مقدمة:
إن الباحث عن أحداث الثورة الجزائرية ووقائعها في الشريط الحدودي كما في باقي الجهات بدءا من القاعدة الشرقية إلى آخر نقطة منه، في القاعدة الغربية من البلاد لا يجد مشتقة في الإهتداء إلى الآثار و المعالم المتبقية من الثورة التحريرية، فحيثما ولت وجهة يجد هذه الآثار التي مازالت عالقة على جذوع الأشجار و فروعها، و في أعمدة و أسلاك الخطوط المكهربة المطروحة على أطراف الطرق والممرات، و عبر مسالك و قمم الجبال و التلال، كما يجدها مائلة للعيان في بقايا وسائل التدمير والإبادة كالخراطيش و شظايا المدافع و القنابل المحرقة، و في الآثار الجسدية المتبقية عن المجاهدين من جراء التعذيب و حمل السلاح، ضمن دوريات جيش التحرير، كما نجد تلك الآثار جلية واضحة في رفات الشهداء، المنتشرة هنا و هناك بين الشعاب و في داخل الكهوف، و دهاليز المعتقلات و السجون و زنزاناتها، و مراكز الإستنطاق و التعذيب و المراقبة المنتشرة في مختلف جهات الوطن، كما يجد تلك الآثار محفورة في ذاكرة ووحدات المجاهدين الأحياء الذين مازالوا يرونها بكل أمانة و إخلاص رغم تقدمهم في السن بعد مرور ما يفوق40 سنة عن إستقلال الجزائر.
لقد كانت المناطق الحدودية خلال الثورة التحريرية مشتعلة بنار المعارك التي لم تتوقف و لو لحظة واحدة، و بعدها أصبحت مناطق محررة من طرف المجاهدين بعد أن كانت محرمة.
و سارعت فرنسا إلى الرمي بكل ثقلها تجاه الشريط الحدودي، فبالإضافة إلى الحشود العسكرية ومختلف المعدات الحربية التي دفعت بها لإفشال حركة المجاهدين و منعهم من عبور الحدود حتى لا يتمكنوا من التزود بالسلاح و الدخيرة بصفة منتظمة، فقد تم التوصل على ضوء الخطة التي اهتدى إليها العدو، و في ظرف سنة كاملة من صيف 1956م إلى سبتمبر 1957م إلى إقامة حزام من الأسلاك المكهربة تمتد من الناحية الغربية إلى مسافة 150كلم. أما شبكة الشرق فتمتد على مسافة 320كلم.
و من خلال هذا الإستعراض الموجز لكيفية تطويق الإستعمار الفرنسي للحدود الجزائرية ومحاولة القضاء عليه بشتى الطرق و مدى صموده أمام هذه الشباك و الوسائل الصعبة ندرك مدى قوة الثورة وشدتها و إحباط فرنسا و فشلها أمام المقاومات المتتالية للثورة و الجزائريين.
خط موريس
اقترح “أندري موريس” وزير الدفاع في حكومة بورجيس مونروي إنجاز خط مكهرب يفصل الجزائر عن الحدود الجزائرية المغربية التونسية في نهاية عام 1956م وبداية 1957م بعد تقديمه للبرلمان الفرنسي الذي صادق عليه فأصبح هذا المشروع يحمل اسم صاحبه “خط موريس” كما عرف بـ “سد الموت” أو “السد القاتل” أو “الثعبان العظيم”.
استفاد “أندري موريس” شخصيا من هذه الصفقة المربحة باعتباره شريكا في مصنع الأسلاك الشائكة التي تزود الخط المكهرب بالمواد الأولية، ويصرح وزير الدفاع أنه استوحى قراره هذا بإنشاء الأسلاك من قرارات مؤتمر الصومال القاضية بأولوية الداخل على الخارج، والذي رأى فيه وسيلة يمكن من خلالها تشتيت شمل قادة الثورة الجزائرية تبعا لمقولة “إن إصدار أي قرار يستوجب إطلاعها على قرار الخصم”.
انطلقت الأشغال في 1956 في عدة مناطق لتمديد الخط المكهرب بواسطة الأسلاك الشائكة، التي يصل طولها إلى حوالي 750 كلم من عنابة إلى تقرين. ليصل إلى الصحراء الجزائرية، وعلى عرض يتراوح من 30 إلى 60م من الغزوات إلى عين الصفراء على طول نفس المساحة تقريبا، ويهدف الخط المكهرب إلى عزل الثورة عن تونس شرقا وعن المغرب غربا ويعود سبب تدعيمه إلى أهمية القواعد الخلفية الموجودة بالقاعدة الشرقية التي كانت توفر للثورة جميع الإمدادات والمساعدات المتاحة.
خط شال
شرع الجنرال الفرنسي “موريس شال” قائد القوات الفرنسية في الجزائر في الفترة بين (1959-1960م)، في إنجاز خط مكهرب من الجهة الشرقية من الشمال إلى الجنوب وذلك في بداية سبتمبر 1959م إنطلاقا من غرب وشرق “القالة” ليتجه الجزء الأول منه نحو أقصى الشرق ليبلغ نقطة الحدود التونسية ثم يعود على شكل دائري ليتجه نحو الجنوب محتضنا كل المدن والقرى الواقعة على الشريط الحدودي.
يتكون الخط من أسلاك مكهربة شائكة تحمي الدبابات من النيران والقذائف التي يطلقها جيش التحرير، وبجوار هذا الخط المكهرب يوجد حقل الألغام المضيئة والألغام المضادة للجماعات يتراوح عرضه ما بين 12 إلى 400م وربما يتجاوز ذلك حسب طبيعة ونوع المكان، هذا إضافة إلى إقامة حزام من الأسلاك الشائكة لحماية تسرب الحيوانات إلى حقل الألغام عرضه حوالي 4 أمتار.
أنجز الخط بحيث يقوم بعملية الإنشاء المساجين والمعتقلون والعملاء تحت إشراف الجيش الفرنسي وخبراء مختصين في الهندسة العسكرية، قسّم منجزو الخط حسب المناطق التي يقطنون فيها، فالعمال الذين يقطنون مثلا ببوحجار ينجزون فقط المسافة التي تربطهم بالمنطقة التي تليهم حتى سوق أهراس ويتولى عمال المنطقة التالية مواصلة الإنجاز وهكذا تتم العملية.
تقنيات بناء الخطين
اعتمدت السلطات الفرنسية على أساليب جهنمية في تقنيات بناء خطي شال وموريس وتزويدهما بكل وسائل الفتك بالأشخاص من ضغط كهربائي عالي (30 ألف فولط في خط شال) وألغام مختلفة الأنواع وتشّكل الخطان من مجموعة من الشبكات المتوازية من الخطوط الكهربائية والأسلاك الشائكة المختلفة الأشكال والقياسات.
1 _ شبكة الإنذار: تنبّه باقتراب جيش التحرير الوطني.
2 _ حقل الألغام: نجده في مقدمة الحاجز ويتراوح عرضه ما بين 3 إلى 5 أمتار به 50000 لغم على مستوى كل 20 كلم من الحاجز، والألغام به متباعدة عن بعضها بحوالي 40 إلى 50 سم وما زالت آثارها بادية حتى اليوم.
3 _ شبكة من الأسلاك الشائكة: وهي منحرفة الشكل تحتوي على 03 أوتاد علوها 1.60 م وعرضها 6 م.
