من قال أن قذائف المدفعية العادية الغير موجهة لا تستطيع قتل الدروع ؟
خلال الصباح الباكر من تاريخ 23 مايو 1944، قامت الفرقة الكندية الأولى بمهاجمة الألمان في مواقعهم الدفاعية خلال ما يعرف بمعركة "خط هتلر" في إيطاليا، و بعد فترة قصيرة، تبين أن الهجوم قد فشل و قد عانى الكنديون من خسائر كبيرة، و بعدها قام الألمان بشن هجوم معاكس بواسطة الدبابات، و تمكن الكنديون من دحر هذا الهجوم بواسطة مجموعة مدفعية الجيش الملكي الكندية (تشكيل موازي لتشكيل لواء مدفعية الميدان الأمريكي).
هذه أحد الأمثلة العديدة من معارك الحرب العالمية الثانية التي تمكنت فيها المدفعية من هزيمة الدروع، هل تغير أي شئ من تاريخ هذه المعارك لجعل المدفعية أقل فاعلية في التعامل مع الأهداف المدرعة؟ الجواب لا.
إن تحديد تأثير المدفعية أساسي لأي عملية تخطيط عسكري، إن عدد الأسلحة (قطع المدفعية مثلا) و كمية الذخيرة المطلوبة لهزيمة انواع مختلفة من الأهداف هي عوامل يجب الأخذ بها بعين الإعتبار عند تحديد مكونات القوات الأرضية.
و بما أن القوات الأمريكية و حلفاؤها تواجه اليوم بيئة فيها تهديدات عملياتية معاصرة كالقاعدة في معركة شاهي كوت في أفغانستان خلال عملية أناكوندا تتضح حاجة جيشنا (الجيش الأمريكي) بلا نقاش لقدرة نيرانية عضوية دقيقة قادرة على العمل في كل الأجواء. الذخائر الدقيقة المنقولة جوا قدرتها على توفير دعم قريب للقوات الأرضية المشتبكة محدودة و هي أكثر فاعلية ضد الأهداف الثابتة منها ضد الأهداف العائمة في القتال الأرضي سريع الخطوات (الميجور جنرال فرانكلين ل. هاجنبيك قائد القوات الأرضية خلال عملية أناكوندا). لذا على مدفعية القوات الأرضية أن تكون قادرة على الإستجابة بفعالية و دقة لتقليل الأضرار الجانبية.
و في نفس التوقيت تقريبا، قال الليفتنانت كولونيل كريستوفر ف. بنتلي منسق الدعم الناري للقوات الأرضية خلال عملية أناكوندا في أفغانستان أن الذخائر الدقيقة الموجهة ليست طلاقات فضية لكل الأهداف. إضافة إلى أن الذخائر الدقيقة الموجهة غالية الثمن.
و قال الجنرال ميجور هاجينبيك أيضا، أن خليط الذخائر المستخدمة في ميادين المعارك المستقبلية سيكون معتمد على المهمة و العدو و مسرح العمليات و التوافر بتوقيت مناسب، و لنكون مثاليين أكثر، يمكن أن ندرج الدقة ضمن الخيارات أعلاه و لكن ذلك يعتمد على إذا ما كانت الذخيرة الدقيقة قادرة على الإطباق على الهدف بوقت مناسب و بتأثير مناسب.
إن قذائف المدفعية للنيران المساحية ( القذائف العادية) لديها تاثيرات رائعة لم يتم تقديراها بشكل جيد خلال السنوات الأخيرة.
هذا المقال يذكر الجيش بقدرة القتل للنيران المساحية لمدفعية الميدان عن طريق دراسة خلفية نماذج و مشبهات المعلومات المستخدمة في وصف تأثير المدفعية في دراسة بدأت في الـ 1988 و يستعرض نتائج هذه الدراسة التي مدتها 4 سنوات لتأثير القذائف الاساسية للمدفعية السوفييتية من عيار 152 مم و المدفعية الأمريكية من عيار 155 مم.
