مرّ حلف شمال الأطلسي (الناتو) عام 1966 بواحدة من أسوأ فتراته، منذ نشأته عام 1949، بسبب انسحاب الفرنسيين من القيادة العسكرية الموحدة للحلف. خلال تلك الفترة، ضمّ حلف الناتو 15 دولة، كان من بينها جمهورية ألمانيا الاتحادية. وقد جاء انسحاب فرنسا ليشكل مفاجأة دبلوماسية حلت لتبرز حجم الخلاف الفرنسي الأميركي أثناء فترة شهدت تورط الأميركيين بحرب فيتنام واستعد خلالها الزعيم الصيني ماو تسي تونغ لإطلاق ثورته الثقافية.
الخلاف الأميركي الفرنسي
برز الخلاف الفرنسي الأميركي بسبب العديد من العوامل. فما بين الخمسينيات والستينيات، واجه الفرنسيون أزمة استقلال الدول المستعمرة منذ عقود بكل من الهند الصينية وإفريقيا. وبينما رفض الفرنسيون فكرة نهاية الاستعمار، أيد الأميركيون التطلعات التحررية للشعوب المستعمرة خوفاً من إمكانية التحاقهم بالمعسكر الشيوعي في فترة لاحقة. وقد عاب الفرنسيون بسبب ذلك على الأميركيين غياب التكافل والتضامن والتوافق في المواقف، مؤكدين على ضرورة أن يكون التحالف شاملاً.
وعلى الرغم من رضوخهم للمطالب الأميركية غالباً، انزعج المسؤولون الفرنسيون من مواقف الولايات المتحدة الأميركية خلال العديد من الأزمات، وجاءت معاهدة إنشاء "جماعة الدفاع الأوروبية" لتبرز حدة الخلاف بين الطرفين، وتفاقم الأمر عقب "أزمة قناة السويس". كما تشاءم الفرنسيون مما اعتبره كثير منهم تدخلاً أميركياً في شؤون بلادهم.
فرنسا تنسحب من الناتو
ومع شارل ديغول (Charles de Gaulle)، اتجهت فرنسا لاتخاذ خطوات ضد حلف شمال الأطلسي. وفي البداية، طالب ديغول عام 1958 بمنح فرنسا مزيداً من الاستقلالية والحرية مقارنةً ببقية حلفائها، خاصة في مجال التسلح النووي، وصلاحيات شبيهة بصلاحيات بريطانيا وأميركا فيما يخص إصلاحات صلب حلف الناتو.
وخلال شهر آذار/مارس 1959، انسحبت البحرية الفرنسية المتمركزة بالبحر الأبيض المتوسط من قيادة حلف الناتو. وبعدها بشهرين أعلن شارل ديغول أنه سيعارض تخزين الأسلحة النووية الأميركية على الأراضي الفرنسية. وعام 1962 أكد ديغول أن الجنود الفرنسيين العائدين من الجزائر معفون من المشاركة بمهام حلف الناتو. وبعدها بسنتين غادرت البحرية الفرنسية القيادة المشتركة للناتو بالأطلسي.
وبعد مضي نحو 3 أشهر فقط على إعادة انتخابه رئيساً لفرنساً، أطلع ديغول نظيره الأميركي ليندون جونسون يوم 7 آذار/مارس 1966 على رغبة بلاده في مغادرة القيادة الموحدة لحلف شمال الأطلسي وإنهاء تبعية القوات الفرنسية للأوامر الدولية، لكن دون الرحيل بشكل تام عن الحلف. وأكد على رغبة بلاده في استعادة السيادة على أراضيها مطالباً بضرورة رحيل القوات الأميركية والكندية عن الأراضي الفرنسية.
واتجه حلف شمال الأطلسي لإخلاء حوالي 29 قاعدة عسكرية بفرنسا بين مدن كشاتورو ولا روشيل وأورلينز ليغادر، بذلك الجنود وعائلاتهم، المقدر عددهم بنحو 100 ألف شخص، الأراضي الفرنسية. وقد سبب ذلك حالة من الغضب بين العديد من الفرنسيين، حيث احتج كثير منهم بباريس منتصف شهر تشرين الأول/أكتوبر 1966 للتعبير عن خضبهم بسبب خسارة نحو 18 ألف وظيفة كانت على ارتباط مباشر بتواجد القوات الأجنبية بفرنسا. أيضاً، أسفر القرار الفرنسي عن نقل مقر الناتو الذي تواجد بباريس منذ عام 1952 نحو العاصمة البلجيكية بروكسل.
خلال الأشهر التالية، أبرمت فرنسا اتفاقية مع الناتو لتنظيم العلاقات بينهما فوافقت على إبقاء قواتها بألمانيا الغربية وتعهدت بالتدخل لصالح الناتو ومناصرته في حال اندلاع حرب ضد "حلف وارسو".
انفراج الأزمة وعودة فرنسا
وقد انتظر الجميع حلول العام 1995 لملاحظة بوادر انفراج الأزمة، حيث شارك وزير دفاع فرنسا حينها لأول مرة باجتماعات حلف الناتو. وبشهر آب/أغسطس 2004، عُيّن جنرال فرنسي لقيادة عمليات حلف شمال الأطلسي بأفغانستان. وأثناء فترة حكم الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي، عادت فرنسا رسمياً خلال شهر نيسان/أبريل 2009 للقيادة العسكرية الموحدة للناتو بعد غياب استمر لنحو 43 عاماً.