4 _ السياج المكهرب: يبلغ علوه 1.80 م متكون من 08 أسلاك متباعدة عن بعضها البعض
بحوالي 2.5 م، ويمر بها تيار شدته متفاوتة: الأولى للتنبيه والثانية تستعمل في حالة الطوارئ، هذه الشبكة
معززة في أعلاها بأسلاك ثانوية غير مكهربة أوتادها خشبية وطولها متران
5 _ شباك دائري على ثلاث طبقات: 1.40 م إلى 2 م
6 _ سياج ضد البازوكا: (قاذفة الصواريخ) يحمي سيارات الحراسة كما يحمي الشبكة المكهربة من أسلحة جيش التحرير الوطني المضادة للدبابات.
7 _ السياج المكهرب الثاني: يشبه السياج المكهرب الأول غير أنه يكون معززا من الأعلى والأسفل، وذلك بشد الأسلاك السفلية بدبابيس تمنع المجاهدين من إبعادها عن بعضها البعض للمرور، وكذلك فرش الأرض تحت السياج بأسلاك شائكة تمنع المجاهدين من حفر ممر تحتها للعبور.
8 _ ممر للحراسة: تسلكه سيارات الحراسة المسماة بالمشط أسلاك شائكة مستطيلة الشكل: طولها 1.20 م إلى 1.40 م أما عرضها فيمتد من 04 إلى 06 أمتار
9 _ الممر التقني: تسلكه الفرق التقنية لتصليح أي عطب يحصل بالسياج المكهرب.
10_ السياج المكهرب الثالث: يشبه السياج الأول من حيث العلو وعدد الأسلاك.
الظروف العامة لإنشاء الخطين
لقد مهدت فرنسا لنجاح سياستها العسكرية الجديدة بحملة دعائية واسعة النطاق حيث جندت لها جميع الوسائل المادية، المعنوية و البشرية للقضاء على الثورة الجزائرية بحيث إعتبر هذا الإنجاز وسيلة وابتكار جديد و فعال كفيل بالقضاء على التمرد و هذا ما يفسر لنا حماس الساسة العسكريين الفرنسيين لهذا المشروع.
و الجدير بالذكر أن الحرب تقوم على إستراتيجيتين: إستراتيجية دفاعية و أخرى هجومية وتعتمد الأولى على العوائق كوسيلة مادية لها، و ضمن هذا الإطار قامت القوات الفرنسية ببناء سد مكهرب بعد أن أجريت دراسات على المواقع و الأماكن التي يمر بها الخطان، فحددت معالمها ورسمت حدودها و نطاقاتها على الخرائط و سرعت في إنجاز خط موريس ووحدات الهندسة العسكرية التي تكلفت بهذه المهمة ذات الأبعاد المختلفة تحت إشراف خبراء و مهندسين مهرة في كافة الميادين، إلى جانب الحركة و العملاء و بعض من وظفوا تحت ستار القضاء على البطالة كما نجد المساجين والأسرى و المدنيين و المعتقلين الذين اضطروا إلى ذلك و كذا فرق من اللفيف الأجنبي والجلادين من أصحاب القبعات الخضراء و الحمراء تحت حراسة الجيش الفرنسي، كل هذه الطاقات البشرية وفرت من أجل اختصار فترة الإنجاز و حسب المجاهد زرايقية صادق )قائد ناحية( فإن نسبة مشاركة الجزائريين في إنجاز الخطين قدرت ب 90% و )6500( جزائري في مصادر أخرى، كما تمت العملية في إطار منظم و دقيق حيث يبدأ العمل صباحا على الساعة السابعة تحت رقابة جنود الإستعمار عن قرب و باستمرار.
و لدفع عملية الإنجاز أوجدت ورشات توزعت على 3 مجموعات على رأس كل مجموعة رئيس فرع من المدنيين يحسن اللغة الفرنسية و تكفلت المجموعة الأولى بتموين العمال و تزويدهم بالوسائل الضرورية لسير العمل )الإسمنت، الأعمدة، القضبان الحديدية، الأسلاك الشائكة(.
بينما إكتفت المجموعة الثانية بالحفر في الأماكن السهلة، الوعرة، الصلبة و الصخرية، أما المجموعة الثالثة فقد تكفلت بوضع الأسلاك الشائكة و مدها، فكانت كل ورشة تعمل في إتجاهين قصد الإسراع في الإنجاز، فمثلا ورشة تعمل من سوق أهراس باتجاه عنابة و على هذا المنوال تكونت في الحدود الشرقية أكثر من 20 ورشة.
لكن عمل المساجين و الأسرى و حتى المدنيين لا يخرج عن نطاق الأسلاك الشائكة، أما مسألة الألغام و الكهرباء فإن جنود الإستعمار هم الذين يقومون بها نظرا لما تتطلبه من تقنيات يفتقد إليها غيرهم إلى جانب عدم ثقة الفرنسيين في الجزائريين بحيث أن عملية زرع الألغام كانت تتم بعزل عنهم حتى لا يشاهدون مواقع زرعها.
و لقد قسم منجزوا الخطين سحب المناطق التي يقطنون بها، فالعمال الذين يقطنون بالماء الأبيض ينجزون فقط المسافة التي تربطهم بالمنطقة التي تليهم. و كان أجر هؤلاء يقدر ب 6000 فرنك فرنسي كل 15 يوم، كما ارتدى الكثير منهم الزي العسكري الفرنسي دون أن يجندوا في صفوف الإستعمار فكانت كل ورشة تعمل في اتجاهين، و لمنع عمليات العبور أو الإختراق عبر الخطان بالألغام ففي نهاية شهر أفريل زرع 913000 لغم في الحدود الشرقية و 42000 لغم في الحدود الغربية و 40900 لغم في جبال القصور، و تراوحت قوتها من 5000 إلى 7000 فولط فأصبح هذا المجال صعب الحركة خاصة و أن الردادات مدت في الحدود الشرقية على مسافة 140كلم ابتداءا من الماء الأبيض إلى غاية شط الغرسة على طول طريق تبسة، تقرين، الوادي.
أقرت السلطات الفرنسية، في تقارير رسمية فيما بعد بزرع 11 مليون لغم على الحدود الجزائرية الشرقية والغربية، واعتمدت في ذلك على المساجين، وهجرت كذلك 3 ملايين من الجزائريين من سكان المناطق الحدودية لإقامة الخطين المكهربين وزرع حقول من الألغام.
تعتبر شبكة الأسلاك الشائكة من الموازع الإصطناعية و هي تتألف من أوتاد معدنية أو خشبية مغروسة في الأرض على 4 أو 5 صفوف، و يصل بينها جبهيا و قطريا أسلاك شائكة معدنية و تكون المسافة بين الأوتاد 1.5م كما تكون المسافة بين الصفوف 1.5م أيضا.
تنصب شبكة الأسلاك الشائكة على مسافة 50/60م أمام مواقع المنشأة، و يكون قبلها عادة حقل ألغام مضادة للدبابات و نقل ألغام مضادة للمنشأة، و تدعم الشبكة نفسها بفخاخ و ألغام مضادة للأشخاص لمنع العدو اجتيازها، كما تدعم بألغام منيرة تتفجر و تضيء المكان إذا ما حاول العدو إجتياز الشبكة أو قطع أسلاكها، و تكمن مهمة الأسلاك الشائكة في منع العدو من مفاجأة المدافعين والحد من سرعة إندفاع المهاجمين خلال مرحلة الإنقضاض )الهجوم(. و لا تستطيع شبكة الأسلاك الشائكة إيقاف الدبابات التي تستطيع سحقها و تجاوزها، و لمنعها من المغامرة في مثل هذه العملية تعزر بألغام مضادة للدبابات تزرع وسط الشبكة نفسها.
و لشبكات الأسلاك الشائكة الثابتة حسب إرتفاعها 3 أنواع هي:
الشبكة العادية:
و تنصب في الأرض العادية و يكون إرتفاعها أوتاد فوق سطح الأرض 120سم، و عمق الشبكة 4.6 إلى 6م و هي تدعم من الجانبين بأسلاك شائكة أو عادية للشد مربوطة بأوتاد قصيرة و مغطاة بأسلاك شائكة.
الشبكة العالية:
التي يكون إرتفاعها فوق سطح الأرض من 160 إلى 180سم، و عمقها يتراوح من 1.5 إلى 3م وتنصب هذه الشبكة في مناطق التشكل الحساسة و حول المعسكرات والمطارات و تدعم من الجانبين بأسلاك شد و بشبكة عادية.
الشبكة المنخفضة:
و تنصب في الغابات و المناطق المغطاة بالأعشاب، كما تنصب تحت الماء على الشاطئ أو على ضفاف الأنهار و يكون إرتفاعها عن سطح الأرض حوالي 30 إلى 40سم وتتميز هذه الشبكة بإمكانية إخفائها بحيث تفاجئ العدو خلال الإنقضاض )الهجوم(، بالإضافة إلى الشبطات الثابتة المذكورة فإنه من الممكن إستخدام شبكات متحركة قابلة للطي )كونسرتينا(.
و هي عبارة عن شبكات أسطوانية يبلغ طولها 10م و قطرها يتراوح من 70 إلى 90م وتمتاز "الكونسرتينا" عن شبكة الأسلاك الثابتة بأن نصبها في مكان آخر عند تبديل الموقع لا تتطلب غزو أوتاد كثيرة في الأرض و لذا فهي تستخدم في الجبال و المناطق الصخرية.
فكرة إنشاء خط موريس و شال:
تعود فكرة إنشاء الخطين إلى الجنرال "فانكسام Vanuxem قائد منطقة الشرق القسنطيني الذي أراد تطبيقها في الفيتنام أثناء حرب الهند الصينية غير أن ذلك لم يتم بسبب هزيمة فرنسا في ماي 1945 هناك، لكن الفكرة بقيت في ذهنه و راودته في بداية الخمسينيات، و هكذا طبقت هذه الفكرة الجهنمية في الجزائر على يد "أندري موريس" الذي اقترح إنجاز خط مكهرب يفصل الجزائر عن الحدود الجزائرية المغربية التونسية في نهاية عام 1956م و بداية 1957م بعد تقديمه للبرلمان الفرنسي الذي صادق عليه فأصبح هذا المشروع يحمل اسم صاحبه " خط موريس" كما عرف ب "سد الموت" أو "السد القاتل" أو "الثعبان العظيم".
و لقد استفاد "أندري موريس" شخصيا من هذه الصفقة المربحة باعتباره شريكا في مصنع الأسلاك الشائكة التي تزود الخط المكهرب بالمواد الأولية ، و يصرح وزير الدفاع أنه استوحى قراره هذا )إنشاء الأسلاك( من قرارات مؤتمر الصومام القاضية بأولوية الداخل على الخارج، و الذي رأى فيه وسيلة يمكن من خلالها تشتيت شمل قادة الثورة الجزائرية تبعا لمقولة "إن إصدار أي قرار يستوجب إطلاعها على قرار الخصم".
و لقد انطلقت الأشغال في أوت 1956م في عدة مناطق لتمديد الخط المكهرب بواسطة الأسلاك الشائكة، يصل طولها إلى حوالي 750كلم من عنابة إلى تقرين. ليصل إلى الصحراء الجزائرية، وعلى عرض يتراوح من 30 إلى 60م و من الغزوات إلى عين الصفراء على طول نفس المساحة تقريبا.
و يعود سبب تدعيمه إلى أهمية القواعد الخلفية الموجودة بالقاعدة الشرقية التي كانت توفر للثورة جميع الإمدادات و المساعدات المتاحة، و ترجع أهميتها كذلك إلى موقعها الإستراتيجي المتاخم للدول المجاورة و الشقيقة منها: تونس، ليبيا، مصر، المملكة العربية السعودية، سوريا الأردن و العراق.
4. خريطة انجاز الخطوط المكهربة:
أ- خط موريس:
يمتد من الجهة الشرقية من عنابة (Bone) فوادي الكبير، حيث يتصل بمنطقة "موريس" )إبن مهيدي( ليمر عبر )زريزر( و "روندون" "بسياس" و "موندي" )دريان( و ابتداءا من هذه القرية يتفرع عنه قسمان يحميان الطريق و السكة الحديدية من "موند و في" سان جوزيف )بوقموزة( دوفيفية )بوشقوف( سوق أهراس"مونتيكيو" )مداوروش( حتى تبسة "سوق أهراس" ثم نفرين ليتجه فيما بعد صوب شط الغرس على مسافة يبلغ طولها 460م بينما يختلف العرض تبعا لطبيعة الأرض حيث يتراوح ما بين 6م و 12م.
أما على الجهة الغربية فقد امتد من "بورساي" و "أحفير" تلمسان " العريشة" "مشرية" موكتادلي"عين الصفراء" القصور" مويراس" الضواري" ليصل إلى "إيقلي" جنوب بشار.
وقد غطى الخط من الجهة الغربية مسافة تقدر بحوالي 700كلم و هو غير بعيد عن الحدود المغربية بحوالي 3 إلى 4كلم، بينما يختلف الأمر في الناحية الجنوبية نظرا لنوعية سطحها إبتداءا من "بويهي" إلى جبال "القصور" أين يبتعد الخط عن الحدود المغربية بحوالي 100كلم ليتبع مباشرة السكة الحديدية ابتداءا من مشرية و يصل عرض الخط إلى حوالي 60م.
ب- خط شال:
أما خط شال فهو يمتد خلف خط موريس من الناحية الشرقية )أم الطبول( مارا بالعيون فشرق القالة "فرمل السوق" ثم "عين العسل" فالطارف" ليصل إلى "بوحجار" و سوق أهراس" و قبلها بحوالي 2كلم عند "وادي الجدرة" ينطلق باتجاه "حمام تاسة" ثم يتجه شرق الطريق الرابط بين تاورة "وسوق أهراس" و عند الكيلومتر 28 يتحول نحو سيدي أحمد مارا بالمزيج "و تقرين" حتى نهاية وادي سوف عابرا بسوق تبسة.
و المسافة الفاصلة بين الخطين تتسع حينا و تضيق في بعض الأحيان حيث تتراوح بين 70 و 9كلم و هو يتكون من خط مكهرب قوته 30 ألف فولط، مكون في الوقت نفسه من 5 أسلاك متركبة تفصلها بعوازل يبلغ ارتفاعها حوالي 2م و تغطيها أسلاك شائكة لحماية الدبابات من قذائف البازوك
.
الجوانب التاريخية لاستخدام الأسلاك الشائكة في الجزائر
في السنين الأولى من إندلاع الثورة المسلحة إلى غاية 1956م و كانت مناطق الحدود الجزائرية على طول الخط الحدودي آهلة بالشطان و التي كانت الدرع الواقي لجيش التحرير الوطني في الإقامة والتمركز و التموين و الإتصالات ...الخ.
و نتيجة للمعارك اليومية الطاحنة في المجابهة بين وحدات جيش التحرير الوطني و القوات الفرنسية بمناطق الحدود جعلت فرنسا من مناطق الحدود في عمق 50كلم داخل الجزائر مناطق عسكرية محرمة، إذ قامت القوات الفرنسية بتحطيم المنازل و قتل الماشية و تخريب أو إتلاف المحاصيل الزراعية و قطع الأشجار و تسميم المياه و قتل الحيوانات و المواشي و فرار السكان إلى المناطق الداخلية إلى القرى و المدن و إلى الحدود الجزائرية المغربية و التونسية، و داخلهما وجميع ما بقي من سكان هذه المناطق في المحتشدات و المعتقلات و مراكز التجمع و السجون تحت الحراسة العسكرية و المراقبة الشديدة عن طريق البطاقات الخاصة تقديمها عند الدخول والخروج في الأوقات المسموح بها.
و كان في بداية الأمر لسنة 1955 – 1956م إقامة الأسلاك الشائكة و زرع الألغام و التي لا يتعدى خط أو خطين، و في ليلة واحدة ثم نزع هذه الأسلاك على طول خطوطه من طرف مناضلين ومسبلين بمرافقة أفواج من جيش التحرير الوطني ، و نظرا لإستراتيجية و دور فعالية هذه الأسلاك وما أعطتها من نتائج إيجابية في مختلف الحروب العالمية و المحلية، قامت القوات الفرنسية بتسييج الحدود حيث جندت لها قوات بشرية و مادية كبيرة و تلغيمها و من المساجين و المعتقلين الجزائريين أو حتى من المدنيين و عساكر فرنسية و من اللفيف الأجنبي للإسراع ما يمكن لتطويق الحدود الجزائرية و عزلها عن عالمها الخارجي في الإمداد والتموين و العلاج في القواعد الخلفية للثورة الجزائرية داخل البلدين الشقيقين المغرب و تونس.
و من هذا يطرح السؤال، هل القيادة الثورية بصفة عامة أو قيادة الحدود بصفة خاصة لم تستطع مواجهة القوات الفرنسية منذ إقامة الأسلاك الشائكة و المكهربة و مناطق الألغام في سنينها الأولى؟ أم أنها إستهزأت بها و لم تعطها منذ البداية أهمية؟ أم هناك عوامل أخرى؟
لكن حسب معايشة الكاتب لأحداث المنطقة و معاركها اليومية أن القوات الفرنسية وضعت كل إمكانياتها المادية و البشرية كما قلت إقامة هذه الأسلاك و حراستها و حمايتها و جهزتها بأحدث الآلات الإلكترونية و الرادارات و الأضواء الكاشفة و غيرها من الوسائل، و كانت القوات الفرنسية تقيم حراسة شديدة 24 ساعة على 24ساعة بالقرب من الأسلكة الشائكة و الخطوط المكهربة والألغام التي تقوم بغرسها أو سحبها خوف إنتزاعها أو تخريبها من طرف المجاهدين أو المسلمين و كان المساجين و أفراد الشعب من الجزائريين هم الذين يتولون إقامة هذه الأسلاك إلى جانب العساكر الفرنسية و جعل هؤلاء في المقدمة الأولى في واجهة المجاهدين عند الهجوم على هذه الأسلاك الشائكة و المكهربة والملغمة و حقول الألغام.
و أمام هذه التجهيزات الجهنمية كان اجتياز الأسلاك الشائكة و المرور يعد عملية انتحارية في صراع مع الموت المحقق ليلا لأن الإجتياز كان يتم ليلا في الأسلكة داخل المغرب أو تونس أو داخل الجزائر.
و لإجتياز هذه المناطق الملغمة فرادية ووضع قدم في محل القدم الخالي من الألغام المزروعة لمسافة أكثر من 50م من القدم، فأكثر أو أقل الأسلكة الشائكة العنكبوتية الملغمة ثم مناطق الألغام التي تبعد عن الخطين ب 100م ثم الأسلاك الشائكة المكهربة بقوة 6000 فولط في ارتفاعها لأكثر من 2م ل 5 أسلاك أقل أو أكثر أيضا أو حسب طبيعة و ظروف و إمكانيات كل جهة على الحدود الشمالية والجنوبية من مناطق مكشوفة و مناطق جبلية منكسرة التضاريس ووعرة المسالك.
ثم مناطق الألغام بين الخطوط لمسافة 5 كلم فأكثر، ثم الأسلكة الشائكة المكهربة و الملغمة بموجة لالتقاط الأصوات على طول الخطوط الحدودية مدعمة بمراكز و أبراج المراقبة و قواعد مجهزة ببطاريات المدفعية و الصواريخ أرض أرض، و أرض جو، و الرادارات المتحركة فوق المدرعات و المزنجرات لتتبع حركات المجاهدين، و الرادارات الثابتة في المراكز و القواعد التي تحدد بالضبط مكان المرور و تزود مراكز المراقبة و أبراجها بكل المعلومات للقصف المدفعي الآلي خاصة أنها تتبع ما يحمل فوق أكتاف الإنسان و على ظهور الحيوانات من أسلحة كيفما كان نوعها من مدافع الهاون و الرشاشة المدفعية و حتى الأسلحة الفردية من البنادق المختلفة.
و لمقاومة ذلك حاولت أفواج جيش التحرير الوطني مقاومة هذه الإستراتيجية التكنولوجية وأحيانا لمغالطة العدو و معرفة أماكنها الإستراتيجية من بطاريات المدفعية و الصواريخ والرادارات إذ أنه كان يتم حمل مختلف أنواع الحديد فوق الدواب و إرسالها نحو المناطق معينة و في إتجاهات خاصة، و بالفعل كانت القوات الفرنسية بأجهزتها الإلكترونية تقوم بضبط و تحديد المكان و يتم قصف تلك الحيوانات من طرف قوات العدو.
كما كانت وحدات جيش التحرير تقوم بإرسال بالونات تحمل مختلف الحديد في السماء في إتجاه الرياح نحو المراكز الفرنسية ، فتقوم القوات الفرنسية بقصفها بالمدفعية المضادة للطيران وأحيانا تحليق الطائرات في حالة إستنفار قصوى لتلك البالونات في حرب إستنزاف أو حرب الأعصاب للعساكر الفرنسية، كان كذلك جيش التحرير الوطني يستعمل الألغام على الحدود ضد الدبابات والمزنجرات و السيارات بصفة عامة، و أيضا وضع الألغام و المتفجرات حول المراكز العسكرية الفرنسية مما يتم استعادته من الألغام الفرنسية و قذائف المتفجرات مع تطويرها و إعادة إستعمالها ضد القوات الفرنسية و عندما كان يشتد ضغط المجاهدين و سيطرتهم على ميدان المعارك الحدودية كانت تلجأ فرنسا إلى قصف المجاهدين بالنابالم و الغازات السامة خاصة لكتائب نقل الأسلحة و ذخيرتها الحربية في طريقها للمناطق الجزائرية الداخلية.
استراتيجية الثورة في مواجهة خطي شال وموريس
الجانب الإعلامي
وقفت جبهة التحرير الوطني الندّ للندّ أمام الدعاية الفرنسية الهادفة إلى تضخيم الأثار العسكرية لخطي شال وموريس على وحدات جيش التحرير الوطني ، وذلك بإنتهاج سياسة دعائية مضادة في شكل مناشير ،وبيانات إذاعية ،ومقالات صحفية من خلال جريدة المجاهد،إضافة إلى رفع معنويات الجنود عن طريق حملات التوعية في أوساط السكان .
