مسجد باريس الكبير من أكبر مساجد فرنسا، شيّد من قبل مهاجري شمال أفريقيا الأوائل في فرنسا، الذين كان أغلبهم من الجزائريين والمغاربة، تكريما للجنود المسلمين الذين دافعوا عن فرنسا خلال الحرب العالمية الأولى، بتمويل فرنسي، حيث خصصت فرنسا 500.000 فرنك فرنسي، وساهم سلطان المغرب في إنشاء وقف إسلامي لإنهاء البناء، ساهم فيه كذلك بأي تونس ومسؤولين جزائريين. ودشِّن في يوم 15 يوليو 1926 من طرف الرئيس الفرنسي آنذاك دومارغ والسلطان المغربي مولاى يوسف بن الحسن.
لحضور تدشين مسجد باريس في صيف عام 1344هـ - 1926م تم دعوة العديد من الأعلام المغاربة، يتقدمهم السلطان يوسف بن الحسن، وأحمد سكيرج، الذي خطب وصلى بالناس في أول جمعة بالجامع، وباشا مدينة الجديدة علال القاسمي، والقائد حمو العزيزي، والقائد محمد بن الشريف السايسي الأمغاري، والأديب سيدي الفاطمي بن سليمان وغيرهم.
وتَمَّ تَعْيِينُ سنة 1930 الشيخ محمد بلحسن الدباغ إماما وخطيبا لمسجد باريس باقتراح من التهامي الكلاوي وكان يعقد به مجالس علمية.
تعاقب على رئاسة المسجد عدة شخصيات، بداية من قدور بن غبريط، من مؤسسي مسجد باريس، وأول مدير له من سنة 1922م حتى سنة 1954م، ويوجد قبره خلف حديقة مسجد باريس. وخلال الحرب العالمية الثانية آوى المسجد حوالي 1600 من اليهود الفارين من النازيين ، فقدم الحماية لهم. بعد وفاة قدور بن غبريط، خلفه ابن أخيه أحمد بن غبريط بين 1954م- 1956م، في فترة شهدت استقلال كل من تونس والمغرب. تزامن ذلك مع تعيين حمزة بوبكر عميداً لمعهد ومسجد باريس من سنة 1957م حتى سنة 1982م. ثم خلفه عباس بن الشيخ الحسين، الذي توللى الرأسة بين 1982- 1989م وقام خلالها بإصلاحات في المسجد. وخلفه تيجاني هدّام التي ترأس المسجد بين 1989 - 1992م، وهو طبيب عمل قبل وبعد رئاسته للمعهد في مناصب سياسية في الجزائر، ثم خلفه العميد الحالي الطبيب دليل بوبكر، الذي تولى أول رئاسة للمجلس الفرنسي للديانة المسلمة الجهة الممثلة دينياً للمسلمين لدى السلطات الفرنسية.
وبسبب التجاذبات السياسية بين دولتي المغرب والجزائر، اللتين تحرص كل منهما على توظيف ملف تمثيل المسلمين لمصالحها، شهد تراجعاً في نشاطه بسبب تداعيات هذه الخلافات.
من هو قدور بن غبريط جد الوزيرة السابقة " نورية بن غبريط " :
سي قدور بن غبريط (1868 - 1954) ترجمان السلطان مولاي عبد الحفيظ. أنشأ مسجد باريس.
ولد قدور في سيدي بلعباس في 1868، وقد يكون ممن تعلموا في "مدرسة تلمسان"، التي كانت ثالثة ثلاث مدارس أنشأتها فرنسا لتخريج من تحتاجه في شؤون الجزائريين في النواحي الدينية. وقد وجدت فيه فرنسا "قابلية الاستخدام" فبعثته في سنة 1893 إلى المغرب الأقصى كمترجم في بعثتها في طنجة، وفي 1902 عين عضوا في لجنة تعيين الحدود بين الجزائر والمغرب.. وقد ظهر دوره الخسيس في المغرب عندما بدأت فرنسا تطبيق في احتلال المغرب، فكان ابن غبريط إحدى وسائلها للضغط على السلطان المغربي عبد الحفيظ للتوقيع على "معاهدة الحماية" التي فرضتها فرنسا على المغرب الأقصى في 30 مارس 1912.[1][2]
جمعية الحرمين هي جمعية أنشأتها فرنسا، وأوكلت إليه إنشاء مسجد في باريس، والإشراف عليه، "اعترافا" منها بفضل الجنود المسلمين عليها في الحرب العالمية الأولى، ولكن ذلك المسجد "صار محلّ لهو وطرب، ثمن الدخول إليه بخمس فرنكات، يتردّد عليه عدد وافد من "الرّوامة"، ولا يزوره المسلمون.
كان الثمن البخس الذي قبضه هو تعيينه في السنة الموالية (1917) رئيسا لجمعية أحباس الحرمين الشريفين، التي جمعت أموالا طائلة من شتى أنحاء العالم الإسلامي لبناء "مسجد" باريس، كما زُعم. وقد حدّثنا الشيخ العباس ابن الشيخ-الحسين (عميد مسجد باريس في الثمانينات توفي في 1989) أن الجزائريين فُرضت عليهم في العشرينيات ضريبة سمّوها تهكما وسخرية "غرامة ابن غبريط"، كما "أنعمت" عليه فرنسا في سنة 1925 بلقب "وزير شرفي" كأنها تعوضه عن الشرف الذي باعه بثمن بخس، دراهم معدودة. ثم عيّن على رأس "مسجد باريس" حتى هلك في 1954 فما بكت عليه السماء والأرض. وقد اعتبر مالك ابن نبي ذلك المسجد "إقطاعا لـ ابن غبريط".
الماريشال الفرنسي " ليوطي " رفقة قدور بن غبريط
كان ابن غبريط أمينا على مصالح فرنسا، حيث كان يصف دعاة الإسلام الصحيح في باريس بـ "المغرضين"، وصرح بأنه"يتشرف بمنعهم من جامع باريس،.. ويردد عبارات الشكر والثناء للحكومة التي أيّدته ضد دعاة الإسلام"، حتى شبهه الإصلاحيون بـ "فردنان ميشال"، الذي أصدر قرارا في 16 فبراير 1933 يمنع بموجبه أعضاء جمعية العلماء المسلمين الجزائريين من إلقاء الدروس في المساجد.
لقد أشرب بن غبريط "حب فرنسا"، وكان يفتخر بهذا الحب، وسعى إلى تكريم فرنسا، حيث ذكر الأديب أحمد حسن الزيات أنه حضر تدشين "مسجد" باريس في 1926، واتّسخت أذناه مما سمع من التزلف والتملق لفرنسا فلما جمعه لقاء ببن غبريط سأله: "كيف يبتهج العرب بعيد الحرية وهم عبيد؟" ويفتخرون بمجد فرنسا وهم أذّلة؟"، فلم يدعني أتمّ كلامي وإنما قاطعني محتدّا بقوله: "لا يا سيدي، ليس الفرنسيون بأكثر فرنسية منا، نحن نتمتع في ظلال الجمهورية بالإخاء الصحيح، والرخاء الشامل. وإن الجنود الجزائريين في الجيش والشرطة، والعمال المراكشيين والتونسيين في المصانع والمزارع يُعاملون بما يعامل به الفرنسي القحّ. أدام الله نعمة فرنسا على شعوب العرب، ونفع بعلومها وحضارتها أمم الإسلام.
الشيخ الهادي الحسني يكتب عن أصول وزيرة التربية:
هذا ما قاله الإمام ابن باديس رحمه الله عن جد الوزيرة بن غبريط
من مبادئ ديننا أنه “لا تزر وازرة وزر أخرى”، وأنه “ليس للإنسان إلا ما سعى”، والأمر من قبل ومن بعد إلى الله، يُعذب من يشاء ويغفر لمن يشاء.
لقد سبق لي أن كتبتُ في جريدة الشروق(28 / 04 / 2010) مقالا عنوانه “الجنرال ابن غبريط”، أوردت فيه حقائق لا تُشرفه، وما أعادني إلى الكتابة عنه، إلا ما جاء على لسان حفيدته نورية ابن غبريط في حوارها الذي نشرته جريدة الشروق في 29 ماي 2014، حيث ردت على منتقديها بأنها “حفيدة ابن غبريط”، وقالت عنه إنه “مُؤسس ومنشئ مسجد باريس، ووصفته بأنه “كان رجلا عظيما”.
لقد استوقفني هذا الكلام وذكرني بقول شاعر أندلسي:
ما كلُ ما قيلَ كما قِيلا فقد مارس الناسُ الأبَاطِيلا
ومن هذه الأباطيل أن ابن غبريط أسس مسجد باريس، والحقيقة هي أن فرنسا ـ العدوة الأبدية والأزلية للإسلام والمسلمين الحقيقيين ـ هي التي أسست على غير تقوى ذلك “المسجد” باقتراح من أحد طغاتها، الجنرال “ليوتي” ذو الجرائم الكثيرة في منطقة عين الصفراء، ومحتل المغرب الأقصى، وما بَنَتْ فرنسا ذلك “المسجد” إلا لتُضلل المسلمين، وتُبيِض به وجهها الأسوَد، وأما المال الذي بُنيَ به فقد جُمِع أكثره من الجزائريين، وكم حدثنا الشيخ عباس ابن الحسين عما كان يسمى “غرامة ابن غبريط”.
وأما وصفها لجدها بالعظمة فإن العارفين بحقائق التاريخ لا يُقرون لها بذاك. ومع ذلك فإننا نقول إن كانت “نورية” تريد بعظمة جدها عظمة علمية فما قرأنا له لفظا مفيدا ـ فضلا عن جملة ـ يدل على شبه عظمة، بل الذي قرأناه هو ما كتبه الإمام ابن باديس عندما قارن بين المستشرق الفرنسي “بيرشي” ذي اللغة العربية الفصيحة والكلام البليغ، والأداء المتقن وبين “ابن غبريط” الذي ألقى كلمة بعد ذلك المستشرق، قال ابن باديس:”وقام على إثره… ابن غبريط… فألقى خطابا كأنما أراد مدير المذياع أن يُريَنا به بعد خطاب “بيرشي” التباين بين الضدين المتعاقبَيْن”، وأسمح لنفسي أن أفسر كلام إمامنا ابن باديس بالقول إن كلام “قدور” لا يفوقه سوءا إلا كلام “نورية”، لأنه ليس معقولا أبدا، أبدا، أبدا، أبدا… أن تعيش نورية معنا نصف قرن وتكون “لغتها” بهذه الرداءة مبنى ومعنى.
ويُضيف ابن باديس معلقا على عمل لابن غبريط فقال: “وعلى ذكر ابن غبريط فإنني لا أنسى له ذلك الإمام الذي اختاره ـ بموافقة الإدارة ـ من إحدى مدن الجزائر الساحلية ونصبه إماما بجامع باريس، فكان فضيحة للجزائر، وسُبة مُعلنة في كل جمعة من فوق المنبر أمام أصناف الأمم الإسلامية”. (جريدة البصائر عدد 144. في 16/12/ 1938ـ ص1) ولو كان حظ ابن غبريط من العلم معقولا لوجد في الجزائريين أئمة أفضل من ذلك الشخص ولو كانوا من “أحباب فرنسا” كما كانوا يُسمون أنفسهم، و “خدام فرنسا” كما كانت تسميهم.
وأما إن كانت “نورية” تريد العظمة الوطنية فلتسمح لنا بالإحالة إلى مراجع تُثبت عكس ذلك، ومنها كتاب “فرنسا ومسلموها” للباحث “صادق سلاّم”، والجزء الثاني من مذكرات “شاهد القرن” لابن نبي، و”وحي الرسالة” (ج4 ـ ص 168) للزيّات، وكتاب “على خطى المسلمين” لسعد الله ( ص 66 ـ 135).
وإذا كانت ابن غبريط قالت بأن مُنتقديها لا يُعقدونها فإننا نقول لها بأنها “ما تخلعناش” بما سمته “الكفاءة” التي على أساسها اختارها من اختارها لهذا المنصب الذي تحتله.
غضب في الجزائر من بن غبريط لمنعها الصلاة في المدارس وطرد تلميذة
أثارت تصريحات وزيرة التربية الجزائرية نورية بن غبريط بشأن الصلاة في المدارس سجالا في البلاد، خاصة عبر مواقع التواصل التي ضجت بصور لتلاميذ وأساتذة يصلون داخل أروقة المدارس.
وأيدت بن غبريط قرار مدرسة جزائرية بفصل تلميذة أدت الصلاة داخل ساحة مدرسة .
وكانت مديرة مدرسة الجزائر الدولية بباريس قد فصلت تلميذة لأسبوع وأصدرت قرارا "يمنع الأساتذة والتلاميذ من الصلاة داخل المؤسسة"، بحسب ما ذكرته مواقع إخبارية جزائرية.
وقالت وزيرة التربية الجزائرية تعقيبا على قرار المدرسة إن المسؤولين "لم يقوموا سوى بواجبهم المهني" مضيفة بأن "الصلاة مكانها البيت لا المدرسة."
غصب على مواقع التواصل
تصريحات بن غبريط المؤيدة لقرار المدرسة اعتبره نشطاء على مواقع التواصل تمهيدا لتعميم القرار على باقي المدارس الجزائرية، فأطلقوا هاشتاغ #صلاتي_حياتي للرد على تصريحات الوزيرة.
ورأى المتفاعلون مع الهاشتاغ في قرار فصل التلميذة محاولة لتجفيف المنابع الدينية في البلاد وتناقضا مع تماشي الحكومة.
وكتب أحدهم:" مادة 21 من القرار 778 المؤرخ في 1991 المتعـلق بنـظام الجماعة التربوية والذي ينص على تخصيص قاعة للصلاة في كل مؤسسة..هذا يدل على أن وزيرتنا لم تطلع على نظام الجماعة التربوية."
وعلق زكريا الشيخي: " #بن_غبريط ومنع الصلاة في المدارس أخيرا .خطوة تجريبية لرؤية رد فعل الشعب مع أنني كفرد من الشعب لم ألاحظ عددا كبيرا من ناس تصلي في المدارس بل الأمر شبه منعدم."
على النقيض، أشاد مدونون بتصريحات وزيرة التربية الجزائرية قائلين إن المدرسة مكان للتعلم لا لممارسة الشعائر الدينية.
من جهته، رفض وزير الشؤون الدينية والأوقاف محمد عيسى التعليق على قرار الوزيرة قائلا: لم أطلع على قرار رسمي من طرف وزيرة التربية الوطنية، سوى ما تداولته وسائل الإعلام. وأنا لا أعلق على وسائل الإعلام حفاظا على الموضوعية التي تقتضيها مثل هذه القضايا المثيرة للجدل."
خلال عهد بن غبريط وضع اسم "إسرائيل" على خريطة في كتاب الجغرافيا للسنة الأولى للتعليم المتوسط، بدلا من فلسطين.
إستنكر رواد مواقع التواصل في الجزائر وضع اسم "إسرائيل" على خريطة في كتاب الجغرافيا للسنة الأولى للتعليم المتوسط، بدلا من فلسطين.
وأثار الأمر زوبعة من الانتقاد، خاصة أن البعض رآها فرصة للهجوم على الوزيرة نورية بن غبريت، التي سارعوا إلى اتهامها بأنها تمهد للتطبيع.
واشتعلت مواقع التواصل الاجتماعي، الخميس، بعد أن بدأت بعض الصفحات تتداول صورة الخريطة المأخوذة من كتاب الجغرافيا للسنة الأولى متوسط، التي يظهر فيها اسم إسرائيل على الخريطة مكان فلسطين.
يذكر أن كل الخرائط المعتمدة في الجزائر، سواء في المقررات الدراسية أو في المؤسسات والهيئات الرسمية، لا تعترف بوجود دولة إسرائيل، وتضع اسم دولة فلسطين على الخريطة.
وقال النائبة ناصر حمدادوش عن حركة مجتمع السلم إن ما ورد في كتاب الجغرافيا سابقة خطيرة في الاعتراف بإسرائيل، وهو ما يتجاوز العقدية السياسية والدبلوماسية للجزائر، مشيرا إلى أنه يحق الآن التساؤل: لمصلحة من تعمل هذه الوزيرة؟
وبعد الضجة أعلنت وزارة التعليم الجزائرية عن سحب جميع نسخ كتاب الجغرافيا من الأسواق.
وكتب عبر صفحتها على "فيسبوك": "تبعا لاكتشاف خطأ في صفحة من الكتاب المدرسي لمادة الجغرافيا للسنة الأولى متوسط، المطبوع من طرف دار النشر "المؤسسة الوطنية للفنون المطبعية"، قررت وزارة التربية الوطنية السحب الفوري لهذا الكتاب ومطالبة الناشر بتصحيحه.
وأضافت أنها "قررت فتح تحقيق في هذا الشأن. كما تؤكد على أن النسخة التي تم اعتمادها لم تتضمن الخطأ الذي يقع تحت مسؤولية الناشر".
خلال عهد بن غبريط حذف " البسملة " من الكتب المدرسية .
جاءت قضية حذف البسملة من الكتب المدرسية، لتضاف إلى جدل الهوية الذي صاحب وصول الوزير نورية بن غبريط إلى منصب وزيرة التربية عام 2014 وهو مستمر إلى اليوم، حيث تتهم هذه المسؤولة بخوض حرب على ثوابت الجزائريين رغم تأكيدها في كل مرة على أنها تريد مدرسة عصرية بعيدا عن الإيديولوجيا.
دُشن الدخول المدرسي لهذا العام على غرار السنوات الماضية على وقع جدل متجدد محوره “الهوية”، بعد تسريب معلومات عن تعليمات شفوية وجهتها الوزيرة إلى معدي الكتاب المدرسي قبل أسابيع، بحذف البسملة من كافة المؤلفات باستثناء كتب التربية الإسلامية.
وردت الوزيرة على هذه التسريبات “بنصف اعتراف”، عندما أكدت أن البسملة غير إجبارية في الكتب المدرسية عدا كتب التربية الإسلامية، لكنها حملت مسؤولية القرار لمُعدي هذه المؤلفات، أي أنها لم تأمر بذلك.
وكانت جمعية العلماء المسلمين أول جهة أكدت خلو الكتب المدرسية الجديدة من “البسملة”، بعد عملية تمحيص قام بها خبراء كلفتهم بالتحري حول المسألة.
وثارت ثائرة المنظمة تجاه القرار الذي وصفته بـ”الاعتداء على عقول الأطفال وهوية الشعب الجزائري”، كما اعتبرت ذلك “طعنة في الظهر” وجهتها لها بن غبريط، كون الطرفين ابرما سابقا ما يشبه “عقدا معنويا” خلال اجتماع بمقر الوزارة، يقضي بانتهاج الوزيرة للشفافية في برنامجها الإصلاحي.
وتعد قضية “حذف البسملة”، حلقة جديدة في سلسلة من الملفات الجدلية التي صاحبت قيادة بن غبريط للقطاع منذ عام 2014 خلفا لعبد اللطيف بابا أحمد.
ومنذ عقد ما سمي ندوة الإصلاح التربوي صيف 2015 والتي خصصت كما قيل لتقييم 12 سنة من “الإصلاحات”، بدأت تظهر إلى السطح خارطة طريق وضعتها الوزيرة بن غبريط سميت “الجيل الثاني،” من أجل “تحقيق تحول بيداغوجي نوعي” حسبها .
لكن سياسة الوزيرة قوبلت بانتقادات حادة من قبل عدة أوساط، كونها حسبهم جرعة أخرى لاستهداف الثوابت وعناصر الهوية الوطنية، لم يسلم منها حتى إطارات في الوزارة أعلنوا تمسكهم بالخط الأصلي للمدرسة، فضلا عن انتهاج سياسة الغموض والسرية في تطبيق ما سمي إصلاحات.
وظهرت خلال هذه المرحلة تسريبات عما قيل أنها توصيات لندوة الإصلاح، وأخرى عبارة عن تعليمات شفوية مصدرها الوزيرة، يقول معارضوها أنها دليل على وجود مخطط غير معلن لضرب عناصر الهوية يطبق على مراحل.
ومن الملفات التي أثيرت، تسريب مقترحات إلغاء امتحان شهادة التعليم الابتدائي وتدريس العامية في الطور الابتدائي وإلغاء العلوم الإسلامية والعربية والتاريخ والجغرافيا من امتحانات البكالوريا، إلى جانب الكشف عن مشاركة خبراء فرنسيين في إعداد كتب الجيل الثاني.
ومطلع عام 2016 ظهرت تسريبات حول قرار وزاري بإجبارية إتقان اللغة الفرنسية في مسابقات توظيف الأساتذة، قبل أن تظهر أزمة الأساتذة المتعاقدين بعد أن رفضت الوزيرة إدماجهم، فضلا عن الكشف عن ضغوط من أجل إلغاء الآيات والأحاديث من الكتب المدرسية.
وعاشت بن غبريط العام الماضي أسوء مرحلة خلال فترة قيادتها للوزارة، بعد تسريب امتحان شهادة البكالوريا على نطاق واسع واجهته بقرار تنظيم امتحان جزئي في بعض المواد، لتتكرر القضية هذا العام بعد أن أجبرت على إنصاف المتأخرين بتنظيم جولة ثانية لهم لكن أغلبهم رفض المشاركة فيها.
وواجهت هذه الوزيرة طيلة ثلاث سنوات عدة عواصف لكنها تمكنت من الصمود في منصبها، رغم رحيل أغلب الوزراء الذين عاصروا حقبتها ومعهم رئيسان للحكومة هما عبد المالك سلال وعبد المجيد تبون لتصنف حتى من قبل تقارير دولية ضمن قائمة أقوى المسؤولات العربيات وليس في الجزائر فقط.
لحضور تدشين مسجد باريس في صيف عام 1344هـ - 1926م تم دعوة العديد من الأعلام المغاربة، يتقدمهم السلطان يوسف بن الحسن، وأحمد سكيرج، الذي خطب وصلى بالناس في أول جمعة بالجامع، وباشا مدينة الجديدة علال القاسمي، والقائد حمو العزيزي، والقائد محمد بن الشريف السايسي الأمغاري، والأديب سيدي الفاطمي بن سليمان وغيرهم.
وتَمَّ تَعْيِينُ سنة 1930 الشيخ محمد بلحسن الدباغ إماما وخطيبا لمسجد باريس باقتراح من التهامي الكلاوي وكان يعقد به مجالس علمية.
تعاقب على رئاسة المسجد عدة شخصيات، بداية من قدور بن غبريط، من مؤسسي مسجد باريس، وأول مدير له من سنة 1922م حتى سنة 1954م، ويوجد قبره خلف حديقة مسجد باريس. وخلال الحرب العالمية الثانية آوى المسجد حوالي 1600 من اليهود الفارين من النازيين ، فقدم الحماية لهم. بعد وفاة قدور بن غبريط، خلفه ابن أخيه أحمد بن غبريط بين 1954م- 1956م، في فترة شهدت استقلال كل من تونس والمغرب. تزامن ذلك مع تعيين حمزة بوبكر عميداً لمعهد ومسجد باريس من سنة 1957م حتى سنة 1982م. ثم خلفه عباس بن الشيخ الحسين، الذي توللى الرأسة بين 1982- 1989م وقام خلالها بإصلاحات في المسجد. وخلفه تيجاني هدّام التي ترأس المسجد بين 1989 - 1992م، وهو طبيب عمل قبل وبعد رئاسته للمعهد في مناصب سياسية في الجزائر، ثم خلفه العميد الحالي الطبيب دليل بوبكر، الذي تولى أول رئاسة للمجلس الفرنسي للديانة المسلمة الجهة الممثلة دينياً للمسلمين لدى السلطات الفرنسية.
وبسبب التجاذبات السياسية بين دولتي المغرب والجزائر، اللتين تحرص كل منهما على توظيف ملف تمثيل المسلمين لمصالحها، شهد تراجعاً في نشاطه بسبب تداعيات هذه الخلافات.
من هو قدور بن غبريط جد الوزيرة السابقة " نورية بن غبريط " :
سي قدور بن غبريط (1868 - 1954) ترجمان السلطان مولاي عبد الحفيظ. أنشأ مسجد باريس.
ولد قدور في سيدي بلعباس في 1868، وقد يكون ممن تعلموا في "مدرسة تلمسان"، التي كانت ثالثة ثلاث مدارس أنشأتها فرنسا لتخريج من تحتاجه في شؤون الجزائريين في النواحي الدينية. وقد وجدت فيه فرنسا "قابلية الاستخدام" فبعثته في سنة 1893 إلى المغرب الأقصى كمترجم في بعثتها في طنجة، وفي 1902 عين عضوا في لجنة تعيين الحدود بين الجزائر والمغرب.. وقد ظهر دوره الخسيس في المغرب عندما بدأت فرنسا تطبيق في احتلال المغرب، فكان ابن غبريط إحدى وسائلها للضغط على السلطان المغربي عبد الحفيظ للتوقيع على "معاهدة الحماية" التي فرضتها فرنسا على المغرب الأقصى في 30 مارس 1912.[1][2]
جمعية الحرمين هي جمعية أنشأتها فرنسا، وأوكلت إليه إنشاء مسجد في باريس، والإشراف عليه، "اعترافا" منها بفضل الجنود المسلمين عليها في الحرب العالمية الأولى، ولكن ذلك المسجد "صار محلّ لهو وطرب، ثمن الدخول إليه بخمس فرنكات، يتردّد عليه عدد وافد من "الرّوامة"، ولا يزوره المسلمون.
كان الثمن البخس الذي قبضه هو تعيينه في السنة الموالية (1917) رئيسا لجمعية أحباس الحرمين الشريفين، التي جمعت أموالا طائلة من شتى أنحاء العالم الإسلامي لبناء "مسجد" باريس، كما زُعم. وقد حدّثنا الشيخ العباس ابن الشيخ-الحسين (عميد مسجد باريس في الثمانينات توفي في 1989) أن الجزائريين فُرضت عليهم في العشرينيات ضريبة سمّوها تهكما وسخرية "غرامة ابن غبريط"، كما "أنعمت" عليه فرنسا في سنة 1925 بلقب "وزير شرفي" كأنها تعوضه عن الشرف الذي باعه بثمن بخس، دراهم معدودة. ثم عيّن على رأس "مسجد باريس" حتى هلك في 1954 فما بكت عليه السماء والأرض. وقد اعتبر مالك ابن نبي ذلك المسجد "إقطاعا لـ ابن غبريط".
الماريشال الفرنسي " ليوطي " رفقة قدور بن غبريط
كان ابن غبريط أمينا على مصالح فرنسا، حيث كان يصف دعاة الإسلام الصحيح في باريس بـ "المغرضين"، وصرح بأنه"يتشرف بمنعهم من جامع باريس،.. ويردد عبارات الشكر والثناء للحكومة التي أيّدته ضد دعاة الإسلام"، حتى شبهه الإصلاحيون بـ "فردنان ميشال"، الذي أصدر قرارا في 16 فبراير 1933 يمنع بموجبه أعضاء جمعية العلماء المسلمين الجزائريين من إلقاء الدروس في المساجد.
لقد أشرب بن غبريط "حب فرنسا"، وكان يفتخر بهذا الحب، وسعى إلى تكريم فرنسا، حيث ذكر الأديب أحمد حسن الزيات أنه حضر تدشين "مسجد" باريس في 1926، واتّسخت أذناه مما سمع من التزلف والتملق لفرنسا فلما جمعه لقاء ببن غبريط سأله: "كيف يبتهج العرب بعيد الحرية وهم عبيد؟" ويفتخرون بمجد فرنسا وهم أذّلة؟"، فلم يدعني أتمّ كلامي وإنما قاطعني محتدّا بقوله: "لا يا سيدي، ليس الفرنسيون بأكثر فرنسية منا، نحن نتمتع في ظلال الجمهورية بالإخاء الصحيح، والرخاء الشامل. وإن الجنود الجزائريين في الجيش والشرطة، والعمال المراكشيين والتونسيين في المصانع والمزارع يُعاملون بما يعامل به الفرنسي القحّ. أدام الله نعمة فرنسا على شعوب العرب، ونفع بعلومها وحضارتها أمم الإسلام.
الشيخ الهادي الحسني يكتب عن أصول وزيرة التربية:
هذا ما قاله الإمام ابن باديس رحمه الله عن جد الوزيرة بن غبريط
من مبادئ ديننا أنه “لا تزر وازرة وزر أخرى”، وأنه “ليس للإنسان إلا ما سعى”، والأمر من قبل ومن بعد إلى الله، يُعذب من يشاء ويغفر لمن يشاء.
لقد سبق لي أن كتبتُ في جريدة الشروق(28 / 04 / 2010) مقالا عنوانه “الجنرال ابن غبريط”، أوردت فيه حقائق لا تُشرفه، وما أعادني إلى الكتابة عنه، إلا ما جاء على لسان حفيدته نورية ابن غبريط في حوارها الذي نشرته جريدة الشروق في 29 ماي 2014، حيث ردت على منتقديها بأنها “حفيدة ابن غبريط”، وقالت عنه إنه “مُؤسس ومنشئ مسجد باريس، ووصفته بأنه “كان رجلا عظيما”.
لقد استوقفني هذا الكلام وذكرني بقول شاعر أندلسي:
ما كلُ ما قيلَ كما قِيلا فقد مارس الناسُ الأبَاطِيلا
ومن هذه الأباطيل أن ابن غبريط أسس مسجد باريس، والحقيقة هي أن فرنسا ـ العدوة الأبدية والأزلية للإسلام والمسلمين الحقيقيين ـ هي التي أسست على غير تقوى ذلك “المسجد” باقتراح من أحد طغاتها، الجنرال “ليوتي” ذو الجرائم الكثيرة في منطقة عين الصفراء، ومحتل المغرب الأقصى، وما بَنَتْ فرنسا ذلك “المسجد” إلا لتُضلل المسلمين، وتُبيِض به وجهها الأسوَد، وأما المال الذي بُنيَ به فقد جُمِع أكثره من الجزائريين، وكم حدثنا الشيخ عباس ابن الحسين عما كان يسمى “غرامة ابن غبريط”.
وأما وصفها لجدها بالعظمة فإن العارفين بحقائق التاريخ لا يُقرون لها بذاك. ومع ذلك فإننا نقول إن كانت “نورية” تريد بعظمة جدها عظمة علمية فما قرأنا له لفظا مفيدا ـ فضلا عن جملة ـ يدل على شبه عظمة، بل الذي قرأناه هو ما كتبه الإمام ابن باديس عندما قارن بين المستشرق الفرنسي “بيرشي” ذي اللغة العربية الفصيحة والكلام البليغ، والأداء المتقن وبين “ابن غبريط” الذي ألقى كلمة بعد ذلك المستشرق، قال ابن باديس:”وقام على إثره… ابن غبريط… فألقى خطابا كأنما أراد مدير المذياع أن يُريَنا به بعد خطاب “بيرشي” التباين بين الضدين المتعاقبَيْن”، وأسمح لنفسي أن أفسر كلام إمامنا ابن باديس بالقول إن كلام “قدور” لا يفوقه سوءا إلا كلام “نورية”، لأنه ليس معقولا أبدا، أبدا، أبدا، أبدا… أن تعيش نورية معنا نصف قرن وتكون “لغتها” بهذه الرداءة مبنى ومعنى.
ويُضيف ابن باديس معلقا على عمل لابن غبريط فقال: “وعلى ذكر ابن غبريط فإنني لا أنسى له ذلك الإمام الذي اختاره ـ بموافقة الإدارة ـ من إحدى مدن الجزائر الساحلية ونصبه إماما بجامع باريس، فكان فضيحة للجزائر، وسُبة مُعلنة في كل جمعة من فوق المنبر أمام أصناف الأمم الإسلامية”. (جريدة البصائر عدد 144. في 16/12/ 1938ـ ص1) ولو كان حظ ابن غبريط من العلم معقولا لوجد في الجزائريين أئمة أفضل من ذلك الشخص ولو كانوا من “أحباب فرنسا” كما كانوا يُسمون أنفسهم، و “خدام فرنسا” كما كانت تسميهم.
وأما إن كانت “نورية” تريد العظمة الوطنية فلتسمح لنا بالإحالة إلى مراجع تُثبت عكس ذلك، ومنها كتاب “فرنسا ومسلموها” للباحث “صادق سلاّم”، والجزء الثاني من مذكرات “شاهد القرن” لابن نبي، و”وحي الرسالة” (ج4 ـ ص 168) للزيّات، وكتاب “على خطى المسلمين” لسعد الله ( ص 66 ـ 135).
وإذا كانت ابن غبريط قالت بأن مُنتقديها لا يُعقدونها فإننا نقول لها بأنها “ما تخلعناش” بما سمته “الكفاءة” التي على أساسها اختارها من اختارها لهذا المنصب الذي تحتله.
غضب في الجزائر من بن غبريط لمنعها الصلاة في المدارس وطرد تلميذة
أثارت تصريحات وزيرة التربية الجزائرية نورية بن غبريط بشأن الصلاة في المدارس سجالا في البلاد، خاصة عبر مواقع التواصل التي ضجت بصور لتلاميذ وأساتذة يصلون داخل أروقة المدارس.
وأيدت بن غبريط قرار مدرسة جزائرية بفصل تلميذة أدت الصلاة داخل ساحة مدرسة .
وكانت مديرة مدرسة الجزائر الدولية بباريس قد فصلت تلميذة لأسبوع وأصدرت قرارا "يمنع الأساتذة والتلاميذ من الصلاة داخل المؤسسة"، بحسب ما ذكرته مواقع إخبارية جزائرية.
وقالت وزيرة التربية الجزائرية تعقيبا على قرار المدرسة إن المسؤولين "لم يقوموا سوى بواجبهم المهني" مضيفة بأن "الصلاة مكانها البيت لا المدرسة."
غصب على مواقع التواصل
تصريحات بن غبريط المؤيدة لقرار المدرسة اعتبره نشطاء على مواقع التواصل تمهيدا لتعميم القرار على باقي المدارس الجزائرية، فأطلقوا هاشتاغ #صلاتي_حياتي للرد على تصريحات الوزيرة.
ورأى المتفاعلون مع الهاشتاغ في قرار فصل التلميذة محاولة لتجفيف المنابع الدينية في البلاد وتناقضا مع تماشي الحكومة.
وكتب أحدهم:" مادة 21 من القرار 778 المؤرخ في 1991 المتعـلق بنـظام الجماعة التربوية والذي ينص على تخصيص قاعة للصلاة في كل مؤسسة..هذا يدل على أن وزيرتنا لم تطلع على نظام الجماعة التربوية."
وعلق زكريا الشيخي: " #بن_غبريط ومنع الصلاة في المدارس أخيرا .خطوة تجريبية لرؤية رد فعل الشعب مع أنني كفرد من الشعب لم ألاحظ عددا كبيرا من ناس تصلي في المدارس بل الأمر شبه منعدم."
على النقيض، أشاد مدونون بتصريحات وزيرة التربية الجزائرية قائلين إن المدرسة مكان للتعلم لا لممارسة الشعائر الدينية.
من جهته، رفض وزير الشؤون الدينية والأوقاف محمد عيسى التعليق على قرار الوزيرة قائلا: لم أطلع على قرار رسمي من طرف وزيرة التربية الوطنية، سوى ما تداولته وسائل الإعلام. وأنا لا أعلق على وسائل الإعلام حفاظا على الموضوعية التي تقتضيها مثل هذه القضايا المثيرة للجدل."
خلال عهد بن غبريط وضع اسم "إسرائيل" على خريطة في كتاب الجغرافيا للسنة الأولى للتعليم المتوسط، بدلا من فلسطين.
إستنكر رواد مواقع التواصل في الجزائر وضع اسم "إسرائيل" على خريطة في كتاب الجغرافيا للسنة الأولى للتعليم المتوسط، بدلا من فلسطين.
وأثار الأمر زوبعة من الانتقاد، خاصة أن البعض رآها فرصة للهجوم على الوزيرة نورية بن غبريت، التي سارعوا إلى اتهامها بأنها تمهد للتطبيع.
واشتعلت مواقع التواصل الاجتماعي، الخميس، بعد أن بدأت بعض الصفحات تتداول صورة الخريطة المأخوذة من كتاب الجغرافيا للسنة الأولى متوسط، التي يظهر فيها اسم إسرائيل على الخريطة مكان فلسطين.
يذكر أن كل الخرائط المعتمدة في الجزائر، سواء في المقررات الدراسية أو في المؤسسات والهيئات الرسمية، لا تعترف بوجود دولة إسرائيل، وتضع اسم دولة فلسطين على الخريطة.
وقال النائبة ناصر حمدادوش عن حركة مجتمع السلم إن ما ورد في كتاب الجغرافيا سابقة خطيرة في الاعتراف بإسرائيل، وهو ما يتجاوز العقدية السياسية والدبلوماسية للجزائر، مشيرا إلى أنه يحق الآن التساؤل: لمصلحة من تعمل هذه الوزيرة؟
وبعد الضجة أعلنت وزارة التعليم الجزائرية عن سحب جميع نسخ كتاب الجغرافيا من الأسواق.
وكتب عبر صفحتها على "فيسبوك": "تبعا لاكتشاف خطأ في صفحة من الكتاب المدرسي لمادة الجغرافيا للسنة الأولى متوسط، المطبوع من طرف دار النشر "المؤسسة الوطنية للفنون المطبعية"، قررت وزارة التربية الوطنية السحب الفوري لهذا الكتاب ومطالبة الناشر بتصحيحه.
وأضافت أنها "قررت فتح تحقيق في هذا الشأن. كما تؤكد على أن النسخة التي تم اعتمادها لم تتضمن الخطأ الذي يقع تحت مسؤولية الناشر".
خلال عهد بن غبريط حذف " البسملة " من الكتب المدرسية .
جاءت قضية حذف البسملة من الكتب المدرسية، لتضاف إلى جدل الهوية الذي صاحب وصول الوزير نورية بن غبريط إلى منصب وزيرة التربية عام 2014 وهو مستمر إلى اليوم، حيث تتهم هذه المسؤولة بخوض حرب على ثوابت الجزائريين رغم تأكيدها في كل مرة على أنها تريد مدرسة عصرية بعيدا عن الإيديولوجيا.
دُشن الدخول المدرسي لهذا العام على غرار السنوات الماضية على وقع جدل متجدد محوره “الهوية”، بعد تسريب معلومات عن تعليمات شفوية وجهتها الوزيرة إلى معدي الكتاب المدرسي قبل أسابيع، بحذف البسملة من كافة المؤلفات باستثناء كتب التربية الإسلامية.
وردت الوزيرة على هذه التسريبات “بنصف اعتراف”، عندما أكدت أن البسملة غير إجبارية في الكتب المدرسية عدا كتب التربية الإسلامية، لكنها حملت مسؤولية القرار لمُعدي هذه المؤلفات، أي أنها لم تأمر بذلك.
وكانت جمعية العلماء المسلمين أول جهة أكدت خلو الكتب المدرسية الجديدة من “البسملة”، بعد عملية تمحيص قام بها خبراء كلفتهم بالتحري حول المسألة.
وثارت ثائرة المنظمة تجاه القرار الذي وصفته بـ”الاعتداء على عقول الأطفال وهوية الشعب الجزائري”، كما اعتبرت ذلك “طعنة في الظهر” وجهتها لها بن غبريط، كون الطرفين ابرما سابقا ما يشبه “عقدا معنويا” خلال اجتماع بمقر الوزارة، يقضي بانتهاج الوزيرة للشفافية في برنامجها الإصلاحي.
وتعد قضية “حذف البسملة”، حلقة جديدة في سلسلة من الملفات الجدلية التي صاحبت قيادة بن غبريط للقطاع منذ عام 2014 خلفا لعبد اللطيف بابا أحمد.
ومنذ عقد ما سمي ندوة الإصلاح التربوي صيف 2015 والتي خصصت كما قيل لتقييم 12 سنة من “الإصلاحات”، بدأت تظهر إلى السطح خارطة طريق وضعتها الوزيرة بن غبريط سميت “الجيل الثاني،” من أجل “تحقيق تحول بيداغوجي نوعي” حسبها .
لكن سياسة الوزيرة قوبلت بانتقادات حادة من قبل عدة أوساط، كونها حسبهم جرعة أخرى لاستهداف الثوابت وعناصر الهوية الوطنية، لم يسلم منها حتى إطارات في الوزارة أعلنوا تمسكهم بالخط الأصلي للمدرسة، فضلا عن انتهاج سياسة الغموض والسرية في تطبيق ما سمي إصلاحات.
وظهرت خلال هذه المرحلة تسريبات عما قيل أنها توصيات لندوة الإصلاح، وأخرى عبارة عن تعليمات شفوية مصدرها الوزيرة، يقول معارضوها أنها دليل على وجود مخطط غير معلن لضرب عناصر الهوية يطبق على مراحل.
ومن الملفات التي أثيرت، تسريب مقترحات إلغاء امتحان شهادة التعليم الابتدائي وتدريس العامية في الطور الابتدائي وإلغاء العلوم الإسلامية والعربية والتاريخ والجغرافيا من امتحانات البكالوريا، إلى جانب الكشف عن مشاركة خبراء فرنسيين في إعداد كتب الجيل الثاني.
ومطلع عام 2016 ظهرت تسريبات حول قرار وزاري بإجبارية إتقان اللغة الفرنسية في مسابقات توظيف الأساتذة، قبل أن تظهر أزمة الأساتذة المتعاقدين بعد أن رفضت الوزيرة إدماجهم، فضلا عن الكشف عن ضغوط من أجل إلغاء الآيات والأحاديث من الكتب المدرسية.
وعاشت بن غبريط العام الماضي أسوء مرحلة خلال فترة قيادتها للوزارة، بعد تسريب امتحان شهادة البكالوريا على نطاق واسع واجهته بقرار تنظيم امتحان جزئي في بعض المواد، لتتكرر القضية هذا العام بعد أن أجبرت على إنصاف المتأخرين بتنظيم جولة ثانية لهم لكن أغلبهم رفض المشاركة فيها.
وواجهت هذه الوزيرة طيلة ثلاث سنوات عدة عواصف لكنها تمكنت من الصمود في منصبها، رغم رحيل أغلب الوزراء الذين عاصروا حقبتها ومعهم رئيسان للحكومة هما عبد المالك سلال وعبد المجيد تبون لتصنف حتى من قبل تقارير دولية ضمن قائمة أقوى المسؤولات العربيات وليس في الجزائر فقط.