الخلفية، في بداية السبعينات، بدء الجيش بتطوير نماذج للعمل على موضوع التأثير، و قد أدى تطوير هذا الموضوع لظهور مشبهات للمعركة تستخدم للتدريب، و كانت واقعية هذه النماذج و المشبهات تعتمد على دقة قواعد البيانات المستخدمة لتمثيل تأثيرات القتال على ميدان المعركة.
و أثناء تطوير هذه النماذج، لاحظ المحللين العسكريين تباين بين التقديرات السوفييتية و الأمريكية لفعالية القذائف المتشظية شديدة الإنفجار، و للعلم فإن القذيفة شديدة الإنفجار هي قذيفة المدفعية الأساسية المستخدمة من قبل قوات حلف الناتو و قوات حلف وارسو السابقة.
كلا التقديرات السوفييتية و الأمريكية للتأثيرات ضد الأهداف اللينة و الشاحنات و الرادارات كانت متشابهة، و لكن كان هناك إختلاف كبير بين كمية المواد الشديدة الإنفجار المطلوبة لقتل الأهداف المدرعة وفق التقديرات الأمريكية و السوفيتية.
على سبيل المثال، لإلحاق أضرار بنسبة 30 % بناقلة جند مدرعة، كانت التقديرات السوفيتية لعدد القذائف المطلوبة لأداء المهمة أقل بـ 2.8 من التقديرات الأمريكية. و تم تحديد نسبة الضرر الـ 30 % بالمائة على أنها النسبة الضرر الكفيلة بإيقاف الإلية عن مواصلة المعركة و لكن ليس تدميرها. و كان عدد القذائف المطلوبة وفق التقديرات السوفييتية لإلحاق 30 % اضرار بالدبابات أعلى بقليل فقط من عدد القذائف المطلوبة لإلحاق نفس النسبة ضد ناقلات الجند المدرعة.
قاعدة البيانات الأمريكية كانت نتيجة لإنشاء نموذج المعلومات المطور سنة 1972 الذي كان يتطلب إصابات مباشرة ضد الدبابات لإحراز اي تاثير، و لإحراز إصابة مباشرة بإستخدام ذخائر النيران المساحية، تطلبت النماذج إطلاق عدد كبير من القذائف، و خلال فترة من الزمن، العدد الكبير من القذائف المطلقة و التأثير القليل جعل تاثير نيران المدفعية قليل في نموذج المعلومات، و لقد عرف المحللون العسكريون أن معيار تحديد أثر القذائف شديدة الإنفجار غير دقيق و لكنهم لم يملكوا المعلومات الكافية ليبنوا عليها تصحيحاتهم لقواعد البيانات المستخدمة.
إختبارات تأثير المدفعية، في سنة 1988 أمر مساعد رئيس أركان عمليات الجيش (تطوير القوات) بإجراء دراسة على تأثيرالمدفعية السوفيتية للتأكد من صحة المعلومات المستخدمة بالنماذج، و قد أدى القيام ببحث عن الوثائق قبل الشروع بالتجربةإلى العثور على تقرير سوفيتي بعنوان "الرمي للتأثير ضد النقاط القوية" و قد أعتبر هذا التقرير أساس المقارنة بين التقديرات السوفيتية و الأمريكية للتأثير المدفعي.
لقد زعم السوفييت بأن قذائف الهاون عيار 120 مم و قذائف المدفعية 122 و 152 مم قد حققت مستويات عالية من الأضرار ضد الدبابات وناقلات الجنود المدرعة. و لقد تنوعت التفسيرات بشأن هذا الإختلاف بين التقديرات السوفيتية و الأمريكية، فالبعض قالوا أن السوفييت قد بالغوا بتقدير تاثير مدفعيتهم و البعض قالوا أن معيار الضرر بالعربات المدرعة مختلف. و الإحتمالات الأخرى المطروحة هي أن قاعدة البيانات الخاصة بالأمريكان غير صحيحة أو أنها أستخدمت بشكل غير صحيح. و قد أوضحت دراسات أخرى بأن لدى السوفييت قاعدة بيانات ضخمة طورت بواسطة برنامج مكثف للرماية الحية.