الجانب العسكري
اعتمد جيش التحرير الوطني المرحلية في التصدي للمشروع العسكري الفرنسي المتمثل في خطي شال وموريس من خلال المراحل التالية
المرحلة الأولى :
جنود فرنسيين على الحدود الشرقية
إن الباحث عن أحداث الثورة الجزائرية ووقائعها في الشريط الحدودي كما في باقي الجهات بدءا من القاعدة الشرقية إلى آخر نقطة منه، في القاعدة الغربية من البلاد لا يجد مشتقة في الإهتداء إلى الآثار و المعالم المتبقية من الثورة التحريرية، فحيثما ولت وجهة يجد هذه الآثار التي مازالت عالقة على جذوع الأشجار و فروعها، و في أعمدة و أسلاك الخطوط المكهربة المطروحة على أطراف الطرق والممرات، و عبر مسالك و قمم الجبال و التلال، كما يجدها مائلة للعيان في بقايا وسائل التدمير والإبادة كالخراطيش و شظايا المدافع و القنابل المحرقة، و في الآثار الجسدية المتبقية عن المجاهدين من جراء التعذيب و حمل السلاح، ضمن دوريات جيش التحرير، كما نجد تلك الآثار جلية واضحة في رفات الشهداء، المنتشرة هنا و هناك بين الشعاب و في داخل الكهوف، و دهاليز المعتقلات و السجون و زنزاناتها، و مراكز الإستنطاق و التعذيب و المراقبة المنتشرة في مختلف جهات الوطن، كما يجد تلك الآثار محفورة في ذاكرة ووحدات المجاهدين الأحياء الذين مازالوا يرونها بكل أمانة و إخلاص رغم تقدمهم في السن بعد مرور ما يفوق40 سنة عن إستقلال الجزائر.
لقد كانت المناطق الحدودية خلال الثورة التحريرية مشتعلة بنار المعارك التي لم تتوقف و لو لحظة واحدة، و بعدها أصبحت مناطق محررة من طرف المجاهدين بعد أن كانت محرمة.
و سارعت فرنسا إلى الرمي بكل ثقلها تجاه الشريط الحدودي، فبالإضافة إلى الحشود العسكرية ومختلف المعدات الحربية التي دفعت بها لإفشال حركة المجاهدين و منعهم من عبور الحدود حتى لا يتمكنوا من التزود بالسلاح و الدخيرة بصفة منتظمة، فقد تم التوصل على ضوء الخطة التي اهتدى إليها العدو، و في ظرف سنة كاملة من صيف 1956م إلى سبتمبر 1957م إلى إقامة حزام من الأسلاك المكهربة تمتد من الناحية الغربية إلى مسافة 150كلم. أما شبكة الشرق فتمتد على مسافة 320كلم.
و من خلال هذا الإستعراض الموجز لكيفية تطويق الإستعمار الفرنسي للحدود الجزائرية ومحاولة القضاء عليه بشتى الطرق و مدى صموده أمام هذه الشباك و الوسائل الصعبة ندرك مدى قوة الثورة وشدتها و إحباط فرنسا و فشلها أمام المقاومات المتتالية للثورة و الجزائريين.
خط موريس
اقترح “أندري موريس” وزير الدفاع في حكومة بورجيس مونروي إنجاز خط مكهرب يفصل الجزائر عن الحدود الجزائرية المغربية التونسية في نهاية عام 1956م وبداية 1957م بعد تقديمه للبرلمان الفرنسي الذي صادق عليه فأصبح هذا المشروع يحمل اسم صاحبه “خط موريس” كما عرف بـ “سد الموت” أو “السد القاتل” أو “الثعبان العظيم”.
استفاد “أندري موريس” شخصيا من هذه الصفقة المربحة باعتباره شريكا في مصنع الأسلاك الشائكة التي تزود الخط المكهرب بالمواد الأولية، ويصرح وزير الدفاع أنه استوحى قراره هذا بإنشاء الأسلاك من قرارات مؤتمر الصومال القاضية بأولوية الداخل على الخارج، والذي رأى فيه وسيلة يمكن من خلالها تشتيت شمل قادة الثورة الجزائرية تبعا لمقولة “إن إصدار أي قرار يستوجب إطلاعها على قرار الخصم”.
انطلقت الأشغال في 1956 في عدة مناطق لتمديد الخط المكهرب بواسطة الأسلاك الشائكة، التي يصل طولها إلى حوالي 750 كلم من عنابة إلى تقرين. ليصل إلى الصحراء الجزائرية، وعلى عرض يتراوح من 30 إلى 60م من الغزوات إلى عين الصفراء على طول نفس المساحة تقريبا، ويهدف الخط المكهرب إلى عزل الثورة عن تونس شرقا وعن المغرب غربا ويعود سبب تدعيمه إلى أهمية القواعد الخلفية الموجودة بالقاعدة الشرقية التي كانت توفر للثورة جميع الإمدادات والمساعدات المتاحة.
خط شال
شرع الجنرال الفرنسي “موريس شال” قائد القوات الفرنسية في الجزائر في الفترة بين (1959-1960م)، في إنجاز خط مكهرب من الجهة الشرقية من الشمال إلى الجنوب وذلك في بداية سبتمبر 1959م إنطلاقا من غرب وشرق “القالة” ليتجه الجزء الأول منه نحو أقصى الشرق ليبلغ نقطة الحدود التونسية ثم يعود على شكل دائري ليتجه نحو الجنوب محتضنا كل المدن والقرى الواقعة على الشريط الحدودي.
يتكون الخط من أسلاك مكهربة شائكة تحمي الدبابات من النيران والقذائف التي يطلقها جيش التحرير، وبجوار هذا الخط المكهرب يوجد حقل الألغام المضيئة والألغام المضادة للجماعات يتراوح عرضه ما بين 12 إلى 400م وربما يتجاوز ذلك حسب طبيعة ونوع المكان، هذا إضافة إلى إقامة حزام من الأسلاك الشائكة لحماية تسرب الحيوانات إلى حقل الألغام عرضه حوالي 4 أمتار.
أنجز الخط بحيث يقوم بعملية الإنشاء المساجين والمعتقلون والعملاء تحت إشراف الجيش الفرنسي وخبراء مختصين في الهندسة العسكرية، قسّم منجزو الخط حسب المناطق التي يقطنون فيها، فالعمال الذين يقطنون مثلا ببوحجار ينجزون فقط المسافة التي تربطهم بالمنطقة التي تليهم حتى سوق أهراس ويتولى عمال المنطقة التالية مواصلة الإنجاز وهكذا تتم العملية.
تقنيات بناء الخطين
اعتمدت السلطات الفرنسية على أساليب جهنمية في تقنيات بناء خطي شال وموريس وتزويدهما بكل وسائل الفتك بالأشخاص من ضغط كهربائي عالي (30 ألف فولط في خط شال) وألغام مختلفة الأنواع وتشّكل الخطان من مجموعة من الشبكات المتوازية من الخطوط الكهربائية والأسلاك الشائكة المختلفة الأشكال والقياسات.
1 _ شبكة الإنذار: تنبّه باقتراب جيش التحرير الوطني.
2 _ حقل الألغام: نجده في مقدمة الحاجز ويتراوح عرضه ما بين 3 إلى 5 أمتار به 50000 لغم على مستوى كل 20 كلم من الحاجز، والألغام به متباعدة عن بعضها بحوالي 40 إلى 50 سم وما زالت آثارها بادية حتى اليوم.
3 _ شبكة من الأسلاك الشائكة: وهي منحرفة الشكل تحتوي على 03 أوتاد علوها 1.60 م وعرضها 6 م.
4 _ السياج المكهرب: يبلغ علوه 1.80 م متكون من 08 أسلاك متباعدة عن بعضها البعض
بحوالي 2.5 م، ويمر بها تيار شدته متفاوتة: الأولى للتنبيه والثانية تستعمل في حالة الطوارئ، هذه الشبكة
معززة في أعلاها بأسلاك ثانوية غير مكهربة أوتادها خشبية وطولها متران
5 _ شباك دائري على ثلاث طبقات: 1.40 م إلى 2 م
6 _ سياج ضد البازوكا: (قاذفة الصواريخ) يحمي سيارات الحراسة كما يحمي الشبكة المكهربة من أسلحة جيش التحرير الوطني المضادة للدبابات.
