قصة أسمها صاروخ الباتريوت
كلما ذكر الباتريوت تذكر الاردنيون صواريخ الحسين والعباس العراقية التي اطلقت على الكيان الصهيوني في حرب الخليج الثانية. كما يتذكرون تلك السمعة الباهرة التي رافقت تلك الصواريخ حتى اضحت من رموز الحضارة الامريكية بجانب الماكدونالدز وافلام هوليود.
وتمر الايام ويدخل الباتريوت الساحة الاردنية، في ظل تداعيات حرب الخليج الثالثة، وذلك لحماية الاجواء الاردنية من أية اختراقات من الغرب كانت أم من الشرق.
ويتساءل المواطنون، ما سر هذا الباتريوت، وما امكانياته، وهل صحيح ان الامريكان حريصون جدا على الاجواء الاردنية وسلامة الشعب الاردني، ومن سيشغل هذه الباتريوت؟
ما الباتريوت
باتريوت، عبارة عن منظومة دفاع جوي بعيدة المدى، تبلغ في ارتفاعها مستويات متعددة، ومهيأة للإطلاق في مختلف الظروف الجوية، ومؤهلة لتنفيذ اعتراض تكتيكي لكل من الصواريخ البالستية، وصواريخ كروز، و قادرة كذلك على اعتراض طائرات سلاح الجو المتقدمة.
يتم تصنيع باتريوت (MIM- 104) من قبل شركة (Raytheon) في ولاية ماسوشيستس الأمريكية.
وتستخدم باتريوت في كل من الولايات المتحدة، وألمانيا، واليابان، واليونان، والكيان الصهيوني، والكويت، وهولندا، والسعودية، وتايوان، ومؤخرا استخدمت في مصر، وحاليا في الاردن.
يبلغ مدى تلك الصواريخ 70 كم، ويفوق أقصى ارتفاع لها مسافة 24 كم، ويبلغ الحد الأدنى للفترة الزمنية التي يستمر تحليقه في الجو خلالها، أقل من 9 ثوان، أما الحد الأعلى لتلك الفترة فهو أقل من ثلاث دقائق ونصف.
وحسب ما نقلته وكالة الانباء الرسمية «بترا» عن المدير السابق للدفاع الجوي الاردني محمد الخوالدة فإن منظومة الباتريوت «تعد نقلة نوعية ومهمة لتأمين دفاعات جوية فعالة تحمي التجمعات السكانية والمنشآت الحيوية في الاردن مثلما تعزز القدرات الدفاعية للقوات المسلحة الاردنية للدفاع عن اجوائه وسيادة اراضيه ضد مختلف التهديدات الجوية مهما كان مصدرها. وهي تعد واحدة من اهم اسلحة الدفاع الجوي في العالم وتستخدم للتصدي لهجمات الطائرات والصواريخ البالستية قصيرة ومتوسطة المدى.
ويضيف الخوالدة «إن هذه الصواريخ التي صنعت وطورت في الولايات المتحدة الامريكية تهدف الى حماية التجمعات السكانية والمناطق الحيوية والحساسة من اي هجمات معادية». واوضح ان منظومة صواريخ الباتريوت «يعود صنعها الى مطلع الثمانينيات في الولايات المتحدة الامريكية وقد استخدمت لاول مرة خلال حرب الخليج الثانية عام 1991».
فاعلية الباتريوت
استخدمت صواريخ الباتريوت لاول مرة في حرب الخليج الثانية، لاعتراض الصواريخ العراقية، وهي من نوع سكود مطورة عراقيا-، ويبدو ان منظومة الباتريوت ابتكرت خصيصا لاعتراض الطائرات المقاتلة ولا الصواريخ، ويؤكد الخبير الخوالدة ان الباتريوت «استخدم في البداية ضد الطائرات وفي اثناء حرب الخليج الثانية ادخلت عليها العديد من التحسينات بحيث تستطيع مواجهة صواريخ ارض / ارض بفاعلية اكبر».
ورافق استخدامها في حرب الخليج الثانية لاعتراض الصواريخ البالستية، تضخيم اعلامي هائل، الا ان الدراسات الحالية اثبتت تفاهة ذلك التضخيم الاعلامي، كما اثبتت فشلا ذريعا في اعتراض الصواريخ العراقية.