هناك إختلاف كبير بين طرق تقدير الأضرار بين الطرفين، السوفييت كان لديهم معيار "تضرر" و الذي يعني غير قادر على مواصلة القتال و المعيار الثاني "دمر"، أما الأمريكان فأستخدموا معيار "الوقت اللازم للإصلاح" كأساس في نماذج الأضرار، فإذا كانت الوقت المطلوب للإصلاح أقل من 30 دقيقة، لم تعطى الإصابة أية قيمة، فيما إذا كان الوقت المطلوب للإصلاح بين الـ 30 دقيقة و ساعة، إعطيت الإصابة قيمة معينة، بين الساعة و الساعتين قيمة أخرى و هكذا.
و على الرغم من أن المعيار الأمريكي في تقدير الأضرار يبدو غير واقعيا، فقد إستمر المحللون الأمريكيون بإستخدامه في إختبار دراسة تأثير المدفعية السوفيتية.
و كان هناك مشكلة أساسية و هي أن الولايات المتحدة كان لديها معلومات محدودة عن تأثير الشظايا على المركبات المدرعة، و قد أجري أخر إختبار رماية حية بقذائف المدفعية سنة 1972 بإستخدام أهداف مدرعة من الحرب العالمية الثانية و الحرب الكورية، و قذائف المدفعية لم تتغير بشكل كبير منذ ذلك الوقت و لكن طرأت تغييرات كبيرة على الأليات المدرعة.
لتصحيح هذا النقص في المعلومات، تركز إختبار "تأثير المدفعية السوفييتية" حول اربعة إختبارات، الإختبار 1 و الإختبار 3 كانت إختبارات عملياتية لمقارنة ما تنبأت به نماذج المعلومات مع إختبارات الرماية الحية، الإختبار 2 و الإختبار 4 كانت عبارة عن إختبارات تكتيكية لجمع المعلومات بهدف تصحيح و تحديث قوائم البيانات.
نتائج الإختبارات، أجري أول إختبار سنة 1988، و لقد أكد الباحثون أن القذيفة الأمريكية شديدة الإنفجار من عيار 155 مم مشابهة لحد معقول للقذيفة السوفييتية شديدة الإنفجار من عيار 152 مم، و قامت بطارية مدفعية M 109 من عيار 155 مم مستخدمة نفس أساليب و توجيهات المدفعية السوفيتية بإجراء الإختبار، و كانت الأهداف عبارة عن مجسمات بشرية متمركزة بمواقع قتالية و شاحنات أمريكية و عربات مدرعة من طراز M113 و M557 و دبابات من طراز M48، و أستخدم عدد من نماذج الحاسوب الألي للتنبأ بالنتائج، و لقد تم إجراء الإختبار ثلاث مرات بإستخدام قذائف ذات صاعق تصادمي (PD) و قذائف ذات صاعق موقت(VT).
و كانت التأثيرات الناتجة على المجسمات البشرية و الشاحنات قريبة لما تنبأت به نماذج الحاسوب الألي و لكن كانت التأثيرات على المركبات المدرعة و الدبابات أكبر بكثير مما تنبأ به الحاسوب.
لقد تنبأ النموذج الحاسوبي بـنسبة ضرر مقدارها 30% و لكن بالواقع تم تحقيق نسبة قدرها 67%، لقد قامت الشظايا المتناثرة من القذائف شديدة الإنفجار إبإختراق المركبات المدرعة و دمرت الأجزاء الحساسة علاوة على جرح طاقمها المكون من مجسمات بشرية (أنظر للصورة رقم 1)، إضافة لذلك، تمكنت شظايا القذائف الشديدة الإنفجار من إلحاق الضرر بالجنازير و عجلات الطريق و أجهزة الرؤية الخاصة بالمدافع الرئيسية علاة على إشعال النار في أحد المركبات.
صورة 1: إنفجار قريب و يلاحظ أن الشظايا الناتجة عن إنفجار القذيفة شديدة الإنفجار قد إخترقت هذه العربة المدرعة و دمرت بداخلها الأجزاء الحساسة و جرحت أفراد الطاقم الإفتراضي
و مما يثير الإهتمام بشكل كبير أن جميع الأضرار على المركبات المدرعة و الدبابات لم تكن نتيجة إصابة مباشرة و لكنها كانت نتيجة إنفجارات قريبة.
