دعاء قوم موسى عليه السلام / د. عثمان قدري مكانسي

Nabil

خـــــبراء المنتـــــدى
إنضم
19 أبريل 2008
المشاركات
23,832
التفاعل
19,650 126 0
دعاء قوم موسى عليه السلام

الدكتور عثمان قدري مكانسي


قرأت قوله تعالى في سورة يونسَ عليه السلام دعاء المسلمين من قوم موسى عليه السلام :
{ فَقَالُوا عَلَى اللَّهِ تَوَكَّلْنَا رَبَّنَا لَا تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِّلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (85) وَنَجِّنَا بِرَحْمَتِكَ مِنَ الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ (86)} .

يطلب سيدنا موسى من قومه -إن كانوا مؤمنين بالله حقاً- أن يتوكلوا عليه إذ يقول في الآية السابقة لهاتين الآيتين :
{ وَقَالَ مُوسَىٰ يَا قَوْمِ إِن كُنتُمْ آمَنتُم بِاللَّـهِ فَعَلَيْهِ تَوَكَّلُوا إِن كُنتُم مُّسْلِمِينَ (84)}
فمن كان مسلماً توكل على الله وأسلم نفسه له، ومن أسلم نفسه لله – لا شكَّ - توكَّلَ عليه ، ولجأ إليه ،ولا ننسَ أن الأنبياء جميعاً وأتباعَهم مسلمون من لدن نوح إلى خاتم الأنبياء عليهم – جميعاً- الصلاة والسلام، .والتوكل دليل الثقة ، فمن وثق بالله حسُن ظنه به سبحانه، فتوكَّلَ عليه، واستغاث به.

لقد كان جوابهم : { فَقَالُوا عَلَى اللَّهِ تَوَكَّلْنَا } فسلّموا أمورهم إليه ولاذوا بجنابه ،ورَضُوا بقضائه وقدَره ،وانتهى أمرهم إليه سبحانه.

وكان دعاؤهم قرآناً يُتلى لوضوحه وعِظَم الثقة بالله تعالى ، والتضرُعِ له ،
{ رَبَّنَا لَا تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِّلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (85)} :
يا ربنا لا تنصر الظالمين علينا،فيكونَ في ذلك فتنة لنا عن الدين القويم،ولا تمتحِنّا بأن يكون عذابُنا على أيديهم. يقول القرطبي نقلاً عن التابعي مجاهد رحمهما الله :لا تهلكْنا بأيدي أعدائنا،ولا تعذِّبنا بعذابٍ من عندك،فيقولَ أعداؤنا لو كانوا على الحقٍّ لم نُسَلَّط ْ عليهم،فيُفتنوا، وقال غيره: لا تُظهِرهم علينا ، فيرَوا أنهم خيرٌ منّا،فيزدادوا طغياناً

وارادوا بقولهم: { وَنَجِّنَا بِرَحْمَتِكَ مِنَ الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ (86)} ، خلِّصنا من فرعون وقومه،لأنهم كانوا يأخذونهم بالأعمال الشاقّة ويُذِلّونهم.وينبغي للمسلمين على مرِّ الهور وكَرِّ العصور أن يدْعوا الله ويسألوه النصرَ والتأييد.

ولعلّهم بإيمانهم الثابت -إذ ذاك- وتوكلهم عليه ولياذِهم به سبحانه، ثم نجاتِهم خطّوا لمن وراءَهم من المسلمين المضطهدين أن تكون قلوبهم معلّقة بالله وألسنتُهم رطبة بذكره، يرجُون العونَ منه والمدد، فلا نصرَ إلا بالله، ولا قوة إلا به، ولا اعتماد إلا عليه، فهو ملجؤنا، وهو نصيرُنا ، ومن فعَلَ غير ذلك فقد البوصلة وضيّعَ القِبلة، وضَلَّ الطريق.

وما أحرانا معشر المسلمين أن نعود إلى الله،فيردَّنا إلى ديننا ردّاً جميلاُ إذ ابتعدنا عن سبيله، وتقاذفتنا أيدي الأعداءِ الذين لا يرقبون في مؤمن إلّاً ولا ذمّة.

{ فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ } ؟
 
عودة
أعلى