الحرب الإلكترونية ومفهومها

Tornado.sa

(حَسْبُنَا اللهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ)
طاقم الإدارة
مـراقــب عـــام
إنضم
21 سبتمبر 2018
المشاركات
4,697
التفاعل
11,107 1,251 0
الدولة
Saudi Arabia
تعريف الحرب الإلكترونية ومفهومها

للحرب الإلكترونية العديد من التعريفات العلمية، إلا أنها بالدرجة الأولى تتوقف على طبيعة الاستخدام القتالي ومفهومه المطلوب تحقيقهما في العمليات الحربية الحديثة التي تتنوع فيها النظم والوسائل الإلكترونية المتطورة لأسلحة القتال؛ تلك الأهداف المطلوب من الحرب الإلكترونية أن تتعامل معها، وتؤثر على فاعليتها، بهدف حرمانها من أداء مهامها الوظيفية بكفاءة، وبالتالي تهيئة الظروف المناسبة للقوات الصديقة من العمل في بيئة إلكترونية مناسبة تسمح بتنفيذ المهام المطلوبة بكفاءة ودقة عاليتين، وفي الزمان والمكان المناسبين.

1. تعريف الحرب الإلكترونية
هي مجموعة الإجراءات الإلكترونية المتضمنة استخدام بعض النظم والوسائل الإلكترونية الصديقة في استطلاع الإشعاع الكهرومغناطيسي الصادر من نظم، العدو ووسائله ومعداته الإلكترونية المختلفة مع الاستخدام المتعمد للطاقة الكهرومغناطيسية في التأثير على هذه النظم والوسائل؛ لمنع العدو، أو حرمانه، أو تقليل استغلاله للمجال الكهرومغناطيسي، فضلاً عن حماية الموجات الكهرومغناطيسية الصادرة من النظم والوسائل الإلكترونية الصديقة من استطلاع العدو لها، أو التأثير عليها.

2. مفهوم الحرب الإلكترونية

انطلاقاً من هذا الفكر في تعريف الحرب الإلكترونية، فإن مفهوم الحرب الإلكترونية هو: مجموعة الإجراءات التي تنفذ بهدف الاستطلاع الإلكتروني للنظم والوسائل الإلكترونية المعادية، وإخلال عمل هذه النظم والوسائل الإلكترونية، ومقاومة الاستطلاع الإلكتروني المعادي، وتحقيق استقرار عمل النظم الإلكترونية الصديقة تحت ظروف استخدام العدو أعمال الاستطلاع، والإعاقة الإلكترونية.


ثانياً: الأهداف الإلكترونية المعادية للحرب الإلكترونية


هي الأهداف المطلوب أن تتعامل معها الحرب الإلكترونية بأعمال الاستطلاع، والإعاقة الإلكترونية، ويمكن أن نوجز أهم هذه الأهداف فيما يلي:
1. محطات الاتصال اللاسلكي، واللاسلكي متعدد القنوات، والميكروويف.


2. أنظمة الرادار العسكرية
أ. للإنذار وتوجيه النيران.
ب. للإنذار والمراقبة الساحلية.
ج. للتوجيه لمراكز السيطرة الجوية.
د. لقيادة نيران المدفعية وتصحيحها. هـ. لمراقبة
التحركات الأرضية.

3. نظم الكشف والتوجيه
الكهروبصرية "تليفزيوني، وحراري، وليزري، وبصري".


ثالثاً: مسارح الحرب الإلكترونية

إذا كان البر، والبحر، والجو، والفضاء الخارجي، هي المسارح التقليدية للحرب، فيُعَدّ حيز المجال الكهرومغناطيسي ـ مجال انتقال الموجات الترددية بأنواعها، وأطوالها الموجية المختلفة ـ هو المسرح الحقيقي للحرب الإلكترونية؛ إذ تتنازع الأطراف المتحاربة على استغلال هذا المجال لمصلحته.
تمتد مسارح الحرب الإلكترونية من قاع المحيطات حتى الطبقات العليا للفضاء الخارجي؛ إذ يستخدم فيها مختلف النُظُم الإلكترونية: "المراقبة والكشف، والقيادة والسيطرة، والإعاقة والخداع، ورصد الأهداف، وتوجيه الأسلحة"، وجميع هذه النظم تستخدم نُظُم تحليل الإشارات Signal Processing في تحليل الموجات المنعكسة من نبضات التردد الموجي للمجال الكهرومغناطيسي.

