كيف تم كسر مقاومة قارة بأكملها ومنعها من تكوين جبهة اقتصادية موحدة؟

القائد العام 

مراسل لا يعني تبني الأخبار التي أنقلها
مراسلين المنتدى
إنضم
30 مارس 2018
المشاركات
53,034
التفاعل
126,379 1,003 2
الدولة
Saudi Arabia
هل فكرت يوماً فيما قد يحدث لرئيس بلد ما إذا لم تستطع حكومته توفير الأنسولين لمرضى السكر من شعبه؟".. وردت الكلمات السابقة على لسان نائب وزير الخزانة الأمريكي "أر تي ماكنمارا" في معرض تهديده المباشر للرئيس الأرجنتيني الراحل "راؤول ألفونسين" بعد أيام قليلة من تولي الأخير لمنصبه، وتحديداً في ديسمبر 1983

5DF41C8E-E710-476B-8F2D-D451E28D3F4D.jpeg


الصفحة رقم 50 من كتابها "رقصة الملايين: أمريكا اللاتينية وأزمة الديون" الصادر في عام 1988 توضح لنا أستاذة الاقتصاد "جاكلين روديك" أن "ماكنمارا" الذي هدد الرئيس في مكتبه بقلب العاصمة الأرجنتينية كان يحاول إثناء "ألفونسين" عن سعيه لدفع الدول اللاتينية الغارقة حتى أذنيها في الديون لاتخاذ موقف موحد في مواجهة البنوك الأمريكية المالكة لهذه الديون، حيث إن الرئيس الأرجنتيني كان يدرك جيداً أنه لم يكن باستطاعة أي من دول أمريكا اللاتينية الفقيرة أن تتحدى الأمريكيين بمفردها.



لنواجههم معاً

في ديسمبر من عام 1983 تولى "راؤول ألفونسين" منصبه كأول رئيس مدني منتخب ديمقراطياً في الأرجنتين عقب سقوط الطغمة العسكرية الحاكمة. وفي محاولة لتحسين مستويات المعيشة وتثبيت أركان حكومته أعلنت إدارة "ألفونسين" على الفور وقف مدفوعات الفائدة على الديون الخارجية للأرجنتين لمدة 6 أشهر على أمل الحصول على شروط سداد أفضل من قبل الدائنين الدوليين.



وفي معرض دفاعه عن قراره قال "ألفونسين": "إن ديون الأرجنتين وكذلك ديون أمريكا اللاتينية هي نتاج آليات ضارة تقرضنا حتى لا نطور أنفسنا.. لن نرضخ للمجموعات المالية الدولية"، ثم تابع الرئيس الأرجنتيني بتحد قائلاً "لن ندفع ديوننا عن طريق تجويع شعبنا".




كانت هذه أول مرة تجرؤ فيها دولة من دول أمريكا اللاتينية على الدخول في مواجهة مباشرة مع الدائنين الدوليين وفي القلب منهم المؤسسات المالية الأمريكية. بل وصل الأمر إلى أن "ألفونسين" دعا نظراءه من زعماء أمريكا اللاتينية للانضمام إليه في هذا التمرد وبناء جبهة موحدة في مواجهة الدائنين الذين كانوا يراقبون تلك الدعوات ببالغ الخوف والحذر، وهو ما دفعهم للمسارعة في وأدها في مهدها قبل أن يخرج الأمر عن نطاق السيطرة.



وصفت صحيفة "لوموند" الفرنسية ذائعة الصيت تحدي "ألفونسين" لصندوق النقد الدولي ومن ورائه البنوك التجارية الكبرى بـ"الخطوة الثورية". بينما بدأ الاقتصاديون يشيرون إلى الأرجنتين باعتبارها "المدين الوحيد الأكثر مقاومة في العالم المالي".



اختراق من الداخل .. شق الصف

في يونيو من العام التالي، اجتمعت 11 دولة من أمريكا اللاتينية في مدينة قرطاجنة بكولومبيا لتنظيم صفوفها في كيان موحد، وقدمت الأرجنتين في ذلك الاجتماع خططها للكيفية التي ستتحرك بها الدول اللاتينية بشكل مشترك في مواجهة الدائنين الدوليين.



إدراكاً منها لخطورة مساعي الأرجنتين، سارعت البنوك التجارية الدولية لاختراق صفوف هذا التجمع اللاتيني الناشئ من خلال التواصل مع المكسيك -أكبر دولة لاتينية غارقة في الديون- ووعدها بتقديم التنازلات لها والتسامح معها في بعض الديون إذا ساعدتهم في إفشال مشروع الأرجنتين الهادف لتكوين جبهة لاتينية موحدة



AE998B49-3999-41F0-B41E-EE39775794D9.jpeg



في حديثه إلى "وول ستريت جورنال" في السادس من يونيو 1984 قال مصرفي أمريكي: "ما زلنا نعتقد أن الكارتل (التي تحاول الأرجنتين تشكيله) يشكل خطراً علينا، ولذلك يجب أن نكون مستعدين لفعل شيء ما. يجب أن تكافأ الدول التي تمتثل لتعليمات صندوق النقد الدولي عبر منحها تسهيلات أفضل".



بعد إعلان الرئيس الأرجنتيني تعليق مدفوعات الفائدة على ديون بلاده الخارجية، قامت المكسيك بتحرك هدفه تقويض خطوة الأرجنتين وإفقادها معناها وذلك بإيعاز من البنوك الكبرى في وول ستريت. حيث قامت المكسيك بحثّ الدول اللاتينية على توفير 500 مليون دولار لتغطية الالتزامات الأرجنتينية تجاه الدائنين الدوليين قبل انتهاء المدة القانونية البالغة 90 يوماً بعد ميعاد الاستحقاق.



كان الهدف الرئيسي من تلك الخطوة التي اتخذتها المكسيك هو ألا تتخلف الأرجنتين طواعية عن السداد، لأنها ستصبح بذلك مثالاً لجيرانها اللاتينيين الذين قد يحذون حذوها. وهكذا وجد الرئيس الأرجنتيني نفسه في مواجهة ليس الدائنين الدوليين فحسب بل وكذلك جيرانه اللاتينيين رغم أنهم أشد تضرراً من تلك الديون.



الأرجنتين تقف وحدها.. انهيار المقاومة

الضغوط التي مورست على الأرجنتين لإثنائها عن مساعيها وكسر مقاومتها لم تتوقف عند هذا الحد. فقد أرسلت وزارة الخزانة الأمريكية رسالة إلى الرئيس الأرجنتيني عبر نائب الوزير "أر تي ماكنمارا" بها قائمة بالواردات المهمة التي ستصبح غير متوفرة في حال علقت الأرجنتين مدفوعات الديون، لأن واشنطن ستتكفل بمنع أي مؤسسة مالية في العالم من توفير الائتمان للحكومة والشركات الأرجنتينية.



كانت الرسالة واضحة: الأرجنتين تقف وحدها ولا ينبغي أن تأمل أن يناصرها جيرانها، كما أن التحدي المستمر للبنوك الأمريكية سيكلف البلاد غالياً.



بحلول أوائل عام 1985 أجبرت تكاليف الاقتراض المرتفعة وآثارها الاقتصادية المباشرة الرئيس الأرجنتيني على اتخاذ قرار صعب. حيث وجد الرجل نفسه في وضع مهين يضطره للقبول بشروط صندوق النقد الدولي والتعهد بسداد جبال الديون التي ورطت البلاد فيها الطغمة العسكرية التي كانت تحكم قبله.


8DAC6523-C1B5-4BFF-B9D8-E6E80EA47B03.jpeg


خرج "ألفونسين" على الشعب الأرجتيني قائلاً بانكسار: "يا أبناء وطني الأعزاء إن الحل الوحيد أصبح هو سياسة التقشف التي ستكون صعبة للغاية وستتطلب جهوداً كبيرة من الجميع. هذا يطلق عليه يا أبناء وطني اقتصاد الحرب."



هكذا فشلت محاولة الأرجنتين في تنظيم صفوف دول أمريكا اللاتينية من أجل فرض شروطهم على الدائنين الدوليين، حيث لم تقم أي دولة من الدول الـ11 التي حضرت مؤتمر قرطاجنة (باستثناء الأرجنتين) بتعليق مدفوعات الديون بل ولم تهدد أصلاً بفعل ذلك. ببساطة رأت تلك الدول أن الاستمرار في الدفع أقل تكلفة من تحديهم الجماعي لوول ستريت.



دارت الدائرة

تدور الأيام وتجد المكسيك -التي شاركت في إفشال مساعي الأرجنتين- نفسها في موقف لا تحسد عليه. ففي الفترة بين عامي 1985 و1986 تعرضت المكسيك فجأة لصدمتين كبيرتين إلى جانب أزمة الديون التي تعاني منها منذ أوائل الثمانينيات.



الأولى كانت الزلزال الذي ضرب مكسيكو سيتي في صباح التاسع عشر من سبتمبر 1985 والذي خلف أكثر من 10 آلاف قتيل ودمر جزءًا كبيرًا من البنية التحتية بالمدينة. أما الثانية فكانت هبوط سعر النفط بنسبة 60% وهو ما تسبب في خسارة الحكومة لنحو 20% من إيراداتها الإجمالية في غضون عدة أشهر.



لسخرية القدر بدأت المكسيك وسط هذه الظروف تفكر في تعليق مدفوعات الديون إلى الدائنين الدوليين. وفي فبراير من عام 1986 خرج الرئيس المكسيكي "ميجيل دي لا مدريد" على شاشة التلفاز ليتهم الدائنين في وول ستريت علناً "بخنق المكسيك حتى الموت" قبل أن يهدد بـ"تعليق جميع مدفوعات خدمة الديون المستحقة على البلاد للبنوك التجارية إلى أجل غير مسمى


لكن المكسيك التي كانت تقف وحدها تماماً دون أي دعم من جيرانها عادت أدراجها عقب تهديد صغير من أحد المسؤولين الأمريكيين. فبعد تصريحات الرئيس المكسيكي مباشرة توجه رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي "بول فولكر" إلى مكسيكو سيتي في زيارة سرية اجتمع خلالها بـ"دي لا مدريد".



كل ما فعله "فولكر" هو أنه هدد بشكل مهذب الرئيس المكسيكي بأنه سيكون هناك "تعليق فوري لجميع خطوط الائتمان المصرفية في نفس اللحظة التي ستعلق فيها بلاده مدفوعات الديون من تلقاء نفسها". كان هذا مجرد تذكير بسيط من جانب رئيس الفيدرالي لـ"دي لا مدريد" بمدى قوة وول ستريت.



كيف كان رد الرئيس المكسيكي على تهديدات "فولكر"؟ ببساطة تراجع عن موقفه واستمرت المكسيك في دفع ديونها في موعدها غير منقوصة رغم أنفها.



 
عندي موقف من الديون الدول تجتهد من أجل الحصول علي القروض وفي النهاية تأتي وتصرخ بأن شروط القرض غير عادلة
طيب ليش رايح تسدين
 
لذلك كنا و مازلنا ننادي بانشاء صندوق نقذ عربي حقيقي يتولى اقراض الدول العربية
عند الحاجة بشروط واضحة و يكون مؤسسة ربحية مثله مثل الصندوق الدولي و التخلي عن سياسة
المنح و المساعدات التي تتبعها الدول الخليجية و التي لم تعد بالنفع لا على الدول المانحة و
لا على شعوب الدول الممنوحة.
 
لذلك كنا و مازلنا ننادي بانشاء صندوق نقذ عربي حقيقي يتولى اقراض الدول العربية
عند الحاجة بشروط واضحة و يكون مؤسسة ربحية مثله مثل الصندوق الدولي و التخلي عن سياسة
المنح و المساعدات التي تتبعها الدول الخليجية و التي لم تعد بالنفع لا على الدول المانحة و
لا على شعوب الدول الممنوحة.
فعلا مثل هذا الصندوق سيرحم الدول العربية والمسلمة من تسلط البنك الدولي
 
عودة
أعلى