بحلول الساعه الثامنة من صباح يوم الأحد 7 أكتوبر كانت القوات المصرية قد حققت نجاحاً حاسماً فى معركة القناة, فقد تمكنت من إقتحام أصعب مانع مائى فى العالم, وقضت على أسطورة خط بارليف بعد أن سقطت معظم تحصيناتة ونقطة القوية فى يدها وضربت الحصار حول الحصون الباقية, وقد تم ذلك فى زمن لم يتجاوز 18 ساعة من البدء وبخسائر لم يكن يتصورها أكثر المخططين تفاؤلاً فقد بلغت 280 شهيداً و 5 طائرات و 20 دبابة, وكان مقدراً أن عملية العبور ستكلف قواتنا 30 ألف ضابط وجندى منهم عشرة ألاف قتلى. وفى المقابل فقد العدو فى معاكر يوم 6 وليلة 7 أكتوبر 30 طائرة ونحو 200 دبابة وعدة مئات من القتلى والجرحى..
وفى صباح يوم 7 أكتوبر اتضح أن القوات المصرية قد قامت بتنفيذ الخطة بدر تنفيذاً رائعاً فقد نجحت الفرق المشاة الخمس فى العبور إلى الشاطئ الشرقى بكامل أسلحتها الثقيلة, وعبرت معها حوالى 800 دبابة, فى الوقت الذى دمرت فية القوات الاسرائيلية المعدة لعملية صد الهجوم المصرى, وهى اللواء 116 مشاة (القدس) وثلاثة ألوية مدرعة تدميراً يكاد يكون كاملاً..
وكان عدم تمكن العدو من القيام بهجماتة المضادة التعبوية طوال يومى 6 و 7 أكتوبر ضد القوات المصرية التى أ،شأت خمسة رءوس كبارى على الشاطئ الشرقى للقناة فى الدلالة القاطعة على مدى المفاجأة الإستراتيجية التى حاقت بالعدو والتى أدت إلى تأخير وصول قواته الإحتياطية إلى أرض المعركة طوال هذه المدة. وكانت أفرع القيادة العامة المصرية قد اختلفت تقديراتها قبل المعركة حول الموعد المتوقع لقيام القوات الاسرائيلية الرئيسة التى كانت تتمثل فى القوات الإحتياطية بشن هجومها المضاد الرئيسى على رءوس الكبارى المصرية. فبينما قدرت هيئة العمليات الحربية أن هذا الموعد لن يتأخر عن 24 ساعة من بدء تنفيذ الخطة (بدر) على أساس أن العدو رغم كل الإجراءات الخداعية التى اتبعت سوف يكتشف بلا شك الاستعدادات المصرية النهائية قبل بدء المعركة بثلاثة أيام على الأقل, كانت إدارة المخابرات الحربية قد بالغت فى حذرها فقدرت أن العدو سوف يكتشف حتما النوايا الهجومية المصرية بمجرد بدء مرحلة العد التنازلى أى قبل 15 يوما من ساعة الهجوم مما سوف يتيح له الفرصة لاستدعاء قواته الاحتياطية وإتمام حشدها فى أرض المعركة دون أى تدخل أو ضغط, ووفقا لهذا التقدير كان المتوقع أن يتمكن العدو من القيام بهجومة المضاد الرئيسى فى خلال 8 ساعات على أكثر تقدير من بدء الهجوم المصرى..
ولكن الواقع أثبت أن العدو قد خالف كل التقديرات المصرية.. فعلى الرغم من أن نقاط المراقبة الأمامية الإسرائيلية قد رصدت وسجلت وصول معدات العبور الثقيلة والخفيفة وقوارب الاقتحا المصرية الى قرب خط المياه وأبلغت ذلك على الفور لرئاستها الخلفية, وهى تحضيرات الى جانب التحضيرات الهجومية الأخرى على جبهتى سيناء والجولان كانت قاطعة الدلالة على أن مصر وسوريا سوف تقومان بشن هجوم مشترك على إسرائيل فى توقيت قريب, فإن المخابرات الإسرائيلية بتأثير ما رسخ فى أذهان رجالها من الإستهانة بمقدرة العرب العسكرية أخطأت فى التوصل إلى التقييم السليم لأنباء الإستطلاع, وتقارير المعلومات التى وصلتها, وأسهمت بتقديرها الخاطئ للموقف فى تضليل المسئولين بالقيادتين السياسية والعسكرية, مما جعل إسرائيل تفاجأ بالحرب وكاد يعرضها لكارثة محققة. ولولا ذلك التحذير الخفى الذى أبلغ للمخابرات الإسرائيلية فى الساعة الرابعة صباحاً يوم 6 أكتوبر, والذى نقلتة المخابرات إلى القيادتين السياسة والعسكرية فى إسرائيل قبل نشوب الحرب بعشر ساعات فقط لكانت الضربة العربية على جبهتى سيناء والجلوان ساحقة ولكانت المفاجأة شديدة ومذهلة.
ونتيجة لعدم قدرة العدو على القيام بهجومة المضاد الرئيسى المنتظر طوال يومى 6 و 7 أكتوبر وإقتصار هجماته ضد رءوس الكبارى على هجمات مضادة تكتيكية خلال ليلتى 7 و 8 أكتوبر اشتركت فيها الألوية المدرعة الثلاثة التى كانت تحت قيادة الجنرال ألبرت ماندلر والتى تم خلالها سحق معظم دباباتها, استفادت القوات المصرية التى عبرت من ذلك الموقف فى إنجاز عدد من الأعمال المهمة. فعلى أثر إنتهاء الدبابات والأسلحة الثقيلة والعربات المجنزرة من إتمام عبورها قامت الفرق المشاة الخمس بتوسيع رءوس الكبارى وسد الثغرات فيما بينها وبين الفرق المجاورة داخل كل جيش, وبحلول صباح الاثنين 8 أكتوبر كانت رءوس كبارى الفرق الخمس قد ادمجت فى رأسى كوبرىى جيشين وكان رأس كوبرى الجيش الثانى يمتد من القنطرة شمالاً إلى الدفرسوار جنوباً وكانت الدفرسوار داخلة فى نطاق مسئولية الجيش الثانى. وكان رأس كوبرى الجيش الثالث يمتد من البحيرات المرة شمالاً حتى بورتوفيق جنوباًَ. وكان رأس كوبرى كل جيش يصل فى عمقه من 8 إلى 10 كيلومترات. ونتيجة لهذا الوضع أصبحت هناك ثغرة تفصل بين رأس كوبرى الجيش الثانى ورأس كوبرى الجيش الثالث كان طولها حوالى 35 كم وتشمل معظم المسطح المائى للبحيرات المرة, وكانت مسئولية وقايتها موزعة بين الجيشين الثانى والثالت دون تحديد واضح لمدى هذة المسئولية. ولم يكن فى مقدرة الجيش الثالث بالقوات التى تحت قيادته أن تمتد حدود مسئوليته لتغطى هذة المساحة الشاسعة من سطح البحيرة باعتبارة مسئولاً وفقاً للمبادئ التكتيكية عن حماية نقط اتصاله مع جارة الأيسر (الجيش الثانى) وربما نشأ هذا الوضع على اعتبار أن البحيرات المرة تعد مانعاً طبيعياً أمام العدو لا يمكنة إجتيازة, وعلى ذلك فلا داعى لتخصيص قوات معينة لحمايته, ولكن الموانع الطبيعية وفقاً للمبادئ التكتيكية السليمة لا قيمة لها إذا لم تخصص قوات معينة بالذات لحمايتها وتغطيتها بشبكة من النيران وتعزيز الدفاع عنها بالموانع الصناعية كحقول الألغام والأسلاك الشائكة..
وقد دفعت القوات المصرية فيما بعد ثمناً باهظاً لوجود هذة الثغرة بين رأسى كوبريي الجيشين الثانى والثالث دون تأمينها تأميناً كافياً. فلقد اكتشفت سرية استطلاع اسرائيلية من قوة القطاع الأوسط الذى كان يتولى قيادته الجنرال شارون بعد ظهر يوم 9 أكتوبر خلو منطقة البحيرة المرة الكبرى من القوات المصرية, وأمكنها الوصول الى خط المياه وقضاء الليل بأكملة على شاطئ البحيرة. وقد جاء فى رواية اسحاق اجام قائد إحدى الفصائل فى هذة السرية التى كان يتولى قيادتها رافى بارليف -وفقا لما ورد فى المراجع الإسرائيلية- أن السرية المذكورة تمكنت فى هذة الليلة من إكتشاف حدود سيطرة الجيش الثانى الجنوبية, وأنها تقدمت على الرمال إلى أن وصلت إلى البحيرة المرة الكبرى. وورد فى روايتة بعد ذلك أن سرية الاستطلاع هذة هى التى قادت بعد أسبوع واحد فقط القوات الإسرائيلية التى عبرت فى الدفرسوار وأقامت رأس كوبرى غرب قناة السويس..
وفى النهاية لم تكن لثغرة الدفرسوار الضغط الكافى فى النقاشات مما أل للنتيجة التى قامت من أجلها الحرب وهى إسترجاع مصر لأرض سيناء (ما عدا مدينة طابا التى حصلت عليها مصر فيما بعد عن طريق التحكيم الدولى)
المصدر : المعارك الحربية على الجبهة المصرية - جمال حماد -
من صفحة 121 إلى صفحة 124
وفى صباح يوم 7 أكتوبر اتضح أن القوات المصرية قد قامت بتنفيذ الخطة بدر تنفيذاً رائعاً فقد نجحت الفرق المشاة الخمس فى العبور إلى الشاطئ الشرقى بكامل أسلحتها الثقيلة, وعبرت معها حوالى 800 دبابة, فى الوقت الذى دمرت فية القوات الاسرائيلية المعدة لعملية صد الهجوم المصرى, وهى اللواء 116 مشاة (القدس) وثلاثة ألوية مدرعة تدميراً يكاد يكون كاملاً..
وكان عدم تمكن العدو من القيام بهجماتة المضادة التعبوية طوال يومى 6 و 7 أكتوبر ضد القوات المصرية التى أ،شأت خمسة رءوس كبارى على الشاطئ الشرقى للقناة فى الدلالة القاطعة على مدى المفاجأة الإستراتيجية التى حاقت بالعدو والتى أدت إلى تأخير وصول قواته الإحتياطية إلى أرض المعركة طوال هذه المدة. وكانت أفرع القيادة العامة المصرية قد اختلفت تقديراتها قبل المعركة حول الموعد المتوقع لقيام القوات الاسرائيلية الرئيسة التى كانت تتمثل فى القوات الإحتياطية بشن هجومها المضاد الرئيسى على رءوس الكبارى المصرية. فبينما قدرت هيئة العمليات الحربية أن هذا الموعد لن يتأخر عن 24 ساعة من بدء تنفيذ الخطة (بدر) على أساس أن العدو رغم كل الإجراءات الخداعية التى اتبعت سوف يكتشف بلا شك الاستعدادات المصرية النهائية قبل بدء المعركة بثلاثة أيام على الأقل, كانت إدارة المخابرات الحربية قد بالغت فى حذرها فقدرت أن العدو سوف يكتشف حتما النوايا الهجومية المصرية بمجرد بدء مرحلة العد التنازلى أى قبل 15 يوما من ساعة الهجوم مما سوف يتيح له الفرصة لاستدعاء قواته الاحتياطية وإتمام حشدها فى أرض المعركة دون أى تدخل أو ضغط, ووفقا لهذا التقدير كان المتوقع أن يتمكن العدو من القيام بهجومة المضاد الرئيسى فى خلال 8 ساعات على أكثر تقدير من بدء الهجوم المصرى..
ولكن الواقع أثبت أن العدو قد خالف كل التقديرات المصرية.. فعلى الرغم من أن نقاط المراقبة الأمامية الإسرائيلية قد رصدت وسجلت وصول معدات العبور الثقيلة والخفيفة وقوارب الاقتحا المصرية الى قرب خط المياه وأبلغت ذلك على الفور لرئاستها الخلفية, وهى تحضيرات الى جانب التحضيرات الهجومية الأخرى على جبهتى سيناء والجولان كانت قاطعة الدلالة على أن مصر وسوريا سوف تقومان بشن هجوم مشترك على إسرائيل فى توقيت قريب, فإن المخابرات الإسرائيلية بتأثير ما رسخ فى أذهان رجالها من الإستهانة بمقدرة العرب العسكرية أخطأت فى التوصل إلى التقييم السليم لأنباء الإستطلاع, وتقارير المعلومات التى وصلتها, وأسهمت بتقديرها الخاطئ للموقف فى تضليل المسئولين بالقيادتين السياسية والعسكرية, مما جعل إسرائيل تفاجأ بالحرب وكاد يعرضها لكارثة محققة. ولولا ذلك التحذير الخفى الذى أبلغ للمخابرات الإسرائيلية فى الساعة الرابعة صباحاً يوم 6 أكتوبر, والذى نقلتة المخابرات إلى القيادتين السياسة والعسكرية فى إسرائيل قبل نشوب الحرب بعشر ساعات فقط لكانت الضربة العربية على جبهتى سيناء والجلوان ساحقة ولكانت المفاجأة شديدة ومذهلة.
ونتيجة لعدم قدرة العدو على القيام بهجومة المضاد الرئيسى المنتظر طوال يومى 6 و 7 أكتوبر وإقتصار هجماته ضد رءوس الكبارى على هجمات مضادة تكتيكية خلال ليلتى 7 و 8 أكتوبر اشتركت فيها الألوية المدرعة الثلاثة التى كانت تحت قيادة الجنرال ألبرت ماندلر والتى تم خلالها سحق معظم دباباتها, استفادت القوات المصرية التى عبرت من ذلك الموقف فى إنجاز عدد من الأعمال المهمة. فعلى أثر إنتهاء الدبابات والأسلحة الثقيلة والعربات المجنزرة من إتمام عبورها قامت الفرق المشاة الخمس بتوسيع رءوس الكبارى وسد الثغرات فيما بينها وبين الفرق المجاورة داخل كل جيش, وبحلول صباح الاثنين 8 أكتوبر كانت رءوس كبارى الفرق الخمس قد ادمجت فى رأسى كوبرىى جيشين وكان رأس كوبرى الجيش الثانى يمتد من القنطرة شمالاً إلى الدفرسوار جنوباً وكانت الدفرسوار داخلة فى نطاق مسئولية الجيش الثانى. وكان رأس كوبرى الجيش الثالث يمتد من البحيرات المرة شمالاً حتى بورتوفيق جنوباًَ. وكان رأس كوبرى كل جيش يصل فى عمقه من 8 إلى 10 كيلومترات. ونتيجة لهذا الوضع أصبحت هناك ثغرة تفصل بين رأس كوبرى الجيش الثانى ورأس كوبرى الجيش الثالث كان طولها حوالى 35 كم وتشمل معظم المسطح المائى للبحيرات المرة, وكانت مسئولية وقايتها موزعة بين الجيشين الثانى والثالت دون تحديد واضح لمدى هذة المسئولية. ولم يكن فى مقدرة الجيش الثالث بالقوات التى تحت قيادته أن تمتد حدود مسئوليته لتغطى هذة المساحة الشاسعة من سطح البحيرة باعتبارة مسئولاً وفقاً للمبادئ التكتيكية عن حماية نقط اتصاله مع جارة الأيسر (الجيش الثانى) وربما نشأ هذا الوضع على اعتبار أن البحيرات المرة تعد مانعاً طبيعياً أمام العدو لا يمكنة إجتيازة, وعلى ذلك فلا داعى لتخصيص قوات معينة لحمايته, ولكن الموانع الطبيعية وفقاً للمبادئ التكتيكية السليمة لا قيمة لها إذا لم تخصص قوات معينة بالذات لحمايتها وتغطيتها بشبكة من النيران وتعزيز الدفاع عنها بالموانع الصناعية كحقول الألغام والأسلاك الشائكة..
وقد دفعت القوات المصرية فيما بعد ثمناً باهظاً لوجود هذة الثغرة بين رأسى كوبريي الجيشين الثانى والثالث دون تأمينها تأميناً كافياً. فلقد اكتشفت سرية استطلاع اسرائيلية من قوة القطاع الأوسط الذى كان يتولى قيادته الجنرال شارون بعد ظهر يوم 9 أكتوبر خلو منطقة البحيرة المرة الكبرى من القوات المصرية, وأمكنها الوصول الى خط المياه وقضاء الليل بأكملة على شاطئ البحيرة. وقد جاء فى رواية اسحاق اجام قائد إحدى الفصائل فى هذة السرية التى كان يتولى قيادتها رافى بارليف -وفقا لما ورد فى المراجع الإسرائيلية- أن السرية المذكورة تمكنت فى هذة الليلة من إكتشاف حدود سيطرة الجيش الثانى الجنوبية, وأنها تقدمت على الرمال إلى أن وصلت إلى البحيرة المرة الكبرى. وورد فى روايتة بعد ذلك أن سرية الاستطلاع هذة هى التى قادت بعد أسبوع واحد فقط القوات الإسرائيلية التى عبرت فى الدفرسوار وأقامت رأس كوبرى غرب قناة السويس..
وفى النهاية لم تكن لثغرة الدفرسوار الضغط الكافى فى النقاشات مما أل للنتيجة التى قامت من أجلها الحرب وهى إسترجاع مصر لأرض سيناء (ما عدا مدينة طابا التى حصلت عليها مصر فيما بعد عن طريق التحكيم الدولى)
المصدر : المعارك الحربية على الجبهة المصرية - جمال حماد -
من صفحة 121 إلى صفحة 124