1. مسرح العمليات البحرية

بمقدور السفن الحربية، والغواصات إصابة أهدافها خلف الأفق Over The Horizon: OTH بمعاونة نُظُم الاستطلاع الإلكتروني المتطوِّرة المحمولة جواً، وفي الفضاء الخارجي، والمتصلة بوحدات الأسطول، كما أنه بمقدور وحدات مكافحة الغواصات من طائرات، وسفن، وغواصات مسح قاع البحار والمحيطات باستخدام الأجهزة الإلكترونية "السونار"؛ للكشف عن الغواصات، والألغام البحرية المعادية في الأعماق.

2. مسرح العمليات الجوية

طائرات الإنذار المبكر، والتوجيه المحمولة جواً "أواكس" Airborne Warning and Control System: AWACS ، تبلغ فوراً عن أي اختراق معادٍ، وتوجه المقاتلات لإصابة أهدافها في الجو بدقة. كما تراقب نُظُم الاستطلاع الإلكتروني المحمولة جواً، الأوضاع والتحركات المعادية في مسرح العمليات الإستراتيجي، وتخطر غرف العمليات المركزية بها أولاً بأول، وهذا المسرح تعمل فيه الحرب الإلكترونية بكل عناصرها.

3. مسرح العمليات البرية


تتركز حالياً أعمال الحرب الإلكترونية المضادة؛ لإرباك عمل مراكز العمليات الرئيسية المعادية التي تضم نُظُم القيادة، والسيطرة، والاتصالات من طريق تعرّف ترددات الإرسال الخاصة بها، والتداخل عليها بأعمال الإعاقة اللاسلكية، الإيجابية، والخداعية، الأمر الذي قد يصعب تحقيقه في حالة استخدام هذه المراكز لنُظُم اتصالات إلكترونية متطورة، وُمؤمنة، ونظام شفرة يجري تغييره باستمرار، فيصعب التداخل عليها، فضلاً عن استخدام مواقع تبادلية يجري التنقل بينها، وفي هذه الحالة يكون من المفضل التعامل معها بأعمال التدمير.
 
رابعاً: أهمية الحرب الإلكترونية

تحتل أعمال الحرب الإلكترونية، في الوقت الحاضر، مكاناً بارزاً بين الأنشطة العسكرية الأخرى. ويولي كافة الأطراف، من الشرق أو الغرب، الكثير من الاهتمام لتطوير وسائلها وأساليب استخدامها بعد أن أثبتت خبرات الحروب المحدودة التي تلت الحرب العالمية الثانية أهميتها، سواء في الدفاع أو الهجوم.

وقد أحدث استخدام معدات الحرب الإلكترونية في الحروب الحديثة تطوراً هائلاً في مجالات هذه الحروب ومراحلها، وأصبح الحسم في المعارك الحديثة لصالح الجيوش والقوات التي تستخدم الحديث منها، وبقدر ما يمتلكه كل طرف من الأطراف المتصارعة، بعد أن كانت تحسم لمصلحة الطرف الذي يمتلك التفوق العددي، أو النوعي، أو يمتلك الأسلحة البعيدة المدى، والدليل على ذلك أن معدات الحرب الإلكترونية المستخدمة في الطائرات المقاتلة يقترب ثمنها من نصف قيمة الطائرة.

في مجال أعمال الحرب الإلكترونية الدفاعية Defensive Measures. EW
يوفر الاستطلاع الإلكتروني رصيداً من المعلومات عن الأوضاع والتحركات في مسرح العمليات المنتظر، وكذلك خصائص معدات العدو الإلكترونية، لاتخاذ الإجراءات الإلكترونية المضادة؛ لمواجهتها.

كما يتيح التعرف على نُظُم المواصلات، وشبكات المعلومات التي تربط مراكز قيادة العدو بتشكيلاته ووحداته، مما يسمح بالتداخل عليها بالشوشرة والإعاقة لإرباكها، وفي الوقت نفسه، اتخاذ الإجراءات الكفيلة بتحقيق أمن السيطرة على المواصلات الصديقة، وعدم تمكين العدو من التداخل عليها.

في مجال أعمال الحرب الإلكترونية الهجومية Offensive Measures . EW
يركز في بداية العمليات على تدمير مراكز الحرب الإلكترونية المعادية؛ بما يتيح حرية عمل الأسلحة الصديقة الموجهة، وتحقيق الدقة في إصابتها لأهدافها. كما تستخدم نُظُم المعلومات الميدانية المتطورة التي تضم المستشعرات السلبية، والحاسبات الآلية، ونظم التحكم الآلي، لتحديد الأهداف المعادية بدقة، واستخدام نُظُم الذخيرة الدقيقة التوجيه لتدميرها.

