القناعة كنز لا يفنى
يدلنا الرسول المعلم صلى الله عليه وسلم في هذه الاحاديث الجليلة
على الطريقة المضمونة والوسيلة المأمونة للشعور بنعم الله الكثيرة علينا
والاستمتاع بمعايشتها وحسن التذوق لها
والرضى الجميل بها
ونحن في امس الحاجة اليوم الى استخدام هذه الطريقة في هذا العصر المادي العجيب
الذي يشهد تنافسا محموما بين الناس
على امتلاك الماديات
والصراع عليها والذي قضى على الرضى والهدوء والسعادة والطمأنينة
أعلم أخي بارك الله فيك
ان النعم التي أنعم الله بها على الانسان
نوعان :
النوع الاول :
نعم اساسية اصلية ثابتة
وهي نعمة الإيمان والإسلام والهدى
وما ينتج عنها من حسن المعايشة مع الحياة
بان يعيشها المسلم المؤمن المهتدي في عبودية وطاعة لله بأداء ما اوجب الله عليه وترك ما نهاه عنه
والرضى بقدر الله والسعادة بطاعة الله
والهدوء في استهلاك العمر والطمأنينة على الرزق والمستقبل
والعفة والطهارة والاستقامة والصدق .
هذه هي اهم النعم التي ينعم الله بها على المسلم الواعي البصير
ويمتن بها عليه ويدعوه إلى حسن ذكره وشكره عليها :
{يَمُنُّونَ عَلَيكَ أن أسلَمُوا قُل لاَّ تَمُنُّوا عَلَيَّ إسلَامَكُم بَلِ اللهُ يَمُنُّ عَلَيكُم أن هَدَاكُم لِلإيمَانِ إن كُنتُم صَادِقِينَ**"الحجرات /17" .
النوع الثاني :
نعم ثانوية او كمالية استهلاكية فانية زائلة
وهي النعم المادية القائمة على امتلاك مظاهر دنيوية مثل
المال والمتاع والملذات من المأكل والمشرب والملبس
وهي نعم محببة للنفس ،مزينة لها
كما قال تعالى :
{زُيِّنَ للنَّاسِ حبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاء وَالبَنينَ وَالقَنَاطَيِرِ اَلمُقَنطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالفِضَّةِ وَالخَّيلِ المُسَوِّمَةِ وَالأنعَامِ وَالحَرث
ذَلَك مَتَاعُ الحَيَاة الدُّنيَا وَالله عِندَهُ حُسنُ المَآب *
قُل أؤنَبِّئُكُم بِخَير مِّن ذَلكُم
للَّذِينَ اتَّقَوا عِندَ رَبِّهِم جَنَّاتٌ تَجرِي مِن تَحتهَا الأنهَارُ خَالِديِنَ فِيهَا وَأزوَاجٌ مُّطَهَّرَةٌ وَرِضوَانٌ مِّنَ اللهِ وَالله بَصِيرٌ بِالعبَادِ)
وإذا ما تنافس الناس الماديون في النوع الثاني من النعم الاستهلاكية الكمالية الفانية الزائلة
فان المؤمن لا ينافس فيها
ولا يتهالك عليها ويرضي بما ساقه الله إليه منها
يأخذه من طريق حلال ويستهلكه في طريق حلال ويوجه همته وطاقته ووقته ومواهبه للارتقاء في عالم الايمان والعبادة
والتسابق في النعم الاصلية الثابتة والازدياد منها لترتفع منزلته في النعيم المقيم في الجنة .