لأن الوقت يــافـلــسطينيين لا يحتمل بقلم سوسن البرغوتي

يحي الشاعر

كبير المؤرخين العسكريين
عضو مميز
إنضم
2 فبراير 2008
المشاركات
1,560
التفاعل
98 0 0
لأن الوقت يا فلسطينيين لا يحتمل
بقلم
سوسن البرغوتي

اقتباس:





ما فتئت التنظيمات السياسية الفلسطينية، الغارقة في وهم حل الدولتين، لإحلال "السلام" مع "إسرائيل"، يأملون بوعود بوش الراحل إلى غير رجعة، وما زال دعاة الدولة الديمقراطية الواحدة، يتحفوننا بتنظيرات وإمكانية التعايش السلمي، وفلسطين منذ ستين عامًا من المجازر لم تتوقف، يدحض عشمهم بالتعايش مع شياطين الإرهاب في العالم.

ثالثة الأثافي، ثلة تسعى إلى مقاضاة قادة "إسرائيل" كمجرمين حرب!.. يبدو أنهم غفوا دهرًا، وصحوا على أن النضال السلمي هو الحل!.

إن عقيدة الحرب أيدلوجية إستراتيجية للكيان الصهيوني، وشارون الميت الحي، الذي دنس الحرم المقدسي، ليس إلا أنموذجًا إجراميًا لكل شعب وقادة "إسرائيل" وعصابة اللوبي الصهيوني العالمي، وقد غاب عن أذهان هؤلاء، أن المحاكم الدولية مهيمن عليها أمريكيًا الحليف القدري لـ"إسرائيل"، وأنها محاكم تشريعية لا تنفيذية. نذكرهم جميعًا، بأن محكمة العدل الدولية، أدانت الجدار العازل، وطالبت الأمم المتحدة والجمعية العامة ومجلس الأمن أن ينظروا في إجراءات تنفيذية حيال انتهاك القانون الدولي ببناء الجدار، فهل هُدم ، وهل نُفذت تلك المطالب؟!. هل سُحبت جائزة نوبل من بيرز القاتل؟، واللوبي اليهودي له دور كبير في منحها، وهل مظاهرات نعلين وبعلين السلمية، هدمت أو حتى أوجدت ثقبًا في الجدار؟!.

ادعاءات ومزاعم مروجي "النضال السلمي" من خلال المفاوضات، لم يعيدوا شبرًا واحدًا من فلسطين، بل تركوا القدس تُهود تحت سمعهم وبصرهم، وتخلوا عن فلسطيني الداخل ومصيرهم المجهول بالتسفير المؤجل إلى حين، وأهل الشتات باتوا كالهنود الحمر، ويا غريب كن أديب، وإلا فليس أمامك غير تدمير مخيم، أو الطرد في أحسن الأحوال.

"النضال السلمي" أخيرًا وليس آخراً، هرولة وزير خارجية محمية رام الله إلى مجلس الأمن، وهذا له أبعاد أخرى غير وقف النزف المستمر في غزة، منها تثبيت رئاسة "فخامته" كونه الشرعية الفلسطينية الوحيدة التي يعترف بها المجتمع الدولي والمسماة "الشرعية الدولية" وقبائل "الاعتدال" العربي، والمطالبة بإرسال قوات دولية إلى أراضي فلسطينية محتلة، لا تملك السلطة المحلية قرار بأي شأن داخلي أو خارجي، حتى أن انتقال عباس من مدينة إلى أخرى، لا يتم إلا بموافقة "إسرائيلية" رسمية، فبين مَن ومن ستفصل تلك القوات؟.. يبقى أن القضاء على المقاومة هو هدفها الوحيد والمعلن، بوقف إطلاق الصواريخ، مقابل تصفية المقاومة والقضية.

قبل أن نطالب شعوب العالم بالخروج إلى الشوارع، وقبل أن نسرد حقيقة أنظمة عربية وإسلامية، وجميعهم يسلكون إستراتيجية تقاطع المصالح وحماية أنظمتهم، قبل حماية بلادهم وشعوبهم، واستخدام دماء شعبنا في القطاع، لإدارة القرص ولعب دور (الحيادية) أو الوساطة وإبقاء الباب مفتوحاً مع "إسرائيل"، علينا أن نقف على الحقائق، وما آلت إليه الأمور من تخريب متعمد وتشويه لمسيرة الدماء والتشريد والقهر والذل، ونحاسب أنفسنا قبل أن نطالب بوقوف أي كان بخندق المقاومة الفلسطينية...

وقبل أن يتساءل الواهمون عن صمت أوباما بغباء منقطع النظير، وكأنه المنقذ المنتظر، عليهم أن يراقبوا أسعار النفط والدولار، وتنظيف القاذورات المالية في "وول ستريت" بدماء شعبنا، فلماذا صرح وأدان هجمات مومباي، وتنصل من أي تصريح حيال ما يجري في القطاع؟...



يشهد العالم بأسره، المخاض المضرج بدماء الأطفال والنساء والشيوخ، وما تبنيه سواعد المقاومين في غزة، لإحياء القضية الفلسطينية، وقد وضح للجميع قيادات سياسية وعسكرية وأنظمة عربية، لحمة والتفاف شعب فلسطين حول المقاومة، وهنا أعني الشعب العربي من المحيط إلى الخليج والمهاجر والشتات.

حتى تكون رسالتي واضحة وبإيجاز، أقول بأن على التنظيمات الفلسطينية السياسية بالخارج، بلا استثناء، مطالبة بالوقوف بحسم وحزم، وتقديم خطوات إجرائية تنفيذية على أرض الواقع، حتى يكونوا على مستوى مسؤولياتهم بقيادة شعب إلى التحرير الكامل، وليس إلى فنائنا جميعًا:

أولاً- فلسطين فوق كل التحزبات والاصطفافات والرؤى الأيدلوجية، والكوتات الانتخابية، والحلول البديلة الالتفافية، كلها تعمل على تصفية القضية الفلسطينية.

ثانيًا- الاجتماع الفوري والطارئ في دمشق، كون كل التنظيمات مقرها هناك، والخروج بقرارات تنفيذية إنقاذًا للقضية الفلسطينية، والتي لا يخفى على أحد ما طالها من التشويه والتخريب المقصود.

ثالثًا- الشرعية الحقيقية، هي للمقاومة، ولا صوت يعلو فوق إرادة وبرنامج المقاومة، لتحرير كامل أرض فلسطين. فالفصائل المقاتلة متوحدة، فما الذي يمنع توحد التنظيمات السياسية ضد الفساد السياسي والتفريط والتنازل؟!.

رابعًا- شطب وإلغاء اتفاقية أوسلو، وما تلاها من اتفاقيات وخرائط، وسحب الاعتراف بالمبادرة العربية، مما أفرزت ما يُسمى وثيقة الوفاق الوطني، وعباس ليس معنيًا لا بالوفاق ولا بالوطن.

خامسًا- إسقاط رئيس وحكومة رام الله، بعد الانتظار طويلاً ولمدة خمسة عشر سنة، دون تحقيق أي إنجاز وعلى أي صعيد، ومسألة الحوار معهم، ميوعة ومراهقة سياسية، ولا يخفى على أحد بأن برنامج السلطة المعلن هو ضرب المقاومة المشروعة، ومقايضة أرض بأرض فلسطينية، من أجل سلام الإذعان والبيع لكامل أرض فلسطين، سواء بالتبعية ودولة الـ 67، أو بالشراكة العلنية مع "إسرائيل"، وتعليق المفاوضات مع "إسرائيل"، يعني أن عباس ما يزال يأمل الوصول لمنتصف الطريق، ليرضي شركائه أولاً وأخيرًا.

ليلاحظ الجميع أن قادة "إسرائيل" يصطفون إلى جانب سلطة عباس للدفاع واستعادة غزة لما يُسمى "الشرعية" الأوسلوية، والاستعدادات لعودة سلطة عباس وأذنابه وأجهزة تعمل تحت إمرة دايتون إلى غزة، إن أعادت "إسرائيل" احتلالها!...

سادسًا- آن أوان، اجتياز قشرة الثورة، والانخراط في عمق ثورة حقيقية، تعيد الأمور إلى موازينها السليمة، بإعادة بناء منظمة التحرير وفق الأسس والثوابت واللاءات الاستراتيجية، بعد أن ثبت إخفاق التكتيكات والمناورات السياسية، والعدو هو العدو، سواء كان عنصريًا أو مضطهدًا وقامعًا لشعبنا الفلسطيني بالداخل المحتل عام 1948، أو كان (شريكًا) في الأرض والحاكم الفاعل بقرار وقدر الشعب الفلسطيني.

سابعاً- المطالبة بوقف العدوان على القطاع، هي مطالبة آنية، نتيجة الاعتداء الهمجي الصارخ من قوات الاحتلال، فاليوم القطاع وغدًا الضفة المحتلة، وبعده ترحيل فلسطينيي الداخل...

إن القتل والتدمير مستمر، لذلك يجب أن تكون الإجراءات التنفيذية، في الإصرار على مواجهة المحتل بالسلاح، وبوحدة الصف المقاوم الواحد، حتى يرحل عن كل تراب فلسطين، ولا فرق بين القدس الشرقية والغربية، وصفد وغزة، وحيفا ورام الله.

ثامنًا- إن كل المتظاهرين وعلى مدى مساحة الوطن العربي والإسلامي، يرددون فلسطين في عروقنا ودمائنا، ويحملون الأعلام الفلسطينية، ألا يجدر بكم جميعًا، أن تنتصروا لفلسطين، وتخجلوا من مواقفكم المتأرجحة؟!...

التحركات الدبلوماسية منذ احتلال فلسطين منحازة للعدو، وتعمل على تثبيت وجوده، ويتم تأجيل حل مصيبتنا الداخلية ولبّ الداء في داخل البيت الفلسطيني.

تاسعًا- استمرار التعويل على دور مصري رسمي، لن يأتي بأي حصاد لصالح المقاومة على الأقل، وقد بات موقف النظام المصري واضحًا بل ومشاركًا بتضييق الخناق على مليون ونصف المليون من البشر في غزة، للانصياع لشرعية القبضنة والهيمنة الأمرو- صهيونية.

عاشرًا- ليس الدور المنوط بالشعب الفلسطيني في الضفة، المظاهرات والاحتجاجات على همجية "إسرائيل"، بل بالإضراب والعصيان المدني ضد من ينفذ سياسة المحتل، ومساءلة ومقاضاة رؤوس أوسلو فردًا فردًا، هؤلاء الذين بنوا إمبراطوريات على هرم الفساد، وبنوا بأموال الشعب الفلسطيني شركات لأولادهم، فماذا فعلوا بالإرث الفلسطيني، ولماذا بنوا المعتقلات للمقاومين الفلسطينيين، واغتالوهم في سجون السلطة، ولماذا أقفلوا الجمعيات الخيرية، وصادروا أسلحة مقاومين في الخليل؟، والمساءلات والمحاسبات قائمة تطول. ألم يصرح عباس، أنه سيمنع أي انتفاضة في الضفة؟، إذن ما تقدم وسيلة نضال سلمي أيضًا.

فإما أن تثبتوا جميعكم مواقف على قدر مسؤولياتكم، وإما بصريح العبارة.. حِلوا عنا، وستفقدون جميعكم مصداقية حمل مسؤولية قضية مقدسة وعادلة، واتركوا شعب فلسطين، يخط دربه كما يجب، متمسكًا ومدافعًا عن مقاومته وأرضه، وبنهاية المطاف لا يصح إلا ما خاضته كل شعوب العالم من معارك لإجلاء المستعمر. لن أسألكم ماذا أنتم فاعلون، ولكن أطالبكم بالفعل المشرّف لا بالقول.. فأشلاء ودماء شعبنا الصامد المحاصر بغزة، يجب أن تُستثمر في معركة التحرير لكل فلسطين.

عار عليكم إن لم تستفيقوا بعد حصار طويل وسلسلة حروب، وأنتم تتلهون بمبادرات من هنا أو هناك، وتضيعون الفرصة الذهبية لتوسيع بقعة الزيت، وعار علينا أن نقف موقف المتفرجين.

دوركم اليوم، ليس تضامنياً مع غزة فقط، إنما بتصحيح مسار أعوج برمته. فإن لم تعودوا إلى رشدكم، فهذا يعني أنكم شركاء في الجريمة، وأن تكونوا أو لا تكونوا، ليس هو السؤال، والجواب الوحيد، أن نكون كشعب مسؤول مسؤولية مباشرة، عن تصفية أشرف وأعدل قضية. تهدئة الغد ليست كتهدئة الأمس، فهي تعني أن ما حدث من تحركات ومظاهرات وأصوات عربية تطالب بإغلاق السفارات "الإسرائيلية"، ما هي إلا فورة غضب، لا تلبث أن تهدأ، وتذهب بعدها كل دماء شعبنا في غزة هباءً وهدرًا، وإن رُفع الحصار وتوقفت الآلة المتوحشة لحين، فحياة المفاوضات السرابية تصيبنا في مقتل، وليس لديكم إلا خيارين، إما أن تقودوا مع شعبكم ثورة حياة مشرّفة، وإما أنكم مدافعون فاشلون.


(إذا كنا مدافعين فاشلين عن القضية فعلينا تغيير المدافعين لا القضية)...



الشهيد غسان كنفاني

8/ 1/ 2009





 
عودة
أعلى