ويُعَدّ إبطال فاعلية مواصلات مراكز القيادة والسيطرة الآلية المعادية عن طريق الإجراءات الإلكترونية المضادة الصديقة، في مقدمة أولويات الحرب الإلكترونية؛ لذلك يجري التخطيط لذلك مسبقاً قبل بدء العمليات، فإخماد أو إبطال عمل مراكز القيادة والسيطرة المعادية مبكراً يعني النهاية للحرب.


خامساً: أهمية تكامل أنظمة الحرب الإلكترونية

أضاف تخصيص طائرات خاصة لأعمال الحرب الإلكترونية بعداً جديداً تمثل في استخدام أنظمة متكاملة للحرب الإلكترونية INEWS Integrated Electronic Warfare System، اشتملت على جانب من عالم الحرب الكهروبصرية؛ إذ يستخدم الليزر، والأشعة تحت الحمراء، والتليفزيونية في النظام "ترام" Target Recognition Attack Multi-Sensors TRAM، أي نظام تمييز الأهداف متعدد المستشعرات؛ لأغراض الهجوم.

يستخدم النظام ترام المحمول جواً أجهزة للرؤية الأمامية بالأشعة تحت الحمراء Forward Looking Infrared: FLIR؛ لتظهر الصورة على شاشة تليفزيونية بكابينة الطيار في تكامل مع أنظمة تحديد المدى بأشعة الليزر من طريق إضاءة الهدف ليزرياً، كما يوجد في مقدمة الصاروخ آلة تصوير تليفزيونية تعمل في مستوى الضوء المنخفض Low Light Level TV: LLLTV ترسل صوراً واضحة إلى الطائرة، لتستخدم في أغراض التوجيه التليفزيوني، وذلك مع وجود جهاز تسجيل خاص، تسجل عليه صور الأهداف بالفيديو لاستعادتها فورياً؛ لأغراض المقارنة والتطابق مع الأهداف الحقيقية المطلوب تدميرها، وكذلك لتقدير كفاءة الضرب، وهو ما يسمى "نظام دمج المعلومات" Data Fusion.

هكذا، يسمح النظام "ترام" الموجود في الطائرة EA-6B بتمييز الأهداف التي تظهر بالرادار مع إمكانية توجيه ضربة بالأسلحة الموجهة ـ بأشعة الليزر، بالتليفزيون، بالأشعة تحت الحمراء ـ بدقة متناهية، في الوقت الذي تنفذ فيه الطائرة مناورات عالية فوق الهدف، ويؤدي استخدام الأسلحة الذكية Smart Weapons إلى الإصابة الدقيقة من الطلقة الأولى؛ إذ إن الطائرة لا تستطيع، في ظروف الدفاع الجوي بأنظمته الحديثة، أن تتمهل في منطقة الهدف، أو أن تعاود الكرة مرة أخرى؛ إذ يغدو الثمن غالياً.

ولا شك في أن حمل الطائرة للأسلحة الذكية باستخدام أسلوب "أطلق وانسَ" and Forget Fire يحميها ويساعدها على تفادي الأسلحة المعادية. وهكذا، يساعد النظام "ترام" على تحسين الأداء، وزيادة القدرة على العمل بكفاءة في ظل وجود التهديدات الكثيفة والمعقدة.

من أشكال الدعم بالحرب الإلكترونية في الحروب الحديثة، أنه يمكن لطائرات القتال المجهّزة بمعدات الحرب الإلكترونية، أن تعمل مصاحبة للطائرات المقاتلة القاذفة أثناء قيامها بالاختراق العميق؛ لستر تقدمها بأعمال الإعاقة الإلكترونية المصاحبة Escort Jamming ضد رادارات الدفاع الجوي المعادي، وهي ما تعرف بالمساندة الإلكترونية القريبة، أو من خلال المساندة بالإعاقة الإلكترونية البعيدة باستخدام طائرات الحرب الإلكترونية من مظلات بعيدة عن مرمى الدفاع الجوي المعادى، يطلق عليها Stand-Off Jamming، ويتوقف ذلك على متطلبات تحقيق المهمة، ففي الوقت الذي تفضل فيه القوات البحرية النوع الثاني Stand-Off Jamming فإن القوات الجوية تفضل النوع الأول من أعمال المساندة الإلكترونية Escort Jamming، وهي مهمة الحراسة، والمرافقة بأعمال الدعم الإلكتروني
 
سادساً: أقسام الحرب الإلكترونية

تعتمد تكتيكات الحرب الإلكترونية على استخدام وسائل ونظم إلكترونية تتيح استغلال الحيز الكهرومغناطيسي لصالح طرف ، وحرمان الطرف الآخر أو خداعه عن استغلال هذا الحيز، وهو ما أدى إلى تقسيم الحرب الإلكترونية إلى الأقسام التالية:

1. الإجراءات الإلكترونية المضادة
Electronic Counter Measures ECM


وهي تعني تنفيذ الأعمال الآتية: أ. أعمال الإعاقة الإلكترونية الإيجابية والسلبية.
ب. أعمال التدمير للنظم، والوسائل، والمعدات الإلكترونية المعادية
.