الخلاف الأميركي الفرنسي
برز الخلاف الفرنسي الأميركي بسبب العديد من العوامل. فما بين الخمسينيات والستينيات، واجه الفرنسيون أزمة استقلال الدول المستعمرة منذ عقود بكل من الهند الصينية وإفريقيا. وبينما رفض الفرنسيون فكرة نهاية الاستعمار، أيد الأميركيون التطلعات التحررية للشعوب المستعمرة خوفاً من إمكانية التحاقهم بالمعسكر الشيوعي في فترة لاحقة. وقد عاب الفرنسيون بسبب ذلك على الأميركيين غياب التكافل والتضامن والتوافق في المواقف، مؤكدين على ضرورة أن يكون التحالف شاملاً.
وعلى الرغم من رضوخهم للمطالب الأميركية غالباً، انزعج المسؤولون الفرنسيون من مواقف الولايات المتحدة الأميركية خلال العديد من الأزمات، وجاءت معاهدة إنشاء "جماعة الدفاع الأوروبية" لتبرز حدة الخلاف بين الطرفين، وتفاقم الأمر عقب "أزمة قناة السويس". كما تشاءم الفرنسيون مما اعتبره كثير منهم تدخلاً أميركياً في شؤون بلادهم.
فرنسا تنسحب من الناتو
ومع شارل ديغول (Charles de Gaulle)، اتجهت فرنسا لاتخاذ خطوات ضد حلف شمال الأطلسي. وفي البداية، طالب ديغول عام 1958 بمنح فرنسا مزيداً من الاستقلالية والحرية مقارنةً ببقية حلفائها، خاصة في مجال التسلح النووي، وصلاحيات شبيهة بصلاحيات بريطانيا وأميركا فيما يخص إصلاحات صلب حلف الناتو.
وخلال شهر آذار/مارس 1959، انسحبت البحرية الفرنسية المتمركزة بالبحر الأبيض المتوسط من قيادة حلف الناتو. وبعدها بشهرين أعلن شارل ديغول أنه سيعارض تخزين الأسلحة النووية الأميركية على الأراضي الفرنسية. وعام 1962 أكد ديغول أن الجنود الفرنسيين العائدين من الجزائر معفون من المشاركة بمهام حلف الناتو. وبعدها بسنتين غادرت البحرية الفرنسية القيادة المشتركة للناتو بالأطلسي.
وبعد مضي نحو 3 أشهر فقط على إعادة انتخابه رئيساً لفرنساً، أطلع ديغول نظيره الأميركي ليندون جونسون يوم 7 آذار/مارس 1966 على رغبة بلاده في مغادرة القيادة الموحدة لحلف شمال الأطلسي وإنهاء تبعية القوات الفرنسية للأوامر الدولية، لكن دون الرحيل بشكل تام عن الحلف. وأكد على رغبة بلاده في استعادة السيادة على أراضيها مطالباً بضرورة رحيل القوات الأميركية والكندية عن الأراضي الفرنسية.
واتجه حلف شمال الأطلسي لإخلاء حوالي 29 قاعدة عسكرية بفرنسا بين مدن كشاتورو ولا روشيل وأورلينز ليغادر، بذلك الجنود وعائلاتهم، المقدر عددهم بنحو 100 ألف شخص، الأراضي الفرنسية. وقد سبب ذلك حالة من الغضب بين العديد من الفرنسيين، حيث احتج كثير منهم بباريس منتصف شهر تشرين الأول/أكتوبر 1966 للتعبير عن خضبهم بسبب خسارة نحو 18 ألف وظيفة كانت على ارتباط مباشر بتواجد القوات الأجنبية بفرنسا. أيضاً، أسفر القرار الفرنسي عن نقل مقر الناتو الذي تواجد بباريس منذ عام 1952 نحو العاصمة البلجيكية بروكسل.
خلال الأشهر التالية، أبرمت فرنسا اتفاقية مع الناتو لتنظيم العلاقات بينهما فوافقت على إبقاء قواتها بألمانيا الغربية وتعهدت بالتدخل لصالح الناتو ومناصرته في حال اندلاع حرب ضد "حلف وارسو".
انفراج الأزمة وعودة فرنسا
وقد انتظر الجميع حلول العام 1995 لملاحظة بوادر انفراج الأزمة، حيث شارك وزير دفاع فرنسا حينها لأول مرة باجتماعات حلف الناتو. وبشهر آب/أغسطس 2004، عُيّن جنرال فرنسي لقيادة عمليات حلف شمال الأطلسي بأفغانستان. وأثناء فترة حكم الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي، عادت فرنسا رسمياً خلال شهر نيسان/أبريل 2009 للقيادة العسكرية الموحدة للناتو بعد غياب استمر لنحو 43 عاماً.
لماذا غادرت فرنسا حلف "الناتو" بالقرن الماضي؟
مرّ حلف شمال الأطلسي (الناتو) عام 1966 بواحدة من أسوأ فتراته، منذ نشأته عام 1949، بسبب انسحاب الفرنسيين من القيادة العسكرية الموحدة للحلف. خلال تلك الفترة،
www.alarabiya.net