{ يَعْلَمُونَ ظَاهِرًا مِّنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا }
الدكتور عثمان قدري مكانسي
الدكتور عثمان قدري مكانسي
أقرأ قوله تعالى في سورة الروم :
{ يَعْلَمُونَ ظَاهِرًا مِّنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ عَنِ الْآخِرَةِ هُمْ غَافِلُونَ (7)}
فأرى الناس كلٌّ باختصاصه
الدنيوي: عالمٌ بحياته ومعيشته وعمله :
يحذق الطبيب طبه ، والمهندس عمله، والمزارع زرعه ، والتاجر تجارته ، يحسنون ذلك مادة على الأغلب ، إذ لا يقرؤون ما وراء السطور .
وكان للطبيب الذي يعشق مهنته أن يرى دقة خلق الإنسان ظاهراً وباطناً، دماً وماء ، طفلاً ومشيمة، جلداً وعظماً ، خلقة منظمة ،بصراً وسمعاً ، ويتفكر في روعة خلق الإنسان في قوله سبحانه :
{ وَفِي أَنفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ (21)} (الذاريات).
فيعلم أن وراء الحياة والموت حكمة وأمراً وابتداء وانتهاءً.
وكان للزارع الذي وهب نفسه لعمله أن يُدرك حكمة تنوع الثمار والخضار في الفصول ، واختلاف الطعم واللون في الثمار والخضارمع أنها تُسقى بماء واحد وأن الناس تفضل بعضها على بعض في الأُكل، وينتبه لنوع البذور والجذور والسوقِ ليعلم بديع صنع الله وعظمة الخالق فيما خلق.
وقل هكذا في كل مهنة ترى صاحبها صناعاً ماهراً بل حُجّة فيها . إلا أن علمه يتوقف في فهمها المادي الدنيوي ، ويغفل عن حقيقة الخلق والبداية التي لا بد لها من نهاية.
روى القرطبي رحمه الله أن الحسن قال: بلغ والله من علم أحدهم بالدنيا أنه ينقد الدرهم فيخبرك بوزنه ولا يحسن أن يصلي.
وقال أبو العباس المبرد: قسَّم كسرى أيامه فقال: يصلح يوم الريح للنوم، ويوم الغيم للصيد، ويوم المطر للشرب واللهو، ويوم الشمس للحوائج.
فما كان أعرفهم بسياسة دنياهم، يعلمون ظاهرا من الحياة الدنيا. { وَهُمْ عَنِ الْآخِرَةِ هُمْ غَافِلُونَ } والعلم بها والعمل لها { هُمْ غَافِلُونَ }
قال الشاعر:
هذا والله ما نراه فيمن حولنا من المسلمين الذين لا يفقهون من دينهم شيئاً يعيشون كما تعيش الأنعام ، وهمّهم العملُ وجمع المال ،ثم النكاح والبحث عن المسرّات الدنيوية ، لا يعرفون غير ذلك ، ولعلهم رضُوا بهذا فلا يرغبون بغيره.فماذا تقول بغيرهم من أهل الكتاب الذين حرّفوا دينهم ، وما تقول بالكافرين والمشركين؟!!
لقد أمرهم الله عز وجلّ في كتابه الكريم أن يتفكروا ويتدبروا -تدبُّر اللبيب الأريب ، والحاذق الفهيم - في خلقهم وخلق الأرض والسموات ليعلموا أنهم في هذه الدنيا في امتحان واختبار فيجتازوا بأمانٍ هذا الامتحانَ إلى الحياة الحقيقية التي سبقنا إليها سلفُنا ، فلنلحق بهم على نور وبصيرة :
{ أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُوا فِي أَنفُسِهِم مَّا خَلَقَ اللَّـهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا إِلَّا بِالْحَقِّ وَأَجَلٍ مُّسَمًّى وَإِنَّ كَثِيرًا مِّنَ النَّاسِ بِلِقَاءِ رَبِّهِمْ لَكَافِرُونَ (8)} (الروم)
فإذا فقه الناسُ أن خلق الناس والسموات والأرض بالحق والعدل علموا أن هناك ثواباً وعقاباً وجنة وناراً وفوزاً وخسارة ولكل مخلوق أجل، ولن يخلد أحد من المخلوقات حتى السموات والأرض ، فإن لها أجلاً مسمّى ،والأجل المسمى وهو يوم القيامة. إذا فقهوا ذلك سارعوا إلى التخطيط السليم والعمل القويم ، ولقُوا الله وهو عنهم راض
{ يَعْلَمُونَ ظَاهِرًا مِّنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ عَنِ الْآخِرَةِ هُمْ غَافِلُونَ (7)}
فأرى الناس كلٌّ باختصاصه
الدنيوي: عالمٌ بحياته ومعيشته وعمله :
يحذق الطبيب طبه ، والمهندس عمله، والمزارع زرعه ، والتاجر تجارته ، يحسنون ذلك مادة على الأغلب ، إذ لا يقرؤون ما وراء السطور .