2. أعمال الاستطلاع الإلكتروني
Electronic Reconnaissance


وهو ما يطلق عليه اسم "المساندة الإلكترونية" Electronic Support Measures ESM.
ويُطلق عليه الاستطلاع الإلكتروني للنظم الإلكترونية المعادية أو أعمال المساندة الإلكترونية، إذ يؤدي الاستطلاع الإلكتروني دوراً إستراتيجياً في تحديد تكتيكات العدو، وإمكاناته، وأهدافه، وينفذ خلال السلم والحرب، وقبل العمليات وأثناءها من خلال النظم والمعدات الإلكترونية ذات
التقنية العالية التي تزود بها الطائرات، والسفن، والأقمار الصناعية. ويكشف الاستطلاع الإلكتروني، على المستوى التكتيكي، نوع دفاعات العدو، وإمكاناته، وقدراته من الأسلحة، ومعدات القتال، فضلاً عن تقويم النظم، والوسائل، والمعدات الإلكترونية؛ بما يساعد على تطوير معدات الحرب الإلكترونية الصديقة وإعادة برمجتها؛ لمواجهة النشاط الإلكتروني المعادي.

لا شك أن الاستطلاع الإلكتروني، يُعد حالياً، من أهم مصادر الحصول على المعلومات وأحدثها في معظم جيوش العالم، وقد تطور بشكل كبير جداً؛ نتيجة للتطور الهائل في تكنولوجيا الإلكترونيات، واعتماده على الخصائص الفنية للموجات الكهرومغناطيسية، التي يسهل متابعتها، فضلاً عن أن المعدّات الإلكترونية أصبحت إحدى السمات المميزة للحروب الحديثة، كما أن الاستطلاع الإلكتروني يُعد كذلك إحدى سمات هذه الحروب في مجال الحصول على المعلومات.

3. الأعمال الإلكترونية المضادة لإجراءات الحرب الإلكترونية المعادية

Electronic Counter Counter Measures ECCM

تعني التأمين الإلكتروني للنظم، والوسائل الإلكترونية الصديقة من أعمال الحرب الإلكترونية المعادية، وتشتمل على ما يلي:

أ. إجراءات مقاومة الاستطلاع الإلكتروني المعادي.


ب. وقاية النظم، والوسائل، والمعدات الإلكترونية الصديقة من الإعاقة الإلكترونية المعادية.

ج. وقاية النظم، والوسائل، والمعدات الإلكترونية الصديقة من وسائل التدمير المعادية الموجهة إلكترونياً، أو المضادة لمصادر الإشعاع الكهرومغناطيسي.


د. المراقبة الإلكترونية للإشعاعات الكهرومغناطيسية الصديقة، وهي تعني الآتي:
(1) منع التعارض الكهرومغناطيسي للنظم، والوسائل الإلكترونية الصديقة من التداخل الصديق الذي يحدث نتيجة لسببين رئيسيين:


(أ) أن عددا كبيراً من النظم والوسائل الإلكترونية الصديقة يعمل في مساحات محددة في وقت واحد، وبكثافة عالية.
(ب) عدم التزام بعض القوات، بتعليمات التأمين الإلكتروني في تشغيل النظم والوسائل الإلكترونية، مثل استخدام إحدى الوحدات ترددات لاسلكية مخصصة لوحدة أخرى؛ فيحدث التداخل الكهرومغناطيسي.

(2) أدى ذلك إلى إضافة مهمة جديدة للقادة والقيادات على مختلف المستويات، هي:


(أ) التنظيم الفني والتكتيكي للنظم والوسائل الإلكترونية، لضمان منع هذا التعارض الكهرومغناطيسي أثناء تشغيل الوسائل الإلكترونية الصديقة.
(ب) تشكيل عناصر مراقبة إلكترونية مهمتها التأكد الدائم من التزام القوات بتعليمات التشغيل الفني والتكتيكي من خلال استخدام معدات إلكترونية؛ لقياس النشاط الإشعاعي الصديق ومراقبته، في منطقة عمل القوات، إضافة إلى اكتشاف أي إشعاع أجنبي يبث داخل المنطقة
 
التعديل الأخير:
عودة
أعلى