إسرائيليات
الدكتور عثمان قدري مكانسي
الدكتور عثمان قدري مكانسي
قرأت قوله تعالى من سورة البقرة:
{ وإِذْ قَالَ مُوسَىٰ لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ إِنَّكُمْ ظَلَمْتُمْ أَنفُسَكُم بِاتِّخَاذِكُمُ الْعِجْلَ فَتُوبُوا إِلَىٰ بَارِئِكُمْ فَاقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ ذَٰلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ عِندَ بَارِئِكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ ۚ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (54)}
ونظرت في تفسيرها، فهالني الأمر في نقل الإسرائيليات في بعض التفاسير دون محاكمة عقلية للأمر ، فأورد بعضهم أن الأمر كان القتل عامّة ،يُقتل من عبد العجل ومن لم يعبده لأن الثاني سكت عن عبادة الآخرين له خوفاً منهم ، وكان ينتظر مجيء موسى عليه السلام ليُجلي الأمر لهم.
أورد بعضهم أن الناس اصطفوا طرفين وبدأ القتل ، فقُتِل من الطرفين سبعون الفاً .مثال هذا ما أورده ابن كثير : (إن توبتهم أن يقتل كلُّ واحد منهم كلَّ من لقي من والد وولد فيقتله بالسيف ،ولا يبالي من قَتَل في ذلك الموقف) ثم قال:"وقام الذين لم يعبدوا العجل ، فأخذوا الخناجر بأيديهم، واصابتهم ظُلّةٌ شديدة ، فجعل بعضهم يقتل بعضاً فانجلت الظلة عنهم وقد أجْلّوا عن سبعين ألف قتيل، كل من قٌتِل كانت له توبة ، وكل من لم يُقتل كانت له توبة"
وقال ابن كثير أيضاً : على لسان سعيد بن جبير ومجاهد : قام بعضهم إلى بعض بالخناجر فقتل بعضهم بعضاً لا يحنو رجل على قريب ولا بعيد، حتى ألوى موسى بثوبه ، فطرحوا ما بأيديهم، فكُشف عن سبعين ألف قتيل.
قد يقول أحدهم : المقصود بقوله: يقتل بعضُهم بعضاً أن الذي لم يعبد العجل أمر بقتل من عبَده ، هذا المعنى – إنْ قُصِد – صحيح لو أنه لم يذكر أن ظلة شديدة أصابتهم ، فهذا يعني أن القتل كان على غير هدىً ومرأى ، وظل القتل مستحرّاً إلى أن انجلت الظلمة ، وهذا يعني أن القتل أصاب الصالح والطالح،وهذا لا يكون من الحقيقة في شيء.
واقرأ معي في تفسير ابن كثير أيضاً لمّا أُمرت بنو إسرائيل بقتل نفسها برزوا ومعهم موسى ،فاضطربوا بالسيوف وتطاعنوا بالخناجر،وموسى رافع يديه حتى أفنوا بعضَهم .....) والتطاعن ( تفاعل) وهذا الوزن يدل على القتال من الطرفين -عابد العجل والممتنع عن عبادته- وهذا لا يصحُّ ، إلا أن يكون المعنى ( اقتلوا أنفسكم): ليقتل من لم يعبد العجلَ عابَده.
وهذا ما رأيناه في معنى يستقيم كما روى ابن إسحاق قال:
لما رجع موسى إلى قومه , وأحرق العجل وذراه في اليم، وخرج إلى ربه بمن اختار من قومه , فأخذتهم الصاعقة , ثم بعثوا - سأل موسى ربه التوبة لبني إسرائيل من عبادة العجل , فقال: لا ،إلا أن يقتلوا أنفسهم . قال: فبلغني أنهم قالوا لموسى: نصبر لأمر الله! فأمر موسى من لم يكن عبد العجل أن يقتل من عبده. فجلسوا بالأفنية، وأَصْلَتَ عليهم القوم السيوف فجعلوا يقتلونهم. وبكى موسى، وبهش إليه النساء والصبيان – وبهشَ : خفَّ - يطلبون العفو عنهم , فتاب عليهم وعفا عنهم , وأمر موسى أن ترفع عنهم السيوف.
هكذا يكون الخبر صحيحاً والفكرة سديدة. والمعنى منطقياً ، حفظ الله شيخنا الجليل محمد علي الصابوني حين نقّى تفسير ابن كثير من الإسرائيليات وهذَّبه ، فجزاه الله عنا خير الجزاء.
