القارئ الشيخ عبد الباسط عبد الصمد

إنضم
23 مايو 2019
المشاركات
4,815
التفاعل
12,492 233 3
الدولة
Egypt
بسم الله
images (81).jpeg

images (83).jpeg
images (84).jpeg



hqdefault (3).jpg
 
( ولادته ونسبه)

ولد القارئ الشيخ عبد الباسط محمد عبد الصمد عام 1927 بقرية المراعزة التابعة لمركز أرمنت ب محافظة قنا (قبل أن يضم مركز أرمنت إلى محافظة الأقصر سنة 2009 مع تأسيسها) بجنوب الصعيد. حيث نشأ في بيئة تهتم بالقرآن الكريم حفظاً وتجويداً. فالجد الشيخ عبد الصمد كان من الحفظة المشهود لهم بالتمكن من حفظ القرآن وتجويده بالأحكام، والوالد هو الشيخ محمد عبد الصمد، كان أحد المجودين المجيدين للقرآن حفظًا وتجويدًا.

أما الشقيقان محمود وعبد الحميد فكانا يحفظان القرآن بالكتاب فلحق بهما أخوهما الأصغر سنًّا. عبد الباسط، وهو في السادسة من عمره.

التحق الطفل الموهوب عبد الباسط بكتاب الشيخ الأمير بأرمنت فاستقبله شيخه أحسن استقبال؛ لأنه توسم فيه كل المؤهلات القرآنية التي أصقلت من خلال سماعه القرآن يُتلَى بالبيت ليل نهار بكرةً وأصيلاً.

لاحظ الشيخ على تلميذه الموهوب أنه يتميز بجملةٍ من المواهب والنبوغ تتمثل في سرعة استيعابه لما أخذه من القرآن وشدة انتباهه وحرصه على متابعة شيخه بشغف وحب، ودقة التحكم في مخارج الألفاظ والوقف والابتداء وعذوبة في الصوت تشنف الآذان بالسماع والاستماع. وأثناء عودته إلى البيت كان يرتل ما سمعه من الشيخ رفعت بصوته القوي الجميل متمتعًا بأداءٍ طيبٍ يستوقف كل ذي سمع.

يقول الشيخ عبد الباسط في مذكراتهِ: : "كانت سني عشر سنوات أتممت خلالها حفظ القرآن الذي كان يتدفق على لساني كالنهر الجاري وكان والدي موظفًا بوزارة المواصلات، وكان جدي من العلماء فطلبت منهما أن أتعلم القراءات فأشارا عليَّ أن أذهب إلى مدينة طنطا بالوجه البحري لأتلقى علوم القرآن والقراءات على يد الشيخ (محمد سليم) ولكن المسافة بين أرمنت إحدى مدن جنوب مصر وبين طنطا إحدى مدن الوجه البحري كانت بعيدة جداً، ولكن الأمر كان متعلقاً بصياغة مستقبلي ورسم معالمه مما جعلني أستعد للسفر، وقبل التوجه إلى طنطا بيومٍ واحدٍ علمنا بوصول الشيخ محمد سليم إلى (أرمنت) ليستقر بها مدرسًا للقراءات بالمعهد الديني بأرمنت واستقبله أهل أرمنت أحسن استقبال واحتفلوا به؛ لأنهم يعلمون قدراته وإمكاناته لأنه من أهل العلم والقرآن، وكأن القدر قد سَاقَ إلينا هذا الرجل في الوقت المناسب. وأقام له أهل البلاد جمعية للمحافظة على القرآن الكريم (بأصفون المطاعنة) فكان يحفظ القرآن ويعلم علومه والقراءات. فذهبت إليهِ وراجعت عليه القرآن كله، ثم حفظت الشاطبية التي هي المتن الخاص بعلم القراءات السبع".


بعد أن وصل الشيخ عبد الباسط الثانية عشرة من العمر انهالت عليهِ الدعوات من كل مدن وقرى محافظة قنا وخاصة أصفون المطاعنة بمساعدة الشيخ محمد سليم الذي زكّى الشيخ عبد الباسط في كل مكان يذهب إليه، وشهادة الشيخ سليم كانت محل ثقة الناس جميعاً.
 
التعديل الأخير بواسطة المشرف:
( دخوله الإذاعة المصرية)


مع نهاية عام 1951م طلب الشيخ الضباع من الشيخ عبد الباسط أن يتقدم إلى الإذاعة كقارئ بها ولكن الشيخ عبد الباسط أراد أن يؤجل هذا الموضوع نظراً لإرتباطهِ بمسقط رأسه وأهله ولأن الإذاعة تحتاج إلى ترتيب خاص. ولكنه تقدم بالنهاية.

كان الشيخ الضباع قد حصل على تسجيل لتلاوة الشيخ عبد الباسط بالمولد الزينبي وقدم هذا التسجيل للجنة الإذاعة فانبهر الجميع بالأداء القوي العالي الرفيع المحكم المتمكن واعتمد الشيخ عبد الباسط بالإذاعة عام 1951 ليكون أحد قرائها. وبعد الشهرة التي حققها الشيخ عبد الباسط في بضعة أشهر كان لابد من إقامة دائمة في القاهرة مع أسرته التي نقلها معهُ إلى حي السيدة زينب.

بسبب إلتحاقه بالإذاعة زاد الإقبال على شراء أجهزة الراديو وتضاعف إنتاجها في ذلك الوقت وانتشرت بمعظم البيوت للإستماع إلى صوت الشيخ عبد الباسط، وكان الذي يمتلك (راديو) في منطقة أو قرية من القرى كان يقوم برفع صوت الراديو لأعلى درجة حتى يتمكن الجيران من سماع الشيخ عبد الباسط وهم بمنازلهم وخاصة كل يوم سبت على موجات البرنامج العام من الثامنة وحتى الثامنة والنصف مساءً.
 
التعديل الأخير بواسطة المشرف:
( شهرته)

روى الشيخ البطيخي عن بداية شهرة عبد الباسط فقال: في شهر رمضان كان الشيخ عبد الباسط يحيي لياليه في دواوين القرية ولا يرد أحداً يطلب منهُ أن يقرأ لهُ بضع آيات من القرآن، ثم بدأ بعدها في التنقل بين المحافظات، وفي إحدى المرات قرأ في مجلس المقرئين بمسجد الحسين بالقاهرة، وعندما جاء دوره في القراءة كان من نصيبه ربع من سورة النحل، وأعجب بهِ الناس حتى إن المشايخ كانوا يُلوحون بعمائمهم وكان يستوقفه المستمعون من حين لآخر ليعيد لهم ما قرأه من شدة الإعجاب، ثم تهافت الناس على طلبهِ حتى طلبته سوريا ليحيي فيها شهر رمضان فرفض إلا بعد أن يأذن لهُ شيخه.

يضيف الشيخ عبد الصبور: كنا ذات مرة في زيارة إلى الحرم المكي وكان شيخ الحرم المكي في ذلك الوقت يقرأ من سورة البقرة إلى سورة الأنعام بـقراءة ورش عن نافع فرتل قائلا: "وقال لهم نبيهم إن الله قد بعث لكم طالوت ملكا" وقرأ في الركعة الثانية: "إن ناشئة الليل هي أشد وطئا وأقوم قيلا" فحرص الشيخ عبد الباسط على أن يقابله ليصحح له سهوه في القراءة، فقال له: كان ينبغي أن تقرأ وتقول: نبيئهم، بدلا من نبيهم، وأشد وطائا بدلا من أشد وطئا، فقد قرأت في الآية الأولى بقراءة حفص ولم تقرأ بقراءة ورش فأقره الشيخ على هذا السهو في القراءة وطلب منه أن يبقى في الحرم المكي معهم.
 
التعديل الأخير بواسطة المشرف:
( زياراته العالمية)

بدأ الشيخ عبد الباسط رحلته الإذاعية في رحاب القرآن الكريم منذ عام 1952م، وانهالت عليه الدعوات من شتى بقاع الدنيا في شهر رمضان وغيرهِ.

وكانت بعض الدعوات توجه إليه ليس للإحتفال بمناسبة معينة وإنما كانت الدعوة للحضور إلى الدولة التي أرسلت إليه لإقامة حفل بغير مناسبة وإذا سألتهم عن المناسبة التي من أجلها حضر الشيخ عبد الباسط فكان ردهم (بأن المناسبة هو وجود الشيخ عبد الباسط) فكان الاحتفال بهِ ومن أجلهِ لأنه كان يضفي جواً من البهجة والفرحة على المكان الذي يحل به.

هذا يظهر من خلال استقبال شعوب دول العالم لهُ إستقبالاً رسمياً على المستوى القيادي والحكومي والشعبي. حيث استقبله الرئيس( الباكستاني) في أرض المطار وصافحه وهو ينزل من الطائرة. وفي جاكرتا بدولة( اندونيسيا) قرأ القرآن الكريم بأكبر مساجدها فامتلأت جنبات المسجد بالحاضرين وامتد المجلس خارج المسجد لمساحة كيلو متر مربع تقريباً فامتلأ الميدان المقابل للمسجد بأكثر من ربع مليون مسلم يستمعون إليهِ وقوفاً على الأقدام حتى مطلع الفجر.

في (جنوب أفريقيا) عندما علم المسؤولون بوصولهِ أرسلوا إليهِ فريق عمل إعلامي من رجال الصحافة والإذاعة والتلفاز لإجراء لقاءات معهُ ولمعرفة رأيهِ عما إذا كانت هناك تفرقة عنصرية أم لا من وجهة نظره، فكان أذكى منهم وأسند كل شيء إلى زميلهِ وابن بلده ورفيق رحلته القارئ الشيخ أحمد الرزيقي الذي رد عليهم بكل لباقة وأنهى اللقاء بوعي ودبلوماسية أضافت إلى أهل القرآن مكاسب لا حد لها فرضت إحترامهم على الجميع.

كان أول زيارة للشيخ عبد الباسط خارج مصر بعد إلتحاقهِ بالإذاعة عام 1952 حيث زار خلالها( السعودية) لأداء فريضة الحج ومعهُ والده. واعتبر السعوديون هذه الزيارة مهيأة من قبل الله فهي فرصة يجب أن تجنى منها الثمار، فطلبوا منه أن يسجل عدة تسجيلات للمملكة لتذاع عبر موجات الإذاعة، فلم يتردد الشيخ عبد الباسط وقام بتسجيل عدة تلاوات للمملكة العربية السعودية أشهرها التي سجلت بالحرم المكي وحرم المسجد النبوي الشريف، (لقب بعدها بصوت مكة). ولم تكن هذه المرة الأخيرة التي زار فيها السعودية وإنما تعددت الزيارات ما بين دعوات رسمية وبعثات وزيارات لحج بيت الله الحرام.

من بين الدول التي زارها (الهند) لإحياء احتفال ديني كبير أقامهُ أحد الأغنياء المسلمين هناك، حيث فوجئ الشيخ عبد الباسط بجميع الحاضرين يخلعون الأحذية ويقفون على الأرض وقد حنّوا رؤوسهم إلى أسفل ينظرون محل السجود وأعينهم تفيض من الدمع يبكون إلى أن انتهى من التلاوة وعيناه تذرفان الدمع تأثراً بهذا الموقف الخاشع.

لم يقتصر الشيخ عبد الباسط في سفره على الدول العربية والإسلامية فقط وإنما جاب العالم شرقاً وغرباً شمالاً وجنوباً وصولاً إلى المسلمين في أي مكان من أرض الله الواسعة، ومن أشهر المساجد التي قرأ بها القرآن هي المسجد الحرام بمكة والمسجد النبوي الشريف بالمدينة المنورة والمسجد الأقصى في القدس وكذلك المسجد الإبراهيمي في الخليل ب( فلسطين) والمسجد الأموي في دمشق وأشهر المساجد بآسيا وأفريقيا والولايات المتحدة وفرنسا ولندن والهند والعراق ومعظم دول العالم، فلم تخل جريدة رسمية أو غير رسمية من صورة وتعليقات تظهر أنه أسطورة تستحق التقدير والاحترام.
 
التعديل الأخير بواسطة المشرف:
(تكريمه)


يعتبر الشيخ عبد الباسط القارئ الوحيد الذي نال من التكريم حظاً لم يحصل عليه أحد بهذا القدر من الشهرة والمنزلة التي تربع بها على عرش تلاوة القرآن الكريم لما يقرب من نصف قرن من الزمان نال خلالها قدر من الحب الذي جعل منه أسطورة لن تتأثر بمرور السنين بل كلما مر عليها الزمان زادت قيمتها وارتفع قدرها كالجواهر النفيسة ولم ينس حياً ولا ميتاً.

فكان تكريمه حياً عام 1956 عندما كرمته سوريا بمنحه وسام الاستحقاق ووسام الأرز من لبنان والوسام الذهبي من ماليزيا ووسام من السنغال وآخر من المغرب وآخر الأوسمة التي حصل عليها كان قبل رحيله من الرئيس محمد حسنى مبارك في الاحتفال بليلة القدر عام 1987 م.

الأوسمة التي حصل عليها :
١.وسام من رئيس وزراء سوريا عام 1959.
٢.وسام من رئيس حكومة ماليزيا عام 1965.
٣.وسام الاستحقاق من الرئيس السنغالي عام 1975.
٤.وسام الأرز من الجمهورية اللبنانية.
٥.وسام تكريمي من الجمهورية العراقية.
٦.الوسام الذهبي من باكستان عام 1980.
٧.وسام العلماء من الرئيس الباكستاني ضياء الحق عام 1984.
٨.وسام الإذاعة المصرية في عيدها الخمسين

٩.وسام الاستحقاق من الرئيس المصري السابق محمد حسني مبارك أثناء الاحتفال بيوم الدعاة في عام 1987.
 
التعديل الأخير بواسطة المشرف:
( إبن الشيخ عبد الباسط يتحدث عن والده)


يسر له الله حفظ كتابه، وتفضل عليه بصوت ربما لن يتكرر، لتكتمل فصول حكاية أشهر قراء القرآن عبر التاريخ، حاول العديد تقليده، لأن التميز عنه إن لم يكن مستحيلا فهو صعب جدًا، هو القارئ الشيخ عبدالباسط عبدالصمد، نابغة عصره، الذى سعى جميع الرؤساء والملوك إلى كسب وده، بينما لم يسع هو إلا لخدمة كتاب الله.

فى إحدى شقق الطابق الرابع بعمارة فى شارع عبد العظيم راشد فى حى العجوزة، حيث كان يقيم الشيخ عبدالباسط عبدالصمد، استقبلنا نجله طارق، الذى أبى أن يفرط فى شقة والده، وآثر الإقامة فيها على بيعها، أدركنا سريعًا سبب ارتباطه بها، ففى كل ركن من أركان الشقة ستشعر بالشيخ كأنك تراه.

تتكون الشقة من 4 حجرات، وتحتفظ جدرانها حتى الآن بتلك الألوان والديكورات الكلاسيكية الأنيقة التى اختارها الشيخ، هذا ما رأيناه من بين ثنايا صور الشيخ وأوسمته، التى اكتست بها أركان الشقة، ما زال «طارق» محتقظًا بدولاب ملابس والده، ومصحفه، ومكتبته، وسجادة صلاته، حتى مبخرته وعطوره، فأينما انتقلت داخل شقة الشيخ عبدالباسط عبدالصمد سيدركك مسك الشيخ وعنبره.

مهد لنا «طارق» دروب ذكرياته مع والده، واجتاز بنا بوابات لم يسبقنا إليها أحد فى حياة القارئ الشيخ عبدالباسط عبدالصمد، فقال: ولد فى الأول من يناير عام 1927، في قرية المراعزة التابعة لمركز أرمنت بمحافظة قنا، وأتم حفظ القرآن الكريم كاملا فى العاشرة من عمره، على يد شيخ القرية آنذاك، الذي لاحظ حلاوة صوته وموهبته، فطلب من جدى أن يلتحق أبى فى تلك السن الصغيرة بالمعهد الأزهرى، وهو ما حدث، ليتولى الشيخ محمد سليم حمادة مهمة تعليمه بعد ذلك.

وشهدت محافظات صعيد مصر ميلاد شهرة الشيخ عبدالباسط عبدالصمد فى شبابه، حتى أتى الشيخ عبدالباسط عبدالصمد إلى القاهرة بصحبة والده، لحضور مولد السيدة زينب، وهو المولد الذى اعتاد كبار الشيوخ والقراء حضوره، مثل الشيخ الشعشاعى، والشيخ عبدالعظيم زاهر، ولعبت الصدفة دورها، إذ ربطت إمام مسجد السيدة زينب آنذاك الشيخ على سبيع، علاقة صداقة قديمة بجدى، والد الشيخ عبدالباسط، واستغل جدى تلك الصداقة، فطلب من الشيخ «سبيع» سماع صوت أبى.

اندهش إمام مسجد السيدة زينب من حلاوة صوت الشيخ عبدالباسط، فقدمه ليقرأ ما تيسر له من القرآن على الحاضرين فى استراحة الحفل، بعد استئذان المنظمين، وما أن شرع الشيخ الذي لم يتخط الـ 17 من عمره آنذاك فى التلاوة إلا وخيم الصمت على المسجد، واشرأبت الأعناق لتنظر الأعين مصدر جمال الصوت.

بعدها كانت هناك محاولات عديدة من الشيخ سبيع لإقناع الشيخ عبدالباسط للالتحاق بالإذاعة والعمل بها مقرئًا، إلا أن ارتباط أبى بمسقط رأسه وأهله حال دون تحقيق ذلك، خاصة أن العمل بالإذاعة يحتاج إلى ترتيب خاص، لم يكن والدى مؤهلاً له فى تلك السن، المفاجأة تجسدت عندما سجل أحد الشيوخ ممن حضروا مولد السيدة زينب صوت أبى، وقدمه إلى الإذاعة المصرية، فانبهر القائمون على الإذاعة بصوته، ليلتحق بها فى عام 1950، ويتلو القرآن بها من الثامنة حتى الثامنة والنصف يوم السبت لمدة 30 عاما.

وكان والدى ورعًا، خفيف الظل، شديد الاهتمام بمظهره، حمل على عاتقه تغيير الصورة النمطية لعلماء الدين ممن سبقوه، تزوج فى سن الـ19 من ابنة عمه، وأنجب سبعة ذكور، و4 إناث، وأنجبوا له 33 حفيدًا، وتولى الشيخ مهمة تحفيظنا جميعًا كتاب الله، وورثت أنا وأخى ياسر منه حلاوة الصوت، وإتقان التلاوة، وحاولنا استكمال مسيرته النورانية، فقررنا التفرغ لقراءة ودراسة علوم القرآن الكريم، ورغم عملي كضابط شرطة توليت إمامة مسجد الإمام الشافعى خلفًا لوالدى، بينما ترك ياسر عمله بالسياحة، ليعمل مقرئًا.

نال الشيخ عبدالباسط بعد التحاقه بالإذاعة شهرة واسعة، داخل مصر وخارجها، وانهالت عليه دعوات الزيارة من ملوك وأمراء الدول العربية، وكانت أول زيارة له خارج القطر المصرى إلى المملكة العربية السعودية، وظلت من أكثر الدول التى زارها فى حياته، وأحبهم إلى قلبه، كما سافر إلى كل الدول العربية، ومعظم دول قارتي آسيا وأوروبا مثل: الهند، وباكستان، وماليزيا، وفرنسا لخدمة كتاب الله.

وفى سن الـ23 طلبت منه السلطات السعودية، أن يسجل القرآن الكريم بصوته، وبالفعل ذهب إلى الإذاعة هناك، وسجل بعض الأجزاء، ثم سافر إلى سوريا، وكان أول قارئ يزور جنوب إفريقيا فى ظل اندلاع الحرب الأهلية هناك بسبب التفرقة العنصرية، فى فترة غاب فيها أى تمثيل دبلوماسي لمصر فى جنوب أفريقيا والعكس.

وأحب الشيخ عبدالباسط عبدالصمد الزعيم الراحل جمال عبدالناصر، وربطتهما علاقة ود، الأمر الذي جعل الزعيم الراحل يطلب منه الحضور فى جميع الاحتفالات والمناسبات، والتى كان أهمها حفل افتتاح السد العالى، الذى حضره ملك المغرب محمد الخامس، وأبدى إعجابه بصوت والدى، حتى إنه عرض عليه منحه الجنسية المغربية، لكن الشيخ عبدالباسط رفض، وشكره على هذا التكريم .

وفى فترة حكم الرئيس الأسبق محمد أنور السادات، كان الشيخ قليل الاحتكاك بالسياسة، خاصة فى ظل انشغاله بزياراته الخارجية التى زادت جدًا فى تلك الفترة، ورفض مطالبات أهل قريته بترشيح نفسه فى مجلس النواب وقال: لا يجوز الجمع بين تلاوة القرآن والعمل السياسي، وقدم «السادات» دعوة شخصية للشيخ لحضور أحد احتفالات القوات المسلحة بذكرى انتصارات أكتوبر، والذى عرف فيما بعد بحادث المنصة، الذى اغتيل فيه «السادات»، ورغم اعتذار الشيخ عن الحضور لارتباطه باحتفالات أخرى فى الخارج، إلا أن الرئيس صمم على حضور الشيخ والانصراف مباشرة بعدما ينتهي من القراءة.

أما عن علاقته بالرئيس الأسبق محمد حسنى مبارك، فكانت عادية، مقتصرة على حضور الحفلات، إذا استدعته رئاسة الجمهورية، وكرم «مبارك» الشيخ عبدالباسط عبد الصمد، ومنحه نيشان الاستحقاق من الدرجة الأولى، هذا بخلاف تكريمات الملك فيصل الكثيرة للشيخ، إذ يُعتبر أكثر ملوك ورؤساء العالم تكريمًا له، حتى أطلق عليه السعوديون لقب «صوت مكة».

واعتاد أبى استقبال شهر رمضان بالاعتكاف فى حجرته، وقراءة القرآن، والصلاة، وأعمال الخير والبر فقط، حتى إننى أذكر أننا لم نكن نراه تقريباً طوال أيام هذا الشهر الكريم، هذا علاوة على ارتباطه بمجموعة من الحفلات داخل مصر وخارجها، حيث كان كثير السفر فى شهر رمضان، حريصًا على خدمة كتاب الله وتلاوته وقيام الليل، وقراءة ورده القرآني اليومي، من بعد أذان الفجر وحتى شروق الشمس، بواقع خمسة أجزاء، ليختم القرآن كل 6 أيام.

وطوال الوقت، لم يمل والدى أن يوصيني واخوتي بالحفاظ على تلاوة القرآن، وأن نتقى الله فى شتى أمور حياتنا، وألا نقابل الإساءة سوى بالحسنى، وأن نستكمل مسيرته فى حفظ القرآن، ودراسة علومه، وأحكام تلاوته، لنتمكن من خدمة كتاب الله على مراد الله، ولعل هذا ما ألزمني أنا وأخي «ياسر» بأن نسير على نفس درب والدنا الشيخ عبدالباسط عبدالصمد، لكن مع الفارق بين ما حققه أبى وما حققناه.

وارتبط والدى بعلاقات صداقة قوية بينه و بين القراء، ودومًا كان يرى فى الشيخ محمد رفعت القدوة والمثل الذى يجب عليه الاحتذاء به، وأكثر القراء قرباً منه هم: الشيخ الحصري، والشيخ مصطفى إسماعيل، والشيخ البنا، وكانوا يتبادلون الزيارات بينهم بشكل دائم.

ليس ذلك فحسب، بل جمعته الصداقة بالعديد من الفنانين، وعلى رأسهم العندليب الأسمر عبد الحليم حافظ، وكان حريصًا على حضور أغلب حفلاته الغنائية، واعتاد دندنة أغانيه، فقد كان الشيخ محبًا لكل صوت جميل، عاشقًا لتراب هذا الوطن.
 
التعديل الأخير بواسطة المشرف:
الله يرحمه ويسكنه فسيح جناته اعزه الله ورفع مقامه عند عباده بحفظه للقران وحسن تلاوته له
 
الله يرحمه برحلاتي البرية بالليل عند النوم اسمعه او الحذيفي
 
الله يرحمه ويجعل مثواه الفردوس
كبرنا على صوته، وتعلمنا على صوته وطول نفسه . اسمعه في الصباح على الإذاعة شي يشرح الصدر
 
حفل الشيخ عبد الباسط عبد الصمد في مدينة (شيكاغو) بالولايات المتحدة الأمريكية.
 
(وفاته)

أصيب بمضاعفات مرض السكري أواخر أيامهِ وكان يحاول مقاومة المرض بالحرص الشديد والالتزام في تناول الطعام والمشروبات ولكن تزامن الكسل الكبدي مع مرض السكر فلم يستطع أن يقاوم هذين المرضين معا، فأصيب بالتهاب كبدي قبل رحيلهِ بأقل من شهر فدخل المستشفى إلا أن صحته تدهورت مما دفع أبناءه والأطباء إلى نصحهِ بالسفر ليعالج مرضه في مستشفيات لندن، ولقد مكث بها أسبوعاً، وكان بصحبتهِ ابنه طارق فطلب منهُ أن يعود بهِ إلى مصر.

توفي يوم الأربعاء 30 نوفمبر 1988م، وكانت جنازته وطنية ورسمية على المستويين المحلي والعالمي، فحضر تشييع الجنازة جمع غفير من الناس يتضمنهم سفراء دول العالم نيابة عن شعوبهم وملوك ورؤساء دولهم تقديراً لدورهِ في مجال الدعوة بأشكالها كافة.
 
اعتقد ان الشيخ رحمه الله يملك اصح قراءة للقرآن من حيث قواعد اللغة العربية
رحمه الله وجزاه الله خيرا عن مئات الملايين من البشر الذين تربوا على تلاوته العطرة
 
عودة
أعلى