يقول كبير محللي شؤون الأمن القومي والشؤون العسكرية بمعهد (ليكسنجتون في العاصمة واشنطن)
د. لورن طومسون، في برنامج بثته قناة الجزيرة:
«إن الولايات المتحدة لديها تقنية أكثر تقدماً في العالم بالنسبة للدفاع ضد الصواريخ، لكنها ليست جيدة جداً بالنسبة لصواريخ السكود، نحن نتحدث عن صواريخ قصيرة المدى نسبياً وهي بطيئة نسبياً كذلك» واضاف «الباتريوت لم يثبت كفاءته في الماضي، ولا نعرف إذا كان بإمكاننا وقف صاروخ سكود واحد أو اثنين أو ثلاثة، لكن نحن نحاول أن نوقف أكبر عدد ممكن».
ويبدو ان الخبراء العسكريين الامريكيين يشككون في قدرات الباتريوت، خصوصا بعد التقارير والدراسات التي باتت تأخذ طريقها الآن وتتحدث عن فاعلية صواريخ الباتريوت.
ينقل موقع (www.radix.net) تقريرا منسوبا للكونغرس الامريكي في إحدى جلساته -في عام 1992- يقيم فيه اداء صواريخ باتريوت، وجاء في التقرير: «لم تحقق صواريخ باتريوت مستوى النجاح المطلوب، في حرب الخليج، إذ ليست هناك أدلة تثبت أن الباتريوت تمكنت من إصابة سوى عدد قليل من صواريخ سكود التي أطلقها العراق خلال الحرب، وحتى تلك الإصابات المحدودة، ما زالت تحوم حول مدى دقتها شكوك كثيرة، الأمر الذي دفع كلاً من الشعب الأمريكي والكونغرس الى الشعور بخيبة أمل كبيرة، بعدما ضللتهم الدعايات المروجة لتلك الصواريخ والتي طالما كانت الإدارة الامريكية، وممثلو الشركة المصنعة يتحدثون عنها، في أثناء الحرب، وفترة ما بعد الحرب.
ومن المحتمل أن يكون كل أولئك الذين كانوا يروجون لتلك الصواريخ آنذاك، بما فيهم رئيس الولايات المتحدة، والقائد الأعلى للقوات الأمريكية، غير مدركين أن تلك الدعايات كانت مجرد ادعاءات زائفة.
وقد تكون حياة الكثير من الجنود الأمريكيين معرضة لخطر غير مبرر، في حال تم الاعتماد على تلك الصواريخ في صراعات مستقبلية، دونما تقييم دقيق للإمكانيات الحقيقية لصواريخ الباتريوت.
وقد ثبت بعد حرب الخليج أن المشكلة لم تكن نتيجة قصور في أداء الجنود الأمريكيين في أثناء تشغيل النظام، وإنما بسبب عدم دقة التقارير التقديرية الابتدائية لحجم الدمار الذي لحق بصواريخ سكود العراقية، وهو الأمر الذي يعزوه كثيرون الى الاضطراب الناجم عن الحرب، والى مؤشرات النجاح المضللة التي تم الحصول عليها من خلال أجهزة الكمبيوتر الخاصة بصواريخ الباتريوت، إضافة الى عجز أنظمة رصد الخسائر الأرضية في السعودية عن إعطاء نتائج دقيقة.
ومن خلال استعراض الأدلة المتوافرة، وفقا لادعاءات الجيش الأمريكي، فإنه يمكن التوصل الى نتيجة مفادها أن صواريخ الباتريوت لم تتمكن من إصابة سوى ما نسبته 9% فقط من صواريخ سكود العراقية، في حرب الخليج الثانية عام 1991.
