تتفق إنسانيتنا بلا شك بأن الموت هو أكثر ما يكدر صفو حياتنا، وأن الفقد هو أسوأ ما يمر به الإنسان من شعور.
وتتفق مبادئنا بأن العنجهية في التعامل مع الآخر لا ينتج عنها سوى سوء يمر على إنسان آخر، لا يلبث أن يضر به نفسه قبل أي أحد من بني خلقه.
ونتفق أيضًا بأن الروح إن لم تُحمل على صفاء النية وحسن الظن والسريرة ليست بروح يستحق الإنسان أن يحملها.
خلال هذين اليومين ضجت مواقع التواصل الاجتماعي بخبر أصاب الجميع بكثيرٍ من الحزن، وقليل من الصبر، على مقتل المواطن العماني سيف بن راشد الشحي –رحمه الله-، وتداولت المواقع وسم “#مقتل_مواطن_في دبا” بعد أن انتشر خبر مقتل المواطن بين ولاية دبا العمانية والإمارات.
حاولنا التقصي عن حقيقة الأمر في بداية انتشار تلك الأخبار، وتأكدنا من أحد المواطنين هناك بأن الولاية تلقت هذا الخبر وما تزال تعيش صدمة وقوعه، ثم جاءت سفارتنا في أبوظبي اليوم وأكدت -بكل أسف- مقتل المواطن، وهي تتابع كافة التفاصيل وملابسات الحادث مع الجهة المتسببة بذلك.
وردتنا معلومات من مصدر مقرب من العائلة، تحكي بعض التفاصيل التي حصلت، والقصة التي ما تزال خيوطها غير مكتملة، خصوصا وأن العائلة لم تتلقَ حتى الآن ما يشفي غليلها من بيان حقيقي حول مقتل ابنهم الشاب الثلاثيني، كما أنها لم تتسلّم جثته حتى وقت كتابة هذا الخبر.
تقول المعلومات لـ “أثير” بأن المواطن سيف الشحي كان يتنقل على الحدود بين ولاية دبا، ودبا الفجيرة التابعة للإمارات، وهي التي تبعد عن منزله حوالي من 3 إلى 4 كيلومترات،
ويصف المصدر المنطقة بأنها متداخلة بين حدود البلدين، فهناك حدود عبارة عن سياج تم وضعه في السهل فقط، أما الجبل فهو يستولي على المساحة الكبرى من الحدود، وهي منطقة مفتوحة يمكن عبورها مشيًا على الأقدام، ولا يمكن للسيارات العبور إلا بالطرق الرسمية،
ومع انتشار جائحة كورونا أصبح هناك تقنين في الحركة إلى خارج الولاية، خاصة وأن الوصول لولاية خصب مركز محافظة مسندم لا يمكن إلا بالمرور على الإمارات.
ويضيف المصدر بأن القتيل –رحمه الله- اعتاد على المشي في المنطقة، حاله كحال أهاليها، فهناك من يمارس الرياضة وهناك من يبحث عن العسل في الجبال، وآخرون قد يعبرون الحدود عن طريق الجبال لملاقاة أبناء عمومتهم في الحدود الأخرى، موضحًا بأن هناك منازل متجاورة للبلدين في مناطق جبلية أخرى في محافظة مسندم.
ويوضح: في تمام الساعة السادسة من عصر يوم الثلاثاء، تلقت عائلة سيف اتصالًا من ولدهم يستغيث بهم طالبا مساعدتهم له “لأنهم سوف يقتلونه” ، وأخبرهم بالمكان الذي يوجد فيه، وهو يبعد عن منزلهم حوالي 3 إلى 4 كيلومترات أي أقل من 10 دقائق بالسيارة عن طريق الشارع المرصوف؛ فتوجه أفراد أسرته إلى المنطقة وهم يسمعون طلقات نارية، وعند وصولهم شاهدوا قوات الأمن الإماراتية على أمتار من الحدود وهي تحمل القتيل.
يقول المصدر بأن القتيل كان في المنطقة الحدودية التي لا يوجد فيها سور، ويبدو من خلال ما شاهدوه بأن إطلاق النار عليه تم على الحدود مباشرة، كما أكد بأن هناك كاميرات مراقبة بجانب الموقع مثبتة في الجانب الإماراتي وهي التي يفترض أن تكون الشاهد الأول في التحقيقات التي ستُجرى في هذا الموضوع، وما إذا كان -رحمه الله- داخل الحدود العمانية أو خارجها.
طرحنا سؤالًا عن مدى إمكانية أن يكون القتيل قد ارتكب جرمًا، فأجاب المصدر بأنه -رحمه الله- كان يرتدي الدشداشة العمانية والنعال، وهو ما يثبت بأنه لم يحاول الهرب ولم يهيئ نفسه لذلك، ولا يوحي بارتكاب جرم، وقد يكون قد عبر فعلا الحدود من خلال المنطقة المفتوحة، وهو خطأ لا يستدعي أن يطلق النار على شاب أعزل في وضح النهار، خاصة مع خصوصية تلك المنطقة الحدودية المتداخلة مع بعض.
ويتساءل المصدر: هل الخطأ الذي ارتكبه -رحمه الله- يستدعي أن يطلق عليه الرصاص الحي؟ ألسنا دولتين متجاورتين وفي حالة سلم وأخوة؟ وأليس من على الطرفين هم أشقاء بالدم كما يتغنى الجميع؟ فلماذا تُهدر روح إنسان بهذه الطريقة، خاصة وأن هناك تعاونا أمنيا كبيرا بين البلدين، ويمكن تقديم بلاغ سريع في حال تجاوز أي شخص للقانون من كلا الجانبين.
أسئلة يختم بها مصدرنا ما تحدث عنه، مؤكدًا بأن هناك متابعة من الجهات المعنية في السلطنة وعلى رأسها وزارة الخارجية ممثلة بسفارة السلطنة في أبوظبي، كما أن هناك خيوطًا لم تكتمل بعد، ومعلومات أخرى لم تنشرها الصحيفة مراعاة لأسرة الفقيد، ومعلومات أخرى لم يتم التأكد من دقتها.