ما الذي يجمعني بك؟ / د. عثمان قدري مكانسي

Nabil

خـــــبراء المنتـــــدى
إنضم
19 أبريل 2008
المشاركات
22,478
التفاعل
17,601 43 0
ما الذي يجمعني بك؟

الدكتور عثمان قدري مكانسي



علمونا في المدرسة أن الذي يجمعني بالأمة التي أساكنها البلدُ واللغة والهدف المشترك والعروبة..
كنا نصدق ذلك ، فمعرفتنا بالحياة صغيرة كعقولنا إذ ذاك ،نتلقف ما نسمعه من أساتذتنا، وما نقرؤه في كتبنا كأنه وحيُ السماء.

وكبرنا وكبرت عقولنا، وزادت مِساحة معرفتنا، وخالطنا مَن قيل إنهم منّا ونحن منهم على اختلاف المشارب ، فوجدنا البَونَ بين ما تعلمناه على الورق وشاشة الرائي وذبذبات الأثير شاسعاً والأهداف مختلفة ، فالذي يجمع الناس والأمم الفكرُ والعقيدة، وما سوى ذلك مصالحُ تطول وتقصر، وشقشقات لسانٍ ،وأفكارٌ سطحية مستهلكة.

فاللغة إن جَمعَت فالقلوب متنافرة، والأهداف متباينة ،والأخلاق قشور تخفي تحتها عالماً مختلف الطباع والميول ، يقول المرء في العلن ما يناقض السرَّ، ويعمل في الظاهر ما يهدمه في الخفاء.

والبلد وعاء يحوي العرب وغير العرب ، والوضع الاجتماعي فسيفساء متنافرة حتى في المسكن والحي والثقافة ، وليس من رابط سوى المساكنة التي لا بد منها، وكلٌّ يعمل لنسبه وأصوله المادية والثقافية.
وفي البلد عقائد مختلفة المشارب والأصول ،ينطوي أصحابها على ضغائن خفية مع ابتسامات باهتة، ترتسم على الوجوه مريضة واهية ،تنبي عن دخائل متنافرة ،وثقة معدومة أو تكاد، وأكبرُ دليل على ذلك هذا الحقدُ المتأصل في قلوب من عددناهم إخواننا ، فأذاقونا فنون القتل والإبادة والتدمير والتهجير، واستعانوا بأمثالهم من شياطين الأمم للوصول إلى أهدافهم.

العروبة التي علموناها غيرُ العروبة التي نريدها، هم – العلمانيون وغيرهم من فاسدي العقيدة - يريدونها جاهلية أبي جهل والوليدِ بن المغيرة ، ونريدها عروبة الصدّيق والفاروق والصحابة الكرام الذين فهموا قول النبي صلى الله عليه وسلم: (لا فضل لعربي على أعجمي إلا بالتقوى)
فقطعونا عن إخوة الإيمان من كل الأعراق،ودقوا أسافين الفرقة بين إخوان العقيدة الواحدة. وجذّروا العداوة بين المسلم العربي وأخيه من الأعراق الأخرى، فبنَينا - دون وعي- جدران العداوة والبغضاء بين الناس.

لغة القرآن تجمعني بمن يقرأ القرآن ويقف معي في رحاب الله نرجو معاً رضا الله وجنته ، ولا تجمعني بمن يمتلئ قلبه كفراً وفساداً وحقداً.

وبلدي هي كل بلد تسمع فيه نداء ( الله أكبر) فيهتز كيانك شوقاً وحباً لخالق الأرض وناشر الحياة فيها.
وأخي من تهفو نفسه للحق والعدل ونشر الفضيلة في المعمورة ،ويمسك بيدي لنبني معاً مملكة الفضيلة والإخاء،ويراني في ذاته وأراه في ذاتي ،

أخي من يشعر بشعوري فيأسى لأساي ، ويفرح لفرحي ، ويرجو لي الخير ويساعدني على تخطّي الأزمات فنعيش معاً في عالم العدالة والكرامة والنور.
 
والعقائد تنقسم إلى مذاهب وتفسيرات والمذاهب تنقسم بدورها إلى مذاهب وتفسيرات فرعية. مثال عندما تجد اخوانى يصف من يفترض أنهم اخوانه فى الدين ب "مسلمين البطايق" أو داعشى يصف مسلمين بأنهم مرتدين.

مايعضد تماسك أى مجتمع هو فى المرتبة الأولى قيم التعايش وعدم التعصب والأخلاق الطيبة.
 
عودة
أعلى