والأسباب الكامنة وراء ذلك الفشل الذريع كثيرة، ومنها :
سرعة صواريخ سكود، مقابل محدودية إمكانات الباتريوت، والصعوبة البالغة في التمكن من اعتراض صواريخ سكود، كونها تنفجر فور دخولها الى الأجواء ثانية، الأمر الذي أدى الى سوء تقدير الباتريوت للأهداف الحقيقية، بحيث ثبت أن نسبة 45% من صواريخ الباتريوت الـ158 التي تم أطلاقها في أثناء الحرب، لم تكن موجهة نحو أهداف حقيقية، وإنما نحو شظايا صواريخ سكود بعد انفجارها، والتي كان يتم رصدها - بشكل خاطئ - على أنها صواريخ مستهدفة».
الباتريوت الذي استخدم في حرب الخليج الثانية اثبت فشله الذريع، ولا يوجد أي عسكري قال كلاما عكس ذلك، مما حدا الصناعة الامريكية لتطوير الباتريوت وانتاج اجيال مطورة يقولون انها ستكون اكثر كفاءة، وستصيب اهدافها بدقة.
ويؤكد الخبير الخوالدة «انه وبعد انتهاء حرب الخليج الثانية اظهرت الدراسات التي اجريت على صاروخ الباتريوت عدم قدرته في ذلك الحين على التدمير واصابة الصواريخ البالستية لعدم قدرة الشظايا الناتجة عن انفجار صاروخ الباتريوت على تدمير الرأس الحربي الذي يحمله الصاروخ المهاجم».
واوضح ان «تلك النتائج دعت الجهات الصانعة الى تطوير القدرات التدميرية للصاروخ بشكل افضل ومعالجة السلبيات السابقة وهو ما اطلق عليه اسم صاروخ باتريوت (باك 3) والتي سعى الاردن الى ادخالها الى منظومة دفاعه الجوي». لكن الخبير الامريكي طومسون اقل تفاؤلا من الخوالدة اذ يقول «لا نعرف ان كان بإمكاننا وقف صاروخ سكود واحد او اثنين او ثلاثة، لكن نحاول ان نوقف اكثر»، واقر رئيس الوكالة الاميركية لاعتراض الصواريخ الجنرال رونالد كاديش في تصريحات صحفية له في 31/10/2002 امكانية فشل الباتريوت وقال «بأن التجارب كشفت بعض المشكلات»، لكنه اعرب عن ثقته في «ان صاروخ باتريوت سيؤدي مهمة الدفاع ضد الصواريخ التي تمت برمجته من اجلها».
ويبدو ان الجانب الامريكي لا يريد ان يقع في نفس الشرك الذي وقع فيه في حرب الخليج الثانية، من تضخيم لقدرات الباتريوت.
آلية عمل الباتريوت
صواريخ باتريوت مزودة بنظام توجيه قادر على تعقب الهدف، ويتلقى نظام التوجيه الخاص بالباتريوت، الأوامر والتعليمات الصادرة عن مركز التحكم المتحرك، خلال عملية الإطلاق، وعندما يتمكن نظام اكتساب الهدف المزود به صاروخ الباتريوت من التعرف الى الهدف المطلوب، فإنه يقوم بإرسال معلومات عنه، من خلال ارتباطه بجهاز رادار أرضي، متصل بمركز التحكم المسؤول، وذلك للتأكد من مدى دقة الهدف، ولتلقي أية تعليمات نهائية، ومركز التحكم بدوره يقوم بإرسال تعليماته النهائية للباتريوت من خلال نظام تعليمات خاص برصد الصواريخ (Missile Track Command Uplink )، أما رأس الصاروخ فهو عبارة عن قنبلة متفجرة ضخمة تزن 90 كغم، ويقع مباشرة خلف نظام التوجيه النهائي.
وقد قامت شركة رايثيون المصنعة، بإنتاج جيل جديد من صواريخ باتريوت (PAC-2)، مع تعزيز نظام التوجيه الخاص بالصاروخ، ويدعى (GEM+ )، بحيث يصبح أكثر حساسية للأهداف الخارجة عن نطاق رصد الرادار، كان ذلك في عام 2002 .
في ايلول من عام 2002، تم إنتاج جيل آخر من صواريخ باتريوت (PAC- 3) مع تعزيز فعاليتها ضد كل من الصواريخ البالستية وصواريخ كروز، وذلك باستخدام تكنولوجيا (hit- to- kill)، وهي التي تتضمن جهاز رصد للموجات بالغ الدقة، يمكّن نظام التوجيه من تدمير الهدف، من خلال الطاقة النشطة التي يتم إطلاقها فور إصابة رأس الهدف.
