الخليفة الأموي عبد الرحمن الناصر
أطول ملوك الإسلام عمرًا إذ حكم الأندلس 50 سنة و6 أشهر كاملة و أول من تلقّب بالخلافة في الأندلس ، وأحد أعظم خلفاء (بنى أمية) هو أمير المؤمنين عبد الرحمن الناصر ولد في مدينة (قُرطبة عام 891 م 277هـ . جده السادس هو (عبد الرحمن الداخل) صقر قريش نشأ عبد الرحمن الناصر يتيماً فقد قتل أبوه،وهو بعد لم يبلغ من العمر إلا ثلاثة أسابيع فقط قتله عمه لأنه كان مؤهلاً للإمارة بعد أبيهما. قام على تربيته جدُّه الأمير عبد الله بن محمد ،ربَّاه على سعة العلم وقوة القيادة، وحُسن الإدارة؛ربَّاه على الصبر والحلم وعلى العزة والكرامة كان عبد الرحمن فتى شديد النجابة والنبوغ ،وأبدى بالرغم من حداثته تفوقاً في العلوم والمعارف إلى درجة تسمو على سنه درس القرآن الكريم والسنة وهو لم يتجاوز العاشرة وبرع في النحو والشعر والتاريخ، ومهر بالأخص في فنون الحرب و الفروسية و هكذا تعلقت آمال أهل الأندلس بهذا الفتى الشجاع النجيب، وأضحى ترشيحه لولاية العهد أمراً واضحاً مقضياً ،وعندما مات جدُّه بايعه أعمامه كانت بيعة عبد الرحمن حينئذ أمرًا غير معهود، فقد كانت العادة أن ينتقل الأمر من الآباء إلى الأبناء أو إلى الإخوة، وهو ما لم يحدث ! رغم وجود عدد من أبناء الأمير عبد الله وإخوته على قيد الحياة. أرجع بعض النقاد والمؤرخين سبب هذا الانتقال غير المعهود للسلطة من الجد إلى حفيده، ومباركة البيت الأموي لذلك، إلى تخوّف أمراء بني أمية من ذلك الحمل الثقيل ولم ينازعه أحداً على المنصب حتى قال له عمه يوم وهو يبايعه: والله لقد اختارك الله على علم للخاص منا والعام،ولقد كنتُ أنتظر هذا من نعمة الله علينا،فأسأل الله إيزاع الشكر،وتمام النعمة، وإلهام الحمد."
فتولى عبد الرحمن الملك وعمره 22 سنة ،ومن هنا بدأت رحلة التأسيس الثانية لدولة الأندلس فأستطاع عبد الرحمن أن يحيل الضعف إلى قوة والذل إلى عزة،والفُرقَة إلى وحدَة،ويبدد الظلام بنور ساطع يشرق في كل سماء الأندلس وأول ما فعله عند تولى الحكم :
1- قام بتغير البطانة التي حوله
2- أعلى من شأن العلماء، وقرب منه العالم القاضي ( المنذر بن سعيد )
3- إخماد الثورات و المتمردين كما حارب الفاطميين ونجح في ضم سبتة، وطنجة، إلى بلاد الأندلس .
4ـ حين تولى عبد الرحمن الناصر الحكم لم يكن يملك من بلاد الأندلس سوى قرطبة فقد اتسعت مدينة قرطبة في عهده حتى بلغ تعداد سكانها نصف مليون، فكانت بذلك ثاني أكبر مدينة في تعداد السكان في العالم بأسره بعد بغداد
فقضى على الفتن والثورات في ولايات الأندلس وأعاد طليطلة وسرقسطة وبلنسية إلى حكم الدولة الأموية بعد 16 عاماً من الكفاح، وصارت الأندلس كلها تحت راية واحدة وقام بإصلاح الجيش فرتب الجيوش ترتيباً لم يعهد ، وبنى أسطولاً قوياً صار أقوى أساطيل ذلك العصر .
كما قام بإنشاء هياكل إدارية عظيمة، وأكثر من الوزارات والهيئات، وجعل لكل أمر مسئولاً، ولكل مسئول وزارة كبيرة تضمُّ عمالاً كثيرين وكتبة و اهتم بالجانب المعماري: فأنشأ مدينة الزهراء وأصبحت من معجزات زمانها ،فكان الناس يأتون من أوربا ومن كل أقطار العالم الإسلامي كي يشاهدونها
و يصف ابن عذاري مدينة قرطبة في عهده فيقول: " ومما قيل في آثار مدينة قرطبة وعظمها حين تكامل أمرها في مدة بني أمية :أن عدة الدور التي بداخلها للرعية دون الوزراء وأكابر أهل الخدمة 100 ألف دار 13 ألف دار؛ ومساجدها 3 آلاف ...."
كما إهتم بالمساجد، فوسع مسجد قرطبة حتى أصبح كـ قطعة فنية كما إهتم أيضاً بالجانب الاقتصادي:فكانت البلاد تعيش في عهده في رخاء منقطع النظير و بلغت ميزانية الدولة في عهده 6 ملايين دينارا ذهبا كما نمت الزراعة في عهده نموّاً مزهراً فتنوعت أشجار الفواكه والمزروعات كما اهتم بإستخراج الذهب والفضة والنحاس ،وكذلك صناعة السفن وآلات الحرث كما اهتم بالجانب العلمي فإزدهر العلم والتعليم في عهده بصورة ملحوظة، واهتم كثيراً بمكتبة قرطبة فزاد في حجمها حتى بلغ عدد الكتب فيها 400 ألف كتاب، و خضع له كل حكام أوروبا آنذاك وقال عنه الذهبي: "كان شجاعاً شهماً محمود السيرة لم يزل يستأصل المتغلَّبين حتى تم أمره بالأندلس ...".
توفي في شهر رمضان عام 350هـ / 961م عن 72 عاماً. وقد وجدوا في خزانته ورقة كان قد كتبها بخط يده عدد الأيام التي صفت له دون كدر فقال: في يوم كذا من شهر كذا في سنة كذا صفا لي ذلك اليوم فعدُّها فوجدوها 14 يوماً فقط
المصادر :
نفح الطيب - المقري
دولة الإسلام في الأندلس - محمد عبد الله عنان
أطول ملوك الإسلام عمرًا إذ حكم الأندلس 50 سنة و6 أشهر كاملة و أول من تلقّب بالخلافة في الأندلس ، وأحد أعظم خلفاء (بنى أمية) هو أمير المؤمنين عبد الرحمن الناصر ولد في مدينة (قُرطبة عام 891 م 277هـ . جده السادس هو (عبد الرحمن الداخل) صقر قريش نشأ عبد الرحمن الناصر يتيماً فقد قتل أبوه،وهو بعد لم يبلغ من العمر إلا ثلاثة أسابيع فقط قتله عمه لأنه كان مؤهلاً للإمارة بعد أبيهما. قام على تربيته جدُّه الأمير عبد الله بن محمد ،ربَّاه على سعة العلم وقوة القيادة، وحُسن الإدارة؛ربَّاه على الصبر والحلم وعلى العزة والكرامة كان عبد الرحمن فتى شديد النجابة والنبوغ ،وأبدى بالرغم من حداثته تفوقاً في العلوم والمعارف إلى درجة تسمو على سنه درس القرآن الكريم والسنة وهو لم يتجاوز العاشرة وبرع في النحو والشعر والتاريخ، ومهر بالأخص في فنون الحرب و الفروسية و هكذا تعلقت آمال أهل الأندلس بهذا الفتى الشجاع النجيب، وأضحى ترشيحه لولاية العهد أمراً واضحاً مقضياً ،وعندما مات جدُّه بايعه أعمامه كانت بيعة عبد الرحمن حينئذ أمرًا غير معهود، فقد كانت العادة أن ينتقل الأمر من الآباء إلى الأبناء أو إلى الإخوة، وهو ما لم يحدث ! رغم وجود عدد من أبناء الأمير عبد الله وإخوته على قيد الحياة. أرجع بعض النقاد والمؤرخين سبب هذا الانتقال غير المعهود للسلطة من الجد إلى حفيده، ومباركة البيت الأموي لذلك، إلى تخوّف أمراء بني أمية من ذلك الحمل الثقيل ولم ينازعه أحداً على المنصب حتى قال له عمه يوم وهو يبايعه: والله لقد اختارك الله على علم للخاص منا والعام،ولقد كنتُ أنتظر هذا من نعمة الله علينا،فأسأل الله إيزاع الشكر،وتمام النعمة، وإلهام الحمد."
فتولى عبد الرحمن الملك وعمره 22 سنة ،ومن هنا بدأت رحلة التأسيس الثانية لدولة الأندلس فأستطاع عبد الرحمن أن يحيل الضعف إلى قوة والذل إلى عزة،والفُرقَة إلى وحدَة،ويبدد الظلام بنور ساطع يشرق في كل سماء الأندلس وأول ما فعله عند تولى الحكم :
1- قام بتغير البطانة التي حوله
2- أعلى من شأن العلماء، وقرب منه العالم القاضي ( المنذر بن سعيد )
3- إخماد الثورات و المتمردين كما حارب الفاطميين ونجح في ضم سبتة، وطنجة، إلى بلاد الأندلس .
4ـ حين تولى عبد الرحمن الناصر الحكم لم يكن يملك من بلاد الأندلس سوى قرطبة فقد اتسعت مدينة قرطبة في عهده حتى بلغ تعداد سكانها نصف مليون، فكانت بذلك ثاني أكبر مدينة في تعداد السكان في العالم بأسره بعد بغداد
فقضى على الفتن والثورات في ولايات الأندلس وأعاد طليطلة وسرقسطة وبلنسية إلى حكم الدولة الأموية بعد 16 عاماً من الكفاح، وصارت الأندلس كلها تحت راية واحدة وقام بإصلاح الجيش فرتب الجيوش ترتيباً لم يعهد ، وبنى أسطولاً قوياً صار أقوى أساطيل ذلك العصر .
كما قام بإنشاء هياكل إدارية عظيمة، وأكثر من الوزارات والهيئات، وجعل لكل أمر مسئولاً، ولكل مسئول وزارة كبيرة تضمُّ عمالاً كثيرين وكتبة و اهتم بالجانب المعماري: فأنشأ مدينة الزهراء وأصبحت من معجزات زمانها ،فكان الناس يأتون من أوربا ومن كل أقطار العالم الإسلامي كي يشاهدونها
و يصف ابن عذاري مدينة قرطبة في عهده فيقول: " ومما قيل في آثار مدينة قرطبة وعظمها حين تكامل أمرها في مدة بني أمية :أن عدة الدور التي بداخلها للرعية دون الوزراء وأكابر أهل الخدمة 100 ألف دار 13 ألف دار؛ ومساجدها 3 آلاف ...."
كما إهتم بالمساجد، فوسع مسجد قرطبة حتى أصبح كـ قطعة فنية كما إهتم أيضاً بالجانب الاقتصادي:فكانت البلاد تعيش في عهده في رخاء منقطع النظير و بلغت ميزانية الدولة في عهده 6 ملايين دينارا ذهبا كما نمت الزراعة في عهده نموّاً مزهراً فتنوعت أشجار الفواكه والمزروعات كما اهتم بإستخراج الذهب والفضة والنحاس ،وكذلك صناعة السفن وآلات الحرث كما اهتم بالجانب العلمي فإزدهر العلم والتعليم في عهده بصورة ملحوظة، واهتم كثيراً بمكتبة قرطبة فزاد في حجمها حتى بلغ عدد الكتب فيها 400 ألف كتاب، و خضع له كل حكام أوروبا آنذاك وقال عنه الذهبي: "كان شجاعاً شهماً محمود السيرة لم يزل يستأصل المتغلَّبين حتى تم أمره بالأندلس ...".
توفي في شهر رمضان عام 350هـ / 961م عن 72 عاماً. وقد وجدوا في خزانته ورقة كان قد كتبها بخط يده عدد الأيام التي صفت له دون كدر فقال: في يوم كذا من شهر كذا في سنة كذا صفا لي ذلك اليوم فعدُّها فوجدوها 14 يوماً فقط
المصادر :
نفح الطيب - المقري
دولة الإسلام في الأندلس - محمد عبد الله عنان