7 _ السياج المكهرب الثاني: يشبه السياج المكهرب الأول غير أنه يكون معززا من الأعلى والأسفل، وذلك بشد الأسلاك السفلية بدبابيس تمنع المجاهدين من إبعادها عن بعضها البعض للمرور، وكذلك فرش الأرض تحت السياج بأسلاك شائكة تمنع المجاهدين من حفر ممر تحتها للعبور.
8 _ ممر للحراسة: تسلكه سيارات الحراسة المسماة بالمشط أسلاك شائكة مستطيلة الشكل: طولها 1.20 م إلى 1.40 م أما عرضها فيمتد من 04 إلى 06 أمتار
9 _ الممر التقني: تسلكه الفرق التقنية لتصليح أي عطب يحصل بالسياج المكهرب.
10_ السياج المكهرب الثالث: يشبه السياج الأول من حيث العلو وعدد الأسلاك.
الظروف العامة لإنشاء الخطين
لقد مهدت فرنسا لنجاح سياستها العسكرية الجديدة بحملة دعائية واسعة النطاق حيث جندت لها جميع الوسائل المادية، المعنوية و البشرية للقضاء على الثورة الجزائرية بحيث إعتبر هذا الإنجاز وسيلة وابتكار جديد و فعال كفيل بالقضاء على التمرد و هذا ما يفسر لنا حماس الساسة العسكريين الفرنسيين لهذا المشروع.
و الجدير بالذكر أن الحرب تقوم على إستراتيجيتين: إستراتيجية دفاعية و أخرى هجومية وتعتمد الأولى على العوائق كوسيلة مادية لها، و ضمن هذا الإطار قامت القوات الفرنسية ببناء سد مكهرب بعد أن أجريت دراسات على المواقع و الأماكن التي يمر بها الخطان، فحددت معالمها ورسمت حدودها و نطاقاتها على الخرائط و سرعت في إنجاز خط موريس ووحدات الهندسة العسكرية التي تكلفت بهذه المهمة ذات الأبعاد المختلفة تحت إشراف خبراء و مهندسين مهرة في كافة الميادين، إلى جانب الحركة و العملاء و بعض من وظفوا تحت ستار القضاء على البطالة كما نجد المساجين والأسرى و المدنيين و المعتقلين الذين اضطروا إلى ذلك و كذا فرق من اللفيف الأجنبي والجلادين من أصحاب القبعات الخضراء و الحمراء تحت حراسة الجيش الفرنسي، كل هذه الطاقات البشرية وفرت من أجل اختصار فترة الإنجاز و حسب المجاهد زرايقية صادق )قائد ناحية( فإن نسبة مشاركة الجزائريين في إنجاز الخطين قدرت ب 90% و )6500( جزائري في مصادر أخرى، كما تمت العملية في إطار منظم و دقيق حيث يبدأ العمل صباحا على الساعة السابعة تحت رقابة جنود الإستعمار عن قرب و باستمرار.
و لدفع عملية الإنجاز أوجدت ورشات توزعت على 3 مجموعات على رأس كل مجموعة رئيس فرع من المدنيين يحسن اللغة الفرنسية و تكفلت المجموعة الأولى بتموين العمال و تزويدهم بالوسائل الضرورية لسير العمل )الإسمنت، الأعمدة، القضبان الحديدية، الأسلاك الشائكة(.
بينما إكتفت المجموعة الثانية بالحفر في الأماكن السهلة، الوعرة، الصلبة و الصخرية، أما المجموعة الثالثة فقد تكفلت بوضع الأسلاك الشائكة و مدها، فكانت كل ورشة تعمل في إتجاهين قصد الإسراع في الإنجاز، فمثلا ورشة تعمل من سوق أهراس باتجاه عنابة و على هذا المنوال تكونت في الحدود الشرقية أكثر من 20 ورشة.
لكن عمل المساجين و الأسرى و حتى المدنيين لا يخرج عن نطاق الأسلاك الشائكة، أما مسألة الألغام و الكهرباء فإن جنود الإستعمار هم الذين يقومون بها نظرا لما تتطلبه من تقنيات يفتقد إليها غيرهم إلى جانب عدم ثقة الفرنسيين في الجزائريين بحيث أن عملية زرع الألغام كانت تتم بعزل عنهم حتى لا يشاهدون مواقع زرعها.
و لقد قسم منجزوا الخطين سحب المناطق التي يقطنون بها، فالعمال الذين يقطنون بالماء الأبيض ينجزون فقط المسافة التي تربطهم بالمنطقة التي تليهم. و كان أجر هؤلاء يقدر ب 6000 فرنك فرنسي كل 15 يوم، كما ارتدى الكثير منهم الزي العسكري الفرنسي دون أن يجندوا في صفوف الإستعمار فكانت كل ورشة تعمل في اتجاهين، و لمنع عمليات العبور أو الإختراق عبر الخطان بالألغام ففي نهاية شهر أفريل زرع 913000 لغم في الحدود الشرقية و 42000 لغم في الحدود الغربية و 40900 لغم في جبال القصور، و تراوحت قوتها من 5000 إلى 7000 فولط فأصبح هذا المجال صعب الحركة خاصة و أن الردادات مدت في الحدود الشرقية على مسافة 140كلم ابتداءا من الماء الأبيض إلى غاية شط الغرسة على طول طريق تبسة، تقرين، الوادي.
أقرت السلطات الفرنسية، في تقارير رسمية فيما بعد بزرع 11 مليون لغم على الحدود الجزائرية الشرقية والغربية، واعتمدت في ذلك على المساجين، وهجرت كذلك 3 ملايين من الجزائريين من سكان المناطق الحدودية لإقامة الخطين المكهربين وزرع حقول من الألغام.
تعتبر شبكة الأسلاك الشائكة من الموازع الإصطناعية و هي تتألف من أوتاد معدنية أو خشبية مغروسة في الأرض على 4 أو 5 صفوف، و يصل بينها جبهيا و قطريا أسلاك شائكة معدنية و تكون المسافة بين الأوتاد 1.5م كما تكون المسافة بين الصفوف 1.5م أيضا.
تنصب شبكة الأسلاك الشائكة على مسافة 50/60م أمام مواقع المنشأة، و يكون قبلها عادة حقل ألغام مضادة للدبابات و نقل ألغام مضادة للمنشأة، و تدعم الشبكة نفسها بفخاخ و ألغام مضادة للأشخاص لمنع العدو اجتيازها، كما تدعم بألغام منيرة تتفجر و تضيء المكان إذا ما حاول العدو إجتياز الشبكة أو قطع أسلاكها، و تكمن مهمة الأسلاك الشائكة في منع العدو من مفاجأة المدافعين والحد من سرعة إندفاع المهاجمين خلال مرحلة الإنقضاض )الهجوم(. و لا تستطيع شبكة الأسلاك الشائكة إيقاف الدبابات التي تستطيع سحقها و تجاوزها، و لمنعها من المغامرة في مثل هذه العملية تعزر بألغام مضادة للدبابات تزرع وسط الشبكة نفسها.
و لشبكات الأسلاك الشائكة الثابتة حسب إرتفاعها 3 أنواع هي:
الشبكة العادية:
و تنصب في الأرض العادية و يكون إرتفاعها أوتاد فوق سطح الأرض 120سم، و عمق الشبكة 4.6 إلى 6م و هي تدعم من الجانبين بأسلاك شائكة أو عادية للشد مربوطة بأوتاد قصيرة و مغطاة بأسلاك شائكة.
الشبكة العالية:
التي يكون إرتفاعها فوق سطح الأرض من 160 إلى 180سم، و عمقها يتراوح من 1.5 إلى 3م وتنصب هذه الشبكة في مناطق التشكل الحساسة و حول المعسكرات والمطارات و تدعم من الجانبين بأسلاك شد و بشبكة عادية.
الشبكة المنخفضة:
و تنصب في الغابات و المناطق المغطاة بالأعشاب، كما تنصب تحت الماء على الشاطئ أو على ضفاف الأنهار و يكون إرتفاعها عن سطح الأرض حوالي 30 إلى 40سم وتتميز هذه الشبكة بإمكانية إخفائها بحيث تفاجئ العدو خلال الإنقضاض )الهجوم(، بالإضافة إلى الشبطات الثابتة المذكورة فإنه من الممكن إستخدام شبكات متحركة قابلة للطي )كونسرتينا(.
و هي عبارة عن شبكات أسطوانية يبلغ طولها 10م و قطرها يتراوح من 70 إلى 90م وتمتاز "الكونسرتينا" عن شبكة الأسلاك الثابتة بأن نصبها في مكان آخر عند تبديل الموقع لا تتطلب غزو أوتاد كثيرة في الأرض و لذا فهي تستخدم في الجبال و المناطق الصخرية.
فكرة إنشاء خط موريس و شال:
تعود فكرة إنشاء الخطين إلى الجنرال "فانكسام Vanuxem قائد منطقة الشرق القسنطيني الذي أراد تطبيقها في الفيتنام أثناء حرب الهند الصينية غير أن ذلك لم يتم بسبب هزيمة فرنسا في ماي 1945 هناك، لكن الفكرة بقيت في ذهنه و راودته في بداية الخمسينيات، و هكذا طبقت هذه الفكرة الجهنمية في الجزائر على يد "أندري موريس" الذي اقترح إنجاز خط مكهرب يفصل الجزائر عن الحدود الجزائرية المغربية التونسية في نهاية عام 1956م و بداية 1957م بعد تقديمه للبرلمان الفرنسي الذي صادق عليه فأصبح هذا المشروع يحمل اسم صاحبه " خط موريس" كما عرف ب "سد الموت" أو "السد القاتل" أو "الثعبان العظيم".
و لقد استفاد "أندري موريس" شخصيا من هذه الصفقة المربحة باعتباره شريكا في مصنع الأسلاك الشائكة التي تزود الخط المكهرب بالمواد الأولية ، و يصرح وزير الدفاع أنه استوحى قراره هذا )إنشاء الأسلاك( من قرارات مؤتمر الصومام القاضية بأولوية الداخل على الخارج، و الذي رأى فيه وسيلة يمكن من خلالها تشتيت شمل قادة الثورة الجزائرية تبعا لمقولة "إن إصدار أي قرار يستوجب إطلاعها على قرار الخصم".
و لقد انطلقت الأشغال في أوت 1956م في عدة مناطق لتمديد الخط المكهرب بواسطة الأسلاك الشائكة، يصل طولها إلى حوالي 750كلم من عنابة إلى تقرين. ليصل إلى الصحراء الجزائرية، وعلى عرض يتراوح من 30 إلى 60م و من الغزوات إلى عين الصفراء على طول نفس المساحة تقريبا.
و يعود سبب تدعيمه إلى أهمية القواعد الخلفية الموجودة بالقاعدة الشرقية التي كانت توفر للثورة جميع الإمدادات و المساعدات المتاحة، و ترجع أهميتها كذلك إلى موقعها الإستراتيجي المتاخم للدول المجاورة و الشقيقة منها: تونس، ليبيا، مصر، المملكة العربية السعودية، سوريا الأردن و العراق.
4. خريطة انجاز الخطوط المكهربة:
أ- خط موريس:
يمتد من الجهة الشرقية من عنابة (Bone) فوادي الكبير، حيث يتصل بمنطقة "موريس" )إبن مهيدي( ليمر عبر )زريزر( و "روندون" "بسياس" و "موندي" )دريان( و ابتداءا من هذه القرية يتفرع عنه قسمان يحميان الطريق و السكة الحديدية من "موند و في" سان جوزيف )بوقموزة( دوفيفية )بوشقوف( سوق أهراس"مونتيكيو" )مداوروش( حتى تبسة "سوق أهراس" ثم نفرين ليتجه فيما بعد صوب شط الغرس على مسافة يبلغ طولها 460م بينما يختلف العرض تبعا لطبيعة الأرض حيث يتراوح ما بين 6م و 12م.
أما على الجهة الغربية فقد امتد من "بورساي" و "أحفير" تلمسان " العريشة" "مشرية" موكتادلي"عين الصفراء" القصور" مويراس" الضواري" ليصل إلى "إيقلي" جنوب بشار.
وقد غطى الخط من الجهة الغربية مسافة تقدر بحوالي 700كلم و هو غير بعيد عن الحدود المغربية بحوالي 3 إلى 4كلم، بينما يختلف الأمر في الناحية الجنوبية نظرا لنوعية سطحها إبتداءا من "بويهي" إلى جبال "القصور" أين يبتعد الخط عن الحدود المغربية بحوالي 100كلم ليتبع مباشرة السكة الحديدية ابتداءا من مشرية و يصل عرض الخط إلى حوالي 60م.
ب- خط شال:
أما خط شال فهو يمتد خلف خط موريس من الناحية الشرقية )أم الطبول( مارا بالعيون فشرق القالة "فرمل السوق" ثم "عين العسل" فالطارف" ليصل إلى "بوحجار" و سوق أهراس" و قبلها بحوالي 2كلم عند "وادي الجدرة" ينطلق باتجاه "حمام تاسة" ثم يتجه شرق الطريق الرابط بين تاورة "وسوق أهراس" و عند الكيلومتر 28 يتحول نحو سيدي أحمد مارا بالمزيج "و تقرين" حتى نهاية وادي سوف عابرا بسوق تبسة.
و المسافة الفاصلة بين الخطين تتسع حينا و تضيق في بعض الأحيان حيث تتراوح بين 70 و 9كلم و هو يتكون من خط مكهرب قوته 30 ألف فولط، مكون في الوقت نفسه من 5 أسلاك متركبة تفصلها بعوازل يبلغ ارتفاعها حوالي 2م و تغطيها أسلاك شائكة لحماية الدبابات من قذائف البازوك
.
الجوانب التاريخية لاستخدام الأسلاك الشائكة في الجزائر
في السنين الأولى من إندلاع الثورة المسلحة إلى غاية 1956م و كانت مناطق الحدود الجزائرية على طول الخط الحدودي آهلة بالشطان و التي كانت الدرع الواقي لجيش التحرير الوطني في الإقامة والتمركز و التموين و الإتصالات ...الخ.
و نتيجة للمعارك اليومية الطاحنة في المجابهة بين وحدات جيش التحرير الوطني و القوات الفرنسية بمناطق الحدود جعلت فرنسا من مناطق الحدود في عمق 50كلم داخل الجزائر مناطق عسكرية محرمة، إذ قامت القوات الفرنسية بتحطيم المنازل و قتل الماشية و تخريب أو إتلاف المحاصيل الزراعية و قطع الأشجار و تسميم المياه و قتل الحيوانات و المواشي و فرار السكان إلى المناطق الداخلية إلى القرى و المدن و إلى الحدود الجزائرية المغربية و التونسية، و داخلهما وجميع ما بقي من سكان هذه المناطق في المحتشدات و المعتقلات و مراكز التجمع و السجون تحت الحراسة العسكرية و المراقبة الشديدة عن طريق البطاقات الخاصة تقديمها عند الدخول والخروج في الأوقات المسموح بها.
و كان في بداية الأمر لسنة 1955 – 1956م إقامة الأسلاك الشائكة و زرع الألغام و التي لا يتعدى خط أو خطين، و في ليلة واحدة ثم نزع هذه الأسلاك على طول خطوطه من طرف مناضلين ومسبلين بمرافقة أفواج من جيش التحرير الوطني ، و نظرا لإستراتيجية و دور فعالية هذه الأسلاك وما أعطتها من نتائج إيجابية في مختلف الحروب العالمية و المحلية، قامت القوات الفرنسية بتسييج الحدود حيث جندت لها قوات بشرية و مادية كبيرة و تلغيمها و من المساجين و المعتقلين الجزائريين أو حتى من المدنيين و عساكر فرنسية و من اللفيف الأجنبي للإسراع ما يمكن لتطويق الحدود الجزائرية و عزلها عن عالمها الخارجي في الإمداد والتموين و العلاج في القواعد الخلفية للثورة الجزائرية داخل البلدين الشقيقين المغرب و تونس.
و من هذا يطرح السؤال، هل القيادة الثورية بصفة عامة أو قيادة الحدود بصفة خاصة لم تستطع مواجهة القوات الفرنسية منذ إقامة الأسلاك الشائكة و المكهربة و مناطق الألغام في سنينها الأولى؟ أم أنها إستهزأت بها و لم تعطها منذ البداية أهمية؟ أم هناك عوامل أخرى؟
لكن حسب معايشة الكاتب لأحداث المنطقة و معاركها اليومية أن القوات الفرنسية وضعت كل إمكانياتها المادية و البشرية كما قلت إقامة هذه الأسلاك و حراستها و حمايتها و جهزتها بأحدث الآلات الإلكترونية و الرادارات و الأضواء الكاشفة و غيرها من الوسائل، و كانت القوات الفرنسية تقيم حراسة شديدة 24 ساعة على 24ساعة بالقرب من الأسلكة الشائكة و الخطوط المكهربة والألغام التي تقوم بغرسها أو سحبها خوف إنتزاعها أو تخريبها من طرف المجاهدين أو المسلمين و كان المساجين و أفراد الشعب من الجزائريين هم الذين يتولون إقامة هذه الأسلاك إلى جانب العساكر الفرنسية و جعل هؤلاء في المقدمة الأولى في واجهة المجاهدين عند الهجوم على هذه الأسلاك الشائكة و المكهربة والملغمة و حقول الألغام.
و أمام هذه التجهيزات الجهنمية كان اجتياز الأسلاك الشائكة و المرور يعد عملية انتحارية في صراع مع الموت المحقق ليلا لأن الإجتياز كان يتم ليلا في الأسلكة داخل المغرب أو تونس أو داخل الجزائر.
و لإجتياز هذه المناطق الملغمة فرادية ووضع قدم في محل القدم الخالي من الألغام المزروعة لمسافة أكثر من 50م من القدم، فأكثر أو أقل الأسلكة الشائكة العنكبوتية الملغمة ثم مناطق الألغام التي تبعد عن الخطين ب 100م ثم الأسلاك الشائكة المكهربة بقوة 6000 فولط في ارتفاعها لأكثر من 2م ل 5 أسلاك أقل أو أكثر أيضا أو حسب طبيعة و ظروف و إمكانيات كل جهة على الحدود الشمالية والجنوبية من مناطق مكشوفة و مناطق جبلية منكسرة التضاريس ووعرة المسالك.
ثم مناطق الألغام بين الخطوط لمسافة 5 كلم فأكثر، ثم الأسلكة الشائكة المكهربة و الملغمة بموجة لالتقاط الأصوات على طول الخطوط الحدودية مدعمة بمراكز و أبراج المراقبة و قواعد مجهزة ببطاريات المدفعية و الصواريخ أرض أرض، و أرض جو، و الرادارات المتحركة فوق المدرعات و المزنجرات لتتبع حركات المجاهدين، و الرادارات الثابتة في المراكز و القواعد التي تحدد بالضبط مكان المرور و تزود مراكز المراقبة و أبراجها بكل المعلومات للقصف المدفعي الآلي خاصة أنها تتبع ما يحمل فوق أكتاف الإنسان و على ظهور الحيوانات من أسلحة كيفما كان نوعها من مدافع الهاون و الرشاشة المدفعية و حتى الأسلحة الفردية من البنادق المختلفة.
و لمقاومة ذلك حاولت أفواج جيش التحرير الوطني مقاومة هذه الإستراتيجية التكنولوجية وأحيانا لمغالطة العدو و معرفة أماكنها الإستراتيجية من بطاريات المدفعية و الصواريخ والرادارات إذ أنه كان يتم حمل مختلف أنواع الحديد فوق الدواب و إرسالها نحو المناطق معينة و في إتجاهات خاصة، و بالفعل كانت القوات الفرنسية بأجهزتها الإلكترونية تقوم بضبط و تحديد المكان و يتم قصف تلك الحيوانات من طرف قوات العدو.
كما كانت وحدات جيش التحرير تقوم بإرسال بالونات تحمل مختلف الحديد في السماء في إتجاه الرياح نحو المراكز الفرنسية ، فتقوم القوات الفرنسية بقصفها بالمدفعية المضادة للطيران وأحيانا تحليق الطائرات في حالة إستنفار قصوى لتلك البالونات في حرب إستنزاف أو حرب الأعصاب للعساكر الفرنسية، كان كذلك جيش التحرير الوطني يستعمل الألغام على الحدود ضد الدبابات والمزنجرات و السيارات بصفة عامة، و أيضا وضع الألغام و المتفجرات حول المراكز العسكرية الفرنسية مما يتم استعادته من الألغام الفرنسية و قذائف المتفجرات مع تطويرها و إعادة إستعمالها ضد القوات الفرنسية و عندما كان يشتد ضغط المجاهدين و سيطرتهم على ميدان المعارك الحدودية كانت تلجأ فرنسا إلى قصف المجاهدين بالنابالم و الغازات السامة خاصة لكتائب نقل الأسلحة و ذخيرتها الحربية في طريقها للمناطق الجزائرية الداخلية.
استراتيجية الثورة في مواجهة خطي شال وموريس
الجانب الإعلامي
وقفت جبهة التحرير الوطني الندّ للندّ أمام الدعاية الفرنسية الهادفة إلى تضخيم الأثار العسكرية لخطي شال وموريس على وحدات جيش التحرير الوطني ، وذلك بإنتهاج سياسة دعائية مضادة في شكل مناشير ،وبيانات إذاعية ،ومقالات صحفية من خلال جريدة المجاهد،إضافة إلى رفع معنويات الجنود عن طريق حملات التوعية في أوساط السكان .
الجانب العسكري
اعتمد جيش التحرير الوطني المرحلية في التصدي للمشروع العسكري الفرنسي المتمثل في خطي شال وموريس من خلال المراحل التالية
المرحلة الأولى :
تجنب المرور عبر المناطق التي تنتشر فيها الألغام ، بالمرور عبر الشعاب و الوديان ثم جاءت فكرة حفر الأنفاق تحت الخطين ورفع الأسلاك المكهربة بواسطة الاخشاب
المرحلة الثانية :
المرحلة الثانية :
استخدام المقصات الخاصة بالاسلاك الشائكة المغلفة بالمطاط العازل لقطع الاسلاك ، وفتح ثغرات ، وإستخدام الصناديق الخشبية للعبور تحت الاسلاك
المرحلة الثالثة :
المرحلة الثالثة :
اخترع جيش التحرير الوطني سلاحا خاصا يسمى البنغالور و هو عبار عن أنبوب معدني محشو بالمتفجرات يستخدم لاحداث فجوات في الاسلاك الشائكة بعرض
3 إلى 5 أمتار
3 إلى 5 أمتار
جنود فرنسيين على الحدود الشرقية