{ وإِذْ قَالَ مُوسَىٰ لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ إِنَّكُمْ ظَلَمْتُمْ أَنفُسَكُم بِاتِّخَاذِكُمُ الْعِجْلَ فَتُوبُوا إِلَىٰ بَارِئِكُمْ فَاقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ ذَٰلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ عِندَ بَارِئِكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ ۚ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (54)}
ونظرت في تفسيرها، فهالني الأمر في نقل الإسرائيليات في بعض التفاسير دون محاكمة عقلية للأمر ، فأورد بعضهم أن الأمر كان القتل عامّة ،يُقتل من عبد العجل ومن لم يعبده لأن الثاني سكت عن عبادة الآخرين له خوفاً منهم ، وكان ينتظر مجيء موسى عليه السلام ليُجلي الأمر لهم.
أورد بعضهم أن الناس اصطفوا طرفين وبدأ القتل ، فقُتِل من الطرفين سبعون الفاً .مثال هذا ما أورده ابن كثير : (إن توبتهم أن يقتل كلُّ واحد منهم كلَّ من لقي من والد وولد فيقتله بالسيف ،ولا يبالي من قَتَل في ذلك الموقف) ثم قال:"وقام الذين لم يعبدوا العجل ، فأخذوا الخناجر بأيديهم، واصابتهم ظُلّةٌ شديدة ، فجعل بعضهم يقتل بعضاً فانجلت الظلة عنهم وقد أجْلّوا عن سبعين ألف قتيل، كل من قٌتِل كانت له توبة ، وكل من لم يُقتل كانت له توبة"
وقال ابن كثير أيضاً : على لسان سعيد بن جبير ومجاهد : قام بعضهم إلى بعض بالخناجر فقتل بعضهم بعضاً لا يحنو رجل على قريب ولا بعيد، حتى ألوى موسى بثوبه ، فطرحوا ما بأيديهم، فكُشف عن سبعين ألف قتيل.
قد يقول أحدهم : المقصود بقوله: يقتل بعضُهم بعضاً أن الذي لم يعبد العجل أمر بقتل من عبَده ، هذا المعنى – إنْ قُصِد – صحيح لو أنه لم يذكر أن ظلة شديدة أصابتهم ، فهذا يعني أن القتل كان على غير هدىً ومرأى ، وظل القتل مستحرّاً إلى أن انجلت الظلمة ، وهذا يعني أن القتل أصاب الصالح والطالح،وهذا لا يكون من الحقيقة في شيء.
واقرأ معي في تفسير ابن كثير أيضاً لمّا أُمرت بنو إسرائيل بقتل نفسها برزوا ومعهم موسى ،فاضطربوا بالسيوف وتطاعنوا بالخناجر،وموسى رافع يديه حتى أفنوا بعضَهم .....) والتطاعن ( تفاعل) وهذا الوزن يدل على القتال من الطرفين -عابد العجل والممتنع عن عبادته- وهذا لا يصحُّ ، إلا أن يكون المعنى ( اقتلوا أنفسكم): ليقتل من لم يعبد العجلَ عابَده.
وهذا ما رأيناه في معنى يستقيم كما روى ابن إسحاق قال:
لما رجع موسى إلى قومه , وأحرق العجل وذراه في اليم، وخرج إلى ربه بمن اختار من قومه , فأخذتهم الصاعقة , ثم بعثوا - سأل موسى ربه التوبة لبني إسرائيل من عبادة العجل , فقال: لا ،إلا أن يقتلوا أنفسهم . قال: فبلغني أنهم قالوا لموسى: نصبر لأمر الله! فأمر موسى من لم يكن عبد العجل أن يقتل من عبده. فجلسوا بالأفنية، وأَصْلَتَ عليهم القوم السيوف فجعلوا يقتلونهم. وبكى موسى، وبهش إليه النساء والصبيان – وبهشَ : خفَّ - يطلبون العفو عنهم , فتاب عليهم وعفا عنهم , وأمر موسى أن ترفع عنهم السيوف.
هكذا يكون الخبر صحيحاً والفكرة سديدة. والمعنى منطقياً ، حفظ الله شيخنا الجليل محمد علي الصابوني حين نقّى تفسير ابن كثير من الإسرائيليات وهذَّبه ، فجزاه الله عنا خير الجزاء.