هل هي عودة ألمانيا الشعبوية للانتقام من كل القوى الخارجية التي أذلتها وسحقت كرامتها بعد إنكسارها في الحرب العالمية الثانية؟

أعماق المحيط 

مراسل لا يعني تبني الأخبار التي أنقلها
مراسلين المنتدى
إنضم
30 مارس 2018
المشاركات
49,275
التفاعل
115,067 814 1
الدولة
Saudi Arabia
هل أضحت ألمانيا دولة غير ديمقراطية؟

وإذا كان ذلك كذلك فما الذي كانت تصنعه طوال نحو ثمانية عقود منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية وزوال نظام النازي والترقي عبر درجات الحكم، لتضحى ألمانيا نموذجاً حقيقياً للديمقراطية في العالم الغربي.


حديث الديمقراطية في الداخل الألماني ليس حديثنا، وإنما في واقع الحال هو حديث الرئيس الألماني فرانك فالتر شتاينماير، الذي أشار، الأسبوع الماضي، في مجال تعليقه على حادث مدينة هاناو العنصري، إلى أن المجتمع الألماني مدعو للدفاع بشكل فعال عن الديمقراطية، ومعتبراً ما حدث في تلك المدينة الألمانية بمثابة هجوم على الحرية.



هل الديمقراطية الألمانية في خطر؟

باختصار غير مخلٍ، صحت ألمانيا مؤخراً على حادث إرهابي عنصري بغيض، إذ قام مسلح عنصري يبلغ من العمر 43 عاماً بإطلاق النار على مقهى للأرجيلة في المدنية، غالبية زواره من الأكراد والأجانب، ولاحقاً قتل والدته المسنة التي تبلغ 72 عاماً، ثم انتحر.


لم يكن ضحايا مقهى هاناو هم الأوائل من نوعهم في هذا السياق، فقد بدأت مسيرة الآلام الألمانية مع العنصرية والتطرف منذ عام 1990، وقد كان الأنغولي آمادو أنتونيو كيوا، أول ضحايا ذلك العنف حين هاجمه مجموعة من «النازيين الجدد» في 24 نوفمبر (تشرين الثاني)، وقتله المهاجمون، ومثلوا بجثته.



هل كان الألمان ضحية أم جناة؟

بالقطع نحن لا نسعى لتبرير ما جرت به المقادير، من حوادث عنصرية رهيبة، وإنما نحاول أن نسأل عن سر ما جرى، وهل في الأمر علاقة بنظرية «الكبت والإسقاط» في علم النفس الشهيرة.


الشاهد، وحسب بعض علماء النفس والاجتماع، فإن المهزوم يقتدي بالمحتل وبالقاهر، وقد كان ابن خلدون من أوائل من أشاروا إلى تلك الإشكالية.


هنا يمكن القطع بأن عقود الضغط والشمولية السوفياتية قد ولدت، ولا شك، رغبة دفينة في الانتقام، لم تكن بادية على السطح، غير أنه، ومع زوال العامل الضاغط المتمثل في الاتحاد السوفياتي، بدا وكأن ألمانيا تعاود قراءة أوراقها القديمة.


هناك نقطة مثيرة وخطيرة، وفيها من تأمل أحداث الماضي ما يلقي بتبعاته على الحاضر بقوة، والسؤال هنا: هل هي عودة ألمانيا الشعبوية للانتقام من جديد من كل القوى الخارجية التي أذلتها، وسحقت كرامتها، بعد الانكسار الذي أصيبت به في الحرب العالمية الثانية؟

المؤكد أن أحداث ألمانيا العنصرية الآنية، تكاد تقطع بأن ما حدث في الحرب العالمية الأولى يكاد يحدث مرة أخرى في حاضرات أيامنا، فقد كانت الهزيمة المذلة، والاتفاقيات المهينة، التي أجبر الألمان على توقيعها سبباً مباشراً في الوصول إلى الحرب العالمية الثانية، ومحاولة ألمانيا الانتقام من الجميع في الحرب الكونية الكبرى الثانية.


كان عام 1990 يمثل نهاية فترة في تاريخ ألمانيا، ومعنى زيادة حوادث العنصرية على النحو الذي نراه عبر ثلاثة عقود من 1990 وإلى 2020، هو أن الألمان كانوا ولا يزالون غير راضين عما جرى لهم، وهناك في الأفق ما يشير إلى أن مسألة العنصرية، وتصاعدها، تكاد تخفي وراءها ما هو أشد قسوة وخطورة، إنها رغبة الانتقام من الآخر التي تختبئ تحت الجلد الألماني، وها هي تطفو على السطح مرة أخرى.


تبدو ألمانيا اليوم أمام استحقاق يطالب به الكثير من أبنائها، وحتى في الأوساط المعتدلة، استحقاق مفاده بأن ألمانيا قد دفعت طويلاً، وكثيراً، أكلاف الحرب العالمية الثانية، وأنه حان الوقت لتعود شمسها تسطع مرة أخرى حول العالم، لكن عن أي سطوع نحن نتحدث؟


الشاهد أن الألمان غير قانعين بدورهم الاقتصادي في أوروبا، وباتت هناك رؤية مؤداها أنه من حق الألمان أن تكون لهم قوتهم المسلحة الخاصة بهم، وهذا أمر في واقع الحال يكاد يزعج الأوروبيين والأمريكيين، على حد سواء.


أما الأوربيون، فإنهم يخشون من اللحظة التي تعود فيها ألمانيا إلى قوتها السابقة، فيما الجانب الأميركي يخشى الصعود الألماني القوي والكبير المؤسس على رؤى قومية ألمانية لها جذور عميقة.

هل تقع ألمانيا، من جديد، في فخ الشعبوية، عوضاً عن تعزيز الديمقراطية؟

 
التعديل الأخير:
عودة
أعلى