من الآن فصاعدا، سيصبح مصطلح "الكيان الصهيوني" في القاموس السياسي العربي من الماضي، وتلك حقيقة يبدو أن الجميع في الشرق الأوسط سوف يضطر لقبولها. من المرجح أيضا أن تحذو حذو الإمارات والبحرين دول عربية أخرى، خاصة إذا ما فاز الرئيس الأمريكي الحالي، دونالد ترامب، في الانتخابات الرئاسية الأمريكية في نوفمبر المقبل، وتمكن من تجنب الحرب الأهلية الأمريكية لبعض الوقت.
ولكن الإمارات والبحرين لم تطبعا علاقاتهما مع إسرائيل فحسب وبهذه البساطة، وإنما كان ذلك في إطار صفقة متكاملة، تتضمن من بين أجزائها تكوين تحالف ضد إيران.
يبدو أن الدولتين كانتا تسعيان إلى ذلك، حيث تعتبران ذلك ضمانا لأمنهما، ووسيلة لـ "منع العدوان الإيراني"، لكنهما في الوقت ذاته تطوعا بذلك لتصبحا وقودا للمدافع في الصراع المقبل، وزادتا من احتمالات نشوبه.
سوف تصبح المواجهة الصينية الأمريكية المحور الرئيسي للسياسة العالمية في العقدين القادمين، ولا شك أن هذا الصراع سيؤثر حتما على الشرق الأوسط، ويعيد هيكلته.
وبينما تعد دول الخليج شريكا طبيعيا للصين على الجانب الاقتصادي، إلا أنها مرتبطة سياسيا بالولايات المتحدة الأمريكية، ما سوف يجعلها ساحة للصراع بين القوتين العظميين. وسيصبح الصراع على النفط وأسواق تصريف البضائع بين الصين والولايات المتحدة الأمريكية العنصر الرئيسي للسياسة في الشرق الأوسط في العشرين سنة القادمة.
من جانبها، تشكل واشنطن الآن تحالفا ضد الصين. وبينما يعتبر عرب الخليج أن اعتمادهم على"صفقة القرن"، والضمانات الأمنية التي توفرها الولايات المتحدة الأمريكية، سوف تحل مشكلتهم مع إيران، فإنهم في واقع الأمر، من ناحية أخرى، ينزلقون في أتون صراع آخر ضد الصين.
لعل من نافلة القول هنا التذكير بأن اليابان خلال الحرب العالمية الثانية اضطرت إلى الدخول في صراع عسكري مع الولايات المتحدة الأمريكية، بعد أن فرضت واشنطن حظرا نفطيا عليها، ما حرمها من فرصة التطور بشكل طبيعي. اليوم، الصين تعاني من نفس نقاط الضعف، والتي سوف تستغلها الولايات المتحدة بلا أدنى شك.
في الوقت الراهن، تبتعد الصين عن المواجهة المباشرة مع الولايات المتحدة الأمريكية، لكن واشنطن لن تهدأ حتى تتمكن من فرض صدام مباشر وجها لوجه مع بكين، ولن يكون أمام الصين أي خيار سوى القتال أو الاستسلام وما يتبعه من عواقب وخيمة عليها.
وفي مهب هذه العواصف، سوف يكون من المحتم أن تلتقط الصين الورقة الفلسطينية الملقاة على قارعة الطريق، لتستخدمها ضد الولايات المتحدة، وهو ما سيؤدي إلى إشراك الصين بطريقة أو بأخرى في أي صراع بمشاركة إسرائيل.
ولما كان الوضع حول إيران لا يهدأ، وفقا لألطف التعبيرات، ولا زال احتمال نشوب صراع عسكري في المنطقة مرتفعا، فإن المشاركة المحتملة لعرب الخليج في الحظر النفطي على الصين تضاعف من أهمية إيران بالنسبة لبكين كمصدر للطاقة، وتزيد من احتمال تورط الصين في أي صراع محتمل على إيران.