لقد أظهر الإختبار أن النماذج المستخدمة في الجيش الأمريكي لم تكن تتنبأ بدقة بتأثيرات المدفعية، و أن الإصابات المباشرة لم تكن مطلوبة لإحداث الأضرار بالأليات المدرعة و الدبابات.
الإختبار الثاني تم إجراؤه خلال مدة 7 اشهر، و لقد صمم ليعطي معلومات محدثة عن أضرار الشظايا ضد مركبات القتال المدرعة و الدبابات الحديثة، لقد قامت قطعة مدفعية واحدة من طراز M109 بإطلاق قذائف شديدة الإنفجار من عيار 155 مم بصواعق تصادمي (PD) و صواعق موقتة (VT)، إطلقت قذيفة واحدة في كل مرة و تم إجراء دراسة مفصلة عن تأثيرها في حالة الإصابة المباشرة أو الإنفجار قريبا من الهدف.
لقد كانت إصابة واحدة بقذيفة شديدة الإنفجار مزودة بصاعق تفجير تصادمي كفيلة بتدمير أهداف متنوعة، الإصابات القريبة كانت كفيلة بإلحاق الأضرار بعجلات الطريق و الجنازير و أجهزة الرؤية الخاصة بالمدافع الرئيسية و فتحات الرؤية، أما الإنفجارات الجوية للقذائف شديدة الإنفجار المزودة بصمام تفجير موقت فكانت كفيلة بإلحاق الضرر أو بتدمير المدافع الرئيسية و فتحات الرؤية و الهوائيات و أجهزة الرؤية و المحركات و أي شئ مخزن في خارج العربة (أنظر الصورة رقم 2).
صورة 2: الإنفجار الهوائي لقذيفة شديدة الإنفجار مزودة بصاعق تفجير موقت دمرت المدفع والأجزاء الحساسةالأخرى لهذه المركبة
الإختبار الثالث، كان ضد مشبه لفريق مشاة ميكانيكية أمريكي متمركز في مواقع دفاعية، و كانت منطقة الهدف تتكون من منطقة دفاعية أمامية فيها خندق دبابات بطول 250 متر و حقول ألغام و أسلاك شائكة، و كانت قوات المشاة مترجلة و موجودة في مواقع مجهزة و مغطاة من الأعلى، فيما كانت الدبابات و المركبات القتالية في مواقع مساندة متخندقة بوضعية البدن المخفي و البرج المخفي.
من أجل هذا الإختبار، تم إستخدام كتيبة مدفعية من عيار 155 مم مكونة من 24 مدفع لتحقيق المعايير السوفيتية بنسبة تدمير تعادل الـ 50 %، لتحقيق التأثير المطلوب، تطلبت خطة الإطلاق ثلاث إعادات للإختبار و إطلاق 2600 قذيفة شديدة الإنفجار مزودة بخليط من الصواعق التصادمية و الصواعق الموقتة.
في كل مرة تم فيها إعادة الإختبار، دمرت 50% من مواقع جنود المشاة و قتل و جرح منهم 50%.
و لكن لم يكن ممكنا قياس التأثير النفسي على الجنود بما أن قوانين الجيش تمنع إستخدام البشر و الحيوانات في هذا النوع من التجارب، و لكن الدراسات التي تم إجراؤها في المرحلة الأولى من الإختبار، وثقت لحوادث حصلت في الحرب العالمية الأولى و الثانية و كانت دليلا على أن الجنود الضعيفي المعنويات أو الغير مدربين بشكل جيد لم يتحملوا القصف الثقيل للمدفعية، و هذه التقارير تم تأكيدها خلال عملية عاصفة الصحراء في الـ 1991 من خلال الإستسلام الجماعي لجنود العدو، لقد تم القضاء على رغبة الجنود في القتال بواسطة الدعم الناري المقدم من راجمة الصواريخ متعددة الأنابيب (MLRS) و المدافع و الضربات الجوية.
بالإضافة لذلك، و خلال الإختبار الثالث، تعرضت 50 % من مركبات المشاة القتالية و الدبابات لأضرار منعتها من إطلاق النار أو الحركة مما يعني أنها أصبحت خارج المعركة (أنظر الصورة 3)، إن الدخان و الغبار الناتج عن قذائف المدفعية شديدة الإنفجار قلل من قدرة طواقم الدبابات و المركبات المدرعة على الإشتباك مع الأهداف على المدى الأقصى.
صورة 3: الإنفجار القريب لقذيفة شديدة الإنفجار مزودة بصمام تصادمي دمر الجنزير لهذه الدبابة و بالنسبة للدبابات التي كانت في وضعية البدن المخفي، كان الضرر مماثلا
هذا الإختبار أظهر أن إستخدام قذائف عادية شديدة الإنفجار المتشظية ذو تأثير قاتل ضد الدبابات و العربات المدرعة أكبر بكثير من ما تنبأت به قواعد بيانات الجيش الأمريكي، و بناءا على المعطيات التي تم الحصول عليها من الإختبار الثاني، كانت تنبأت قواعد البيانات الأمريكية لنتائج الإختبار الثالث أقرب للنتائج الواقعية و لكنها بقيت أقل مما تم الحصول عليه من أضرار و تدمير.
يجب على رجال المدفعية أن يفهموا أن معطيات نماذج التنبؤ بأضرار المدفعية الأمريكية ليست دقيقة دائما، و أن العديد من النماذج لم يتم تحديثها و أن قواعد بياناتها لا تعكس كل ما يتعلق بالقدرة التدميرية.
لقد أظهرت نتائج إختبارات تأثير المدفعية السوفيتية أن نماذج التنبؤ الخاصة بأضرار المدفعية لم تكن تقوم بعملها بشكل جيد، الإصابات المباشرة و القريبة تسببت بأضرار كبيرة للمركبات المدرعة و الدبابات، لقد أكدت نتائج الإختبارات صحة التقرير السوفييتي المنشور عن التأثير القاتل للمدفعية (أنظر الصورة 4).
صور 4: إنفجار قريب لقذيفة شديدة الإنفجار مزودة بصاعق تفجير تصادمي - لقد أثبت إختبار تأثير المدفعية السوفيتية صحة التقرير السوفيتي الذي أوضح أن أضرار المدفعية على الدروع أكبر مما تتنبأ به التقديرات الأمريكية
و حتى مع البيانات المحدثة، تميل نماذج التنبؤات القتالية لبقائها محافظة أكثر من اللزوم، النماذج غير قادرة على قياس التأثير الكامل لنيران المدفعية كالدخان و الغبار و رؤية الأسلحة إضافة للتأثيرات النفسية على البشر، لقد أثبتت إختبارات تأثير المدفعية السوفييتية قدرة القذائف المتشظية شديدة الإنفجار على التأثير بشكل جيد ضد معظم الأهداف المدرعة الثابتة الحديثة سواء الأمريكية أو السوفييتية.
الإشاعات المتعلقة بقدرات التدمير للمدفعية
بما أن نماذج التنبؤ بتأثير المدفعية لم تكن تؤدي عملها بشكل دقيق لعدد من السنين، فقد ظهرت عدة إشاعات، و تم تفنيد خمس منها في إختبارات تأثير قدرة المدفعية السوفيتية و هي:
الإشاعة 1: يجب أن يتم تحقيق إصابة مباشرة بقذيفة المدفعية لتدمير أو إعطاب ألية مدرعة، و هذا غير صحيح، و لقد إتضح بأن إصطدام قذيفة مدفعية من عيار 155 مم على بعد 30 م يسبب أضرار كبير (أنظر الصورة 5)، الإنفجار الهوائي للقذيفة المجهزة بـصواعق تفجير موقتة أو لقذائف الـ (DPICM) - و هو نوع من القذائف العنقودية و لكن يطلق من الأرض – كان كفيلا بخلع أجهزة الإتصالات و الرؤية و فتحات النظر و أي شئ مخزن خارج البرج، و كانت هذه الإنفجارات فعالة بشكل خاص ضد المدفعية الصاروخية متعددة الأنابيب (أنظر الصورة 6).
