قال رامون خيل كاساريس، السفير الإسبانى فى القاهرة، إن استثمارات بلاده فى مصر تبلغ نحو ٦٠٠ مليون يورو، كاشفًا عن عزم مجموعة من الشركات الإسبانية الاستثمار فى مصر خلال الفترة المقبلة، خاصة بعدما أسهم برنامج الإصلاح الاقتصادى فى تهيئة مناخ جاذب للاستثمار فى البلاد. وكشف «كاساريس»، فى حواره مع «الدستور»، عن أن الصادرات الإسبانية إلى مصر تمثل ١٣٪ من إجمالى صادراتها إلى دول العالم، بما قيمته ١.٦ مليار دولار، بينما تبلغ قيمة الصادرات المصرية إلى إسبانيا نحو مليار دولار. وأشار إلى اتفاق البلدين فى العديد من القضايا السياسية الدولية، خاصة فيما يتعلق بالأزمة الليبية، بجانب تعاونهما الأمنى فى مجالى مكافحة المخدرات والهجرة غير الشرعية، فضلًا عن بحثهما توقيع اتفاقية لتبادل تسليم المجرمين بينهما.
■ بداية.. إلى أى مستوى وصلت العلاقات بين البلدين فى الوقت الحالى؟
- العلاقات بين البلدين قوية ومتينة وتعود إلى عهود قديمة منذ وجود «دولة الأندلس»، وهذا الجانب التاريخى كان له تأثير كبير، وستكون هذه العلاقات أكثر متانة مع وجود اهتمام مشترك تجاه العديد من الملفات، وتواصل مستمر بين قادة البلدين على أعلى المستويات، والكثير من مجالات التعاون وأواصر الصلة بين الشعبين المصرى والإسبانى.
وهناك تواصل مستمر مع القيادة المصرية، وتوافق فى الرؤى حول العديد من القضايا الإقليمية والدولية، من بينها الأحداث فى ليبيا، وضرورة مكافحة الإرهاب والهجرة غير الشرعية، بجانب الشراكة فى عدة مجالات من أجل إحداث تنمية مجتمعية، بما يعكس سير الدولتين فى اتجاه قوى نحو بناء علاقات أكثر قوة ومتانة على جميع المستويات الدبلوماسية والاقتصادية والسياسية، وظهر ذلك بوضوح خلال لقاء الرئيس عبدالفتاح السيسى برئيس الوزراء الإسبانى بيدرو سانشيز، يوم ٢٤ سبتمبر الماضى، على هامش أعمال الدورة الـ٧٤ للاجتماعات السنوية للجمعية العامة للأمم المتحدة، الذى تناول خلاله الجانبان عددًا من الملفات المهمة، على رأسها تعزيز التعاون الثنائى بين البلدين، وبحث الملفات والأزمات التى تمر بها منطقة الشرق الأوسط، بجانب الحديث حول الأزمة فى ليبيا وكيفية حلها عبر الطرق الشرعية.
وهذا اللقاء هو الثانى بين الزعيمين المصرى والإسبانى، بعد أن التقيا لأول مرة فى عام ٢٠١٧، ما يعكس وجود تواصل عالى المستوى بين البلدين، ونأمل فى زيادته خلال الفترة المقبلة.
■ ماذا عن العلاقات فى المجال الاقتصادى على وجه التحديد؟
- الصادرات الإسبانية إلى مصر بلغت حوالى ١٣٪ من مجموع صادراتها، خلال العام الماضى، بما قيمته نحو ١.٦ مليار دولار، كما ارتفعت الصادرات المصرية إلى إسبانيا بما يقرب من مليار دولار.
ويقدر حجم الاستثمارات الإسبانية فى مصر بحوالى ٦٠٠ مليون يورو، وهى تغطى العديد من القطاعات، منها الطاقة المتجددة وإنتاج الكهرباء والزراعة والصوب والغذاء وعدد من القطاعات الأخرى، وسط سعى من الجانبين لزيادة حجم التعاون وإدخال مجالات مشتركة أخرى فى الفترة المقبلة.
■ ما أبرز المجالات التى تتعاونون فيها مع مصر حاليًا؟
- لدينا العديد من مجالات التعاون، سواء على المستوى السياسى أو فى القضايا الدولية ذات الاهتمام المشترك، خاصة ما يتعلق بمشكلة الإرهاب التى نعانى منها جميعًا، بجانب التعاون فى المجال الاقتصادى، الذى تعكسه الأرقام التى ذكرتها سابقًا، ووجود العديد من المستثمرين الإسبان فى مصر.