أعتقد أنه مع مرور الوقت، لن تتجنب الولايات المتحدة الأمريكية والصين الصدام العسكري في البحار، كجزء من محاولة حصار محتملة، ولن تكون ساحة المعركة الأولى هي تايوان أو المضائق الموجودة في جنوب شرق آسيا بالقرب من الصين، وإنما في الخليج، حيث تتربع الولايات المتحدة الأمريكية على عرش قوتها العسكرية. وسيكون من الصعب على الولايات المتحدة إيجاد ساحة معركة ملائمة أكثر من الخليج، إذا ما فاقمت واشنطن الحظر النفطي على الصين.
وبهذا، تصبح "صفقة القرن"، بما تتضمنه من الخطوات الأخيرة التي قامت بها الإمارات والبحرين، من بين أمور أخرى، هي مشاركة فعلية لهاتين الدولتين وللخليج برمته في المواجهة الأمريكية الصينية. ونحن نرى كيف تتفاعل وتتسع وتتشابك خيوط عقدة الحرب الخليجية المحتملة، بينما يحكم كل خيط مشدود العقدة حول الخيوط الأخرى.
في البورصة، يعرف تجار الأسهم عدد "الثيران" المجتمعة في انتظار ارتفاع الأسهم حتى تصل إلى ذروتها في اللحظة التي تسبق السقوط الكبير، ويعرفون كذلك عدد "الدببة" التي تنتظر سقوط الأسهم حتى الحضيض، لتبدأ في الارتفاع.
إن أي خطوة حقيقة نحو السلام في المنطقة، بما في ذلك تطبيع العلاقات بين الجيران، لابد وأن تكون موضع ترحيب. إلا أن الأمر ليس بهذه البساطة مع الأسف الشديد.
فالانضمام إلى تحالف عسكري أمريكي، عشية تغيير جذري في النظام العالمي، سيكون جزءا منه خسارة الولايات المتحدة الأمريكية لقيادة العالم، ما يشبه شراء الأسهم عشية انهيار البورصة.
والانضمام إلى جيش يخوض المعركة سعيا للحفاظ على الأمن أمر لا يقل غرابة، لكننا نرى ذلك يحدث أمام أعيننا...
ولكن الإمارات والبحرين لم تطبعا علاقاتهما مع إسرائيل فحسب وبهذه البساطة، وإنما كان ذلك في إطار صفقة متكاملة، تتضمن من بين أجزائها تكوين تحالف ضد إيران.
يبدو أن الدولتين كانتا تسعيان إلى ذلك، حيث تعتبران ذلك ضمانا لأمنهما، ووسيلة لـ "منع العدوان الإيراني"، لكنهما في الوقت ذاته تطوعا بذلك لتصبحا وقودا للمدافع في الصراع المقبل، وزادتا من احتمالات نشوبه.
سوف تصبح المواجهة الصينية الأمريكية المحور الرئيسي للسياسة العالمية في العقدين القادمين، ولا شك أن هذا الصراع سيؤثر حتما على الشرق الأوسط، ويعيد هيكلته.
وبينما تعد دول الخليج شريكا طبيعيا للصين على الجانب الاقتصادي، إلا أنها مرتبطة سياسيا بالولايات المتحدة الأمريكية، ما سوف يجعلها ساحة للصراع بين القوتين العظميين. وسيصبح الصراع على النفط وأسواق تصريف البضائع بين الصين والولايات المتحدة الأمريكية العنصر الرئيسي للسياسة في الشرق الأوسط في العشرين سنة القادمة.
من جانبها، تشكل واشنطن الآن تحالفا ضد الصين. وبينما يعتبر عرب الخليج أن اعتمادهم على"صفقة القرن"، والضمانات الأمنية التي توفرها الولايات المتحدة الأمريكية، سوف تحل مشكلتهم مع إيران، فإنهم في واقع الأمر، من ناحية أخرى، ينزلقون في أتون صراع آخر ضد الصين.
لعل من نافلة القول هنا التذكير بأن اليابان خلال الحرب العالمية الثانية اضطرت إلى الدخول في صراع عسكري مع الولايات المتحدة الأمريكية، بعد أن فرضت واشنطن حظرا نفطيا عليها، ما حرمها من فرصة التطور بشكل طبيعي. اليوم، الصين تعاني من نفس نقاط الضعف، والتي سوف تستغلها الولايات المتحدة بلا أدنى شك.
في الوقت الراهن، تبتعد الصين عن المواجهة المباشرة مع الولايات المتحدة الأمريكية، لكن واشنطن لن تهدأ حتى تتمكن من فرض صدام مباشر وجها لوجه مع بكين، ولن يكون أمام الصين أي خيار سوى القتال أو الاستسلام وما يتبعه من عواقب وخيمة عليها.
وفي مهب هذه العواصف، سوف يكون من المحتم أن تلتقط الصين الورقة الفلسطينية الملقاة على قارعة الطريق، لتستخدمها ضد الولايات المتحدة، وهو ما سيؤدي إلى إشراك الصين بطريقة أو بأخرى في أي صراع بمشاركة إسرائيل.
ولما كان الوضع حول إيران لا يهدأ، وفقا لألطف التعبيرات، ولا زال احتمال نشوب صراع عسكري في المنطقة مرتفعا، فإن المشاركة المحتملة لعرب الخليج في الحظر النفطي على الصين تضاعف من أهمية إيران بالنسبة لبكين كمصدر للطاقة، وتزيد من احتمال تورط الصين في أي صراع محتمل على إيران.
أعتقد أنه مع مرور الوقت، لن تتجنب الولايات المتحدة الأمريكية والصين الصدام العسكري في البحار، كجزء من محاولة حصار محتملة، ولن تكون ساحة المعركة الأولى هي تايوان أو المضائق الموجودة في جنوب شرق آسيا بالقرب من الصين، وإنما في الخليج، حيث تتربع الولايات المتحدة الأمريكية على عرش قوتها العسكرية. وسيكون من الصعب على الولايات المتحدة إيجاد ساحة معركة ملائمة أكثر من الخليج، إذا ما فاقمت واشنطن الحظر النفطي على الصين.
وبهذا، تصبح "صفقة القرن"، بما تتضمنه من الخطوات الأخيرة التي قامت بها الإمارات والبحرين، من بين أمور أخرى، هي مشاركة فعلية لهاتين الدولتين وللخليج برمته في المواجهة الأمريكية الصينية. ونحن نرى كيف تتفاعل وتتسع وتتشابك خيوط عقدة الحرب الخليجية المحتملة، بينما يحكم كل خيط مشدود العقدة حول الخيوط الأخرى.
في البورصة، يعرف تجار الأسهم عدد "الثيران" المجتمعة في انتظار ارتفاع الأسهم حتى تصل إلى ذروتها في اللحظة التي تسبق السقوط الكبير، ويعرفون كذلك عدد "الدببة" التي تنتظر سقوط الأسهم حتى الحضيض، لتبدأ في الارتفاع.
إن أي خطوة حقيقة نحو السلام في المنطقة، بما في ذلك تطبيع العلاقات بين الجيران، لابد وأن تكون موضع ترحيب. إلا أن الأمر ليس بهذه البساطة مع الأسف الشديد.
فالانضمام إلى تحالف عسكري أمريكي، عشية تغيير جذري في النظام العالمي، سيكون جزءا منه خسارة الولايات المتحدة الأمريكية لقيادة العالم، ما يشبه شراء الأسهم عشية انهيار البورصة.
والانضمام إلى جيش يخوض المعركة سعيا للحفاظ على الأمن أمر لا يقل غرابة، لكننا نرى ذلك يحدث أمام أعيننا...