الباتريوت ابتكار امريكي لا يجوز تسريب اسراره
منظومة الدفاع باتريوت منظومة امريكية تعتبر من احدث المنظومات للدفاعات الجوية، ويقابلها منظومة صواريخ اس 300 الروسية، والتي يبدو ان الاردن وكما يقول الخبير الخوالدة في تصريحاته لـ«بترا» حاول الحصول عليها في سبيل قدرة على «مواجهة مختلف انواع التهديدات الجوية».
ويعود صنع منظومة الباتريوت الى مطلع الثمانينيات، وتسعى واشنطن حاليا الى انتاج كميات من هذه الصواريخ فحتى بداية شهر تشرين الثاني 2002 لم يكن في حوزة الجيش الامريكي سوى 40 صاروخ باتريوت من الجيل الثالث، وحسب الجنرال كاديتش فإن قدرة الانتاج لهذه الجيل لا تتجاوز صاروخين في الشهر، لكنه اضاف «يتحتم انشاء وحدات انتاج اخرى».
والولايات المتحدة حريصة جدا على سرية تقنيات الباتريوت، وتعمل جاهدة على عدم تسريبها لدول اخرى خصوصا الصين، حيث لاحت في الافق ازمة حقيقية في العلاقات بين الكيان الصهيوني والولايات المتحدة على خلفية تسريب بعض المعلومات حول منظومة الباتريوت الى الصين، واتهمت تل ابيب بأنها مصدر التسريب. وفي حينها حاولت تل ابيب التملص بادعائها ان تسريب المعلومات كان مصدره السعودية، كونها تملك المنظومة ايضا، الا ان الامريكيين نفوا بشدة ما روجته تل ابيب وقالوا بعدم امكانية ذلك لان صواريخ الباتريوت في السعودية -وعلى حد قول الامريكان- لا يصل اليها السعوديون او خبراء غير امريكيين ابدا!!.
كلما ذكر الباتريوت تذكر الاردنيون صواريخ الحسين والعباس العراقية التي اطلقت على الكيان الصهيوني في حرب الخليج الثانية. كما يتذكرون تلك السمعة الباهرة التي رافقت تلك الصواريخ حتى اضحت من رموز الحضارة الامريكية بجانب الماكدونالدز وافلام هوليود.
وتمر الايام ويدخل الباتريوت الساحة الاردنية، في ظل تداعيات حرب الخليج الثالثة، وذلك لحماية الاجواء الاردنية من أية اختراقات من الغرب كانت أم من الشرق.
ويتساءل المواطنون، ما سر هذا الباتريوت، وما امكانياته، وهل صحيح ان الامريكان حريصون جدا على الاجواء الاردنية وسلامة الشعب الاردني، ومن سيشغل هذه الباتريوت؟
ما الباتريوت
باتريوت، عبارة عن منظومة دفاع جوي بعيدة المدى، تبلغ في ارتفاعها مستويات متعددة، ومهيأة للإطلاق في مختلف الظروف الجوية، ومؤهلة لتنفيذ اعتراض تكتيكي لكل من الصواريخ البالستية، وصواريخ كروز، و قادرة كذلك على اعتراض طائرات سلاح الجو المتقدمة.
يتم تصنيع باتريوت (MIM- 104) من قبل شركة (Raytheon) في ولاية ماسوشيستس الأمريكية.
وتستخدم باتريوت في كل من الولايات المتحدة، وألمانيا، واليابان، واليونان، والكيان الصهيوني، والكويت، وهولندا، والسعودية، وتايوان، ومؤخرا استخدمت في مصر، وحاليا في الاردن.
يبلغ مدى تلك الصواريخ 70 كم، ويفوق أقصى ارتفاع لها مسافة 24 كم، ويبلغ الحد الأدنى للفترة الزمنية التي يستمر تحليقه في الجو خلالها، أقل من 9 ثوان، أما الحد الأعلى لتلك الفترة فهو أقل من ثلاث دقائق ونصف.