ومصر دولة بها العديد من الفرص الاستثمارية الواعدة، ولدينا شركات إسبانية تعمل داخل مصر فى مجالات الطاقة والكهرباء، ونحن فخورون بهذا التعاون بين البلدين الذى سجل أرقامًا قياسية، ونسعى إلى فتح قنوات اتصال جديدة بينهما لمزيد من الشراكة.
■ كيف ترى خطة الإصلاح الاقتصادى التى تنفذها مصر منذ سنوات؟
- خطة الإصلاح الاقتصادى فى مصر خطوة مهمة وضرورية، أسهم تنفيذها فى جذب العديد من الاستثمارات الخارجية إلى البلاد، بعد تهيئة مناخ جاذب لكل أوجه الاستثمار، وهو ما جعل مصر فى النهاية دولة واعدة من حيث فرص الاستثمار فى العديد من المجالات، وأسهم فى انخفاض معدلات التضخم والبطالة، وارتفاع حجم الناتج المحلى من العملات الأجنبية، ما شجع المستثمرين العالميين على الاستثمار فى مصر.
وتنبغى الإشارة هنا إلى أن هذه الخطة الطموحة التى تنفذها مصر تأخذ فترة لكى يشعر المواطن بنتائجها، ونحن فى إسبانيا عندما بدأنا خطة الإصلاح، خلال الأزمة الاقتصادية التى حدثت فى ٢٠٠٨، أخذ عامة الشعب وقتًا لكى يشعروا بنتائجها.
■ تقول إن الإصلاح الاقتصادى يجذب المستثمرين.. هل هناك شركات إسبانية تنوى الاستثمار فى مصر خلال الفترة المقبلة؟
- هناك الكثير من الشركات الإسبانية التى ستشرع فى العمل داخل القاهرة خلال الفترة المقبلة، التى أتوقع أن تشهد شراكة كبيرة بين القطاعين الخاص المصرى والإسبانى، وأعرف العديد من الشركات تتفاوض الآن للعمل فى القاهرة. فمصر دولة كبيرة فى المنطقة، وبها فرص استثمار واعدة، بجانب الشركات التى بدأت العمل بالفعل فى مشروعات البنية التحتية والطاقة والزراعة.
■ أى مكانة تحتلها السياحة على خريطة التعاون بين البلدين؟
- بلغ حجم السياح الإسبان فى مصر حوالى ١٥٠ ألفًا قبل أحداث ٢٠١١، وبعد أن قل العدد بصورة ملحوظة بدأ فى الزيادة مرة أخرى حتى وصل إلى ١٢٠ ألف سائح إسبانى يزورون مصر حاليًا، وسط اهتمام بالغ من البلدين بزيادة التعاون السياحى المشترك.
ونحن نعمل على فتح خطوط طيران جديدة بين البلدين، وهناك رحلات يومية من مدينتى مدريد وبرشلونة إلى القاهرة، خاصة فى ظل تمتع مصر بالعديد من المناطق الجاذبة للسياحة بشكل كبير، ولكونها بلدًا ذا تاريخ عريق، وبها العديد من المناطق التاريخية والأثرية والمعابد
.
■ يرتبط بالسياحة المجال الثقافى.. هل يتعاون فيه البلدان؟
- هناك تعاون كبير فى المجال الثقافى بين البلدين، يعكسه وجود بين ٤٠٠ و٥٠٠ طالب مصرى يدرسون فى إسبانيا سنويًا، فى العديد من مجالات المعرفة، بجانب مجىء العديد من العلماء الإسبان فى الهندسة والآثار والتاريخ إلى مصر، لأنه بلد ذو حضارة وتاريخ يعود إلى ٧ آلاف سنة.
وهناك العديد من فرص التعاون فى المجال الثقافى، ليس فقط عبر الطريق الحكومى الرسمى، لكن عن طريق القطاع الخاص أيضًا، وتأتى إلى مصر وفود ثقافية وفنية فى مجالات الأوبرا والغناء والموسيقى، لتقديم أعمال فنية لفرق إسبانية، من بينها المتخصصة فى رقصة «الفلامنكو» الشهيرة، وهناك أيضًا بعض الفرق المصرية التى تقدم أعمالها فى إسبانيا.
■ التقيت شيخ الأزهر مؤخرًا.. ما أبرز الموضوعات التى تناولها اللقاء؟
- شيخ الأزهر شخصية دولية معروفة على مستوى العالم، يتميز بأنه مستنير ومنفتح على الجميع، وكما قلت سابقًا إن إسبانيا تربطها بالمسلمين علاقة تاريخية وثيقة، تتمثل فى حضارة «الأندلس»، ونحن نحرص على ترسيخ تلك العلاقة التاريخية. والأزهر الشريف يعد من أكثر المؤسسات الإسلامية التى تحظى بمصداقية كبيرة فى إسبانيا، ونعتقد أن الأزهر يضطلع بدور مهم فى نشر الفكر المستنير الذى يحث على التسامح والرقى.
وقد أكد شيخ الأزهر، خلال اللقاء، أن إسبانيا تربطها بالمسلمين علاقة تاريخية وثيقة، تمثلت فى حضارة إسلامية قديمة مشتركة، وأشار إلى حرص الأزهر الشريف على ترسيخ تلك العلاقة التاريخية من خلال توثيق روابط العلم والمعرفة مع إسبانيا فى مختلف النواحى، ودعمها فى مجال تدريب الأئمة والوعاظ على التصدى للفكر المتطرف وقضايا العنف والإرهاب.
■ كيف ترى الدور المصرى فى القضاء على الإرهاب؟
- نحن عانينا من هذه المشكلة كثيرًا فى إسبانيا، ونرى أن المجتمع الدولى مطالب بمضاعفة الجهود من أجل القضاء على كل أشكال التطرف والإرهاب، ومنع ووقف منابع تمويله، وهو ما أخذت فيه مصر خطوات جادة ومتميزة، لأن تلك الظاهرة آفة تهدد استقرار الدول.
ونتعاون مع مصر من أجل القضاء على هذه الظاهرة المأساوية التى نعانى منها جميعًا وأصبحت ظاهرة عالمية، تضرر منها العديد من دول العالم، لذلك مصر دولة مهمة جدًا فى القضاء على الإرهاب.
■ ما أوجه التعاون الأمنى بين البلدين فى ضوء اتفاقهما على أهمية مكافحة الإرهاب؟
- هناك تعاون وثيق بين البلدين فى مجال الأمن، والشرطة الإسبانية تتواصل مع نظيرتها المصرية بشكل مستمر، لتقديم الاستشارة لها فى مكافحة أشكال الجريمة كافة، خاصة فى مكافحة المخدرات والهجرة غير الشرعية.
كما تأتى إلى مصر عناصر من الشرطة الإسبانية، لتبادل الخبرات وتلقى بعض التدريبات وللاستفادة من الخبرات المصرية، كذلك فإن بعض عناصر الشرطة المصرية تتلقى تدريبات فى إسبانيا على العديد من المهام وأوجه مكافحة الجريمة.
■ هل هناك أى معاهدات بين البلدين فى مجال تبادل المجرمين؟
- ليست هناك اتفاقية بين البلدين لتسليم أو تبادل المجرمين، لكن إسبانيا اقترحت على الجانب المصرى، قبل عامين تقريبًا، إبرام اتفاقية لتبادل المجرمين والمطلوبين على ذمة القضايا فى الدولتين، وحتى الآن لم يتم توقيع الاتفاقية، لكن تنبغى الإشارة إلى أن المعاهدات والاتفاقيات بين الدول تستغرق وقتًا طويلًا فى مناقشتها من قبل الجهات المختصة، وبعدها تذهب إلى البرلمان لمناقشتها والموافقة عليها، ثم إقرارها.
■ بعيدًا عن ملف التعاون مع مصر.. ما موقف إسبانيا من التطورات الأخيرة فى الشرق الأوسط، خاصة فى المملكة العربية السعودية؟
- إسبانيا تتبنى موقفًا واضحًا يدعم الأمن والاستقرار فى المنطقة، وتدين أى اعتداءات تتعرض لها الدول فى الشرق الأوسط، ونتمنى أن يتحلى جميع الأطراف بضبط النفس، لأن الحوار هو السبيل الوحيد لحل الأزمات مثل التى تحدث فى اليمن أو السعودية أو إيران.
■ كيف ترون تطورات الأوضاع فى سوريا؟
- لا نتسرع فى تبنى وجهة نظر فيما يخص الأزمة السورية، لأن المشهد يضم الكثير من القوى المتصارعة والأجندات المتداخلة، لكن نشدد على ضرورة حل أزمة اللاجئين السوريين، ونأمل فى أن يتوصل المبعوث الأممى لسوريا إلى حل سلمى يساعد على الخروج من الأزمة الحالية.
■ ما الآليات التى تتبعها إسبانيا لمواجهة الهجرة غير الشرعية؟
- نعانى من هذه المشكلة منذ سنوات طويلة مثل جميع الدول الأوروبية، وعادة ما ترتبط بمشكلة أخرى هى الاتجار فى البشر، وأولى الآليات المتبعة فى هذا الشأن هى التواصل مع الدول التى يأتى منها المهاجرون غير الشرعيين لتلقى القبض على العناصر الضالعة فى هذه الجريمة.
وأغلب المهاجرين غير الشرعيين الذين يصلون إلى إسبانيا من مالى والنيجر والمغرب، وهم يحلمون بفرص أفضل للحياة هناك، لكن هذا لن يحدث بشكل غير شرعى، ويجب أن تتضافر الجهود الدولية من أجل مكافحة هذه الظاهرة
.
■ إلى أين وصلت أزمة إقليم «كتالونيا» الذى سعى للانفصال عن إسبانيا؟
- إقليم «كتالونيا» مثل بقية أقاليم إسبانيا، يتمتع بالحكم الذاتى فى إطار الدولة، ومنذ عامين خرقت حكومة الإقليم القانون والدستور ودعت لاستفتاء للاستقلال عن إسبانيا، لكن تم رفض هذا الأمر لأنه غير شرعى وغير دستورى، والأمور الآن أكثر استقرارًا فى الإقليم أكثر من أى وقت مضى
.
■ ما رأيك فى قضية خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبى «بريكست»؟
- موقفنا مشابه لموقف جميع الدول الأوروبية، نأمل ألا يحدث ذلك ونشعر بالحزن الشديد بسبب هذا الأمر. فالكثير من الأسر البريطانية تعيش فى بلادنا، وهذا سيؤثر عليها بالسلب، كما أن هناك استثمارات إسبانية فى إنجلترا، لذا لو تحقق الأمر سيحتاج الكثير من القوانين إلى التغيير لتكون مناسبة للوضع الجديد، وكذلك ستكون هناك قيود على حرية الحركة بين البلدين.
■ متى كانت أول زيارة لك للقاهرة؟
- أولى زياراتى إلى القاهرة كانت فى عام ١٩٩٨، وكانت زيارة رسمية التقيت خلالها الرئيس الأسبق حسنى مبارك، وزرت الأهرامات والمتحف المصرى، وحرصت على زيارة الكاتب الراحل نجيب محفوظ، وللأسف كانت الزيارة قصيرة، فلم أستطع زيارة جميع الأماكن فى القاهرة، لكننى أحببت هذا البلد جدًا. والآن أنا فى القاهرة منذ ١٠ أشهر، وزرت خلال هذه الفترة الإسكندرية والإسماعيلية وشرم الشيخ والغردقة وأسوان والمنيا، واستقللت مركبًا فى قناة السويس.
■ ما رأيك فى الفن المصرى؟
- أتمنى أن أفهم الأغانى المصرية، للأسف لا أعرف معانى الكلمات، لكننى أود التعرف على الفن المصرى.
■ هل تحب الطعام المصرى؟
- بالطبع.. أحب المطبخ المصرى، وأفضل الكشرى والمحشى.
■ هل تتابع الكرة المصرية؟
- نعم، وأشجع فريقًا جماهيريًا لكن لن أكشف عن اسمه، وأحب محمد صلاح، لاعب ليفربول الإنجليزى، وأرى أنه إن قرر الانتقال إلى ريال مدريد فهذا سيدعم العلاقات بين مصر وإسبانيا بشكل كبير، لأن ذلك سيجعل المصريين يتابعون الكرة الإسبانية بشكل أكبر، وإن انتقل إلى نادى برشلونة فسيكون أمرًا جميلًا أيضًا، لكننى أشجع «المرينجى» لذا سأكون سعيدًا بانتقاله إليه.
■ من اللاعب الذى تفضله فى ريال مدريد؟
- حاليًا لا أتابع بشكل جيد، لكن فى الماضى كنت أحب اللاعب راؤول، وأعتقد أن أفضل لاعب جاء ريال مدريد هو كريستيانو رونالدو، وأحب كذلك كاسياس وسيرخيو راموس، وأحب أن أشير إلى أن «راموس» صديق شخصى لـ«صلاح».
■ بداية.. إلى أى مستوى وصلت العلاقات بين البلدين فى الوقت الحالى؟
- العلاقات بين البلدين قوية ومتينة وتعود إلى عهود قديمة منذ وجود «دولة الأندلس»، وهذا الجانب التاريخى كان له تأثير كبير، وستكون هذه العلاقات أكثر متانة مع وجود اهتمام مشترك تجاه العديد من الملفات، وتواصل مستمر بين قادة البلدين على أعلى المستويات، والكثير من مجالات التعاون وأواصر الصلة بين الشعبين المصرى والإسبانى.
وهناك تواصل مستمر مع القيادة المصرية، وتوافق فى الرؤى حول العديد من القضايا الإقليمية والدولية، من بينها الأحداث فى ليبيا، وضرورة مكافحة الإرهاب والهجرة غير الشرعية، بجانب الشراكة فى عدة مجالات من أجل إحداث تنمية مجتمعية، بما يعكس سير الدولتين فى اتجاه قوى نحو بناء علاقات أكثر قوة ومتانة على جميع المستويات الدبلوماسية والاقتصادية والسياسية، وظهر ذلك بوضوح خلال لقاء الرئيس عبدالفتاح السيسى برئيس الوزراء الإسبانى بيدرو سانشيز، يوم ٢٤ سبتمبر الماضى، على هامش أعمال الدورة الـ٧٤ للاجتماعات السنوية للجمعية العامة للأمم المتحدة، الذى تناول خلاله الجانبان عددًا من الملفات المهمة، على رأسها تعزيز التعاون الثنائى بين البلدين، وبحث الملفات والأزمات التى تمر بها منطقة الشرق الأوسط، بجانب الحديث حول الأزمة فى ليبيا وكيفية حلها عبر الطرق الشرعية.
وهذا اللقاء هو الثانى بين الزعيمين المصرى والإسبانى، بعد أن التقيا لأول مرة فى عام ٢٠١٧، ما يعكس وجود تواصل عالى المستوى بين البلدين، ونأمل فى زيادته خلال الفترة المقبلة.
■ ماذا عن العلاقات فى المجال الاقتصادى على وجه التحديد؟
- الصادرات الإسبانية إلى مصر بلغت حوالى ١٣٪ من مجموع صادراتها، خلال العام الماضى، بما قيمته نحو ١.٦ مليار دولار، كما ارتفعت الصادرات المصرية إلى إسبانيا بما يقرب من مليار دولار.
ويقدر حجم الاستثمارات الإسبانية فى مصر بحوالى ٦٠٠ مليون يورو، وهى تغطى العديد من القطاعات، منها الطاقة المتجددة وإنتاج الكهرباء والزراعة والصوب والغذاء وعدد من القطاعات الأخرى، وسط سعى من الجانبين لزيادة حجم التعاون وإدخال مجالات مشتركة أخرى فى الفترة المقبلة.
■ ما أبرز المجالات التى تتعاونون فيها مع مصر حاليًا؟
- لدينا العديد من مجالات التعاون، سواء على المستوى السياسى أو فى القضايا الدولية ذات الاهتمام المشترك، خاصة ما يتعلق بمشكلة الإرهاب التى نعانى منها جميعًا، بجانب التعاون فى المجال الاقتصادى، الذى تعكسه الأرقام التى ذكرتها سابقًا، ووجود العديد من المستثمرين الإسبان فى مصر.
ومصر دولة بها العديد من الفرص الاستثمارية الواعدة، ولدينا شركات إسبانية تعمل داخل مصر فى مجالات الطاقة والكهرباء، ونحن فخورون بهذا التعاون بين البلدين الذى سجل أرقامًا قياسية، ونسعى إلى فتح قنوات اتصال جديدة بينهما لمزيد من الشراكة.
■ كيف ترى خطة الإصلاح الاقتصادى التى تنفذها مصر منذ سنوات؟
- خطة الإصلاح الاقتصادى فى مصر خطوة مهمة وضرورية، أسهم تنفيذها فى جذب العديد من الاستثمارات الخارجية إلى البلاد، بعد تهيئة مناخ جاذب لكل أوجه الاستثمار، وهو ما جعل مصر فى النهاية دولة واعدة من حيث فرص الاستثمار فى العديد من المجالات، وأسهم فى انخفاض معدلات التضخم والبطالة، وارتفاع حجم الناتج المحلى من العملات الأجنبية، ما شجع المستثمرين العالميين على الاستثمار فى مصر.
وتنبغى الإشارة هنا إلى أن هذه الخطة الطموحة التى تنفذها مصر تأخذ فترة لكى يشعر المواطن بنتائجها، ونحن فى إسبانيا عندما بدأنا خطة الإصلاح، خلال الأزمة الاقتصادية التى حدثت فى ٢٠٠٨، أخذ عامة الشعب وقتًا لكى يشعروا بنتائجها.
■ تقول إن الإصلاح الاقتصادى يجذب المستثمرين.. هل هناك شركات إسبانية تنوى الاستثمار فى مصر خلال الفترة المقبلة؟
- هناك الكثير من الشركات الإسبانية التى ستشرع فى العمل داخل القاهرة خلال الفترة المقبلة، التى أتوقع أن تشهد شراكة كبيرة بين القطاعين الخاص المصرى والإسبانى، وأعرف العديد من الشركات تتفاوض الآن للعمل فى القاهرة. فمصر دولة كبيرة فى المنطقة، وبها فرص استثمار واعدة، بجانب الشركات التى بدأت العمل بالفعل فى مشروعات البنية التحتية والطاقة والزراعة.
■ أى مكانة تحتلها السياحة على خريطة التعاون بين البلدين؟
- بلغ حجم السياح الإسبان فى مصر حوالى ١٥٠ ألفًا قبل أحداث ٢٠١١، وبعد أن قل العدد بصورة ملحوظة بدأ فى الزيادة مرة أخرى حتى وصل إلى ١٢٠ ألف سائح إسبانى يزورون مصر حاليًا، وسط اهتمام بالغ من البلدين بزيادة التعاون السياحى المشترك.
ونحن نعمل على فتح خطوط طيران جديدة بين البلدين، وهناك رحلات يومية من مدينتى مدريد وبرشلونة إلى القاهرة، خاصة فى ظل تمتع مصر بالعديد من المناطق الجاذبة للسياحة بشكل كبير، ولكونها بلدًا ذا تاريخ عريق، وبها العديد من المناطق التاريخية والأثرية والمعابد
.
■ يرتبط بالسياحة المجال الثقافى.. هل يتعاون فيه البلدان؟
- هناك تعاون كبير فى المجال الثقافى بين البلدين، يعكسه وجود بين ٤٠٠ و٥٠٠ طالب مصرى يدرسون فى إسبانيا سنويًا، فى العديد من مجالات المعرفة، بجانب مجىء العديد من العلماء الإسبان فى الهندسة والآثار والتاريخ إلى مصر، لأنه بلد ذو حضارة وتاريخ يعود إلى ٧ آلاف سنة.
وهناك العديد من فرص التعاون فى المجال الثقافى، ليس فقط عبر الطريق الحكومى الرسمى، لكن عن طريق القطاع الخاص أيضًا، وتأتى إلى مصر وفود ثقافية وفنية فى مجالات الأوبرا والغناء والموسيقى، لتقديم أعمال فنية لفرق إسبانية، من بينها المتخصصة فى رقصة «الفلامنكو» الشهيرة، وهناك أيضًا بعض الفرق المصرية التى تقدم أعمالها فى إسبانيا.
■ التقيت شيخ الأزهر مؤخرًا.. ما أبرز الموضوعات التى تناولها اللقاء؟
- شيخ الأزهر شخصية دولية معروفة على مستوى العالم، يتميز بأنه مستنير ومنفتح على الجميع، وكما قلت سابقًا إن إسبانيا تربطها بالمسلمين علاقة تاريخية وثيقة، تتمثل فى حضارة «الأندلس»، ونحن نحرص على ترسيخ تلك العلاقة التاريخية. والأزهر الشريف يعد من أكثر المؤسسات الإسلامية التى تحظى بمصداقية كبيرة فى إسبانيا، ونعتقد أن الأزهر يضطلع بدور مهم فى نشر الفكر المستنير الذى يحث على التسامح والرقى.
وقد أكد شيخ الأزهر، خلال اللقاء، أن إسبانيا تربطها بالمسلمين علاقة تاريخية وثيقة، تمثلت فى حضارة إسلامية قديمة مشتركة، وأشار إلى حرص الأزهر الشريف على ترسيخ تلك العلاقة التاريخية من خلال توثيق روابط العلم والمعرفة مع إسبانيا فى مختلف النواحى، ودعمها فى مجال تدريب الأئمة والوعاظ على التصدى للفكر المتطرف وقضايا العنف والإرهاب.
■ كيف ترى الدور المصرى فى القضاء على الإرهاب؟
- نحن عانينا من هذه المشكلة كثيرًا فى إسبانيا، ونرى أن المجتمع الدولى مطالب بمضاعفة الجهود من أجل القضاء على كل أشكال التطرف والإرهاب، ومنع ووقف منابع تمويله، وهو ما أخذت فيه مصر خطوات جادة ومتميزة، لأن تلك الظاهرة آفة تهدد استقرار الدول.
ونتعاون مع مصر من أجل القضاء على هذه الظاهرة المأساوية التى نعانى منها جميعًا وأصبحت ظاهرة عالمية، تضرر منها العديد من دول العالم، لذلك مصر دولة مهمة جدًا فى القضاء على الإرهاب.
■ ما أوجه التعاون الأمنى بين البلدين فى ضوء اتفاقهما على أهمية مكافحة الإرهاب؟
- هناك تعاون وثيق بين البلدين فى مجال الأمن، والشرطة الإسبانية تتواصل مع نظيرتها المصرية بشكل مستمر، لتقديم الاستشارة لها فى مكافحة أشكال الجريمة كافة، خاصة فى مكافحة المخدرات والهجرة غير الشرعية.
كما تأتى إلى مصر عناصر من الشرطة الإسبانية، لتبادل الخبرات وتلقى بعض التدريبات وللاستفادة من الخبرات المصرية، كذلك فإن بعض عناصر الشرطة المصرية تتلقى تدريبات فى إسبانيا على العديد من المهام وأوجه مكافحة الجريمة.
■ هل هناك أى معاهدات بين البلدين فى مجال تبادل المجرمين؟
- ليست هناك اتفاقية بين البلدين لتسليم أو تبادل المجرمين، لكن إسبانيا اقترحت على الجانب المصرى، قبل عامين تقريبًا، إبرام اتفاقية لتبادل المجرمين والمطلوبين على ذمة القضايا فى الدولتين، وحتى الآن لم يتم توقيع الاتفاقية، لكن تنبغى الإشارة إلى أن المعاهدات والاتفاقيات بين الدول تستغرق وقتًا طويلًا فى مناقشتها من قبل الجهات المختصة، وبعدها تذهب إلى البرلمان لمناقشتها والموافقة عليها، ثم إقرارها.
■ بعيدًا عن ملف التعاون مع مصر.. ما موقف إسبانيا من التطورات الأخيرة فى الشرق الأوسط، خاصة فى المملكة العربية السعودية؟
- إسبانيا تتبنى موقفًا واضحًا يدعم الأمن والاستقرار فى المنطقة، وتدين أى اعتداءات تتعرض لها الدول فى الشرق الأوسط، ونتمنى أن يتحلى جميع الأطراف بضبط النفس، لأن الحوار هو السبيل الوحيد لحل الأزمات مثل التى تحدث فى اليمن أو السعودية أو إيران.
■ كيف ترون تطورات الأوضاع فى سوريا؟
- لا نتسرع فى تبنى وجهة نظر فيما يخص الأزمة السورية، لأن المشهد يضم الكثير من القوى المتصارعة والأجندات المتداخلة، لكن نشدد على ضرورة حل أزمة اللاجئين السوريين، ونأمل فى أن يتوصل المبعوث الأممى لسوريا إلى حل سلمى يساعد على الخروج من الأزمة الحالية.
■ ما الآليات التى تتبعها إسبانيا لمواجهة الهجرة غير الشرعية؟
- نعانى من هذه المشكلة منذ سنوات طويلة مثل جميع الدول الأوروبية، وعادة ما ترتبط بمشكلة أخرى هى الاتجار فى البشر، وأولى الآليات المتبعة فى هذا الشأن هى التواصل مع الدول التى يأتى منها المهاجرون غير الشرعيين لتلقى القبض على العناصر الضالعة فى هذه الجريمة.
وأغلب المهاجرين غير الشرعيين الذين يصلون إلى إسبانيا من مالى والنيجر والمغرب، وهم يحلمون بفرص أفضل للحياة هناك، لكن هذا لن يحدث بشكل غير شرعى، ويجب أن تتضافر الجهود الدولية من أجل مكافحة هذه الظاهرة
.
■ إلى أين وصلت أزمة إقليم «كتالونيا» الذى سعى للانفصال عن إسبانيا؟
- إقليم «كتالونيا» مثل بقية أقاليم إسبانيا، يتمتع بالحكم الذاتى فى إطار الدولة، ومنذ عامين خرقت حكومة الإقليم القانون والدستور ودعت لاستفتاء للاستقلال عن إسبانيا، لكن تم رفض هذا الأمر لأنه غير شرعى وغير دستورى، والأمور الآن أكثر استقرارًا فى الإقليم أكثر من أى وقت مضى
.
■ ما رأيك فى قضية خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبى «بريكست»؟
- موقفنا مشابه لموقف جميع الدول الأوروبية، نأمل ألا يحدث ذلك ونشعر بالحزن الشديد بسبب هذا الأمر. فالكثير من الأسر البريطانية تعيش فى بلادنا، وهذا سيؤثر عليها بالسلب، كما أن هناك استثمارات إسبانية فى إنجلترا، لذا لو تحقق الأمر سيحتاج الكثير من القوانين إلى التغيير لتكون مناسبة للوضع الجديد، وكذلك ستكون هناك قيود على حرية الحركة بين البلدين.
■ متى كانت أول زيارة لك للقاهرة؟
- أولى زياراتى إلى القاهرة كانت فى عام ١٩٩٨، وكانت زيارة رسمية التقيت خلالها الرئيس الأسبق حسنى مبارك، وزرت الأهرامات والمتحف المصرى، وحرصت على زيارة الكاتب الراحل نجيب محفوظ، وللأسف كانت الزيارة قصيرة، فلم أستطع زيارة جميع الأماكن فى القاهرة، لكننى أحببت هذا البلد جدًا. والآن أنا فى القاهرة منذ ١٠ أشهر، وزرت خلال هذه الفترة الإسكندرية والإسماعيلية وشرم الشيخ والغردقة وأسوان والمنيا، واستقللت مركبًا فى قناة السويس.
■ ما رأيك فى الفن المصرى؟
- أتمنى أن أفهم الأغانى المصرية، للأسف لا أعرف معانى الكلمات، لكننى أود التعرف على الفن المصرى.
■ هل تحب الطعام المصرى؟
- بالطبع.. أحب المطبخ المصرى، وأفضل الكشرى والمحشى.
■ هل تتابع الكرة المصرية؟
- نعم، وأشجع فريقًا جماهيريًا لكن لن أكشف عن اسمه، وأحب محمد صلاح، لاعب ليفربول الإنجليزى، وأرى أنه إن قرر الانتقال إلى ريال مدريد فهذا سيدعم العلاقات بين مصر وإسبانيا بشكل كبير، لأن ذلك سيجعل المصريين يتابعون الكرة الإسبانية بشكل أكبر، وإن انتقل إلى نادى برشلونة فسيكون أمرًا جميلًا أيضًا، لكننى أشجع «المرينجى» لذا سأكون سعيدًا بانتقاله إليه.
■ من اللاعب الذى تفضله فى ريال مدريد؟
- حاليًا لا أتابع بشكل جيد، لكن فى الماضى كنت أحب اللاعب راؤول، وأعتقد أن أفضل لاعب جاء ريال مدريد هو كريستيانو رونالدو، وأحب كذلك كاسياس وسيرخيو راموس، وأحب أن أشير إلى أن «راموس» صديق شخصى لـ«صلاح».
سفير إسبانيا: مصر دولة مهمة فى القضاء على الإرهاب (حوار)
قال رامون خيل كاساريس، السفير الإسبانى فى القاهرة، إن استثمارات بلاده فى مصر تبلغ نحو ٦٠٠ مليون يورو، كاشفًا عن عزم مجموعة من الشركات الإسبانية الاستثمار فى مصر خلال الفترة المقبلة، خاصة بعدما أسهم ...
www.dostor.org