القطعة المعدنية ذات الأسرار
في 22 يونيو من عام 1953 كان فتى صحيفة بروكلين ديلي إيغل ( Brooklyn Eagle) جيمي بوزارت البالغ من العمر أربعة عشر عامًا يجمع المبالغ المالية للصحيفة في إحدى أحياء مدينة نيويورك في بروكلين، فقد استلم قطعة من النيكل (قطعة ذات خمسة سنتات أمريكية) حيث شعر أنها خفيفة للغاية بالنسبة له. وعندما أسقطها على الأرض، انفتحت القطعة وظهرت أنها تحتوي على صورة مصغرة هذه الصورة تحتوي على سلسلة من الأرقام. أخبر الفتى ابنة ضابط قسم شرطة مدينة نيويورك حيث أخبر ذلك الضابط أحد المحققين الذي أخبر عميل مكتب التحقيقات الفدرالي بعد يومين عن قطعة النيكل الغريبة.
جيمي بوزارت يتلقى إشادة من مفوض الشرطة ستيفن كينيدي في عام 1957 ، بينما المحقق فرانك ميلي ينظر إليه.
تواصل محقق نيويورك مع الفتى جيمي، فقام جيمي بتسليم قطعة النيكل المجوفة والصورة المصغرة التي تحتويها. المحقق بدوره أعطى العملة لمكتب التحقيقات الفدرالي.
وعند فحص قطعة النيكل، لاحظ عملاء مكتب التحقيقات الفدرالي في نيويورك أن الصورة المصغرة يبدو أنها لا تحوي أكثر من عشرة أعمدة من الأرقام المكتوبة. وكل رقم مكون من خمسة خانات و21 رقمًا في معظم الأعمدة. اشتبه عملاء مكتب التحقيقات الفدرالي على الفور في أنهم وجدوا رسالة تجسس مشفرة. قاموا بتغليف قطعة النيكل والصورة المصغرة بعناية لشحنها إلى مختبر مكتب التحقيقات الفدرالي.
بمجرد وصول قطعة النيكل إلى المختبر في واشنطن بتاريخ 26 يونيو 1953، تم إخضاعها للفحص الشامل من قبل فريق من الخبراء العلميين بمكتب التحقيقات الفيدرالية. مثل هذه العملات المعدنية المجوفة تستخدم في بعض الأحيان في الأعمال السحرية وتلفت انتباه وكالات إنفاذ القانون الفيدرالية من وقت لآخر على الرغم من أنه نادرا ما يشاهدها المواطن العادي. إلا أن هذه هي المرة الأولى التي يواجه فيها مكتب التحقيقات الفدرالي على قطعة نيكل مثل هذه.
بينما كانت الجهود تُبذل لفك شفرة الرسالة على الصورة المصغرة، بدأ عملاء مكتب التحقيقات الفدرالي في نيويورك تحقيقًا للعثور على مصدر العملة المجوفة. تم تحديد موقع السيدتين اللتين قامتا بصرف عملة الدولار للفتى مساء يوم 22 يونيو. نعم كلتاهما تذكرتا جيمي. وإذا ما أعطاه أيًا من قطع النيكل المجوف، فهذا بالتأكيد عن غير قصد. "
تم التواصل مع مالكي متاجر التجزئة والمؤسسات التجارية ذات الصلة في محيط نيويورك. كما تم عرض صور لقطعة النيكل الجوفاء لهم. فلا أحد يتذكر رؤية قطعة النيكل أو عملة أخرى مشابهة لها تمامًا.
كما علق أحد البائعين المتجولين:
في واشنطن، قوبلت كل محاولة لفك رموز الصورة المصغرة بالفشل. بالإضافة إلى ذلك، لا يمكن تحديد نوع الآلة الكاتبة التي تم استخدامها في إعداد الرسالة المشفرة. ونظرًا لأن مختبر مكتب التحقيقات الفدرالي يحتفظ بملف مرجعي يتعلق بالآلات الكاتبة المصنعة في الولايات المتحدة ، فإن الآلة الكاتبة المستخدمة كانت بلا شك من صنع أجنبي.
ومن عام 1953 إلى عام 1957، تم بذل جهود متواصلة لحل لغز العملة المجوفة. كما تم الاتصال بالعديد من عملاء المخابرات السابقين الذين انشقوا إلى العالم الحر من دول الكتلة الشيوعية. فلم يتمكنوا من إعطاء معلومات حول هذه القضية.
وكما هو معلوم في مجال الاستخبارات والاستخبارات المضادة، فإن الصبر أكثر من فضيلة. بل إنها ضرورة مطلقة. استمر التحقيق لأشهر من قبل علماء مكتب التحقيقات الفدرالي وهيئة التحقيق إلا أن التحقيق في هذا الأمر لم يؤدي إلا إلى طريق مسدود. ومع ذلك، استمر البحث الدؤوب لتحديد الشخص الذي أحضر النيكل المجوف إلى نيويورك، وكذلك الشخص الذي كانت الرسالة المشفرة مخصصة له.
إنشقاق جاسوس روسي
ظهر مفتاح هذا اللغز من ضابط يعمل في خدمة أمن الدولة السوفيتية (KGB) يبلغ من العمر 36 عامًا. قام الجاسوس الروسي رينو هايهانن في وقت مبكر من شهر مايو 1957، بالاتصال بسفارة الولايات المتحدة الأمريكية في باريس ووصل بعد ذلك إلى السفارة لإجراء مقابلة. وأوضح لمسؤول بالسفارة :
حيث صرح الجاسوس-رينو هايهانن- بأنه أُمر للتو بالعودة إلى موسكو. فبعد مرور خمس سنوات في الولايات المتحدة، كان يخشى فكرة العودة إلى وطنه الذي يحكمه الشيوعيون. أراد أن ينشق - ليهرب من المعسكر السوفيتي.
في وقت لاحق تم التأكد من المعلومات التي قدمها هايهانن للمسؤولين الأمريكيين في باريس في شهر مايو 1957 على الفور. لم يكن هناك شك في دقتها. وبناء على ذلك، تم تأمين رحلة لـ هايهانن على متن طائرة حيث سمح له بالعودة إلى الولايات المتحدة.
بعد وصوله إلى نيويورك في 10 مايو 1957، خضع هايهانن لفحص بدني شامل، وتم إيجاد سكن مناسب له، وتم اتخاذ الترتيبات اللازمة لمقابلة عملاء مكتب التحقيقات الفدرالي.
وخلال المقابلات المكثفة التي أجراها مكتب التحقيقات الفدرالي معه في مايو 1957، تم استجواب هايهانن بعناية بشأن الرموز وأنظمة التشفير التي استخدمها في مختلف وكالات المخابرات السوفيتية التي خدمها منذ عام 1939. المعلومات التي قدمها تم تطبيقها من قبل خبراء مختبر مكتب التحقيقات الفدرالي على الصورة المصغرة.
وباستخدام هذه البيانات، نجح مختبر مكتب التحقيقات الفدرالي في اختراق ستار الغموض الذي أحاط بالرسالة المشفرة. بحلول 3 يونيو 1957، كان النص الكامل للصورة المصغرة معروفًا. يبدو أن الرسالة كانت موجهة إلى هايهانن وتم إرسالها من الاتحاد السوفياتي بعد وقت قصير من وصوله إلى الولايات المتحدة.
شفرة فيكتور
شفرة VIC عبارة عن تشفير بقلم الرصاص والورق يستخدمه الجاسوس السوفييتي رينو هايهانن ، الذي يحمل الاسم الرمزي "VICTOR".
حيث يعتقد أن الشفرة واحدة من أصعب الشفرات التي تصل إلى حد الاستحالة بدون معرفة المخطط الانسيابي لها!