وكان للطبيب الذي يعشق مهنته أن يرى دقة خلق الإنسان ظاهراً وباطناً، دماً وماء ، طفلاً ومشيمة، جلداً وعظماً ، خلقة منظمة ،بصراً وسمعاً ، ويتفكر في روعة خلق الإنسان في قوله سبحانه :
{ وَفِي أَنفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ (21)} (الذاريات).
فيعلم أن وراء الحياة والموت حكمة وأمراً وابتداء وانتهاءً.
وكان للزارع الذي وهب نفسه لعمله أن يُدرك حكمة تنوع الثمار والخضار في الفصول ، واختلاف الطعم واللون في الثمار والخضارمع أنها تُسقى بماء واحد وأن الناس تفضل بعضها على بعض في الأُكل، وينتبه لنوع البذور والجذور والسوقِ ليعلم بديع صنع الله وعظمة الخالق فيما خلق.
وقل هكذا في كل مهنة ترى صاحبها صناعاً ماهراً بل حُجّة فيها . إلا أن علمه يتوقف في فهمها المادي الدنيوي ، ويغفل عن حقيقة الخلق والبداية التي لا بد لها من نهاية.
روى القرطبي رحمه الله أن الحسن قال: بلغ والله من علم أحدهم بالدنيا أنه ينقد الدرهم فيخبرك بوزنه ولا يحسن أن يصلي.
وقال أبو العباس المبرد: قسَّم كسرى أيامه فقال: يصلح يوم الريح للنوم، ويوم الغيم للصيد، ويوم المطر للشرب واللهو، ويوم الشمس للحوائج.
فما كان أعرفهم بسياسة دنياهم، يعلمون ظاهرا من الحياة الدنيا. { وَهُمْ عَنِ الْآخِرَةِ هُمْ غَافِلُونَ } والعلم بها والعمل لها { هُمْ غَافِلُونَ }
قال الشاعر:
ومن البلية أن ترى لك صاحبا * في صورة الرجل السميع المبصر
فَطِنٌ بكل مصيبة في ماله * وإذا يصاب بدينه لم يشعرِ
فَطِنٌ بكل مصيبة في ماله * وإذا يصاب بدينه لم يشعرِ
هذا والله ما نراه فيمن حولنا من المسلمين الذين لا يفقهون من دينهم شيئاً يعيشون كما تعيش الأنعام ، وهمّهم العملُ وجمع المال ،ثم النكاح والبحث عن المسرّات الدنيوية ، لا يعرفون غير ذلك ، ولعلهم رضُوا بهذا فلا يرغبون بغيره.فماذا تقول بغيرهم من أهل الكتاب الذين حرّفوا دينهم ، وما تقول بالكافرين والمشركين؟!!
لقد أمرهم الله عز وجلّ في كتابه الكريم أن يتفكروا ويتدبروا -تدبُّر اللبيب الأريب ، والحاذق الفهيم - في خلقهم وخلق الأرض والسموات ليعلموا أنهم في هذه الدنيا في امتحان واختبار فيجتازوا بأمانٍ هذا الامتحانَ إلى الحياة الحقيقية التي سبقنا إليها سلفُنا ، فلنلحق بهم على نور وبصيرة :
{ أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُوا فِي أَنفُسِهِم مَّا خَلَقَ اللَّـهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا إِلَّا بِالْحَقِّ وَأَجَلٍ مُّسَمًّى وَإِنَّ كَثِيرًا مِّنَ النَّاسِ بِلِقَاءِ رَبِّهِمْ لَكَافِرُونَ (8)} (الروم)
فإذا فقه الناسُ أن خلق الناس والسموات والأرض بالحق والعدل علموا أن هناك ثواباً وعقاباً وجنة وناراً وفوزاً وخسارة ولكل مخلوق أجل، ولن يخلد أحد من المخلوقات حتى السموات والأرض ، فإن لها أجلاً مسمّى ،والأجل المسمى وهو يوم القيامة. إذا فقهوا ذلك سارعوا إلى التخطيط السليم والعمل القويم ، ولقُوا الله وهو عنهم راض
التعديل الأخير: