بسم الله الرحمن الرحيم،
والآن تقرع في المدينة ساعة البرج الوحيد
واستيقظ الموتى هناك على التلال على التلال
الريح تعول في الحقول وينصتون الى الحفيف
يتطلعون إلى الهلال
في اخر الليل الثقيل ويرجعون الى القبور
يتساءلون متى النشور؟
قبل قليل قتل حوالي ثلاثين امرأة كانت تفر من هجوم قبيلة الهتوتسا في راوندا. ما رأيك في هذا الخبر؟ مؤسف لا شك والقتل شييء فظيع لأن الانسان لا يجب ان يموت من دون وجه حق فما بالك بمقتل ثلاثين امرأة لا ذنب لهم الا لانهم دخلوا في صراع قبلي في طرف من اطراف افريقيا. أمر بشع ومؤسف. صحيح؟
عزيزي القاريء لا يوجد شيء اسمه قبيلة الهتوتسا ليقتلوا النساء في راوندا اصلا. لكنني مستعد ان اراهن انه تبادر الى ذهنك صورة عن بلد افريقي يعج بالمشاكل وان مقتل الافراد فيه اصبح السمة السائدة للموقف. اعتقد ايضا بل اجزم انك لم تاخذ موقفا من القضية الراوندية برمتها بل تعاطفت مع المقتولين. لم تسأل اين الشرطة او الجيش، لم تتساءل عن النظام العام هناك. هي قضية بالنسبة لك اصبحت منسية. تتعاطف مع القتلى دون الدخول في التفاصيل فقد طال الموضوع لمدة اطول من ان تكون مهمة لك.
هذا لا يعني انك انسان سيء فليس كل انسان يستطيع استحمال كل المآسي طوال الوقت لجميع الناس. انت انسان ذو اولويات محدودة وليس كل شيء في العالم هو اولوية بالنسبة لك وهذا هو الامر الطبيعي. لا داعي للانزعاج او الاعتذار او الخجل. انت انسان سوي.
لكن الامر يعبر عن واقع نعيشه وهو جزء من الطبيعة البشرية. هناك قضايا تطول وتتشعب لدرجة ان تصبح قضايا منسية في وجدان الناس. وكأن أهلها لا يستحقون ان يكونوا على طاولة التعاطف علي مستوى الأفراد أو على المستوى الدولي. والحقيقة هي ان اهلها يستحقون التعاطف لكن القضايا ذاتها لا تستحق الاهتمام وهي عمليا لا تحصل على الاهتمام في رسالة واضحة من اعماق آليات تطور البشرية ان احذروا فهذا مصير كل من لا يحسن إدارة ما يخصه. (فلسطين، لبنان، قطر، الصومال، اليمن، سوريا)
لنتذكر الحرب اللبنانية الاهلية. الجحيم اللبناني. تصارع اللبنانيون وتقاتلوا وقتلوا بعضهم بشراسة استثنائية. مضت الايام حتى اصبحت اخبار قتل اللبنانيين لبعضهم امرا اعتياديا ومتوقعا وجزء من الاخبار في جريدة الصباح. يقتل اللبنانيون بعضهم. تشتعل اراضيهم بالنار. تتساقط الجثث هامدة في الطرقات. تصرخ النساء في ذهول من انفجار القنابل في أجسادهن وهن لا دخل لهن. مع ازدياد بشاعة القضية يقل اهتمام الانسان العادي بما يجري وهكذا تستمر الامور حتى اصبحت قضية منسية. لبنانيين يقتلون بعض ما الجديد؟
حتى من الامور التي تدعو للاستغراب ان لم يكن السخرية والضحك ثم الاستغراب ثم اللطم انه عندما قالت السعودية انها ستقوم بايقاف تعامل البنك الاهلي السعودي في لبنان مؤقتا هدد المثقفون اللبنانيون من طرف خفي انهم سيعودون للحرب الاهلية. اتذكر تغطية هذا الموضوع جيدا وكنت من الذين ينظرون بذهول يشوبه عدم المبالاة من التهديد الغبي الذي يتجه الى مسار قضية منسية أخرى. اغلاق البنك الاهلي سيتسبب في الحرب الاهلية من جديد؟ طيب بسيطة لا تقتلوا بعض. عادي جدا. أم أن المتنفعين يجب عليهم أن يدمروا كل شيء للحصول على ما يريدون؟ طالما الامر هكذا فستصبحون قضية منسية مرة اخرى وستنهار بلدكم للمجهول وسنتذكركم كمثال على قبائل الهوتو والتوتسي في راوندا. خبر عن عدد القتلى بشكل عابر في صحيفة صباحية لا اكثر. وهكذا يجب ان تكون الامور عندما لا تحسن المجتمعات ادارة مصيرها. وهذا هو التطور الطبيعي للفشل. الدخول في دوامة النسيان وال irrelevence.
اتفاق الطائف الذي أنهى جحيم لبنان.
الجحيم على الارض: الحرب الاهلية اللبنانية.
ماذا عن القضية الفلسطينية؟ هذا موضوع شديد الحساسية وملتهب بشكل لا يصدق بسبب التشعبات الدينية والسياسية والعرقية واللغوية والاهم من ذلك الاشتراك الانساني في الرغبة الشديدة في مقاومة المحتل القذر ورميه في اقرب مزبلة كرد فعل انساني طبيعي على الاحتلال المنحط.
لا يوجد خلاف بين العرب والمسلمين قاطبة ان مقاومة المحتل الاسرائيلي ليست حقا مشروعا وفقط بل واجب مقدس.
لكني اريد ان اقول ان سوء ادارة القضية الفلسطينية يسير بها باقصى سرعة الى سلة القضايا المنسية. فالانسان العادي كلما دقق اكثر في طريقة ادارة القضية الفلسطينية لا يكاد يصدق الذي يجري. كيف يتم تخوين كل شخص يرفض ان يكون مطية لمصالح المتنفذين في المجتمع الفلسطيني؟ يعني عندما تدقق ستجد المجتمع الفلسطيني سواء في غزة او الضفة يتكون من طبقة سياسية، طبقة تجار، طبقة انتهازية متنفعة وطبقة وسطى وطبقة فقيرة. زي اي مجتمع في العالم.
لكن الطبقة المتنفعة في فلسطين سواء الليبراليين او الاسلاميين أحاطوا أنفسهم ومصالحهم بهالة من القداسة تجعل اي شخص لا يتفق معها عبارة عن عدو للدين والارض والتاريخ ودماء الفلسطينيين. اهدأ قليلا أيها المتنفع فنحن لسنا سذج. لا تهمني مصالحك المادية والدنيوية بقدر ما يهمني ارتباطي الديني بمدينة القدس وارتباطي الانساني بالاخ الفلسطيني الذي يدافع عن حقه ضد الاحتلال. أما انت فانت من احقر البشرية قاطبة. طريقة ادارتك للمشهد منذ الاحتلال الاسرائيلي الظالم تجعلني على قناعة انك انسان سيء والتعامل معك خطيئة كبيرة. خطيئة بشكل لا يحتمل. وطالما التعامل معك ضار حد الثمالة يتبقى الخيار الاخر هو التعامل مع الاسرائيلي الحقير ايضا. وبما أنني أرفض التعامل مع الاسرائيلي إذا لا يوجد حل نهائيا والمتضرر في هذه المعادلة هو الانسان الفلسطيني الصادق. انت تقود قضيتك لغياهب النسيان. وهذا هو التطور الطبيعي لسوء الادارة فالعالم لا يرحم نهائيا وستجد نفسك في يوم من الايام وقد اصبحت بلا معنى في اولويات محيطك. ونسوك وانشغلوا بأمور أهم. ماذا عن الدين والعقيدة والاخلاص؟ ستشاهد بأم عينيك عندما يدير الجميع لك ظهورهم لترث أنت وحدك كل الفشل التاريخي الذي أحاط بقضيتك.
ماذا عن حرب اليمن؟ وقفت دول الخليج مع اليمنيين لاستعادة دولتهم. استعاد الجنوبيون مناطقهم في اشهر معدودة بينما بقي الشماليين يراوحون مكانهم. هناك يمن يذهب فيه الاطفال للمدرسة ويذهب فيه الرجال لاعمالهم ويسهرون في نهاية الاسبوع. وهناك يمن يظن قاطنوه ان الحرب تجارة وان المكسب الاني مفيد جدا لهم ولمصالحهم. هذا الظن القاتل ظنه قبلهم مجتمعات كثيرة ومالبثت الا وفهمت بسرعة شديدة انهم اصبحوا أجسادا منسية في غياهم اللا أهمية. كل ما نسجوه اختفى وبقيت حقيقة ادارتهم لحياتهم انهم لا أحد. ستختفي اخبارهم. وستختفي معاناتهم. وستعود الحياة من حولهم لطبيعتها لكنهم سيبقون يتقاتلون. يتقاتلون هذه المرة ليس للمكاسب بل للنجاة من دوامة الجحيم التي بدأت تسحبهم لقعره المظلم. وعما قليل سيعودون لتلغيم بيوت بعضهم. واختطاف ابناء بعضهم البعض. وهذا هو التطور الطبيعي لمثل تلك الامور. قضية منسية. لا يشعر أحد بآلام أصحابها. وهذا هو الشيء الطبيعي.
وأنا أقرأ وابحث لكتابة هذا المقال عورني قلبي واقتربت من البكاء أكثر من مرة خصوصا عندما أشاهد الضعفاء يتم قهرهم عمدا. تألمت حى آخر خلية في عظامي لآلام الأفراد. لكنني لن أشعر بمثقال ذرة من تعاطف مع القضايا المنسية. ليس لأنني انسان سيء او اكره البشر بل لأنها خرجت من دائرة التعاطف نفسها. ولأنني إنسان أيضا لن أستطيع أن أحمل كل أثقال الناس. ومن لا يستطيعون التعامل مع واقعهم وحل مشاكلهم باي طريقة يخاطرون بجعل كامل مجتمعاتهم في سلة القضايا المنسية. وياله من جحيم أسود ذلك المكان. لكنه المكان الطبيعي حسب سنن الحياة.
أيها الإخوة اسمعوني جيدا فلا أظن أنكم ستجدون مشفقا حريصا يتحدث بهذه اللغة معكم الا قليل:
إن آلامكم يجب أن لا تنسى. لكنكم تدفعونها لطي النسيان بأيديكم.تداركوا الوقت وادركوا أنفسكم. كونوا واقعيين حد الثمالة بدل ان تخرجوا من التاريخ ومن دائرة تعاطف الناس طال الزمان أم قصر فقطعا لن تحبوا أن يذكركم احد كما نذكر قبائل الهوتو والتوتسي. كما نذكر حرب لبنان. كما نذكر الصومال. كما نذكر شمال اليمن. كما نذكر راوندا.
كما نذكر.... لم اعد اتذكر.
تحية،
والآن تقرع في المدينة ساعة البرج الوحيد
واستيقظ الموتى هناك على التلال على التلال
الريح تعول في الحقول وينصتون الى الحفيف
يتطلعون إلى الهلال
في اخر الليل الثقيل ويرجعون الى القبور
يتساءلون متى النشور؟
قبل قليل قتل حوالي ثلاثين امرأة كانت تفر من هجوم قبيلة الهتوتسا في راوندا. ما رأيك في هذا الخبر؟ مؤسف لا شك والقتل شييء فظيع لأن الانسان لا يجب ان يموت من دون وجه حق فما بالك بمقتل ثلاثين امرأة لا ذنب لهم الا لانهم دخلوا في صراع قبلي في طرف من اطراف افريقيا. أمر بشع ومؤسف. صحيح؟
عزيزي القاريء لا يوجد شيء اسمه قبيلة الهتوتسا ليقتلوا النساء في راوندا اصلا. لكنني مستعد ان اراهن انه تبادر الى ذهنك صورة عن بلد افريقي يعج بالمشاكل وان مقتل الافراد فيه اصبح السمة السائدة للموقف. اعتقد ايضا بل اجزم انك لم تاخذ موقفا من القضية الراوندية برمتها بل تعاطفت مع المقتولين. لم تسأل اين الشرطة او الجيش، لم تتساءل عن النظام العام هناك. هي قضية بالنسبة لك اصبحت منسية. تتعاطف مع القتلى دون الدخول في التفاصيل فقد طال الموضوع لمدة اطول من ان تكون مهمة لك.
هذا لا يعني انك انسان سيء فليس كل انسان يستطيع استحمال كل المآسي طوال الوقت لجميع الناس. انت انسان ذو اولويات محدودة وليس كل شيء في العالم هو اولوية بالنسبة لك وهذا هو الامر الطبيعي. لا داعي للانزعاج او الاعتذار او الخجل. انت انسان سوي.
لكن الامر يعبر عن واقع نعيشه وهو جزء من الطبيعة البشرية. هناك قضايا تطول وتتشعب لدرجة ان تصبح قضايا منسية في وجدان الناس. وكأن أهلها لا يستحقون ان يكونوا على طاولة التعاطف علي مستوى الأفراد أو على المستوى الدولي. والحقيقة هي ان اهلها يستحقون التعاطف لكن القضايا ذاتها لا تستحق الاهتمام وهي عمليا لا تحصل على الاهتمام في رسالة واضحة من اعماق آليات تطور البشرية ان احذروا فهذا مصير كل من لا يحسن إدارة ما يخصه. (فلسطين، لبنان، قطر، الصومال، اليمن، سوريا)
لنتذكر الحرب اللبنانية الاهلية. الجحيم اللبناني. تصارع اللبنانيون وتقاتلوا وقتلوا بعضهم بشراسة استثنائية. مضت الايام حتى اصبحت اخبار قتل اللبنانيين لبعضهم امرا اعتياديا ومتوقعا وجزء من الاخبار في جريدة الصباح. يقتل اللبنانيون بعضهم. تشتعل اراضيهم بالنار. تتساقط الجثث هامدة في الطرقات. تصرخ النساء في ذهول من انفجار القنابل في أجسادهن وهن لا دخل لهن. مع ازدياد بشاعة القضية يقل اهتمام الانسان العادي بما يجري وهكذا تستمر الامور حتى اصبحت قضية منسية. لبنانيين يقتلون بعض ما الجديد؟
حتى من الامور التي تدعو للاستغراب ان لم يكن السخرية والضحك ثم الاستغراب ثم اللطم انه عندما قالت السعودية انها ستقوم بايقاف تعامل البنك الاهلي السعودي في لبنان مؤقتا هدد المثقفون اللبنانيون من طرف خفي انهم سيعودون للحرب الاهلية. اتذكر تغطية هذا الموضوع جيدا وكنت من الذين ينظرون بذهول يشوبه عدم المبالاة من التهديد الغبي الذي يتجه الى مسار قضية منسية أخرى. اغلاق البنك الاهلي سيتسبب في الحرب الاهلية من جديد؟ طيب بسيطة لا تقتلوا بعض. عادي جدا. أم أن المتنفعين يجب عليهم أن يدمروا كل شيء للحصول على ما يريدون؟ طالما الامر هكذا فستصبحون قضية منسية مرة اخرى وستنهار بلدكم للمجهول وسنتذكركم كمثال على قبائل الهوتو والتوتسي في راوندا. خبر عن عدد القتلى بشكل عابر في صحيفة صباحية لا اكثر. وهكذا يجب ان تكون الامور عندما لا تحسن المجتمعات ادارة مصيرها. وهذا هو التطور الطبيعي للفشل. الدخول في دوامة النسيان وال irrelevence.
اتفاق الطائف الذي أنهى جحيم لبنان.
الجحيم على الارض: الحرب الاهلية اللبنانية.
ماذا عن القضية الفلسطينية؟ هذا موضوع شديد الحساسية وملتهب بشكل لا يصدق بسبب التشعبات الدينية والسياسية والعرقية واللغوية والاهم من ذلك الاشتراك الانساني في الرغبة الشديدة في مقاومة المحتل القذر ورميه في اقرب مزبلة كرد فعل انساني طبيعي على الاحتلال المنحط.
لا يوجد خلاف بين العرب والمسلمين قاطبة ان مقاومة المحتل الاسرائيلي ليست حقا مشروعا وفقط بل واجب مقدس.
لكني اريد ان اقول ان سوء ادارة القضية الفلسطينية يسير بها باقصى سرعة الى سلة القضايا المنسية. فالانسان العادي كلما دقق اكثر في طريقة ادارة القضية الفلسطينية لا يكاد يصدق الذي يجري. كيف يتم تخوين كل شخص يرفض ان يكون مطية لمصالح المتنفذين في المجتمع الفلسطيني؟ يعني عندما تدقق ستجد المجتمع الفلسطيني سواء في غزة او الضفة يتكون من طبقة سياسية، طبقة تجار، طبقة انتهازية متنفعة وطبقة وسطى وطبقة فقيرة. زي اي مجتمع في العالم.
لكن الطبقة المتنفعة في فلسطين سواء الليبراليين او الاسلاميين أحاطوا أنفسهم ومصالحهم بهالة من القداسة تجعل اي شخص لا يتفق معها عبارة عن عدو للدين والارض والتاريخ ودماء الفلسطينيين. اهدأ قليلا أيها المتنفع فنحن لسنا سذج. لا تهمني مصالحك المادية والدنيوية بقدر ما يهمني ارتباطي الديني بمدينة القدس وارتباطي الانساني بالاخ الفلسطيني الذي يدافع عن حقه ضد الاحتلال. أما انت فانت من احقر البشرية قاطبة. طريقة ادارتك للمشهد منذ الاحتلال الاسرائيلي الظالم تجعلني على قناعة انك انسان سيء والتعامل معك خطيئة كبيرة. خطيئة بشكل لا يحتمل. وطالما التعامل معك ضار حد الثمالة يتبقى الخيار الاخر هو التعامل مع الاسرائيلي الحقير ايضا. وبما أنني أرفض التعامل مع الاسرائيلي إذا لا يوجد حل نهائيا والمتضرر في هذه المعادلة هو الانسان الفلسطيني الصادق. انت تقود قضيتك لغياهب النسيان. وهذا هو التطور الطبيعي لسوء الادارة فالعالم لا يرحم نهائيا وستجد نفسك في يوم من الايام وقد اصبحت بلا معنى في اولويات محيطك. ونسوك وانشغلوا بأمور أهم. ماذا عن الدين والعقيدة والاخلاص؟ ستشاهد بأم عينيك عندما يدير الجميع لك ظهورهم لترث أنت وحدك كل الفشل التاريخي الذي أحاط بقضيتك.
ماذا عن حرب اليمن؟ وقفت دول الخليج مع اليمنيين لاستعادة دولتهم. استعاد الجنوبيون مناطقهم في اشهر معدودة بينما بقي الشماليين يراوحون مكانهم. هناك يمن يذهب فيه الاطفال للمدرسة ويذهب فيه الرجال لاعمالهم ويسهرون في نهاية الاسبوع. وهناك يمن يظن قاطنوه ان الحرب تجارة وان المكسب الاني مفيد جدا لهم ولمصالحهم. هذا الظن القاتل ظنه قبلهم مجتمعات كثيرة ومالبثت الا وفهمت بسرعة شديدة انهم اصبحوا أجسادا منسية في غياهم اللا أهمية. كل ما نسجوه اختفى وبقيت حقيقة ادارتهم لحياتهم انهم لا أحد. ستختفي اخبارهم. وستختفي معاناتهم. وستعود الحياة من حولهم لطبيعتها لكنهم سيبقون يتقاتلون. يتقاتلون هذه المرة ليس للمكاسب بل للنجاة من دوامة الجحيم التي بدأت تسحبهم لقعره المظلم. وعما قليل سيعودون لتلغيم بيوت بعضهم. واختطاف ابناء بعضهم البعض. وهذا هو التطور الطبيعي لمثل تلك الامور. قضية منسية. لا يشعر أحد بآلام أصحابها. وهذا هو الشيء الطبيعي.
وأنا أقرأ وابحث لكتابة هذا المقال عورني قلبي واقتربت من البكاء أكثر من مرة خصوصا عندما أشاهد الضعفاء يتم قهرهم عمدا. تألمت حى آخر خلية في عظامي لآلام الأفراد. لكنني لن أشعر بمثقال ذرة من تعاطف مع القضايا المنسية. ليس لأنني انسان سيء او اكره البشر بل لأنها خرجت من دائرة التعاطف نفسها. ولأنني إنسان أيضا لن أستطيع أن أحمل كل أثقال الناس. ومن لا يستطيعون التعامل مع واقعهم وحل مشاكلهم باي طريقة يخاطرون بجعل كامل مجتمعاتهم في سلة القضايا المنسية. وياله من جحيم أسود ذلك المكان. لكنه المكان الطبيعي حسب سنن الحياة.
أيها الإخوة اسمعوني جيدا فلا أظن أنكم ستجدون مشفقا حريصا يتحدث بهذه اللغة معكم الا قليل:
إن آلامكم يجب أن لا تنسى. لكنكم تدفعونها لطي النسيان بأيديكم.تداركوا الوقت وادركوا أنفسكم. كونوا واقعيين حد الثمالة بدل ان تخرجوا من التاريخ ومن دائرة تعاطف الناس طال الزمان أم قصر فقطعا لن تحبوا أن يذكركم احد كما نذكر قبائل الهوتو والتوتسي. كما نذكر حرب لبنان. كما نذكر الصومال. كما نذكر شمال اليمن. كما نذكر راوندا.
كما نذكر.... لم اعد اتذكر.
تحية،