ما الذي تخفيه واشنطن وراء سحب أنظمة دفاعية وطائرات من السعودية؟
أعلنت مصادر قيام الولايات المتحدة بسحب صواريخ باترويت وبعض الطائرات المقاتلة من السعودية، ما دفع عديدا من المراقبين والصحف العالمية لبحث الأسباب التي تكمن وراء هذا القرار.
كشف مسؤول أمريكي عن قيام الولايات المتحدة الأمريكية بسحب بطاريتي صواريخ باترويت وبعض الطائرات المقاتلة من المملكة العربية السعودية، بعد أشهر فقط من قيام "البنتاغون" بنشر تعزيزات عسكرية هناك لمواجهة إيران.
سحب بطاريتي الصواريخ والطائرات جاء في وقت تعاني فيه العلاقة بين إدارة ترامب والرياض من توترات بشأن إنتاج النفط، خاصة بعد أن كشفت وكالة رويترز عن قيام الرئيس الأمريكي بتهديد ولي العهد السعودي بقطع الدعم العسكري الأمريكي للسعودية إذا لم تتوقف الأخيرة عن إغراق الأسواق بالبراميل النفطية، وذلك خلال مكالمة بين الاثنين في شهر أبريل/ نيسان المنصرم.
بينما كان رد "البنتاغون" (وزارة الدفاع الأمريكية) على هذه الأنباء بأنها "خطوات روتينية"، وتتم بشكل أساسي من أجل أعمال الصيانة، كما ذكر موقع "ميليتاري تايمز" لأخبار الجيش الأمريكي وصحيفة واشنطن بوست.
لكن إجابة ترامب بـ"لا أريد التحدث عن ذلك"، ردا على سؤال طرح عليه حول هذا الموضوع خلال لقاء في البيت الأبيض، تثير التساؤلات والشكوك حول ما يحدث حقا خلف الأبواب السياسية الموصدة.
تغير في الاستراتيجية؟
ان "تصاعد التوتر والاتهامات المتبادلة" عنوان العلاقة ما بين إيران والولايات المتحدة الأمريكية والسعودية خلال العام الماضي 2019، إذ ألقت واشنطن باللوم على طهران في استخدام الألغام لاستهداف ناقلات النفط بالقرب من مضيق هرمز الاستراتيجي ومهاجمة منشآت النفط السعودية.
وقد وصل هذا العنف إلى ذروته بعد اغتيال الولايات المتحدة قاسم سليماني، أهم جنرال في إيران، والذي ردت عليه إيران بإطلاق الصواريخ الباليستية على قواعد تمركز للقوات الأمريكية في العراق.
آنذاك لم يكن لدى الولايات المتحدة أية دفاعات باتريوت في تلك القواعد، لأنها اعتبرت مواقع أخرى في السعودية أهدافا أكثر احتمالية لوقوع هجوم عليها، كما تذكر صحيفة "واشنطن بوست". إلا أن بعيد الحادثة قرر البيت الأبيض نقل بعض عتاده العسكري إلى العراق لمنح قواته المزيد من الحماية الصاروخية.
ورغم أن التوترات مع إيران لا تزال كبيرة، إلا أن صحيفة "وول ستريت جورنال" ذكرت أن هذه الخطوات تستند إلى تقديرات المسؤولين الأمريكيين بكون طهران لم تعد تشكل تهديدا للمصالح الإستراتيجية للولايات المتحدة.
"لا حاجة للقوات الأمريكية في السعودية"
خلال شهر أبريل/ نيسان الفائت، قدم العضو الجمهوري في مجلس الشيوخ بيل كاسيدي مقترح قانون بسحب القوات الأمريكية من السعودية بعد 30 يوما من الموافقة عليه، وذلك للضغط على المملكة من أجل تخفيض إنتاجها النفطي؛ الذي أدى إلى هبوط أسعار النفط والإضرار بشركات الطاقة الأمريكية.
وبينما لازال كاسيدي يصارع للحصول على موافقة، فإن سيناريو قيام ترامب بالتنازل لبعض الأوساط المؤيدة للمشروع وجماعات الضغط، التي على صلة بسوق النفط؛ لا يبدو بعيد المنال خاصة وأن الانهيار الذي حدث في أسعار الذهب الأسود كان كافيا لإثارة الغضب الأمريكي تجاه السعودية.
وذكرت صحيفة "واشنطن بوست" أن الحزب الجمهوري أشار بأصابع الاتهام للسعوديين، وحملهم المسؤولية المباشرة عن ارتفاع معدلات البطالة وفقدان العاملين في مجال الصناعة وظائفهم، لاسيما في الولايات التي يديرونها، وتضيف الصحيفة بأنه ليس من الواضح حتى الآن إذا ما كان نزاع النفط الجاري هو العامل الرئيسي في قرار الولايات المتحدة.
غير أن وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو يرى أن ما تغير مؤخرا هو رغبة واشنطن أو حاجتها لحماية أصول النفط الأجنبية، وفي هذا تعلق الكاتبة الاقتصادية إيلين والد، في تقرير لها عبر مجلة "فوربس"، بأن تواجد القوات العسكرية الأمريكية في السعودية هو لحماية مصادر النفط بشكل أساسي، وبما أنه لا حاجة استراتيجية حالية لمنع التصعيد في مناطق النفط الأجنبي نتيجة لانخفاض أسعاره بشكل كبير، فإنه لم يعد من مصلحة واشنطن المخاطرة بالقوات الأمريكية أو الالتزام بالقوة العسكرية.
علاوة على ذلك، فإن إدارة ترامب قد تستخدم هذه الخطوة كإشارة للسعودية للتعبير عن رفضها للإجراءات التي ساهمت في مثل هذه الأسعار المنخفضة.
الحماية مقابل المال
انخفاض أسعار النفط شكّل ضربة للأيدي العاملة الأمريكية التي فقدت وظائفها نتيجة لهذا، بالإضافة إلى أن الولايات الأمريكية تواجه الآن التبعات الاقتصادية لانتشار جائحة كورونا. كل هذا يهدد حظوظ ترامب في الانتخابات القادمة، كما أشار مراقبون، لاسيما أن شعاره الانتخابي ارتكز على "رفع الاقتصاد" وتوفير المزيد من فرص العمل، وتقليل معدلات البطالة.
هذا يجعل من خطوة سحب بطاريتي صواريخ باتريوت مقابل ابتزاز السعوديين لدفع المزيد من الأموال ليس بالسيناريو المستحيل، إذ لطالما صرح ترامب بأن بلاده هي من تحمي الرياض، مشددا على أهمية دفع المملكة المال مقابل ذلك، ولعل الأوضاع الاقتصادية التي تمر بها الولايات الأمريكية قد تحرك الماء الراكد من أجل الحصول على مزيد من المال، خاصة بعد موافقة الرياض على تحمل أعباء نشر قوات أميركية في الأراضي السعودية في أغسطس/ آب الماضي.
يذكر أن الرئيس الأمريكي ذكر في تصريحات صحفية خلال اجتماع في البيت الأبيض أن السعودية ليست ضمن الدول التي تتم حمايتها دون مقابل، مؤكدا أن المملكة أبدت استعدادها لتحمل النفقات.
مرام سالم
أعلنت مصادر قيام الولايات المتحدة بسحب صواريخ باترويت وبعض الطائرات المقاتلة من السعودية، ما دفع عديدا من المراقبين والصحف العالمية لبحث الأسباب التي تكمن وراء هذا القرار.
كشف مسؤول أمريكي عن قيام الولايات المتحدة الأمريكية بسحب بطاريتي صواريخ باترويت وبعض الطائرات المقاتلة من المملكة العربية السعودية، بعد أشهر فقط من قيام "البنتاغون" بنشر تعزيزات عسكرية هناك لمواجهة إيران.
سحب بطاريتي الصواريخ والطائرات جاء في وقت تعاني فيه العلاقة بين إدارة ترامب والرياض من توترات بشأن إنتاج النفط، خاصة بعد أن كشفت وكالة رويترز عن قيام الرئيس الأمريكي بتهديد ولي العهد السعودي بقطع الدعم العسكري الأمريكي للسعودية إذا لم تتوقف الأخيرة عن إغراق الأسواق بالبراميل النفطية، وذلك خلال مكالمة بين الاثنين في شهر أبريل/ نيسان المنصرم.
بينما كان رد "البنتاغون" (وزارة الدفاع الأمريكية) على هذه الأنباء بأنها "خطوات روتينية"، وتتم بشكل أساسي من أجل أعمال الصيانة، كما ذكر موقع "ميليتاري تايمز" لأخبار الجيش الأمريكي وصحيفة واشنطن بوست.
لكن إجابة ترامب بـ"لا أريد التحدث عن ذلك"، ردا على سؤال طرح عليه حول هذا الموضوع خلال لقاء في البيت الأبيض، تثير التساؤلات والشكوك حول ما يحدث حقا خلف الأبواب السياسية الموصدة.
تغير في الاستراتيجية؟
ان "تصاعد التوتر والاتهامات المتبادلة" عنوان العلاقة ما بين إيران والولايات المتحدة الأمريكية والسعودية خلال العام الماضي 2019، إذ ألقت واشنطن باللوم على طهران في استخدام الألغام لاستهداف ناقلات النفط بالقرب من مضيق هرمز الاستراتيجي ومهاجمة منشآت النفط السعودية.
وقد وصل هذا العنف إلى ذروته بعد اغتيال الولايات المتحدة قاسم سليماني، أهم جنرال في إيران، والذي ردت عليه إيران بإطلاق الصواريخ الباليستية على قواعد تمركز للقوات الأمريكية في العراق.
آنذاك لم يكن لدى الولايات المتحدة أية دفاعات باتريوت في تلك القواعد، لأنها اعتبرت مواقع أخرى في السعودية أهدافا أكثر احتمالية لوقوع هجوم عليها، كما تذكر صحيفة "واشنطن بوست". إلا أن بعيد الحادثة قرر البيت الأبيض نقل بعض عتاده العسكري إلى العراق لمنح قواته المزيد من الحماية الصاروخية.
ورغم أن التوترات مع إيران لا تزال كبيرة، إلا أن صحيفة "وول ستريت جورنال" ذكرت أن هذه الخطوات تستند إلى تقديرات المسؤولين الأمريكيين بكون طهران لم تعد تشكل تهديدا للمصالح الإستراتيجية للولايات المتحدة.
"لا حاجة للقوات الأمريكية في السعودية"
خلال شهر أبريل/ نيسان الفائت، قدم العضو الجمهوري في مجلس الشيوخ بيل كاسيدي مقترح قانون بسحب القوات الأمريكية من السعودية بعد 30 يوما من الموافقة عليه، وذلك للضغط على المملكة من أجل تخفيض إنتاجها النفطي؛ الذي أدى إلى هبوط أسعار النفط والإضرار بشركات الطاقة الأمريكية.
وبينما لازال كاسيدي يصارع للحصول على موافقة، فإن سيناريو قيام ترامب بالتنازل لبعض الأوساط المؤيدة للمشروع وجماعات الضغط، التي على صلة بسوق النفط؛ لا يبدو بعيد المنال خاصة وأن الانهيار الذي حدث في أسعار الذهب الأسود كان كافيا لإثارة الغضب الأمريكي تجاه السعودية.
وذكرت صحيفة "واشنطن بوست" أن الحزب الجمهوري أشار بأصابع الاتهام للسعوديين، وحملهم المسؤولية المباشرة عن ارتفاع معدلات البطالة وفقدان العاملين في مجال الصناعة وظائفهم، لاسيما في الولايات التي يديرونها، وتضيف الصحيفة بأنه ليس من الواضح حتى الآن إذا ما كان نزاع النفط الجاري هو العامل الرئيسي في قرار الولايات المتحدة.
غير أن وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو يرى أن ما تغير مؤخرا هو رغبة واشنطن أو حاجتها لحماية أصول النفط الأجنبية، وفي هذا تعلق الكاتبة الاقتصادية إيلين والد، في تقرير لها عبر مجلة "فوربس"، بأن تواجد القوات العسكرية الأمريكية في السعودية هو لحماية مصادر النفط بشكل أساسي، وبما أنه لا حاجة استراتيجية حالية لمنع التصعيد في مناطق النفط الأجنبي نتيجة لانخفاض أسعاره بشكل كبير، فإنه لم يعد من مصلحة واشنطن المخاطرة بالقوات الأمريكية أو الالتزام بالقوة العسكرية.
علاوة على ذلك، فإن إدارة ترامب قد تستخدم هذه الخطوة كإشارة للسعودية للتعبير عن رفضها للإجراءات التي ساهمت في مثل هذه الأسعار المنخفضة.
الحماية مقابل المال
انخفاض أسعار النفط شكّل ضربة للأيدي العاملة الأمريكية التي فقدت وظائفها نتيجة لهذا، بالإضافة إلى أن الولايات الأمريكية تواجه الآن التبعات الاقتصادية لانتشار جائحة كورونا. كل هذا يهدد حظوظ ترامب في الانتخابات القادمة، كما أشار مراقبون، لاسيما أن شعاره الانتخابي ارتكز على "رفع الاقتصاد" وتوفير المزيد من فرص العمل، وتقليل معدلات البطالة.
هذا يجعل من خطوة سحب بطاريتي صواريخ باتريوت مقابل ابتزاز السعوديين لدفع المزيد من الأموال ليس بالسيناريو المستحيل، إذ لطالما صرح ترامب بأن بلاده هي من تحمي الرياض، مشددا على أهمية دفع المملكة المال مقابل ذلك، ولعل الأوضاع الاقتصادية التي تمر بها الولايات الأمريكية قد تحرك الماء الراكد من أجل الحصول على مزيد من المال، خاصة بعد موافقة الرياض على تحمل أعباء نشر قوات أميركية في الأراضي السعودية في أغسطس/ آب الماضي.
يذكر أن الرئيس الأمريكي ذكر في تصريحات صحفية خلال اجتماع في البيت الأبيض أن السعودية ليست ضمن الدول التي تتم حمايتها دون مقابل، مؤكدا أن المملكة أبدت استعدادها لتحمل النفقات.
مرام سالم