وحسب ما نقلته وكالة الانباء الرسمية «بترا» عن المدير السابق للدفاع الجوي الاردني محمد الخوالدة فإن منظومة الباتريوت «تعد نقلة نوعية ومهمة لتأمين دفاعات جوية فعالة تحمي التجمعات السكانية والمنشآت الحيوية في الاردن مثلما تعزز القدرات الدفاعية للقوات المسلحة الاردنية للدفاع عن اجوائه وسيادة اراضيه ضد مختلف التهديدات الجوية مهما كان مصدرها. وهي تعد واحدة من اهم اسلحة الدفاع الجوي في العالم وتستخدم للتصدي لهجمات الطائرات والصواريخ البالستية قصيرة ومتوسطة المدى.
ويضيف الخوالدة «إن هذه الصواريخ التي صنعت وطورت في الولايات المتحدة الامريكية تهدف الى حماية التجمعات السكانية والمناطق الحيوية والحساسة من اي هجمات معادية». واوضح ان منظومة صواريخ الباتريوت «يعود صنعها الى مطلع الثمانينيات في الولايات المتحدة الامريكية وقد استخدمت لاول مرة خلال حرب الخليج الثانية عام 1991».
فاعلية الباتريوت
استخدمت صواريخ الباتريوت لاول مرة في حرب الخليج الثانية، لاعتراض الصواريخ العراقية، وهي من نوع سكود مطورة عراقيا-، ويبدو ان منظومة الباتريوت ابتكرت خصيصا لاعتراض الطائرات المقاتلة ولا الصواريخ، ويؤكد الخبير الخوالدة ان الباتريوت «استخدم في البداية ضد الطائرات وفي اثناء حرب الخليج الثانية ادخلت عليها العديد من التحسينات بحيث تستطيع مواجهة صواريخ ارض / ارض بفاعلية اكبر».
ورافق استخدامها في حرب الخليج الثانية لاعتراض الصواريخ البالستية، تضخيم اعلامي هائل، الا ان الدراسات الحالية اثبتت تفاهة ذلك التضخيم الاعلامي، كما اثبتت فشلا ذريعا في اعتراض الصواريخ العراقية.
يقول كبير محللي شؤون الأمن القومي والشؤون العسكرية بمعهد (ليكسنجتون في العاصمة واشنطن)
د. لورن طومسون، في برنامج بثته قناة الجزيرة:
«إن الولايات المتحدة لديها تقنية أكثر تقدماً في العالم بالنسبة للدفاع ضد الصواريخ، لكنها ليست جيدة جداً بالنسبة لصواريخ السكود، نحن نتحدث عن صواريخ قصيرة المدى نسبياً وهي بطيئة نسبياً كذلك» واضاف «الباتريوت لم يثبت كفاءته في الماضي، ولا نعرف إذا كان بإمكاننا وقف صاروخ سكود واحد أو اثنين أو ثلاثة، لكن نحن نحاول أن نوقف أكبر عدد ممكن».
ويبدو ان الخبراء العسكريين الامريكيين يشككون في قدرات الباتريوت، خصوصا بعد التقارير والدراسات التي باتت تأخذ طريقها الآن وتتحدث عن فاعلية صواريخ الباتريوت.
ينقل موقع (www.radix.net) تقريرا منسوبا للكونغرس الامريكي في إحدى جلساته -في عام 1992- يقيم فيه اداء صواريخ باتريوت، وجاء في التقرير: «لم تحقق صواريخ باتريوت مستوى النجاح المطلوب، في حرب الخليج، إذ ليست هناك أدلة تثبت أن الباتريوت تمكنت من إصابة سوى عدد قليل من صواريخ سكود التي أطلقها العراق خلال الحرب، وحتى تلك الإصابات المحدودة، ما زالت تحوم حول مدى دقتها شكوك كثيرة، الأمر الذي دفع كلاً من الشعب الأمريكي والكونغرس الى الشعور بخيبة أمل كبيرة، بعدما ضللتهم الدعايات المروجة لتلك الصواريخ والتي طالما كانت الإدارة الامريكية، وممثلو الشركة المصنعة يتحدثون عنها، في أثناء الحرب، وفترة ما بعد الحرب.
ومن المحتمل أن يكون كل أولئك الذين كانوا يروجون لتلك الصواريخ آنذاك، بما فيهم رئيس الولايات المتحدة، والقائد الأعلى للقوات الأمريكية، غير مدركين أن تلك الدعايات كانت مجرد ادعاءات زائفة.
وقد تكون حياة الكثير من الجنود الأمريكيين معرضة لخطر غير مبرر، في حال تم الاعتماد على تلك الصواريخ في صراعات مستقبلية، دونما تقييم دقيق للإمكانيات الحقيقية لصواريخ الباتريوت.
وقد ثبت بعد حرب الخليج أن المشكلة لم تكن نتيجة قصور في أداء الجنود الأمريكيين في أثناء تشغيل النظام، وإنما بسبب عدم دقة التقارير التقديرية الابتدائية لحجم الدمار الذي لحق بصواريخ سكود العراقية، وهو الأمر الذي يعزوه كثيرون الى الاضطراب الناجم عن الحرب، والى مؤشرات النجاح المضللة التي تم الحصول عليها من خلال أجهزة الكمبيوتر الخاصة بصواريخ الباتريوت، إضافة الى عجز أنظمة رصد الخسائر الأرضية في السعودية عن إعطاء نتائج دقيقة.
ومن خلال استعراض الأدلة المتوافرة، وفقا لادعاءات الجيش الأمريكي، فإنه يمكن التوصل الى نتيجة مفادها أن صواريخ الباتريوت لم تتمكن من إصابة سوى ما نسبته 9% فقط من صواريخ سكود العراقية، في حرب الخليج الثانية عام 1991.
والأسباب الكامنة وراء ذلك الفشل الذريع كثيرة، ومنها :
سرعة صواريخ سكود، مقابل محدودية إمكانات الباتريوت، والصعوبة البالغة في التمكن من اعتراض صواريخ سكود، كونها تنفجر فور دخولها الى الأجواء ثانية، الأمر الذي أدى الى سوء تقدير الباتريوت للأهداف الحقيقية، بحيث ثبت أن نسبة 45% من صواريخ الباتريوت الـ158 التي تم أطلاقها في أثناء الحرب، لم تكن موجهة نحو أهداف حقيقية، وإنما نحو شظايا صواريخ سكود بعد انفجارها، والتي كان يتم رصدها - بشكل خاطئ - على أنها صواريخ مستهدفة».
الباتريوت الذي استخدم في حرب الخليج الثانية اثبت فشله الذريع، ولا يوجد أي عسكري قال كلاما عكس ذلك، مما حدا الصناعة الامريكية لتطوير الباتريوت وانتاج اجيال مطورة يقولون انها ستكون اكثر كفاءة، وستصيب اهدافها بدقة.
ويؤكد الخبير الخوالدة «انه وبعد انتهاء حرب الخليج الثانية اظهرت الدراسات التي اجريت على صاروخ الباتريوت عدم قدرته في ذلك الحين على التدمير واصابة الصواريخ البالستية لعدم قدرة الشظايا الناتجة عن انفجار صاروخ الباتريوت على تدمير الرأس الحربي الذي يحمله الصاروخ المهاجم».
واوضح ان «تلك النتائج دعت الجهات الصانعة الى تطوير القدرات التدميرية للصاروخ بشكل افضل ومعالجة السلبيات السابقة وهو ما اطلق عليه اسم صاروخ باتريوت (باك 3) والتي سعى الاردن الى ادخالها الى منظومة دفاعه الجوي». لكن الخبير الامريكي طومسون اقل تفاؤلا من الخوالدة اذ يقول «لا نعرف ان كان بإمكاننا وقف صاروخ سكود واحد او اثنين او ثلاثة، لكن نحاول ان نوقف اكثر»، واقر رئيس الوكالة الاميركية لاعتراض الصواريخ الجنرال رونالد كاديش في تصريحات صحفية له في 31/10/2002 امكانية فشل الباتريوت وقال «بأن التجارب كشفت بعض المشكلات»، لكنه اعرب عن ثقته في «ان صاروخ باتريوت سيؤدي مهمة الدفاع ضد الصواريخ التي تمت برمجته من اجلها».
