلفة يتم استخدامها لنقل الرئيس بين الحين والآخر والجدير بالذكر أن هذه الطائرات المروحية غالبا ما تستخدم لنقل نائب الرئيس وهنا يتحول اسمها الرمزي إلى (مارين تو) Marine 2.
بينما تستخدم (المارين وان) بين الحين والآخر لنقل الرئيس من نقطة أ إلى نقطة ب فإن مهمتها غالبا ما تتمثل في نقل الرئيس من البيت الأبيض إلى القاعدة الجوية العسكرية (آندروز).
تتواجد الطائرات الرئاسية في هذه القاعدة الجوية العكسرية التي تبعد عن البيت الأبيض بحوالي 17 كيلو متر وهي المسافة التي تبدأ بها رحلات الرئيس البعيدة خارج البيت الأبيض أو تنتهي بها عودة إليه.
تماما مثل ليموزين الرئيس الأمريكي لا تحلق طائرات (مارين وان) أبدا لمفردها مباشرة بعد الإقلاع ترافقها حوالي 5 طائرات مروحية مطابقة لها في جميع المواصفات والتي تغير مواقعها في الجو عدة مرات بطرق عشوائية حتى تضلل أي معتدي محتمل.
يطلق على الطائرة التي تنقل الرئيس الأمريكي اسم Air Force One (إير فورس وان)، وتماما مثل (مارين وان) فهذا الإسم ليس حكرا على طائرة معينة دون أخرى بل هو يرتبط بكل طائرة يتواجد الرئيس الأمريكي على متنها.
وعادة ما تتولى مهمة (إير فورس وان) طائرة من نوع بوينغ 747 معدّلة.
طائرة (إير فورس وان) الرئاسية الأمريكية.
إلى أي مدى يمكن اعتبار نظام النقل المعقد هذا فعالاً؟
لنلق نظرة على رحلة تنقل خلالها الرئيس الأمريكي من البيت الأبيض في واشنطن إلى مقر الأمم المتحدة في نيويورك لنعرف مدى سرعة وفعالية هذا النظام:
تستغرق مروحية (مارين وان) الرئاسية 8 دقائق لقطع مسافة 17 كيلومتر من البيت الأبيض إلى قاعدة (آندروز) الجوية العسكرية، ثم لدى وصوله يصعد الرئيس مباشرة على متن طائرة (إير فورس وان).
الرئيس هو دائما آخر شخص يصعد على متن الطائرة لذا بمجرد دخوله يتم إحكام إغلاق الباب وتقلع الطائرة مباشرة.
يعني هذا مدة 5 دقائق من هبوط المروحية إلى إقلاع طائرة (إير فورس وان).
من هناك تستغرق الرحلة الجوية إلى مطار (جون كينيدي) في نيويورك حوالي 30 دقيقة تليها 7 دقائق على متن (مارين وان) إلى مهبط المروحيات في وسط (مانهاتن) بنيويورك، ثم 6 دقائق أخرى بواسطة الموكب الرئاسي إلى مقر الأمم المتحدة.
يعني هذا أنه في حالة سار كل شيء على ما يرام ووفق المخطط لن يتعدى الأمر أكثر من مجرد ساعة لنقل الرئيس من باب البيت الأبيض في واشنطن إلى باب مقر الأمم المتحدة في نيويورك.
ما هي تكلفة هذه الرحلة؟
من المعروف للجميع بأن تكلفة طائرة (إير فورس وان) تبلغ 206,337 دولار للساعة الواحدة لذا تكلف رحلة النصف ساعة التي قضاها على متنها الرئيس مثلما سبق لنا ذكره حوالي 103,169 دولارًا لكن يجب علينا بالطبع إدراج تكاليف (مارين وان).
إن طائرة (مارين وان) المروحية باهظة التكاليف أيضًا، وبينما لا نعرف بالتحديد تكلفة استخدامها فإن طائرة مروحية غالبا ما تتولى مهمة (مارين وان) وهي طراز Sikorsky UH-60 Black Hawk تكلف حوالي 2,199 دولارًا للساعة الواحدة.
وبما أن طائرة (مارين وان) الرئاسية لا تطير وحدها بل ترافقها على الأقل 5 طائرات مطابقة لها وباعتبار أن الرئيس يقضي على متنها مدة ربع ساعة فقط فإن تكلفة الطائرة الواحدة منها هنا 530 دولار أي 3,000 دولار لستة طائرات مروحية.
أما سيارات الموكب الرئاسي فهي تقريبا لا تكلف الكثير لذا سنتركها خارج الحسابات لغرض البساطة.
لكن الطائرات المروحية والسيارات يجب عليها الوصول إلى نيويورك أيضًا لتقله من المطار هناك وهو الأمر الذي يتم تحقيقه من خلال شحنها على متن طائرة شحن C-5 Galaxy التي تكلف 100,941 دولارًا للساعة الواحدة وهو ما يعني 50,471 دولارًا للنصف ساعة الفاصلة بين واشنطن ونيويورك.
بجمع هذه التكاليف مع بعضها نجد تكلفة إجمالية تقدر بـ156,820 دولارًا، أو 2,614 دولارًا للدقيقة الواحدة وعلينا أن نتذكر دائماً أنه يجب على الرئيس العودة بنفس الطريقة إلى البيت الأبيض.
في نهاية المطاف تكلف تنقلات الرئيس الأمريكي من خزينة الدولة حوالي 350 مليون دولار سنوياً وهو المبلغ الذي يمثل حوالي ربع ميزانية البيت الأبيض السنوية.
إن هذا بدون شك ثمن باهظ لكن الكثيرين كانوا ليقولوا عنه أنه ثمن بخس يتم دفعه مقابل مهمة عظيمة وهي المحافظة على أمن وسلامة أكثر رجال العالم نفوذاً.
الموضوع مع الترجمة منقول والمصدر الأصلي قناة على اليوتيوب أجنبية
التعديل الأخير: