الجزائر __ هكذا استشهد 11 مجاهدا بالكيماوي في مغارة “هاخنقاث هموعيرث” بباتنة

إنضم
15 أكتوبر 2015
المشاركات
1,351
التفاعل
4,744 10 0
الدولة
Algeria
محرقة بشعة اقترفتها فرنسا ووثّقها الأستاذ محمد سعودي
هكذا استشهد 11 مجاهدا بالغاز السام في مغارة “هاخنقاث هموعيرث” بباتنة



Commando_de_chasse_V66_du_4me_Zouaves_478755105-9999x9999-c.jpg


شهدت عديد مناطق الأوراس مواجهات دامية خلال ثورة التحرير، مثلما تبقى شاهدة على بشاعة وهمجية الاستدمار الفرنسي، على غرار محرقة “هاخناقث هموعيرث”، في الجهة المقابلة لـ”تيمعمرث” بمرتفعات تاجرنيت التابعة لبلدية إينوغيسن بباتنة، التي وثقها الأستاذ محمد سعودي في مشروع كتاب حول تاريخ وشهداء المنطقة، حيث تظل شاهدة على محرقة قام بها الاستدمار الفرنسي ومن ورائه الحلف الأطلسي الذي انتهك كل الأعراف والقوانين الدولية، بلجوئه إلى الغاز السام والمواد المحظورة للقضاء على مجاهدين ومواطنين عزل .

وحسب ما تداوله شاهدو عيان عن هذه المحرقة التي وثقها الأستاذ محمد سعودي في مشروع كتاب سيصدر قريبا حول شهداء وتاريخ الثورة بمنطقة الأوراس، فقد جاءت طائرات حربية من نوع ب 26 أمريكية الصنع، وقامت بدك المكان بالقنابل، وتلتها طائرة مروحية ألقت بالمظليين الذين طوقوا المكان، وحاصروا المجاهدين لمدة 3 أيام بلياليها (السبت والأحد والاثنين)، حيث طلب منهم الاستعمار الفرنسي الاستسلام إلا أنهم رفضوا، ورد الشهيد محمد الصالح بلاح (من مواليد 1940) على العدو بمدخل المخبأ ودافع عن رفقائه بسلاحه الرشاش من نوع “قارة” أمريكية الصنع مرددا عبارة “نموت في الغار ومانسلمش روحي للكفار”، ليلجأ الاستعمار بعد ذلك إلى سد منفذ المغارة، ما تسبب في استشهاد الجميع بمادة سامة، وعددهم في المجموع 11 جنديا وهم: محمد الصالح بلاح، مسعود بن مسعود سعودي، لمبارك مزياني، عمار وعطوش سعودي، محند اولمسعوذ قادري، مبارك بن اعمر سلطاني، عبد الحفيظ بن إبراهيم غرابي، وحند اوسي علي لوصيفي، إبراهيم بن عثمان تالشميت، أحمد بن الصغير مسعودي، وعلي بن حمد الهادي بوجنيفة.
ويقول الأستاذ محمد سعودي لـ”الشروق” في هذا الجانب: “أتذكر جيدا استشهاد بلاح محمد الصالح ورفاقه يوم 25 فيفري 1961، من بينهم أبي سعودي المسعوذ أوبومعراف، حيث قتلتهم قوات الاستعمار بالغازات السامة بعد رفضهم الاستسلام”، مضيفا بالقول “حين قامت بالانسحاب من المكان في اليوم الثالث من الحصار تدفق السكان على موقع المغارة، فرافقت وأنا صغير السن عمتي جمعة (أم الشهيد محمد الصالح بلاح) وعمتي ملوكة (أخت الشهيد مسعود) وحيزية شبشوب (أخت الشهيد الصادق المدعو قوزير)، كنا أول من وصل إلى المغارة، فوجدنا جثة بلاح محمد الصالح عارية تماما ومضروبة بسكين على أحد جوانبها، ومرمية بالقرب من مدخل المغارة فقامت عمتي حيزية شبشوت بتغطيتها بـ(ملحفة) سوداء كانت ترتديها، فيما تعرضت أم الشهيد لإغماء من شدة تأثرها على فلذة كبدها، فوصل السكان للمغارة تباعا فقاموا بدفن الشهيد بلاح محمد الصلاح على عجل تاركين رفاقه في المغارة لأنها كانت مملوءة بالغازات السامة وصفائح هذه المادة السامة وهي بيضاء اللون كانت متناثرة أمام مدخلها”، وبعد ذلك تفرق الجمع وعادوا إلى ديارهم والحزن باد على فراق هؤلاء الأبطال الذين استشهدوا بسبب وشاية، وقال محدثنا إنه عشية الاستقلال تم استخراج رفاتهم الطاهرة بصعوبة كبيرة، لأن رائحة الغاز لازالت قوية بداخل المغارة، لذلك أغمي على البعض من الأشخاص الذين دخلوها لاستخراج رفات الشهداء فنقلوا لمصحة العلاج بإشمول في شاحنة عاشوري أحمد لتلقي الإسعافات. أما رفات الشهداء عددها عشرة تم جمعها في أكياس من القماش بيضاء اللون بمسجد إينوغيسن، وبعد أن تم جمع كل رفات باقي الشهداء الذين سقطوا في ميدان الشرف بتراب البلدة، تم دفنهم في حفل رسمي بمقبرة الشهداء بإينوغيسن.
وإذا كانت هذه المحرقة ستبقى راسخة في ذاكرة سكان إينوغيسن بأعماق منطقة الأوراس، فإن منطقة تاجرنيت وهاخناقث هموعيرث الصخرية تحمل عدة مواصفات سياحية تجعلها مقصد الشبان وهواة السياحة الجبلية، ما جعل البعض يحاول اكتشافها عن قرب، من بينهم الأستاذ مصطفى عاشوري الذي حاول مؤخرا اكتشاف خباياها من الداخل، مؤكدا أنها تقع في منطقة صخرية ذات تضاريس صعبة، وعلى إحدى حافتي الوادي توجد مغارة تتميز بمدخل صغير وبمسالك ملتوية ومتشعبة تضيق وتتسع، منها ما يؤدي إلى جبل شيليا، مضيفا أنه تمكن من الوصول إليها ودخولها بعد معاناة ومشقة جمة، بسبب عدم وجود دليل يسهل المهمة، مؤكدا أهميتها السياحية وحاجتها إلى مزيد من البحث والتنقيب تاريخيا وإبداعيا وحتى سينمائيا.

 
عودة
أعلى