خطاب إبليس في أهل النار / د. عثمان قدري مكانسي

Nabil

خـــــبراء المنتـــــدى
إنضم
19 أبريل 2008
المشاركات
22,779
التفاعل
17,897 114 0
خطاب إبليس في أهل النار *

بقلم: د. عثمان قدري مكانسي


قال تعالى في سورة إبراهيم :
{ وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الْأَمْرُ إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدتُّكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُم مِّن سُلْطَانٍ إِلَّا أَن دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلَا تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنفُسَكُم مَّا أَنَا بِمُصْرِخِكُمْ وَمَا أَنتُم بِمُصْرِخِيَّ إِنِّي كَفَرْتُ بِمَا أَشْرَكْتُمُونِ مِن قَبْلُ إِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (22)}

قال الحسن: يقف إبليس يوم القيامة خطيبا في جهنم على منبر من نار يسمعه الخلائق جميعا. حين يكتمل دخول أهل النار النارَ { إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ } (البعث والجنة والنار وثواب المطيع وعقاب العاصي ،فصدقكم وعده، ووعدتكم أن لا بعث ولا جنة ولا نار ولا ثواب ولا عقاب ،فأخلفتكم

وروى ابن المبارك من حديث عقبة بن عامر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في حديث الشفاعة قال:
(فيقول عيسى أدلكم على النبي الأمي فيأتوني ،فيأذن الله لي أن أقوم ،فيثور مجلسي من أطيب ريح شمها أحدٌ حتى آتي ربي، فيُشفِّعُني ويجعل لي نورا من شعر رأسي إلى ظفر قدمي) .

ثم يقول الكافرون قد وجد المؤمنون من يشفع لهم ،فمن يشفع لنا ،فيقولون ما هو غير إبليس هو الذي أضلنا فيأتونه فيقولون :قد وجد المؤمنون من يشفع لهم فاشفع لنا ،فإنك أضللتنا فيثور مجلسُه من أنتن ريح شمَّها أحد. ثم يَعظُم نحيبُهم ويقول عند ذلك : { إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدتُّكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ ... الآية). " فصدقكم؛ "ولم يكن لي من حجة وبيان أظهره لكم على ما وعدتُكم وزيَّنتُه لكم في الدنيا، { إِلَّا أَن دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي } وأغويتكم فتابعتموني ولم أقهركم على ما دعوتكم إليه، دعوتكم بالوسواس فاستجبتم لي باختياركم، { فَلَا تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنفُسَكُم } لقد كَذَبتُكم

وفي قوله عز من قائل: { لَمَّا قُضِيَ الْأَمْرُ } دليلٌ على أن إبليس يخاطب الكفار دون العاصين الموحدين؛ والله أعلم. { فَلَا تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنفُسَكُم } فقد صدّقتموني على كذبي إذ وافق أهواءَكم دون دليل ، ما أنا بمغيثكم. وما أنتم بمغيثيَّ. والصارخ والمستصرخ هو الذي يطلب النصرة والمعاونة، والمُصرِخُ هو المغيث. قال سلامة بن جندل :
كنا إذا ما أتانا صارخ فزع * وكان الصراخ له قرع الظنابيب​
وذلك من صراخ الخوف والفزع

ويؤكد إبليس قائلاً: قد كفرْتُ بإشراككم إياي مع الله تعالى في الطاعة؛ و كفرت اليوم بما كنتم تدعونه في الدنيا من الشرك بالله تعالى. لقد خبتُم وخسرتم في الدنيا والآخرة

{ إِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ }
اعترف الكفار بالحق في صفات الله تعالى وهم في دركات النار؛
وليتهم فعلوا ذلك في الدنيا ، قال جل ثناؤه في سورة الملك
{ كُلَّمَا أُلْقِيَ فِيهَا فَوْجٌ سَأَلَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ (8) .... إلى قوله
{ فاعترفوا بذنبهم فَسُحْقًا لِّأَصْحَابِ السَّعِيرِ (11)}
واعترافهم وهم في دركات لظى بالحق ليس بنافع، وإنما ينفع الاعترافُ صاحبَه في الدنيا؛

وبينما الكفار والعصاة في نار جهنم نادمين ترى المؤمنين الصالحين يدخلون الجنة بفضل الله تعالى مع سلامٍ من ربهم تحمله الملائكة :
قال عز وجلّ في سورة إبراهيم :
{ وَأُدْخِلَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ تَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلَامٌ (23)} بمشيئته وتيسيره. وقال: { بِإِذْنِ رَبِّهِمْ } ولم يقل: بإذني تعظيما وتفخيما للمعَظَّم سبحانه وللمخاطبين كذلك إذ عُظِّموا بانتسابهم لله العظيم جلَّ في عُلاه ..
وجاءت كلمة { سَلَام } نكرة للدلالة على كثرتها وكمالِ نوعِها.

اللهم نسألك الهدى والتقى والسلامة من الشرك في الدنيا ونسألك السلامة من نار الآخرة.
أنت الهادي إلى الحق وإلى طريق مستقيم،..اللهم آمين آمين ،والصلاة على سيد المرسلين وسيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلّم

* بتصرف بسيط جداّ​
 
عودة
أعلى