ويبدو ان الجانب الامريكي لا يريد ان يقع في نفس الشرك الذي وقع فيه في حرب الخليج الثانية، من تضخيم لقدرات الباتريوت.
آلية عمل الباتريوت
صواريخ باتريوت مزودة بنظام توجيه قادر على تعقب الهدف، ويتلقى نظام التوجيه الخاص بالباتريوت، الأوامر والتعليمات الصادرة عن مركز التحكم المتحرك، خلال عملية الإطلاق، وعندما يتمكن نظام اكتساب الهدف المزود به صاروخ الباتريوت من التعرف الى الهدف المطلوب، فإنه يقوم بإرسال معلومات عنه، من خلال ارتباطه بجهاز رادار أرضي، متصل بمركز التحكم المسؤول، وذلك للتأكد من مدى دقة الهدف، ولتلقي أية تعليمات نهائية، ومركز التحكم بدوره يقوم بإرسال تعليماته النهائية للباتريوت من خلال نظام تعليمات خاص برصد الصواريخ (Missile Track Command Uplink )، أما رأس الصاروخ فهو عبارة عن قنبلة متفجرة ضخمة تزن 90 كغم، ويقع مباشرة خلف نظام التوجيه النهائي.
وقد قامت شركة رايثيون المصنعة، بإنتاج جيل جديد من صواريخ باتريوت (PAC-2)، مع تعزيز نظام التوجيه الخاص بالصاروخ، ويدعى (GEM+ )، بحيث يصبح أكثر حساسية للأهداف الخارجة عن نطاق رصد الرادار، كان ذلك في عام 2002 .
في ايلول من عام 2002، تم إنتاج جيل آخر من صواريخ باتريوت (PAC- 3) مع تعزيز فعاليتها ضد كل من الصواريخ البالستية وصواريخ كروز، وذلك باستخدام تكنولوجيا (hit- to- kill)، وهي التي تتضمن جهاز رصد للموجات بالغ الدقة، يمكّن نظام التوجيه من تدمير الهدف، من خلال الطاقة النشطة التي يتم إطلاقها فور إصابة رأس الهدف.
الباتريوت ابتكار امريكي لا يجوز تسريب اسراره
منظومة الدفاع باتريوت منظومة امريكية تعتبر من احدث المنظومات للدفاعات الجوية، ويقابلها منظومة صواريخ اس 300 الروسية، والتي يبدو ان الاردن وكما يقول الخبير الخوالدة في تصريحاته لـ«بترا» حاول الحصول عليها في سبيل قدرة على «مواجهة مختلف انواع التهديدات الجوية».
ويعود صنع منظومة الباتريوت الى مطلع الثمانينيات، وتسعى واشنطن حاليا الى انتاج كميات من هذه الصواريخ فحتى بداية شهر تشرين الثاني 2002 لم يكن في حوزة الجيش الامريكي سوى 40 صاروخ باتريوت من الجيل الثالث، وحسب الجنرال كاديتش فإن قدرة الانتاج لهذه الجيل لا تتجاوز صاروخين في الشهر، لكنه اضاف «يتحتم انشاء وحدات انتاج اخرى».
والولايات المتحدة حريصة جدا على سرية تقنيات الباتريوت، وتعمل جاهدة على عدم تسريبها لدول اخرى خصوصا الصين، حيث لاحت في الافق ازمة حقيقية في العلاقات بين الكيان الصهيوني والولايات المتحدة على خلفية تسريب بعض المعلومات حول منظومة الباتريوت الى الصين، واتهمت تل ابيب بأنها مصدر التسريب. وفي حينها حاولت تل ابيب التملص بادعائها ان تسريب المعلومات كان مصدره السعودية، كونها تملك المنظومة ايضا، الا ان الامريكيين نفوا بشدة ما روجته تل ابيب وقالوا بعدم امكانية ذلك لان صواريخ الباتريوت في السعودية -وعلى حد قول الامريكان- لا يصل اليها السعوديون او خبراء غير امريكيين ابدا!!.