صورة 5: إن إنفجار قذيفة شديدة الإنفجار على بعد 30 متر من هذه الدبابة سبب أضرارا كبيرة
صورة 6: خلال الإختبار، تمكنت ذخيرة الـ (DPICM) من تدمير راجمة الصواريخ المبينة أعلاه و التي لم تكن تحوي ذخيرة و كانت الأضرار ناتجة عن (DPICM) فقط، و يلاحظ أن الثقوب التي عليها علامات نتجت عن شظايا خرجت من الجانب الأخر
الإشاعة 2: يتطلب تدمير أو إعطاب دبابة 50 قذيفة مدفعية وهذا غير صحيح لأن الأمر يتطلب قذيفة واحدة (أنظر الصورة 7)، فإذا قامت كتيبة مدفعية بالإشتباك مع تشكيل مدرعة (54 قذيفة) سيتم إعطاب أو تدمير أكثر من دبابة واحدة.
صورة 7: قذيفة واحدة شديدة الإنفجار مزودة بصاعق تفجير تصادمي ألحقت ضررا كبيرا بهذه الدبابة حين إنفجرت بالقرب منها
الإشاعة 3: من الصعب الإشتباك مع أهداف متحركة، أمر صعب و لكنه ممكن، و المسألة هنا ليست القدرة على القتل و لكنها التكتيكات و الإجراءات المتبعة لضرب الهدف المتحرك، و يجب تدريب الوحدات على نقل النيران.
الإشاعة 4: لا يمكن هزيمة الدروع الحديثة بواسطة المدفعية، الدبابات مصممة لقتل الدبابات و معظم الدروع مصممة لتوفر الحماية من الجهة الأمامية، القذائف شديدة الإنفجار مع صواعق تفجير موقتة أو قذائف (DPICM) قادرة بشكل كبير على هزيمة الدروع الحديثة (أنظر الصورة 8).
صورة 8: قذيفة واحدة شديدة الإنفجار مزودة بصاعق تفجير تصادمي دمرت هذه الدبابة بالكامل بعد إصابتها إصابة مباشرة
الإشاعة 5: العربات المدرعة يمكنها غلق كوات الطاقم و القيادة خلال نيران المدفعية، صحيح و لكن حال غلق كوات الطاقم ستتقلص قدرتهم على الرؤية بنسبة 40% و خلال قيادتهم خلال نيران المدفعية، هناك إحتمال كبير للتعرض لأضرار في الحركة أو القدرة النارية و هناك إحتمال أخر لأن يغير التشكيل المدرع وجهة هجومه، و النتيجة ستكون تأخير أو صد الهجوم.
الخاتمة
لقد حصلت المدفعية على لقب "أعظم قاتل خلال الحرب العالمية الثانية" و هذه السمعة بنيت على قدرة المدفعية على تركيز النيران و الإستجابة بسرعة بنيران دقيقة و المناورة بها، إضافة إلى الإعتقاد بأن المدفعية قادرة على تدمير أي هدف في أرض المعركة، و نفس هذه القدرة ما تزال موجودة خلال أيامنا هذه.
إنها مسؤولية كل رجل مدفعية ميدان أن يعرف قدرات سلاحه و أن يرفض الإشاعات المثارة حول تأثير المدفعية على الأهداف المدرعة و التأكيد على قائد القوات بالإستخدام الكامل للوسائل النيرانية بأمرته في الميدان.
بواسطة الميجور (متقاعد) جورج أ. دورهام مع بعض التعديلات
التقرير الأصلي موجود لمن أراد الإطلاع عليه
______________________________________________________________________________
و السؤال الذي يتبادر في ذهني لخبراء المدفعية، هو هل من الممكن أن تتمكن قذيفة شديدة الإنفجار عيار 155 مم من إلحاق الضرر الموضح بالصور أعلاه بدبابة قتال رئيسية أم أنه مجرد خطأ مطبعي من كاتب التقرير؟
و شكراً
التعديل الأخير بواسطة المشرف: