السلطان محمد الفاتح رحمه الله
صاحب بشارة رسول الله صلى الله عليه وسلم ( لَتُفتَحَنَّ القُسطَنطينيَّةُ فنعمَ الأميرُ أميرُها ونعم الجيشُ ذلك الجيشُ )
رواه بشر الخثعمي وأخرجه أحمد (18957)، والبخاري في ((التاريخ الكبير)) (2/81)، والطبراني (2/38) (1216)
جهاد الترياني
صاحب بشارة رسول الله صلى الله عليه وسلم ( لَتُفتَحَنَّ القُسطَنطينيَّةُ فنعمَ الأميرُ أميرُها ونعم الجيشُ ذلك الجيشُ )
رواه بشر الخثعمي وأخرجه أحمد (18957)، والبخاري في ((التاريخ الكبير)) (2/81)، والطبراني (2/38) (1216)
جهاد الترياني
كاد السلطان (محمَّد الفاتح) أن يغمى عليه من هول الصدمة، فلقد أخذه أستاذه الشامي (شمس الدين آق) بعد صلاة الفجر إلى مكانٍ مجهولٍ خلف أسوار القسطنطينية،هناك طلب منه أستاذه أن يحفر بين الصخور المتراكمة وأن يزيل بمعوله النباتات التي تشابكت أغصانها حول تلك التلة خلف تلك الأسوار العالية،
في نفس الوقت أخذ الشيخ شمس الدين يتلفت يمينا وشمالا ليتثبت من هذا الموقع الذي رآه في منامه في تلك الليلة،
عندها اصطدم معول الفاتح بلوحةٍ حجرية مكتوبة باللغة اللاتينية التي كانت إحدى اللغات السبع التي يجيدها السلطان الشاب محمَّد،
فما إن فرغ الفاتح من قراءة تلك اللوحة حتى انهمرت دموعه بغزارة وكاد أن يسقط على الأرض وهو ينادي بأعلى صوته: أيها الأستاذ، لقد وجدته! لقد وجدت قبر الرجل الأسطورة،لقد وجدت قبر صاحب رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم !لقد وجدت قبر أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه وأرضاه!
لقد كان ذلك بالفعل هو قبر صاحب رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه وأرضاه، ليبنى المسلمون جامعًا بجانبه اسمه جامع أبي أيوب الأنصاري (موجود إلى الآن)
بطلنا شابٌ لم يكن قد تجاوز الثالثة والعشرين من عمره عندما فتح القسطنطينية، إننا نتحدث عن رجل لم يفتح مدينة عادية من مدن العالم، إننا نتحدث عن رجلٍ فتح القسطنطينية! تلك المدينة التي حظيت باهتمامٍ شخصي من رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم على عظمته وقدره، ليس من أجل جمال طبيعتها الخلابة وموقعها الاستراتيجي الخطير
بين أوروبا وآسيا،بل لأن القسطنطينية كانت عاصمة الكفر في العالم آنذاك،ولتقريب الصورة أكثر فإن القسطنطينية كانت بمثابة "الفاتيكان" قبل فتح المسلمين لها،
بل إن اسم القسطنطينية مشتق من اسم الإمبراطور الروماني (قسطنطين) واضع أسس الديانة المسيحية الحديثة التي تعتقد بألوهية المسيح عليه السلام
أضف إلى ذلك أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قد مدح فاتح القسطنطينية بنفسه عندما قال: "لتفتحن القسطنطينية، فلنعم الأمير أميرها ولنعم الجيش ذلك الجيش"،
لذلك أراد كل قائدٍ عظيم من عظماء المسلمين أن ينال شرف فتحها ليكون صاحب بشارة رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فحاصرها المسلمون إحدى عشرة مرة، فكان أول بطل منهم هو القائد الأموي يزيد بن معاوية ، ثم حاول القائد الأموي البطل مسلمة ابن عبد الملك بن مروان رحمه اللَّه الكرة مرتين وفي تكملة الحديث الذي رواه بشر الخثعمي : ( لَتُفتَحَنَّ القُسطَنطينيَّةُ فنعمَ الأميرُ أميرُها ونعم الجيشُ ذلك الجيشُ قال: فدَعاني مَسلَمَةُ بنُ عبدِ الملِكِ فسألَني فحدَّثتُه فغَزا القُسطَنطينيَّةَ ) .
وعلى الرغم من أن فتح القسطنطينية وحده يؤهل السلطان محمَّد الفاتح لكي ينضم إلى قافلة العظماء المائة في تاريخ الإِسلام، إلّا أن الفاتح لم يكتفِ بذلك، إنه حوّلَ اسم "القسطنطينية" إلى "إسلامبول" أي "مدينة الإِسلام"، ثم حُرِّفت بعد ذلك إلى "إسطانبول"،
وأمر هذا الخليفة المسلم بالعفو عن جميع النصارى في القسطنطينية، وأمَّنهم على أرواحهم وممتلكاتهم،
وأمر بترك نصف عدد الكنائس للنصارى وتحويل النصف الآخر إلى مساجد يذكر فيها اسم اللَّه ، وأطلق سراح السجناء من جنود وسياسيين،
و قام بفتح بلاد الأفلاق (رومانيا) وبلاد البوشناق (البوسنة والهرسك) وبلاد البغدان (مولدافيا) وبلاد القرم (أوكرانيا) وبلاد القرمان (جنوب تركيا)
وفتح بلاد الفلاخ الرومانية بعد أن هزم ملكها السفاح (دراكولا)،ودراكولا هذا هو نفسه دراكولا مصاص الدماء الشهير، وما لا يعلمه شبابنا من محبي أفلام الرعب أن البطل المسلم محمَّد الفاتح هو من قتل دراكولا الذي كان يعيث فسادًا في الأرض.
وفتح الفاتح (بلغاريا) و (ألبانيا) و (المجر) و (ألبانيا) و (مقدونيا) و (الجبل الأسود – مونتينيغرو) و (كرواتيا) و (صربيا) و (سلوفينيا) و (سلوفاكيا) وفتح الفاتح بلاد الإغريق (اليونان) وحافظ على تراثها القديم، وفتح الفاتح (المجر) وأجزاء من (روسيا) وحاصر (رودس)
وفتح الفاتح جنوب (إيطاليا) لكي ينال شرف فتح القسطنطينية وروما في آن واحد، وفعلا تقدم نحو روما، إلا أن اللَّه سبحانه وتعالى أراده إلى جواره بعمر 53 سنة فقط قضاها في نشر دين اللَّه في أصقاع أوروبا.
والذي لا يعرفه الكثيرون عن سيرة هذا الأمير الإِسلامي العظيم أنه لم يكن بطلًا عسكريًا فحسب،بل كان شاعرًا من أعظم شعراء المسلمين على مر التاريخ, له ديوان في غاية الروعة
وكان هذا العملاق العثماني حافظًا لكتاب اللَّه، عاملًا بسُنةِ رسوله،معظمًا للعلماء، وكان يتقن العربية والعثمانية والفارسية والسلافية واللاتينية والاغريقية ،
وكان أعوانه يشاهدونه يبكي في ظلمات الليل وهو يصلي للَّه ويتضرع له.
فصدق الصادق المصدوق محمَّد صلى الله عليه وسلم فنعم الأمير أنت أيها السلطان محمَّد، فرحمك اللَّه أيها الفاتح يا صاحب بشارة رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم