ماذا يمكن أن تصنع المملكة من برميل النفط؟
20 فبراير 2020
ا
الدكتورة عبير العليان مبتكرة وخبيرة نفطي
ارتبط مصطلح (برميل النفط) لدينا بالوقود، البنزين والكهرباء
ويغيب عن أذهاننا في بعض الأحيان ارتباطه بالصناعة والمواد الأساسية والبحث و الإبتكار.
الدوافع الأساسية وراء الطلب على النفط ليس الطاقة وحدها. فالبنظر إلى عدد سكان العالم نجد انه سيزيد بنحو 9 مليار نسمة بحلول عام 2040 مقارنة بعدد سكان اليوم والبالغ نحو 7.5 مليار نسمة. وبالطبع هذه الزيادة سيتزامن معها زيادة الطلب على النفط باعتبار أنه مصدر للسلع الأولية والنهائية. وبحلول عام 2050 ستكون البتروكيماويات أسرع مصدر للنمو حيث ستكون ثاني أكبر قطاع من حيث الطلب على النفط. الطلب على البتروكيماويات زاد بنسبة 50% في السنوات العشرة الماضية.
من المهم أن نفهم أن النفط الخام يلعب دورًا أكبر في اقتصادنا من خلال المنتجات البترولية بغض النظر عن استخدامه كوقود فقط. لذلك فإن أحد أكثر استخدامات النفط الخام هو عندما تدخل عملية التكرير لإنشاء منتجات بترولية يستخدمها الناس يوميًا. دعونا نتغاضى عن جانب الوقود، ونلقي نظرة على المنتجات الأخرى التي يمكن تصنيعها من برميل واحد من النفط الخام بدءًا من الإلكترونيات والمنتجات المنزلية والمعدات الطبية والرياضية وحتى هيكل السيارات والطائرات، حيث يمكن لبرميل واحد من النفط الخام أن يؤثر على مجموعة متنوعة من السلع الاستهلاكية في جميع أنحاء العالم.
الأسئلة المطروحة هنا: هل يمكن للعالم أن يصنع المواد الكيميائية التي يحتاجها بدون نفط؟ وهل مصادر الطاقة المتجددة لا تعتمد على النفط؟
نقرأ يوميًا تقريبًا عناوين تقول إن مصادر الطاقة المتجددة تسير على ما يرام ولا تعتمد على النفط وانها تحرك العالم نحو مستقبل منخفض الكربون وأن الطلب على النفط والغاز سيقل بشكل كبير! لكن كل هذا الكلام غير واقعي.
والحقيقة هي أن طاقة الرياح والطاقة الشمسية تعتمدان على النفط والغاز الطبيعي ولا يمكن أن تتواجد بدونهما فلا يمكن تصنيع توربينات الرياح والألواح الشمسية من سحر الكيمياء، لذا فإن المشتقات المستخرجة من النفط ضرورية لتصنيع معدات طاقة الرياح والطاقة الشمسية ونقلها وإنشائها فهما مكملات لبعضهما البعض و الأهداف منهما مشتركة لضمان إمدادات مستقرة.
وهذا هو التوجه الذي بدأته المملكة في التحول الاستراتيجي للطاقة والتي تهدف إلى رفع كفاءة الاقتصاد والبيئة من خلال اعلان وزير الطاقة سمو الأمير عبدالعزيز بن سلمان في مؤتمر سابك 2020 عن (برنامج استدامة الطلب على النفط) تحت مظلة اللجنة العليا للموارد الهيدروكربونية والتي يرأسها سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان. ويؤكد هذا الاهتمام على حرص المملكة على تنويع مصادر الطاقة والاتجاه لعدم حرق النفط لتوليد الكهرباء وتحويله بدلا من ذلك إلى منتجات استهلاكية وابتكارية.
وعند النظر الى نسبة استخدام البوليمرات في العالم مقارنة بالمواد الاخرى كالزجاج و الحديد لوجدناها منخفضة (9%) مما يفتح مجال كبير للمملكة بتقديم بوليمرات للسوق بتنافسية عالية من حيث السعر والتشغيل والصيانة. لذلك يركز هذا البرنامج على البحث والابتكار في تطوير بوليمرات جديدة أكثر استدامة وذات مواصفات جاذبة للسوق العالمي. ومنها على سبيل المثال تصنيع بوليمرات تستخدم لرصف الشوارع ذات مواصفات مقاومة للتصدع ومقاومة للحرارة وبوليمرات الخرسانية العازلة والقابلة للطي في المباني ذات الكفاءة العالية.
إن تأسيس برنامج استدامة الطلب على النفط سيدعم التحالف بين الشركات وهو الامر الذي يعزز القيمة المضافة الممكن تحقيقها من الموارد الهيدروكربونية وذلك بدعم الصناعات التحويلية لانتاج مواد متخصصة تدخل في صناعة وسائل الطاقة المتجددة وسوف يضع المملكة على خارطة الدول الرائدة في التقنيات لدعم الاقتصاد ورفع الكفاءة البيئة والاستدامة.