خلال الحرب العالمية الأولى لجأت الإمبراطورية الألمانية للغواصات المعروفة بـ"يو بوت" (U-boat) لبث الرعب بالمحيط الأطلسي حيث تخفّت هذه القطع البحرية الألمانية تحت المياه قبل أن تباشر بتتبع واستهداف سفن الشحن البريطانية بعرض المحيط باستخدام طربيداتها. وطيلة فترة الحرب العالمية الأولى، تمكنت غواصات "يو بوت" الألمانية من تدمير نحو 5700 سفينة متسببة في مقتل ما لا يقل عن 12 ألفا و700 شخص من غير العسكريين بعرض المحيط.
سنة 1917، أمر الإمبراطور الألماني فيلهلم الثاني (Wilhelm II) ببدء حملة مكثفة لاستهداف جميع السفن التي تبحر بالمحيط الأطلسي. وقد حققت هذه العملية العسكرية نجاحاً هاماً حيث تحولت السفن المدنية وسفن الشحن و"السفن المستشفيات" لأهداف سهلة لـ"يو بوت" الألمانية بسبب عدم قدرتها على التخفي بالمحيط تزامناً مع التغير المستمر للوني البحر والسماء وكمية الدخان الهائلة المتصاعدة من مداخن هذه السفن.
ولمواجهة خطر الغواصات الألمانية بالأطلسي، جاء الرسام ومصمم الغرافيك المتطوع بالبحرية البريطانية نورمان ولكنسون (Norman Wilkinson) بفكرة عبقرية تهدف لاعتماد خدعة بصرية لتضليل الألمان وجعلهم غير قادرين على تحديد هدفهم.
فبدل إخفاء السفينة بأكملها واعتماد التمويه، فضّل ولكنسون إخفاء موقع السفينة واتجاهها اعتماداً على تصاميم هندسية ملونة. فلجأ لطلاء هيكل السفينة عن طريق رسم خطوط وأشكال هندسية تجريدية عليها بألوان متناقضة، ليذكّر بذلك بالمدرسة التكعيبية التي اعتبر بابلو بيكاسو وجورج براك أبرز روادها، مصعّباً بذلك مهمة مستخدمي البيرسكوب على متن الغواصات الألمانية. فبسبب الخطوط الملتوية والأشكال غير العادية والألوان، واجه هؤلاء صعوبة في تحديد شكل وحجم وموقع واتجاه السفن البريطانية فصاروا عاجزين عن استهدافها بالطربيدات.
للتأكد من فاعلية فكرته، صمّم نورمان ولكنسون تصاميم سفن صغيرة رسم عليها أشكالاً وخطوطاً للتمويه ونظر إليها عن طريق بيريسكوب ففشل في تحديد مكانها وحجمها بدقة.
بفضل نورمان ولكنسون، ظهرت طريقة dazzle painting التي ساهمت في خلق وهم بصري وأنقذت آلاف السفن. وخلال إحدى التجارب، انبهر الملك البريطاني جورج الخامس (George V) بهذه الطريقة حيث عجز الأخير عن تحديد اتجاه إحدى السفن بعد أن نظر إليها عن طريق بيريسكوب غواصة.
خلال شهر أيار/مايو 1917، أجرى البريطانيون أولى التجارب على هذه السفن الملوّنة حيث انطلقت السفينة HMS Industy في جولة قصيرة بالمحيط الأطلسي قبل أن تعود سليمة للموانئ البريطانية لتباشر البحرية الملكية على إثر ذلك باعتماد هذه الطريقة لخلق وهم بصري لمجابهة الغواصات الألمانية. وبلغ، حسب بعض التقارير، عدد السفن البريطانية التي لوّنت بهذه الطريقة 2500 سفينة مع نهاية الحرب العالمية الأولى.
خلال فترة الحرب العالمية الثانية، عاودت هذه الطريقة الظهور مجدداً حيث أقدم الأميركيون على طلاء سطح عدد من سفنهم لخلق وهم بصري وإرباك الطيّارين اليابانيين بالمحيط الهادئ.
Al Arabiya
سنة 1917، أمر الإمبراطور الألماني فيلهلم الثاني (Wilhelm II) ببدء حملة مكثفة لاستهداف جميع السفن التي تبحر بالمحيط الأطلسي. وقد حققت هذه العملية العسكرية نجاحاً هاماً حيث تحولت السفن المدنية وسفن الشحن و"السفن المستشفيات" لأهداف سهلة لـ"يو بوت" الألمانية بسبب عدم قدرتها على التخفي بالمحيط تزامناً مع التغير المستمر للوني البحر والسماء وكمية الدخان الهائلة المتصاعدة من مداخن هذه السفن.
ولمواجهة خطر الغواصات الألمانية بالأطلسي، جاء الرسام ومصمم الغرافيك المتطوع بالبحرية البريطانية نورمان ولكنسون (Norman Wilkinson) بفكرة عبقرية تهدف لاعتماد خدعة بصرية لتضليل الألمان وجعلهم غير قادرين على تحديد هدفهم.
فبدل إخفاء السفينة بأكملها واعتماد التمويه، فضّل ولكنسون إخفاء موقع السفينة واتجاهها اعتماداً على تصاميم هندسية ملونة. فلجأ لطلاء هيكل السفينة عن طريق رسم خطوط وأشكال هندسية تجريدية عليها بألوان متناقضة، ليذكّر بذلك بالمدرسة التكعيبية التي اعتبر بابلو بيكاسو وجورج براك أبرز روادها، مصعّباً بذلك مهمة مستخدمي البيرسكوب على متن الغواصات الألمانية. فبسبب الخطوط الملتوية والأشكال غير العادية والألوان، واجه هؤلاء صعوبة في تحديد شكل وحجم وموقع واتجاه السفن البريطانية فصاروا عاجزين عن استهدافها بالطربيدات.
للتأكد من فاعلية فكرته، صمّم نورمان ولكنسون تصاميم سفن صغيرة رسم عليها أشكالاً وخطوطاً للتمويه ونظر إليها عن طريق بيريسكوب ففشل في تحديد مكانها وحجمها بدقة.
بفضل نورمان ولكنسون، ظهرت طريقة dazzle painting التي ساهمت في خلق وهم بصري وأنقذت آلاف السفن. وخلال إحدى التجارب، انبهر الملك البريطاني جورج الخامس (George V) بهذه الطريقة حيث عجز الأخير عن تحديد اتجاه إحدى السفن بعد أن نظر إليها عن طريق بيريسكوب غواصة.
خلال شهر أيار/مايو 1917، أجرى البريطانيون أولى التجارب على هذه السفن الملوّنة حيث انطلقت السفينة HMS Industy في جولة قصيرة بالمحيط الأطلسي قبل أن تعود سليمة للموانئ البريطانية لتباشر البحرية الملكية على إثر ذلك باعتماد هذه الطريقة لخلق وهم بصري لمجابهة الغواصات الألمانية. وبلغ، حسب بعض التقارير، عدد السفن البريطانية التي لوّنت بهذه الطريقة 2500 سفينة مع نهاية الحرب العالمية الأولى.
خلال فترة الحرب العالمية الثانية، عاودت هذه الطريقة الظهور مجدداً حيث أقدم الأميركيون على طلاء سطح عدد من سفنهم لخلق وهم بصري وإرباك الطيّارين اليابانيين بالمحيط الهادئ.
Al Arabiya