بيروت: ثائر عباس
يخطئ من يقول إن حزب الله قد حيد نفسه عن الحرب الدائرة في غزة، فالامين العام لحزب الله حسن نصرالله واضح في الكلام عن الارتباط العضوي مع حماس، التي اريد لها أن تكون النموذج الفلسطيني لحزب الله في الاراضي الفلسطينية، وتتردد في اروقة الحزب منذ اندلاع المعركة، احاديث عن أنه من الممنوع أن تسقط حماس «مهما كان الثمن». فلم يطلق حزب الله الصواريخ نحو اسرائيل، لكنه منغمس في الحرب ضدها، سواء عبر الدعم التقني الذي قدمه الى حماس ومساهمته في انشاء شبكة انفاق لها في قطاع غزة وشبكة اتصالات مشابهة لشبكة اتصالاته التي اقامها في لبنان وباشراف مباشر من قائده العسكري والامني عماد مغنية، قبل اغتياله مطلع العام الماضي، كما فاخرت مصادر قريبة من الحزب مؤخرا، أو عبر المساهمة في عملية تهريب السلاح والخبرات التقنية الى غزة عبر البحر من لبنان، كما يقول أحد تجار الاسلحة في لبنان، عندما يشير الى «السكة الفلسطينية» التي تشتري ما أمكن من السلاح وتغلفه بما يضمن صيانته من الماء، أو عبر الموقف السياسي والاعلامي المؤيد بلا أي تحفظ. ويفاخر حزب الله بأنه حقق الانتصار ضد اسرائيل في حرب لبنان الاخيرة عام 2006، بعد تحقيقه انجازات ميدانية فيها، لكنه يعرف تماما أن حصول الحرب التالية أمر ربما لا مفر منه، وهو يعمل تحت سقف هذا الاحتمال.
فالمثل القائل إن «ما لا يقتلك يجعلك أقوى».. مثل أميركي يؤمن به حزب الله اللبناني ويرفعه شعارا، منذ أن فشلت المحاولة الاسرائيلية للقضاء عليه في صيف عام 2006، وهو يتصرف على هذا الاساس في السياسة وفي العسكرية وهو مجاله المفضل، انطلاقا من مبدأ بسيط يراه كثيرون منطقيا، وهو أن ما حصل في عام 2006 هو مجرد جولة لا بد أن تليها جولات. وتقول مصادر قريبة من حزب الله لـ«الشرق الأوسط»، إنه منذ اللحظات الاولى لتوقف العمليات العسكرية في لبنان بعد الحرب، كان حزب الله قد بدأ ورشة تعزيز لمخزونه الصاروخي سمحت له في فترة قياسية بأن يتباهى على لسان أمينه العام بامتلاكه أكثر من عشرين ألف صاروخ. ولم يكتف الحزب بتعزيز ما لديه، بل ذهب نحو «التطوير والتنويع»، مستفيدا من تجربة الحرب والثغرات التي أظهرتها في منظومته القتالية الناجحة حتى الان.
أما في ما يتعلق بالبنى التحتية للحزب التي لعبت دورا اساسيا في صموده خلال الحرب الاخيرة، فهي بدورها تشهد تعزيزا، سواء في المنطقة الحدودية المواجهة لاسرائيل، التي يوجد فيها الجيش اللبناني والقوات الدولية «على الطرقات المرصوفة» فيها، أو في المناطق الاخرى جنوب نهر الليطاني، التي يقول تيمور غوكسيل المستشار السابق للقوة الدولية، الذي عايش انطلاقة الحزب في جنوب لبنان منذ الثمانينيات، إن الحزب يمتلك أيضا جبهة «دفاع خلفية» لا يعرف الكثيرون عنها شيئا جنوب الليطاني وشماله، وبالاضافة الى هذا تقول المعلومات ان الحزب يعزز مواقعه في جبال لبنان الغربية في منطقة البقاع الشمالي، حيث يعتقد على نطاق واسع أنها مركز للصواريخ البعيدة المدى التي يمتلكها الحزب، والتي يصل مداها الى نحو 250 كيلومترا، أي أنها قادرة على ضرب أي مكان في اسرائيل. ويقول سكان محليون في البقاع إن هناك مناطق ممنوع الوصول اليها، وإنهم يسمعون خلال ساعات الليل أصوات حفر وانفجارات مكتومة، ويقول أحدهم إنهم، اي حزب الله، حولوا هذه الجبال الى «منخل» في اشارة الى عمليات الحفر المكثفة التي يقال إنها تجري في هذه المناطق التي تعتبر عمقا استراتيجيا للحزب، حيث رصدت دوائره أكثر من محاولة انزال واستكشاف اسرائيلية لهذه المناطق.
وبالاضافة الى هذا بدأ الحزب تعزيز وحداته البشرية برفع عدد المقاتلين المدربين تدريبا جيدا من نحو 1500 مقاتل الى نحو 2000 يشكلون وحدات النخبة التي يعتمد عليها الحزب، بالاضافة الى عشرات الاف من قوات الاحتياط. وتقول مصادر لبنانية إن الحزب قد خرج هذا العام وحده 3 دفعات من المقاتلين ارسلوا في دورات تدريبية الى ايران، بما يرفع عدد مقاتليه النظاميين الى نحو 20 ألف مقاتل مدرب، استخدم الحزب جزءا منهم في معارك بيروت والجبل في مايو (أيار) الماضي. ويتطرق تقرير استخباراتي اسرائيلي بالارقام الى الهيكلية العسكرية والقيادية لحزب الله بعد حرب الصيف تموز 2006 ليخلص الى أن الحزب «اقوى من اي يوم وضاعف ترسانته الصاروخية وزاد فرق النخبة لديـه»، مشيرا الى أن رعاته السوريين والإيرانيين لم يعوضوه فقط الصواريخ التي استخدمها ضد المدن والقرى الإسرائيلية، لكنهم زادوها بنسبة 50 بالمائة. فبينما كان للحزب 12 ألف صاروخ من مختلف الأنواع عند اندلاع الحرب، فإنه يراكم راهنا أكثر من 18 ألف صاروخ في ترسانته. وتطرق التقرير أيضا الى التطور التقني لأسلحة الحزب، مشيرا الى انه ضاعف عدد فرقه المدربة على إطلاق الصواريخ، ومركباته ودراجاته النارية المصممة للاستخدام في مختلف حالات التضاريس الجغرافية من أجل تأمين الحركة السريعة لأطقم الصواريخ، في ما بين مواقع إطلاقها، وأوضح التقرير، «أن القوة الصاروخية البعيدة المدى للحزب، التي تسمى وحدة التخطيط، تتموضع في منطقة الهرمل (في البقاع اللبناني)»، لافتاً الى أن معظم مخزونات الصواريخ لدى الحزب، بما في ذلك مئات الصواريخ من طراز «زلزال 1» و«زلزال 2» و«زلزال 3»، التي يصل مداها إلى 250 كيلومترا وتبلغ تل أبيب ومناطق أخرى جنوب إسرائيل، مخزنة في مستودعات كبيرة على الجانب السوري من الحدود مع لبنان، لإبعادها عن مرأى المراقبين الدوليين وجعلها بمأمن من الطيران الإسرائيلي في حال اندلاع نزاع مسلح. كما أشار الى أن الحزب يخطط لتأخير إدخال الصواريخ إلى داخل الأراضي اللبنانية حتى اللحظة الأخيرة التي تسبق إطلاقها. واوضح التقرير ان الصواريخ قصيرة المدى، المعروفة بـ«وحدة نصر»، مخزنة في منطقة صور، ويقع مقر قيادتها في قرية معروف، وهي جاهزة في وضعية الإطلاق لمهاجمة مدن الشمال الإسرائيلي، مثل حيفا وكريات شمونة وصفد ونهاريا. كذلك تحدث التقرير عن ان الحزب ضاعف مخزونه من الصواريخ المضادة للدروع، التي وضعت في الخدمة للمرة الاولى في الحرب الاخيرة، والتي سببت خسائر فادحة في المدرعات الإسرائيلية، وقال ان سورية «حدّثت مخزون الحزب من هذه الصواريخ، وزودته بالجيل الثالث منها، الذي تم شراؤه من روسيا بتمويل إيراني». وتحدث أيضا عن ان الحزب ضاعف مخزونه من الصواريخ المضادة للأهداف البحرية المعروفة بـC-802، التي استخدم الحزب احدها لضرب الفرقاطة «ساعر 5» في الحرب الاخيرة. موضحا «أن في حوزة الحزب راهنا بين 25 و30 منصة إطلاق لهذا النوع من الصواريخ، التي تمكنه من استهداف أي من السفن العابرة قبالة الساحل اللبناني». واشار ايضا الى «ان عشرات أخرى من هذه الصواريخ مخزنة أيضا داخل الأراضي السورية بالقرب من الحدود، وجاهزة للشحن بمجرد تلقي القيمين على اخفائها وتوضيبها إشارة بذلك». ويتحدث تقرير أعده مركز جورج مارشال الأوروبي للدراسات الأمنية عن تعزيز الحزب «قوته البحرية بمساعدة إيرانية»، وأشار الى تزويده زوارق صينية الصنع. فيما تحدثت مصادر إسرائيلية عن أنّ الحزب أنشأ وحدة غوّاصات صغيرة، فضلاً عن تجهيز أرصفة تحت الماء لأهداف عسكرية». أما مركز التحليل الأمني الاستراتيجي، التابع للإدارة الأميركية فيشير الى تزويد إيران حزب الله الغاماً بحرية صينية الصنع حصلت عليها إيران منتصف التسعينيات. وأحد أنواع هذه الألغام هو من طراز «إي أم ـ 52» الخطير المخصَّص لإغراق قطع بحرية كبيرة كحاملات الطائرات.
ولعل ابرز الدروس التي استخلصها حزب الله من هذه الحرب، كما يقول محللون عسكريون هي الحاجة الى غطاء يسقط التفوق الجوي الاسرائيلي، ويمنع سلاح الجو من التغريد منفردا في اجواء المعركة. وهو ما تردد أن الحزب أنجزه استنادا الى كلام أمينه العام حسن نصر الله عن «المفاجأة الكبرى التي ستغير مسار الحرب»، والتي فسرها كثيرون ومنهم الخبير الاستراتيجي العميد الياس حنا بأنها اعلان عن امتلاك الحزب سلاحا مضادا للطائرات. غير أن حنا قال إنه لا يتوقع أن يكون الامر عبارة عن «منظومة دفاعية متكاملة»، مشيرا الى ان الحزب اذا امتلك صواريخ تحمل على الكتف يمكنه عرقلة عمليات الانزال بالطائرات المروحية. ويعترف حنا بأنه كجميع من هم سواه من المحللين لا يمتلكون معلومات دقيقة عن استعدادات الحزب التقنية، لكنهم يتكلون على تصريحات قادته وتقارير الامم المتحدة حول تطبيق القرارين الدوليين 1701 و1559 تجعل من المنطقي الاعتقاد بأن وضع الحزب يتجه الى التحسن تصاعديا في نوعية الاداء، بالاضافة الى واقع أكبر في المجال السياسي. فيما تتحدث تقارير استخبارية اسرائيلية عن «اختلاف كبير في نوعية الأسلحة المضادة للأهداف الجوية قبل الحرب وبعدها، لافتا الى ان حزب الله أسس أول وحدة للدفاع الجوي مسلحة بصواريخ محمولة على الكتف من طراز ستريللا 7، وصواريخ Rapier 2S المتحركة». وتقول مصادر لبنانية لـ«الشرق الأوسط»، إن الحزب أرسل بالفعل عددا من الكوادر الى ايران للتدرب على ادارة واطلاق منظومات صاروخية مضادة للطائرات، بالاضافة الى تدريب مقاتلين على قيادة الطائرات المقاتلة وتدريبات للمظليين في خطوة ما تزال غير مفهومة الاهداف، غير أن مصدرا لبنانيا، رفض ذكر اسمه، قال إن طائرات ميغ29، التي وعدت بها روسيا الجيش اللبناني «لن تكون غير مألوفة لدى طياري الحزب».
ويقول العميد حنا ردا على ما يتردد من أن المعركة المقبلة ميدانها البقاع أن لا أحد يعرف كيف ستكون المعركة المقبلة، لكن المؤكد أنها لن تكون كسابقاتها، لأن الطرفين تعلما منها. ويقول لـ«الشرق الاوسط»، «من الخطأ أن يتم التخطيط لهذه الحرب على اساس الحرب السابقة، فالاسرائيلي تعلم من الحرب السابقة، ولهذا قاتل حماس في غزة بشكل مختلف، كما أن حزب الله تعلم أيضا». ويضيف، أن «حزب الله نجح في قتال اسرائيل لأنها كانت عدوا غير تقليدي، أما الان فاسرائيل أصبحت أقل تقليدية وهو أصبح تقليديا أكثر». ويشير حنا الى أن الحزب أصبح يمتلك حضورا سياسيا أكبر في لبنان، وهو يأخذ شرعية أكبر من خلال وجوده في الحكومة، ومن خلال البيان الوزاري للحكومة، لكن هذا يقيده أكثر لأن الدولة يجب ان تشاركه في القرار أيضا. أما في المجال التنظيمي فان الحزب أجرى عملية تقييم واسعة بعد الحرب، وخصوصا بعد اغتيال قائده العسكري عماد مغنية، الذي عمل بعيدا عن الانظار أكثر من 20 سنة. وقد اعيدت صياغة العمل في «المجلس الجهادي» الذي يتولى قيادة الحزب عسكريا ليصبح من دون رأس بعد توزيع المهمات على افراده بشكل يسمح بنوع من اللامركزية تحت اشراف مباشر من الامين العام للحزب السيد حسن نصرالله، الذي ترددت معلومات أن هناك اتجاها الى تسميته «مرشدا أعلى» للحزب وهو تعزيز لموقعه على رأس الحزب ومواقع اخرى، مع اسناد منصب الامين العام الى رئيس حكومة الحزب الحالية (المجلس التنفيذي) السيد هاشم صفي الدين، غير أنه لم يتم تأكيد هذه المعلومة من أي مصدر موثوق بعد.
يخطئ من يقول إن حزب الله قد حيد نفسه عن الحرب الدائرة في غزة، فالامين العام لحزب الله حسن نصرالله واضح في الكلام عن الارتباط العضوي مع حماس، التي اريد لها أن تكون النموذج الفلسطيني لحزب الله في الاراضي الفلسطينية، وتتردد في اروقة الحزب منذ اندلاع المعركة، احاديث عن أنه من الممنوع أن تسقط حماس «مهما كان الثمن». فلم يطلق حزب الله الصواريخ نحو اسرائيل، لكنه منغمس في الحرب ضدها، سواء عبر الدعم التقني الذي قدمه الى حماس ومساهمته في انشاء شبكة انفاق لها في قطاع غزة وشبكة اتصالات مشابهة لشبكة اتصالاته التي اقامها في لبنان وباشراف مباشر من قائده العسكري والامني عماد مغنية، قبل اغتياله مطلع العام الماضي، كما فاخرت مصادر قريبة من الحزب مؤخرا، أو عبر المساهمة في عملية تهريب السلاح والخبرات التقنية الى غزة عبر البحر من لبنان، كما يقول أحد تجار الاسلحة في لبنان، عندما يشير الى «السكة الفلسطينية» التي تشتري ما أمكن من السلاح وتغلفه بما يضمن صيانته من الماء، أو عبر الموقف السياسي والاعلامي المؤيد بلا أي تحفظ. ويفاخر حزب الله بأنه حقق الانتصار ضد اسرائيل في حرب لبنان الاخيرة عام 2006، بعد تحقيقه انجازات ميدانية فيها، لكنه يعرف تماما أن حصول الحرب التالية أمر ربما لا مفر منه، وهو يعمل تحت سقف هذا الاحتمال.
فالمثل القائل إن «ما لا يقتلك يجعلك أقوى».. مثل أميركي يؤمن به حزب الله اللبناني ويرفعه شعارا، منذ أن فشلت المحاولة الاسرائيلية للقضاء عليه في صيف عام 2006، وهو يتصرف على هذا الاساس في السياسة وفي العسكرية وهو مجاله المفضل، انطلاقا من مبدأ بسيط يراه كثيرون منطقيا، وهو أن ما حصل في عام 2006 هو مجرد جولة لا بد أن تليها جولات. وتقول مصادر قريبة من حزب الله لـ«الشرق الأوسط»، إنه منذ اللحظات الاولى لتوقف العمليات العسكرية في لبنان بعد الحرب، كان حزب الله قد بدأ ورشة تعزيز لمخزونه الصاروخي سمحت له في فترة قياسية بأن يتباهى على لسان أمينه العام بامتلاكه أكثر من عشرين ألف صاروخ. ولم يكتف الحزب بتعزيز ما لديه، بل ذهب نحو «التطوير والتنويع»، مستفيدا من تجربة الحرب والثغرات التي أظهرتها في منظومته القتالية الناجحة حتى الان.
أما في ما يتعلق بالبنى التحتية للحزب التي لعبت دورا اساسيا في صموده خلال الحرب الاخيرة، فهي بدورها تشهد تعزيزا، سواء في المنطقة الحدودية المواجهة لاسرائيل، التي يوجد فيها الجيش اللبناني والقوات الدولية «على الطرقات المرصوفة» فيها، أو في المناطق الاخرى جنوب نهر الليطاني، التي يقول تيمور غوكسيل المستشار السابق للقوة الدولية، الذي عايش انطلاقة الحزب في جنوب لبنان منذ الثمانينيات، إن الحزب يمتلك أيضا جبهة «دفاع خلفية» لا يعرف الكثيرون عنها شيئا جنوب الليطاني وشماله، وبالاضافة الى هذا تقول المعلومات ان الحزب يعزز مواقعه في جبال لبنان الغربية في منطقة البقاع الشمالي، حيث يعتقد على نطاق واسع أنها مركز للصواريخ البعيدة المدى التي يمتلكها الحزب، والتي يصل مداها الى نحو 250 كيلومترا، أي أنها قادرة على ضرب أي مكان في اسرائيل. ويقول سكان محليون في البقاع إن هناك مناطق ممنوع الوصول اليها، وإنهم يسمعون خلال ساعات الليل أصوات حفر وانفجارات مكتومة، ويقول أحدهم إنهم، اي حزب الله، حولوا هذه الجبال الى «منخل» في اشارة الى عمليات الحفر المكثفة التي يقال إنها تجري في هذه المناطق التي تعتبر عمقا استراتيجيا للحزب، حيث رصدت دوائره أكثر من محاولة انزال واستكشاف اسرائيلية لهذه المناطق.
وبالاضافة الى هذا بدأ الحزب تعزيز وحداته البشرية برفع عدد المقاتلين المدربين تدريبا جيدا من نحو 1500 مقاتل الى نحو 2000 يشكلون وحدات النخبة التي يعتمد عليها الحزب، بالاضافة الى عشرات الاف من قوات الاحتياط. وتقول مصادر لبنانية إن الحزب قد خرج هذا العام وحده 3 دفعات من المقاتلين ارسلوا في دورات تدريبية الى ايران، بما يرفع عدد مقاتليه النظاميين الى نحو 20 ألف مقاتل مدرب، استخدم الحزب جزءا منهم في معارك بيروت والجبل في مايو (أيار) الماضي. ويتطرق تقرير استخباراتي اسرائيلي بالارقام الى الهيكلية العسكرية والقيادية لحزب الله بعد حرب الصيف تموز 2006 ليخلص الى أن الحزب «اقوى من اي يوم وضاعف ترسانته الصاروخية وزاد فرق النخبة لديـه»، مشيرا الى أن رعاته السوريين والإيرانيين لم يعوضوه فقط الصواريخ التي استخدمها ضد المدن والقرى الإسرائيلية، لكنهم زادوها بنسبة 50 بالمائة. فبينما كان للحزب 12 ألف صاروخ من مختلف الأنواع عند اندلاع الحرب، فإنه يراكم راهنا أكثر من 18 ألف صاروخ في ترسانته. وتطرق التقرير أيضا الى التطور التقني لأسلحة الحزب، مشيرا الى انه ضاعف عدد فرقه المدربة على إطلاق الصواريخ، ومركباته ودراجاته النارية المصممة للاستخدام في مختلف حالات التضاريس الجغرافية من أجل تأمين الحركة السريعة لأطقم الصواريخ، في ما بين مواقع إطلاقها، وأوضح التقرير، «أن القوة الصاروخية البعيدة المدى للحزب، التي تسمى وحدة التخطيط، تتموضع في منطقة الهرمل (في البقاع اللبناني)»، لافتاً الى أن معظم مخزونات الصواريخ لدى الحزب، بما في ذلك مئات الصواريخ من طراز «زلزال 1» و«زلزال 2» و«زلزال 3»، التي يصل مداها إلى 250 كيلومترا وتبلغ تل أبيب ومناطق أخرى جنوب إسرائيل، مخزنة في مستودعات كبيرة على الجانب السوري من الحدود مع لبنان، لإبعادها عن مرأى المراقبين الدوليين وجعلها بمأمن من الطيران الإسرائيلي في حال اندلاع نزاع مسلح. كما أشار الى أن الحزب يخطط لتأخير إدخال الصواريخ إلى داخل الأراضي اللبنانية حتى اللحظة الأخيرة التي تسبق إطلاقها. واوضح التقرير ان الصواريخ قصيرة المدى، المعروفة بـ«وحدة نصر»، مخزنة في منطقة صور، ويقع مقر قيادتها في قرية معروف، وهي جاهزة في وضعية الإطلاق لمهاجمة مدن الشمال الإسرائيلي، مثل حيفا وكريات شمونة وصفد ونهاريا. كذلك تحدث التقرير عن ان الحزب ضاعف مخزونه من الصواريخ المضادة للدروع، التي وضعت في الخدمة للمرة الاولى في الحرب الاخيرة، والتي سببت خسائر فادحة في المدرعات الإسرائيلية، وقال ان سورية «حدّثت مخزون الحزب من هذه الصواريخ، وزودته بالجيل الثالث منها، الذي تم شراؤه من روسيا بتمويل إيراني». وتحدث أيضا عن ان الحزب ضاعف مخزونه من الصواريخ المضادة للأهداف البحرية المعروفة بـC-802، التي استخدم الحزب احدها لضرب الفرقاطة «ساعر 5» في الحرب الاخيرة. موضحا «أن في حوزة الحزب راهنا بين 25 و30 منصة إطلاق لهذا النوع من الصواريخ، التي تمكنه من استهداف أي من السفن العابرة قبالة الساحل اللبناني». واشار ايضا الى «ان عشرات أخرى من هذه الصواريخ مخزنة أيضا داخل الأراضي السورية بالقرب من الحدود، وجاهزة للشحن بمجرد تلقي القيمين على اخفائها وتوضيبها إشارة بذلك». ويتحدث تقرير أعده مركز جورج مارشال الأوروبي للدراسات الأمنية عن تعزيز الحزب «قوته البحرية بمساعدة إيرانية»، وأشار الى تزويده زوارق صينية الصنع. فيما تحدثت مصادر إسرائيلية عن أنّ الحزب أنشأ وحدة غوّاصات صغيرة، فضلاً عن تجهيز أرصفة تحت الماء لأهداف عسكرية». أما مركز التحليل الأمني الاستراتيجي، التابع للإدارة الأميركية فيشير الى تزويد إيران حزب الله الغاماً بحرية صينية الصنع حصلت عليها إيران منتصف التسعينيات. وأحد أنواع هذه الألغام هو من طراز «إي أم ـ 52» الخطير المخصَّص لإغراق قطع بحرية كبيرة كحاملات الطائرات.
ولعل ابرز الدروس التي استخلصها حزب الله من هذه الحرب، كما يقول محللون عسكريون هي الحاجة الى غطاء يسقط التفوق الجوي الاسرائيلي، ويمنع سلاح الجو من التغريد منفردا في اجواء المعركة. وهو ما تردد أن الحزب أنجزه استنادا الى كلام أمينه العام حسن نصر الله عن «المفاجأة الكبرى التي ستغير مسار الحرب»، والتي فسرها كثيرون ومنهم الخبير الاستراتيجي العميد الياس حنا بأنها اعلان عن امتلاك الحزب سلاحا مضادا للطائرات. غير أن حنا قال إنه لا يتوقع أن يكون الامر عبارة عن «منظومة دفاعية متكاملة»، مشيرا الى ان الحزب اذا امتلك صواريخ تحمل على الكتف يمكنه عرقلة عمليات الانزال بالطائرات المروحية. ويعترف حنا بأنه كجميع من هم سواه من المحللين لا يمتلكون معلومات دقيقة عن استعدادات الحزب التقنية، لكنهم يتكلون على تصريحات قادته وتقارير الامم المتحدة حول تطبيق القرارين الدوليين 1701 و1559 تجعل من المنطقي الاعتقاد بأن وضع الحزب يتجه الى التحسن تصاعديا في نوعية الاداء، بالاضافة الى واقع أكبر في المجال السياسي. فيما تتحدث تقارير استخبارية اسرائيلية عن «اختلاف كبير في نوعية الأسلحة المضادة للأهداف الجوية قبل الحرب وبعدها، لافتا الى ان حزب الله أسس أول وحدة للدفاع الجوي مسلحة بصواريخ محمولة على الكتف من طراز ستريللا 7، وصواريخ Rapier 2S المتحركة». وتقول مصادر لبنانية لـ«الشرق الأوسط»، إن الحزب أرسل بالفعل عددا من الكوادر الى ايران للتدرب على ادارة واطلاق منظومات صاروخية مضادة للطائرات، بالاضافة الى تدريب مقاتلين على قيادة الطائرات المقاتلة وتدريبات للمظليين في خطوة ما تزال غير مفهومة الاهداف، غير أن مصدرا لبنانيا، رفض ذكر اسمه، قال إن طائرات ميغ29، التي وعدت بها روسيا الجيش اللبناني «لن تكون غير مألوفة لدى طياري الحزب».
ويقول العميد حنا ردا على ما يتردد من أن المعركة المقبلة ميدانها البقاع أن لا أحد يعرف كيف ستكون المعركة المقبلة، لكن المؤكد أنها لن تكون كسابقاتها، لأن الطرفين تعلما منها. ويقول لـ«الشرق الاوسط»، «من الخطأ أن يتم التخطيط لهذه الحرب على اساس الحرب السابقة، فالاسرائيلي تعلم من الحرب السابقة، ولهذا قاتل حماس في غزة بشكل مختلف، كما أن حزب الله تعلم أيضا». ويضيف، أن «حزب الله نجح في قتال اسرائيل لأنها كانت عدوا غير تقليدي، أما الان فاسرائيل أصبحت أقل تقليدية وهو أصبح تقليديا أكثر». ويشير حنا الى أن الحزب أصبح يمتلك حضورا سياسيا أكبر في لبنان، وهو يأخذ شرعية أكبر من خلال وجوده في الحكومة، ومن خلال البيان الوزاري للحكومة، لكن هذا يقيده أكثر لأن الدولة يجب ان تشاركه في القرار أيضا. أما في المجال التنظيمي فان الحزب أجرى عملية تقييم واسعة بعد الحرب، وخصوصا بعد اغتيال قائده العسكري عماد مغنية، الذي عمل بعيدا عن الانظار أكثر من 20 سنة. وقد اعيدت صياغة العمل في «المجلس الجهادي» الذي يتولى قيادة الحزب عسكريا ليصبح من دون رأس بعد توزيع المهمات على افراده بشكل يسمح بنوع من اللامركزية تحت اشراف مباشر من الامين العام للحزب السيد حسن نصرالله، الذي ترددت معلومات أن هناك اتجاها الى تسميته «مرشدا أعلى» للحزب وهو تعزيز لموقعه على رأس الحزب ومواقع اخرى، مع اسناد منصب الامين العام الى رئيس حكومة الحزب الحالية (المجلس التنفيذي) السيد هاشم صفي الدين، غير أنه لم يتم تأكيد هذه المعلومة من أي مصدر موثوق بعد.